داود يعلم بموت شاول
1: | بعدَ موتِ شاولَ رجعَ داوُدُ مِنْ قِتالِ العماليقيِّينَ وأقامَ يومَينِ في صِقلَغ. |
2: | وفي اليومِ الثَّالثِ أقبَلَ رجلٌ مِنْ مُعسكَرِ شاولَ إلى داوُدَ واَنحَنى إلى الأرضِ، بَعدَ أنْ مزَّقَ ثيابَهُ وعلى رأسِهِ ذرَ التُّرابَ تعبيرًا عَنِ الحُزنِ، |
3: | فسألَهُ داوُدُ: ((مِنْ أينَ أقبَلتَ؟)) فأجابَهُ: ((مِنَ المعركةِ نَجوتُ بنفْسي مِنَ الفِلسطيِّينَ)). |
4: | فسألَهُ داوُدُ: ((ما الخبَرُ؟ أعلِمْني)). قالَ: ((إنهزَمَ الجيشُ في الحربِ وسقطَ مِنهُ كثيرونَ وماتوا، ومِنْ بَينِهِم شاوُلُ ويوناثانُ اَبنُهُ)). |
5: | فسألَهُ داوُدُ: ((كيفَ عَلِمتَ بموتِ شاولَ ويوناثانَ اَبنِهِ؟)) |
6: | فأجابَهُ الرَّجلُ: ((كُنتُ مارُا في جبَلِ جلبوعَ فرأيتُ شاوُلَ مُستنِدًا إلى رُمحِهِ، ومَركباتُ العَدوِّ وفُرسانُهُ يُطاردونَهُ. |
7: | فاَلتفتَ وراءَهُ فرَآني وناداني فقُلتُ: ((ها أنا يا سيِّدي)).
|
8: | فقالَ لي: ((مَنْ أنتَ؟)) فأجبتُهُ: ((عماليقيٌّ)). |
9: | فقالَ لي: ((قِفْ عليَ واَقتُلْني. جراحي بَليغَةٌ ومعَ هذا لم تزَلْ فيَ حياةٌ)). |
10: | فوقَفتُ علَيهِ وقتلتُهُ لأنِّي عَلِمتُ أنَّهُ لن يحيى بَعدَ سُقوطِهِ، وأخذْتُ التَّاج الذي على رأسِهِ والسِّوارَ الذي في ساعدِهِ وجئتُ بِهِما إليكَ يا سيِّدي)).
|
11: | فأمسَكَ داوُدُ ثيابَهُ ومَزَّقَها، وكذلِكَ فعَلَ جميعُ الرِّجالِ الذينَ معَهُ. |
12: | وناحوا وبكَوا وصاموا إلى المساءِ على شاوُلَ ويوناثانَ اَبنِهِ، وعلى شعبِ الرّبِّ بَني إِسرائيلَ لأنَّهُم سقطوا في الحربِ. |
13: | ثمَ قالَ داوُدُ للرَّجلِ الذي أخبرَهُ: ((مِنْ أينَ أنتَ؟)) فأجابَهُ: ((أنا اَبنُ رجلٍ عماليقيٍّ مُقيمِ في أرضِكُم)). |
14: | فقالَ لَه داوُدُ: ((كيفَ لم تخفْ أنْ تمُدَ يدَكَ لتَقتُلَ المَلِكَ الذي مَسحَهُ الرّبُّ؟)) |
15: | ودعا داوُدُ أحدَ رِجالِهِ وقالَ لَه: ((تعالَ اَقتُلْهُ!)) فضربَهُ فماتَ. |
16: | فقالَ داوُدُ للمَيْتِ: ((دمُكَ على رأسِكَ لأنَّ فمَكَ شهِدَ علَيكَ حيثُ قُلتَ: ((قتلتُ مَنْ مَسحَهُ الرّبُّ)). |
17: | ورَثى داوُدُ شاوُلَ ويوناثانَ اَبنَهُ بهذِهِ المَرثيَّةِ |
18: | وأمرَ بأنْ يتَعَلَّمَها بَنو يَهوذا، وهيَ مكتوبةٌ في سِفرِ ياشَرَ: |
19: | مَجدُكَ يا إِسرائيلُ قتيلٌ على روابيكَ. فيا لَسُقوطِ الجبابِرةِ! |
20: | لا تَحكوا عَنْ ذلِكَ في جتَ وفي ساحاتِ أشقَلونَ لا تُعلِنوهُ،لِئلاَ تفرحَ بَناتُ الفِلسطيِّينَ،لِئلاَ تطرَبَ بَناتُ غيرِ المَختونينَ. |
21: | يا جبالَ جلبوعَ،لا يكُنْ فيكِ ندًى ولا مَطرٌ ومَهجورةً حُقولُكِ تَبقى أنَّ أبطالَنا سقطوا هُناكَ، تُرسُ شاوُلَ سقطَ في التُّرابِ، ولم يُمسَحْ بزيتٍ. |
22: | عنْ دمِ القتلى وشَحْمِ الجبابِرةِ قوسُ يوناثانَ لم ترتَدَ إلى الوراءِ وسَيفُ شاوُلَ لم يَرجعْ خائِبًا. |
23: | شاولُ ويوناثانُ مَحبوبانِ مُحَبَّبانِ، معًا في الحياةِ، معًا في الموتِ، أسرَعُ مِنَ النُّسورِ هُما وأقوى منَ الأُسودِ.
|
24: | يا بَناتِ إِسرائيلَ اَبكينَ على شاوُلَ. كانَ يكسوكُنَّ الحُلَلَ القِرمزيَّةَ ويُرَصِّعُ ثيابَكُنَّ بِحُلىالذَّهبِ. |
25: | يا لَسُقوطِ الجبابِرةِ في القِتالِ. يوناثانُ قتيلٌ على روابيكِ. |
26: | يا أخي يوناثانُ يا أعزَ صديقٍ مَليئًا بالألَمِ والحُزنِ أبكيكَ لأنَّ صداقَتَكَ لي أولى مِنْ حُبِّ النِّساءِ. |
27: | كيفَ سقطَ الجبابِرةُ،إلى الأبدِ سقطوا.
|
|
الفصل : 2 |
داود ملك على يهوذا
1: | وبَعدَ ذلِكَ سألَ داوُدُ الرّبَّ: ((هل أصعَدُ إلى إحدى مُدُنِ يَهوذا؟)) فأجابَهُ الرّبُّ: ((إصعَدْ)). فعادَ داوُدُ وسألَهُ: ((إلى أينَ؟)) أجابَ: ((إلى حَبرونَ)). |
2: | فصعِدَ داوُدُ إلى هُناكَ معَ اَمرَأتَيهِ أخينوعَمَ اليَزرَعيليَّةِ وأبيجايِلَ أرمَلَةِ نابالَ الكرمليّ. |
3: | واَصطَحَب داوُدُ الرِّجالَ الذينَ معَهُ، كُلَ واحدٍ وعائلَتَهُ، فأقاموا في جوارِ حَبرونَ. |
4: | وجاءَ رِجالُ يَهوذا ومسَحوا هُنالِكَ داوُدَ مَلِكًا على بيتِ يَهوذا. وقيلَ لداوُدَ إنَّ أهلَ يابيشَ في جلعادَ هُمُ الذينَ دفَنوا شاوُلَ |
5: | فأرسَلَ رُسُلاً يقولونَ لهُم: ((بارككُمُ الرّبُّ لأنَّكُم أظهَرتُم هذا الوفاءَ لِسيِّدكُم شاوُلَ ودَفنتُموهُ. |
6: | والآنَ لِيُحسِنِ الرّبُّ إليكُم ويَرأفْ بِكُم، وأنا أيضًا أُجازيكُم خيرًا على هذا العمَلِ. |
7: | فقَوُّوا قُلوبَكُم وكونوا أشدَّاءَ. ماتَ شاوُلُ سيِّدُكُم، ولكِنَّ بيتَ يَهوذا مَسحوني مَلِكًا علَيهِم)).
|
إيشبوشث ملك على إسرائيل |
8: | وأخذَ أبنيرُ بنُ نيرَ، قائدُ جيشِ شاوُلَ، إيشبوشثَ بنَ شاوُلَ وعبرَ بهِ الأردُنَّ إلى مَحنايِمَ،
|
9: | وأقامَهُ مَلِكًا على بَني جلعادَ وأشيرَ ويِزرَعيلَ وأفرايمَ وبنيامينَ، وعلى جميعِ بَني إِسرائيلَ.
|
10: | وكانَ إيشبوشثُ اَبنَ أربعينَ سنَةً حينَ مَلكَ على بَني إِسرائيلَ، ودامَ ملْكُهُ سَنتينِ. وأمَّا بيتُ يَهوذا فتبِعوا داوُدَ. |
11: | وكانَ عددُ الأيّامِ التي ملَكَ فيها داوُدُ بِحَبرونَ على بيتِ يَهوذا سبْعَ سنينَ وسِتَّةَ أشهرٍ.
|
الحرب بين إسرائيل ويهوذا |
12: | وسارَ أبنيرُ بنُ نيرَ وأتباعُ إيشبوشثَ بنِ شاوُلَ مِنْ مَحنايِمَ إلى جبعونَ، |
13: | وسارَ يوآبُ اَبنُ صرويَّةَ وأتباعُ داوُدَ، فاَلتَقَوا جميعًا عِندَ بِركَةِ جبعونَ. فأقامَ أُولئِكَ على جانبِ البِركَةِ مِنْ هُناكَ، وهؤلاءِ على جانبِ البِركَة مِنْ هُنا. |
14: | فقالَ أبنيرُ ليوآبَ: ((لِيَنهَضْ فِتيانٌ منَّا ومِنكُم إلى البِرازِ أمامَنا)). فقالَ يوآبُ: ((لِيَنهَضوا)) |
15: | فنهَضَ للبِرازِ اَثنا عشَرَ مِنْ بَني بنيامينَ التَّابِعينَ لإيشبوشثَ بنِ شاوُلَ، واَثنا عشَرَ مِنْ أتباعِ داوُدَ، |
16: | وأخذَ كُلُّ واحدٍ برأسِ خصمِهِ وطَعنَهُ بالسَّيفِ في جنبِه فسقَطوا جميعًا. فدُعيَ ذلِكَ المكانُ حِلقَثَ هَصُّوريمَ، وهوَ في جبعونَ. |
17: | وكانَ قتال شديدٌ في ذلِكَ اليومِ، فاَنهزَمَ أبنيرُ ورِجالُ إِسرائيلَ مِنْ وجهِ أتباعِ داوُدَ.
|
18: | وكانَ هُناكَ بَنو صرويَّةَ الثَّلاثَةُ: يوآبُ وأبيشايُ وعسائيلُ، وكانَ عسائيلُ خفيفَ الرِّجلَينِ كأنَّهُ غزالٌ مِنْ غُزلانِ الصَّحراءِ. |
19: | فطارَدَ أبنيرَ ولم يَحدْ عنهُ يَمينًا ولا شمالاً. |
20: | فاَلتفَتَ أبنيرُ إليهِ وقالَ: ((أعسائيلُ أنتَ؟)) فأجابَهُ: ((أنا هوَ)). |
21: | فقالَ لَه أبنيرُ: ((حِدْ عنِّي يَمينًا أو شمالاً، واَقبِضْ على أحدِ الجنودِ وخذْ ما معَهُ)). فرفضَ عسائيلُ أنْ يَحيدَ عنهُ. |
22: | فعادَ أبنيرُ وقالَ لَه: ((إرتَدَ عنِّي لماذا تُجبِرُني على قَتلِكَ؟ وكيفَ أرفَعُ عينيَ إلى يوآبَ أخيكَ؟)) |
23: | فرفضَ أنْ يرتَدَ، فطَعنَهُ أبنيرُ في بطنِهِ فخرَج الرُّمحُ مِنْ ظهرِهِ فسقطَ وماتَ في مكانِهِ. وكُلُّ مَنْ جاءَ ذلِكَ المكانَ الذي سقطَ فيهِ عسائيلُ كانَ الجمودُ يُصيبُه.
|
24: | فجدَ يوآبُ وأبيشايُ وراءَ أبنيرَ، فغابَت لهُما الشَّمسُ عِندَ تَلَّةِ أمَّةَ شَرقيَ جيحَ، على طريقِ برِّيَّةِ جبعونَ. |
25: | واَنضَمَ بَنو بنيامينَ إلى أبنيرَ، وتمَركَزوا على التَّلَّةِ المذكورةِ. |
26: | فنادى أبنيرُ يوآبَ وقالَ: ((أنبقى طَعامًا للحربِ إلى الأبدِ؟ ألا تعلَمُ أنَّ في نِهايةِ هذا الأمرِ مَرارةً؟ فحتى متى لا تأمُرُ رِجالَكَ أنْ يَرجعوا عَنْ بَني قومِهِم؟)) |
27: | فأجابَهُ يوآبُ: ((حَيًّ هوَ اللهُ. لولا كلامُكَ هذا لما عادَ رِجالي عَنْ بَني قومِهِم إلى الصَّباحِ)). |
28: | ثُمَ نفَخ في البوقِ فتوقَّفَ جميعُ رجالِه عن مُطارَدةِ رِجالِ إِسرائيلَ وعَنْ مُقاتَلَتِهِم. |
29: | فسارَ أبنيرُ ورِجالُهُ في غَورِ الأردُنِّ كُلَ ذلِكَ اللَّيلِ، وعبَروا الأردُنَّ ومشَوا صباحًا حتى بَلَغوا مَحنايمَ. |
30: | ورجعَ يوآبُ مِنْ مُطارَدةِ أبنيرَ وجمَعَ رِجالَهُ الذينَ لداوُدَ، فوجدَ أنَّهُ فقدَ تِسعَةَ عشَرَ رَجلاً وعسائيلَ |
31: | وقتَلَ رجالُ داوُدَ مِنْ بَني بنيامينَ ومِنْ رِجالِ أبنيرَ ثَلاثَ مِئةٍ وسِتينَ رجلاً. |
32: | ثُمَ حمَلوا عسائيلَ ودفَنوهُ في قبرِ أبيهِ في بيتَ لحمَ. وسارَ يوآبُ ورِجالُهُ اللَّيلَ كُلَّه حتى وصَلوا حبرونَ في الصَّباحِ.
|
|
الفصل : 3 |
بنو داود
1: | وطالَتِ الحربُ بَينَ أتباعِ شاوُلَ وأتباعِ داوُدَ، وكانَ أتباعُ داوُدَ يَتقَوَّونَ وأتباعُ شاوُلَ يَضعفونَ. |
2: | ووُلِدَ لِداوُدَ بَنونَ في حبرونَ، وكانَ بِكرُهُ أمنونَ مِنْ أخينوعَمَ اليَزرَعيليَّةِ، |
3: | والثَّاني كيلأبَ مِنْ أبيجايِلَ أرمَلَةِ نابالَ الكرمليّ، والثَّالثُ أبشالومَ بنَ معكَةَ بنتِ تَلمايَ ملِكِ جشورَ،
|
4: | والرَّابعُ أدونيَّا بنَ حَجيتَ، والخامسُ شَفَطْيَا بنَ أبيطالَ، |
5: | والسَّادسُ يَثْرَعامُ مِنْ عَجلَةَ زوجةِ داوُدَ. هؤُلاءِ وُلِدوا لِداوُدَ في حبرونَ.
|
أبنير يلتحق بداود |
6: | وفيما الحربُ مُستمرَّةٌ بَينَ أتباعِ شاوُلَ وأتباعِ داوُدَ، كانَ أبنيرُ يزدادُ قوَّةً في جماعةِ شاوُلَ. |
7: | وكانَ لِشاوُلَ جاريَةٌ اَسمُها رِصفَةُ بنتُ أيَّةَ، فقالَ إيشبوشثُ لأبنيرَ: |
8: | ((لماذا تدخلُ على جاريَةِ أبي؟)) فغَضِبَ أبنيرُ جدُا لكلامِ إيشبوشثَ وقالَ: ((أتظنُّ أنِّي عميلٌ ليَهوذا؟ إلى هذا اليومِ وأنا وَفيًّ لبيتِ شاوُلَ أبيكَ وإلى إخوَتِه وأصحابِه، ولم أُسلِمْكَ إلى يدِ داوُدَ، وأنتَ تَشُكُّ بي بسبَبِ اَمرأةٍ؟ |
9: | ويلٌ لي مِنَ اللهِ إنْ لم أُحقِّقْ لداوُدَ ما حلفَ الرّبُّ لَه |
10: | مِنْ نَقلِ المَملكةِ مِنْ بَيتِ شاوُلَ وإقامةِ عرشِ داوُدَ على بَني إِسرائيلَ ومِنهُم بَيتُ يَهوذا، مِنْ دانَ إلى بئرَ سَبْعَ)). |
11: | فلم يقدِرْ إيشبوشثُ أنْ يُجيبَ أبنيرَ بكلِمةٍ واحدةٍ لِخوفِهِ مِنهُ.
|
12: | وللحالِ أرسلَ أبنيرُ رُسُلاً إلى داوُدَ يقولونَ: ((لِمَنِ الأرضُ؟ لِنَتَّفِقْ، فأساعِدَكَ على اَسترجاعِ جميعِ إِسرائيلَ)). |
13: | فأجابَ داوُدُ: ((حسَنٌ. أتَّفقُ معَكَ، ولكِنِّي أطلبُ مِنكَ أنْ تأتيَ بِميكالَ اَبنةِ شاوُلَ متى جئتَ لِتَراني)). |
14: | وأرسَلَ داوُدُ إلى إيشبوشثَ بنِ شاوُلَ يقولُ: ((رُدَ لي زَوجتي ميكالَ التي أخذتُها بمئةِ غُلفَةٍ مِنْ الفِلسطيِّينَ)). |
15: | فأرسَلَ إيشبوشَثُ واَسترَدَّها مِنْ عِندِ زَوجها فَلْطيئيلَ بنِ لايشَ. |
16: | فرافَقَها زَوجها وهوَ يبكي إلى بَحوريمَ فقالَ لَه أبنيرُ: ((إرجعْ))، فرَجعَ.
|
17: | وقالَ أبنيرُ لشُيوخ بَيتِ إِسرائيلَ: ((كُنتُم مِنْ قَبلُ تَطلبونَ داوُدَ مَلِكًا علَيكُم، |
18: | فاَفعَلوا هذا الآنَ لأنَّ الرّبَّ قالَ لَه: ((على يدِ داوُدَ عبدي أخلِّصُ شعبي إِسرائيلَ مِنْ أيدي الفِلسطيِّينَ ومِنْ أيدي جميعِ أعدائِهِم)). |
19: | وتكلَّمَ أبنيرُ أيضًا على مسامِعِ بَيتِ بنيامينَ، ثُمَ ذهَبَ ليُخبِرَ داوُدَ في حبرونَ بِما اَتَّفقَ علَيهِ جميعُ بَني إِسرائيلَ، ومِنهُم بَيتُ بنيامّينَ. |
20: | فجاءَ أبنيرُ إلى داوُدَ في حبرونَ ومعَهُ عِشرونَ رجلاً، فأقامَ داوُدُ مأدبَةً لَه ولِرِجالِه. |
21: | فقالَ أبنيرُ لداوُدَ: ((أقومُ الآنَ وأذهبُ لأجمَعَ لكَ يا سيِّدي المَلِكُ جميعَ بَيتِ إِسرائيلَ، فيُعاهِدونَكَ وتملِكُ علَيهِم وتنالُ ما يشتهي قلبُكَ)). فصرَفَ داوُدُ أبنيرَ، فذهبَ بأمانٍ.
|
مقتل أبنير ودفنه |
22: | ثُمَ رجعَ أتباعُ داوُدَ ويوآب منَ الغَزوِ ومَعَهُم غنيمَةٌ عظيمَةٌ، ولم يكُنْ أبنيرُ عِندَ داوُدَ في حبرونَ لأنَّهُ كان صرفَهُ وذهَبَ بأمانٍ. |
23: | فلمَّا حضرَ يوآبُ معَ رِجالِه قيلَ لَه: ((جاءَ أبنيرُ بنُ نيرَ إلى المَلِكِ وصرفَهُ، فذهبَ بأمانٍ)). |
24: | فدخلَ يوآبُ على المَلِكِ وقالَ: ((ماذا فعلتَ؟ أتى أبنيرُ إليكَ فلِماذا صَرَفتَه فذهبَ بأمانٍ؟ |
25: | ألا تعرِفُ أنَّه أتى ليخدعَكَ، وليعرِفَ كُلَ ما تقومُ بهِ وما تفعلُهُ؟)). |
26: | وخرج يوآبُ مِنْ عِندِ داوُدَ وبعثَ رُسُلاً في طلبِ أبنيرَ، فلحِقوا به وردُّوهُ مِنْ بئرَ سيرَةَ مِنْ دونِ أنْ يعلَمَ داوُدُ. |
27: | فلمَّا رجعَ أبنيرُ إلى حبرونَ، اَنفرَدَ بهِ يوآبُ إلى وسَطِ البابِ، كأنَّما يُريدُ أن يكلِّمَهُ، وضربَهُ هُناكَ في بَطنِه اَنتقامًا لِعسائيلَ أخيهِ. |
28: | فسمِعَ داوُدُ بَعدَ ذلِكَ فقالَ: ((يشهدُ الرّبُّ أنِّي ومَملكَتي بريئانِ مِنْ دمِ أبنيرَ بنِ نيرَ، |
29: | ليكُنْ دمُهُ على رأسِ يوآبَ وعلى جميعِ بَيتِ أبيهِ، فلا يَنقطِعُ منهُ مريضٌ بالسَّيلانِ وأبرصُ ومتوكِّئِّ على عُكَّازٍ وساقِطَ بالسَّيفِ وجائعٌ إلى الخبزِ)). |
30: | وهكذا قُتِلَ أبنيرُ بيَدِ يوآبَ وأبيشايَ أخيهِ، لأنَّه قتلَ عسائيلَ أخاهُما بِجبعونَ في الحربِ. |
31: | وقالَ داوُدُ ليوآبَ ولجميعِ الذينَ معَهُ: ((مزِّقوا ثِيابَكُم واَلبَسوا المُسوحَ ونوحوا على أبنيرَ)). ومشى داوُدُ المَلِكُ وراءَ النَّعشِ. |
32: | ودفَنوا أبنيرَ بحَبرونَ، فرفَعَ المَلِكُ صوتَهُ وبكى على قبرِ أبنيرَ، وبكى جميعُ الشَّعبِ. |
33: | ورثى المَلِكُ أبنيرَ. فقالَ: ((أتموتُ يا أبنيرُ بهذِهِ البساطةِ؟ |
34: | ما كانَ قيدٌ في يدَيكَ، ولا في رجلَيكَ، بل كمَنْ يسقطُ أمامَ المُجرِمينَ سَقطتَ)). وظلَ الشَّعبُ يَبكونَه. |
35: | وحاوَلوا أنْ يُقَدِّموا لداوُدَ طَعامًا، وكانَ نهارٌ بَعدُ، فأقسَمَ وقالَ: ((ويلٌ لي مِنَ اللهِ إنْ ذُقتُ خبزًا أو شيئًا آخرَ قبلَ أنْ تَغرُبَ الشَّمسُ)). |
36: | فعلِمَ جميعُ الشَّعبِ بذلِكَ واَستَحسَنوه، ككُلِّ ما كانَ يَفعلُهُ داوُدُ، |
37: | وأيقَنوا في ذلِكَ اليومِ أنَّ المَلِكَ لم يكُنْ لَه يَدٌ في مَقتَلِ أبنيرَ بنِ نيرَ. |
38: | وقالَ المَلِكُ لِحاشيَتِهِ: ((ألا تَعلَمونَ أنَّ رئيسًا وعظيمًا سقطَ اليومَ في أرضِ إِسرائيلَ؟ |
39: | وأنا اليومَ ضعيفٌ، بَعدُ، ولو مُسِحتُ مَلِكًا، وبَنو صرويَّةَ هؤلاءِ هُم أشَدُّ منِّي. عاقبَ الرّبُّ فاعِلَ الشَّرِّ بحَسَبِ شرِّهِ)).
|
|
الفصل : 4 |
مقتل إيشبوشث
1: | وسمِعَ إيشبوشَثُ بنُ شاوُلَ بموتِ أبنيرَ في حَبرونَ، فخارت عزيمَتُهُ واَرتاعَ جميعُ بيتِ إِسرائيلَ. |
2: | وكانَ لإيشبوشثَ رجلانِ يقودانِ الغُزاةَ، اَسمُ الواحدِ بَعنَةُ والآخرُ ريكابُ، وهُما اَبنا رِمُّونَ البَئيروتيِّ مِنْ بَني بنيامينَ. وكانَت بَئيروتُ مِنْ مُدُنِ بَني بنيامينَ، |
3: | فهرَبَ أهلُها إلى جتَّايمَ وفيها نَزَلوا إلى هذا اليومِ. |
4: | وكانَ ليوناثانَ بنِ شاوُلَ اَبنٌ اَسمُه مَفيبوشَثُ، وكانَ اَبنَ خمْسِ سنينَ حينَ جاءَ خبَرُ موتِ شاوُلَ ويوناثانَ مِنْ يَزرَعيلَ، فحمَلَتهُ حاضِنتُهُ وهرَبَت بهِ، فوقَعَ وصارَ أعرَج. |
5: | فذهبَ اَبنا رِمُّونَ البَئيروتيِّ، ريكابُ وبَعنَةُ، ودَخلا بيتَ إيشبوشثَ بنِ شاوُلَ في حَرِّ النَّهارِ وكانَ نائِمًا يَستريحُ. |
6: | وكانَتْ حارِسَةُ البَيتِ نامت وهيَ تُنَقِّي الحِنطَةَ. فتسَلَّلَ ريكابُ وأخوهُ |
7: | إلى داخلِ البَيتِ حيثُ كانَ إيشبوشَثُ نائِمًا على سريرهِ في غُرفةِ نومِهِ، فضرَباهُ بالسَّيفِ وقَتلاهُ وقَطَعا رأسَهُ وأخذاهُ وسارا في طريقِ غَورِ الأردُنِّ طولَ اللَّيلِ. |
8: | وأتَيا برأسِ إيشبوشثَ إلى داوُدَ المَلِكِ في حَبرونَ وقالا لَه: ((ها رأسُ إيشبوشثَ بنِ شاوُلَ عدُوِّكَ الذي طلبَ حياتَكَ. وبذلِكَ اَنتَقَمَ الرّبُّ لكَ اليومَ، يا سيِّدَنا المَلِك، مِنْ شاوُلَ ومِنْ ذُرِّيَّتِه)). |
9: | فقالَ لهما داوُدُ: ((حَيًّ هوَ الرّبُّ الذي خلَّصَني مِنْ كُلِّ ضيقٍ |
10: | إنَّ الذي أخبَرَني بموتِ شاوُلَ، وهوَ يظُنُّ أنَّه يُبشِّرُني بِخيرٍ، قبَضتُ علَيهِ وقتَلتُهُ في صِقْلَغَ جزاءً لِما قالَ. |
11: | فماذا يكونُ جزاءُ رَجلينِ ظالِمَينِ قتَلا بَريئًا في بَيتِهِ على سريرِهِ؟ ألا أثأرُ لِدَمِه مِنكُما وأُبيدُكُما مِنَ الأرضِ؟)) |
12: | وأمرَ داوُدُ حرَسَهُ فقَتلوهُما وقطَعوا أيديَهما وأرجلَهما وعَلَّقوهُما على بِركَةِ حَبرونَ. وأمَّا رأسُ إيشبوشثَ فأخذوهُ ودفَنوهُ في قبرِ أبنيرَ بِحَبرونَ.
|
|
الفصل : 5 |
داود يملك على إسرائيل ويهوذا
1: | وأقبلَ جميعُ أسباطِ إِسرائيلَ إلى داوُدَ في حَبرونَ وقالوا لَه: ((أنتَ ونحنُ: جميعُنا مِنْ شعبٍ واحدٍ. |
2: | حينَ كانَ شاوُلُ علَينا مَلِكًا، كنتَ تقودُ شعبَ إِسرائيلَ للحربِ، والرّبُّ قالَ لكَ: أنتَ ترعى شعبي بَني إِسرائيلَ وتكونُ قائدًا لهُم)). |
3: | وأقبَلَ شُيوخ إِسرائيلَ إلى داوُدَ في حَبرونَ، فعاهَدَهُم أمامَ الرّبِّ ومَسحوهُ مَلِكًا على بَيتِ إِسرائيلَ. |
4: | وكانَ داوُدُ اَبنَ ثَلاثينَ سنَةً يومَ صارَ مَلِكًا، وملَكَ أربعينَ سنَةً. |
5: | ملَكَ بِحَبرونَ على بَيتِ يَهوذا سبْعَ سِنينَ وستَّةَ أشهرٍ، وملَكَ بأورُشليمَ ثَلاثًا وثلاثينَ سنَةً على جميعِ إِسرائيلَ ويَهوذا.
|
داود يستولي على أورشليم |
6: | وسارَ المَلِكُ ورِجالُهُ إلى أورُشليمَ لِمُحاربَةِ اليَبوسيِّينَ سُكّانِها، فقالَ لَه هؤلاءِ وهُم يَظنُّونَ أنَّه لا يَقدِرُ أنْ يَدخلَها: ((لا يُمكِنُكَ أنْ تَدخلَ إلى هُنا، فحتى العميانُ والعُرْج يصدُّونكَ)). |
7: | لكنَّ داوُدَ اَحتَلَ حِصنَ صِهيونَ وهوَ مدينةُ داوُدَ |
8: | وقالَ في ذلِكَ اليومِ لرجالِهِ: ((مَنْ أرادَ أنْ يُهاجمَ يَبوسيُا، فليَدخلْ عبرَ قناةِ المياهِ إلى حيثُ أولئِكَ العُرْج والعُميانُ الذينَ تَعافُهُم نفْسي)). فلذلِكَ يُقالُ: ((لا يدخلُ بَيتَ الرّبِّ أعمى ولا أعرَج)). |
9: | وأقامَ داوُدُ في الحِصنِ وسَمَّاهُ مدينةَ داوُدَ، وبَنى حولَه سُورًا مِنَ القَلعةِ إلى الدَّاخلِ. |
10: | وكانَ داوُدُ يَزدادُ عظمَةً، والرّبُّ القديرُ معَهُ. |
11: | وأرسَلَ حِيرامُ مَلِكُ صورَ وفدًا إلى داوُدَ وأخشابَ أرزٍ ونَجارينَ ونحَّاتينَ، فبَنَوا لَه قصرًا |
12: | وعرَفَ داوُدُ أنَّ الرّبَّ ثَبَّتهُ مَلِكًا على بَني إِسرائيلَ وعَظَّمَ مُلكَهُ إكرامًا لِشعبِه. |
13: | وبَعدَ مَجيئِهِ مِنْ حَبرونَ اَتَّخذَ لَه جواريَ وزوجاتٍ مِنْ أورُشليمَ، ووُلِدَ لَه بَنونَ وبَناتٌ. |
14: | وهذِهِ أسماءُ المَولودينَ لَه في أورُشليمَ: شَمُّوعُ وشوبابُ وناثانُ وسليمانُ |
15: | وبيحارُ وأليشوعُ ونافَج ويافيعُ |
16: | وأليشَمَعُ وأليداعُ وأليفَلَطُ. |
داود ينتصر على الفلسطيّين |
17: | ولمَّا سمِعَ الفِلسطيُّونَ أنَّ داوُدَ صارَ مَلِكًا على إسرائيلَ، صعِدوا جميعًا لمُحاربَتِهِ. فعَلِمَ داوُدُ بذلِكَ، فنَزَلَ إلى موقعِ حصينٍ. |
18: | وجاءَ الفِلسطيُّونَ واَنتَشَروا في وادي الرَّفائيمِ. |
19: | فسألَ داوُدُ الرّبَّ: ((هل أصعَدُ لِمُحاربَتِهِم؟ وهل تُسلِمُهُم إلى يدي؟)) فقالَ لَه الرّبُّ: ((إصعَدْ، فأسلِمَهُم إلى يَدِكَ)). |
20: | وزحَفَ داوُدُ إلى بَعل فراصيمَ وهَزَمهُم هُناكَ وقالَ: ((الرّبُّ اَجتاحَ أعدائي كالسَّيلِ)). ولذلِكَ سُمِّيَ ذلِكَ الموضِعُ بَعلَ فراصيمَ. |
21: | وترَكَ الفِلسطيُّونَ أصنامَهُم هُناكَ، فأخذَها داوُدُ ورجالُه. |
22: | وعادَ الفِلسطيُّونَ واَنتَشَروا في وادي الرَّفائيمِ. |
23: | فسألَ داوُدُ الرّبَّ، فأجابَه: ((لا تَصعَدْ إليهِم مُواجهةً، بلِ اَلتَفَ علَيهِم مِنَ الخلْفِ مِنْ جهةِ أشجارِ البَلسَمِ، |
24: | فإذا سَمِعتَ صوتَ خطواتٍ في رُؤوسِ أشجارِ البَلسَمِ فتقدَّمْ لأنِّي أكونُ خرجتُ أمامَكَ للانتصارِ علَيهِم)). |
25: | ففعَلَ داودُ كما أمرَهُ الرّبُّ وهزَمَ الفِلسطيِّينَ مِنْ جبَعِ إلى مدخلِ جازَرَ.
|
|
الفصل : 6 |
تابوت العهد في أورشليم
1: | وعادَ داوُدُ وجمَعَ نُخبَةَ رجالِ إِسرائيلَ ثَلاثينَ ألفًا |
2: | وسارَ بِهِم إلى بعلَةَ في يَهوذا ليأخذوا مِنْ هُناكَ تابوتَ العَهدِ الذي يحمِلُ اَسمَ الرّبِّ القديرِ الجالِسِ على الكروبيمِ. |
3: | فحَمَلوه على مركبةٍ جديدةٍ وجاؤوا بهِ مِنْ بَيتِ أبينادابَ الذي على الرَّابيةِ. وكانَ عُزَّةُ وأخيو، اَبنا أبينادابَ يَسوقانِ المركبةَ الجديدةَ. |
4: | وكانَ أخيو يسيرُ أمامَ التَّابوتِ. |
5: | وكانَ داوُدُ وجميعُ بَني إِسرائيلَ يَرقُصونَ بكُلِّ قِواهُم ويُنشِدونَ على أنغامِ القيثاراتِ والرَّبابِ والدُّفوفِ والجنوكِ والصُّنوج. |
6: | فلمَّا وصَلوا إلى بيدَرِ ناخونَ عثَرتِ الثِّيرانُ، فمَدَ عُزَّةُ يدَهُ إلى تابوتِ العَهدِ وأمسكَهُ. |
7: | فاَشتَدَ غضَبُ الرّبِّ علَيهِ وضرَبَه لجسارتِهِ، فماتَ هُناكَ عِندَ التَّابوتِ. |
8: | فاَغتاظَ داوُدُ لأنَّ الرّبَّ ضربَ عُزَّةَ، ولذلِكَ دُعيَ ذلِكَ الموضِعُ فارَصَ عُزَّةَ إلى هذا اليومِ. |
9: | وخافَ داوُدُ مِنَ الرّبِّ في ذلِكَ اليومِ وقالَ: ((كيفَ أتجرَّأُ وأُنزِلُ تابوتَ العَهدِ عندي؟)) |
10: | ولم يَشأْ داوُدُ أنْ يأخذَهُ معَهُ إلى أورُشليمَ، فمالَ بهِ إلى بَيتِ عوبيدَ أدومَ الجتِّي. |
11: | حيثُ بَقيَ ثَلاثةَ أشهرٍ، فبارَكَ الرّبُّ عوبيدَ أدومَ وكُلَ أهلِ بَيتِهِ. |
12: | فقيلَ لداوُدَ: ((باركَ الرّبُّ عوبيدَ أدومَ وكُلَ ما لَه بِسبَبِ تابوتِ العَهدِ)). فذهبَ داوُدُ وأصعَدَ التَّابوتَ مِنْ هُناكَ إلى أورُشليمَ بِفرحِ. |
13: | فكانَ كُلَّما خطا حامِلوهُ سِتَ خطواتٍ يَذبحونَ ثورًا وكَبْشًا مُسمَّنًا. |
14: | وكانَ داوُدُيرقُصُ بكُلِّ قوَّتِهِ أمامَ الرّبِّ، وهوَ مُتَّزِرٌ بأفودٍ مِنْ كَتَّانٍ. |
15: | وأصعَدَ داوُدُ وجميعُ بَيتِ إِسرائيلَ تابوتَ العَهدِ بالهُتافِ وصوتِ البوقِ.
|
16: | ولمَّا دخلَ التَّابوتُ أورُشليمَ نظَرت ميكالُ اَبنَةُ شاوُلَ مِنَ الطَّاقةِ ورأتِ المَلِكَ داوُدَ يقفِزُ ويرقصُ أمامَ الرّبِّ، فاَحتَقرَتهُ في قلبِها. حينَ رَأتهُ يرقصُ على هذِهِ الطَّريقةِ |
17: | وأدخلوا التَّابوتَ وأقاموهُ في مكانِه وسَطَ الخيمةِ التي نصَبَها لَه داوُدُ. وقدَّمَ داوُدُ مُحرقاتٍ أمامَ الرّبِّ وذبائِحَ سلامةٍ، |
18: | ثُمَ بارَكَ الشَّعبَ باَسمِ الرّبِّ القديرِ |
19: | ووزَّعَ على كُلِّ رجلٍ واَمرأةٍ مِنهُم رغيفَ خبزٍ وكَمشَةً مِنَ البَلحِ والزَّبيبِ، ثُمَ اَنصرَفَ كُلُّ واحدٍ إلى بَيتِه. |
20: | ورجعَ داوُدُ إلى بَيتِهِ، فخرَجت ميكالُ اَبنَةُ شاوُلَ لِلقائِهِ وقالَت في سُخريةٍ: ((كم كانَ مَلِكُ إِسرائيلَ وَقورًا اليومَ، حينَ تَعرَّى أمامَ جواري رِجالِه كما يتَعرَّى السُّفهاءُ)). |
21: | فقالَ لها داوُدُ: ((كانَ ذلِكَ كُلُّهُ لأجلِ الرّبِّ الذي فضَّلَني على أبيكِ، وعلى جميعِ بَيتِهِ، ليُقيمَني رئيسًا على شعبِهِ بَني إِسرائيلَ وسأرقصُ، أكثرَ مِنْ ذلِكَ لأجلِ الرّبِّ، |
22: | وأُحِطُّ مِنْ قيمتي أكثرَ مِنْ ذلِكَ. رُبَّما أبدو وضيعًا في عينَيكِ، أمَّا في عُيونِ تِلكَ الجواري التي ذكَرتِهِنَّ، فأنا أزدادُ شَرَفًا)). |
23: | ولم تَلِدْ ميكالُ اَبنَةُ شاوُلَ ولدًا إلى يومِ وفاتِها.
|
|
الفصل : 7 |
نبوءة ناثان
1: | ولمَّا سكنَ المَلِكُ في قصرِه وأراحَهُ الرّبُّ مِنْ جميعِ أعدائِهِ |
2: | قالَ لناثانَ النَّبيِّ: ((أُنظُرْ. أنا مُقيمٌ في بيتٍ مِنْ أرزٍ، وتابوتُ العَهدِ مُقيمٌ في خيمةٍ)). |
3: | فأجابَهُ ناثانُ: ((إذهَبْ واَفعَلْ كُلَ ما في بالِكَ لأنَّ الرّبَّ معَكَ)).
|
4: | ولكنَّ الرّبَّ قالَ لناثانَ في تلكَ اللَّيلةِ: |
5: | ((إذهَبْ وقُلْ لِعبدي داوُدَ: هذا ما يقولُ الرّبُّ: أأنتَ تَبني لي بَيتًا لِسُكنايَ؟ |
6: | ما سَكنتُ بَيتًا مِنْ يومِ أخرجتُ بَني إِسرائيلَ مِنْ مِصْرَ حتى الآنَ، بل في خيمةٍ كُنتُ أنتَقِلُ معَهُم على الدَّوامِ، |
7: | وفي كُلِّ اَرتحالي معَ جميعِ بَني إِسرائيلَ لم أسألْ أحدًا مِنْ رُؤسائِهِمِ الذينَ أمرتُهُم أنْ يَرعَوا بَني إِسرائيلَ شعبي: لِماذا لم تُقِمْ لي بَيتًا مِنَ الأرْزِ؟ |
8: | فقُلْ لِعبدي داوُدَ: هذا ما يقولُ الرّبُّ القديرُ: أنا أخذتُكَ مِنَ الحظيرةِ، مِنْ وراءِ الغنَمِ، لتكونَ رئيسًا على شعبي بَني إِسرائيلَ، |
9: | وكُنتُ معَكَ حيثُما سِرتَ، وأبَدْتُ جميعَ أعدائِكَ وسأُقيمُ لكَ اَسمًا عظيمًا كأسماءِ العُظَماءِ في الأرضِ. |
10: | وسأجعَلُ مكانًا لشعبي بَني إِسرائيلَ، وفيهِ أغرُسُهُ، فيثبُتُ في مكانِهِ فلا يتَزَعزَعُ مِنْ بَعدُ، ولا يعودُ بَنو الشَّرِّ يضطَهِدونَهُ كما كانوا مِنْ قَبلُ، |
11: | يومَ أقَمتُ قُضاةً علَيهِ. سأُريحُكَ مِنْ جميعِ أعدائِكَ. وأنا الرّبُّ أُخبِرُكَ أنِّي سأُقيمُ لكَ ذُرِّيَّةً. |
12: | وإذا اَنتهَتْ أيّامُكَ ورقدتَ معَ آبائِكَ، أقمتُ خلَفًا لكَ مِنْ نسلِكَ الذي يخرُج مِنْ صُلبِكَ وثبَّتُّ مُلكَهُ، |
13: | فهوَ يَبني بَيتًا لاَسمي وأنا أُثَبِّتُ عرشَ مُلْكِه إلى الأبدِ. |
14: | أنا أكونُ لَه أبًا وهوَ يكونُ لي اَبنًا، وإذا فعَلَ الشَّرَ أُؤدِّبُهُ بِعصًا كالتي يستخدِمُها النَّاسُ وبها يَضرِبونَ. |
15: | وأمَّا رحمَتي فلا أنزعُها عَنهُ كما نَزعتُها عَنْ شاوُلَ الذي أزلْتُهُ مِنْ أمامِ وجهِكَ، |
16: | بل يكونُ بَيتُكَ ومُلكُكَ ثابِتَينِ على الدَّوامِ أمامَ وجهي، وعرشُكَ يكونُ راسخا إلى الأبدِ)). |
17: | فكَلَّمَ ناثانُ داوُدَ بِجميعِ هذا الكلامِ وهذِهِ الرُّؤيا كُلِّ
(1أخ 17: 16-27).
|
18: | فدخلَ المَلِكُ داوُدُ وجلَسَ أمامَ الرّبِّ وقالَ: ((مَنْ أنا يا سيِّدي الرّبُّ، وما بَيتي الذي أنتَسِبُ إليهِ حتى أوصَلتَني إلى هُنا. |
19: | وكانَ هذا كُلُّه قليلاً في عينَيكَ يا سيِّدي الرّبُّ، فدَعوتَني أيضًا، أنا عبدُكَ، أنْ يدومَ نسلي إلى زمانٍ طويلٍ، وهذا خلافًا لِسُنَّةِ البشَرِ أيُّها السَّيِّدُ الرّبُّ. |
20: | فبماذا أعودُ أُكلِّمُكَ وأنتَ عرَفتَني أيُّها السَّيِّدُ الرّبُّ؟
|
21: | فمِنْ أجلِ وعدِكَ ومَحبَّةِ قلبِكَ فعلتَ هذا الأمرَ العظيمَ وأعلَمتَني بهِ. |
22: | فما أعظَمَكَ أيُّها الرّبُّ الإلهُ. أنتَ لا مثيلَ لكَ ولا إلهَ سِواكَ، كما سَمِعنا بآذانِنا. |
23: | وأيَّةُ أمَّةٍ في الأرضِ مِثلُ شعبِكَ بَني إِسرائيلَ الذينَ اَختَرتَهُم لِنَفسِكَ شعبًا وجعَلتَ لهُم اَسمًا، وعمِلتَ لهُم تِلكَ الأعمالَ العظيمةَ الهائلَةَ، حيثُ طردتَ مِنْ أمامِهِمِ الشُّعوبَ وآلِهتَهُم، |
24: | وثبَّتَ شعبَكَ بَني إِسرائيلَ شعبًا لكَ إلى الأبدِ، وأنتَ يا ربُّ صرتَ لهُم إلهًا |
25: | والآنَ يا ربُّ أقِمْ إلى الأبدِ وعدَك الذي وعدتَني أنا ونسلي. واَفعَلْ كما قُلتَ |
26: | ليَعظُمَ اَسمُكَ إلى الأبدِ ويُقالَ: الرّبُّ القديرُ إلهٌ على إِسرائيلَ. وليكُنْ بَيتُ عبدِكَ داوُدَ ثابِتًا أمامَكَ، |
27: | لأنَّكَ أنتَ، أيُّها الرّبُّ القديرُ إلهُ إِسرائيلَ، أعلَنتَ ذلِكَ على مَسمَعي حينَ قُلتَ: أبني لكَ بَيتًا. لذلِكَ تشَجعَ قلبي، أنا عبدُكَ أنْ أُصلِّيَ إليكَ هذِهِ الصَّلاةَ. |
28: | والآنَ أيُّها الرّبُّ الإلهُ، أنتَ هوَ اللهُ وكلامُكَ حَقًّ، وأنتَ الذي وعَدْتَني هذا الوعدَ الحسَنَ. |
29: | فالآنَ تحَنَّنْ وبارِكْ نسلي لِيكونَ أمامَكَ على الدَّوامِ، لأنَّكَ أنتَ يا سيِّدي الرّبُّ تَكلَّمتَ، ومِنْ برَكتِكَ يتبارَكُ نسلُ عبدِكَ داوُدَ إلى الأبدِ)).
|
|
الفصل : 8 |
حروب داود
1: | وبَعدَ ذلِكَ تغلَّبَ داوُدُ على الفِلسطيِّينَ وأذَلَّهُم، وأخذَ السُّلطَةَ مِنْ أيديهِم. |
2: | وتغلَّبَ على الموآبيِّينَ ومدَّدَ أسراهُم على الأرضِ وقاسَهُم بالحَبلِ. فقَتلَ منهُم ثُلثَينِ وأبقى على الثُّلثِ، وصارَ الموآبيُّونَ عبيدًا لَه يُؤدُّونَ الجزيَةَ.
|
3: | وتغَلَّبَ داوُدُ على هددَعزَرَ بنِ رحوبَ ملِكِ صوبَةَ الذي كانَ ذاهبًا ليَستَرِدَ سُلطَتَهُ على نهرِ الفُراتِ. |
4: | وأخذَ مِنهُ ألفًا وسبعَ مئةِ فارسٍ وعشرينَ ألفًا مِنَ المُشاةِ وقطَعَ مفاصِلَ أرجلِ خيلِ جميعِ المركباتِ وأبقى مِنها ما يكفي لمِئةِ مركبةٍ. |
5: | فجاءَ الآراميُّونَ مِنْ دِمشقَ لنَجدَةِ هددَعزَرَ مَلِكِ صوبَةَ، فقتلَ داوُدُ مِنهُم اَثنينِ وعشرينَ ألفَ رجلٍ، |
6: | وأقامَ حُكَّامًا علَيهِم، فصارَ الآراميُّونَ عبيدًا لَه يُؤدُّونَ الجزيَةَ. ونصَرَهُ الرّبُّ حيثُما توجهَ. |
7: | وأخذَ داوُدُ تُروسَ الذَّهبِ التي كانَت معَ رِجالِ هددَعزَرَ وجاءَ بها إلى أورُشليمَ |
8: | كذلِكَ أخذَ مِنْ باطِحَ وبيرَوثاي، مدينَتَي هددَعزَرَ، نُحاسًا كثيرًا جدُا. |
9: | وسمِعَ توعي مَلِكُ حَماةَ أنَّ داوُدَ كسَرَ جيشَ هددَعزَرَ |
10: | فأرسَلَ إليهِ اَبنَهُ يورامَ ليُسلِّمَ علَيهِ ويُهَنِّئَهُ لأنَّه قاتلَ هددَعزَرَ وكسَرَه، وهوَ الذي كانَت لَه حُروبٌ معَهُ. وحمَلَ يورامُ إلى داوُدَ آنيةً مِنَ الفضَّةِ والذَّهبِ والنُّحاسِ. |
11: | وهذِهِ أيضًا كرَّسَها المَلِكُ داوُدُ للرّبِّ، في ما كرَّسَ مِنْ فضَّةٍ وذهَبٍ أخذَها مِنْ جميعِ الشُّعوبِ الذينَ أخضَعَهُم |
12: | مِنَ الآراميِّينَ والموآبيِّين وبَني عمُّونَ والفِلسطيِّينَ والعَماليقيِّينَ، وما غنِمَهُ مِنْ هددَعزَرَ بنِ رحوبَ مَلكِ صوبةَ. |
13: | وزادَ داوُدُ شُهرَةً عِندَ رُجوعِهِ، بَعدَ ما قتلَ ثمانيةَ عشَرَ ألفًا مِنَ الآدوميِّينَ في وادي المِلحِ. |
14: | وأقامَ في أدومَ كُلِّها حُكَّامًا وصارَ جميعُهُم عبيدًا لَه. ونصَرَهُ الرّبُّ حيثُما توجهَ. |
15: | وملَكَ داوُدُ على جميعِ بَني إِسرائيلَ، وكانَ يحكُمُ بالعَدلِ والإنصافِ. |
16: | وكانَ يوآبُ بنُ صرويَّةَ قائدًا للجيشِ، ويوشافاطُ بنُ أخيلودَ مُسَجلاً، |
17: | وصادوقُ بنُ أخيطوبَ وأخيمالِكُ بنُ أبياثارَ كاهنَينِ، وسرايا كاتبًا في الدِّيوانِ. |
18: | وبناياهو بنُ يَوياداعَ قائدًا لحَرسِ المَلكِ، وبَنو داوُدَ كانوا كَهنَةً.
|
|
الفصل : 9 |
داود ومفيبوشث
1: | وقالَ داوُدُ: ((هل بَقيَ أحدٌ مِنْ بَيتِ شاوُلَ، فأُحسِنَ إليهِ إكرامًا ليوناثانَ؟)) |
2: | وكانَ لبيتِ شاوُلَ عبدٌ اَسمُهُ صيبا، فدعاهُ داوُدُ وقالَ لَه: ((هل أنتَ صيبا؟)) فأجابَ: ((أنا هوَ يا سيِّدي)). |
3: | فقالَ لَه: ((أما بَقيَ أحدٌ في بَيتِ شاوُلَ، فأُحسِنَ إليه كما عاهَدتُ الرّبَّ؟)) فقالَ صيبا: ((بَقيَ إبنٌ ليوناثانَ، وهوَ أعرَج)). |
4: | فقالَ لَه المَلِكُ: ((أينَ هوَ؟)) فأجابَ صيبا: ((هوَ في بَيتِ ماكيرَ بنِ عَمِّيئيلَ في لودَبارَ)). |
5: | فأرسَلَ المَلِكُ داوُدُ في طلبِهِ. |
6: | فجاءَ مَفيبوشَثُ بنُ يوناثانَ بنِ شاوُلَ إلى داوُدَ واَنحَنى أمامَهُ اَحترامًا، فقالَ لَه داوُدُ: ((يا مَفيبوشَثُ)). أجابَهُ: ((ها أنا يا سيِّدي)). |
7: | فقالَ لَه داوُدُ: ((لا تخفْ. سأُحسِنُ إليكَ إكرامًا ليوناثانَ أبيكَ، وآمُرُ بإرجاعِ جميعِ مزارِعِ شاوُلَ جدِّكَ إليكَ، وأنتَ ستأكُلُ على مائِدتي دائمًا)). |
8: | فاَنحَنى أمامَهُ وقالَ: ((مَنْ أنا يا سيِّدي حتى تهتمَ بي ما أنا إلاَ كلبٌ مَيِّتٌ)). |
9: | فدَعا المَلِكُ داوُدُ صيبا وقالَ لَه: ((كُلُّ ما كانَ لشاوُلَ ولبَيتهِ أعطَيتُهُ لحَفيدِ مَولاكَ. |
10: | فتَفلَحُ لَه الأرضَ، أنتَ وبَنوكَ وعبيدُكَ، وتستغِلُّونَها لأهلِ بَيتِهِ فيكونُ لهُم قُوتٌ يأكُلونَهُ. وأمَّا مَفيبوشَثُ فيأكلُ دائمًا على مائِدتي)). وكانَ لصيبا خمسةَ عشَرَ اَبنًا وعشرونَ عبدًا. |
11: | فقالَ للمَلِكِ: ((كُلُّ ما أمرَني بهِ سيِّدي المَلِكُ أفعلُهُ)). وبدأَ مَفيبوشَثُ يأكُلُ على مائدةِ المَلِكِ كواحدٍ مِنْ بَنيهِ. |
12: | وكانَ لمَفيبوشَثَ اَبنٌ صغيرٌ اَسمُهُ ميكا. فصارَ كُلُّ أهلِ بَيتِ صيبا عبيدًا لمَفيبوشَثَ.
|
13: | وأقامَ مَفيبوشَثُ بأورُشليمَ لأنَّه كانَ يأكُلُ دائمًا على مائدةِ المَلِكِ، وبَقيَ أعرَج مِنْ رِجلَيهِ.
|
|
الفصل : 10 |
داود يهزم العمونيين والآراميين
1: | وبَعدَ ذلِكَ تُوفِّيَ مَلِكُ بَني عمُّونَ، فمَلكَ حَنونُ اَبنُهُ مكانَهُ. |
2: | فقالَ داوُدُ: ((أُحسِنُ إلى حَنونَ بنِ ناحاشَ كما أحسَنَ أبوهُ إليَّ)) وأرسَلَ وفدًا يُعزِّيهِ بأبيهِ. فجاؤوا إلى أرضِ بَني عَمُّونَ، |
3: | فقالَ زُعَماؤُهُم لحَنونَ سيّدِهِم: ((أتظُنُّ داوُدَ أرسلَ إليكَ مُعزِّينَ إكرامًا لأبيكَ؟ أم ليَستَطلِعوا المدينةَ تَمهيدًا للاستيلاءِ علَيها؟)) |
4: | فقبَضَ حَنونُ على رسُلِ داوُدَ، وحلَقَ نِصْفَ لِحاهُم، وقطَعَ نِصفَ ثيابِهِم عِندَ الوِركِ، ثُمَ أطلَقَهُم. |
5: | فسمِعَ داوُدُ بِما حَلَ بِهِم ولأنَّهُم كانوا خجلينَ جدُا، أرسَلَ إليهِم مَنْ يقولُ: ((أقيموا بأريحا حتى تنبُتَ لِحاكُم ثُمَ اَرجعوا)).
|
6: | ولمَّا رأى بَنو عَمُّونَ أنَّ داوُدَ أصبحَ يكرهُهُم اَستأجروا عشرينَ ألفَ جنديٍّ آراميٍّ مِنْ بَيتَ رَحوبَ ومن صوبَةَ، واَثنَي عشَرَ ألفَ رجلٍ مِنْ طُوبَ، وألفَ رجلٍ مِنْ رِجالِ مَلِكِ مَعكَةَ. |
7: | فلمَّا سمِعَ داوُدُ بالأمرِ، أرسَلَ يوآبَ على رأسِ الجيشِ كُلِّهِ. |
8: | فخرَج بَنو عَمُّونَ واَصطفُّوا لِلحربِ عِندَ مدخلِ بابِ المدينةِ، وأخذَ آراميُّو صوبَةَ ورَحوبَ ورجالُ طُوبَ ومعكَةَ مواقِعَهُم في البَرِّيَّةِ.
|
9: | فلمَّا رأى يوآبُ أنَّ الهُجومَ علَيهِ مِنَ الأمامِ والخلْفِ، إختارَ نُخبَةَ جنودِهِ وصفَّهُم لمُقاتَلَةِ الآراميِّينَ، |
10: | وأسنَدَ قيادَةَ بقيَّةِ الجنودِ إلى أبيشايَ أخيهِ، فصَفَّهُم لمُقاتَلةِ بَني عَمُّونَ. |
11: | وقالَ لأبيشايَ: ((إنْ قَويَ عليَ الآراميُّونَ تُنجدُني، وإنْ قَويَ علَيكَ بَنو عَمُّونَ أُنجدُكَ. |
12: | فتَشَجعْ واَثبُتْ مِنْ أجلِ شعبِنا ومُدُنِ إلهِنا، وليفعَلِ الرّبُّ ما يَراهُ حسَنًا)). |
13: | ثُمَ تقدَّمَ يوآبُ ورجالُه لمُقاتلَةِ الآراميِّينَ فاَنهَزَموا مِنْ أمامِهِ. |
14: | ولمَّا رأى بَنو عَمُّونَ هزيمةَ الآراميِّينَ، هرَبوا هُم أيضًا مِنْ أمامِ أبيشايَ ودخلوا المدينةَ. فاَمتَنَعَ يوآبُ عَنْ مُقاتلَةِ بَني عَمُّونَ ورجعَ إلى أورُشليمَ. |
15: | فلمَّا رأى الآراميُّونَ أنَّهُم اَنكَسَروا أمامَ بَني إِسرائيلَ، جمَعوا بَعضَهُم بَعضًا. |
16: | وجندَ المَلِكِ هددَعزَرَ وجندَ الآراميِّينَ الذينَ كانوا شرقيَ نهرِ الفُراتِ، فجاؤُوا إلى حيلامَ بقِيادةِ شوباكَ رئيسِ جيشِهِ.
|
17: | وسمِعَ داوُدُ فحشَدَ جميعَ رجالِ بَني إِسرائيلَ وعبَرَ الأردُنَّ وزحفَ إلى حيلامَ. فاَصطَفَ الآراميُّونَ لمُحاربَتِه، |
18: | فاَنهَزَموا مِنْ أمامِهِ بَعدَ أنْ أهلَكَ لهُم سبْعَ مئةِ مركبةٍ وأربعينَ ألفَ فارسٍ، وقُتِلَ شوباكُ قائدُهُم هُناكَ. |
19: | فلمَّا رأى جميعُ المُلوكِ الخاضعينَ إلى هددَعزَرَ أنَّهُم اَنكَسَروا أمامَ بَني إِسرائيلَ، سالَموهُم وخضَعوا لهُم. وخافَ الآراميُّونَ أنْ يَعودوا إلى نَجدَةِ بَني عَمُّونَ. داود وبتشابع
|
|
الفصل : 11 |
1: | ولمَّا جاءَ الرَّبيعُ، وهوَ وقتُ خروج المُلوكِ إلى الحربِ، أرسلَ داوُدُ يوآبَ والقادةَ معَهُ على رأسِ كُلِّ جيشِ بَني إِسرائيلَ، فسحقوا بَني عَمُّونَ وحاصروا مدينةَ رِبَّةَ. وأمَّا داوُدُ فبَقيَ في أورُشليمَ. |
2: | وعِندَ المَساءِ قامَ داوُدُ عَنْ سريرهِ وتمشَّى على سطحِ القصرِ، فرأى على السَّطحِ اَمرأةً تَستحِمُّ وكانَت جميلةً جدُا. |
3: | فسألَ عَنها، فقيلَ لَه: ((هذِهِ بَتشابَعُ بنتُ أليعامَ، زوجةُ أوريَّا الحِثِّيِّ)). |
4: | فأرسَلَ إليها رُسُلاً عادوا بها وكانَت اَغتَسلت وتَطهَّرت، فدخلَ علَيها ونامَ معَها، ثُمَ رجعت إلى بَيتِها. |
5: | وحينَ أحسَّت أنَّها حُبلى أعلَمتهُ بذلِكَ. |
6: | فأرسَلَ داوُدُ إلى يوآبَ يقولُ: ((أرسِلْ إليَ أوريَّا الحِثِّيَّ)) فأرسَلَهُ. |
7: | فلمَّا جاءَ سألَهُ داوُدُ عَنْ سلامةِ يوآبَ والجيشِ وعَنِ الحربِ، |
8: | ثُمَ قالَ لَه: ((إنزِلْ إلى بَيتِكَ واَغسِلْ رِجلَيكَ واَسترِحْ)). فخرج أوريَّا مِنَ القصرِ وتَبِعتْهُ هديَّةٌ مِنْ عِندِ داوُدَ. |
9: | فنامَ على بابِ القصرِ معَ الحرَسِ ولم ينزِلْ إلى بَيتِهِ. |
10: | فلمَّا قيلَ لداوُدَ: ((أوريَّا لم يَنزِلْ إلى بَيتِهِ))، دَعاهُ وقالَ لَه: ((أما جئتَ مِنَ السَّفرِ؟ فما بالُكَ لا تنزِلُ إلى بَيتِكَ؟)) |
11: | فأجابَهُ أوريَّا: ((تابوتُ العَهدِ ورِجالُ إسرائيلَ ويَهوذا مُقيمونَ في الخيامِ، ويوآبُ وقادَةُ سيِّدي المَلِكِ في البَرِّيَّةِ، فكيفَ أدخلُ بَيتي وآكُلُ وأشربُ وأنامُ معَ زوجتي؟ لا وحياتِكَ، لا أفعَلُ هذا)). |
12: | فقالَ لَه داوُدُ: ((أقمْ هُنا اليومَ، وغَدًا أصرِفُكَ)). فبقيَ أوريَّا ذلِكَ اليومَ في أورُشليمَ، |
13: | وفي اليومِ التَّالي دعاهُ داوُدُ، فأكلَ معَهُ وشربَ حتى سَكِرَ. ثُمَ خرَج مساءً، فنامَ حيثُ ينامُ الحرَسُ، ولم ينزِلْ إلى بَيتِهِ. |
14: | فلمَّا طلَعَ الصَّباحُ كتَبَ داوُدُ إلى يوآبَ مكتوبًا وأرسَلَهُ بيَدِ أوريَّا، |
15: | يقولُ فيهِ: ((وجهوا أوريَّا إلى حيثُ يكونُ القِتالُ شديدًا، واَرجعوا مِنْ ورائِه فيَضرِبَهُ العَدوُّ ويموتُ)). |
16: | وكانَ يوآبُ يحاصِرُ المدينةَ، فعيَّنَ لأوريَّا موضِعًا عَلِمَ أنَّ للعدوِّ فيهِ رِجالاً أشدَّاءَ. |
17: | فخرَج رِجالُ المدينةِ وحارَبوا يوآبَ، فسقَطَ لداوُدَ بَعضُ القادَةِ ومِنْ بَينِهِم أوريَّا الحِثِّيُّ. |
18: | فأرسَلَ يوآبُ وأخبَرَ داوُدَ بكلِّ ما جرى في الحربِ. |
19: | وقالَ يوآبُ للرَّسولِ: ((بَعدَما تُخبِرُ الملكَ بكُلِّ ما جرى في الحربِ، |
20: | وإذا ثارَ غضَبُهُ وقالَ: لماذا دنَوتُم مِنْ سورِ المدينةِ لِتُحاربوا؟ أما تعلَمونَ أنَّ الذينَ فوقَ السُّورِ يَرمونَكُم بالسِّهامِ؟ |
21: | مَنْ قتَلَ أبيمالِكَ بنَ يَروبَّشْثَ؟ أما هيَ اَمرأةٌ في تاباصَ رَمتْهُ بِحَجرِ طاحونةٍ مِنْ فوقِ السُّورِ فقُتِلَ؟ فلماذا دَنوتم مِنَ السُّورِ؟)) إذا قالَ لكَ هذا الكلامَ أجبْهُ: ((عبدُكَ أوريَّا الحِثِّيُّ أيضًا ماتَ)). |
22: | فذهَبَ الرَّسولُ إلى داوُدَ وأخبرَهُ بِجميعِ ما أمرَهُ بهِ يوآبُ، |
23: | وقالَ لداوُدَ: ((قَويَ علَينا الأعداءُ وخرَجوا لقِتالِنا في البَرِّيَّةِ، فطارَدناهُم إلى بابِ المدينةِ، |
24: | فرَمانا العَدوُّ بالسِّهامِ مِنْ فوقِ السُّورِ، فماتَ البَعضُ مِنْ قادَةِ المَلِكِ، وقُتِلَ أيضًا عبدُكَ أوريَّا الحِثِّيُّ)). |
25: | فقالَ لَه داوُدُ: ((هذا ما تقولُ ليوآبَ: ((لا يُحزِنُكَ ذلِكَ، لأنَّ السَّيفَ لا يرحَمُ أحدًا. تابِعْ هُجومَكَ على المدينةِ ودمِّرْها. قُل لَه ذلِكَ حتى يتشجعَ)). |
26: | وسمِعَت زوجةُ أوريَّا أنَّ زوجها ماتَ، فناحَت علَيهِ. |
27: | ولمَّا اَنتَهَت أيّام مَناحَتِها، أرسَلَ داوُدُ وضَمَّها إلى بَيتِهِ، فكانَت زوجةً لَه وولدَت لَه اَبنًا. واَستاءَ الرّبُّ مِمَّا فعلَهُ داوُدُ.
|
|
الفصل : 12 |
عقاب داود وتوبته
1: | فأرسَلَ الرّبُّ ناثانَ النَّبيَ إلى داوُدَ، فجاءَهُ وقالَ لَه: ((كانَ رَجلانِ في إحدى المُدُنِ، أحدُهُما غنيًّ والآخرُ فقيرٌ. |
2: | وكانَ للغنيِّ غنَمٌ وبقَرٌ كثيرةٌ جدُا، |
3: | ولم يكُنْ للفقيرِ غيرُ نعجةٍ واحدةٍ صغيرةٍ اَشتَراها وربَّاها وكبُرت معَهُ ومعَ بنيهِ، تأكُلُ مِنْ لُقمَتِه وتشربُ مِنْ كأسِهِ وترقُدُ في حُضنِه، وكانَت عِندَهُ كاَبنَتِهِ. |
4: | فنزَلَ بالرَّجلِ الغنيِّ ضَيفٌ، فلم يشأْ أنْ يأخذَ مِنْ غنَمِهِ وبقَرِهِ ليُهَيِّئَ طَعامًا للضَّيفِ، بل أخذَ نعجةَ الرَّجلِ الفقيرِ وهيَّأَها طَعامًا لَه)). |
5: | فغَضِبَ داوُدُ على الرَّجلِ الغنيِّ جدُا وقالَ لناثانَ: ((حَيًّ هوَ الرّبُّ، الرَّجلُ الذي صنَعَ هذا يستوجبُ الموتَ. |
6: | بدَلَ الواحدةِ يرُدُّ أربَعًا جزاءَ ما فعَلَهُ دونَ شفَقةٍ)).
|
7: | فقالَ ناثانُ لَه: ((أنتَ هوَ الرَّجلُ. هذا ما قالَ الرّبُّ إلَهُ إِسرائيلَ: أنا مَسحتُكَ مَلِكًا على بَني إِسرائيلَ، وأنقَذتُكَ مِنْ يَدِ شاوُلَ، |
8: | وأعطيتُكَ بَيتَهُ وزَوجاتِهِ، وجعَلتُكَ مَلِكًا على إِسرائيلَ ويَهوذا معًا، وإنْ كانَ ذلِكَ قليلاً فأنا أُضاعِفُهُ لكَ. |
9: | فلماذا اَحتقرتَ كلامي واَرتَكَبتَ القبيحَ في عينيَ؟ قتَلتَ أوريَّا الحثِّيَ بالسَّيفِ، سَيفِ بَني عَمُّونَ، وأخذتَ اَمرأتَهُ زوجةً لكَ. |
10: | والآنَ جيلاً بَعدَ جيلٍ لن يموتَ أحدٌ مِنْ نسلِكَ إلاَّ قتلاً، لأنَّكَ فعَلتَ هذا)). |
11: | ((وهذا أيضًا ما قالَ الرّبُّ: ها أنا أُثيرُ علَيكَ الشَّرَ مِنْ أهلِ بَيتِكَ، وآخذُ زوجاتِكَ وأدفَعُهُنَّ إلى قَريبكَ فيُضاجعُهُنَّ في وضَحِ النَّهارِ.
|
12: | أنتَ فعلتَ ذلكَ سِرُا، وأنا أفعلُ هذا الأمرَ على عُيونِ جميعِ بني إِسرائيلَ وفي وضَحِ النَّهارِ)). |
13: | فقالَ داوُدُ لناثانَ: ((خطِئتُ إلى الرّبِّ)). فقالَ لَه ناثانُ: ((الرّبُّ غفَرَ خطيئتَكَ فلا تموتُ.
|
14: | ولكنْ لأنَّكَ اَستهَنتَ بالرّبِّ بِفِعلِكَ هذا، فالاَبنُ الذي يُولَدُ لكَ يموتُ)). |
15: | واَنصرَفَ ناثانُ إلى بَيتِهِ.
|
موت ابن داود |
16: | فتضرَّعَ داوُدُ إلى اللهِ مِنْ أجلِ الولدِ، وصامَ ونامَ لياليَه على الأرضِ. |
17: | فاَلتَفَ حولَهُ شيوخ بَيتِهِ لِيُقيموهُ عنِ الأرضِ، فرفَضَ ولم يأكُلْ معَهُم. |
18: | فلمَّا جاءَ اليومُ السَّابِعُ ماتَ الصَّبيُّ، فخافَ رجالُ حاشيةِ داوُدَ أنْ يُخبِروهُ بِموتِهِ لأنَّهُم قالوا: ((عِندَما كانَ الصَّبيُّ حيُا كُنَّا نتكلَّمُ فلا يسمَعُ لِكلامِنا، فكيفَ نقولُ لَه: ماتَ الصَّبيُّ؟ يُمكِنُ أنْ يؤذيَ نفْسَهُ)). |
19: | ورآهُم داوُدُ يتَهامَسونَ، فأدرَكَ أنَّ الصَّبيَ ماتَ، فقالَ لهُم: ((هل ماتَ الصَّبيُّ؟)) فقالوا: ((ماتَ)). |
20: | فنهضَ عنِ الأرضِ، واَغتَسلَ وسرَّحَ شعرَهُ، وغيَّرَ ثِيابَهُ، ودخلَ بَيتَ الرّبِّ، فسجدَ ورجعَ إلى قصرِهِ وطلَبَ طَعامًا فأكَلَ. |
21: | فقالَ لَه رِجالُ حاشيَتِهِ: ((ماذا فعَلتَ؟ حينَ كانَ الصَّبيُّ حيُا صُمتَ وبكيتَ، فلمَّا ماتَ قُمتَ وأكلتَ طَعامًا؟)) |
22: | فأجابَ: ((حينَ كانَ الصَّبيُّ حيُا صُمتُ وبكيتُ لأنِّي قلتُ: مَنْ يَعلَمُ؟ لعلَ الرّبَّ يرحَمُني ويَحيا الصَّبيُّ. |
23: | وأمَّا الآنَ فهوَ مَيْتٌ، فلماذا أصومُ؟ هل أقدِرُ أنْ أرُدَّهُ؟ أنا أذهَبُ إليهِ، أمَّا هوَ فلا يَرجعُ إليَّ)).
|
24: | وعزَّى داوُدُ بَتشابَعَ زوجتَهُ ودخلَ علَيها ونامَ معَها، فولَدَتِ اَبنًا سَمَّاهُ سُليمانَ. وأحبَّهُ الرّبُّ، |
25: | وكانَ حبُّهُ هذا على لسانِ ناثانَ النَّبيِّ الذي سمَّاهُ يَديديَّا.
|
الإستيلاء على ربة |
26: | وهاجمَ يوآبُ مدينةَ ربَّةَ، عاصمةِ بَني عَمُّونَ، واَستولى علَيها. |
27: | وأرسَلَ إلى داوُدَ مَنْ يقولُ: ((هاجمتُ رِبَّةَ واَستوليتُ على مياهِ المدينةِ. |
28: | فاَجمَعِ الآنَ بقِيَّةَ الجيشِ واَهجمْ على المدينةِ وخذْها أنتَ حتى لا آخذَها أنا، فتُدعَى باَسمي)). |
29: | فجمَعَ داوُدُ الجيشَ كُلَّهُ وسارَ إلى ربَّةَ، فهاجمَها واَستَولى علَيها، |
30: | وأخذَ التَّاج عَنْ رأسِ الإلهِ مِلكامَ، وكانَ وزنُهُ ثلاثةَ عشَرَ رَطلاً مِنَ الذَّهبِ وفيهِ حجرٌ كريمٌ، فوضَعَهُ على رأسِه. وغنِمَ داوُدُ مِنَ المدينةِ غَنائمَ وافِرةً جدُا. |
31: | وأخرَج سُكَّانَها مِنها وأجبَرَهُم على العمَلِ بالمَناشيرِ والنَوارج وفُؤوسِ الحديدِ، وعلى الاشتغالِ بصِناعةِ اللِّبْنِ. هكذا فعلَ بِجميعِ مُدُنِ بَني عَمُّونَ، ثُمَ رجعَ معَ الجيشِ إلى أورُشليمَ.
|
|
الفصل : 13 |
أمنون وتامار
1: | وكانَ لأبشالومَ بنِ داوُدَ أختٌ جميلةٌ اَسمُها تامارُ، فأحبَّها أمنونُ بنُ داوُدَ. |
2: | وبلَغَ بهِ الحبُّ حَدَ المرضِ، وكانَ مَنالُها صعبًا لأنَّها كانَت عذراءَ. |
3: | وكانَ لأمنونَ صاحبٌ اَسمُهُ يونادابُ بنُ شَمعي أخي داوُدَ، وكانَ يونادابُ رجلاً ذكيُا جدُا. |
4: | فقالَ لَه: ((مالي أراكَ يا اَبنَ المَلِكِ تَنغمُّ يومًا فيومًا، ألا تُخبِرُني؟)) فقالَ لَه أمنونُ: ((أُحِبُّ تامارَ أُختَ أبشالومَ)). |
5: | فقالَ يونادابُ: ((نَمْ على سريرِكَ وتَمارَضْ، فإذا جاءَ أبوكَ ليَزورَكَ فقُلْ لَه: ((لتَجئْ تامارُ أختي وتُطعِمْني وتُهيِّئِ الطَّعامَ أمامَ عيني فمِنْ يَدِها وحدَها آكُلُ)). |
6: | فنامَ أمنونُ وتَمارضَ، فجاءَ المَلِكُ يَزورُهُ، فقالَ لَه أمنونُ: ((لِتَجئْ تامارُ أختي وتعمَلْ أمامي كعكَتَينِ وآكُل مِنْ يَدِها)).
|
7: | فأرسلَ داوُدُ يقولُ لتامارَ في القصرِ: ((إذهبي إلى بَيتِ أمنونَ أخيكِ واَعمَلي لَه طَعامًا)).
|
8: | فذهَبت إليهِ وهوَ مُستَلقٍ، فأخذَت دقيقًا وعجنت وعَمِلَت كَعكًا أمامَهُ وقَلَتْهُ. |
9: | وأخذَتِ المِقلاةَ وسكبَت أمامَهُ، فرفضَ أنْ يأكُلَ وقالَ لِمَن حَولَهُ: ((أُخرُجوا كُلُّكُم مِنْ عِندي)). فخرَجوا جميعًا. |
10: | فقالَ أمنونُ لتامارَ: ((أَدخلي الطَّعامَ إلى غُرفَتي فآكُلَ مِنْ يَديكِ)). فأخذَت تامارُ الكعكَ وجاءت بهِ إلى أمنونَ أخيها في غُرفَتِهِ. |
11: | وقدَّمَت لَه ليأكُلَ فأمسَكَها وقالَ: ((تَعالَي نامي معي يا أُختي)). |
12: | فقالَت لَه: ((لا تُغصِبْني يا أخي. هذِهِ فاحِشَةٌ لا يفعَلُها أبناءُ إِسرائيلَ، فلا تَفعَلْها أنتَ. |
13: | فأنا أينَ أذهَبُ بعاري؟ وأنتَ، ألا تكونُ كواحدٍ مِنَ السُّفهاءِ في إِسرائيلَ، فكلِّمِ المَلِكَ، فهوَ لا يَمنَعُني عَنكَ)). |
14: | فرفَضَ أنْ يَسمعَ لِكلامِها، وهجمَ علَيها واَغتَصَبها. |
15: | ثُمَ أبغضَها أمنونُ بُغضًا أشدَ مِنَ الحُبِّ الذي أحبَّها إيَّاهُ، وقالَ لها: ((قومي اَنصَرِفي)). |
16: | فقالَت لَه: ((لِماذا تَطرُدُني؟ هذا شَرًّ أعظَمُ مِمَّا فَعلتَهُ بي)). فرفَضَ أنْ يسمَعَ لها |
17: | ودَعا خادِمَهُ وقالَ لَه: ((أخرِج هذِهِ عنِّي وأغلِقِ البابَ وراءَها)). |
18: | وكانَ علَيها ثوبٌ موشُى، لأنَّ بَناتِ المَلِكِ العذارى كُنَّ يَلبَسنَ مِثلَهُ. فأخرَجها الخادِمُ وأغلَقَ البابَ وراءَها. |
19: | فذرَّتْ تامارُ رمادًا على رأسِها، ومزَّقت ثوبَها الموشَّى وغَطَّت وجهَها بِيَدِها وراحت تبكي عاليًا. |
20: | فقالَ لها أبشالومُ أخوها: ((هل فعَلَ أخوكِ أمنونُ شيئًا معَكِ؟ اَسكُتي الآنَ يا أُختي، فهوَ أخوكِ ولا يَحُزَ في قلبِكِ هذا الأمرُ)). فاَعتَزَلت تامارُ في بَيتِ أبشالومَ أخيها. |
21: | وسمِعَ داوُدُ المَلِكُ بِكُلِّ ما جرى، فغضِبَ جدُا لكِنْ لم يَشأْ أذيَّةَ اَبنِهِ أمنونَ، لأنَّه كانَ يُحبُّه، فهوَ اَبنُه البِكرُ. |
22: | أمَّا أبشالومُ فلم يكلِّمْ أمنونَ بشَرٍّ ولا بخيرٍ، لأنَّهُ أبغَضَهُ لاَغتِصابِهِ تامارَ أختَهُ.
|
23: | وبَعدَ سنَتينِ كانَ الجزَّازونَ يَجزُّونَ غنَمَ أبشالومَ في بَعلِ حاصورَ بالقربِ مِنْ مدينةِ أفرايمَ، فدَعا جميعَ بَني المَلِكِ إلى وليمةٍ. |
24: | وجاءَ إلى المَلِكِ وقالَ لَه: ((عِندي، يا سيِّدي جزَّازونَ، فتعالَ أنتَ وحاشيَتُك معي إلى الوليمةِ)). |
25: | فأجابَهُ المَلِكُ: ((لا يا اَبني، لا نذهَبُ كُلُّنا لِئلاَ نُثقِّلَ علَيكَ)). فألَحَ علَيهِ فلم يقبَلْ، بل باركَهُ. |
26: | فقالَ أبشالومُ: ((إذًا يذهَبُ معَنا أمنونُ أخي)). فقالَ المَلِكُ: ((لماذا؟)) |
27: | فألحَ علَيهِ أبشالومُ، فأرسلَ معهُ أمنونَ وجميعَ بَني المَلِكِ. وأقامَ أبشالومُ وليمةً كوليمةِ المُلوكِ. |
28: | وقالَ أبشالومُ لِرجالِه: ((إنتَبِهوا، إذا سكِرَ أمنونُ وقلتُ لكُمُ اَقتُلوهُ، أُقتُلوهُ ولا تَخافوا. أنا أمَرتُكُم فتَشَجعوا وكونوا رِجالاً)). |
29: | ففعَلوا بأمنونَ كما أمرَهُم. فقامَ بَنو المَلِكِ ورَكِبوا بِغالَهُم وهرَبوا. |
30: | وبَينَما هُم في الطَّريقِ قيلَ لداوُدَ إنَّ أبشالومَ قتَلَ بَنيكَ كُلَّهُم وما أبقى على أحدٍ. |
31: | فقامَ ومَزَّقَ ثيابَهُ وتَمدَّدَ على الأرضِ، كذلِكَ مزَّقَ رِجالُ حاشيتِهِ ثيابَهُم ووقَفوا بَينَ يَدَيهِ. |
32: | فقالَ يونادابُ بنُ شَمعي أخي داوُدَ: ((لا تَحسِبْ يا سيِّدي المَلِكُ أنَّ أبشالومَ قتَلَ جميعَ بَنيكَ، وإنَّما قتَلَ أمنونَ وحدَهُ، وكانَ يَنوي ذلِكَ مُنذُ أنِ اَغتصَبَ تامارَ أختَهُ. |
33: | فلا تُصدِّقْ أنَّ جميعَ بَنيكَ قُتِلوا، بل قُتِلَ أمنونُ وحدَهُ)). |
34: | وهربَ أبشالومُ. وتطلَّعَ الحارِسُ فرَأى جمعًا كبيرًا يسيرونَ على طريقِ حورانيمَ بجانِبِ الجبَلِ. |
35: | فقالَ يونادابُ للمَلِكِ: ((ها هُم بَنوكَ مُقبِلونَ، كما قُلتُ لكَ يا سيِّدي)). |
36: | فما إنْ فرِغَ مِنْ كلامِهِ حتى جاءَ بَنو المَلِكِ ورفَعوا أصواتَهُم بالبُكاءِ. وبكى المَلِكُ وجميعُ رجالِ حاشيتِهِ بُكاءً شديدًا. |
37: | وأمَّا أبشالومُ فهربَ واَلتَجأ إلى تَلمايَ بنِ عَميهودَ مَلِكِ جشورَ. وناحَ داوُدُ على اَبنِهِ أيّامًا طويلَةً. |
38: | وأقامَ أبشالومُ في جشورَ ثَلاثَ سِنينَ. |
39: | واَشتاقَ داوُدُ إلى لقاءِ أبشالومَ، لأنَّه بدأ يُشفَى مِنْ حُزنِهِ على أمنونَ.
|
|
الفصل : 14 |
رجوع أبشالوم
1: | وعرفَ يوآبُ بنُ صرويَّةَ أنَّ داوُدَ اَشتاقَ إلى أبشالومَ، |
2: | فأرسَلَ إلى تَقوعَ وجاءَ مِنْ هُناكَ باَمرأةٍ حكيمةٍ وقالَ لها: ((تظاهري بالحُزنِ، واَلبَسي ثيابَ الحِدادِ ولا تَتزيَّني، بل كُوني كاَمرأةٍ تَنوحُ مِنْ أيّامِ عديدةٍ على مَيْتٍ، |
3: | ورُوحي إلى المَلِكِ وكلِّميهِ بِما أقولُهُ لكِ)). وقالَ لها يوآبُ ما تقولُ للمَلِكِ. |
4: | فذهبَتِ المَرأةُ إلى المَلِكِ واَنحَنَت إلى الأرضِ وقالَت: ((ساعِدْني أيُّها المَلِكُ)).
|
5: | فسألَها: ((ما حاجتُكِ؟)) فأجابَت: ((أنا أرملَةٌ توفِّيَ زوجي. |
6: | وكانَ لي يا سيِّدي اَبنانِ تشاجرا في البَرِّيَّةِ، ولم يكُنْ مَنْ يَفصِلُ بَينَهُما، فضربَ أحدُهُما الآخرَ وقتَلَهُ. |
7: | فهجمَ جميعُ العَشيرةِ عليَ وقالوا: سلِّمي إلينا قاتِلَ أخيهِ لِنَقتُلَهُ اَنتِقامًا لَه، فإذا فَعَلوا ذلِكَ يُهلِكونَ الوارِثَ أيضًا ويُطفِئونَ جمرَةَ أملي التي بَقيَت، ولا يَترُكونَ لِزَوجي اَسمًا ولا نسلاً على وجهِ الأرضِ)). |
8: | فقالَ المَلِكُ للمرأةِ: ((عُودي إلى بَيتِكِ، فأنا أقومُ بالمطلوبِ)). |
9: | فقالَتِ المرأةُ: ((عليَ اللَّومُ يا سيِّدي المَلِكُ وعلى بَيتِ أبي في كُلِّ ما تفعَلُ، وليكُنِ المَلِكُ وعرشُهُ بَريئَينِ)). |
10: | فقالَ لها المَلِكُ: ((إذا تَهدَّدكِ أحدٌ، فَجيئي بهِ إليَ، فلا يتعَرَّضْ لكِ مِنْ بَعدُ)). |
11: | فقالَت لَه: ((أكِّدْ لي عونَكَ، واَجعَلِ الرّبَّ إلهَكَ شاهِدًا أيُّها المَلِكُ، فلا يرتكِبُ الذي يثأرُ لدَمِ اَبني جريمةً أُخرى ويُهلِكُ اَبني الآخرَ)). فقالَ لها: ((حَيًّ هوَ الرّبُّ، لا تسقُط شعرةٌ مِنْ رأسِ اَبنِكِ على الأرضِ)).
|
12: | فقالَتِ المَرأةُ: ((دَعني يا سيِّدي المَلِكُ أقولُ شيئًا آخرَ)). قالَ: ((تكلَّمي)). |
13: | فقالَتِ المَرأةُ: ((لماذا نوَيتَ شرُا مُماثِلاً على شعبِ اللهِ؟ فأنتَ بِما حكَمتَ لي، أيُّها المَلِكُ، حكَمتَ على نفْسِكَ لأنَّكَ لا ترُدُّ اَبنَكَ الذي نَفيتَهُ. |
14: | لا بُدَ أنْ نموتَ كُلُّنا ونكونَ كماءٍ مَصبوبٍ على الأرضِ، ولا يجمَعُهُ شيءٌ لكنَّ اللهَ لا يُريدُ أنْ يَقضيَ على حياةِ أحدٍ، ولا هوَ يُريدُ أنْ يظَلَ منفِيًّ بعيدًا عَنهُ في مَنفاهُ. |
15: | والآنَ فأنا جئتُ لأكلِّمَ المَلِكَ سيِّدي بِهذا الأمرِ لأنَّ الشَّعبَ هَدَّدني، فقُلتُ في نفْسي: أُكلِّمُ المَلِكَ لعلَّهُ يُساعدُني. |
16: | فالمَلِكُ يسمعُ لي ويُنقِذُني مِنْ يدِ الرَّجلِ الذي يُريدُ أنْ يُزيلَني أنا واَبنيَ مِنَ الأرضِ التي أورَثَها اللهُ شعبَهُ. |
17: | وقُلتُ: ليكُنْ وعدُ سيِّدي المَلِكِ عزاءً لي، لأنَّكَ يا سيِّدي كمَلاكِ اللهِ في فَهمِ الخيرِ والشَّرِّ، والرّبُّ إلهُكَ يكونُ معَكَ)).
|
18: | فأجابَها المَلِكُ: ((لا تكتُمي عنِّي شيئًا مِمَّا أسألُكِ)). فقالتِ المَرأةُ: ((ليتكَلَّمْ سيِّدي المَلِكُ)).
|
19: | فقالَ: ((هل ليوآبَ يَدٌ في هذا كُلِّه؟)) فأجابَت ((وحياتِكَ يا سيِّدي المَلِكُ لا أحيدُ يَمينًا ولا يَسارًا عَنْ قولِ الحقيقةِ لكَ. نعم، يوآبُ قائدُ جيشِكَ هوَ الذي أمرَني ولقَّنَني كُلَ هذا الكلامِ. |
20: | وهوَ لَجأَ إلى هذِهِ الطَّريقةِ لتسويةِ هذا الأمرِ، ولسيِّدي حِكمَةٌ كحِكمةِ ملاكِ اللهِ في فَهمِ جميعِ ما يَحدُثُ في الأرضِ)).
|
21: | وبَعدَ ذلِكَ قالَ المَلِكُ ليوآبَ: ((ها أنا فاعلٌ ما تُريدُ. فاَذهبْ ورُدَ الفتى أبشالومَ)). |
22: | فاَنحَنى يوآبُ بوجهِهِ إلى الأرضِ. ودَعا للمَلِكِ وقالَ: ((اليومَ علِمتُ أنِّي أنعَمُ برِضاكَ يا سيِّدي المَلِكُ، لأنَّكَ فعلتَ ما قُلتُ لكَ)). |
23: | وذهَبَ يوآبُ إلى جشورَ وجاءَ بأبشالومَ إلى أورُشليمَ. |
24: | فقالَ المَلِكُ: ((لينصرِفْ أبشالومُ إلى بَيتِهِ ولا يَرى وجهي)). فاَنصرَفَ وما قابَلَهُ المَلِكُ.
|
داود يصالح أبشالوم |
25: | ولم يكنْ في جميعِ بَني إِسرائيلَ رَجلٌ مَشهورٌ بجمالِهِ كأبشالومَ. فما كانَ فيهِ عيبٌ مِنْ أسفلِ قدمِهِ إلى قِمَّةِ رأسِهِ. |
26: | وكانَ إذا حَلقَ شعرَ رأسِهِ في آخرِ كُلِّ سنَةٍ لأنَّهُ كانَ يثقُلُ علَيهِ، بلغَ وزنُ هذا الشَّعرِ مئتي مِثقالٍ بالوزنِ الرَّسميِّ. |
27: | ووُلِدَ لأبشالومَ ثَلاثَةُ بَنينَ واَبنَةٌ واحدةٌ سمَّاها تامار وكانَت جميلةَ المنظَرِ.
|
28: | وأقامَ أبشالومُ بأورُشليمَ سنَتينِ وما قابَلَهُ المَلِكُ. |
29: | فأرسَلَ يتوسَّطُ يوآبَ ليحقِّقَ هذِهِ المُقابلَةَ، فلم يَجئْ إليهِ. فأرسَلَ يتوسَّطُه ثانيةً، فرفَضَ. |
30: | فقالَ لِعبيدِهِ: ((أُنظُروا. حقلُ يوآبَ بجانِبِ حقلي وهوَ مزروعٌ شعيرًا، فاَذهَبوا وأحرقوهُ بالنَّارِ)). فنفَّذوا الأمرَ.فجاءَ عبيدُ يوآبَ إلى سيّدِهِم، وثيابُهُم ممزَّقَةٌ وقالوا: ((أحرقَ عبيدُ أبشالومَ حقلَكَ بالنَّارِ)). |
31: | فأسرَعَ يوآبُ إلى أبشالومَ في بَيتِهِ وسألَهُ: ((لماذا أحرَقَ عبيدُكَ حقلي بالنَّارِ؟)) |
32: | فأجابَهُ: ((لأنَّكَ لم تَحضُرْ حينَ أرسلتُ وراءَكَ، لأطلُبَ مِنكَ أنْ تذهبَ إلى المَلِكِ وتسألَهُ: لماذا جاءَ بي مِنْ جشورَ؟ كانَ خيرًا لي لو بقيتُ هُناكَ. والآنَ ساعِدْني دَعْني أقابِلُ المَلِكَ، فإنْ كُنتُ مُذنبًا في شيءٍ فليَقتُلْني)). |
33: | فذهَبَ يوآبُ إلى المَلِكِ وأخبرَهُ بالأمرِ، فاَستَدعى أبشالومَ. فدخلَ على المَلِكِ واَنحَنى بوجهِه إلى الأرضِ أمامَه، فقبَّلهُ المَلِكُ.
|
|
الفصل : 15 |
ثورة أبشالوم
1: | وبَعدَ ذلِكَ اَتَّخذَ أبشالومُ مركبةً وخيلاً وخمسينَ رجلاً لخدمتِهِ. |
2: | وكانَ يجلِسُ باكرًا جانبَ طريقِ بابِ المدينةِ، فكُلُّ مَنْ كانَت لَه دعوى يُريدُ أنْ يَحتكِمَ إلى المَلِكِ يدعوهُ أبشالومُ إليهِ ويسألُهُ: ((مِن أيَّةِ مدينةٍ أنتَ؟)) فيُجيبُ: ((أنا يا سيِّدي مِنْ أحدِ أسباطِ إِسرائيلَ)). |
3: | فيقولُ لَه أبشالومُ: ((أُنظُرْ. قضيَّتُكَ صالحةٌ قويمةٌ، ولكِنْ لا أحدَ عِندَ المَلِكِ يسمعُ لَك)). ثُمَ يقولُ: |
4: | ((ليتَ مَنْ يَجعَلُني قاضيًا في هذِهِ البلادِ، فيجيئَني كُلُّ مَنْ لَه قضيَّةٌ ودعوى فأُنصِفَهُ)). |
5: | فإذا اَقترَبَ الرَّجلُ ليَنحَني أمامَهُ كانَ أبشالومُ يمُدُّ يَدَهُ إليهِ ويُمسِكُهُ ويُقَبِّلُهُ. |
6: | وكانَ يفعَلُ ذلِكَ معَ جميعِ رجالِ إِسرائيلَ الذينَ كانوا يأتونَ ليَحتكِموا إلى المَلِكِ، فسلَبَ قُلوبَهُم بهذِهِ الحيلةِ.
|
7: | وبَعدَ أربَعِ سنَواتٍ قالَ أبشالومُ للمَلكِ: ((دَعني أذهبُ إلى حبرونَ فأوفيَ نَذْري الذي نَذرْتُهُ للرّبِّ، |
8: | لأنِّي قلتُ وأنا بَعدُ في جشورَ بآرامَ: إنْ ردَّني الرّبُّ إلى أورُشليمَ أُقدِّمُ لَه الذَّبائحَ في حبرونَ)). |
9: | فقالَ لَه المَلِكُ: ((إذهَبْ بسلامِ)). فقامَ وذهبَ إلى حبرونَ. |
10: | وأرسلَ أبشالومُ خفيةً رُسُلاً إلى جميعِ أسباطِ إِسرائيلَ وقالَ: ((إذا سَمِعتُم صوتَ البوقِ، فقولوا: ملَكَ أبشالومُ في حبرونَ)). |
11: | ودعا أبشالومُ مئتَي رجلٍ مِنْ أورُشليمَ فلبّوا الدَّعوةَ على سلامةِ نيَّةٍ وهُم لا يَعلَمونَ شيئًا. |
12: | وفيما هوَ يُقدِّمُ الذَّبائحَ أرسلَ إلى مدينةِ جيلوهَ في طلبِ أخيتوفَلَ الجيلونيِّ مُستشارِ داوُدَ. وقويَت ثورةُ أبشالومَ على المَلِكِ وتزايَدَ أنصارُهُ.
|
داود يهرب من أورشليم |
13: | فجاءَ مَنْ أخبرَ المَلِكَ داوُدَ أنَّ قلوبَ رجالِ إِسرائيلَ تعلَّقَت بأبشالومَ. |
14: | فقالَ داوُدُ لجميعِ حاشيتِهِ الذينَ معَهُ في أورُشليمَ: ((قوموا نهرُبْ مِنَ المدينةِ لأنَّ لا نجاةَ لنا مِنْ أبشالومَ. أسرِعوا في المَسيرِ لِئَّلا يُطبِقَ علَينا ويُنزِلَ بنا الشَّرَ، ويضرِبَ المدينةَ بحَدِّ السَّيفِ)). |
15: | فقالَت لَه حاشيتُهُ: ((نفعَلُ كُلَ ما يرتَئيهِ سيّدُنا المَلِكُ)). |
16: | فخرَج المَلِكُ وجميعُ أهلِ بَيتِهِ وراءَهُ، وتركَ عَشْرًا مِنَ الجواري للعنايةِ بالقصرِ. |
17: | وبَينما هُم خارجونَ مِنَ المدينةِ وقفوا عِندَ آخرِ بَيتٍ فيها، |
18: | فعبَرَ أمامَ المَلِكِ جميعُ حرسِهِ وستُّ مئةِ رجلٍ تبعوهُ مِنْ جتَ. |
19: | فقالَ الملكُ لإتَّايَ الجتِّي قائدِهِم: ((لماذا أنتَ سائرٌ معَنا أيضًا؟ إرجعْ وكُنْ في خدمةِ المَلِكِ الجديدِ، لأنَّكَ غريبِّ ومَنفيًّ أيضًا عنْ وطَنِكَ. |
20: | البارحةَ جئتَنا، فلماذا آخذُكَ اليومَ لتتَشرَّدَ معَنا؟ فأنا لا أعرِفُ إلى أينَ أذهَبُ، فاَرجعْ وخذْ معَكَ بَني قومِكَ، وليَرحمْكَ الرّبُّ ويُرافِقكَ أمانٌ)). |
21: | فأجابَهُ إتَّايُ: ((حَيًّ هوَ الرّبُّ وحَيًّ سيِّدي المَلِكُ، حيثُما كُنتَ، سَواءٌ للموتِ أو للحياةِ، فهُناكَ أكونُ أنا)). |
22: | فقالَ لَه داوُدُ: ((إذهبْ واَعبُرْ )). فعبَرَ معَ جميعِ أصحابِه وعيالِهِم. |
23: | وكانَ جميعُ الشَّعبِ يَبكونَ بصوتٍ عظيمِ وأتباعُ المَلِكِ يَعبرونَ. ثُمَ عَبرَ المَلِكُ وادي قدرونَ ومرَ أتباعُهُ كُلُّهم أمامَهُ نحوَ البَرِّيَّةِ.
|
24: | وكانَ صادوقُ الكاهنُ هُناكَ ومعَهُ اللاَويُّونَ يحملونَ تابوتَ العَهدِ، فوضَعوهُ جانِبَ أبياثارَ ولم يَرفعوهُ ثانيةً حتى خرَج المَلِكُ وجميعُ الذينَ معَهُ مِنَ المدينةِ. |
25: | فقالَ المَلِكُ لصادوقَ: ((رُدَ تابوتَ العَهدِ إلى المدينةِ، فإنْ رضيَ الرّبُّ، فهوَ يَرُدُّني ويُريني إيَّاهُ معَ مَسكنِه، |
26: | وإنْ تخلَّى عنِّي، فليفعَلْ بي ما يشاءُ)). |
27: | ثُمَ قالَ لصادوقَ الكاهنِ: ((أُنظُرْ. خذْ أخيمَعصَ اَبنَكَ ويوناثانَ بنَ أبياثارَ واَرجعْ معَ أبياثارَ بسلامِ إلى المدينةِ. |
28: | أمَّا أنا فأنتَظِرُ عِندَ معابرِ النَّهرِ في البَرِّيَّةِ حتى يَجيئَني خبَرٌ مِنكُم)). |
29: | فرجعَ صادوقُ وأبياثارُ بتابوتِ العَهدِ إلى أورُشليمَ وأقاما هُناكَ. |
30: | وصعِدَ داوُدُ جبَلَ الزَّيتونِ باكيًا، ووجهُهُ مُغطُى وهوَ يمشي حافيًا، وجميعُ الذينَ معَهُ غَطوا رؤُوسَهُم وصعِدوا وهُم يَبكونَ. |
31: | وقيلَ لداوُدَ: ((أخيتوفَلُ مِنَ الثَّائرينَ معَ أبشالومَ)) فأجابَ: ((حوِّلْ يا ربُّ نصائحَ أخيتوفلَ إلى حماقةٍ)).
|
32: | ولمَّا وصَلَ داوُدُ إلى قِمَّةِ الجبَلِ ليسجدَ للهِ هُناكَ، لاقاهُ حوشايُ الأركِيُّ، وثيابُهُ ممزَّقَةٌ وعلى رأسِه تُرابٌ. |
33: | فقالَ لَه داوُدُ: ((إذا عبَرتَ مَعي كُنتَ حِملاً ثقيلاً عليَ، |
34: | ولكِنْ إذا رَجعتَ إلى المدينةِ وقُلتَ لأبشالومَ: أنا أخدُمُكَ أيُّها المَلِكُ كما خدمتُ أباكَ مِنْ قَبلُ وسمِعَ لكَ، كُنتَ لي عَونًا على تفشيلِ نصائحِ أخيتوفلَ. |
35: | وعِندَكَ هُناكَ صادوقُ وأبياثارُ الكاهنانِ، فأخبِرْهُما بكُلِّ ما تسمَعُ في قصرِ المَلِكِ. |
36: | وعِندَكَ أيضًا اَبناهُما أخيمَعصُ ويوناثانُ، فتُرسِلونَ إليَ معَهُما كُلَ ما تَسمعونَ)). |
37: | فعادَ حوشايُ، صَديقُ داوُدَ، إلى مدينةِ أورُشليمَ، حينَ كانَ أبشالومُ يَدخلُها.
|
|
الفصل : 16 |
داود وصيبا
1: | وبَعدَ أنْ عَبرَ داوُدُ القِمَّةَ بقليلٍ، صادفَهُ صيبا، خادمُ مفيبوشثَ، ومعَهُ حِمارانِ يَحملانِ مئتي رغيفٍ، ومئةَ عُنقودِ زبيبٍ، ومئةَ قُرصِ تينٍ أخضَرَ وزقَ خمرٍ. |
2: | فسألَهُ المَلِكُ: ((لمن كُلُّ هذا؟)) فأجابَ: ((الحمارانِ لأهلِ المَلِكِ للرُّكوبِ، والخبزُ والتِّينُ لطَعامِ الجندِ، والخمرُ ليشرَبَ مَنْ أنهكَهُ التَّعَبُ في البَرِّيَّة)). |
3: | فسألَهُ المَلِكُ: ((أينَ مفيبوشثُ اَبنُ مولاكَ؟)) فأجابَهُ صيبا: ((هوَ مُقيمٌ بأورُشليمَ لأنَّهُ قالَ: اليومَ يُعيدُ إليَ بيتُ إِسرائيلَ مُلْكَ أبي)). |
4: | فقالَ لَه المَلِكُ: ((كُلُّ ما يَملِكُه مفيبوشثُ لكَ)). فاَنحَنى صيبا وقالَ لَه: ((سَمعًا وطاعةً ليتني أنعَمُ دائِمًا برِضاكَ يا سيِّدي المَلِكُ)).
|
داود وشمعي |
5: | ولمَّا وصَلَ المَلِكُ داوُدُ إلى بَحوريمَ خرَج رجلٌ مِنْ هُناكَ، مِنْ قبيلةِ شاوُلَ اَسمُهُ شِمعي بنُ جيرا، وهوَ يَصُبُّ اللَّعناتِ في أثناءِ خروجهِ. |
6: | وقذَفَ داوُدَ وحاشيَتَهُ بالحِجارةِ، رُغمَ أنَّ جميعَ الجنودِ والقادةِ كانوا يسيرونَ عَنْ يَمينِهِ وعَنْ يَسارِه. |
7: | وكانَ شِمعي يقولُ في لَعناتِه: ((أُخرج. أُخرج. يا قاتلُ، يا رجلَ السُّوءِ. |
8: | الرّبُّ اَنتقَمَ مِنكَ لِدماءِ بَيتِ شاوُلَ التي سَفكتَها ومَلكتَ مكانَهُ، وسلَّمَ مُلكَكَ إلى يَدِ أبشالومَ اَبنِكَ. وها أنتَ تنالُ جزاءَ شرِّكَ لأنَّكَ سافِكُ دِماءٍ)).
|
9: | فقالَ أبيشايُ بنُ صرويَّةَ للمَلِكِ: ((كيفَ يَلعَنُ هذا الكلبُ المَيِّتُ سيِّدي المَلِكَ؟ دَعني أقطَعُ رأسَه)). |
10: | فقالَ المَلِكُ: ((ما لي ولكم يا بَني صرويَّةَ، دعوهُ يَصُبُّ اللَّعناتِ لأنَّ الرّبَّ قالَ لَه: ((إلعَنْ داوُدَ. فمَنْ لَه الحَقُّ أنْ يسألَهُ لماذا يفعَلُ هذا؟)). |
11: | وقالَ داوُدُ لأبيشاي وجميعِ حاشيَتِهِ: ((إذا كانَ اَبني الذي خرَج مِنْ صُلبي يطلُبُ حياتي، فكم بالحري هذا البنيامينيُّ؟ دَعوهُ يلعَنُ لأنَّ الرّبَّ أمرَهُ بذلِكَ. |
12: | لعَلَ الرّبَّ يرى بُؤسي ويحوِّلُ لعنَتَهُ ليَ اليومَ إلى خيرٍ)). |
13: | وكانَ داوُدُ ورجالُهُ يسيرونَ في الطَّريقِ، وشِمعي يسيرُ في الجبَلِ مُقابلَهُ، وهوَ يَلعنُ ويقذِفُ بالحجارةِ والتُّرابِ. |
14: | ووصَلَ المَلِكُ وجميعُ الذينَ معَهُ إلى الأُردُنِّ وهُم مُتعَبونَ، فاَستَراحوا هُناكَ.
|
أبشالوم في أورشليم |
15: | وأمَّا أبشالومُ وجميعُ رجالِ إِسرائيلَ، فجاؤوا إلى أورُشليمَ وأخيتوفَلُ معَهُم. |
16: | فلمَّا دخلَ حوشايُ الأركيُّ، صديقُ داوُدَ، على أبشالومَ قالَ لَه: ((ليَحيَ المَلِكُ، ليَحيَ المَلِكُ)). |
17: | فقالَ لَه أبشالومُ: ((أهذا وفاؤُكَ لصديقِكَ داوُدَ؟ ما بالُكَ لم تُرافِقْهُ؟)) |
18: | فأجابَ حوشايُ: ((كيفَ أرافِقُهُ وأنتَ الذي اَختارَكَ الرّبُّ وهذا الشَّعبُ وجميعُ رجالِ إِسرائيلَ؟ فلكَ أكونُ ومعَكَ أُقيمُ. |
19: | وبَعدُ، فمَنِ الذي أخدُمُ؟ أما أنتَ اَبنُهُ؟ فكما خدمتُ أباكَ أخدُمُكَ أنتَ)). |
20: | وقالَ أبشالومُ لأخيتوفَلَ: ((ما رأيُكُم؟ ماذا نفعَلُ؟)) |
21: | فقالَ لَه أخيتوفَلُ: ((أُدخلْ على جواري أبيكَ اللَّواتي ترَكهُنَّ للعنايةِ بالقصرِ، فيسمَع بَنو إِسرائيلَ جميعُهُم أنَّك صِرتَ مكروهًا مِنْ أبيكَ، فتَقوى عزيمةُ جميعِ الذينَ معَكَ)). |
22: | فنُصِبَت لأبشالومَ خيمَةٌ على السَّطحِ ودخلَ على جواري أبيهِ، على مَشهدٍ مِنْ بَني إِسرائيلَ. |
23: | وكانَت نصيحةُ أخيتوفَلَ في تلكَ الأيّامِ كما لو كانَت مِنْ عِندِ اللهِ. هكذا كانَت لداوُدَ، كما كانَت لأبشالومَ.
|
|
الفصل : 17 |
حوشاي يخدع أبشالوم
1: | وبَعدَ هذا قالَ أخيتوفلُ لأبشالومَ: ((دَعني أختارُ اَثنَي عشَرَ ألفَ رجلٍ فأقومَ وأُلاحِقَ داوُدَ هذِهِ اللَّيلةَ، |
2: | وأهجمُ علَيهِ وهوَ مُتعَبٌ وخائرُ العزيمةِ وأُرعِبُهُ، فيَهربُ جميعُ الذينَ معَه، وأقتُلُهُ على اَنفرادٍ |
3: | وأرُدُّ جميعَ الشَّعبِ إليكَ، فيَرجعونَ رجوعَ العروسِ إلى زوجها. فالقضاءُ على هذا الرَّجلِ وحدَهُ يجعَلُ الشَّعبَ كُلَّهُ يعيشُ في سلامِ)). |
4: | فحَسُنَتِ النَّصيحةُ عِندَ أبشالومَ وعِندَ جميعِ شُيوخ إِسرائيلَ. |
5: | وقالَ أبشالومُ: ((هاتوا لي حوشايَ الأركيَ، فنسمَعَ ما يقولُ هوَ أيضًا)). |
6: | فلمَّا جاءَ حوشايُ قالَ لَه أبشالومُ: ((هكذا اَرتأى أخيتوفَلُ، فهل نعمَلُ برأيِه أم لا؟ فما نصيحَتُكَ؟)) |
7: | فقالَ لَه حوشايُ: ((نصيحةُ أخيتوفَلَ غيرُ صالحةٍ هذِهِ المرَّةَ. |
8: | أنتَ تعرِفُ أباكَ ورجالَهُ كم هُم أشِدَّاءُ وإذا غَضِبوا فهُم كالدُّبَّةِ في البَرِّيَّةِ فقَدَت أولادَها. وأبوكَ لَه خبرةٌ في الحربِ فهوَ لا يَبيتُ معَ الجنودِ. |
9: | ولعَلَّه الآنَ مُختَبئِّ في أحدِ الكُهوفِ أو في مكانٍ آخرَ، فإذا اَنهزَمَ بَعضُ رجالِكَ في البدايةِ وسمِعَ السَّامعونَ قالوا: إنكسَرَ أنصارُ أبشالومَ.
|
10: | وفي هذِهِ الحالِ، حتى الجبَّارُ الذي قلبُهُ كقلبِ الأسدِ يذوبُ خوفًا، لأنَّ جميعَ بَني إِسرائيلَ يعرفونَ أنَّ أباكَ جبَّارٌ وأنَّ الذينَ معَهُ جبابرَةٌ. |
11: | لذلِكَ أنصحُكَ بأنْ يجتمِعَ إليكَ جميعُ بَني إِسرائيلَ مِنْ دانَ إلى بئرَ سبْعَ، كالرَّملِ الذي على شاطئ البحرِ وأنتَ بنفْسِكَ تسيرُ بَينَهُم.
|
12: | فنُلاقيهِ في أحدِ الأماكِنِ حيثُ هوَ، ونُباغِتُهُ كما النَّدى يُباغِتُ الأرضَ، فلا يبقى هوَ ولا أحدٌ مِنْ جميعِ رجالِه حيُا |
13: | وإذا لجأَ إلى مدينةٍ يحمِلُ جميعُ بَني إِسرائيلَ إليها حبالاً ويَجرُّونها إلى الوادي حتى لا يبقى هُناكَ ولا حَصاةٌ)).
|
14: | فقالَ أبشالومُ وجميعُ رجالِ إِسرائيلَ: ((نصيحةُ حوشايَ الأركيِّ خيرٌ مِنْ نصيحةِ أخيتوفَلَ)). وكانَ الرّبُّ قَضى بتَفشيلِ نصيحةِ أخيتوفَلَ الصَّائبةِ ليُنزِلَ الشَّرَ بأبشالومَ.
|
تنبيه داود وهربه |
15: | ثُمَ قالَ حوشايُ لصادوقَ ولأبياثارَ الكاهنَينِ: ((هكذا نصَحَ أخيتوفَلُ أبشالومَ وشُيوخ إِسرائيلَ، وهكذا نَصَحتُهُ أنا. |
16: | فأرسِلا الآنَ وأخبِرا داوُدَ سريعًا وقولا لَه: ((لا تبِتْ هذِهِ اللَّيلَةَ عِندَ معابِرِ الأردُنِّ في البَرِّيَّةِ، ولكِنْ أسرِعْ إلى عُبورِها لِئلاَ تَفنى أنتَ وجميعُ الذينَ معَكَ)). |
17: | وكانَ يوناثانُ وأخيمَعصُ على اَنتظارٍ عِندَ عينِ روجلَ بضاحيةِ أورُشليمَ، لأنَّهما لم يقدِرا أنْ يَظهرا داخلَ المدينةِ. فذهَبت إليهِما جاريَةٌ وأخبَرَتهُما، فاَنصَرَفا وأخبرا داوُدَ المَلِكَ. |
18: | فرَآهُما فتًى فأخبرَ أبشالومَ، وأمَّا هُما فأسرعا في مسيرِهِما ووصَلا إلى بَيتِ رجلٍ في بحوريمَ، وكانَت لَه في دارِهِ بِئرٌ فنزَلاها. |
19: | فأخذَتِ المَرأةُ غِطاءً وفرَشَتهُ على فمِ البِئرِ، ونشَرَت علَيهِ سَميذًا حتى لا يُلاحِظَ أحدٌ شيئًا. |
20: | فجاءَ رجالُ أبشالومَ إلى المرأةِ في البَيتِ وسألوها: ((أينَ أخيمَعصُ ويوناثانُ؟)) فقالَت لهُم: ((عبَرا النَّهرَ)). ففَتَّشوا فلم يَجدوهُما، فرَجعوا إلى أورُشليمَ.
|
21: | وبَعدَ اَنصرافِهِم، خرجا مِنَ البِئرِ وذَهبا إلى داوُدَ وأخبَراهُ بنصيحةِ أخيتوفَلَ، وقالا لَه: ((قوموا واَعبُروا النَّهرَ بُسرعةٍ)). |
22: | فقامَ داوُدُ وجميعُ الذينَ معَهُ وعبَروا الأردُنَّ، فما إنْ طلَعَ الصُّبحُ حتى عَبروهُ جميعًا. |
23: | فلمَّا رأى أخيتوفَلُ أنَّ نصيحتَهُ لم يُعمَلْ بها، ركِبَ حمارَهُ واَنصرفَ إلى بَيتِه في مدينتِهِ. وبَعدَ أنْ رتَّبَ شؤُونَ بَيتِهِ، خنَقَ نفْسَهُ وماتَ ودُفنَ في قبرِ أبيهِ.
|
24: | وأمَّا داوُدُ فجاءَ إلى مَحنايمَ. وعبَرَ أبشالومُ الأردُنَّ هوَ وجميعُ رجالِ إِسرائيلَ معَه. |
25: | وعيَّنَ عماسا بدَلَ يوآبَ قائدًا للجيشِ وكانَ اَبنَ رجلٍ اَسمُهُ يِثرا الإسماعيليُّ وهوَ الذي تزَوَّج أبيجايلَ بنتَ ناحاشَ أختَ صرويَّةَ أمِّ يوآبَ. |
26: | وخيَّمَ أبشالومُ ورجالُ إِسرائيلَ بأرضِ جلعادَ. |
27: | وعِندَ دُخولِ داوُدَ إلى مَحنايمَ جاءَهُ شوبي بنُ ناحاشَ مِنْ مدينةِ ربَّةَ عاصمةِ بَني عَمُّونَ، وماكيرُ بنُ عمِّيئيلَ مِنْ لودَبارَ، وبَرزَلاَيُ الجلعاديُّ مِنْ روجليمَ، |
28: | فقدَّموا لداوُدَ والذينَ معَهُ فَرشًا ودُسوتًا وأوعيةَ خزَفٍ وحِنطَةً وشعيرًا ودقيقًا وفريكًا وفُولاً وعدَسًا وحُمَّصًا مَشويُا |
29: | وعَسَلاً وسَمنًا وغنَمًا وجبنَ بقَرٍ وقالوا: ((لا بُدَ أنْ يكونوا تَعِبوا وجاعوا وعطِشوا في البَرِّيَّةِ)).
|
|
الفصل : 18 |
هزيمة أبشالوم وموته
1: | وأعَدَ داوُدُ جيشَهُ، وأقامَ علَيهِم قادةَ ألوفٍ وقادةَ مِئاتٍ. |
2: | وأرسَلَ ثُلُثًا بقيادةِ يوآبَ، وثُلُثًا بقيادةِ أبيشايَ بنِ صرويَّةَ أخي يوآبَ، وثُلُثًا بقيادَةِ إتَّاي الجتِّيّ، وقالَ لهُم: ((أنا أيضًا أنضَمُّ إليكُم)). |
3: | فقالوا: ((تبقى هُنا لأنَّه إذا أصابَنا شيءٌ وإذا هَرَبنا حتى لو ماتَ نِصفُنا فهذا لن يَترُكَ أثرًا مُهِمُا، أمّا أنتَ فتُساوي عشَرَةَ آلافٍ مِنَّا، فالأحسَنُ أنْ تبقى هُنا في المدينةِ لنَجدَتِنا)). |
4: | فقالَ لهُمُ المَلِكُ: ((ما تَرَونَهُ حسَنًا أفعَلُهُ)). ووقَفَ عِندَ بابِ المدينةِ وخرَج الجيشُ كلُّهُم مئةً مئةً وألفًا ألفًا. |
5: | وقالَ المَلِكُ ليوآبَ وأبيشاي وإتَّاي: ((ترَفَّقوا بالفتى أبشالومَ)). وسمِعَ الجنودُ كُلُّهم ما أوصى بهِ المَلِكُ قادتَهُ في شأنِ أبشالومَ.
|
6: | وخرَج جيشُ داوُدَ إلى البَرِّيَّةِ لقِتالِ رجالِ إِسرائيلَ، فجرى القتالُ في غابةِ أفرايمَ. |
7: | فاَنكسَرَ هُناكَ رجالُ إِسرائيلَ أمامَ رجالِ داوُدَ، ووقَعَت مَجزَرَةٌ عظيمةٌ في ذلِكَ اليومِ قُتِلَ فيها عِشرون ألفًا. |
8: | وكانَ القتالُ مُنتَشِرًا في البَرِّيَّةِ كُلِّها، واَفترَسَتِ الغابةُ مِنَ المُتقاتِلينَ أكثرَ مِمَّا اَفترَسَ السَّيفُ في ذلِكَ اليومِ. |
9: | وتلاقى أبشالومُ ببَعضِ رجالِ داوُدَ، وكانَ راكبًا على بَغلٍ فعبَرَ البغلُ تحتَ شجرةٍ مُلتَفَّةِ الأغصانِ فعلِقَ رأسُهُ بها، وما إنْ مَرَ البغلُ مِنْ تحتِ الشَّجرةِ حتى تدَلَّى بَينَ السَّماءِ والأرضِ. |
10: | فرآهُ رجلٌ فقالَ ليوآبَ: ((رأيتُ أبشالومَ مُعلَّقًا بالشَّجرةِ)). |
11: | فقالَ لَه يوآبُ: ((إنْ كُنتَ رأيتَهُ فلماذا لم تَقبِضْ علَيهِ، فكُنتُ أعطَيتُكَ عشَرَةً مِنَ الفضَّةِ وحِزامًا)). |
12: | فأجابَهُ الرَّجلُ: ((لو وُزِنَ في كفِّي ألفٌ مِنَ الفضَّةِ لمَا رفَعتُ يَدي على اَبنِ المَلِكِ، لأنَّ المَلِكَ قالَ لكَ على مسامِعِنا أنتَ وأبيشايَ وإتَّايَ: حافِظوا لي على الفتى أبشالومَ. |
13: | فلو فعَلتُ غيرَ ذلِكَ لخاطَرتُ بحياتي، إذ لا يَخفى على المَلِكِ شيءٌ، ولقُمتَ أنتَ ضِدِّي)). |
14: | فأجابَهُ يوآبُ: ((لا أضَيِّعُ وقتًا كهذا معَكَ)). وأخذَ بيَدِه ثلاثَ حِرابٍ، فأنشَبَها في قلبِ أبشالومَ وهوَ بَعدُ حيًّ في وسَطِ الشَّجرَةِ. |
15: | ثُمَ أحاطَ بهِ عشَرَةٌ مِنْ حامِلي سلاحِ يوآبَ وضربوهُ وقتلوهُ.
|
16: | ونفَخ يوآبُ في البوقِ لوقفِ القتالِ، فاَرتَدَ جيشُ داوُدَ عَنْ مُطارَدَةِ جيشِ إِسرائيلَ. |
17: | وأخذوا أبشالومَ ورَمَوه في جبٍّ عميقٍ في الغابةِ، وجمَعوا فوقَهُ كومةً مِنَ الحجارةِ. وهربَ جميعُ جيشِ إِسرائيلَ كُلُّ واحدٍ إلى خيمَتِه. |
18: | وكانَ أبشالومُ في حياتِه بَنى لنَفْسِه نُصُبًا في وادي المَلِكِ، لأنَّه قالَ: ((لا إبنَ لي يَحفَظُ اَسمي)). ودَعا النُّصُبَ باَسمِهِ، وهوَ يُدعى نُصُبَ أبشالومَ إلى هذا اليومِ.
|
داود يعلم بموت أبشالوم |
19: | ثُمَ قالَ أخيمَعصُ بنُ صادوقَ ليوآبَ: ((دَعني أُسرِعُ وأُبَشِّرُ الملِكَ بأنَّ اللهَ اَنتقَمَ لَه مِنْ أعدائِهِ)). |
20: | فأجابَهُ يوآبُ: ((أنتَ اليومَ لا تحمِلُ أيَّةَ بُشرى، بل تَحمِلُها في يومِ آخرَ فاَبنُ المَلِكِ ماتَ)).
|
21: | وقالَ يوآبُ لعبدِه الكوشيِّ: ((إذهَبْ واَخبِرِ المَلِكَ بما رأيتَ)). فحَنى لَه الكوشيُّ وجرى مُسرِعًا. |
22: | وعادَ ثانيةً أخيمَعصُ بنُ صادوقَ وقال ليوآبَ: ((مهما يكُنْ فدَعني أجري وراءَ الكوشيِّ)). فأجابَهُ يوآبُ: ((لماذا تَجري أنتَ يا اَبني، ولا بُشْرى لكَ تُجازَى علَيها خيرًا)).
|
23: | فقالَ: ((مهما يكُنْ، فأُريدُ أنْ أجريَ)). فقالَ لَه: ((إجرِ)). فجرى أخيمَعصُ مُسرِعًا في طريقِ غورِ الأردُنِّ وسبقَ الكوشيَ.
|
24: | وكانَ داوُدُ جالسًا بَينَ بابَي المدينةِ، فطلَعَ الحارسُ على سطحِ البابِ قُربَ السُّورِ ورفَعَ عينيهِ فرأى رجلاً يركُضُ وحدَهُ. |
25: | فنادى المَلِكَ وأخبرَهُ، فقالَ المَلِكُ: ((إنْ كانَ وحدَهُ فعِندَهُ بُشرى)). وبَينَما هوَ يقترِبُ |
26: | رأى الحارِسُ رجلاً آخرَ يركُضُ وحدَهُ. فقالَ المَلِكُ: ((وهذا أيضًا عندَهُ بُشرى)). |
27: | فقالَ الحارِسُ: ((أرى سَعيَ الأوَّلِ كسَعي أخيمَعصَ بنِ صادوقَ)). فقالَ المَلِكُ: ((هذا رجلٌ صالِحٌ ولا يحمِلُ إلاَ بشارةً صالحةً)). |
28: | ثُمَ دنا أخيمَعصُ إلى المَلِكِ ونادى: ((السَّلامُ على المَلِكِ)) واَنحَنى بوجهِه إلى الأرضِ وقالَ: ((تبارَكَ الرّبُّ إلهُكَ الذي أسلَمَ القومَ الذينَ ثاروا علَيكَ، يا سيِّدي المَلِكُ)). |
29: | فقالَ المَلِكُ: ((هل سَلِمَ الفتى أبشالومُ؟)) فأجابَهُ: ((رأيتُ هَيجانًا عظيمًا حينَ أرسَلَني يوآبُ إليكَ يا سيِّدي، ولم أعلَمْ ما كانَ)). |
30: | فقالَ المَلِكُ: ((قِفْ جانبًا)) فوقَفَ.
|
31: | وجاءَ الكوشيُّ وقالَ للمَلِكِ: ((بُشرى لسَيِّدي المَلِكِ. الرّبُّ اَنتَقَم لكَ اليومَ مِنْ جميعِ الثَّائرينَ علَيكَ)). |
32: | فقالَ لَه المَلِكُ: ((هل سَلِمَ الفتى أبشالومُ؟)) فأجابَهُ: ((ليكُن نصيبُ أعداءِ سيِّدي المَلِكِ وجميعِ الذينَ قاموا علَيهِ بالشَّرِّ كنصيبِ ذلِكَ الفتى)).
|
|
الفصل : 19 |
يوآب يعاتب داود
1: | فاَضطرَبَ المَلِكُ وصعِدَ إلى عُليَّةٍ فوقَ بابِ المدينةِ، وكانَ يبكي ويقولُ وهوَ يتمَشَّى: ((يا اَبني أبشالومُ، يا اَبني أبشالومُ. ليتَني مُتُّ بدلاً مِنكَ يا أبشالومُ اَبني، يا اَبني)). |
2: | وقيلَ ليوآبَ: ((ها المَلِكُ يبكي وينوحُ على أبشالومَ)). |
3: | فاَنقلَبَ فرَحُ النَّصرِ في ذلِكَ اليومِ مَناحةً عِندَ جميعِ الجنودِ حينَ سَمِعوا أنَّ المَلِكَ حزينٌ على اَبنِهِ. |
4: | ودخلَ الجنودُ في ذلِكَ اليومِ إلى المدينةِ مُتَسلِّلينَ خجلاً كجنودٍ هرَبوا في القِتالِ. |
5: | وأمَّا المَلِكُ فستَرَ وجهَهُ ونادى بصوتٍ عظيمِ: ((يا اَبني أبشالومُ، يا أبشالومُ اَبني، يا اَبني)). |
6: | فدخلَ عليهِ يوآبُ في البَيتِ وقالَ لَه: ((سوَّدتَ اليومَ وجوهَ جميعِ رجالِكَ الذينَ أنقَذوكَ وأنقَذوا بَنيكَ وبَناتِكَ وزوجاتِكَ وجواريَكَ |
7: | بحُبِّكَ لمُبغضيكَ وبُغضِكَ لِمُحبِّيكَ، وأظهرتَ أنَّ لا قيمةَ عِندَكَ لقادةٍ ولا لجنودٍ. فأنا اليومَ عرفتُ أنَّهُ لو ظَلَ أبشالومُ حيُا، وكُلُّنا هلَكنا، لرأيتَ ذلِكَ حسَنًا. |
8: | فقُمِ الآنَ واَخرُج وطيِّبْ قلوبَ رجالِكَ لأنِّي أقسَمتُ بالرّبِّ إذا لم تَخرُج لا يَبيتُ عِندَكَ اللَّيلةَ أحدٌ، فيكونُ ذلِكَ أكثرَ شرُا علَيكَ مِنْ كُلِّ شرٍّ لقيتَهُ مُنذُ صِباكَ إلى الآنَ)). |
9: | فقامَ المَلِكُ وجلسَ بِبابِ المدينةِ. فقيلَ لِلجنودِ: ((ها المَلِكُ جالسٌ بالبابِ))، فأقبَلوا كُلُّهُم إليهِ. ثُمَ تفرَّقَ رجالُ إِسرائيلَ، كُلُّ واحدٍ إلى خيمَتِه.
|
رجوع داود إلى أورشليم |
10: | ووقَعَ الخصامُ والجدالُ في أسباطِ إِسرائيلَ. وقالَ بَعضُهُم لبَعضٍ: ((المَلِكُ هوَ الذي أنقَذَنا مِنْ أعدائِنا وخلَّصَنا منَ الفِلسطيِّينَ، وكانَ الآنَ الهرَبُ مِنَ البلادِ بسبَبِ أبشالومَ، |
11: | وأبشالومُ الذي مسحناهُ علَينا مَلِكًا قُتِلَ في الحربِ، فلماذا لا يفعَلُ أحدٌ شيئًا لإرجاعِ المَلِكِ؟)) |
12: | فلمَّا سَمِعَ المَلِكُ داوُدُ وهوَ في بَيتِه كلامَ بَني إِسرائيلَ، أرسلَ إلى صادوقَ وأبياثارَ الكاهنَينِ يقولُ لهُما: ((قُولا لشُيوخ بَيتِ يَهوذا: لماذا تكونونَ آخرَ مَنْ يرُدُّ الملِكَ إلى قصرِهِ؟ |
13: | أنتُم مِنْ سِبطي ومِنْ أقارِبي. فلماذا تَدَعونَ الآخرينَ يسبقونكُم إلى إرجاعِ المَلِكَ؟)) |
14: | وأوصاهُما أيضًا أنْ يقولا لعَماسا: ((أما أنتَ مِنْ أقاربي عظمي ولحمي؟ ويلٌ لي مِنَ اللهِ إنْ لم أجعلْكَ قائِدَ الجيشِ كُلَ أيّامِ حياتي بدَلَ يوآبَ)). |
15: | فأمالَ إليهِ قلوبَ جميعِ رجالِ يَهوذا مُتَّحدينَ كما لو كانوا رجلاً واحدًا، وأرسلوا إليهِ يقولونَ: ((إرجعْ أنتَ وجميعُ رجالِكَ.)) |
16: | فرجعَ المَلِكُ حتى وصَلَ إلى الأردُنِّ، فلاقاهُ رجالُ يَهوذا في الجلجالِ ليُرافقوهُ في عُبورِ النَّهرِ.
|
داود يصفح عن شمعي |
17: | وأسرَعَ شِمعي بنُ جيرا البنيامينيُّ الذي مِنْ بَحوريمَ لاَستِقبالِ الملِكِ داوُدَ معَ رجالِ يَهوذا
|
18: | ومعَهُ ألفُ رجلٍ مِنْ بنيامينَ، وصيبا خادِمُ بَيتِ شاوُلَ وبَنوهُ الخمسةَ عشَرَ وعبيدُهُ العِشرونَ، فوصَلوا الأردُنَّ قَبلَ المَلِكِ. |
19: | ثُمَ عبَروا النَّهرَ ليأتوا بهِ وبأهلِهِ ويعمَلوا لَه ما يريدُ. وبَينما كانَ المَلِكُ يعبُرُ الأردُنَّ تقدَّمَ إليهِ شِمعي وركَعَ أمامَهُ |
20: | وقالَ لَه: ((لا تُحاسِبْني يا سيِّدي على خطيئتي. لا تذكُرْ ما فعلتُ يا سيِّدي المَلِكُ يومَ خرجتَ مِنْ أورُشليمَ، ولا يحِزُّ ذلِكَ في قلبِكَ.
|
21: | أعترِفُ بأنِّي أخطأتُ، لذلِكَ كنتُ اليومَ أوَّلَ مَنْ جاءَ مِنْ جميعِ بَيتِ يوسُفَ ونزَلَ للقائِكَ يا سيِّدي المَلِكُ)). |
22: | فأجابَ أبيشايُ بنُ صرويَّةَ: ((ألا يستوجبُ شِمعي الموتَ لأنَّهُ لعنَكَ وأنتَ الذي مسحَكَ الرّبُّ مَلِكًا؟)) |
23: | فقالَ داوُدُ: ((ما لي ولكُم يا بَني صرويَّةَ حتى تُعارضوني، أفي هذا اليومِ يُقتَلُ أحدٌ في إِسرائيلَ؟ أتَراني أجهَلُ أنِّي الآنَ مَلِكٌ ثانيةً على إِسرائيلَ؟)) |
24: | وقالَ لِشِمعي: ((لا تموتُ)). وحلَفَ لَه بذلِكَ.
|
داود يرأف بمفيبوشث |
25: | وجاءَ مفيبوشثُ بنُ شاوُلَ لمُقابلَةِ المَلِكِ، وكانَ لم يغسِلْ رِجليهِ، ولم يقُصَ شارِبَيهِ، ولم يُنَظِّفْ ثيابَه، مُنذُ خرَج المَلِكُ إلى يومِ رُجوعِه سالِمًا. |
26: | فلمَّا جاءَ مِنْ أورُشليمَ لِمُقابلَةِ المَلِكِ، سألَهُ المَلِكُ: ((لماذا لم تأتِ معي يا مفيبوشثُ؟)) |
27: | فأجابَ: ((أنتَ تعلَمُ يا سيِّدي المَلِكُ أنِّي أعرَج، فأمَرتُ خادمي أنْ يُجهِّزَ لي حمارًا فأركَبَ وأذهبَ معَكَ، ولكِنَّهُ خدَعني. |
28: | فوشى بي إليكَ يا سيِّدي، وأنتَ كملاكِ اللهِ، فاَفعَلْ ما تراهُ حسَنًا. |
29: | فبَيتُ أبي كُلُّهم كانوا يستحِقُّونَ الموتَ، ومعَ ذلِكَ جعلتَني يا سيِّدي بَينَ الآكِلينَ على مائِدتِكَ. فأيُّ حقٍّ لي بَعدُ حتى ألتَمِسَ مِنكَ الرَّأفةَ؟))
|
30: | فقالَ لَه المَلِكُ: ((لماذا كُلُّ هذا الكلامُ؟ حُكمي هوَ أنْ تقسِمَ مُلكَ شاوُلَ بَينَكَ وبَينَ صيبا)).
|
31: | فأجابَ: ((ليأخذْ صيبا كُلَ شيءٍ فكفاني أنَّ سيِّدي المَلِكَ عادَ إلى بَيتِهِ بسلامِ)).
|
داود يكافئ برزلاي |
32: | ونزَلَ بَرزِلاَّيُ الجلعاديُّ مِنْ روجليمَ ليوَدِّعَ المَلِكَ عَبرَ الأردُنِّ. |
33: | وكانَ بَرزِلاَّيُ شيخا في الثَّمانينَ مِنْ عُمرِهِ، وهوَ الْذي تكفَّلَ بمعيشةِ المَلِكِ عِندَ إقامتِهِ بِمَحنايمَ لأنَّه كانَ رجلاً غنيُا جدُا. |
34: | فقالَ المَلِكُ لبرزلاَي: ((تعالَ معي، إلى أورُشليمَ، وأنا أتكفَّلُ بمعيشَتِكَ)). |
35: | فأجابَهُ برزِلاَّيُ: ((كم مِنَ السِّنينَ بقيَ لي في الحياةِ حتى أصعَدَ معَ المَلِكِ إلى أورُشليمَ؟ |
36: | أنا اَبنُ ثمانينَ سنَةً، فهل أمَيِّزُ بَينَ الطيِّبِ والرَّديءِ؟ وهل أجدُ طَعمًا لِما آكُلُ وأشربُ؟ وهل أتذوَّقُ أيضًا أصواتَ المُغنِّينَ والمُغنِّياتِ؟ فلماذا أكونُ ثِقْلاً على سيِّدي المَلِكِ، |
37: | وأنا لا أقدِرُ أنْ أعبُرَ الأردُنَّ معَكَ إلاَّ مسافةً قصيرةً. فعلى ماذا يُكافِئُني المَلِكُ؟ |
38: | دَعني يا سيِّدي أرجعُ فأموتَ في مدينتي، حيثُ قبرُ أبي وأمِّي. وها كِمْهامُ اَبني يعبُرُ معَكَ، فاَعمَلْ لَه ما تراهُ حسَنًا)). |
39: | فقالَ المَلِكُ: ((يعبُرُ معي كِمْهامُ، وأنا أعمَلُ لَه ما تراهُ أنتَ حسَنًا. وكُلُّ ما تقتَرِحُهُ عليَ أفعَلُهُ لكَ)). |
40: | وعبَرَ المَلِكُ وجميعُ رِجالِهِ الأردُنَّ. وقبَّلَ المَلِكُ بَرزِلاَّيَ وباركَهُ، فرَجعَ إلى بَيتِهِ. |
41: | ولمَّا عبرَ المَلِكُ بِصُحبةِ جميعِ رِجالِ يَهوذا ونِصفِ رجالِ إِسرائيلَ، سارَ إلى الجلجالِ ومعَهُ كِمْهامُ.
|
خلاف بين إسرائيل ويهوذا |
42: | واَجتمعَ رِجالُ إِسرائيلَ إلى المَلِكِ وسألوهُ عاتِبينَ: ((بأيِّ حقٍّ أخذَكَ إخوتُنا رجالُ يَهوذا وحدَهُم، وعبَروا بِكَ الأردُنَّ معَ أهلِ بَيتِكَ وجميعِ رجالِكَ)). |
43: | فأجابَهُم رِجالُ يَهوذا: ((لأنَّ المَلِكَ مِنْ أقرِبائِنا وأمَّا أنتُم فما يَغيظُكُم مِنْ هذا الأمرِ؟ هل أكَلْنا مِنْ عِندِ المَلكِ أو نِلْنا هِبَةً؟)) |
44: | فأجابَهُم رجالُ إِسرائيلَ: ((لنا عشَرَةُ أضعافِ ما لكُم في المُلْكِ، حتى لو كانَ واحدًا مِنْ عَشيرَتِكُم، فلِماذا اَستَهَنتُم بِنا؟ أما تَكلَّمْنا نحنُ أوَّلاً في إرجاعِ مَلِكِنا؟)) وكانَ جوابُ رجالِ يَهوذا إلى رجالِ إِسرائيلَ أكثرَ قسوةً.
|
|
الفصل : 20 |
ثورة شبع على داود
1: | واَتَّفقَ أنَّه كانَ هُناكَ رجلٌ لئيمٌ اَسمُهُ شَبَعُ بنُ بكري مِنْ بَني بنيامينَ، فنفخ في البوقِ وقالَ: ((لا نصيبَ لنا معَ داوُدَ ولا لنا ميراثٌ معَ اَبنِ يَسَّى. كُلُّ واحدٍ إلى خيمتِهِ يا رجالَ إِسرائيلَ!)) |
2: | فاَرتَدَ رجالُ إِسرائيلَ عَنْ داوُدَ وتبِعوا شبَعَ بنَ بِكري. أمَّا رجالُ يَهوذا، فرفعوا داوُدَ ملِكَهمُ مِنَ الأردُنِّ إلى أورُشليمَ. |
3: | فلمَّا وصلَ داوُدُ إلى قصرهِ في أورُشليمَ، أخذَ العَشْرَ الجواريَ اللَّواتي تركَهُنَّ للعنايةِ بالقصرِ، وأقامهُنَّ في بَيتِ الحَجزِ، وكانَ يتكفَّلُ بمَعيشتِهِنَّ ولكنْ لم ينَمْ معَهُنَّ، فكُنَّ كأرامِلَ إلى يومِ وفاتهِنَّ معَ أنَّ أزواجهُنَّ ما زالوا أحياءً. |
4: | وقالَ المَلِكُ لعماسا: ((إجمَعْ رجالَ يَهوذا في ثلاثةِ أيّامِ، واَحضُرْ معَهُم إلى هُنا)). |
5: | فذهبَ عماسا ليجمَعَ رجالَ يَهوذا، فأبطَأ عنِ الموعِدِ الذي عيَّنَهُ المَلِكُ. |
6: | فقالَ المَلِكُ لأبيشايَ: ((إنَّ شبَعَ بنَ بِكري أشدُّ خطرًا علَينا مِنْ أبشالومَ، فخذْ رجالي وطاردوهُ لِئلاَّ يجدَ لَه مُدُنًا حصينةً ويختفي عَنْ عُيونِنا)). |
7: | فخرَج رجالُ يوآبَ والحرَسُ المَلَكيُّ وجميعُ المُحاربينَ الأشدَّاءُ من أورُشليمَ وساروا بقِيادةِ أبيشايَ في طلبِ شبعَ بنِ بِكري. |
8: | فلمَّا وصَلوا إلى الصَّخرةِ العظيمةِ التي في جبعونَ اَستَقبَلَهُم عماسا، وكان يوآبُ في لباسِ الحربِ، وسيفُهُ في غِمدِهِ مشدودٌ إلى جنبِه، وفي مُتَناوَلِ يدِه. |
9: | فقالَ يوآبُ لِعماسا: ((أبِخيرٍ أنتَ يا أخي؟)) وأمسَكَ بيدِهِ اليُمنى لِحيَةَ عماسا ليُقبِّلَهُ. |
10: | ولم يأخذْ عماسا حذرَهُ منَ السَّيفِ في يدِ يوآبَ الذي طعَنَهُ في بطنِه فسقَطَت أمعاؤُهُ إلى الأرضِ، ولم يكُنْ في حاجةٍ لطَعنِه ثانيةً لأنَّهُ ماتَ على الفورِ. ثُمَ واصَلَ السَّيرَ معَ أبيشايَ أخيهِ في طلَبِ شبَعَ بنِ بِكري.
|
11: | ووقفَ عِندَ عماسا واحدٌ مِنْ رجالِ يوآبَ وقالَ: ((مَنْ أحَبَ يوآبَ ووالى داوُدَ، فليَتبَعْ يوآبَ)). |
12: | وكانَ عماسا غائِصًا في دمِهِ وسَطَ الطَّريقِ، فرَأى رجلٌ أنَّ كُلَ مَنْ مرَ هُناكَ يَتوقَّفُ، فنَقلَ الجثَّةَ جانبًا وغطَّاها بثوبٍ. |
13: | فلمَّا نقَلَهُ مِنَ الطَّريقِ، عبَرَ كُلُّ واحدٍ وراءَ يوآبَ في طلَبِ شَبعَ بنِ بِكري.
|
14: | ومرَ شبَعُ على جميعِ أسباطِ إِسرائيلَ وأخيرًا وصَلَ إلى مدينةِ آبَلَ في بَيت معكَةَ، وخلفَهُ أنصارُهُ الذينَ اَنضمُّوا إليهِ. |
15: | فجاءَ رجالُ يوآبَ وحاصروهُ في المدينةِ ورفعوا تلاُ حَولَ السُّورِ ومِنْ هذا التلِّ أخذوا يعملونَ على هَدمِها. |
16: | فنادَتِ اَمرأةٌ حكيمةٌ مِنَ المدينةِ: ((إسمَعوا. إسمَعوا. قولوا ليوآبَ أنْ يقترِبَ مِنْ هُنا لأُكلِّمَهُ)). |
17: | فاَقترَبَ يوآبُ مِنها فقالَت لَه: ((هل أنتَ يوآبُ؟)) فقالَ لها: ((أنا هوَ)). فقالَت لَه: ((إسمَعْ كلامي يا سيِّدي)). قالَ: ((أنا سامعٌ)). |
18: | فقالَت: ((كانَ يُقالُ مِنْ قَبلُ: أُطلُبِ النَّصيحةَ في آبَلَ. هكذا كانَت تُسَوَّى الأمورُ. |
19: | مدينتُنا أكثرُ المُدنِ مُسالَمةً وولاءً، بل هيَ أمُّ المُدُنِ في إِسرائيلَ، فلماذا تُريدُ أنْ تهدمَها؟ لماذا تُتلِفُ ميراثَ الرّبِّ؟))
|
20: | فأجابَ يوآبُ: ((حرامٌ عليَ أنْ أُتلِفَ أو أهدمَ. |
21: | هذا غيرُ صحيحِ، ولكِنَّ رجلاً مِنْ جبَلِ أفرايمَ اَسمُهُ شبَعُ بنُ بِكري ثارَ على المَلِكِ داوُدَ. سلِّموهُ وحدَهُ وأنا أنصرِفُ عنِ المدينةِ)). فقالَت لَه المرأةُ: ((رأسُهُ سيُلقى إليكَ مِنْ فوقِ السُّورِ)). |
22: | وذهبَت إلى أهلِ المدينةِ وأقنعَتهُم برأيِها، فقطَعوا رأسَ شَبعَ بنِ بِكري وألقَوهُ إلى يوآبَ، فنفَخ في البوقِ فاَرتَدَ رجالُهُ عنِ المدينةِ وذهبوا إلى بُيوتِهِم، ورجعَ يوآبُ إلى المَلِكِ في أورُشليمَ. |
23: | وكانَ يوآبُ قائِدًا لجميعِ جيشِ إِسرائيلَ، وبنايا بنُ يوياداعَ قائدًا لحرَسِ المَلِكِ، |
24: | وأدورامُ مُديرًا لأشغالِ سُخرَةٍ، ويوشافاطُ بنُ أخيلودَ المتحدِّثُ باَسمِ المَلِكِ مُسجلاً |
25: | وشيوا كاتبًا، وصادوقُ وأبياثارُ كاهنَينِ، |
26: | وعيرا اليائيريُّ أيضًا كانَ كاهنًا لداوُدَ.
|
|
الفصل : 21 |
مقتل سبعة من ذرية شاول
1: | وحدَثَ جوعٌ أيّامَ داوُدَ مُدَّةَ ثَلاثِ سِنينَ على التَّوالي، فسألَ داوُدُ الرّبَّ عنِ السَّببِ فأجابَهُ: ((ذلِكَ بسبَبِ الدَّمِ الذي سَفكَهُ شاوُلُ وأهلُ بَيتِه حينَ قتَلَ الجبعونيِّينَ)). |
2: | فدَعا المَلِكُ الجبعونيِّينَ وكلَّمَهُم. ولم يكونوا مِنْ بَني إِسرائيلَ، بل مِنْ بقيَّةِ الأموريِّينَ الذينَ حلَفَ لهُم بَنو إِسرائيلَ يَمينَ الأمانِ، ولكنَّ شاوُلَ حاوَلَ إبادَتَهُم غيرَةً على شعبِ إِسرائيلَ ويَهوذا. فدعا المَلِكُ داوُدُ الجبعونيِّينَ وكلَّمَهُم: (( |
3: | ما أفعَلُ لكُم؟ وكيفَ أُكفِّرُ عَنِ الإساءةِ إليكُم فتُبارِكوا شعبَ الرّبِّ؟))
|
4: | فأجابَهُ الجبعونيُّونَ: ((نحنُ لا نُريدُ مِنْ نَسلِ شاوُلَ ذهَبًا ولا فِضَّةً، كذلِكَ لا نُريدُ أنْ يَهلِكَ أحدٌ في بَني إِسرائيلَ غدًا)). لذلِكَ قالَ لهُم: ((ما تريدونَ إذًا؟)). |
5: | فقالوا: ((شاوُلُ أرادَ أنْ يُهلِكَنا ويُبيدَنا حتى لا يبقى مِنَّا أحدٌ في أرضِ إِسرائيلَ |
6: | فاَعطِنا سبعةَ رجالٍ مِنْ بَنيهِ، فنصلِبَهُم أمامَ الرّبِّ في جبعةَ، مدينةِ شاوُلَ هذا الذي اَختارَهُ الرّبُّ مَلِكًا)). فقالَ لهُم المَلِكُ: ((لكُم ما تُريدونَ)).
|
7: | فأشفَقَ المَلِكُ على مفيبوشثَ بنِ يوناثانَ بنِ شاوُلَ بسبَبِ اليمينِ التي حلَفَها هوَ ويوناثانُ أمامَ الرّبِّ، |
8: | فأخذَ اَبنَي رِصفَةَ بنتِ أيَّةَ اللَّذينِ ولَدَتهُما لشاوُلَ وهُما أرموني ومفيبوشثَ، وأبناءَ ميكالَ اَبنَةِ شاوُلَ الخمسةَ الذينَ ولَدَتْهم لعَدرِئيلَ بنِ بَرزِلاَّي المَحوليِّ، |
9: | وسَلَّمهُم إلى الجبعونيِّينَ، فصلَبوهُم على الجبَلِ أمامَ الرّبِّ فماتوا جميعًا، وكانَ موتُهُم في بدايةِ حَصادِ الشَّعيرِ. |
10: | فأخذَت رِصفَةُ بنتُ أيَّةَ مِسْحًا وفرَشتهُ لها على الصَّخرةِ، مُنذُ بدايةِ الحَصادِ حتى نُزولِ المَطرِ، ولم تدَعْ طيرَ السَّماءِ تحُطُّ على الجثَثِ نهارًا ولا وحشَ البَرِّيَّةِ ليلاً. |
11: | ولمَّا سمِعَ داوُدُ بما فعَلَت رِصفَةُ، |
12: | أمرَ بنقلِ عِظامِ شاوُلَ ويوناثانَ اَبنِهِ مِنْ عِندِ أهلِ يابيشَ في جلعادَ، وكانَ هؤلاءِ سرقوها مِنْ ساحَةَِ بَيتَ شانَ حيثُ علَّقَ الفِلسطيُّونَ جثَّتيهِما يومَ هزَموا شاوُلَ في جلبوعَ، |
13: | وجاءَ بها مِنْ هُناكَ وجميعِ عِظامِ المصلوبينَ السَّبعةِ. |
14: | ودُفِنتْ عِظامُ شاوُلَ ويوناثانَ اَبنِهِ وجميعُ عِظامِ المصلوبينَ السَّبعةِ في أرضِ بَني بنيامينَ بِصَيلَعَ، في مقبرَةِ قَيسٍ أبيهِ، فتمَ كُلُّ ما أمرَ بهِ المَلِكُ. وبَعدَ ذلِكَ صرفَ اللهُ غضبَهُ عنِ البلادِ.
|
محاربة الفلسطيين |
15: | ووقعَت أيضًا حربٌ بَينَ الفِلسطيِّينَ وبَني إِسرائيلَ، فنزَلَ داوُدُ بجنودِهِ وحاربَهُم، ولمَّا تعبَ داوُدُ. |
16: | وهَمَ يِشبي بَنوبُ أحدُ الجبابِرةِ الفِلسطيِّينَ أنْ يَقتُلَهُ، وكانَ وزنُ رُمحِه ثَلاثَ مئةِ مِثقالٍ مِنْ نُحاسٍ وسَيفُهُ حديدًا. |
17: | فأنجدَهُ أبيشايُ بنُ صَرويَّةَ وضرَبَ الفِلسطيَ فقتَلَهُ. فما كانَ مِنْ رجالِ داوُدَ إلاَ أنِ اَستَحلفوهُ وقالوا: ((لا تَخرُج معَنا إلى الحربِ لِئلاَ تموتَ وينطفِئَ سِراج إِسرائيلَ)). |
18: | وجرى بَعدَ ذلِكَ قِتالٌ في جوبَ معَ الفِلسطيِّينَ، فقتَلَ سِبكايُ الحوشيُّ جبَّارًا اَسمُهُ سافُ. |
19: | ثُمَ نشبَت معرَكةٌ أُخرى في جوبَ معَ الفِلسطيِّينَ، فقتلَ ألحانانُ بنُ يائيرَ الذي مِنْ بَيتَ لحمَ أخا جلياتِ الجتيِّ، وكانت قناةُ رُمحهِ سميكةً كنولِ النُّسَّاج. |
20: | ونشبَت أيضًا معركةٌ في جتَ، شاركَ فيها رجلٌ مَديدُ القامةِ، في كُلٍّ مِنْ يَديهِ ورِجلَيهِ سِتُّ أصابعَ، وهوَ أيضًا أحدُ الجبابِرةِ.
|
21: | فلمَّا أخذَ يتَحدَّى رجالَ إِسرائيلَ قتلَهُ يوناثانُ بنُ شِمعي أخي داوُدَ. |
22: | كانَ هؤلاءِ الأربَعَةُ مِنْ بَني الجبابِرةِ في جتَ، فسَقَطوا بيَدِ داوُدَ وأيدي رِجالِهِ.
|
|
الفصل : 22 |
نشيد لداود
1: | وأنشدَ داوُدُ الرّبَّ هذا النَّشيدَ يومَ أنقذَهُ مِنْ أعدائِهِ ومِنْ شاوُلَ، |
2: | فقالَ: ((الرّبُّ صخرتي وحِصني ومُنقِذي |
3: | إلهي صخرتي وبهِ أحتَمي ودِرْعي ورُكنُ خلاصي. هوَ حِصني وملجإي،
ومِنَ الظُّلمِ يُنَجيني.
|
4: | أدعو الرّبَّ، لَه الحَمدُ، فيُخلِّصُني مِنْ أعدائي.
|
5: | ((أمواج الموتِ أحاطَت بي، وسُيولُ الهلاكِ جرفَتني.
|
6: | حبالُ الهاويةِ زنَّرَتني، وأشراكُ الموتِ أمامي،
|
7: | فدَعوتُ الرّبَّ في ضيقي، وإليهِ صرَختُ. مِنْ هيكَلِهِ سمِعَ صوتي وبلَغَ صُراخي أذُنَيهِ،
|
8: | فاَرتَجتِ الأرضُ وتزلزَلَت واَرتجفت أسُسُ السَّماواتِ واَهتزَّت مِنْ شدَّةِ غضَبِه.
|
9: | تصاعدَ دُخانٌ مِنْ أنفِهِ، ومِنْ فمِهِ نارٌ آكِلَةٌ وجمرٌ مُتَّقِدٌ.
|
10: | أحنى السَّماواتِ ومِنها نزَلَ وتحتَ قدَميهِ الضَّبابُ الكثيفُ.
|
11: | ركِبَ على كَروبٍ وطارَ، وعلى أجنحةِ الرِّيحِ حلَّقَ.
|
12: | جعَلَ الظُّلمَةَ مَظلَّةً حَولَه والغيومَ الدَّاكنَةَ المُمطِرَةَ.
|
13: | مِنَ البريقِ أمامَهُ اَشتعَلَ جمرُ نارٍ.
|
14: | أرعَدَ الرّبُّ مِنَ السَّماءِ وأسمَعَ العليُّ صوتَهُ.
|
15: | أرسَلَ سِهامًا فشتَّتَ الأعداءَ، وبُروقًا لمَعَت فهزمَهُم.
|
16: | فظهَرَت أعماقُ البحارِ واَنكشَفَت أسُسُ الكونِ حينَ هدَّدَ الرّبُّ أعداءَهُ، وكشفَ غضبَهُ.
|
17: | ((أرسلَ مِنَ العَلاءِ فأخذَني، واَنتَشَلني مِنَ المياهِ الغامِرةِ.
|
18: | مِنْ عدُوِّي القويِّ أنقَذَني ومِنْ مُبغضِيَ الأقوى منِّي.
|
19: | هاجموني يومَ بَليَّتي، فكانَ الرّبُّ سندي.
|
20: | إلى مكانٍ رحيبٍ أخرجني وأنقَذَني لأنَّه رضيَ عنِّي.
|
21: | لِحُسنِ أعمالي كافأني ولِطهارةِ يَدي جزاني خيرًا.
|
22: | تُبتُ على طريقِ الرّبِّ وما عصَيتُ إلهي.
|
23: | أحكامُهُ كُلُّها أمامي وفرائِضُهُ لم أحِدْ عَنها.
|
24: | بلا لَومِ عنِدَهُ كنت وصُنتُ نفسي عنِ الإثْمِ،
|
25: | فجزاني لِحُسنِ أعمالي ولِطهارتي أمامَ عينَيهِ.
|
26: | ((معَ الرُّحماءِ تكونُ رحومًا، ومعَ الكاملينَ كامِلاً تكونُ.
|
27: | معَ الطَّاهرينَ تكونُ طاهرًا، ومعَ المُلتَوينَ تُظهِرُ دهاءَكَ.
|
28: | تُخلِّصُ المَساكينَ وتُبصِرُ المُترَفِّعينَ فتُذِلُّهُم
|
29: | سِراجي أنتَ يا ربُّ، سِراجي الذي يُنيرُ ظُلمَتي.
|
30: | بكَ يا ربُّ أقتَحِمُ جيشًا، وبكَ يا إلهي أصعَدُ سُورًا.
|
31: | طريقُ اللهِ كاملٌ، ما أصدقَ أقوالَهُ ودِرعٌ هوَ للمُحتمينَ بهِ.
|
32: | فلا إلهَ غيرُ الرّبِّ،ولا صخرةَ سِواه.
|
33: | ((اللهُ ملجإي الحصينُ،يجعَلُ طريقي آمِنًا.
|
34: | كأرجلِ الظِّباءِ يجعَلُ رِجليَّ وإلى الأعالي يرفعُني.
|
35: | علَّمَ يَديَ القِتالَ فلَوَت ذِراعايَ قوسَ النُّحاسِ.
|
36: | ((خلاصُكَ دِرْعٌ لي،وعونُكَ يُعظِّمُني.
|
37: | وسَّعتَ أمامَ خطُواتي فما زَلَّت قدَماي.
|
38: | أطارِدُ أعدائي فأسحَقُهُم ولا أرتَدُّ حتى أُفنِيَهُم.
|
39: | أصرَعُهُم فلا يَقومونَ،ويَسقُطونَ تَحتَ قدمَيَ.
|
40: | تُشدِّدُ عَزمي على القِتالِ وجعَلتَ القائمينَ عليَ تحتي.
|
41: | تهزِمُ أعدائي مِنْ أمامي،والذينَ يُبغِضونَني أُفنيهِم.
|
42: | يتطلَّعونَ وما مِنْ مُخلِّصٍ،ويَدعونَ الرّبَّ فلا يَستجيبُ.
|
43: | أسحَقُهُم كغُبارٍ في الرِّيحِ،وكوَحلِ الأسواقِ أدوسُهُم.
|
44: | ((نجيتَني مِنْ شعبي المُتَمرِّدِوحَفِظتَني رئيسًا للأُمَمِ، وشعبٌ لم أكُنْ أعرِفُهُ صارَ اليومَ يَخدِمُني.
|
45: | الغُرباءُ يتَذلَّلونَ لي،وعندَما يَسمعونَني يُطيعونَ.
|
46: | الغُرباءُ تخورُ عزائِمُهُم ومِنْ حُصونِهِم مُرتَعِدينَ يَخرُجونَ.
|
47: | ((حَيًّ هوَ الرّبُّ ومبارَكٌ،وتعالَى اللهُ خالقي ومُخلِّصي.
|
48: | اللهُ ينتقِمُ لي،ويُخضِعُ الشُّعوبَ تَحتَ قدَميَ.
|
49: | مِنْ بَينِ أعدائي يُخرِجني ومِنْ بَينِ القائِمينَ عليَ، ومِنْ رجلِ الظُّلمِ يُنقِذُني.
|
50: | لذلِكَ أحمَدُكَ يا ربُّ، وأرنِّمُ لاَسمِكَ بينَ الأُمَمِ.
|
51: | نَصرًا عظيمًا يمنَحُ مَلِكَهُ، ويُظهِرُ رحمةً لمَنْ مسحَهُ، لداوُدَ وذرِّيَّتِهِ إلى الأبدِ)).
|
|
الفصل : 23 |
كلمات داود الأخيرة
1: | هذِهِ كلماتُ داوُدَ الأخيرةُ: كلامُ داوُدَ بنِ يَسَّى، كلامُ الرَّجلِ السَّامي المُقامِ،كلامُ الذي مسحَهُ إلهُ يعقوبَ كلامُ مُرنِّمِ إِسرائيلَ العَذْبُ:
|
2: | ((روحُ الرّبِّ تكلَّمَ فيَ، وعلى لساني كَلِمتُهُ.
|
3: | تكلَّمَ إلهُ إِسرائيلَ، خالقُ إِسرائيلَ قالَ لي: مَنْ يَحكُمُ البشَرَ بالعدلِ، مَنْ يحكُمُ بمخافَةِ اللهِ،
|
4: | يُضيءُ علَيهِم كنورِ الصَّباحِ، كشمسِ صباحِ لا غيمَ فيهِ، ويجعَلُهُم مِثلَ عُشبِ الأرضِ بَعدَ نُزولِ المطرِ.
|
5: | هكذا ذُرِّيَّتي لَدى اللهِ، لأنَّهُ عاهدَني عَهدًا أبديُا هذا ما قالَ لي، ما رتَّبَهُ وأكَّدَهُ. هذا كُلُّ ما أشتَهي مِنْ خلاصٍ،والرّبُّ، لا بُدَ، يُحقِّقُهُ لي.
|
6: | لكِنَّ أهلَ السُّوءِ كالشَّوكِ اليابسِ لا يُمسَكُ باليَدِ،
|
7: | بل بحديدٍ وقناةِ رُمحِ،وفي مكانِهِ بالنَّارِ يُلقى.
|
مشاهير الأبطال |
8: | وهذِهِ أسماءُ أبطالِ داوُدَ: يوشيبُ بَشَّبَثُّ التَّحكمونيُّ رئيسُ الأبطالِ الثَّلاثةِ الذي هَزَ الرُّمحَ على ثماني مئةٍ فَقتلَهُم بِمَرَّةٍ واحدةٍ. |
9: | وبَعدَهُ ألعازارُ بنُ دودو بنِ أخوخي، وهوَ أحدُ الأبطالِ الثَّلاثةِ. كانَ معَ داوُدَ يومَ تحدَّيا الفِلسطيِّينَ الذينَ اَجتَمعوا مرَّةً للقتالِ واَنهزَمَ رجالُ إِسرائيلَ. |
10: | أمَّا هوَ فقامَ وقاتَلَ الفِلسطيِّينَ حتى كَلَّتْ يَدُهُ ولصِقَت بالسَّيفِ، فمنحَ الرّبُّ نَصرًا عظيمًا لإسرائيلَ في ذلِكَ اليومِ، ورجعَ رجالُ إِسرائيلَ وراءَ ألعازارَ للنَّهبِ فقط. |
11: | وبَعدَهُ شَمَّةُ بنُ أجي الهَراريُّ، وكانَ أنْ حشدَ الفِلسطيُّونَ جيشَهُم للقتالِ في حَقلٍ مَملوءٍ بالعَدَسِ، فاَنهزَمَ رجالُ إِسرائيلَ أمامَهُم. |
12: | ولكِنَّ شمَّةَ بنَ أجي الهَراريّ وقَفَ وسَطَ الحَقلِ فأنقَذَهُم، وقاتَلَ الفِلسطيِّينَ، فمنحَ الرّبُّ نَصرًا عظيمًا لإسرائيلَ. |
13: | وفي أوانِ الحَصادِ نزَلَ ثَلاثَةٌ مِنَ الثَّلاثينَ بَطلاً إلى داوُدَ في مغارَةِ عَدُلاَمَ. وكانَ جيشُ الفِلسطيِّينَ مُخيِّمًا في وادي الجبابِرةِ، |
14: | وداوُدُ في الحِصنِ ومُعسكَرُ الفِلسطيِّينَ في بيتَ لَحمَ. |
15: | فتنهَّدَ داوُدُ وقالَ: ((مَنْ يَسقيني ماءً مِنْ بئرِ بيتَ لحمَ التي عِندَ بابِ المدينةِ)).
|
16: | فاَخترَقَ هؤلاءِ الأبطالُ الثَّلاثَةُ مُعسكَرَ الفِلسطيِّينَ وجاؤُوا بماءٍ منَ البِئرِ إلى داوُدَ. فما شاءَ أنْ يشربَ مِنهُ، بل سكَبَهُ تقدمةً للرّبِّ وقالَ: |
17: | ((يا ربُّ حَرامٌ عليَ أنْ أفعَلَ هذا، لِئلاَ أكونَ كمَنْ يشربُ دمَ رجالٍ خاطَروا بأنفُسِهِم)). هذا ما فعَلَ هؤُلاءِ الأبطالُ الثَّلاثةُ.
|
18: | ثُمَ أبيشايُ أخو يوآبَ واَبنُ صرويَّةَ وهوَ قائِدُ الثَّلاثينَ بَطلاً. وهذا سَدَّدَ رُمحَهُ على ثَلاثِ مئةٍ وقتَلَهُم، وكانَ لَه اَسمٌ بينَ الثَّلاثَةِ. |
19: | وهوَ أشهَرُ الثَّلاثينَ وكانَ لهُم قائِدًا، إلاَ أنَّهُ لم يبلُغْ مَرتبةَ الثَّلاثَةِ الأوَّلينَ. |
20: | ثُمَ بنايا بنُ يوياداعَ المُقاتِلُ المِغوارُ، العظيمُ الفِعالِ في قَبصِئيلَ، وهوَ الذي قتلَ جبّارَينِ مِنْ جبابِرةِ موآبَ، وقتَلَ أسدًا في وسَطِ جبٍّ في يومِ مُثلِج. |
21: | وقاتَلَ رجلاً مِصْريُا ضَخمَ الجثَّةِ في يَدِهِ رُمحٌ، فنازَلَهُ بالعصا وخطَفَ الرُّمحَ مِنْ يَدِهِ وقتَلَه بهِ. |
22: | هذا ما فعلَهُ بنايا بنُ يوياداعَ وكانَ لَه اَسمٌ بَينَ الأبطالِ الثَّلاثَةِ. |
23: | وشُهرَتُهُ تفوقُ شُهرَةَ الثَّلاثينَ بَطلاً، إلاَ أنَّهُ لم يبلُغْ مرتَبَةَ الثَّلاثَةِ الأوَّلينَ، فجعَلَهُ داوُدُ قائِدًا لحَرَسِه. |
24: | ثُمَ عسائيلُ أخو يوآبَ وهوَ مِنَ الثَّلاثينَ، وألحانانُ بنُ دودو مِنْ بَيتَ لَحمَ، |
25: | وشمَّةُ الحروديُّ، وأليقا الحروديُّ، |
26: | وحالصُ الفلطيُّ، وعيرا بنُ عقِّيشَ التَّقوعيُّ، |
27: | وأبيعزَرُ العَناثوثيُّ، ومبونايُ الحوشاتِيُّ، |
28: | وصلمونُ الأخوخيُّ، ومَهرايُ النَّطوفاتيُّ، |
29: | وخالبُ بنُ بعنَةَ النَّطوفاتيُّ، وإتَّايُّ بنُ ريباي مِنْ جبعَةِ بَني بنيامينَ،
|
30: | وبنايا الفَرعتونيُّ، وهدَّايُ مِنْ أوديَةِ جاعشَ. |
31: | وأبو عَلبونَ العَربانيُّ، وعَزموتُ البَرحومِيُّ، |
32: | وأليحبا الشَّعلُّبونيُّ، ومِنْ بَني ياشنَ يوناثانُ. |
33: | وشمَّةُ الهَراريُّ، وأخيآمُ بنُ شارارَ الأراريُّ. |
34: | وأليفلَطُ بنُ أحسَبايَ بنِ المَعكيِّ، وأليعامُ بنُ أخيتوفَلَ الجيلونيّ. |
35: | وحَصرايُ الكَرمَلِيُّ، وفَعرايُ الأرَبيُّ، |
36: | ويَجآلُ بنُ ناثانَ مِنْ صُوبَةَ، وباني الجاديُّ. |
37: | وصالَقُ العمُّونيُّ، ونَحرايُ البَئيروتيُّ حامِلُ سلاحِ يوآبَ بنِ صرويَّةَ، |
38: | وعيرا اليثريُّ، وجارَبُ اليثريُّ، |
39: | وأوريَّا الحِثِّيّ. الجميعُ سبعةٌ وثَلاثونَ.
|
|
الفصل : 24 |
إحصاء شعب إسرائيل ويهوذا
1: | وعادَ غضَبُ الرّبِّ فاَشتَدَ على بَني إِسرائيلَ، فأثارَ علَيهِم المَلِكَ داوُدَ. |
2: | قالَ لَه الرّبُّ: ((عُدَ شعبَ إِسرائيلَ ويَهوذا)). فقالَ المَلِكُ ليوآبَ قائِدَ جيشِهِ: ((طُفْ معَ أعوانِكَ في جميعِ أسباطِ إِسرائيلَ، مِنْ دانَ إلى بِئرَ سَبعَ وعُدُّوا الشَّعبَ لأعلَمَ كم عدَدُهُ)). |
3: | فأجابَهُ يوآبُ: ((ليَزِدِ الرّبُّ إلَهُك الشَّعبَ مئةَ ضُعفٍ ما هوَ علَيهِ اليومَ، وعيناكَ بَعدُ قادِرَتانِ أنْ تَرى ذلِكَ. ولكِنْ ماذا يُريدُ سيِّدي المَلِكُ بِهذا الأمرِ؟)) |
4: | غيرَ أنَّ الملِكَ فرَضَ رأيَهُ على يوآبَ وعلى قادةِ الجيشِ، فخرَجوا مِنْ عندِهِ ليَعُدُّوا بَني إِسرائيلَ. |
5: | فعَبَروا الأردُنَّ ونَزَلوا بِعَروعيرَ، عَنْ يَمينِ المدينةِ، وهوَ في وسَطِ وادي جادَ وتُجاهَ يَعزيرَ. |
6: | وأتَوا إلى جلعادَ وإلى قادِشَ في أرضِ الحِثِّيِّينَ، ثُمَ إلى دانَ ومِنها إلى صيدونَ. |
7: | وجاؤوا إلى حصنِ صورٍ وجميعِ مُدُنِ الحوِّيِّينَ والكنعانيِّينَ، ثُمَ خرَجوا إلى بئرَ سَبعَ في جنوبِ يَهوذا. |
8: | ولمَّا طافوا في تِلكَ الأرضِ كُلِّها، رجعوا إلى أورُشليمَ بَعدَ تِسعةِ أشهرٍ وعِشرينَ يومًا |
9: | فأخبَرَ يوآبُ المَلِكَ بعدَدِ الشَّعبِ، فكانَ رِجالُ إِسرائيلَ ثماني مئَةِ ألفِ رجلٍ قادرٍ على حَملِ السِّلاحِ، ورجالُ يَهوذا خمسَ مئةِ ألفِ رجلٍ.
|
عقاب الله وغفرانه |
10: | فأخذَ ضميرُ داوُدَ يُؤَنِّبُه بَعدَ إحصاءِ الشَّعبِ وقالَ للرّبِّ: ((خطِئتُ جدُا في ما فعلتُ. والآنَ يا ربُّ اَغفِرْ لعَبدِكَ هذِهِ الخطيئةَ، لأنِّي بِحماقةٍ عظيمةٍ تصرَّفتُ)). |
11: | فلمَّا نهضَ داوُدُ في الصَّباحِ كانَ الرّبُّ كلَّمَ جادَ النَّبيَ، رائي داوُدَ بقولِهِ |
12: | ((إذهَبْ إلى داوُدَ وقُلْ لَه: هذا ما يقولُ الرّبُّ: أعرِضُ علَيكَ ثَلاثَ ضرَباتٍ، فاَختَرْ واحدةً مِنها فأُنزِلَها بكَ)). |
13: | فجاءَ جادُ إلى داوُدَ وقالَ لَه: ((ما تختارُ؟ أسَبْعَ سِنينَ جوعِ في أرضِكَ، أو الهربَ أمامَ أعدائِكَ ثَلاثَةَ أشهرٍ وهُم يُطارِدونَكَ، أو ثَلاثَةَ أيّامِ مِنَ الوباءِ في أرضِكَ؟ فكرِ الآنَ بِما أُجيبُ بهِ الرّبَّ)).
|
14: | فقالَ لَه داوُدُ: ((هذا اَختيارٌ عسيرٌ جدُا. فلنَقَعْ في يَدِ الرّبِّ لأنَّ مراحِمَهُ كثيرةٌ، ولا نقَعُ في يَدِ النَّاسِ)).
|
15: | فأرسَلَ الرّبُّ وباءً في إِسرائيلَ مِنَ الصَّباحِ إلى الموعِدِ الذي اَختارَهُ، فماتَ مِنَ الشَّعبِ في البلادِ كُلِّها، مِنْ دانَ إلى بئرَ سبعَ، سَبعونَ ألفَ رجلٍ. |
16: | ومَدَ الملاكُ يدَهُ على أورُشليمَ ليُدمِّرَها، فندِمَ الرّبُّ على هذِهِ الضَّربَةِ وقالَ للملاكِ الذي كانَ يُميتُ الشَّعبَ: ((كفى، كُفَ الآنَ يَدَكَ)). وكانَ ملاكُ الرّبِّ عِندَ بَيدَرِ أرونا اليَبوسيِّ. |
17: | وحينَ رأى داوُدُ الملاكَ قالَ للرّبِّ: ((أنا الذي خطِئتُ، وأنا الذي فعَلتُ السُّوءَ، وأمَّا أولئِكَ المَساكينُ كالخرافِ فماذا فعَلوا؟ فَعاقِبْني، عاقِبْ بَيتَ أبي)). |
18: | فجاءَ جادُ ذلِكَ اليومَ إلى داوُدَ وقالَ لَه: ((إصعَدْ إلى بَيدَرِ أرونا اليَبوسيِّ، وأقِمْ هُناكَ مذبَحًا للرّبِّ)).
|
19: | فصعِدَ داوُدُ كما أمرَهُ الرّبُّ على لسانِ جادَ. |
20: | ونظَرَ أرونا فرأى المَلِكَ وحاشيتَهُ عابرينَ إليهِ، فخرَج واَنحَنى لَه حتى الأرضِ |
21: | وسألَ: ((لماذا جئتَني يا سيِّدي المَلِكُ؟)) فأجابَهُ داوُدُ: ((لأشتَريَ مِنكَ البَيدَرَ وفيه أُقيمُ مذبَحًا للرّبِّ، فتَكُفَ الضَّربَةُ عنِ الشَّعبِ)). |
22: | فقالَ لَه أرونا: ((ليأخذْ سيِّدي المَلِكُ ويُصعِدْ للرّبِّ مِنَ المُحرَقاتِ ما يَراهُ حسَنًا. ها بقَرٌ للمُحرقَةِ، والنَّوارِج وأنيارُ البقَرِ تكونُ حطَبًا)). |
23: | هذا كُلُّه قدَّمَهُ أرونا للمَلِكِ وقالَ لَه: ((الرّبُّ إلهُكَ يَرضى عَنكَ)). |
24: | فأجابَهُ المَلِكُ: ((كلاَ، بل أدفَعُ لكَ الثَّمنَ. فأنا لا أُصعِدُ للرّبِّ إلهي مُحرَقاتٍ مجانيةً)). فاَشتَرى داوُدُ البَيدَرَ والبقَرَ بخمسينَ مِثقالاً مِنَ الفِضَّةِ، |
25: | وبَنى هُناكَ مذبَحًا للرّبِّ، وأصعَدَ مُحرقاتٍ وذبائِحَ سلامةٍ، فأشفَقَ الرّبُّ على الشَّعبِ، وكفَّتِ الضَّربَةُ عَنْ إِسرائيلَ.
|