الخليقة
1: | في البَدْءِ خلَقَ اللهُ السَّماواتِ والأَرضَ، |
2: | وكانتِ الأرضُ خاويةً خاليةً، وعلى وجهِ الغَمْرِ ظلامٌ، وروحُ اللهِ يَرِفُّ على وجهِ المياهِ.
|
3: | وقالَ اللهُ: ((لِيكُنْ نُورٌ))، فكانَ نُورٌ. |
4: | ورأى اللهُ أنَّ النُّورَ حَسَنٌ. وفصَلَ اللهُ بَينَ النُّورِ والظَّلامِ. |
5: | سَمَّى اللهُ النُّورَ نهارًا والظَّلامَ ليلاً. وكانَ مساءٌ وكانَ صباحٌ: يومٌ أوَّلُ. |
6: | وقالَ اللهُ: ((لِيكُنْ في وسَطِ المياهِ جلَدٌ يَفصِلُ بَينَ مياهٍ ومياهٍ))، |
7: | فكانَ كذلِكَ: صنَعَ اللهُ الجلَدَ وفصَلَ بَينَ المياهِ التي تحتَ الجلَدِ والمياهِ التي فوقَ الجلَدِ. |
8: | وسَمَّى اللهُ الجلَدَ سماءً. وكانَ مساءٌ وكانَ صباحٌ: يومٌ ثانٍ. |
9: | قالَ اللهُ: ((لِتجتَمِعِ المياهُ التي تحتَ السَّماءِ إلى مكانٍ واحدٍ، وليَظهَرِ اليَبْسُ))، فكانَ كذلِكَ.
|
10: | وسمَّى اللهُ اليبْسَ أرضًا ومُجتَمَعَ المياهِ بِحارًا. ورأى اللهُ أنَّ ذلِكَ حَسَنٌ.
|
11: | وقَالَ اللهُ: ((لِتُنبِتِ الأرضُ نَباتًا: عُشْبًا يُبزِرُ بِزرًا، وشجرًا مُثمِرًا يحمِلُ ثَمَرًا، بِزرُه فيهِ مِنْ صِنفِهِ على الأرضِ))، فكانَ كذلِكَ، |
12: | فأخرَجتِ الأرضُ نَباتًا: عُشْبًا يُبزِرُ بِزرًا مِنْ صِنفِهِ، وشجرًا يحمِلُ ثَمَرًا، بِزرُهُ فيهِ مِنْ صِنفِه. ورأى اللهُ أنَّ ذلِكَ حَسَنٌ. |
13: | وكانَ مساءٌ وكانَ صباحٌ: يومٌ ثالثٌ |
14: | وقالَ اللهُ: ((لِيكُنْ في جلَدِ السَّماءِ نَيِّراتٌ تفصِلُ بَينَ النَّهارِ والليلِ، وتُشِيرُ إلى الأعيادِ والأيّامِ والسِّنينَ، |
15: | ولتكُنِ النيِّراتُ في جلَدِ السَّماءِ لِتُضيءَ على الأرضِ))، فكانَ كذلِكَ. |
16: | فصنَعَ اللهُ الكَواكبَ والنَّيِّرَينِ العظيمَينِ: الشَّمسَ لِحُكْمِ النَّهارِ، والقمرَ لِحُكْمِ الليلِ، |
17: | وجعَلها اللهُ في جلَدِ السَّماءِ لِتُضيءَ على الأرضِ |
18: | ولتحْكُمَ النَّهارَ والليلَ وتفصِلَ بَينَ النُّورِ والظَّلامِ. وَرأى اللهُ أنَّ هذا حَسَنٌ. |
19: | وكانَ مساءٌ وكانَ صباحٌ: يومٌ رابعٌ. |
20: | وقالَ اللهُ: ((لِتَفِضِ المياهُ خلائِقَ حَيَّةً ولتَطِرْ طُيورٌ فوقَ الأرضِ على وجهِ السَّماءِ)). |
21: | فخلقَ اللهُ الحِيتانَ الضَّخمةَ وكُلَ ما دَبَ مِنْ أصنافِ الخلائِق الحَيَّةِ التي فاضَت بِها المياهُ، وكُلَ طائرٍ مُجنَّحِ مِنْ كُلِّ صِنفٍ. ورأى اللهُ أنَّ هذا حَسَنٌ. |
22: | وباركَها اللهُ قالَ: ((إنْمي واَكْثُري واَملإي المياهَ في البحارِ، ولْتَكْثُرِ الطُّيورُ على الأرضِ)).
|
23: | وكانَ مساءٌ وكانَ صباحٌ: يومٌ خامسٌ.
|
24: | وقالَ اللهُ: ((لِتُخرِج الأرضُ خلائِقَ حَيَّةً مِنْ كُلِّ صِنْفٍ: بهائِمَ ودَوابَ ووُحوشَ أرضٍ مِنْ كُلِّ صِنفٍ))، فكانَ كذلِكَ: |
25: | صنَعَ اللهُ وُحوشَ الأرضِ مِنْ كُلِّ صِنفٍ، والبَهائِمَ مِنْ كُلِّ صِنفٍ، والدوابَ مِنْ كُلِّ صِنفٍ. ورأى اللهُ أنَّ هذا حَسَنٌ. |
26: | وقالَ اللهُ: ((لِنَصنَعِ الإنسانَ على صُورَتِنا كَمِثالِنا، وليَتَسَلَّطْ على سمَكِ البحرِ وطَيرِ السَّماءِ والبهائمِ وجميعِ وُحوشِ الأرضِ وكُلِّ ما يَدِبُّ على الأرضِ)). |
27: | فخلَقَ اللهُ الإنسانَ على صورَتِه، على صورةِ اللهِ خلَقَ البشَرَ، ذَكَرًا وأُنثى خلَقَهُم. |
28: | وبارَكَهُمُ اللهُ، فقالَ لهُم: ((أُنْمُوا واَكْثُروا واَمْلأوا الأرضَ، وأَخضِعوها وتَسلَّطوا على سمَكِ البحرِ وطَيرِ السَّماءِ وجميعِ الحيوانِ الذي يَدِبُّ على الأرضِ)). |
29: | وقالَ اللهُ: ((هاأنا أعطيتُكُم كلَ عُشْبٍ يُبزِرُ بِزرًا على وجهِ الأرضِ كُلِّها، وكُلَ شجرٍ يحمِلُ ثَمَرًا فيهِ بِزرٌ، هذا يكونُ لكُم طَعامًا. |
30: | أمَّا جميعُ وُحوشِ الأرضِ، وجميعُ طَيرِ السَّماءِ، وجميعُ ما يَدِبُّ على الأرضِ مِنَ الخلائِقِ الحَيَّةِ، فأُعطيها كُلَ عُشْبٍ أخضرَ طَعامًا)). فكانَ كذلِكَ. |
31: | ونظرَ اللهُ إلى كُلِّ ما صنَعَهُ، فرأَى أنَّهُ حَسَنٌ جدُا. وكانَ مساءٌ وكان صباحٌ: يومٌ سادسٌ.
|
|
الفصل : 2 |
1: | فتَمَ خلْقُ السَّماواتِ والأرضِ وجميعِ ما فيها.
|
2: | وفرَغَ اللهُ في اليومِ السَّابعِ مِنْ عمَلِه الذي عَمِلَ، واَستراحَ في اليومِ السَّابعِ مِنْ جميعِ ما عَمِلَه.
|
3: | وباركَ اللهُ اليومَ السَّابعَ وقدَّسَه، لأنَّه اَستراحَ فيهِ مِنْ جميعِ ما عمِلَ كَخالقٍ.
|
4: | هكذا كانَ مَنشأُ السَّماواتِ والأرضِ حِينَ خلِقَت.
|
جنة عدن |
5: | لا شجرُ البرِّيَّةِ كان بَعدُ في الأرضِ، ولا عُشْبُ البرِّيَّةِ نَبَتَ بَعدُ. فلا كانَ الرّبُّ الإلهُ أمطرَ على الأرضِ، ولا كانَ إنسانٌ يَفلَحُ الأرضَ، |
6: | بل كانَ يصعَدُ مِنها ماءٌ يَسقي وجهَ التُرْبَةِ كُلَّه. |
7: | وجبَلَ الرّبُّ الإلهُ آدَمَ تُرابًا مِنَ الأرضِ ونفَخ في أنْفِه نَسَمَةَ حياةٍ. فصارَ آدمُ نفْسًا حيَّةً.
|
8: | وغرَسَ الرّبُّ الإلهُ جنَّةً في عَدْنٍ شَرقًا، وأسكنَ هُناكَ آدمَ الذي جبَلَهُ. |
9: | وأنبتَ الرّبُّ الإلهُ مِنَ الأرضِ كُلَ شجرَةٍ حسَنَةِ المَنظَرِ، طيِّبةِ المأكَلِ، وكانَت شجرةُ الحياةِ وشجرةُ معرِفَةِ الخيرِ والشَّرِّ في وسَطِ الجنَّةِ. |
10: | وكانَ يخرُج مِنْ عَدْنٍ نهرٌ فيَسقي الجنَّةَ، ويتَشَعَّبُ مِنْ هُناكَ فيصيرُ أربعةَ أنهارٍ، |
11: | أحَدُها اَسْمُه فيشُونُ، ويُحيطُ بِجميعِ أرضِ الحَوِيلَةِ حَيثُ الذَّهَبُ، |
12: | وذهَبُ تِلكَ الأرضِ جيِّدٌ. وهُناكَ اللؤلؤُ وحجرُ العقيقِ. |
13: | واَسمُ النَّهرِ الثَّاني جيحُونُ، ويُحيطُ بِجميعِ أرضِ كوشٍ |
14: | واَسمُ النَّهرِ الثَّالثِ دِجلَةُ، ويجري في شَرقي أشُّورَ. والنَّهرُ الرَّابعُ هوَ الفُراتُ. |
15: | وأخذَ الرّبُّ الإلهُ آدمَ وأسكنَهُ في جنَّةِ عَدْنٍ لِيَفلَحَها ويَحرُسَها. |
16: | وأوصى الرّبُّ الإلهُ آدمَ قالَ: ((مِنْ جميعِ شجرِ الجنَّةِ تأكُلُ، |
17: | وأمَّا شجرَةُ معرِفَةِ الخيرِ والشَّرِّ فلا تأكُل مِنها. فيومَ تأكُلُ مِنها موتًا تموتُ)).
|
18: | وقالَ الرّبُّ الإلهُ:((لا يَحسُنُ أنْ يكونَ آدمُ وحدَهُ، فأَصنعُ لَه مَثيلاً يُعينُه)). |
19: | فجبلَ الرّبُّ الإلهُ مِنَ الأرضِ جميعَ حيواناتِ البرِّيَّةِ وجميعَ طَيرِ السَّماءِ، وجاءَ بِها إلى آدمَ لِيرى ماذا يُسَمِّيها، فيحمِلَ كُلًّ مِنها الاسم الذي يُسمِّيها بهِ. |
20: | فسمَّى آدمُ جميعَ البَهائمِ وطيورَ السَّماءِ وجميعَ حيواناتِ البرِّيَّةِ بأسماءٍ، ولكِنَّهُ لم يَجدْ بَينَها مثيلاً لَه يُعينُهُ. |
21: | فأوقَعَ الرّبُّ الإلهُ آدمَ في نَومِ عميقٍ، وفيما هوَ نائِمٌ أخذَ إحدى أضلاعِهِ وسَدَ مكانَها بِلَحْمِ.
|
22: | وبنى الرّبُّ الإلهُ اَمْرأةً مِنَ الضِّلعِ التي أخذَها مِنْ آدمَ، فجاءَ بِها إلى آدمَ.
|
23: | فقالَ آدمُ: ((هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظامي ولَحمٌ مِنْ لَحمي هذِهِ تُسَمَّى اَمرأةً فهيَ مِنْ اَمرِئٍ أُخذَت)).
|
24: | ولِذلِكَ يترُكُ الرَّجلُ أباهُ وأُمَّهُ ويتَّحِدُ باَمرأتِهِ، فيصيرانِ جسَدًا واحدًا.
|
25: | وكانَ آدمُ واَمرأتُه كِلاهُما عُريانَينِ، وهُما لا يَخجلانِ.
|
|
الفصل : 3 |
السقوط
1: | وكانَتِ الحَيَّةُ أحيلَ جميعِ حيواناتِ البرِّيَّةِ التي خلَقَها الربُّ الإلهُ. فقالت لِلمَرأةِ: ((أحقُا قالَ اللهُ: لا تأكُلاَ مِنْ جميعِ شجرِ الجنَّةِ؟)) |
2: | فقالتِ المَرأةُ لِلحَيَّةِ: ((مِنْ ثَمَرِ شجرِ الجنَّةِ نأكُلُ، |
3: | وأمَّا ثَمَرُ الشَّجرَةِ التي في وسَطِ الجنَّةِ فقالَ اللهُ: لا تأكُلا مِنهُ ولا تَمَسَّاهُ لئلاّ تَموتا)). |
4: | فقالتِ الحَيَّةُ لِلمَرأةِ: ((لن تموتا، |
5: | ولَكِنَّ اللهَ يعرِفُ أنكُما يومَ تأكُلانِ مِنْ ثَمَرِ تِلكَ الشَّجرَةِ تنفَتِحُ أعينُكُما وتَصيرانِ مِثلَ اللهِ تعرفانِ الخيرَ والشَّرَّ)). |
6: | ورأتِ المَرأةُ أنَّ الشَّجرةَ طيِّبةٌ لِلمَأكلِ وشَهيّةٌ لِلعَينِ، وأنَّها باعِثَةٌ لِلفَهْمِ، فأخذَت مِنْ ثَمَرِها وأكَلَت وأعطَت زوجها أيضًا، وكانَ مَعَها فأكَلَ. |
7: | فاَنْفَتَحت أعيُنُهما فعَرفا أنَّهُما عُريانَانِ، فخاطا مِنْ وَرَقِ التِّينِ وصَنَعا لهُما مآزِرَ.
|
8: | وسَمِعَ آدمُ واَمرأتُه صوتَ الرّبِّ الإلهِ وهوَ يتمشَّى في الجنَّةِ عِندَ المساءِ، فاَختبأَا مِنْ وَجهِ الرّبِّ الإِلهِ بَينَ شجرِ الجنَّةِ. |
9: | فنادَى الرّبُّ الإلهُ آدمَ وقالَ لَه: ((أينَ أنتَ؟)) |
10: | فأجابَ: سَمِعتُ صوتَكَ في الجنَّةِ، فَخفتُ ولأنِّي عُريانٌ اَختَبأتُ)). |
11: | فقالَ الرّبُّ الإلهُ: ((مَنْ عَرَّفَكَ أنَّكَ عُريانٌ؟ هل أكلتَ مِنَ الشَّجرَةِ التي أوصَيتُكَ أنْ لا تأكُلَ مِنها؟)) |
12: | فقالَ آدمُ: ((المرأةُ التي أعطَيتني لِتَكونَ مَعي هيَ أعطتني مِنَ الشَّجرَةِ فأكَلْتُ)). |
13: | فقالَ الرّبُّ الإلهُ لِلمرأةِ: ((لِماذا فَعَلتِ هذا؟)) فأجابَتِ المَرأةُ: الحَيَّةُ أغوتْني فأكلْتُ)). |
14: | فقالَ الرّبُّ الإلهُ لِلحَيَّةِ:((لأنَّكِ فعَلْتِ هذا فأنتِ مَلعونَةٌ مِنْ بَينِ جميعِ البَهائِمِ وجميعِ وُحوشِ البَرِّ.على بَطنِك تَزحفينَ وتُرابًا تأكُلينَ طُولَ أيّامِ حياتِكِ. |
15: | بَينَكِ وبَينَ المَرأةِ أُقيمُ عَداوةً وبَينَ نسلِكِ ونسلِها فهوَ يتَرقَّبُ مِنكِ الرّأسَ وأنتِ تتَرقَّبينَ مِنْه العَقِبَ)). |
16: | وقالَ لِلمَرأةِ: ((أزيدُ تعَبَكِ حينَ تَحبَلينَ،وبالأوجاعِ تَلِدينَ البَنينَ. إلى زَوجكِ يكونُ اَشتياقُكِ،وهوَ علَيكِ يسودُ)).
|
17: | وقالَ لآدمَ: ((لأنَّكَ سَمِعتَ كلامَ اَمْرأتِكَ، فأكَلْتَ مِنَ الشَّجرَةِ التي أوصَيتُكَ أنْ لا تأكُلَ مِنها
تكونُ الأرضُ مَلعونَةً بِسبَبِكَ. بِكَدِّكَ تأكُلُ طَعامَكَ مِنها طولَ أيّامِ حياتِكَ.
|
18: | شَوكًا وعَوسجاً تنبِتُ لكَ،ومِنْ عُشْبِ الحقلِ تقتاتُ.
|
19: | بِعَرَقِ جبينِكَ تأكلُ خبزَكَ حتى تَعودَ إلى الأرضِ لأنَّكَ مِنها أُخذْتَ. فأنتَ تُرابٌ،وإلى التُّرابِ تعُودُ)).
|
20: | وسمَّى آدمُ اَمرأتَهُ حَوَّاءَ، لأنَّها أُمُّ كُلِّ حيٍّ. |
21: | وصنَعَ الرّبُّ الإلهُ لآِدمَ واَمرأتِهِ ثيابًا مِنْ جلْدٍ وكساهُما. |
22: | وقالَ الرّبُّ الإلهُ: ((صارَ آدمُ كواحدٍ مِنَّا يعرِفُ الخيرَ والشَّرَ. والآنَ لعلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ إلى شجرةِ الحياةِ أيضًا فيأخذَ مِنها ويأكُلَ، فيحيا إلى الأبدِ)). |
23: | فأخرَج الرّبُّ الإلهُ آدمَ مِنْ جنَّةِ عَدْنٍ لِيفلَحَ الأرضَ التي أُخذَ مِنها. |
24: | فطَرَدَ آدمَ وأقامَ الكروبِيمَ شَرقيَ جنَّةِ عَدْنٍ، وسَيفًا مُشتَعِلاً مُتَقَلِّبًا لِحِراسةِ الطَّريقِ إلى شجرةِ الحياةِ.
|
|
الفصل : 4 |
قايين وهابيل
1: | واَضطجعَ آدمُ معَ اَمرأتِهِ حَوَّاءَ فحَمَلت ووَلَدَت قايينَ. فقالت: ((رَزَقَني الرّبُّ اَبنًا)). |
2: | وعادَت فوَلَدَت أخاهُ هابيلَ. وصارَ هابيلُ راعيَ غنَمِ وقايينُ فلاَحًا يفلَحُ الأرضَ. |
3: | وَمرَّتِ الأيّامُ فقَدَّمَ قايينُ مِنْ ثَمَرِ الأرضِ تَقدِمَةً لِلرّبِّ، |
4: | وقَدَّمَ هابيلُ أيضًا مِنْ أبكارِ غنَمِهِ ومِنْ سِمانِها. فنظَرَ الرّبُّ برضًى إلى هابيلَ وتَقدِمتِهِ، |
5: | أمَّا إلى قايينَ وتَقدِمتِهِ فما نظَرَ برضًى، فغَضِبَ قايينُ جدُا وعبَسَ وجهُهُ. |
6: | فقالَ الرّبُّ لِقايينَ: ((لِماذا غَضِبتَ ولِماذا عبَسَ وجهُكَ؟ |
7: | إذا أحسنْتَ عمَلاً، رفَعْتُ شأنَكَ، وإذا لم تُحسِنْ عمَلاً، فالخطيّةُ رابِضةٌ بِالبابِ وهيَ تَتَلهَّفُ إليكَ، وعلَيكَ أنْ تسُودَ علَيها)).
|
8: | وقالَ قايينُ لِهابيلَ أخيهِ: ((هيَّا لِنَخرُج إلى الحقلِ)). وبَينَما هُما في الحقلِ هجمَ قايينُ على هابيلَ أخيهِ فقَتَلَهُ. |
9: | فقالَ الرّبُّ لِقايينَ: ((أينَ هابيلُ أخوكَ؟ قالَ: ((لا أعرِفُ. أحارِسٌ أنا لأخي؟))
|
10: | فقالَ لهُ الرّبُّ: ((ماذا فَعَلْتَ؟ دَمُ أخيكَ يصرُخ إليَ مِنَ الأرضِ. |
11: | والآنَ، فمَلعونٌ أنتَ مِنَ الأرضِ التي فتَحت فَمَها لِتقبَلَ دَمَ أخيكَ مِنْ يَدِكَ. |
12: | فهِيَ لن تُعطيَكَ خصْبَها إذا فلَحْتَها، طريدًا شريدًا تكونُ في الأرضِ)). |
13: | فقالَ قايينُ للرّبِّ: ((عِقابي أقسى مِنْ أن يُحتَمَل. |
14: | طرَدْتَني اليومَ عَنْ وجهِ الأرضِ وحجبْتَ وجهَكَ عَنِّي، وطريدًا شريدًا صِرْتُ في الأرضِ، وكُلُّ مَنْ وجدَني يقتُلُني! )) |
15: | فقالَ لَه الرّبُّ: ((إذًا، كُلُّ مَنْ قتَلَ قايينَ فسَبْعَةُ أضعافٍ يُنتَقَمُ مِنهُ)). وجعَلَ الرّبُّ على قايينَ عَلامةً لِئلاَ يقتُلَهُ كُلُّ مَنْ وجدَهُ. |
16: | وخرَج قايينُ مِنْ أمامِ الرّبِّ وأقامَ بأرضِ نُودَ شَرقيَ عَدْنٍ.
|
نسل قايين |
17: | وضاجعَ قايينُ اَمرأتَهُ فحَمَلتْ ووَلَدت حَنوكَ. وبنَى مدينةً سَمَّاها بِاَسْمِ اَبنِه حَنوكَ. |
18: | ووُلِدَ لحَنوكَ عيرادُ، وعيرادُ ولَدَ محوَيائيلَ، ومحوَيائيلُ ولَدَ مَتوشائيلَ، ومَتوشائيلُ ولَدَ لامِكَ.
|
19: | وتزوَّج لامِكُ اَمرأتَيْنِ إحداهُما اَسْمُها عادَةُ والأُخرى صِلَّةُ. |
20: | فولَدَت عادَةُ يابالَ وهوَ أوَّلُ مَنْ سكَنَ الخيامَ ورعَى المَواشيَ، |
21: | واَسمُ أخيهِ يُوبالُ وهوَ أوَّلُ مَنْ عزَفَ بالعُودِ والمِزمارِ.
|
22: | وولَدَت صِلَّةُ تُوبالَ قايينَ، وهوَ أوَّلُ مَنِ اَشتغلَ بِصناعَةِ النُّحاسِ والحدِيدِ، وأختُه نِعمَةُ.
|
23: | وقالَ لامِكُ لاِمْرأتَيهِ:((يا عادَةُ وصِلَّةُ اَسمعا صوتي،يا اَمْرأتَي لامِكَ اَصغيا لِكلامي. قتَلْتُ رَجلاً لأنَّه جرحَني وفتىً لأنَّه ضَرَبَني |
24: | لِقايينَ يُنتَقَمُ سَبْعَةَ أضعافٍ وأمَّا لِلامِكَ فَسَبْعَةً وسبعينَ)).
|
نسل شيت |
25: | وضاجعَ آدمُ اَمرأتَهُ أيضًا، فولَدَتِ اَبْنًا وَسَمَّتْهُ شِيتًا وقالت: ((أقامَ اللهُ لي نسلاً آخرَ بدَلَ هابيلَ لأنَّ قايينَ قتَلَهُ)). |
26: | ووُلِدَ لِشِيتٍ اَبنٌ وَسَمَّاهُ أنوشَ، وفي ذَلِكَ الوقتِ بدَأَ النَّاسُ يَدعونَ باَسمِ الرّبِّ
|
|
الفصل : 5 |
مواليد آدم
1: | هذا سِجلُّ مواليدِ آدمَ: يومَ خلَقَ اللهُ الإنسانَ على مِثالِ اللهِ صنَعَهُ. |
2: | ذَكَرًا وأنثَى خلَقَهُ وباركَهُ وسَمَّاهُ آدمَ يومَ خلَقَه .
|
3: | وعاشَ آدمُ مئةًً وثلاثينَ سنَةً، ووَلَدَ وَلَدًا على مِثالِه كَصُورَتِهِ، وسمَّاهُ شِيتًا. |
4: | وعاشَ آدمُ بَعدَما وَلَدَ شِيتًا ثَمانيَ مئَةِ سَنةٍ، وَلَدَ فيها بَنينَ وبَناتٍ. |
5: | فكانَت كُلُّ أيّامِ آدمَ التي عاشَها تسعَ مئَةٍ وثلاثينَ سنَةً وماتَ. |
6: | وعاشَ شِيتٌ مِئةً وخمْسَ سِنينَ، ووَلَدَ أنُوشَ. |
7: | وعاشَ شِيتٌ بَعدَما ولدَ أنوشَ ثمانيَ مئةٍ وَسَبْعَ سِنينَ، وَلَد فيها بَنينَ وبناتٍ. |
8: | فكانَت كُلُّ أيّامِ شِيتٍ تِسْعَ مئةٍ واَثنتي عشْرَةَ سنَةً وماتَ. |
9: | وعاشَ أنوشُ تِسعينَ سنَةً، وولَدَ قينانَ. |
10: | وعاشَ أنوشُ بَعدَما وَلَدَ قينانَ ثمانيَ مئةٍ وَخمسَ عشْرَةَ سنَةً وَلَدَ فيها بنينَ وبَناتٍ. |
11: | فكانَت كُلُّ أيّامِ أنوشَ تسعَ مَئةٍ وَخمْسَ سنينَ وماتَ. |
12: | وعاشَ قينانُ سَبْعينَ سنَةً ووَلَدَ مَهْلَلْئيلَ. |
13: | وعاشَ قينانُ بَعدَما وَلَدَ مَهْلَلْئيلَ ثمانيَ مئةٍ وَأربعينَ سنَةً وَلَدَ فيها بَنين وبَناتٍ، |
14: | فكانَت كُلُّ أيّامِ قينانَ تِسعَ مئَةٍ وعشْرَ سِنينَ وَماتَ.
|
15: | وعاشَ مَهْلَلْئيلُ خمسًا وسِتينَ سنَةً، ووَلَدَ يارِدَ. |
16: | وعاشَ مَهْلَلْئيلُ بَعدَما وَلَدَ يارِدَ ثمانيَ مئةٍ وثلاثينَ سنَةً وَلَدَ فيها بَنينَ وبَناتٍ. |
17: | فكانَت كُلُّ أيّامِ مَهْلَلْئيلَ ثمانيَ مئةٍ وَخمْسًا وتِسْعيَن سنَةً وماتَ. |
18: | وعاشَ يارِد مئةً واَثنتينِ وستِّينَ سنَةً ووَلَدَ أخنوخ. |
19: | وعاشَ ياردُ بَعدَما وَلَدَ أخنوخ ثمانيَ مئةِ سنَةٍ وَلَدَ فيها بَنينَ وبَناتٍ. |
20: | فَكانَت كُلُّ أيّامِ ياردَ تسعَ مئةٍ واَثنتَينِ وستِّينَ سنَةً وماتَ. |
21: | وعاشَ أخنوخ خمْسًا وستِّينَ سنَةً ووَلَدَ مَتوشالِحَ. |
22: | وسَلَكَ أخنوخ معَ اللهِ بَعدَما وَلَدَ مَتُوشالِحَ ثلاثَ مئةِ سنَةٍ وَلَدَ فيها بَنينَ وبَناتٍ. |
23: | فكانَت كُلُّ أيّامِ أخنوخ ثلاثَ مئةٍ وخمْسًا وستِّينَ سنَةً.
|
24: | وسَلَكَ أخنوخ معَ اللهِ، ثُمَ تَوارَى لأنَّ اللهَ أخذَهُ إليهِ. |
25: | وعاشَ مَتوشالِحُ مئةً وسَبْعًا وثمانينَ سنَةً، ووَلَدَ لامِكَ. |
26: | وعاشَ مَتوشالِحُ بَعدَما وَلَدَ لامِكَ سَبْعَ مئةٍ واَثْنتَينِ وثمانينَ سنَةً وَلَدَ فيها بَنينَ وبَناتٍ. |
27: | فكانَت كُلُّ أيّامِ مَتوشالِحَ تسْعَ مئةٍ وَتِسْعًا وَسِتِّينَ سنَةً وماتَ. |
28: | وعاشَ لامِكُ مئةً واَثنتَينِ وثمانينَ سنَةً، ووَلَدَ اَبْنًا |
29: | وسَمَّاهُ نُوحًا، قالَ: ((هذا يُريحُنا عَنْ أعمالِنا وعَنْ تَعَبِ أيدينا في الأرضِ التي لعَنَها الرّبُّ)). |
30: | وعاشَ لامِكُ بَعدَما وَلَدَ نُوحًا خمْسَ مئةٍ وخمْسًا وتِسْعينَ سنَةً وَلَدَ فِيها بَنينَ وبَناتٍ. |
31: | فكانَت كُلُّ أيّامِ لامِكَ سَبْعَ مئةٍ وسَبْعًا وسَبعينَ سنَةً وماتَ. |
32: | ولمَّا كانَ نوحٌ اَبنَ خمْسِ مئةِ سنَةٍ وَلَدَ سامًا وحامًا ويافثَ.
|
|
الفصل : 6 |
بنو الله وبنات الناس
1: | ولما بدأَ النَّاسُ يَكثُرونَ على وجهِ الأرضِ ووُلِدَ لهُم بَناتٌ، |
2: | رأى بَنو اللهِ أنَّ بَناتِ النَّاسِ حِسانٌ، فتَزَوَّجوا مِنْهُنَّ كُلَ مَن اَختاروا. |
3: | فقالَ الرّبُّ: ((لا تدُومُ روحي في الإنسانِ إلى الأبدِ، فهوَ بشَرٌ وتكونُ أيّامُه مئةً وعِشْرينَ سنَةً)). |
4: | وكانَ على الأرضِ في تِلكَ الأيّامِ رِجالٌ أشِدَّاءُ، وبَعدَها أيضًا حينَ عاشرَ بَنو اللهِ بَناتِ النَّاسِ ووَلَدْنَ لهُم أولادًا، وهُمُ الجبابِرَةُ الذينَ ذاعَ اَسمُهُم مِنْ قديمِ الزَّمانِ.
|
الطوفانُ |
5: | ورأى الرّبُّ أنَّ مَساوِئَ النَّاسِ كثُرَت على الأرضِ، وأنَّهُم يتصَوَّرونَ الشَّرَ في قلوبِهِم ويَتهيَّأونَ لَهُ نهارًا وليلاً. |
6: | فنَدِمَ الرّبُّ أنَّهُ صنَعَ الإنسانَ على الأرضِ وتأسَّفَ في قلبِه. |
7: | فقالَ الرّبُّ: ((أمحُو الإنسانَ الذي خلَقْتُ عَنْ وجهِ الأرضِ، هوَ والبَهائِمَ والدَّوابَ وطيورَ السَّماءِ، لأنِّي نَدِمْتُ أنِّي صنَعْتُهُم)). |
8: | أمَّا نُوحٌ فنالَ رِضَى الرّبِّ.
|
9: | وهذِهِ سِيرَةُ نُوحِ:كانَ نُوحٌ في زمانِهِ رَجلاً صالِحًا لا عَيبَ فيهِ، وسَلَكَ نُوحٌ معَ اللهِ |
10: | ووَلَدَ نُوحٌ ثَلاثَةَ بَنينَ، هُم سامٌ وحامٌ ويافثُ. |
11: | وفسَدَتِ الأرضُ أمامَ اللهِ واَمْتَلأَت عُنْفًا. |
12: | ونظَرَ اللهُ الأرضَ فرآها فسَدَت لأنَّ كُلَ بشَرٍ أفسَدَ سُلوكَهُ فيها. |
13: | فقالَ اللهُ لِنوحِ: ((جاءَت نِهايَةُ كُلِّ بشَرٍ فالأرضُ اَمْتلأت عُنْفًا على أيديهِم، وها أنا أهلِكُهُم معَ الأرضِ. |
14: | فاَصنَعْ لكَ سفينةً مِنْ خشَبِ السَّرْوِ، واَجعَلْها غُرَفًا، واَطْلِها مِنْ داخلٍ ومِنْ خارِج بالقَارِ. |
15: | وليكُنْ طُولُها ثلاثَ مئةِ ذِراعِ، وعرضُها خمْسينَ ذِراعًا، واَرْتفاعُها ثَلاثينَ ذِراعًا. |
16: | واَجعَلْ نافِذَةً لِلسَّفينَةِ يكونُ بَينَها وبَينَ السَّقفِ ذِراعٌ واحدَةٌ، واَجعَلْ بابَ السَّفينَةِ في جانِبِها، وليَكُنْ في السَّفينةِ طَبَقاتٌ سُفلى ووُسطى وعُليا. |
17: | هاأنا آتٍ بِطوفانِ مياهٍ على الأرضِ لأُزيلَ كُلَ جسَدٍ فيهِ نَسَمَةُ حياةٍ تَحتَ السَّماءِ: كُلُّ ما في الأرضِ يَهلِكُ. |
18: | ولَكني أُقيمُ عَهدِي معَكَ، فتَدخلُ السَّفينةَ أنتَ وبَنُوكَ واَمرأتُك ونِساءُ بَنيكَ. |
19: | واَثنانِ مِنْ كُلِّ نوعِ مِنَ الخلائِقِ الحَيَّةِ لِتَنجوَ بِحياتِها معَكَ. ذَكَرًا وأنثى تكونُ: |
20: | مِنَ الطُّيورِ بِأصنافِها، وَمِنَ البَهائِمِ بِأصنافِها، وَمِنْ جميعِ دَوابِّ الأرضِ بِأصنافِها. |
21: | وخذْ مِنْ كُلِّ طَعامِ يُؤكَلُ، واَجمَعْه عِندَكَ، لِيكونَ لكَ ولهُم غِذاءً)). |
22: | وعَمِلَ نُوحٌ بِكلِّ ما أوصاهُ بهِ اللهُ. نعم، هكذا عَمِلَ.
|
|
الفصل : 7 |
1: | وقالَ اللهُ لِنُوحِ: ((اَدْخلِ السَّفينةَ معَ جميعِ أهلِ بَيتِكَ، لأنِّي رأيتُ أنَّك وَحدَكَ صالِحٌ في هذا الجيلِ، |
2: | وخذْ معَكَ مِنْ جميعِ البَهائِمِ الطَّاهرَةِ سَبْعَةً سَبْعَةً، ذُكورًا وإناثًا، ومِنَ البَهائِمِ غيرِ الطَّاهرَةِ اَثنينِ، ذَكَرًا وأنثَى، |
3: | ومِنْ طيُورِ السَّماءِ سَبْعَةً سَبْعَةً، ذُكورًا وإناثًا، لِيَحيا النسلُ على وجهِ الأرضِ كُلِّها. |
4: | فبَعدَ سَبْعَةِ أيّامِ أُمطِرُ على الأرضِ أربعينَ يومًا وأربعينَ ليلةً، فأمحُو كُلَ كائِنٍ صَنَعْتُه عَنْ وجهِ الأرضِ)). |
5: | فعَمِلَ نُوحٌ بِكُلِّ ما أوصاهُ الرّبُّ.
|
6: | وكانَ نُوحٌ اَبنَ سِتِّ مئةِ سنَةٍ حينَ وقَعَ طوفانُ المياهِ على الأرضِ.
|
7: | ودخلَ نُوحٌ السَّفينةَ معَ بَنيهِ واَمرأتِهِ وَنِساءِ بَنيه، لِلنَّجاةِ مِنْ مياه الطُّوفانِ.
|
8: | ومِنَ البَهائِمِ الطَّاهِرَةِ وغيرِ الطَّاهِرَةِ، ومِنَ الطُّيورِ وجميعِ ما يَدِّبُّ على الأرضِ، |
9: | دخلَ السَّفينةَ معَ نُوحِ اَثنانِ اَثنانِ، ذُكورًا وإناثًا، كما أوصَى اللهُ نُوحًا. |
10: | وبَعدَ سَبْعةِ أيّامِ ظهَرت مياهُ الطُّوفانِ على الأرضِ.
|
11: | ففي السَّنةِ السِّتِّ مئةٍ مِنْ عُمْرِ نُوحِ، في الشَّهرِ الثَّاني، في اليومِ السَّابعَ عشَرَ مِنهُ تفَجرَت ينابيعُ الغَمْرِ العظيمِ وتفتَّحَت نَوافِذُ السَّماءِ. |
12: | وكانَ المطَرُ على الأرضِ أربعينَ نهارًا وأربعينَ ليلَةً. |
13: | وفي ذلِكَ اليومِ ذاتِه دخلَ نُوحٌ السَّفينةَ، هوَ واَمرَأتُه وبَنوه سامٌ وحامٌ ويافثُ ونِساؤُهُم. |
14: | ومعَهُم جميعُ أصنافِ الوُحوشِ والبَهائمِ وكُلُّ ما يَدِبُّ على الأرضِ، وجميعُ الطُّيورِ المُجنَّحةِ بأنواعِها. |
15: | هذِهِ دخلَتِ السَّفينةَ معَ نُوحِ، اَثنينِ اَثنينِ مِنْ كُلِّ جسَدٍ فيهِ نَسَمَةُ حياةٍ. |
16: | ذُكُورًا وإناثًا دخلَت كما أوصاهُ اللهُ. وأغلَقَ الرّبُّ على نُوحِ بابَ السَّفينةِ. |
17: | وبَقيَ الطُّوفانُ أربعينَ يومًا على الأرضِ، فكَثُرَ الماءُ. وحمَلَ الماءُ السَّفينةَ فاَرْتَفَعَت عَنِ الأرضِ. |
18: | وتعاظَمَتِ المياهُ وتكاثرت على الأرضِ، فسارَتِ السَّفينةُ على وجهِ المياهِ. |
19: | وتعاظَمَتِ المياهُ جدُا على الأرضِ، فتَغَطَّت جميعُ الجبالِ الشَّامِخةِ تَحتَ السَّماءِ كُلِّها. |
20: | وعَلَتِ المياهُ خمْسَ عَشْرةَ ذِراعًا فَوقَ الجبالِ فغَطَّتْها |
21: | فهَلَكَ كُلُّ ما لَه جسَدٌ يَدِبُّ على الأرضِ، مِنَ الطَّيرِ والبَهائِمِ والوحوشِ وكُلِّ الزَّحافاتِ التي تزحَفُ على الأرضِ، وجميعُ البشَرِ. |
22: | كُلُّ مَنْ في أنفِهِ نَسَمةُ حياةٍ على الأرضِ اليابِسَةِ ماتَ. |
23: | ومحَا اللهُ كُلَ حيٍّ كانَ على وجهِ الأَرضِ مِنَ النَّاسِ والبَهائمِ والدَّوابِّ وطُيورِ السَّماءِ. اَمَّحَت مِنَ الأرضِ وبقيَ نُوحٌ والذينَ معَهُ في السَّفينةِ وحدَهُم. |
24: | وتعاظَمَتِ المياهُ على الأرضِ مئَةً وخمْسينَ يومًا.
|
|
الفصل : 8 |
نهاية الطوفان
1: | وتذكَّرَ اللهُ نُوحًا وجميعَ الوحوشِ والبَهائِمِ التي معَهُ في السَّفينةِ ، فأرسلَ ريحًا على الأرضِ فتَناقَصَتِ المياهُ |
2: | واَنْسَدَّت ينابيعُ الغَمْرِ ونوافِذُ السَّماءِ، فتَوقَّفَ سُقوطُ المَطَرِ مِنَ السَّماءِ.
|
3: | وتراجعَتِ المياهُ عَنِ الأرضِ شيئًا فشيئًا حتى نَقَصَت بَعدَ مئَةٍ وخمْسينَ يومًا. |
4: | فاَستَقَرَّتِ السَّفينةُ في الشَّهرِ السَّابعِ، في اليومِ السَّابعَ عشَرَ مِنهُ، على جبالِ أراراطَ. |
5: | وأخذَتِ المياهُ تتَناقصُ إلى الشَّهرِ العاشِرِ حتى ظَهَرت رؤوسُ الجبالِ في أوَّلِ يومِ مِنهُ.
|
6: | وكانَ بَعدَ أربَعينَ يومًا أنْ فتَحَ نُوحٌ النافذَةَ التي صنَعَها في السَّفينةِ |
7: | وأرسَلَ الغُرابَ. فخرَج الغُرابُ وأخذَ يَروحُ ويَجيءُ إلى أنْ جفَّتِ المياهُ عَنِ الأرضِ.
|
8: | ثُمَ أرسَلَ الحمامَةَ مِنْ عِندِه لِيرَى هل قلَّتِ المياهُ على وجهِ الأرضِ، |
9: | فلم تَجدِ الحمامَةُ مُستَقَرُا لِرِجلِها، فرَجعَت إلى نُوحِ في السَّفينةِ، لأنَّ المياهَ كانَت على وجهِ الأرضِ كُلِّها. ومَدَ نُوحٌ يَدَهُ فأمسكَها وأدخلَهَا إلى السَّفينةِ معَهُ. |
10: | وَاَنْتَظَرَ أيضًا سَبْعَةَ أيّامِ أُخرَ وعادَ فأرسَلَ الحمامَةَ مِنَ السَّفينةِ، |
11: | فرجعَتِ الحمامَةُ إليهِ في المساءِ تحمِلُ في فَمِها ورَقَةَ زيتونٍ خضراءَ، فعَلِمَ نُوحٌ أنَّ المياهَ قَلَّت على الأَرضِ. |
12: | واَنْتَظَرَ أيضًا سَبْعةَ أيّامِ أُخرَ وأرسَلَ الحمامَةَ، فلم ترجعْ إليهِ هذِهِ المَرَّةَ.
|
13: | وفي السَّنةِ الواحدَةِ والسِّتِّ مئةٍ مِنْ عُمر نُوحِ، في اليومِ الأوَّلِ مِنَ الشَّهرِ الأوَّلِ، جفَّتِ المياهُ عَنِ الأرضِ. فرفَعَ نُوحٌ غِطاءَ السَّفينةِ ونظَرَ فرأى وجهَ الأرضِ ناشِفًا. |
14: | وفي الشَّهرِ الثَّاني، في اليومِ السّابعِ والعِشرينَ مِنهُ، يَبِسَتِ الأرضُ.
|
الخروج من السفينة |
15: | فخاطَبَ اللهُ نُوحًا قالَ: |
16: | ((اَخرُج مِنَ السَّفينةِ، أنتَ واَمرأتُكَ وبَنوكَ وَنِسوةُ بَنيكَ معَكَ،
|
17: | وأخرِج كُلَ حيوانٍ معَكَ مِنَ الطُّيورِ والبَهائِمِ وسائرِ ما يَدِّبُّ على الأرضِ، فتَتَوالدَ في الأرضِ وتَنموَ وتكثُرَ علَيها. |
18: | فخرج نُوحٌ وبَنوهُ واَمرأتُه ونِسوَةُ بَنيهِ معَه. |
19: | وكُلُّ حيوانٍ مِنَ البَهائِمِ والطُّيورِ وسائِرِ ما يَدِّبُّ على الأرضِ. خرَجت بِأصنافِها مِنَ السَّفينةِ. |
20: | وبنى نُوحٌ مذبَحًا للرّبِّ وأخذَ مِنْ جميعِ البَهائِمِ والطُّيورِ الطَّاهرَةِ بِحسَبِ الشَّريعةِ، فأصعَدَ مُحرَقاتٍ على المذبَحِ.
|
21: | وتَنَسَّمَ الرّبُّ رائِحَةَ الرِّضَى فقالَ في قلبهِ: ((لن ألعنَ الأرضَ مرَّةً أُخرى بِسَبَبِ الإنسانِ، فهوَ يتَصَوَّرُ الشَّرَ في قلبِه مُنذُ حداثتهِ، ولن أُهلِكَ كُلَ حيٍّ كما فعَلْتُ.
|
22: | وما دامتِ الأرضُ باقيةً،فالزَّرعُ والحَصادُ،والبَردُ والحَرُّ،والصَّيفُ والشِّتاءُ،واللَّيلُ والنَّهارُ،لا تبطُلُ أبدًا)).
|
|
الفصل : 9 |
نظام جديد للعالم
1: | وباركَ اللهُ نُوحًا وبَنيهِ وقالَ لهُم: ((أُنمُوا واَكثُروا واَملأُوا الأرضَ. |
2: | وسيَخافُكُم ويَرهَبُكُم جميعُ حيواناتِ الأرضِ وطُيورِ السَّماءِ، وكُلُّ ما يَدِبُّ على الأرضِ، وجميعُ أسماكِ البحرِ. فهذِهِ كُلُّها أجعَلُها في أيديكُم. |
3: | كُلُّ حَيٍّ يَدبُّ فهوَ لكُم طَعامًا كالبُقولِ مِنَ النَّباتِ. أُعطيكُم كُلَ شيءٍ.
|
4: | ولكِنَّ لَحمًا بِدَمِهِ لا تأكُلوا، لأنَّ حياةَ كُلِّ حَيٍّ في دَمهِ.
|
5: | أمَّا دِماؤُكم أنْتُم فأطلبُ عَنها حِسابًا مِنْ كُلِّ حيوانٍ أو إنسانٍ سَفكَها. وعَنْ دَمِ كُلِّ إنسانٍ أطلُبُ حِسابًا مِنْ أخيهِ الإنسانِ.
|
6: | مَنْ سَفَكَ دَمَ الإنسانِ يَسفُكُ الإنسانُ دَمَهُ. فعلى صُورةِ اللهِ صَنَعَ اللهُ الإنسانَ.
|
7: | فاَنمُوا واَكثُروا وتَوالدوا في الأرضِ وسَيطِروا علَيها)).
|
8: | وقالَ اللهُ لِنُوحِ ولِبَنيهِ: |
9: | ((أُقيمُ الآنَ عَهدي معَكُم ومعَ نَسلِكُم مِنْ بَعدِكُم، |
10: | ومعَ كُلِّ خليقَةٍ حَيَّةٍ معَكم مِنَ الطيُّورِ والبَهائِمِ ووُحوشِ الأرضِ، كُلِّ ما خرَج معَكُم مِنَ السَّفينةِ مِنْ جميعِ حيوانِ الأرضِ. |
11: | أُقيمُ عَهدي معَكم، فلن ينقَرِضَ ثانيةً بِمياهِ الطُّوفانِ أيُّ جسَدٍ حَيٍّ، ولن يكونَ طُوفَانٌ آخرُ لخرابِ الأرضِ)). |
12: | وقالَ اللهُ: ((هذِهِ علامَةُ العَهدِ اَلذي أُقيمُهُ بَيني وبَينَكُم وبَينَ كُلِّ خليقةٍ حَيَّةٍ معَكُم مدَى الأجيالِ: |
13: | جعَلْتُ قوسَ قُزَحِ في السَّحابِ، فتكونُ علامَةَ عَهدٍ بَيني وبَينَ الأرضِ. |
14: | متى غَيَّمْتُ على الأرضِ وظَهَرتِ القوسُ في السَّحابِ، |
15: | ذَكَرْتُ عَهدي الذي بَيني وبَينكم وبَينَ كُلِّ نفْسٍ حَيَّةٍ في كُلِّ جسَدٍ، فلا تكونُ المياهُ أيضًا طُوفانًا يُهلِكُ كُلَ جسَدٍ حَيٍّ.
|
16: | وتكونُ القوسُ في السَّحابِ، وأُبصِرُها لأذكُرَ العَهدَ الأبديَ بَينَ اللهِ وبَينَ كُلِّ نفْسٍ حَيَّةٍ في كُلِّ جسَدٍ على الأرضِ)). |
17: | وقالَ اللهُ لِنوحِ: ((هذِهِ علامَةُ العَهدِ الذي أقَمْتُه بَيني وبَينَ كُلِّ جسَدٍ حَيٍّ على الأرضِ)).
|
نوح وبنوه |
18: | وكانَ بَنو نُوحِ الذينَ خرَجوا مِنَ السَّفينةِ سامًا وحامًا ويافَثَ، وحَامٌ هوَ أبو كنعانَ. |
19: | هؤلاءِ الثَّلاثةُ هُم بَنو نُوحِ وَمِنهُم اَنتشَرَ كُلُّ سُكَّانِ الأرضِ. |
20: | وكانَ نُوحٌ أوَّلَ فلاَحِ غرسَ كَرْمًا.
|
21: | وشربَ نُوحٌ مِنَ الخمرِ، فسَكِرَ وتَعَرَّى في خيمَتِه. |
22: | فرأى حامٌ أبو كنعانَ عَورَةَ أبيهِ، فأخبَرَ أخويهِ وهُما خارِجا. |
23: | فأخذَ سامٌ ويافَثُ ثوبًا وألقَياهُ على أكتافِهِما. ومَشيا إلى الوراءِ لِيَستُرا عَورَة أبيهِما، وكانَ وجهاهُما إلى الخلْفِ، فما أبصَرا عَورَةَ أبيهِما. |
24: | فلمَّا أفاقَ نُوحٌ مِنْ سُكْرِهِ عَلِمَ بِما فعَلَ بِهِ اَبنُهُ الصَّغيرُ، |
25: | فقالَ: ((مَلعونٌ كنعانُ! عبدًا ذليلاً يكونُ لإخوَتِهِ)). |
26: | وقالَ: ((تَبارك الرّبُّ إلهُ سامِ، ويكونُ كنعانُ عبدًا لِسامِ. |
27: | ويَزيدُ اللهُ يافَثَ، فيسكُنُ في خيامِ سامِ ويكونُ كنعانُ عبدًا لهُ! )). |
28: | وعاشَ نُوحٌ بَعدَ الطُّوفانِ ثَلاثَ مئةٍ وخمسينَ سنَةً، |
29: | فكانَت كُلُّ أيّامِ نُوحِ تسعَ مئَةٍ وخمسينَ سنَةً عِندَما ماتَ.
|
|
الفصل : 10 |
سكان الأرض
1: | وهؤُلاءِ مَواليدُ بَني نُوحِ، سامٌ وحامٌ ويافَثُ، ومَنْ وُلِدَ لهُم مِنَ البَنينَ بَعدَ الطُّوفانِ: |
2: | بَنو يافَثَ: جومَرُ وماجوج ومادايُ وياوانُ وتُوبالُ وماشَكُ وتِيراسُ. |
3: | وبَنو جومَرَ: أشْكَنَازُ ورِيفاثُ وتُوجرْمَةُ. |
4: | وبَنو ياوانَ: أليشَةُ وتَرشيشُ وكِتِّيمُ ودودَانيمُ. |
5: | مِنْ هؤلاءِ تَفرَّقَت أُمَمُ البحرِ بِبُلدانِهِم وعَشائِرِهِم، كُلُّ جماعةٍ بِحَسَبِ لُغتِها.
|
6: | وبَنو حامِ: كوشُ ومِصرايمُ وفُوطُ وكنعانُ. |
7: | وبَنو كُوشَ سَبا وحَويلَةُ وسَبْتَةُ ورَعْمَةُ وسَبْتَكا. وبَنو رَعْمَةَ: شَبا ودَدانُ. |
8: | وكُوشُ وَلَدَ نِمْرودَ، أوَّلَ جبَّارٍ في الأرضِ. |
9: | وكانَ صَيَّادًا جبَّارًا أمامَ الرّبِّ، و لِذلِكَ يُقالُ: كَنِمْرودَ، صَيَّادٌ جبَّارٌ أمامَ الرّبِّ. |
10: | واَبْتَدَأت مَملَكَتُه بابلُ وآرَكُ وآكَدُ، وكُلُّها في أَرضِ شِنْعارَ. |
11: | مِنْ تِلكَ الأرضِ خرَج إلى أشُّورَ وبَنى نينوى ورَحوبوتَ عَيرَ وكالَحَ |
12: | ورَسَنَ التي بَينَ نينوى وكالَحَ، وهيَ المدينةُ العظيمةُ. |
13: | ومِصَرايمُ وَلَدَ بَني لُودَ وعَنامَ ولَهابَ ونَفتُوحَ |
14: | وفَتْروسَ وكَسْلوج، كما وَلَدَ كَفتورَ الذينَ خرَج مِنهُم الفلِسطيُّونَ.
|
15: | وكنعانُ وَلَدَ صيدونَ بِكرَهُ، وحِثًا |
16: | واليَبُوسيِّينَ والأموريِّينَ والجرْجاشيِّينَ |
17: | والحِوِّيِّينَ والعَرْقيِّينَ والسِّينيِّينَ |
18: | والإرواديِّينَ والصَّماريِّينَ والحماتِيِّينَ. وبَعدَ ذلِك تَفرَّقَت عَشائِرُ الكنعانيِّن.
|
19: | وكانت أرضُ الكنعانيِّينَ مِنْ صيدونَ في اَتجاهِ جرارَ إلى غَزَّةَ، ثُمَ في اَتْجاهِ سَدومَ وعَمورَةَ وأدْمَةَ وَصَبُويِيمَ إلى لاشَعَ. |
20: | هؤلاءِ بَنو حامِ بِبُلدانِهِم وعَشائِرِهِم كُلُّ جماعَةٍ بِحَسَبِ لُغَتِها .
|
21: | ووُلِدَ لِسامِ أيضًا بَنونَ، وهو أبو جميعِ بَني عابِرَ وأخو يافَثَ الأكبرِ. |
22: | وبَنو سامِ: عيلامُ وأشُّورُ وأرفَكْشاد ولُودُ وأرامُ. |
23: | وبَنو أرَامَ: عوصُ وحُولُ وجاثِرُ وماشُ. |
24: | وأرفَكْشادُ وَلَدَ شالَحَ، وشالَحُ وَلَدَ عابِرَ. |
25: | وَوُلِدَ لِعابِرَ اَبنانِ اَسمُ أحدِهما فالِج. لأنَّ في أيّامِهِ اَنقسمتِ الأرضُ، واَسمُ أخيهِ يقطانُ. |
26: | ويقطانُ وَلَدَ ألْمُودادَ وشالَفَ وحضَرمَوتَ ويارَحَ |
27: | وهَدورامَ وأُوزَالَ ودِقلَةَ |
28: | وعُوبالَ وأبِيمايلَ وشَبا |
29: | وأُوفيرَ وحَوِيلَةَ ويُوبَابَ. هؤلاءِ جميعُهُم بَنو يَقطانَ. |
30: | وكانَ مَسكِنُهُم مِنْ مِيشافي اَتْجاهِ سَفارَ إلى جبَلِ المَشرِقِ. |
31: | هؤلاءِ بَنو سامِ بِبُلدانِهِم وعَشائِرِهم كُلُّ جماعةٍ بِحسَبِ لُغَتِها. |
32: | هؤلاءِ عَشائرُ بَني نُوحِ، بِمواليدِهِم وأُمَمِهِم، ومِنهُم تَفرَّقتِ الأُمَمُ في الأرضِ بَعدَ الطُّوفانِ.
|
|
الفصل : 11 |
برج بابل
1: | وكانَ لأهلِ الأرضِ كُلِّها لُغَةٌ واحدةٌ وكلامٌ واحدٌ. |
2: | فلمَّا رحَلوا مِنَ المَشرقِ وَجدوا بُقعَةً في سَهلِ شِنْعارَ، فأقاموا هُناكَ. |
3: | وقالَ بعضُهُم لِبعضٍ: ((تعالَوا نصنَع لِبْنًا ونَشْوِيهِ شيُا))، فكانَ لهُمُ اللِّبْنُ بَدَلَ الحِجارَةِ والتُرابُ الأحمرُ بَدَلَ الطِّينِ. |
4: | وقالوا: ((تعالَوا نَبْنِ لنا مدينَةً وبُرجا رأسُهُ في السَّماءِ. وَنُقِمْ لنا اَسمًا فلا نتَشتَّتُ على وجهِ الأرضِ كُلِّها)). |
5: | ونَزَلَ الرّبُّ لِيَنظُرَ المدينَةَ والبُرج اللذَينِ كانَ بَنو آدمَ يَبنونَهما، |
6: | فقالَ الرّبُّ: ((هاهُم شعبٌ واحدٌ، ولهُم جميعًا لُغَةٌ واحدةٌ! ما هذا الذي عَمِلوه إلاَ بِدايةً، ولن يصعُبَ علَيهم شيءٌ مِما يَنوونَ أنْ يعمَلوه! |
7: | فلنَنزِلْ ونُبَلبِلْ هُناكَ لُغَتَهُم، حتى لا يفهَمَ بعضُهُم لُغَةَ بعضٍ)). |
8: | فشَتَّتَهُمُ الرّبُّ مِنْ هُناكَ على وجهِ الأرضِ كُلِّها، فكَفُّوا عَن بِناءِ المدينةِ. |
9: | ولِهذا سُمِّيَت بابِلَ، لأنَّ الرّبَ هُناكَ بَلبَلَ لُغَةَ النَّاسِ جميعًا، ومِنْ هُناكَ شَتَّتَهُمُ الرّبُّ على وجهِ الأرضِ كُلِّها.
|
مواليد سام |
10: | هؤلاءِ مَواليدُ سامِ: لمَّا كانَ سامُ اَبنَ مئةِ سنَةٍ وَلَدَ أرفكْشادَ بَعدَ الطُّوفانِ بِسنَتينِ. |
11: | وعاشَ سامٌ بَعدَما وَلَدَ أرفَكْشادَ خمْسَ مئَةِ سنَةٍ، ووَلَدَ بَنينَ وبَناتٍ. |
12: | وعاشَ أرفَكْشادُ خمْسًا وثَلاثينَ سنَةً ووَلَدَ شالَحَ. |
13: | وعاشَ أرفَكْشادُ بَعدَما وَلَدَ شَالَحَ أربَعَ مئةٍ وثَلاثَ سِنينَ، ووَلَدَ بَنينَ وبَناتٍ .
|
14: | وعاشَ شَالَحُ ثَلاثينَ سنَةً ووَلَدَ عابِرَ. |
15: | وعاشَ شَالَحُ بَعدَما وَلَدَ عابِرَ أربَعَ مئةٍ وثَلاثَ سنِينَ ووَلَدَ بَنينَ وبَناتٍ. |
16: | وعاشَ عابِرُ أربعًا وثلاثينَ سنَةً وَوَلدَ فالَج. |
17: | وعاشَ عابِرُ بَعدَما وَلَدَ فالَج أربَعَ مئةٍ وثَلاثينَ سنَةً ووَلَدَ بَنينَ وبَناتٍ. |
18: | وعاشَ فالَج ثَلاثينَ سنَةً وَوَلدَ رَعُوَ. |
19: | وعاشَ فالَج بعدَما وَلَد رَعُوَ مئتينِ وَتِسعَ سِنينَ ووَلَدَ بَنينَ وبَناتٍ. |
20: | وعاش رَعُوَ اَثنتَينِ وثَلاثينَ سنَةً ووَلَدَ سَرُوج. |
21: | وعاشَ رَعُوَ بعدَما وَلَدَ سَرُوج مئتَينِ وَسَبْعَ سَنينَ ووَلَدَ بَنينَ وبَناتٍ. |
22: | وعاشَ سَرُوج ثَلاثينَ سنَةً ووَلَدَ ناحورَ. |
23: | وعاشَ سَرُوج بَعدَما وَلَدَ ناحورَ مئَتَي سنَةٍ، ووَلَدَ بَنينَ وبَناتٍ.
|
24: | وعاشَ ناحورُ تِسعًا وعِشْرينَ سنَةً ووَلَدَ تارَحَ. |
25: | وعاشَ ناحورُ بعدَما وَلَدَ تارَحَ مئةً وتِسعَ عشْرَة سنةً، ووَلَدَ بَنينَ وبَناتٍ. |
26: | وعاشَ تارَحُ سَبْعينَ سنَةً ووَلَدَ أبرامَ وناحورَ وهارَانَ.
|
مواليد تارح |
27: | وهؤلاءِ مَواليدُ تارَحَ: وَلَدَ تارَحُ أبرامَ وناحورَ وهارانَ. وهارانُ وَلَدَ لُوطًا. |
28: | وماتَ هارانُ قبلَ تارَحَ أبيهِ في أرضِ ميلادِه، في أورِ الكَلدانيِّينَ. |
29: | وتَزوَّج أبرامُ وناحورُ اَمْرَأتَينِ، اَسمُ اَمْرَأةِ أبرامَ سارايُ، واَسمُ اَمرأةِ ناحورَ مَلْكَةُ بنتُ هارانَ أبي مَلْكَةَ وأبي يِسْكَةَ. |
30: | وكانَت سارايُ عاقِرًا لا وَلَدَ لها. |
31: | وأخذَ تارَحُ أبرامَ اَبنَهُ، ولوطًا بنَ هارانَ حَفيدَهُ، وسارايَ كَنَّتَه، اَمْرأةَ أبرامَ اَبْنِه، فخرَج معَهُم مِنْ أُورِ الكَلدانيِّينَ ليذهَبوا إلى أرضِ كنعانَ، فجاؤوا إلى حارانَ وأقاموا هُناك، |
32: | وكانَ عُمْرُ تارَحَ مئَتينِ وخمْسَ سِنينَ. وماتَ تارَحُ في حارانَ.
|
|
الفصل : 12 |
الله يدعو أبرام
1: | وقالَ الرّبُّ لأبرامَ: ((إرحَلْ مِنْ أرضِكَ وعَشيرَتِكَ وبَيتِ أبيكَ إلى الأرضِ التي أُريكَ،
|
2: | فأجعَلَكَ أُمَّةً عظيمةً وأُبارِكَكَ وأُعَظِّمَ اَسمَكَ وتكونَ بَركَةً، |
3: | وأُبارِكُ مُبارِكيكَ وأَلعنُ لاعنيكَ، ويتَبارَكُ بِكَ جميعُ عَشائِرِ الأرضِ)). |
4: | فرَحلَ أبرامُ، كما قالَ لَه الرّبُّ، وذهَبَ معَهُ لُوطٌ. وكانَ أبرامُ اَبنَ خمْسٍ وسَبْعينَ سنَةً لمَّا خرَج مِنْ حارانَ. |
5: | وأخذَ أبرامُ سارايَ اَمْرأتَهُ ولُوطًا اَبنَ أخيهِ، وكُلَ ما كانَ يَمتَلكُهُ، هوَ ولُوطَ، والعبيدُ الذينَ حَصَلا علَيهِم في حارانَ. وخرَجوا جميعًا قاصِدينَ أرضَ كنعانَ.فلمَّا وصلوا إلى أرض كنعانَ |
6: | اَجتازَ أبرامُ في الأرضِ إلى بَلّوطَةِ مُورةَ في شَكيمَ، عِندَما كانَ الكنعانيُّونَ في الأرضِ. |
7: | وتَراءَى الرّبُّ لأبرامَ وقالَ: ((لِنَسلِكَ أهَبُ هذِهِ الأرضَ)). فبَنى أبرامُ هُناكَ مذبَحًا لِلرّبِّ الذي تَراءَى لهُ. |
8: | ثُمَ اَنتَقَلَ مِنْ هُناكَ إلى الجبَلِ شَرقيَ بَيتِ إيلَ ونَصبَ خيمَتَهُ، فكانَت بَيتُ إيلَ غربيَّهُ وعايُ شَرقيَّه. وبَنى أبرامُ هُناكَ مذبَحًا لِلرّبِّ، ودَعا بِاَسمِ الرّبِّ. |
9: | ثُمَ أخذَ يَرتَحِل جنوبًا نحوَ صحراءِ النَّقَبِ.
|
أبرام في مصر |
10: | وكانَ جوعٌ في أرضِ كنعانَ، فنَزلَ أبرامُ إلى مِصْرَ لِيَتغَرَّبَ هُناكَ، لأنَّ الجوعَ كانَ شديدًا. |
11: | فلمَّا وصَلَ إلى أبوابِ مِصْرَ قالَ لِسارايَ اَمْرأتِهِ: ((أعِرفُ أنَّكِ اَمرأةٌ جميلَةُ المَنظَرِ، |
12: | فإذا رآكِ المِصْريُّونَ سيَقولونَ: هذِهِ اَمْرَأتُه، فيَقتُلونَني ويُبقُونَ علَيكِ. |
13: | قُولي إنَّكِ أُختي، فيُحسِنُوا مُعاملَتي بِسبَبِكِ ويُبقُوا على حياتي لأجلِكِ)).
|
14: | ولمَّا دخلَ أبرامُ مِصْرَ رأى المِصْريُّونَ أنَّ المرأةَ جميلةٌ جدُا. |
15: | وشاهَدَها بعضُ حاشيةِ فِرعَونَ، فمَدَحُوها عِندَ فِرعونَ وأخذُوها إلى بَيتهِ. |
16: | وأحسَنَ فِرعَونُ إلى أبرامَ بِسبَبِها، فصارَ لَه غنَمٌ وبقَرٌ وحميرٌ وعبيدٌ وإماءٌ وأُتُنٌ وجمالٌ. |
17: | أمَّا الرّبُّ فضَرَبَ فِرعَونَ وأهلَ بَيتهِ ضَرَباتٍ عظيمةً بِسبَبِ سارايَ اَمرأةِ أبرامَ. |
18: | فاَسْتَدعى فِرعَونُ أبرامَ وقالَ لَه: ((ماذا فعَلْتَ بي، فكَتَمْتَ عنِّي أنَّها اَمرَأتُكَ؟ |
19: | لِماذا قُلتَ لي: هيَ أُختي حتى أخذتها لِتكونَ زَوجةً لي؟ والآنَ خذِ اَمْرَأتَكَ واَذْهَبْ!)) |
20: | وأمَرَ فِرعَونُ رِجالَه أنْ يُخرجوهُ مِنَ البِلادِ معَ اَمْرأتِهِ وكُلِّ ما يَملِكُ.
|
|
الفصل : 13 |
افتراق أبرام ولوط
1: | فصَعِدَ أبرامُ مِنْ مِصْرَ إلى صحراءِ النَّقبِ، هوَ واَمْرَأتُهُ ولُوطَ وكُلُّ ما يَملِكُ. |
2: | وكانَ أبرامُ غنيُا جدُا بِالمَاشيةِ والفِضَّةِ والذَّهَبِ، |
3: | وأخذَ يَرتَحلُ مِنَ النَّقَبِ إلى بَيتِ إيلَ، حَيثُ نصَبَ خيمَةً لَه مِنْ قَبلُ، بَينَ بَيتِ إيلَ وعايَ. |
4: | وحَيثُ بَنى مذبَحًا. وهُناكَ دعا أبرامُ باَسمِ الرّبِّ. |
5: | وكانَ أيضًا للُوطٍ الذي رافقَ أبرامَ غنَمٌ وبقَرٌ وخيامٌ، |
6: | فضاقَتِ الأرضُ بِسُكناهُما مَعًا لأنَّ أملاكَهُما كانَت كثيرةً. |
7: | ووقَعَت خصومَةٌ بَينَ رُعاةِ ماشيةِ أبرامَ ورُعاةِ ماشيةِ لُوطٍ، فيما الكنعانيُّونَ والفَرِّزِّيُّونَ مُقيمونَ في الأرضِ، |
8: | فقالَ أبرامُ لِلُوطٍ: ((لا تَكُنْ خصومَةٌ بَيني وبَينَكَ، ولا بَينَ رُعاتي ورُعاتِكَ، فنَحنُ رَجلانِ أخوَانِ. |
9: | الأرضُ كُلُّها بَينَ يَدَيكَ، فاَنفَصِلْ عنِّي. تذهَبُ إلى الشِّمالِ فأذهبُ إلى اليمينِ، أو إلى اليمينِ فأذهبُ إلى الشِّمالِ)). |
10: | فرفَعَ لُوطَ عَينيه فرأى وادي الأردنِّ باَتجاهِ صُوغَرَ رَيَّانَ كُلَّه، كَجنَّةِ الرّبِّ، كأرضِ مِصْرَ، قَبلَ أنْ دَمَّرَ الرّبُّ سدومَ وعَمورةَ.
|
11: | فاَختارَ لُوطَ لِنفْسِه وادي الأردنِّ ورَحَلَ إلى المَشرقِ. واَنفَصَلَ الواحدُ عَنِ الآخرِ. |
12: | فأقامَ أبرامُ في أرضِ كنعانَ، وأقَامَ لُوطَ في مُدُنِ الوادي، ونَقَل خيامَه إلى جوارِ سدومَ. |
13: | وكانَ أهلُ سدومَ أشرارًا خاطِئين جدُا أمامَ الرّبِّ.
|
أبرام في حبرون |
14: | وقالَ الرّبُّ لأبرامَ بَعدَما فارَقَهُ لُوطَ: ((اَرفَعْ عينَكَ واَنظُرْ مِنَ المَوضِعِ الذي أنتَ فيهِ شِمالاً وجنوبًا وشَرقًا وغَربًا، |
15: | فهذِهِ الأرضُ كُلُّها أهَبُها لكَ ولِنسلِكَ إلى الأبدِ، |
16: | وأجعَلُ نسلَكَ كتُرابِ الأرضِ، فإنْ أمكنَ لأحدٍ أنْ يُحصيَهُ، فنَسلُكَ أيضًا يُحصَى. |
17: | قُمِ اَمشِ في الأرضِ طُولاً وعَرضًا، لأنِّي لكَ أهَبُها)). |
18: | فاَنتقلَ أبرامُ بِخيامهِ حتى إلى بلُّوطِ مَمْرا في حَبرونَ، فأقامَ هُناكَ وبَنى مذبَحًا للرّبِّ.
|
|
الفصل : 14 |
أبرام ينقذ لوطا
1: | كانَ في أيّامِ أمرافَلَ مَلِكِ شِنْعارَ، وأريوكَ مَلِكِ الآسارَ، وكَدرْلعومرَ مَلِكِ عيلامَ، وتدعالَ مَلِكِ جوييمَ، |
2: | أنَّهم حارَبوا بارَعَ مَلِكَ سدومَ، وبرشاعَ مَلِكَ عَمورةَ، وشَنآبَ مَلِكَ أدمةَ، وشمئيبرَ مَلِكَ صَبُوييمَ، ومَلِكَ بالَعَ وهيَ صوغَرُ. |
3: | هؤلاءِ جميعًا حشَدوا رِجالَهُم في وادي السِّدِّيمِ وهوَ البحرُ المَيْتُ. |
4: | كانوا خاضِعينَ لِكَدَرْلعَومَرَ اَثنتي عَشْرَةَ سنَةً، وفي السَّنةِ الثَّالثةَ عَشْرةَ ثاروا علَيهِ. |
5: | وفي السَّنةِ الرَّابعةَ عشْرَةَ جاءَ كَدرْلَعَومَرُ والملوكُ حُلفاؤُهُ، فأخضَعوا الرَّفَائيِّينَ في عَشتَاروتَ قَرنايمَ، والزُّوزيِّينَ في هَامَ، والإيميِّين في شَوَى قِريتايِم، |
6: | والحوريِّينَ في جبَلِهم سَعيرَ حتى سَهلِ فارانَ على حُدودِ الصَّحراءِ. |
7: | ثُمَ رَجعوا وجاؤوا إلى عينِ مِشفاطَ وهيَ قادشُ، فَأخضَعوا أرضَ العمالِقَةِ كُلَّها والأموريِّينَ المُقيمينَ في حَصُّونِ تامارَ. |
8: | فخرَج مُلوكُ سدومَ وعَمورةَ وأدمةَ وصبوئيمَ وبالَعَ، وهيَ صوغرُ واَصْطفُّوا للقتالِ في وادي السِّدِّيمِ |
9: | معَ كدَرْلَعَومَرَ مَلِكِ عيلامَ، وتدِعالَ مَلِكِ جوييمَ، وأمرافَلَ ملكِ شِنْعارَ، وأريوكَ مَلِكِ الآسارَ، وهُم أربعةُ مُلوكٍ مُقابلَ الخمْسةِ. |
10: | وكانَ في وادي السِّدِّيمِ آبارٌ كثيرةٌ مِنَ القارِ، فلمَّا هرَبَ مَلِكا سدومَ وعَمورةَ سقطا فيها، والباقُونَ هربوا إلى الجبَلِ. |
11: | فأخذَ الغُزاةُ جميعَ ثروةِ أهلِ سدومَ وعَمورةَ ومُؤونَتَهُم ومَضَوا. |
12: | وأخذوا أيضًا لُوطًا، اَبنَ أخي إبراهيمَ، وثَروَتَه ومَضَوا، وكانَ لُوطَ مُقيمًا بِمدينةِ سدومَ. |
13: | فجاءَ أَحدُ النَّاجينَ وأخبرَ أبرامَ العِبرانيَ وهوَ مُقيمٌ عِندَ بَلُّوطِ مَمْرا الأموريِّ، أخي أشكولَ وعانِرَ، وهُم حُلفاءُ أبرامَ. |
14: | فلمَّا سَمِعَ أبرامُ أنَّ اَبنَ أخيهِ في الأسْرِ. جمَعَ مَواليَهُ المولودينَ في بَيتهِ، وعَدَدُهُم ثلاثُ مئةٍ وثمانيةَ عشَرَ، وتَبِعَهُم شمالاً إلى دَانَ. |
15: | وهُناكَ أطبقَ علَيهِم في اللَّيلِ مِنْ كُلِّ جانبٍ هوَ ورجالُه، فهَزَمَهُم وتَبعَهُم إلى حُوبَةَ شَماليَ دِمَشْقَ. |
16: | فاَسترَدَ جميعَ الثَّروةِ، ولُوطًا اَبنَ أخيهِ وثَروَتَه، والنِّساءَ وسائِرَ القَومِ.
|
ملكيصادق |
17: | وعِندَ رُجوعِ أبرامَ مُنتَصِرًا على كَدَرلَعَومَرَ والمُلوكِ الذينَ حاربوا معَهُ، خرَج مَلِكُ سدومَ للقائهِ في وادي شَوَى، وهوَ وادي المَلِكِ. |
18: | وأخرَج مَلكيصادِقُ، مَلِكُ شاليمَ، خبزًا وخمرًا، وكانَ كاهنًا للهِ العليِّ.
|
19: | فبارَكَ أبرامَ بِقولِهِ:((مُبارَكٌ أبرامُ مِنَ اللهِ العليِّ،خالِقِ السَّماواتِ والأرض
ِ |
20: | وتباركَ الله العليُّ الذي أسلَمَ أعداءَكَ إلى يَدِكَ! )) فأعطاهُ أبرامُ العُشْرَ مِنْ كُلِّ شيءٍ.
|
21: | وقالَ مَلِكُ سدومَ لأبرامَ: ((أعطِني القَومَ، وُخذِ الثَّروةَ لكَ)).
|
22: | فقالَ أبرامُ لِملِكِ سدومَ: ((أرفَعُ يَدي وأحلِفُ بِالرّبِّ الإلهِ العليِّ، خالقِ السَّماواتِ والأرضِ |
23: | أنْ لا آخذَ خيطًا ولا رِباطَ نَعلٍ مِنْ جميعِ ما لكَ لِئلاَ تقولَ: أنا أغنيتُ أبرامَ، |
24: | ما عدا ما أكَلَهُ الفِتيانُ، ونصيبَ الرِّجالِ الذينَ ساروا مَعي، وهُم عانِرُ وأشكولُ ومَمْرا، فهؤلاءِ يأخذونَ نصيبَهُم)).
|
|
الفصل : 15 |
وعد الرّب لأبرام
1: | وبعدَ ذلِكَ ترَاءَى الرّبُّ لأبرامَ وقالَ لَه: ((لا تَخفْ يا أبرامُ. أنا تُرسٌ لكَ، وأجرُكَ عِندي عظيمٌ جدُا)). |
2: | فقالَ أبرامُ: ((يا سيِّدي الرّبُّ ما نَفْعُ ما تُعطيني وأنا سأموتُ عقيمًا، ووارثُ بَيتي هوَ أليعازَرُ الدِّمَشقيُّ!)) |
3: | وقالَ أبرامُ أيضًا: ((ما رزَقْتني نسلاً، وربيبُ بَيتي هوَ الذي يَرثُني)).
|
4: | فقالَ لَه الرّبُّ: ((لا يَرِثُكَ أليعازَرُ، بل مَنْ يخرُج مِنْ صُلبِكَ هوَ الذي يَرِثُكَ)). |
5: | وقادَهُ إلى خارج، وقالَ لهُ: ((أنظُرْ إلى السَّماءِ وعُدَ النُّجومَ إنْ قَدِرْتَ أنْ تَعُدَّها)). وقالَ لهُ: ((هكذا يكونُ نسلُكَ)). |
6: | فآمَنَ أبرامُ بالرّبِّ، فبَرَّرهُ الرّبُّ لإيمانِهِ. |
7: | وقالَ لَه الرّبُّ: ((أنا الرّبُّ الذي أخرجكَ مِنْ أُورِ الكَلدانيِّينَ لأعطيَكَ هذِهِ الأرضَ مِيراثًا لكَ)). |
8: | فقالَ أبرامُ: ((يا سيِّدي الرّبُّ، كيفَ أعلمُ أنِّي أرِثُها؟)) |
9: | فقالَ لهُ: ((خذْ لي عِجلةً عُمرُها ثَلاثُ سنواتٍ، وعَنزةً عمرُها ثَلاثُ سنواتٍ، وكَبْشًا عمرُهُ ثَلاثُ سنواتٍ، ويمامةً وحمامةً)). |
10: | فأخذَ لَه هذِهِ كُلَّها وشَطرَها أنصافًا، وجعَلَ كُلَ شطْرٍ مُقابلَ الشَّطْرِ الآخرِ وأمَّا الطَّائرُ فلم يشطُرْهُ. |
11: | واَنقضَّتِ الطُّيورُ الكاسرةُ على الجثثِ، فأخذَ أبرامُ يَزجرُها.
|
12: | ولمَّا مالَتِ الشَّمسُ إلى المغيبِ وقعَ أبرامُ في نَومِ عميقٍ، فاَستولى علَيه رُعبُ ظلامِ شديدٍ
|
13: | فقالَ لَه الرّبُّ: ((إعلَمْ جيِّدًا أنَّ نسلَكَ سيكونونَ غُرَباءَ في أرضٍ غيرِ أرضِهِم، فيستعبدُهُم أهلُها ويعذِّبونَهم أربعَ مئةِ سنَةٍ. |
14: | ولكني سأدينُ الأُمَّةَ التي تستعبدُهُم، فيَخرُجونَ بَعدَ ذلِكَ بثَروةٍ وفيرةٍ. |
15: | وأنتَ تموتُ وتنتَقِلُ إلى آبائِكَ بسلامِ، وتُدفَنُ بشيبةٍ صالحةٍ. |
16: | وفي الجيلِ الرَّابعِ يرجعُ نسلُكَ إلى هُنا، لأنِّي لن أطرُدَ الأموريِّينَ إلى أنْ يرتكبوا مِنَ الإثْمِ ما يستوجبُ العِقابَ)). |
17: | فما إنْ غابتِ الشَّمسُ وخيَّمَ الظَّلامُ، حتى ظهرَ تَنورُ دُخانٍ ومِشعَلُ نارٍ عابرٌ بَينَ تِلكَ القِطَعِ مِنَ الذَّبائِحِ. |
18: | في ذلِكَ اليومِ قطَعَ الرّبُّ معَ أبرامَ عَهدًا قالَ: ((لِنَسلِكَ أهَبُ هذِهِ الأرضَ، مِنْ نهرِ مِصْرَ إلى النَّهرِ الكبيرِ، نهرِ الفُراتِ، |
19: | وهيَ أرضُ القَينيِّينَ والقَنزِّيِّينَ والقدمُونيِّينَ |
20: | والحثِّيِّينَ والفَرزِّيِّينَ والرَّفائيِّينَ |
21: | والأموريِّينَ والكنعانيِّينَ والجرجاشيِّينَ واليَبوسِيِّينَ)).
|
|
الفصل : 16 |
مولد إسماعيل
1: | وأمَّا سارايُ اَمرأةُ أبرامَ، فلم تَلِدْ لهُ. وكانَت لها جاريةٌ مِصْريَّةٌ اَسمُها هاجرُ، |
2: | فقالَت سارايُ لأَبرامَ: ((الرّبُّ منَعَ عنِّي الولادةَ فضاجعْ جاريتي لعلَ الرّبَ يُرزِقُني مِنها بَنينَ)). فسَمِعَ أبرامُ لِكلامِ سارايَ. |
3: | فأخذَت سارايُ، اَمرأةُ أبرامَ، هاجرَ المِصْريَّةَ، جاريتَها وأعطتْها لأَبرامَ لتكونَ لَه زوجةً، وذلِكَ بَعدما أقامَ أبرامُ بأرضِ كنعانَ عَشْرَ سنينَ. |
4: | فضاجعَ أبرامُ هاجرَ فحَبِلت. فلمَّا رأت أنَّها حَبِلَت، صَغُرَت سيّدَتُها في عينَيها. |
5: | فقالت سارايُ لأبرام: ((غضَبي علَيكَ. دفَعْتُ جاريَتي إلى حِضنِكَ، فلمَّا رأت أنَّها حَبِلَت صَغُرْتُ في عَينِها. الرّبُّ يَحكُم بَيني وبَينَكَ)).
|
6: | فقالَ أبرامُ لساراي: ((هذِهِ جاريتُكِ في يَدكِ، فاَفعلي بها ما يَحلو لكِ)). فأخذتْ سارايُ تُذِلُّها حتى هربتْ مِنْ وَجهِهِا.
|
7: | ووجدَ ملاكُ الرّبِّ هاجرَ على عينِ ماءٍ في الصَّحراءِ على عينِ الماءِ التي في طريقِ شُورَ،
|
8: | فقالَ لها: ((يا هاجرُ جاريةَ سارايَ، مِنْ أينَ جئتِ وإلى أينَ تذهبينَ؟)) قالت: ((أنا هاربةٌ مِنْ وجهِ سيّدتي سارايَ)). |
9: | فقالَ لها ملاكُ الرّبِّ: ((إرْجعي إلى سيّدَتِكِ واَخضَعي لها)). |
10: | ثُمَ قالَ لها: ((كثيرًا أجعَلُ نسلَكِ حتى لا يُحصَى لِكَثرَتِه)). |
11: | وقالَ:((أنتِ حُبلَى وستَلِدين اَبنًا فتُسمِّينه إسماعيلَ،لأنَّ الرّبَ سَمِعَ صُراخ عَنائِكِ.
|
12: | ويكونُ رَجلاً كحمارِ الوحشِ،يَدُهُ مرفوعةٌ على كُلِّ إنسانٍ،ويَدُ كُلِّ إنسانٍ مرفوعةٌ علَيهِ،ويَعيشُ في مواجهَةِ جميعِ إخوتِهِ)).
|
13: | فنادت هاجرُ الرّبَ الذي خاطَبها: ((أنتَ اللهُ الذي يراني)). لأنَّها قالت: ((هُنا حَقُا رأيتُ الذي يراني)) |
14: | لِذلِكَ سُمِّيتِ البِئرُ بِئرَ الحيِّ الرَّائي، وهيَ بَينَ قادَشَ وبارَدَ.
|
15: | وولَدَت هاجرُ لأبرامَ اَبنًا، فسمَّاهُ إسماعيلَ.
|
16: | وكانَ أبرامُ اَبنَ ستٍّ وثمانينَ سنَةً حينَ ولَدَت لَه هاجرُ إسماعيلَ.
|
|
الفصل : 17 |
العهد والختان
1: | ولمَّا بلغَ أبرامُ التَّاسِعةَ والتِّسْعينَ تراءى لَه الرّبُّ وقالَ: ((أنا اللهُ القديرُ! أُسلُكْ أمامي وكُنْ كاملاً، |
2: | فأجعَلَ عَهدي بَيني وبَينَكَ وأُكثِّرَ نسلَكَ جدُا)).
|
3: | فوَقَعَ أبرامُ على وجهِهِ ساجدًا وقالَ لَه اللهُ: |
4: | ((هذا هوَ عَهدي معَكَ: تكونُ أبًا لأُمَمِ كثيرةٍ، |
5: | ولا تُسمَّى أبرامَ بَعدَ اليومِ، بل تُسمَّى إبراهيمَ، لأنِّي جعَلْتُكَ أبًا لأُمَمِ كثيرةٍ. |
6: | سأُنميكَ كثيرًا جدُا، وأجعَلُكَ أُمَمًا، ومُلوكٌ مِنْ نسلِكَ يَخرجونَ، |
7: | وأُقيمُ عَهدًا أبديُا بَيني وبَينَكَ وبَينَ نَسلِكَ مِنْ بَعدِكَ، جيلاً بَعدَ جيلٍ، فأكونُ لكَ إلهًا ولِنسلِكَ مِنْ بَعدِكَ، |
8: | وأُعطيكَ أَنتَ ونسلَكَ مِنْ بَعدِكَ أرضَ غُربَتِكَ، كُلَ أرضِ كنعانَ، مُلْكًا مؤبَّدًا وأكونُ لهُم إلهًا)).
|
9: | وقالَ اللهُ لإبراهيمَ: ((اَحفَظْ عَهدي، أنتَ ونسلُكَ مِنْ بَعدِكَ جيلاً بَعدَ جيلٍ. |
10: | وهذا هوَ عهدي الذي تحفظونَه بَيني وبَينكُم وبَينَ نسلِكَ مِنْ بَعدِكَ: أنْ يُختَنَ كُلُّ ذَكَرٍ مِنكُم. |
11: | فتَختِنونَ الغُلْفةَ مِنْ أبدانِكُم، ويكونُ ذلِكَ علامةَ عَهدٍ بَيني وبَينَكُم. |
12: | كُلُّ ذَكَرٍ مِنكُم اَبنُ ثمانيةِ أيّامِ تَختِنونَه مدَى أجيالِكُم، ومِنهُمُ المَولودونَ في بُيوتِكُم أوِ المُقتَنونَ بِمالٍ وهُم غُرَباءُ عَنْ نسلِكُم. |
13: | فيُختَنُ المَولُودون في بُيوتِكُم والمُقتنَونَ بمالِكُم ليكونَ عَهدي في أبدانِكم عَهدًا مؤبَّدًا. |
14: | وأيُّ ذَكَرٍ لا يُختَنُ يُقطَعُ مِنْ شعبِهِ لأنَّهُ نقَضَ عَهدي)).
|
15: | وقالَ اللهُ لإبراهيمَ: ((أمَّا سارايُ اَمرأتُكَ فلا تُسَمِّها سارايَ، بل سارَةَ.
|
16: | وأنا أُبارِكُها وأُعطيكَ مِنها اَبنًا، أُبارِكُها فيكونُ مِنها أمَمٌ وشُعوبٌ، ويَخرُج مِنْ نسلِها مُلوكٌ)). |
17: | فوَقَعَ إبراهيمُ على وجهِهِ ساجدًا وضَحِكَ وقالَ في نفْسِهِ: ((أيولَدُ وَلَدٌ لاَبنِ مئَةِ سنَةٍ؟ أم سارَةُ تَلِدُ وهيَ اَبنةُ تِسعينَ سنَةً؟)) |
18: | فقالَ إبراهيمُ للهِ: ((لَيتَ إسماعيلَ يَحيا أمامَكَ!)) |
19: | فقالَ اللهُ: ((بل سارةُ اَمرأتُكَ ستَلِدُ لكَ اَبنًا وتُسمِيهِ إسحَقَ، وأُقيمُ عَهدي معَه عَهدًا مُؤبَّدًا لِنسلِه مِنْ بَعدِهِ. |
20: | وأمَّا إسماعيلُ فسَمِعْتُ لكَ، وها أنا أبارِكُه وأُنمِّيه وأكثِّرُهُ جدُا، ويَلِدُ اَثني عشَرَ رئيسًا وأجعَلُ نَسلَه أُمَّةً عظيمةً. |
21: | ولكنْ عَهدي أُقيمُهُ معَ إسحَقَ الذي تَلِدُهُ سارةُ في مِثلِ هذا الوقتِ مِنَ السَّنةِ المُقبلةِ)). |
22: | قالَ اللهُ لإبراهيمَ هذا الكلامَ واَرتفعَ عَنه.
|
23: | فأخذَ إبراهيمُ إسماعيلَ اَبنَهُ، وجميعَ المولودينَ في بَيتِه والذينَ اَقتناهُم بمالِهِ، أيْ كُلَ ذَكَرٍ مِن أهلِ بَيتِه، فختنَ الغُلْفَةَ مِن أبدانِهم في ذلِكَ اليومِ ذاتِهِ، كما أمرَهُ اللهُ. |
24: | وكانَ إبراهيمُ اَبنَ تسعِ وتسعينَ سنَةً، |
25: | وإسماعيلُ اَبنُهُ في الثَّالثةَ عَشْرَةَ عِندَ اَختِتانِهما.
|
26: | في ذلِكَ اليومِ ذاتِهِ اَختُتِنَ إبراهيمُ وإسماعيلُ اَبنُهُ |
27: | وجميعُ رِجالِ بَيتِه المولودينَ فيهِ، أوِ الذينَ اَقتناهُم بِمالِه مِنَ الغُربَاءِ. هؤلاءِ اَختُتِنوا معَهُ.
|
|
الفصل : 18 |
ظهور الله في ممرا
1: | وتَراءى الرّبُّ لإبراهيمَ عِندَ بَلُّوطِ مَمْرا، وهوَ جالسٌ بِبابِ الخيمَةِ في حَرِّ النَّهارِ. |
2: | فرفَعَ عينيهِ ونظَرَ فرأى ثَلاثةَ رِجالٍ واقِفينَ أمامَهُ، فأسرعَ إلى لِقائِهِم مِنْ بابِ الخيمةِ وسجدَ إلى الأرضِ |
3: | وقالَ: ((إنْ كنتَ راضِيًا عليَ يا سيّدي، فلا تَمُرَ مُرورًا بِعَبدِكَ. |
4: | دَعني أُقدِّمُ لكُم قليلاً مِنَ الماءِ، فتَغسِلونَ أرجلَكُم وتَستريحونَ تحتَ الشَّجرَةِ. |
5: | وأقدِّمُ لكُم كِسرةَ خبزٍ، فتَسنِدونَ بها قُلوبَكُم ثُمَ تَستَأنِفونَ سَفَرَكُم. وإلاَ لماذا مرَرْتُم بِعَبدِكُم؟)) فقالوا لهُ: ((إفعَلْ كما قُلتَ)).
|
6: | فأسرعَ إبراهيمُ إلى سارةَ في الخيمَةِ وقالَ لها: ((إعجني في الحالِ ثَلاثةَ أكيالٍ مِنَ الدَّقيقِ الأبيضِ واَخبِزيها أرغِفةً)) |
7: | واَندفعَ إبراهيمُ نحوَ البقَرِ فأخذَ عِجلاً رَخصًا مُسَمَّنًا إلى الخادِم فأسرعَ في تَهيئَتِهِ. |
8: | ثُمَ أخذَ زبدَةً ولَبَنًا والعِجلَ الذي هيَّأهُ، فوضَعَ هذا كُلَّه أمامَهُم. فأكلوا وهوَ واقفٌ أمامَهُم تَحتَ الشَّجرَةِ. |
9: | ثُمَ قالوا: ((أينَ سارةُ اَمرأتُكَ؟)) قالَ: ((هيَ في الخيمةِ)).
|
10: | فقالَ أحدُهُم: ((سأرجعُ إليكَ في مِثلِ هذا الوقتِ مِنَ السَّنَةِ المُقبِلَةِ ويكونُ لسارةَ اَمرأتِكَ اَبنٌ)). وكانَت سارةُ تسمَعُ عِندَ بابِ الخيمةِ وراءَهُ |
11: | وكانَ إبراهيمُ وسارةُ شَيخينِ مُتَقَدِّمَينِ في السِّنِّ، واَمتنعَ أنْ يكونَ لسارةَ عادةٌ كما لِلنِّساءِ، |
12: | فضَحِكت سارةُ في نفْسِها وقالت: ((أبَعدَما عَجزْتُ وشاخ زوجي تكونُ لي هذِهِ المِتعَةُ؟)) |
13: | فقالَ الرّبُّ لإبراهيمَ: ((ما بالُ سارةَ ضَحِكَت وقالت: ((أحقُا ألِدُ وأنا الآنَ في شيخوختي؟ |
14: | أيصْعُبُ على الرّبِّ شيءٌ؟ في مِثلِ هذا الوقتِ مِنَ السَّنةِ المُقبِلَةِ أعودُ إليكَ ويكونُ لِسارةَ اَبنٌ)). |
15: | فأنكَرَت سارَةُ وقالت: ((ما ضَحِكْتُ))، لأنَّها خافَت. فقالَ: ((لا، بل ضَحِكْتِ)).
|
وساطة إبراهيم |
16: | وقامَ الرِّجالُ مِنْ هُناكَ وتوَجهوا نحوَ سدومَ، وسارَ إبراهيمُ مَعَهُم لِيُشَيِّعَهُم. |
17: | فقالَ الرّبُّ في نفْسِه: ((هل أكتُمُ عَن إبراهيمَ ما أنوي أنْ أفعلَهُ، |
18: | وإبراهيمُ سيكونُ أُمَّةً كبيرةً قويَّةً ويتَبارَكُ بِهِ جميعُ أُمَمِ الأرضِ؟ |
19: | أنا اَختَرْتُه لِيُوصيَ بَنيه وأهلَ بَيتِه مِنْ بَعدِه بأنْ يسلُكوا في طُرُقي ويعمَلوا بالعَدلِ والإنصافِ، حتى أفيَ بما وَعَدْتُهُ بهِ)). |
20: | وقالَ الرّبُّ لإبراهيمَ: ((كَثُرَتِ الشَّكوى على أهلِ سدومَ وعَمورةَ وعَظُمَت خطيئَتُهُم جدُا |
21: | أنزِلُ وأرى هل فعَلوا ما يستوجبُ الشَّكوَى التي بلَغَت إليَّ؟ أُريدُ أن أعلَمَ)).
|
22: | وتوَجهَ الرَّجلانِ مِنْ هُناكَ إلى سدومَ، وبقيَ إبراهيمُ واقفًا أمامَ الرّبِّ. |
23: | فاَقتربَ إبراهيمُ وقالَ: ((أتُهلِكُ الصِّدِّيقَ معَ الشِّرِّيرِ؟ |
24: | رُبَّما كانَ في المدينةِ خمسونَ صِدِّيقًا، أتُهلِكُها كُلَّها ولا تصفَحُ عَنها مِنْ أجلِ الخمسينَ صِدِّيقًا فيها؟ |
25: | حَرامٌ علَيكَ أنْ تفعَلَ مِثلَ هذا الأمرِ، فتُهلِكُ الصِّدِّيقَ معَ الشِّرِّيرِ، فيَتساويانِ. حَرامٌ علَيكَ! أديَّانُ كُلّ الأرضِ لا يَدينُ بالعَدلِ؟)) |
26: | فقالَ الرّبُّ: ((إنْ وجدْتُ خمسينَ صِدِّيقًا في سدومَ صَفَحْتُ عَنِ المكانِ كلِّه إكرامًا لهُم)).
|
27: | فأجابَ إبراهيمُ: ((ما بالي أُكَلِّمُ سيّدي هذا الكلامَ وأنا تُرابٌ ورمادٌ. |
28: | رُبَّما نقَصَ الخمسونَ بَريئًا خمْسةً، أتُهلِكُ كُلَ المدينةِ بِالخمْسةِ؟)) فقالَ: ((لا أُهلِكُها إنْ وجدتُ هناكَ خمْسةً وأربعينَ)). |
29: | وتابَعَ إبراهيمُ كلامَهُ فقالَ: ((وإنْ وجدْتَ هُناكَ أربَعينَ؟)) فأجابَ: ((لا أفعَلُ إكرامًا للأربعينَ)).
|
30: | فقالَ إبراهيمُ: ((لا يغضَبْ سيّدي فأتَكلَّمَ: وإنْ وجدْتَ هُناكَ ثَلاثينَ)). فأجابَ: ((لا أفعَلُ إنْ وجدْتُ هُناكَ ثَلاثينَ)). |
31: | فقالَ إبراهيمُ: ((ما بالي أُكْثِرُ الكلامَ أمامَ سيّدي: وإنْ وجدْتَ هُناكَ عِشْرينَ؟)) قالَ: ((لا أُزيلُ المدينةَ إكرامًا لِلعشْرينَ)). |
32: | فقالَ إبراهيمُ: ((لا يغضَبْ سيّدي فأتكلَّمَ لآخرِ مرَّةٍ: وإنْ وجدْتَ هُناكَ عشَرَةً؟)) قالَ: ((لا أُزِيلُ المدينةَ إكرامًا لِلعشَرَةِ)). |
33: | ومضَى الرّبُّ عِندَما فرَغَ مِنَ الكلامِ معَ إبراهيمَ، ورجعَ إبراهيمُ إلى حَيثُ يُقيمُ.
|
|
الفصل : 19 |
خراب سدوم
1: | فجاءَ المَلاكانِ إلى سدومَ عِندَ الغُروبِ وكانَ لُوطَ جالسًا بِبابِ المدينةِ، فلَّما رآهُما قامَ لِلقائِهِما وسجدَ بِوجهِهِ إلى الأرضِ |
2: | وقالَ: ((يا سيّديَ، ميلا إلى بَيتِ عبدِكُما وبيتا واَغْسِلا أرجلَكُما، وفي الصَّباحِ باكرًا تَستأنِفانِ سَفَرَكُما)). فقالا: ((لا، بل في السَّاحَةِ نَبيتُ)). |
3: | فألَحَ علَيهِما كثيرًا حتى مالا إليهِ ودَخلا بَيتَه، فعَمِلَ لهُما وليمةً وخبزَ فطيرًا فأكلا.
|
4: | وقَبلَ أنْ يناما جاءَ رِجالُ سدومَ جميعًا، شُبَّانًا وشُيوخا، وأحاطوا بالبَيتِ مِنْ كُلِّ جهةٍ، |
5: | فنادوا لُوطًا وقالوا لهُ: ((أينَ الرَّجلانِ اللَّذانِ دَخلا بَيتَكَ اللَّيلةَ؟ أخرِجهُما إلينا حتى نُضاجعَهُما)). |
6: | فخرج إليهِم لُوطَ وأغلقَ البابَ وراءَه |
7: | وقالَ: ((لا تفعَلوا سُوءًا يا إخوتي. |
8: | لي بِنتانِ ما ضاجعَتا رَجلاً، أُخرِجهما إليكُم فاَفعَلوا بهما ما يحلو لكُم. وأمَّا الرَّجلانِ فلا تفعلوا بهما شيئًا، لأنَّهما في ضِيافتي)). |
9: | فقالوا لَهُ: ((اَبتَعِدْ مِنْ هُنا! جئتَ أيُّها الغريبُ لِتُقيمَ بَينَنا وتتحكَّمَ فينا. الآنَ نفعَلُ بِكَ أسوأَ مِمّا نفعَلُ بِهِما)). ودفعوا لُوطًا إلى الوراءِ وتقدَّموا إلى البابِ لِيَكسِرُوه. |
10: | فمَدَ الرَّجلانِ أيديَهما وجذَبا لُوطًا إلى البَيتِ وأغلقا البابَ. |
11: | وأمَّا الرِّجالُ الذينَ على بابِ البَيتِ فضربَهُمُ الرَّجلانِ بالعَمَى، مِنْ صغيرِهِم إلى كبيرِهِم، فعجزُوا عَنْ أنْ يَجدوا البابَ.
|
12: | وقالَ الرَّجلانِ للُوطٍ: ((مَنْ لكَ أيضًا هُنا؟ إنْ كانَ لكَ أصهارٌ وبَنونَ وبَناتٌ وأقرباءُ آخرونَ في هذِهِ المدينةِ، فأخرِجهُم مِنها. |
13: | فهذا المكانُ سَنُهلِكُه، لأنَّ الشَّكوى على أهلهِ بلغَت مَسامعَ الرّبِّ فأرسلَنا لِنُهلِكَهُم)). |
14: | فخرج لُوطَ وقالَ لِصهرَيهِ الخاطبينِ بِنتَيهِ: قُومَا اَخرُجا مِنْ هُنا، لأنَّ الرّبَ سَيُهلِكُ المدينةَ)). فكانَ كَمَنْ يَمزَحُ في نظَرِ صِهرَيهِ. |
15: | فلمَّا طلَعَ الفَجرُ كانَ الملاكانِ يستعجلانِ لُوطًا ويقولانِ لهُ: ((قُمْ خذِ اَمرأتَكَ واَبنتَيكَ الموجودَتينِ هُنا، لِئلاَ تَهلَكُوا معَ المدينةِ عِقابًا لها)). |
16: | فلمَّا تباطأ لُوطَ أمسَكَ الرَّجلانِ بيدهِ وبيدِ اَمرأتهِ واَبنتَيهِ، لشفقةِ الرّبِّ علَيهِ، وأخرَجاهُ مِنَ المدينةِ وتركاهُ هُناكَ. |
17: | وبَينَما هُما يُخرجانِهِ مِنَ المدينةِ قالَ لَه أحدُهُما: ((أُنْج بنفْسِكَ. لا تَلتَفِتْ إلى ورائِكَ ولا تَقِفْ في السَّهْلِ كُلِّهِ، واَهرُبْ إلى الجبلِ لِئلاَ تَهلِكَ)) |
18: | فقالَ لُوطٌ: ((لا يا سيّدي. |
19: | نِلْتُ رِضاكَ وغمرْتَني برحمتِكَ فأنقذتَ حياتي. ولكني لا أقدِرُ أنْ أهرُبَ إلى الجبلِ، فرُبَّما لَحِقَني السُّوءُ فأموتُ. |
20: | أمَّا تِلكَ المدينةُ فهيَ قريبةٌ وصغيرةٌ، فدَعْني أهربُ إليها، فأنجوَ لصِغَرِها بحياتي)). |
21: | فقالَ لَهُ: ((إكرامًا لكَ لن أُدمِّرَ المدينةَ التي ذَكرْتَ. |
22: | أسرِعْ بالهرَبِ إلى هُناكَ، لأنِّي لن أفعَلَ شيئًا حتى تَصِلَ إليها)). ولذلِكَ سُمِّيتِ المدينةُ صُوغرَ. |
23: | فلمَّا أشرقتِ الشَّمسُ على الأرضِ ودَخلَ لُوطَ مدينةَ صُوغرَ. |
24: | أمطرَ الرّبُّ على سدومَ وعَمورةَ كِبريتًا ونارًا مِنَ السَّماءِ، |
25: | فدَمَّرَها معَ الوادي وجميعِ سُكَّانِ المُدُنِ ونباتِ الأرضِ. |
26: | واَلْتفتتِ امرأةُ لُوطٍ إلى الوراءِ فصارت عَمودَ مِلحِ. |
27: | وبكَّرَ إبراهيمُ في الغدِ إلى المكانِ الذي وقفَ فيهِ أمامَ الرّبِّ، |
28: | وتطلَّعَ إلى جهةِ سدومَ وعَمورةَ والوادي كُلِّهِ، فرأى دُخانَ الأرضِ صاعدًا كدُخانِ الأتونِ. |
29: | ولمَّا أهلكَ اللهُ مُدُنَ الوادي التي كانَ لُوطَ يُقيمُ بها، تذَكَّرَ إبراهيمَ، فأخرج لُوطًا مِنْ وسَطِ الدَّمارِ.
|
أصل المؤابيين وبني عمون |
30: | وخافَ لُوطَ أنْ يسكُنَ في صُوغرَ، فصعِدَ إلى الجبَلِ وأقامَ بالمغارةِ هوَ واَبنتاهُ. |
31: | فقالتِ الكُبرى للصُّغرى: ((شاخ أبونا وما في الأرضِ رَجلٌ يتزوَّجنا على عادةِ أهلِ الأرضِ كُلِّهِم. |
32: | تعالَي نسقي أبانا خمرًا ونضاجعُهُ ونقيمُ مِنْ أبينا نسلاً)). |
33: | فسقتا أباهُما خمرًا تِلكَ اللَّيلةَ، وجاءتِ الكُبرى وضاجعت أباها وهوَ لا يَعلمُ بنيامِها ولا قيامِها. |
34: | وفي الغدِ قالتِ الكُبرى للصُّغرى: ((ضاجعتُ البارحةَ أبي، فلنَسْقِهِ خمرًا اللَّيلةَ أيضًا، وضاجعيهِ أنتِ لِنُقيمَ مِنْ أبينا نسلاً)). |
35: | فسقتا أباهُما خمرًا تِلكَ الليلةَ أيضًا، وقامتِ الصُّغرى وضاجعَتْهُ وهوَ لا يَعلمُ بنيامِها ولا قيامِها. |
36: | فحملتِ اَبنتا لُوطٍ مِنْ أبيهما. |
37: | فولدتِ الكُبرى اَبنًا وسمَّتْهُ موأبَ، وهوَ أبو المؤابيِّينَ إلى اليومِ. |
38: | والصُّغرى أيضًا ولدتِ اَبنًا وسمَّتْهُ بنَ عمِّي، وهوَ أبو بَني عمُّونَ إلى اليومِ.
|
|
الفصل : 20 |
إبراهيم في جرار
1: | واَنتقلَ إبراهيمُ مِنْ هُناكَ إلى أرضِ النَّقَبِ، فأقامَ بَينَ قادِشَ وشورَ ونزلَ بمدينةِ جرارَ.
|
2: | وقالَ إبراهيمُ عَنْ سارةَ اَمرأتِه: ((هيَ أختي)). فأرسلَ أبيمالكُ، مَلِكُ جرارَ، فأخذَ سارةَ. |
3: | فجاءَ اللهُ إلى أبيمالكَ في حُلُمِ اللَّيلِ وقالَ لَه: ((ستموتُ بسبَبِ المرأةِ التي أخذْتَها، فهيَ مُتزوِّجةٌ برجلٍ)). |
4: | ولم يكُنْ أبيمالكُ اَقتربَ إليها، فقالَ: ((يا سيّدي، أأُمَّةً بريئَةً تَقْتُلُ؟ |
5: | أما قالَ لي إبراهيمُ: هيَ أُختي، وقالت لي اَمرأتُهُ أيضًا: هوَ أخي؟ فبسلامةِ قلبي ونقاوةِ يَديَ فعلْتُ هذا)). |
6: | قالَ لَه اللهُ في الحُلُم: ((أنا أعرِفُ أنَّكَ بسلامةِ قلبِكَ فعلْتَ هذا، ولذلِكَ منَعْتُكَ مِنْ أنْ تَمُسَّها فتَخطَأُ إليَ.
|
7: | والآنَ رُدَ اَمرأةَ الرَّجلِ، فهوَ نَبيًّ يُصلِّي لأجلِكَ فتحيا. وإنْ كُنتَ لا تردُّها، فاَعلمْ أنَّكَ لا بُدَ هالكٌ أنتَ وجميعُ شعبِكَ)).
|
8: | فبكَّرَ أبيمالكُ في الغَدِ واَستدعى جميعَ رجالهِ وأخبرهُم بكُلِّ ما جرى، فخافوا خوفًا شديدًا. |
9: | ثُمَ دعا أبيمالكُ إبراهيمَ وقالَ لَهُ: ((ماذا فعَلْتَ بنا؟ وبماذا أذنبتُ إليكَ حتى جلبْتَ عليَ وعلى مملكتي خطيئةً عظيمةً؟ ما فعَلْتَ بي لا يفعَلُهُ أحدٌ)). |
10: | وسألَ أبيمالكُ إبراهيمَ: ((ماذا خطرَ لكَ حتى فعَلْتَ هذا؟)) |
11: | فأجابَ إبراهيمُ: ((ظننْتُ أنْ لا وجودَ لخوفِ اللهِ في هذا المكانِ، فيقتلُني النَّاسُ بسببِ اَمرأتي. |
12: | وبالحقيقةِ هيَ أختي اَبنةُ أبي لا اَبنةُ أُمِّي، فصارت اَمرأةً لي. |
13: | فلمَّا شَرَّدني اللهُ مِنْ بَيتِ أبي قلتُ لها: تُحسِنينَ إليَ إنْ قلتِ عنِّي حَيثُما ذهبْنا: هوَ أخي)).
|
14: | فأخذَ أبيمالكُ غنَمًا وبقَرًا وعبيدًا وجواريَ وأعطى هذا كُلَّه لإبراهيمَ وأعادَ إليهِ سارةَ اَمرأتَهُ. |
15: | وقالَ أبيمالكُ: ((هذِهِ بلادي بَينَ يَديكَ، فأقِمْ حَيثُما طابَ لكَ)).
|
16: | وقالَ لسارةَ: ((أعطيتُ أخاكِ ألفًا مِنَ الفضَّةِ، وهو لكِ رَدُّ اَعتبارٍ أمامَ عُيونِ كُلِّ مَنْ معَكِ وسِواهُم بأنِّيلم أتزوَّجكِ)).
|
17: | فصلَّى إبراهيمُ إلى اللهِ، فشفَى اللهُ أبيمالكَ واَمرأتَهُ وجوارِيَهُ فولَدْنَ، |
18: | وكانَ الرّبُّ أغلقَ كُلَ رَحِمِ في بيتِ أبيمالكَ بسببِ سارةَ اَمرأةِ إبراهيمَ.
|
|
الفصل : 21 |
مولد إسحق
1: | وتفقَّدَ الرّبُّ سارةَ كما قالَ، وفعَلَ لها كما وعَدَ. |
2: | فحَمَلت سارةُ وولَدت لإبراهيمَ اَبنًا في شيخوختهِ، في الوقتِ الذي تكلَّمَ اللهُ عنهُ |
3: | فسَمَّاهُ إسحَقَ. |
4: | وختَنَ إبراهيمُ إسحَقَ اَبنَهُ وهوَ اَبنُ ثمانيةِ أيّامِ، كما أوصاهُ اللهُ. |
5: | وكانَ إبراهيمُ اَبنَ مئةِ سنَةٍ حينَ وُلِدَ إسحقُ. |
6: | وقالت سارةُ: ((اللهُ جعَلَني أضحَكُ، وكُلُّ مَنْ سَمِعَ يضحَكُ لي أيضًا)). |
7: | وقالت: ((مَنْ كانَ يقولُ إنَّ سارةَ ستُرضِعُ لإبراهيمَ بنَينَ؟ وهاأنا وَلَدتُ لَه اَبنًا في شيخوختِهِ! )) .
|
طرد هاجر وإسماعيل |
8: | وكبُرَ الصَّبيُّ وفُطِمَ. وأقامَ إبراهيمُ وليمةً عظيمةً في يومِ فِطامِ إسحَقَ. |
9: | ورأت سارةُ اَبنَ هاجرَ المِصْريَّةِ الذي ولَدتْهُ لإبراهيمَ يلعبُ مع اَبنِها إسحَقَ، |
10: | فقالت لإبراهيمَ: ((أُطردْ هذِهِ الجاريةَ واَبنَها! فاَبنُ هذِهِ الجاريةِ لا يَرِثُ معَ اَبني إسحَقَ)). |
11: | وساءَ إبراهيمَ هذا الكلامُ، لأنَّ إسماعيلَ، كانَ أيضًا اَبنَه. |
12: | فقالَ لَه اللهُ: ((لا يَسوؤُكَ هذا الكلامُ على الصَّبيِّ وعلى جاريتِكَ. إسمعْ لكُلِّ ما تقولُهُ لكَ سارةُ، لأنَّ بإسحَقَ يكونُ لكَ نسلٌ. |
13: | واَبنُ الجاريةِ أيضًا أجعلُهُ أُمَّةً لأنَّهُ مِنْ صُلبِكَ)).
|
14: | فبكَّرَ إبراهيمُ في الغدِ وأخذَ خبزًا وقِربةَ ماءٍ، فأعطاهُما لهاجرَ ووضَعَ الصَّبيَ على كتِفِها وصرفَها، فمضَت تَهيمُ على وجهِها في صحراءِ بئرَ سَبْعَ.
|
15: | ونفدَ الماءُ مِنَ القِربةِ، فألقت هاجرُ الصَّبيَ تَحتَ إحدى الأشجارِ |
16: | ومضَت فجلسَت قُبَالتَهُ على بُعْدِ رميَتَي قوسٍ وهيَ تقولُ في نفْسِها: ((لا أُريدُ أنْ أرى الولدَ يموتُ)). وفيما هيَ جالسةٌ رفعت صوتَها بالبُكاءِ. |
17: | وسَمِعَ اللهُ صوتَ الصَّبيِّ، فنادى ملاكُ اللهِ هاجرَ مِنَ السَّماءِ وقالَ لها: ((ما لكِ يا هاجرُ؟ لا تخافي. سَمِعَ اللهُ صوتَ الصَّبيِّ حَيثُ هوَ. |
18: | قُومي اَحملي الصَّبيَ وخذي بيدهِ، فسأجعَلُهُ أمَّةً عظيمةً)). |
19: | وفتحَ اللهُ بصيرتَها فرأت بئرَ ماءٍ، فمضَت إلى البئرِ وملأتِ القِربةَ ماءً وسقتِ الصَّبيَ. |
20: | وكانَ اللهُ معَ الصَّبيّ حتى كبُرَ، فأقامَ بالصَّحراءِ، وكان راميًا بالقوسِ. |
21: | وحينَ أقامَ بصحراءِ فارانَ، زوَّجتْهُ أمُّهُ باَمرأةٍ مِنْ أرضِ مِصْرَ.
|
إبراهيم وأبيمالك في بئر سبع |
22: | وفي تِلكَ الأيّامِ جاءَ أبيمالكُ معَ فيكولَ رئيسِ جيشهِ وقالَ لإبراهيمَ: ((أرى أنَّ اللهَ معَكَ في كُلِّ ما تعمَلُهُ، |
23: | فاَحْلِفْ لي هُنا باللهِ أنَّكَ لا تغدُرُ بي ولا بذُرِّيَّتي ونسلي، بل تُبادلُني معروفًا بمعروفٍ، أنا والأرضَ التي تغرَّبتَ فيها)). |
24: | فقالَ إبراهيمُ: ((أحلِفُ)). |
25: | وعاتبَ إبراهيمُ أبيمالكَ بخصوصِ البئرِ التي اَغتصَبها منهُ عبيدُ أبيمالكَ. |
26: | فقالَ أبيمالكُ: ((لا أعرفُ مَنْ فعَلَ هذا، فلا أنتَ أخبرْتَني ولا أنا سَمِعْتُ بهِ إلى الآنَ)). |
27: | وأخذَ إبراهيمُ غنَمًا وبقَرًا، فأعطى أبيمالكَ وقطَعا كِلاهُما عهدًا. |
28: | وأفردَ إبراهيمُ سَبْعَ نِعاج مِنَ الغنَمِ على حِدَةٍ. |
29: | فقالَ لَه أبيمالكُ: ((ما هذِهِ السَّبْعُ النِّعاج التي أفردْتَها على حِدَةٍ؟)) |
30: | فأجابَ إبراهيمُ: ((سَبْعُ نعاج تأخذُ مِنْ يَدي، شهادةً لي بأنِّي حفَرْتُ هذِهِ البئرَ)). |
31: | وسمَّى ذلِكَ المَوضِعَ بئرَ سَبْعَ، لأنَّ فيهِ تمَ الإِتِّفاقُ. |
32: | وبَعدَما تعاهدا في بئرِ سَبْعَ، رجعَ أبيمالكُ وفيكولُ رئيسُ جيشِه إلى أرضِ الفلِسطيّينَ |
33: | وغرَسَ إبراهيمُ شجرًا في بئرِ سَبْعَ ودعا هُناكَ باَسمِ الرّبِّ الإلهِ السَّرمديِّ. |
34: | وتغرَّبَ إبراهيمُ في أرضِ الفلِسطيِّينَ أيّامًا كثيرةً.
|
|
الفصل : 22 |
إسحق ذبيحة للرب
1: | وبَعدَ هذِهِ الأحداثِ اَمتحنَ اللهُ إبراهيمَ، فقالَ لَه: ((يا إبراهيمُ!)) قالَ: ((نعم، هاأنا)). |
2: | قالَ: ((خذْ إسحَقَ اَبنَكَ وحيدَكَ الذي تُحِبُّهُ واَذهبْ إلى أرضِ مُوريَّةَ، وهناكَ أصعِدْهُ مُحرقةً على جبَلٍ أدُلُّكَ علَيه)). |
3: | فبكَّرَ إبراهيمُ في الغدِ وأسرج حمارَهُ وشقَّقَ حطبًا لمُحرقةٍ، ثُمَ أخذَ اَثنينِ مِنْ خدمِهِ وإسحَقَ اَبنَهُ وسارَ في طريقِهِ إلى المَوضِعِ الذي دلَّهُ اللهُ علَيه |
4: | وفي اليومِ الثَّالثِ رفَعَ إبراهيمُ عينيه فأبصرَ المكانَ مِنْ بَعيدٍ، |
5: | فقالَ لخادمَيهِ: ((اَنتظرا أنتما هُنا معَ الحمارِ، وأنا والصَّبيُّ نذهبُ إلى هُناكَ، فنَسجدُ ونرجعُ إليكُما)). |
6: | وأخذَ إبراهيمُ حطبَ المُحرقةِ، ووضَعَهُ على ظهرِ إسحقَ اَبنهِ، وأمسكَ بيدهِ النَّارَ والسِّكِّينَ، وسارا كِلاهُما معًا. |
7: | فقالَ إسحَقُ لأبيهِ: ((يا أبي!))
قالَ: ((نعم يا اَبني)). قالَ: ((هُنا النَّارُ والحطَبُ، فأينَ الخروفُ للمُحرقَةِ؟)) |
8: | فأجابَ إبراهيمُ:
((اللهُ يُدَبِّرُ لَه الخروفَ للمُحرقَةِ يا اَبني)). وسارا كِلاهُما معًا.
|
9: | فلمَّا وصلا إلى المَوضِعِ الذي دَلَّهُ اللهُ علَيه، بَنى إبراهيمُ هُناكَ المذبحَ، ورتَّبَ الحطَبَ، وربطَ إسحَقَ اَبنَهُ، ووضَعَهُ على المذبحِ فوقَ الحطَبِ.
|
10: | ومدَ إبراهيمُ يدَهُ، فأخذَ السِّكِّينَ ليذبَحَ اَبنَه. |
11: | فناداهُ ملاكُ الرّبِّ مِنَ السَّماءِ وقالَ: ((إبراهيمُ، إبراهيمُ!)) قالَ: ((نعم، ها أنا)).
|
12: | قالَ: ((لا تمُدَ يدَكَ إلى الصَّبيِّ ولا تفعَلْ بهِ شيئًا. الآنَ عرفتُ أنَّكَ تخافُ اللهَ، فما بَخلْتَ عليَ باَبنِكَ وحيدِكَ)).
|
13: | فرفَعَ إبراهيمُ عينيهِ ونظَرَ فرأى وراءَهُ كَبْشًا عالقًا بقرنيهِ بينَ الشُّجيراتِ، فأقبلَ على الكَبْشِ وأخذَهُ وقَدَّمَهُ مُحرقَةً بَدلَ اَبنِه.
|
14: | وسمَّى إبراهيمُ ذلِكَ المَوضِعَ ((الرّبُّ يُدَبِّر )). فيُقالُ إلى اليومِ: هذا جبلُ الرّبِّ يدبرِّ.
|
15: | ونادى ملاكُ الرّبِّ إبراهيمَ ثانيةً مِنَ السَّماءِ |
16: | وقالَ: بنفْسي أقسمْتُ، ((يقولُ الرّبُّ)): ((بما أنَّكَ فعلْتَ هذا وما بَخلْتَ باَبنِكَ وحيدِكَ، |
17: | فأُباركُكَ وأُكثِّرُ نسلَكَ كنجومِ السَّماءِ والرَّملِ الذي على شاطئِ البحرِ. ويَرِثُ نسلُكَ مُدُ أعدائهِ، |
18: | ويتبارَكُ في نسلِكَ جميعُ أُمَمِ الأرضِ لأنَّكَ سَمِعْتَ لي)). |
19: | ثُمَ رجعَ إبراهيمُ إلى خادمَيهِ، فقاموا وذهبوا معًا إلى بئرَ سَبْعَ، وأقامَ إبراهيمُ هُناكَ.
|
نسل ناحور |
20: | وبَعدَ هذِهِ الأحداثِ قيلَ لإبراهيمَ ها مِلْكَةُ أيضًا ولَدتْ بَنينَ لناحورَ أخيكَ: |
21: | عوصًا بكْرَه، وبُوزًا أخاهُ، وقموئيلَ أبا أرَامَ، |
22: | وكاسدَ وحزوَ وفِلداشَ ويدلافَ وبتوئيلَ. |
23: | وولَدَ بتوئيلُ رفقةَ. هؤلاءِ الثَّمانيةُ ولَدتْهُم مِلكَةُ لناحورَ أخي إبراهيمَ. |
24: | وأمَّا محظيَّتُه واَسمُها رؤومةُ، فولَدتْ هي أيضًا طابحَ وجاحَمَ وتاحَشَ ومَعكَةَ.
|
|
الفصل : 23 |
وفاة سارة ودفنها
1: | وعاشت سارةُ مئةً وسَبْعًا وعِشْرينَ سنَةً |
2: | وماتَت في قريةِ أربعَ، وهيَ حَبرونُ، في أرضِ كنعانَ. ودخلَ إبراهيمُ يندُبُ سارةَ ويبكي علَيها. |
3: | فلمَّا قامَ مِن أمامِ جثمانِها قالَ لبَني حِثٍّ: |
4: | ((أنا غريبٌ ونزيلٌ بَينَكُم. دعوني أملِكُ قبرًا عِندَكُم لأدفِنَ فيهِ مَيتي مِنْ أمامي)). |
5: | فأجابَهُ بَنو حِثٍّ:
|
6: | ((إسْمَعْ لنا يا سيّدي. اللهُ جعلَكَ رفيعَ المَقامِ فيما بيننا، فاَدفِنْ مَيتَكَ في أفضلِ قُبورِنا، لا أحدَ مِنَّا يَمنعُ قبرَهُ عَنكَ لتدفِنَ فيهِ مَيتَكَ)). |
7: | فقامَ إبراهيمُ واَنحنى لأهلِ تِلكَ الأرضِ، لبَني حِثٍّ |
8: | وقالَ لهُم: ((إنْ كُنتُم تَقبلونَ أنْ أدفِنَ مَيتي مِنْ أمامي فاَسمعوا لي واَطلبوا مِنْ عَفرونَ بنِ صُوحرَ |
9: | أن يُعطيَني مغارةَ المَكفيلةِ التي لَه في طَرَفِ حقلِهِ بثمنٍ كاملٍ، لتكونَ قبرًا أملُكُهُ فيما بَينَكُم.
|
10: | وكانَ عَفرونُ الحثِّيُّ جالسًا معَ بَني حِثٍّ، فأجابَ إبراهيمَ على مَسامعِ كُلّ بَني حِثٍّ الذينَ جاؤوا إلى مَجلسِ بابِ المدينةِ: |
11: | ((لا يا سيّدي، اَسمَعْ لي. الحقلُ وهبتُهُ لكَ، والمغارةُ التي فيهِ أيضًا. هذِهِ هِبَةٌ لكَ مِني بمشهدٍ مِنْ بَني قومي. فاَدفِنْ مَيتَكَ)). |
12: | فاَنحنى إبراهيمُ أمامَ أهلِ تِلكَ الأرضِ، |
13: | وقالَ لعَفرونَ على مَسامِعِهِم: ((لَيتكَ تسمَعُ لي، فأعطيَكَ ثَمنَ الحقلِ. خذْهُ مِني فأدفِنَ مَيتي هُناكَ)). |
14: | فأجابَ عَفرونُ إبراهيمَ: |
15: | ((إسمَعْ لي يا سيّدي. أرضٌ تساوي أربعَ مئةِ مِثقالِ فِضَّةٍ، فأيَّةُ قيمةٍ لها بَيني وبَينَكَ؟ اَدفِنْ مَيتَكَ فيها)). |
16: | فسمِعَ إبراهيمُ لعَفرونَ ووزَنَ لَه الفِضَّةَ التي ذكَرَها على مَسامعِ بني حِثٍّ، أي أربعَ مئةِ مثقالِ فِضَّةٍ مما هو رائج بَينَ التُّجارِ. |
17: | فأصبحَ حَقلُ عَفرونَ الذي في المكفيلةِ تُجاهَ مَمْرا: الحقلُ والمغارةُ وكُلُّ ما فيهِ مِنْ شجرٍ بجميعِ حُدودهِ المُحيطةِ به |
18: | مُلْكًا لإبراهيمَ بمشهدٍ مِنْ كُلِّ بَني حِثٍّ الذينَ جاؤوا إلى بابِ المدينةِ. |
19: | وبَعدَ ذلِكَ دفَنَ إبراهيمُ سارةَ اَمرأتَهُ في مغارةِ حَقلِ المكفيلةِ تُجاهَ مَمْرا، وهيَ حَبرونُ، في أرضِ كنعانَ. |
20: | وهكذا اَنتقلَ الحَقلُ والمغارةُ التي فيه مِنْ بَني حِثٍّ إلى إبراهيمَ مُلْكًا لقبرٍ.
|
|
الفصل : 24 |
زواج إسحق
1: | وشاخ إبراهيمُ وتقدَّمَ في السِّنِّ. وباركَ الرّبُّ إبراهيمَ في كُلِّ شيءٍ. |
2: | وقالَ إبراهيمُ لكبيرِ خدَمِ بَيتهِ ووكيلِ جميعِ أملاكهِ: ((ضَعْ يَدكَ تَحتَ فَخذي |
3: | فأستَحلِفَك بالرّبِّ إلهِ السَّماءِ وإلهِ الأرضِ أنْ لا تأخذَ زوجةً لاَبني مِنْ بَناتِ الكنعانيّينَ الذينَ أنا مُقيمٌ بَينَهم، |
4: | بل إلى أرضي وإلى عَشيرتي تذهبُ وتأخذُ زوجةً لاَبني إسحَقَ. |
5: | فقالَ لَه الخادمُ: رُبَّما أبَتِ المرأةُ أنْ تتبعَني إلى هذِهِ الأرضِ، فهل أرجعُ باَبنِكَ إلى الأرضِ التي جئْتَ منها؟)) |
6: | فقالَ لَه إبراهيمُ: ((إيّاكَ أنْ ترجعَ باَبني إلى هُناكَ. |
7: | فالرّبُّ إلهُ السَّماءِ الذي أخذَني مِنْ بَيتِ أبي ومِنْ مَسقَطِ رأسي، والذي كلَّمني وأقسمَ لي قالَ: ((لِنسلِكَ أُعطي هذِهِ الأرضَ، هوَ يُرسلُ ملاكَهُ أمامَكَ فتأخذُ زوجةً لاَبني مِنْ هُناكَ. |
8: | وإنْ أبَتِ المرأةُ أنْ تَتْبعَك فأنتَ بريءٌ مِنْ يميني هذِهِ أمَّا اَبني فلا ترجعْ بهِ إلى هُناكَ)). |
9: | فوضَعَ الخادمُ يدَهُ تَحتَ فخذِ إبراهيمَ سيّدِهِ وحلَفَ لَه على ذلِكَ. |
10: | وأخذَ الخادمُ عشَرةَ جمالٍ مِنْ جمالِ سيّدهِ وشيئًا مِنْ خيرِ ما عندَهُ وسارَ متوجهًا إلى أرامِ النَّهرينِ، إلى مدينةِ ناحورَ. |
11: | فأناخ الجمالَ في خارج المدينةِ على بئرِ الماءِ عِندَ الغُروبِ، وقتَ خروج النِّساءِ ليستقينَ ماءً.
|
12: | وقالَ: ((يا ربُّ، يا إلهَ سيّدي إبراهيمَ، وَفقْنِي اليومَ وأحسِنْ إلى سيدي إبراهيمَ. |
13: | ها أنا واقِفٌ على عينِ الماءِ، وبناتُ أهلِ المدينةِ خارجاتٌ ليستقينَ ماءً، |
14: | فليكُنْ أنَّ الفتاةَ التي أقولُ لها: أميلي جرَّتَكِ لأشرَبَ، فتقولَ: اَشربْ وأنا أسقي جمالَكَ أيضًا، تكونُ هيَ اَلتي عيَّنتَها لعَبدِكَ إسحَقَ. وهكذا أعرفُ أنَّكَ أحسنْتَ إلى سيّدي)). |
15: | وما كادَ يَتِمُّ كلامُهُ حتى خرجت رِفقةُ وجرّتُها على كَتِفِها، وهي اَبنةُ بتوئيلَ اَبنِ مِلْكَةَ اَمرأةِ ناحورَ أخي إبراهيمَ. |
16: | وكانتِ الفتاةُ بِكْرًا، جميلةَ المنظَرِ جدُا، فنزلت إلى العَينِ وملأت جرَّتَها وصَعِدت. |
17: | فأسرَعَ الخادمُ إلى لِقائِهاوقالَ: ((أسقني شُربةَ ماءٍ مِنْ جرّتِكِ)). |
18: | فقالت: ((إشربْ يا سيّدي)). وأسرعت فأنزلت جرّتَها على يدِها وسقتْهُ. |
19: | ولمَّا فرغت مِنْ سَقْيهِ قالت: ((أستقي لجمالِكَ أيضًا حتى تشربَ كفايتَها)).
|
20: | فأسرعت وأفرغت جرّتَها في الحَوضِ وعادت مُسرِعةً إلى البئرِ لتستقيَ، فاَستقت لجميعِ جمالِهِ، |
21: | بَينما هوَ يتأمَّلُها صامتًا ليعرفَ هل سَهَّلَ الرّبُّ طريقَهُ أم لا. |
22: | ولمَّا فرغتِ الجمالُ مِنَ الشُّربِ أخذَ الرَّجلُ خزامةً مِنْ ذهَبٍ وَزنُها نِصفُ مِثقالٍ وسوارَينِ ليدَيها وَزنُهُما عشَرَةُ مثاقيلَ ذهَبٍ، |
23: | وقالَ: ((بنتُ مَنْ أنتِ؟ أخبريني، هل في بَيتِ أبيكِ موضِعٌ نَبيتُ فيهِ؟)) |
24: | فقالت لَه: ((أنا بنتُ بتوئيلَ اَبنِ مِلْكةَ اَمرأةِ ناحورَ)). |
25: | وقالت لَه: ((عِندَنا كثيرٌ مِنَ التِّبنِ والعَلَفِ وموضِعٌ للمَبيتِ أيضًا)). |
26: | فركعَ الرَّجلُ ساجدًا للرّبِّ .
|
27: | وقالَ: ((تبارَكَ الرّبُّ إلهُ سيّدي إبراهيمَ فهوَ لم يمنعْ رأفتَهُ وإحسانَهُ عَنْ سيّدي، فهداني في طريقي إلى بَيتِ أخيهِ)).
|
28: | فأسرعتِ الفتاةُ إلى بَيتِ أُمِّها وأخبرتْ بما جرى. |
29: | وكانَ لرفقةَ أخ اَسمُهُ لابانُ، فخرَج لابانُ مُسرِعًا إلى الرَّجلِ، إلى العَينِ، |
30: | حالما رأى الخزامةَ في أنفِ أُختهِ والسوارَينِ في يَديَها وسَمِعَها تقولُ: ((هذا ما قالهُ الرَّجلُ لي))، فوجدَ الرَّجلَ واقفًا معَ الجمالِ عِندَ العَينِ. |
31: | فقالَ لَه: ((أُدخلْ يا مَنْ باركَهُ الرّبُّ، لماذا تقِفُ هُنا في الخارج وأنا هَيَّأتُ البَيتَ وموضِعًا لجمالِكَ؟))
|
32: | وأدخلَ الرَّجلَ إلى البَيتِ وحَلَ عَنْ جمالِه، وجاءَ بالتِّبنِ والعَلَفِ، وأعطى الرَّجلَ ماءً لِغَسلِ رجليهِ وأرجلِ الذينَ معهُ. |
33: | ولمّا جيءَ بالطَّعامِ قالَ الرَّجلُ: ((لا آكُلُ حتى أقولَ ما عِندي)). فقالَ لَه لابانُ: ((تكلَّمْ)). |
34: | قالَ: ((أنا خادمُ إبراهيمَ، |
35: | والرّبُّ بارَكَ سيّدي كثيرًا فاَغتنى. أعطاهُ غنَمًا وبقَرًا وفضَّةً وذهَبًا وعبيدًا وإماءً وجمالاً وحميرًا. |
36: | وولَدت لَه سارةُ اَمرأتُهُ اَبنًا بعدما شاخت، فأعطاهُ سيّدي جميعَ ما يملِكُ. |
37: | واَستحْلَفني سيّدي قالَ: لا تأخذْ لاَبني زوجةً مِنْ بَناتِ الكنعانيّينَ الذينَ أنا مُقيمٌ بأرضِهِم، |
38: | بل إلى بَيتِ أبي وإلى عَشيرتي تذهبُ وتأخذُ زوجةً لاَبني. |
39: | فقلتُ لسيّدي؛ رُبَّما أبَتِ المرأةُ أنْ تتبعَني. |
40: | فقالَ لي: الرّبُّ الذي سلكْتُ أمامَه يُرسلُ ملاكَهُ مَعكَ ويُسهِّلُ طريقَكَ، فتأخذُ زوجةً لاَبني مِنْ عَشيرتي ومِنْ بَيتِ أبي. |
41: | وبذلِكَ تبرأُ مِنْ يمينِكَ التي حَلَفْتَها لي، وإذا جئتَ إلى عَشيرتي ولم يُعطوكَ كُنتَ بريئًا أيضًا مِنْ يمينِكَ. |
42: | فجئتُ اليومَ إلى العينِ وقلتُ: يا ربُّ، يا إلهَ سيّدي إبراهيمَ، أرني إنْ كُنتَ تُسهِّلُ طريقي هذِهِ. |
43: | ها أنا واقفٌ على عَينِ الماءِ، فالصَّبيَّةُ التي تَخرج لِتَستقيَ وأقولُ لها: اَسقيني شُربةَ ماءٍ مِنْ جرّتِكِ، |
44: | فتقولُ لي: إشربْ وأنا أستقي لِجمالِكَ أيضًا تكونُ هيَ المرأةُ التي عيَّنَها الرّبُّ لاَبنِ سيّدي.
|
45: | وما كُدْتُ أنتهي مِنَ الكلامِ في قلبي حتى خرَجت رِفقةُ وجرّتُها على كَتِفِها، فنزلت إلى العَينِ واَستقت. فقلتُ لها: إسقيني.
|
46: | فأسرعت وأنزلت جرّتَها وقالت: إشربْ وأنا أسقي جمالَكَ، فشربْتُ، وسقَتِ الجمالَ أيضًا.
|
47: | فسألْتُها: بنتُ مَنْ أنتِ؟ فقالت: بنتُ بتوئيلَ بنِ ناحورَ ومِلْكَةَ. فوضعْتُ الخزامَةَ في أنفِها والسِّوارَينِ في يَدَيها، |
48: | وركعْتُ وسجدْتُ للرّبِّ إلهِ سيّدي إبراهيمَ وباركْتُه لأنَّه هداني سَواءَ السبيلِ لآخذَ اَبنةَ أخيهِ لاَبنِه. |
49: | والآنَ إنْ كُنتُم تترأفونَ بسيّدي وتُحسِنونَ إليهِ فأخبروني، وإلاَ فأنصرف عَنكُم يَمينًا أو شِمالاً)). |
50: | فأجابَ لابانُ وبتوئيلُ: ((مِنْ عِندِ الرّبِّ صدرَ الأمرُ، فلا نقدِرُ أنْ نقولَ فيهِ شَرُا أو خيرًا. |
51: | هذِهِ رفقةُ أمامَكَ. خذْها واَذهبْ فتكونَ زوجةً لاَبنِ سيّدِكَ كما قالَ الرّبُّ)). |
52: | فلمَّا سمِعَ خادمُ إبراهيمَ كلامَهُم سجدَ للرّبِّ إلى الأرضِ |
53: | وأخرَج حُلى مِنْ فِضَّةٍ وذهَبٍ وثيابًا فأهداها إلى رفقةَ، وأهدى تُحَفًا ثمينةً إلى أخيها وأُمِّها.
|
54: | وبَعدَما أكلَ الرَّجلُ والذينَ معهُ وشربوا، باتوا ليلَتَهم وقاموا صباحًا فقالَ الرَّجلُ: ((دَعوني أرجعُ إلى سيّدي)). |
55: | فقالَ أخو رفقةَ وأمُّها: ((تبقى الفتاةُ عِندَنا أيّامًا ولو عشَرَةً، وبَعدَ ذلِكَ تمضي)). |
56: | فقالَ لهُم: ((لا تؤخروني والرّبُّ سهَّلَ طريقي. دعوني أرجعُ إلى سيّدي)). |
57: | فقالوا: ((ندعو الفتاةَ ونسألُها ماذا تقولُ)). |
58: | فدعَوا رفقةَ وقالوا لها: ((هَل تذهبينَ معَ هذا الرَّجلِ؟)) قالت: ((أذهبُ)). |
59: | فصرفوا رفقةَ أختَهُم ومُرضِعتَها وخادمَ إبراهيمَ ورجالَه. |
60: | وباركوا رفقةَ وقالوا لها: ((أنتِ أختُنا. كوني أُمُا لألوفٍ مؤلَّفةٍ، وليَرِثْ نسلُكِ مُدُنَ أعدائِهِ)). |
61: | قامت رفقةُ وجواريها، فركِبْنَ الجمالَ وتبِعْنَ الرَّجلَ وأخذَ الرَّجلُ رفقةَ ومضَى. |
62: | وكانَ إسحَقُ مُقيمًا بأرضِ النَّقبِ جنوبًا. وبينما هوَ راجعٌ مِنْ طريقِ بئرِ الحيّ الرَّائي، |
63: | حيثُ خرَج يتمشَّى في البرِّيَّةِ عِندَ المساءِ، رفَعَ عينيهِ ونظَرَ فرأى جمالاً مُقبلةً نحوَهُ. |
64: | ورفعت رفقَةُ عَينَيها، فلمَّا رأت إسحَقَ نزلت عنِ الجمَلِ. |
65: | وسألتِ الخادمَ: ((مَنْ هذا الرَّجلُ الماشي في البرِّيَّةِ للقائِنا؟)) فأجابَها: ((هوَ سيّدي)). فأخذت رفقةُ البُرقُعَ وسَتَرَت وجهَها. |
66: | وبَعدَما روى الخادمُ لإسحَقَ كُلَ ما جرى لَه، |
67: | أدخلَ إسحَقُ رفقةَ إلى خباءِ سارةَ أمِّهِ وأخذَها زوجةً لَه. وأحبَّها إسحَقُ وتعزَّى بها عن فُقدانِ أُمِّه.
|
|
الفصل : 25 |
نسل قطورة
1: | وعادَ إبراهيمُ فأخذَ زوجةً اَسمُها قطورةُ، |
2: | فولدَت لَه زِمرانَ ويَقشانَ ومَدانَ ومِديانَ ويِشباقَ وشُوحًا. |
3: | وولَدَ يقشانُ شَبا وددانَ، وبنو ددانَ هُم أشُّوريمُ ولطوشيمُ ولأُمِّيمُ، |
4: | وبَنو مديانَ هُم عيفةُ وعِفرُ وحنوكُ وأبيداعُ وألْدعةُ. جميعُ هؤلاءِ بنو قطورةَ. |
5: | ووَهبَ إبراهيمُ لإسحَقَ جميعَ ما يَملِكُهُ، |
6: | وأمَّا بَنو سراريهِ فأعطاهُم عطايا وصرفَهُم، وهوَ بَعدُ حيًّ، عَنْ إسحَقَ اَبنهِ إلى أرضِ المَشرِقِ.
|
موت إبراهيم |
7: | وكانَ عددُ السِّنينَ التي عاشَها إبراهيمُ مئةً وخمْسًا وسبْعينَ سنَةً. |
8: | وفاضت روحُ إبراهيمَ وماتَ بشيبةٍ صالحةٍ، شيخا شبِعَ مِنَ الحياةِ، واَنضمَ إلى آبائِهِ. |
9: | فدفنَه إسحَقُ وإسماعيلُ اَبناهُ في مغارةِ المكفيلةِ تُجاهَ مَمْرا، في حقلِ عَفرونَ بنِ صوحرَ الحثِّيِّ، |
10: | وهوَ الحقلُ الذي اَشتراهُ إبراهيمُ مِنْ بَني حِثٍّ. هُناكَ دُفِنَ إبراهيمُ واَمرأتُهُ سارةُ. |
11: | وبَعدَ موتِ إبراهيمَ باركَ اللهُ إسحَقَ اَبنَهُ. وأقامَ إسحَقُ عندَ بئرِ الحيِّ الرَّائي.
|
مواليد إسماعيل |
12: | أمَّا بَنو إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ الذي ولَدتْهُ هاجرُ المِصْريَّةُ جاريةُ سارةَ لإبراهيمَ، |
13: | فهذِهِ أسماؤُهُم بحسَبِ ولادتِهِم، على التوالي: نبايوتُ بِكرُ إسماعيلَ، وقيدارُ وأدَبْئيلُ ومبسامُ
|
14: | ومِشماعُ ودومَةُ ومسَّا |
15: | وحدارُ وتيما ويطورُ ونافيشُ وقِدْمَةُ. |
16: | هؤلاءِ هُم بَنو إسماعيلَ وهذِهِ أسماؤُهُم بِحَسبِ ديارِهِم وحُصونِهِم، وهُمُ اَثنا عشَرَ رئيسًا لِقبائِلِهم. |
17: | وكانَ عدَدُ السِّنينَ التي عاشَها إسماعيلُ مئةً وسبْعًا وثلاثينَ سنَةً، ثُمَ فاضت روحُهُ وماتَ واَنضمَ إلى آبائِهِ. |
18: | وكانَت مَساكِنُ بَني إسماعيلَ مِنْ حويلةَ إلى شورَ، شرقيَ مِصْرَ في الطريقِ إلى أشورَ وهكذا نزَلَ إسماعيلُ بمواليِدِه قُبالةَ إخوتِهِ.
|
ولادة عيسو ويعقوب |
19: | وهذِهِ مواليدُ إسحَقَ بنِ إبراهيمَ: إبراهيمُ ولَدَ إسحَقَ. |
20: | وكانَ إسحقُ اَبنَ أربعينَ سنةً حينَ تزوَّج رفقةَ بنتَ بتوئيلَ الأراميِّ، أُختَ لابانَ، مِنْ سَهلِ أرامَ. |
21: | وصلَّى إسحَقُ إلى الرّبِّ لأجلِ رفقةَ اَمرأتِهِ لأنَّها كانت عاقرًا، فاَستجابَ لَه الرّبُّ. وحبِلت رفقةُ |
22: | واَزدحَمَ الولَدانِ في بطنِها، فقالت: ((إنْ كانَ الأمرُ هكذا فلماذا الحياةُ)). ومضَت لتسألَ الرّبَ. |
23: | فقالَ لها الرّبُّ: ((في بطنِكِ أمَّتانِ، ومِنْ أحشائِكِ يتفرَّعُ شعبانِ: شعبٌ يسودُ شعبًا، وكبيرٌ يَستعبِدُه صغيرٌ)). |
24: | فلمَّا اَكتملت أيّامُ حَبلِها تَبيَّنَ أنَّ في بطنها توأمَينِ. |
25: | فخرَج الأوَّلُ أسمَرَ اللَّونِ كُلُّه كَفَروةِ شَعْرٍ فسمَّوهُ عيسو.
|
26: | ثُمَ خرَج أخوهُ ويدُهُ قابضةٌ على عَقِبِ عيسو، فسمَّوهُ يعقوبَ. وكانَ إسحَقُ اَبنَ ستِّينَ سنَةً حينَ ولدتْهُما رفقةُ. |
27: | وكبُرَ الصَّبيَّانِ، فكانَ عيسو صيَّادًا ماهرًا ورجلاً يُحبُّ البرِّيَّةَ، ويعقوبُ رجلاً مُسالِمًا يلزمُ الخيامَ. |
28: | فأحبَ إسحَقُ عيسو لأنَّهُ اَستطابَ صيدَهُ، وأمَّا رفقةُ فأحبَّت يعقوبَ.
|
عيسو يتنازل عن بكوريته |
29: | وطَبخ يعقوبُ طبيخا، فلمَّا عادَ عيسو مِنَ الحقلِ وهوَ خائِرٌ مِنَ الجوعِ |
30: | قالَ ليعقوبَ: ((أطعِمني مِنْ هذا الأدامِ لأنِّي خائرٌ مِنَ الجوعِ)). لذلِكَ قيلَ لَه أدومُ. |
31: | فقالَ لَه يعقوبُ: ((بِعْني اليومَ بَكُوريَّتَكَ)). |
32: | فأجابَ عيسو: ((أنا صائِرٌ إلى الموتِ، فما لي والبَكوريَّةُ)). |
33: | فقالَ يعقوبُ: ((إحلِفْ ليَ اليومَ)). فحَلَفَ لَه وباعَ بَكُوريَّتَه لِيعقوبَ. |
34: | فأعطى يعقوبُ عيسو خبزًا وطبيخا مِنَ العدَسِ، فأكلَ وشربَ وقامَ ومضَى. واَستخفَ عيسو بالبَكُوريَّةِ.
|
|
الفصل : 26 |
إسحق في جرار
1: | وكانَ في الأرضِ جوعٌ غيرُ الجوعِ الأوَّلِ الذي كانَ في أيّامِ إبراهيمَ، فذهبَ إسحَقُ إلى أبيمالِكَ، مَلِكِ الفلِسطيِّينَ في جرارَ. |
2: | فتراءى لَه الرّبُّ وقالَ: ((لا تَنْزِلْ إلى مِصْرَ، بلِ اَسكُنْ في الأرضِ التي أدُلُّكَ علَيها. |
3: | تغَرَّبْ بهذهِ الأرضِ وأنا أكونُ معَكَ وأُبارِكُكَ، فأُعطيَ لكَ ولِنسلِكَ جميعَ هذِهِ البِلادِ، وأفي باليمينِ التي حلَفتُها لإبراهيمَ أبيكَ، |
4: | وأُكثِّرُ نسلَكَ كنجومِ السَّماءِ وأُعطيهم جميعَ هذِهِ البلادِ، ويتباركُ فيهم جميعُ أُمَمِ الأرضِ، |
5: | لأنَّ إبراهيمَ سَمِعَ كلامي، وحفِظَ أوامري ووصايايَ وفرائِضي وشرائعي)). |
6: | فأقامَ إسحَقُ في جرارَ.
|
7: | وسألَهُ أهلُ جرارَ عَنِ اَمرأتِهِ فقالَ: ((هيَ أُختي))، لأنَّهُ خافَ أنْ يقولَ: ((هيَ اَمرأتي))، لِئلاَ يَقْتُلوهُ بسببِها وكانَت جميلةَ المَنظَرِ. |
8: | ولمَّا مضَى على إقامتِهِ هُناكَ وقتٌ طويلٌ حدَثَ أنَّ أبيمالِكَ، مَلِكَ الفلِسطيِّينَ أَطَلَ مِنْ نافذةٍ لَه ونظرَ فرأى إسحَقَ يُداعِبُ رِفقةَ اَمرأتَهُ. |
9: | فدَعاهُ وقالَ لَه: ((إذًا هيَ اَمرأتُكَ، فلماذا قلتَ إنَّها أُختُكَ؟)) فقالَ إسحَقُ: ((لأنِّي ظَننتُ أنَّني رُبَّما أهلِكُ بسببِها)).
|
10: | فقالَ أبيمالِكُ: ((ماذا فعَلتَ بِنا؟ لولا قليلٌ لضاجعَ أحدُ أبناءِ شعبِنا اَمرأتَكَ فنُذنبَ)). |
11: | وأوصى أبيمالِكُ جميعَ الشَّعبِ قالَ: ((مَنْ مسَ هذا الرَّجلَ أو اَمرأتَهُ فموتًا يموتُ)). |
12: | وزرعَ إسحَقُ في تِلكَ الأرضِ، فحصدَ في تِلكَ السَّنةِ مئةَ ضِعفٍ، وباركَهُ الرّبُّ |
13: | فعظُمَت مكانتُهُ وتزايدَت إلى أنْ صارَ رَجلاً عظيمًا جدُا. |
14: | وكانَت لَه ماشيةُ غنَمِ وماشيةُ بقَرٍ وعبيدٌ كثيرونَ، فحسَدَهُ الفلِسطيّونَ.
|
الآبار بين جرار وبئر سبع |
15: | وردَمَ الفلِسطيّون جميعَ الآبارِ التي حفرَها عبيدُ أبيه إبراهيمَ في أيّامِهِ وملأُوها تُرابًا. |
16: | وقالَ أبيمالِكُ لإسحَقَ: ((أخرُج مِنْ عِندِنا لأنَّكَ صِرتَ أعظمَ مِنَّا كثيرًا)). |
17: | فخرَج إسحَقُ مِنْ هُناكَ ونزَلَ في وادي جرارَ وأقامَ فيهِ. |
18: | وعادَ إسحَقُ فحفرَ آبارَ الماءِ التي رَدمَها الفلِسطيّونَ بَعدَ موتِ إبراهيمَ أبيهِ، وكانَت حُفِرَت في أيّامِهِ. وسَمَّاها إسحَقُ بالأسماءِ التي كانَ سَمَّاها بها أبوهُ.
|
19: | وحفرَ عبيدُ إسحَقَ في الوادي فَوجدوا هُناكَ نبعَ ماءٍ، |
20: | فتخاصمَ رُعاةُ جرارَ معَ رعاةِ إسحَقَ قائِلينَ: ((هذا الماءُ لنا)). فسمَّى إسحَقُ البِئرَ عِسِقَ، لأنَّهم تنازعوا علَيها. |
21: | وحَفروا بِئْرًا أُخرى فتخاصموا علَيها أيضًا، فسمَّاها سِطْنَةً |
22: | وحَفروا بِئرًا أخرى فما تخاصموا علَيها، فسمَّاها رَحوبوتَ، وقالَ: ((الآنَ رَحُبَ الرّبُّ لنا لنَكثُرَ في الأرضِ)). |
23: | وصَعِدَ إسحَقُ مِنْ هُناكَ إلى بئرَ سَبْعَ، |
24: | فتراءى لَه الرّبُّ في تِلكَ اللَّيلةِ وقالَ لَه: ((أنا إلهُ إبراهيمَ أبيكَ. لا تَخفْ، فأنا مَعكَ وأبارِكُكَ وأُكثِّرُ نسلَكَ مِنْ أجلِ عبدي إبراهيمَ)). |
25: | فبنى إسحَقُ هُناكَ مذبَحًا ودعا باَسمِ الرّبِّ. ونصَبَ هُناكَ خيمَةً وحفرَ رِجالُه بِئرًا.
|
الحلف بين إسحق وأبيمالك |
26: | وجاءَ إليهِ أبيمالِكُ مِنْ جرارَ ومَعهُ آحزّاتُ مُرافِقُه، وفيكولُ قائدُ جيشِهِ. |
27: | فقالَ لهُم إسحَقُ: ((ما بالُكُم جئتُم إليَ وأنتُم أبغضتموني وصرفتموني مِنْ عِندِكُم؟)) |
28: | فقالوا: ((الآنَ رأينا أنَّ الرّبَ معَكَ، فقُلنا: لِيكُنْ حِلفٌ بَينَنا وبَينَكَ، ولنقطَعْ معَكَ عَهدًا |
29: | أنْ لا تُسيءَ إلينا، بل تُعاملُنا بالحُسنَى كما عامَلْناكَ وصرَفْناكَ بسلامِ. أنتَ الآنَ مُبارَكٌ مِنَ الرّبِّ)).
|
30: | فأقامَ لهُم إسحَقُ وليمةً، فأكلوا وشبِعوا، |
31: | وبكروا في الغدِ فتحالفوا. وصرفَهُم إسحَقُ، فمضَوا مِنْ عِندهِ بسلامِ.
|
32: | وفي ذلِكَ اليومِ جاءَ عبيدُ إسحَقَ فأخبروهُ عنِ البئرِ التي حفروها، قالوا: ((وَجدْنا ماءً)).
|
33: | فسمَّاها إسحَقُ شِبْعَةَ فصارَ اَسمُ المدينةِ بئرَ سَبْعَ إلى هذا اليومِ.
|
34: | ولمَّا صارَ عيسو اَبنَ أربعينَ سنَةً تزوَّج يهوديتَ بنتَ بيري الحثِّيِّ وبَسمةَ بنتَ إيلونَ الحثِّيِّ، |
35: | فكانتا لإسحَقَ ورِفقةَ خيبةً مُرَّةً.
|
|
الفصل : 27 |
إسحق يبارك يعقوب
1: | ولمَّا شاخ إسحَقُ وكلَّت عيناهُ عَنِ النَّظَرِ دعا عيسو اَبنَهُ الأكبرَ وقالَ لَه: ((يا اَبني))، قالَ: ((نعم. ها أنا)). |
2: | فقالَ: ((صِرتُ شيخا كما ترى ولا أعرِفُ متى أموتُ. |
3: | فخذْ عُدَّتَكَ وجعْبَتَكَ وقوسَكَ واَخرُج إلى البرِّيَّةِ وتصيَّدْ لي صَيدًا، |
4: | وهَيِّئْ ليَ الأطعمةَ التي أُحبُّ، وجئْني بِها فآكلَ وأبارِكَكَ قَبلَ أنْ أموتَ)).
|
5: | وكانَت رِفقةُ سامعةً حينما كلَّمَ إسحَقُ عيسو اَبنَهُ. فلمَّا خرج عيسو إلى البرِّيَّةِ ليصطادَ صَيدًا ويجيءَ بهِ إلى أبيهِ، |
6: | قالت رِفقةُ ليعقوبَ اَبنِها: ((سَمِعتُ أباكَ يقولُ لعيسو أخيكَ: |
7: | جئْني بصيدٍ وهَيِّئْ ليَ أطعمةً فآكلَ مِنها وأباركَكَ أمامَ الرّبِّ قَبلَ موتي. |
8: | والآنَ يا اَبني، اَسمَعْ لكلامي واَعملْ بِما أُوصيكَ بِه. |
9: | إذهبْ إلى الماشيةِ وخذْ لي مِنها جديَيْنِ مِنْ خيرةِ المَعَزِ، فأُهيّئَهُما أطعمةً لأبيكَ كما يُحِبُّ. |
10: | فتُحضِرُهما إلى أبيكَ، ويأكلُ لِيبارِكَكَ قَبْلَ موتِهِ)). |
11: | فقالَ يعقوبُ لرِفقةَ أُمِّهِ: ((لكنَّ عيسو أخي رَجلٌ أشعَرُ وأنا رجلٌ أملَسُ. |
12: | ماذا لو جسَّني أبي فوجدَني مُخادِعًا؟ ألا أجلِبُ على نفْسي لعنةً لا برَكةً؟)) |
13: | فقالت لَه أمُّهُ: ((عليَ لعنَتُكَ يا اَبني. ما علَيكَ إلاَ أنْ تسمَعَ لِكلامي وتذهبَ وتجيئَني بالجديَينِ. |
14: | فذهبَ وجاءَ بهما إلى أُمِّهِ، فهيَّأت أطعمةً على ما يُحبُّ أبوهُ. |
15: | وأخذت رِفقةُ ثيابَ عيسو اَبنِها الأكبرِ الفاخرةَ التي عِندَها في البَيتِ، فألبسَتْها يعقوبَ اَبنَها الأصغرَ |
16: | وكست يَدَيهِ والجانبَ الأملَسَ مِنْ عُنُقِهِ بِجلدِ المَعَزِ. |
17: | وناولت رِفقةُ يعقوبَ ما هيَّأتْهُ مِنَ الأطعمةِ والخبزِ، |
18: | فدخلَ على أبيهِ وقالَ: ((يا أبي))، قالَ: ((نعم، مَنْ أنتَ يا اَبني؟)) |
19: | فقالَ لَه يعقوبُ: ((أنا عيسو بِكرُكَ. فعَلْتُ كما أمرْتَني. قُمِ اَجلِسْ، وكُلْ مِنْ صَيدي، واَمنَحْني برَكَتَكَ)). |
20: | فقالَ لَه إسحَقُ: ((ما أسرعَ ما وجدْتَ صَيدًا يا اَبني!)) قالَ: ((الرّبُّ إلهُكَ وفَّقَني)). |
21: | فقالَ: ((تعالَ لأجسَّكَ يا اَبني، فأعرفَ هل أنتَ اَبني عيسو أم لا)). |
22: | فتقدَّمَ يعقوبُ إلى إسحَقَ أبيهِ، فجسَّهُ وقالَ: ((الصَّوتُ صوتُ يعقوبَ، ولكنَّ اليدَينِ يَدا عيسو)). |
23: | ولم يعرِفْهُ، لأنَّ يَدَيهِ كانتا مُشعِرتَينِ كيَدَيْ عيسو أخيهِ. فقبلَ أنْ يباركَهُ. |
24: | قالَ: ((هل أنتَ حقُا اَبني عيسو؟)) قالَ: ((أنا هوَ )). |
25: | فقالَ: ((قدِّمْ لي مِنْ صَيدِكَ، يا اَبني، حتى آكُلَ وأُبارِكَكَ)). فقَدَّمَ لَه فأكَلَ، وجاءَ بخمرٍ فشربَ. |
26: | وقالَ لَه إسحَقُ: ((تقَدَّمْ وقبِّلْني يا اَبني)). |
27: | فتَقَدَّمَ وقبَّلَه، فشمَ رائحةَ ثيابِه وباركَه وقالَ: ((ها رائحةُ اَبني كرائِحةِ حقلٍ بارَكَه الرّبُّ
|
28: | يُعطيكَ اللهُ مِنْ نَدى السَّماءِ ومِنْ خصوبَة الأرْضِ فَيضًا مِنَ الحِنطةِ والخمرِ!
|
29: | وتخدُمُكَ الشُّعوبُ وتسجدُ لكَ الأُمَمُ! سيِّدًا تكونُ لإخوَتِكَ، وبَنو أُمِّكَ يَسجدونَ لكَ. مَلعونٌ مَنْ يلعَنُكَ، ومُبارَكٌ مَنْ يُبارِكُكَ! ))
|
30: | فما إنْ فرَغَ إسحَقُ مِنْ برَكتِه، وخرَج يعقوبُ مِنْ عِندِه حتى رجعَ عيسو أخوهُ مِنَ الصَّيدِ.
|
31: | فهيَّأَ هوَ أيضًا أطعمةً وجاءَ بِها إلى أبيهِ وقالَ لَه: ((قُمْ يا أبي، وكُلْ مِنْ صَيدي، وبارِكْني)). |
32: | فقالَ لَه أبوهُ: ((مَنْ أنتَ؟)) قالَ: ((أنا اَبنُكَ البِكرُ عيسو)). |
33: | فاَرتَعَشَ إسحَقُ اَرتعاشًا شديدًا وقالَ: ((فمَنْ هوَ الذي صادَ صَيدًا وجاءَني به، فأكَلْتُ مِنه كلِّه قَبلَ أنْ تجيءَ وباركْتُه؟ نعم، بارَكْتُه ومُبارَكًا يكونُ)). |
34: | فلمَّا سَمِعَ عيسو كلامَ أبيهِ صرَخ عاليًا بِمرارةٍ وقالَ لَه: ((بارِكْني أنا أيضًا يا أبي)). |
35: | فأجابَه: ((جاءَ أخوكَ بِمَكْرٍ وأخذَ برَكَتَكَ)). |
36: | فقالَ عيسو: ((ألأنَّ اَسمَهُ يعقوبُ تعَقَّبني مرَّتَينِ؟ أخذَ بَكورِيَّتي، وها هوَ الآنَ يأخذُ برَكتي)). وقالَ: ((أما أبقيتَ لي برَكَةً؟))
|
37: | فأجابَه إسحَقُ: ((هاأنا جعَلتُهُ سيِّدًا لكَ، وأعطيتُه جميعَ إخوتِه عبيدًا، وزَوَّدْتُه بالحِنطةِ والخمرِ، فماذا أعمَلُ لكَ يا اَبني؟)) |
38: | فقالَ عيسو: ((أما لكَ غيرُ برَكةٍ واحدةٍ يا أبي؟ بارِكْني أنا أيضًا يا أبي)). ورفعَ عيسو صوتَه وبكى. |
39: | فأجابَه أبوُه:((بعيدًا عن خصوبَةِ الأرضِ يكونُ مَسكِنُكَ،وعَنْ نَدى السَّماءِ مِنْ فوقُ. |
40: | بِسَيفِكَ تعيشُ وأخاكَ تخدُمُ فإذا قوِيتَ تكسِر عَنْ عُنُقِكَ نِيرَه)).
|
يعقوب يهرب من عيسو |
41: | وحقَد عيسو على يعقوبَ بِسبَبِ البرَكةِ التي باركَهُ بها أبوه. وقالَ عيسو في نفْسهِ: ((إقتربت أيّامُ الحِدادِ على أبي. فأقتلُ يعقوبَ أخي)). |
42: | وجاءَ مَنْ أخبرَ رِفقةَ بكلامِ عيسو، فاَستدعت يعقوبَ وقالت لَه: ((أخوكَ ينوي أنْ يقتُلَكَ. |
43: | والآنَ اَسمعْ لكلامي يا اَبني، فقُمْ اَهربْ إلى لابانَ أخي في حارانَ، |
44: | وأقِمْ عِندَه أيّامًا قليلةً حتى يهدأ غضَبُ أخيكَ |
45: | فإذا هدأَ غضَبُ أخيكَ ونسِيَ ما فعَلْتَ بهِ أُرسِلُ وآخذُكَ مِنْ هُناكَ. لماذا أفقدُكُما في يومِ واحدٍ؟))
|
46: | وقالت رِفقةُ لإسحَقَ: ((سَئِمتُ حياتي مِن اَمرأتَي عيسو الحِثِّيَّتَينِ، فإنْ تزوَّج يعقوبُ بواحدةٍ مِنْ بَناتِ حِثٍّ مِثلَ هاتَينِ أو مِنْ بَناتِ سائرِ أهلِ هذهِ الأرضِ، فما نَفْعُ حياتي؟))
|
|
الفصل : 28 |
يعقوب عند لابان
1: | فدعا إسحَقُ اَبنَهُ يعقوبَ وباركَهُ وأوصاهُ، فقالَ: ((لا تأخذِ اَمرأةً مِنْ بَناتِ كنعانَ. |
2: | قُمِ اَذهبْ شَمالاً إلى سَهلِ آرامَ، إلى بَيتِ بتوئيلَ أبي أُمِّكَ، وتزوَّج باَمرأةٍ مِنْ هُناكَ، مِنْ بَناتِ لابانَ أخي أُمِّكَ، |
3: | فيُباركَكَ اللهُ القديرُ ويُنميَكَ ويُكثِّرَكَ وتكونَ عِدَّةَ شعوبٍ. |
4: | ويُعطيَكَ بركةَ إبراهيمَ، لَك ولِنسلِكَ مِنْ بَعدِكَ، لِتَرثَ أرضَ غُربَتِكَ التي وهَبَها اللهُ لإبراهيمَ)).
|
5: | وأرسلَ إسحَقُ يعقوبَ فمضَى إلى سَهلِ أرامَ، إلى لابانَ بنِ بتوئيلَ الآراميِّ أخي رِفقةَ أُمِّ يعقوبَ وعيسو. |
6: | فلمَّا رأى عيسو أنَّ إسحَقَ باركَ يعقوبَ وأرسلَه إلى سهلِ أرامَ ليتزوَّج باَمرأةٍ مِنْ هُناكَ، وأنَّه حينَ باركَهُ أوصاهُ فقالَ: ((لا تتزوَّج باَمرأةٍ مِنْ بَناتِ كنعانَ)). |
7: | وأنَّ يعقوبَ سمِعَ لأبيهِ وأمِّهِ وذهبَ إلى سَهلِ أرامَ، |
8: | أدركَ عيسو أنَّ بَناتِ كنعانَ شرِّيراتٌ في عينَي إسحَقَ أبيهِ. |
9: | فذهبَ إلى إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ وأخذَ اَبنتَهُ مَحلةَ أُختَ نبايوتَ زوجةً لهُ.
|
10: | وخرَج يعقوبُ مِنْ بئرَ سَبْعَ وذهبَ إلى حارانَ، |
11: | فوصلَ عندَ غيابِ الشَّمسِ إلى موضعِ رأى أنْ يبيتَ فيه، فأخذَ حجرًا مِنْ حجارةِ المَوضِعِ ووضَعَهُ تَحتَ رأسِهِ ونامَ هُناكَ. |
12: | فحَلُمَ أنَّه رأى سُلَّمًا منصوبةً على الأرضِ، رأسُها إلى السَّماءِ، وملائكةُ اللهِ تصعَدُ وتنزِلُ علَيها. |
13: | وكانَ اللهُ واقِفًا عَلى السُّلَّمِ يقولُ: ((أنا الرّبُّ إلهُ إبراهيمَ أبيكَ وإلهُ إسحَقَ! الأرضُ التي أنتَ نائِمٌ علَيها أهبُها لكَ ولِنسلِكَ. |
14: | ويكثُرُ نسلُكَ كَتُرابِ الأرضِ، وينتَشِرُ غربًا وشرقًا وشَمالاً وجنوبًا، ويتباركُ بِكَ وبنسلِكَ جميعُ قبائلِ الأرضِ، |
15: | وها أنا معَكَ، أحفظُكَ أينما اَتجهتَ. وسأردُّكَ إلى هذِهِ الأرضِ، فلا أتخلَّى عَنكَ حتى أفيَ لكَ بكلِّ ما وعَدْتُكَ)). |
16: | فأفاقَ يعقوبُ مِنْ نومهِ وقالَ: ((الرّبُّ في هذا المَوضِعِ ولا عِلْمَ لي)). |
17: | فخافَ وقالَ: ((ما أرهبَ هذا المَوضِعَ. ما هذا إلاَ بيتُ اللهِ. وبابُ السَّماءِ)). |
18: | وبكَّرَ يعقوبُ في الغدِ، وأخذَ الحجرَ الذي وضَعَهُ تحتَ رأسِهِ ونصبَه عَمودًا، وصَبَ علَيه زيتًا لِيكرِّسَهُ للرّبّ. |
19: | وسمَّى ذلِكَ المَوضِعَ بَيتَ إيلَ، وكانَتِ المدينةُ مِنْ قَبلُ تُسمَّى لوزَ. |
20: | ونذرَ يعقوبُ نَذْرًا، قالَ: ((إنْ كانَ اللهُ معي وحفِظَني في هذِهِ الطَّريقِ التي أسلُكُها، ورزقَني خبزًا آكُلُه وثيابًا ألبَسُها، |
21: | ورَجعْتُ سالمًا إلىبَيتِ أبي، يكونُ الرّبُّ لي إلهًا. |
22: | وهذا الحجرُالذي نصبْتُهُ عَمودًا يكونُ بيتَ اللهِ، وكُلُّ ما يَهبُهُ لي أُعطيهِ عُشْرَهُ)).
|
|
الفصل : 29 |
لقاء يعقوب براحيل
1: | ونهضَ يعقوبُ ومضَى إلى أرضِ المشرِقِ. |
2: | ونظَرَ فرأى في البرِّيَّةِ بئرًا وثلاثةَ قُطعانٍ مِنَ الغنَمِ رابضةً عِندَها، لأنَّ الرُّعاةَ كانوا يَسقونَ القُطعانَ مِنْ تلكَ البئرِ، والحجرُ على فَمِ البئرِ كانَ كبيرًا. |
3: | فكانوا يَجمعونَ القُطعانَ كُلَّها هُناكَ ويُدحرِجونَ الحجرَ عنْ فَمِ البئرِ، فيَسقونَ الغنَمَ ثمَ يردُّونَ الحجرَ إلى موضِعهِ. |
4: | فقالَ لهُم يعقوبُ: ((مِنْ أينَ أنتُم يا إخوتي؟)) قالوا: ((مِنْ حارانَ)). |
5: | فقالَ لَهم: ((أتعرفونَ لابانَ بنَ ناحورَ؟)) فقالوا: ((نَعرِفُهُ)). |
6: | فقالَ لهُم: ((هل هوَ بخيرٍ؟)) قالوا: ((بِخيرٍ، وها راحيلُ اَبنتُهُ مُقبِلَةً معَ الغنَمِ)). |
7: | فقالَ لهُم: ((النَّهارُ طويلٌ بَعدُ، وما الآنَ وقتُ تجميعِ المواشي، فاَسقوا الغنَمَ وخذوها إلى المرعَى)). |
8: | قالوا: ((لا نقدِرُ حتى تجتمِعَ القُطعانُ كُلُّها، ونُدحرِج الحجرَ عن فَمِ البِئرِ، فنسقي الغنَمَ)). |
9: | وبينَما هوَ يُحادِثُهُم جاءت راحيلُ معَ غنَمِ لابانَ أبيها، لأنَّها كانَت راعيةً. |
10: | فلمَّا رآها يعقوبُ معَ غنَمِ لابانَ خالِه، تقدَّمَ ودحرَج الحجرَ عَنْ فَمِ البئرِ وسقى الغنَمَ. |
11: | وقبَّلَ يعقوبُ راحيلَ ورفعَ صوتَه وبكى، |
12: | وأخبرَها أنَّهُ نسيبُ أبيها واَبنُ رِفقةَ، فأسرعت وأخبرت أباها. |
13: | فلمَّا سَمِعَ لابانُ خبرَ قدومِ يعقوبَ اَبنِ أختِهِ هَبَ للقائِه فعانقَهُ وقَبَّلَه وجاءَ به إلى بَيتِه. وأخبرَ يعقوبُ لابانَ بكلِّ ما جرى، |
14: | فقالَ لَه لابانُ: ((أنتَ حَقُا مِنْ عظمي ولَحمي)). وأقامَ يعقوبُ عِندَه شهرًا.
|
زواج يعقوب |
15: | ثُمَ قالَ لابانُ ليعقوبَ: ((ألأنَّكَ نسيبي تخدُمُني مَجانًا؟ أخبرْني ما أُجرتُكَ؟)) |
16: | وكانَ للابانَ اَبنتانِ، اَسمُ الكُبرى لَيئةُ واَسمُ الصُّغرى راحيلُ. |
17: | وكانَت لَيئةُ ضعيفةَ العينينِ، وراحيلُ حسنَةَ الهَيئةِ جميلةَ المنظَرِ. |
18: | فأحبَ يعقوبُ راحيلَ، فقالَ للابانَ: ((أخدُمُكَ سَبْعَ سِنينَ وتُعطيني راحيلَ زوجةً لي)). |
19: | فقالَ لابانُ: ((أنْ تأخذَها أنتَ خيرٌ مِنْ أنْ أُعطيَها لِغيرِكَ. فأقمْ عِندي)). |
20: | فخدمَهُ يعقوبُ سَبْعَ سِنينَ ليأخذَ راحيلَ، وكانَت هذِهِ المُدَّةُ قصيرةً في نظرهِ لأنَّه كانَ يُحبُّها.
|
21: | وقالَ يعقوبُ للابانَ: ((إكتملتِ المُدَّةُ فأعطِني اَمرأتي لأتزوَّجها)). |
22: | فجمعَ لابانُ كُلَ أهلِ حارانَ وصنعَ لهُم وليمةً، |
23: | وعِندَ الغُروبِ أخذَ لَيئةَ بَدلَ راحيلَ وجاءَ بها إلى يعقوبَ فدخلَ علَيها. |
24: | ووهبَ لابانُ جاريتَه زِلْفةَ لابنتهِ لَيئةَ. |
25: | فلمَّا طَلعَ الصَّباحُ عرَفَ يعقوبُ أنَّها لَيئةُ، فقالَ للابانَ: ((ماذا فعلْتَ بي؟ أما خدمتُكَ لآخذَ راحيلَ؟ فلماذا خدعْتني؟)) |
26: | فأجابَ لابانُ: ((في بلادِنا لا تتزوَّج الصُّغرى قَبلَ الكُبرى.
|
27: | أكمِلْ أسبوعَ زواجكَ مِنْ لَيئةَ، فأُعطيَكَ راحيلَ أيضًا بَدلَ سَبْعِ سِنينَ أُخرى مِنَ الخدمةِ عندي)). |
28: | فوافقَ يعقوبُ وأكمَلَ أُسبوعَ زواجهِ مِنْ لَيئةَ،فأعطاهُ لابانُ راحيلَ اَمرأةً لَه. |
29: | ووَهبَ لابانُ جاريتَه بِلْهةَ جاريةً لراحيلَ. |
30: | فدخلَ يعقوبُ على راحيلَ أيضًا وأحبَّها أكثرَ مِنْ لَيئةَ. وعادَ فخدمَ عِندَ لابانَ سَبْعَ سِنينَ أُخرى.
|
بنو يعقوب |
31: | ورأى الرّبُّ أنَّ لَيئةَ مكروهَةٌ فجعَلَها وَلودًا وأمَّا راحيلُ فكانَت عاقرًا. |
32: | فحَبِلت لَيئةُ وولدتِ اَبنًا وسمَّتْهُ رَأوبينَ، لأنَّها قالت: ((رأى الرّبُّ عَنائي، والآنَ يُحبُّني زوجي)) |
33: | وحبِلت أيضًا وولدتِ اَبنًا فقالت: ((سَمِعَ الربُّ أنِّي مكروهةٌ، فرزقَني هذا أيضًا))، وسَمَّتْهُ شِمعونَ. |
34: | وحَبِلت أيضًا وولدتِ اَبنًا فقالت: ((الآنَ يلوي عليَ قلبُ زوجي، لأنِّي وَلَدتُ ثلاثةَ بَنينَ)). وسمَّتْهُ لاوي. |
35: | وحَبِلت أيضًا وولدتِ اَبنًا وقالت: ((الآنَ أُقِرُّ بفضلِ الرّبِّ)). فسَمَّتْهُ يَهوذا، وتوقَّفَت عنِ الوِلادةِ
|
|
الفصل : 30 |
1: | ولمَّا رأت راحيلُ أنَّها لم تَلِدْ ليعقوبَ غارتْ مِنْ أُختِها وقالت لِيعقوبَ: ((أعطِني أولادًا، وإلاَ أموتُ!)) |
2: | فاَحتدَ يعقوبُ على راحيلَ وقالَ: ((هل أنا مكانَ اللهِ؟ هوَ الذي حرَمَكِ ثمَرةَ البَطنِ)). |
3: | قالت: ((هذِهِ جاريتي بِلْهةَ، أُدخل علَيها فتلِدَ على رُكبتَيَ، ويكونَ لي منها بَنونَ)). |
4: | فأعطت يعقوبَ جاريتَها بِلْهةَ زوجةً، فدخلَ علَيها. |
5: | فحَبِلت بِلْهةُ وولدت ليعقوبَ اَبنًا. |
6: | فقالت راحيلُ: ((دانني اللهُ، فسمِعَ لصوتي ورزَقَني اَبنًا)). وسَمَّتْهُ دانَ. |
7: | وحَبِلت أيضًا بِلْهةُ جاريةُ راحيلَ وولدتِ اَبنًا ثانيًا ليعقوبَ، |
8: | فقالت راحيلُ: ((خداعًا عظيمًا خدعتُ أُختي وغلَبْتُ)). وسَمَّتْهُ نفتالي. |
9: | ورأت لَيئةُ أنَّها توقَّفَت عنِ الولادةِ، فأخذت زِلفةَ جاريتَها وأعطَتْها ليعقوبَ زوجةً. |
10: | فولَدَت زِلفةُ ليعقوبَ اَبنًا، |
11: | فقالت لَيئةُ: ((يا لمَجدي)) وسَمَّتْهُ جادَ. |
12: | وولدت زِلفةُ اَبنًا ثانيًا ليعقوبَ، |
13: | فقالت لَيئةُ: ((يا لَسروري، لأنَّ جميعَ النِّساءِ ستهنِّئُني)). وسَمَّتْهُ أشيرَ.
|
14: | وخرج رَأوبينُ في أيّامِ حَصادِ الحِنطةِ فوجدَ لُفَّاحًا في الحَقلِ فجاءَ بِهِ إلى أُمِّهِ لَيئةَ. فقالت راحيلُ لِلَيئةَ: ((أعطيني مِنْ لفَّاحِ اَبنِكِ)). |
15: | فقالت لها: ((أمَا كفاكِ أنْ أخذتِ زوجي حتى تأخذي لُفَّاحَ اَبني أيضًا؟)) قالت راحيلُ: ((إذًا، ينامُ يعقوبُ عِندَكِ اللَّيلةَ بَدلَ لُفَّاح اَبنِكِ!)) |
16: | فلمَّا رجعَ يعقوبُ مِنَ الحقلِ عندَ الغُروبِ خرجت لَيئةُ للقائِه وقالت لَه: ((أُدخلْ عليَ اللَّيلةَ بَدلَ لُفَّاحِ ابني!)) فنامَ عِندَها تلكَ اللَّيلةَ. |
17: | وسَمِعَ اللهُ دُعاءَ لَيئةَ فَحَبِلت وولدت ليعقوبَ اَبنًا خامِسًا، |
18: | فقالت لَيئةُ: ((جزاني اللهُ خيرًا لأنِّي أعطيتُ جاريتي لزوجي)). وسمَّتْهُ يَسَّاكرَ. |
19: | وحَبِلت أيضًا لَيئةُ وولدتِ اَبنًا سادسًا ليعقوبَ، |
20: | فقالت: ((وهبَني اللهُ هِبَةً حسَنةً، فالآنَ يَحتَمِلُني زوجي لأنِّي وَلَدْتُ لَه ستَّةَ بَنينَ)). وسمَّتْهُ زبولونَ. |
21: | ثُمَ وَلَدتِ اَبنةً فسَمَّتها دينَةَ. |
22: | وذكَرَ اللهُ راحيلَ وسَمِعَ لها وجعَلَها وَلودًا، |
23: | فحبِلَت وولدتِ اَبنًا فقالت: ((أزالَ اللهُ عاري)). |
24: | وسمَّتْهُ يوسُفَ وقالت: ((يَزيدُني الرّبُّ اَبنًا آخرَ)).
|
كيف اَغتنى يعقوب |
25: | فلمَّا ولدت راحيلُ يوسُفَ قالَ يعقوبُ للابانَ: ((دعني أذهبُ إلى أرضي. |
26: | أعطني أولادي وزوجاتي اللَّواتي خدَمْتُكَ بِهِنَّ فأذهبَ. أنتَ تعلمُ كم خدَمْتُكَ)). |
27: | فقالَ لَه لابانُ: ((إنْ كنتَ راضيًا عليَ فأقِمْ عِندي. أنتَ فألُ خيرٍ والرّبُّ باركَني بِسبَبِكَ. |
28: | عَيِّنْ لي أُجرتَكَ فأُعطيَكَ)). |
29: | فأجابَه يعقوبُ: ((أنتَ تعرِفُ كيفَ خدَمْتُك، وكيفَ كانت حالُ مَواشيكَ معي. |
30: | فالقليلُ الذي كانَ لكَ قَبلَ مجيئي زادَ كثيرًا، وباركَكَ الرّبُّ بَعدَ مجيئي. والآنَ فمتى أعمَلُ أنا أيضًا لبيتي؟)) |
31: | قالَ: ((ماذا عليَ أنْ أُعطيَكَ؟)) فقالَ يعقوبُ: ((لا تُعطني شيئًا، لكِن إذا فعَلْتَ ما أقترِحُه علَيكَ، فأنا أعودُ لأرعى غنمَكَ وأسهرَ علَيها: |
32: | دعني أعبرُ اليومَ بينَ غنَمِك كُلِّها، وأعزِلُ منها كُلَ أرقطَ وأبلقَ وأسودَ مِنَ الخرافِ، وكُلَ أرقطَ وأبلقَ مِنَ المَعَزِ، فيكونَ ذلِكَ أجرَتي. |
33: | وغدًا تشهَدُ أنِّي صادقٌ معَكَ، إذا جئتَ وتحقَّقْتَ عنْ أُجرَتي هذِهِ، فكُلُّ ما هوَ غيرُ أرقطَ أو أبلقَ مِنَ المَعَزِ وأسودَ مِنَ الخرافِ، يكونُ مسروقًا عندي)). |
34: | فقالَ لابانُ: ((نعم، فليَكنْ مِثلمَا قلتَ)). |
35: | وفرَزَ لابانُ في ذلِكَ اليومِ مِنَ القطيعِ جميعَ التُّيوسِ المُخطَّطةِ والبَلقاءِ وكلَ عَنْزٍ رقطاءَ وبلقاءَ، أي كُلَ ما فيه بَياضٌ، وكُلَ أسودَ مِنَ الخرافَ، وسلَّمَها إلى أيدي بنيه. |
36: | واَبتعد هوَ وقطيعُهُ مسيرَةَ ثلاثةِ أيّامِ عَنْ يعقوبَ، ورعى يعقوبُ غنَمَ لابانَ الباقيةَ. |
37: | وأخذَ يعقوبُ قُضبانَ حَورٍ خضرًا ولوزٍ ودِلْبٍ، وقشَّرَ فيها خطوطًا تكشِفُ عَنْ بياضِ القُضبانِ، |
38: | وأوقفَ القُضبانَ المُقشَّرَةَ تُجاهَ الغنَمِ في أحواضِ مجاري الماءِ، حيثُ كانَت ترِدُ الغنَمُ لِتشربَ. |
39: | فكانَت تتوحَّمُ الغنَمُ على القُضبانِ، فتَلِدُ ما هوَ مُخطَّطَ وأرقط وأبلقُ. |
40: | وفرَزَ يعقوبُ الخرافَ وحوَّلَ وجوهَ الغنَمِ مِنْ مواشي لابانَ إلى كُلِّ مُخطَّط وأسودَ وجعَلَها لَه قطيعًا مُنفصلاً عَنْ غنَمِ لابانَ. |
41: | وكانَ يعقوبُ كُلَّما توَحَّمَتِ الغنَمُ القوِيَّةُ يضعُ القُضبانَ تُجاهَهَا في الأحواضِ للتوَحُّمِ علَيها. |
42: | وإذا كانَتِ الغنَمُ ضعيفةً لا يضعُها، فتصيرُ الضَّعيفةُ للابانَ والقَويَّةُ ليعقوبَ. |
43: | فاَغتنى الرَّجلُ كثيرًا جدُا، وصارت لهُ غنَمٌ كثيرةٌ وجوارٍ وعبيدٌ وجمالٌ وحميرٌ.
|
|
الفصل : 31 |
يعقوب يلجأ إلى الهرب
1: | وسَمِعَ يعقوبُ أنَّ بني لابانَ يقولونَ: ((أخذَ يعقوبُ كُلَ ما كانَ لأبينا، ومِمَّا لأبينا جمَعَ كُلَ هذِهِ الثَّروةِ)). |
2: | ونظَرَ يعقوبُ إلى لابانَ، فرآهُ تغيَّرَ نحوَهُ عمَّا كانَ علَيه مِنْ قَبلُ. |
3: | فقالَ الرّبُّ لِيعقوبَ: ((إرجعْ إلى أرضِ آبائِكَ وعَشيرتِكَ وأنا أكونُ معَكَ)).
|
4: | فأرسلَ يعقوبُ ودعا راحيلَ ولَيئةَ إلى البرِّيَّةِ حيثُ كانَت غنَمُهُ، |
5: | وقالَ لهُما: ((أرى أباكُما تغَيَّرَ نحوي عمَّا كان علَيهِ مِنْ قَبلُ، ولكن إلهُ أبي كانَ معي. |
6: | وأنتما تعرِفانِ أنِّي خدمْتُ أباكُما بِكُلِّ قُدرَتي، |
7: | وأبوكُما غدَرَ بي وغيَّرَ معي في أُجرَتي عشْرَ مرَّاتٍ. ولَكنَّ اللهَ لم يدَعْهُ يُسيءُ إليَ.
|
8: | فكُلَّما قالَ: ((الرُّقْطُ تكونُ أجرَتَكَ)) ولَدَت جميعُ الغنَمِ رُقْطًا، أو قالَ: ((المُخطَّطَةُ تكونُ أجرَتَكَ)) وَلَدت جميعُ الغنَمِ مُخطَّطَةً. |
9: | فأخذَ اللهُ مَواشيَ أبيكُما وأعطانيها. |
10: | وحَدَث هذا وقتَ وِحامِ الغنَمَ، حينَ رَفَعْتُ عينيَ ونَظَرْتُ في المَنامِ فرأيتُ التُّيوسَ التي تَشُبُّ على الغنَمِ مُخطَّطَةً ورَقْطاءَ ونَمْراء. |
11: | فقالَ ليَ ملاكُ اللهِ في الحُلُمِ: ((يا يعقوبُ! قلتُ نعم، هاأنا. |
12: | قالَ: إرفعْ عينيكَ واَنظُرْ. جميعُ التُّيوسِ التي تشُبُّ على الغنَمِ مُخطَّطَةٌ ورَقْطَاءُ ونَمْراءُ، لأنِّي رأيتُ كُلَ ما يفعَلُهُ لابانُ بِكَ. |
13: | أنا إلهُ بَيتِ إيلَ حيثُ نصَبْتَ عَمودًا ومَسَحْتَه بالزَّيتِ لِتُكرِّسَهُ لي، ونَذَرْتَ لي نَذْرًا. والآنَ قُمِ اَخرُج مِنْ هذِهِ الأرضِ واَرجعْ إلى أرضِ مَولِدِكَ)). |
14: | فأجابَتْه راحيلُ ولَيئةُ: ((هل بقيَ لنا نصيبٌ ومِيراثٌ في بَيتِ أبينا؟ |
15: | حُسِبْنا عِندَه غريبَتَينِ، فباعَنا وأكلَ ثمَنَنا؟ |
16: | كُلُّ الثَّروةِ التي أخذَها اللهُ مِنْ أبينا وَأعطاكَ إيَّاها هيَ لنا ولِبَنينا، فاَعمَلْ بكلِّ ما قالَه اللهُ لكَ)).
|
17: | فقَامَ يعقوبُ وحَمَلَ بَنيهِ وزَوجاتِه على الجمالِ، |
18: | وساقَ كُلَ ماشيتهِ وكُلَ ما اَمتلَكَهُ واَقتناهُ في سَهلِ أرامَ. وقصَدَ إلى إسحَقَ أبيهِ في أرضِ كنعانَ. |
19: | وكانَ لابانُ غائبًا يَجزُّ غنَمَهُ، فسَرَقت راحيلُ أصنامَ أبيها. |
20: | وخدَعَ يعقوبُ لابانَ الأراميَ ولم يُخبرْهُ بِفرارِه. |
21: | وهرَبَ بِجميعِ ما كانَ لَه، فعَبَرَ نهرَ الفُراتِ وتوجهَ إلى جبَلِ جلعادَ.
|
لابان يلحق بيعقوب |
22: | وتلقَّى لابانُ بَعدَ ثلاثةِ أيّامِ خبرَ فَرارِ يعقوبَ، |
23: | فأخذَ رِجالَه معَهُ وسَعى وراءَهُ مَسيرةَ سَبْعةِ أيّامِ حتى لَحِقَ بِه في جبَلِ جلعادَ، |
24: | فجاءَ اللهُ إلى لابانَ الأراميِّ في الحُلُمِ ليلاً وقالَ لَه: ((إيَّاكَ أنْ تُكَلِّمَ يعقوبَ بِخيرٍ أو شَرٍّ)). |
25: | وكانَ يعقوبُ نصَبَ خيمَتَه في التِّلالِ حينَ لَحِقَ بهِ لابانُ، فخيَّمَ لابانُ معَ رِجالِه هُناكَ في جبَلِ جلعادَ. |
26: | وقالَ لابانُ لِيعقوبَ: ((ماذا فعَلْتَ؟ أقلَقتَ بالي وسُقْتَ بنتَيَ كما تُساقُ سَبايا الحربِ. |
27: | ولِماذا هرَبْتَ خفيةً وأقلَقْتَني ولم تُخبِرْني، فأُشَيِّعَكَ بِفَرحِ وغِناءٍ ودُفٍّ وكَنَّارةٍ؟ |
28: | ولم يَدَعْني أُقبِّلُ حفَدَتي وبَناتي، فأنتَ بِغَباوةٍ فعَلْتَ. |
29: | والآنَ أنا قادِرٌ أَنْ أُعامِلَكُم بسُوءٍ لولا أنَّ إلهَ أبيكُم كلَّمَني البارحةَ فقالَ لي: إيَّاكَ أنْ تُكلِّمَ يعقوبَ بِخيرٍ أو شَرٍّ.
|
30: | وأنتَ إنَّما اَنصَرَفْتَ مِنْ عِندي لأنَّكَ اَشتَقْتَ إلى بَيتِ أبيكَ، ولكنْ لماذا سَرَقْتَ آلِهَتي؟))
|
31: | فأجابَه يعقوبُ: ((خفتُ أنْ تغتَصِبَ بِنتَيكَ مني. |
32: | وأمَّا آلِهتُكَ، فإذا وجدْتَها معَ أحدٍ مِنا فلا يستَحِقُّ الحياةَ. أَثبِتْ ما هوَ لكَ معي أمامَ رِجالِنا وخذْهُ)). وكانَ يعقوبُ لا يعرِفُ أنَّ راحيلَ سَرَقَت آلِهةَ لابانَ. |
33: | فدخلَ لابانُ خيمةَ يعقوبَ وخيمةَ لَيئةَ وخيمةَ الجاريتَينِ، فَما وجدَ شيئًا. وخرَج مِنْ خيمةِ لَيئةَ ودَخلَ خيمَةَ راحيلَ. |
34: | وكانَت راحيلُ أخذَتِ الأصنامَ ووَضَعَتْها في رَحْلِ الجمَلِ وجلست فوقَها. ففَتَّشَ لابانُ الخيمةَ كُلَّها، فما وجدَ شيئًا، |
35: | وقالت راحيلُ لأبيها: ((لا يَغيظُكَ يا سيِّدي أنِّي لا أقدِرُ أنْ أقومَ أمَامَك لأنَّ عليَ عادَةَ النِّساءِ)). فلم يَجدْ لابانُ أصنامَهُ التي فتَّشَ عَنها. |
36: | فاَحتَدَ يعقوبُ وخاصَمَ لابانَ وقالَ لَه: ((ما جريمَتي وما خطيئَتي حتى خرَجتَ مُسرِعًا ورائي؟ |
37: | فَتَّشْتَ جميعَ أشيائي، فماذا وَجدْتَ مِنْ جميعِ أشياءِ بَيتِكَ؟ إنْ وَجدْتَ شيئًا، فضَعْهُ هُنا أمامَ رِجالي ورجالِكَ، لِيَحكُموا بَيني وبَينَكَ. |
38: | لي عشرونَ سنَةً معَكَ، فلا نِعاجكَ أسقطت مَواليدَها ولا عِنازُكَ، ولا أنا مِنْ كِباشِ غنَمِكَ أكلْتُ. |
39: | ما كانَت تَفتَرِسُهُ الوحوشُ لم أُحضِرْ إليكَ بُرهانًا عَنهُ، وإنَّما كُنتُ أتحَمَّلُ خسَارَتَه وحدي، وكُنتَ أنتَ تُطالبُني بهِ، سَواءٌ سُرِقَ في النَّهارِ أو سُرِقَ في اللَّيلِ. |
40: | وكانَ يأكُلُني الحَرُّ في النَّهارِ، والصَّقيعُ في اللَّيلِ، ولَطَالما هرَبَ النَّومُ مِنْ عينَيَ. |
41: | لي عِشرونَ سنَةً في بَيتِكَ، خدَمْتُكَ فيها أربَعَ عشْرَةَ سنَةً بَدلَ بِنتَيكَ وسِتَ سنواتٍ بَدلَ غَنَمِكَ، وغَيَّرتَ معي في أُجرَتي عشْرَ مرَّاتٍ. |
42: | ولو لم يكُنْ إلهُ أبي، إلهُ إبراهيمَ ومَهابةُ إسحَقَ معي، لكُنتَ الآنَ صَرَفْتَني عَنكَ فارغَ اليدَينِ. ولكنَّ اللهَ نظَرَ إلى عَنائي وتَعَبِ يَديَ، فَوَبَّخكَ البارِحَةَ)).
|
العهد بين يعقوب ولابان |
43: | فأجابَ لابانُ يعقوبَ: ((البَناتُ بَناتي، وبَنوهُنَّ بَنيَ، والغنَمُ غنَمي، وكُلُّ ما تراهُ هوَ لي، فماذا أقدِرُ الآنَ أنْ أفعلَ لأَستعِيدَ بَناتي والبَنينَ الذينَ وَلَدْتَهم؟ |
44: | فتَعالَ نقطَعُ عَهدًا، أنا وأنتَ، ونُقيمُ شاهدًا بَيني وبينَكَ)). |
45: | فأخذَ يعقوبُ حجرًا ونصَبَه عَمودًا |
46: | وقالَ لِرجالهِ: ((إجمَعُوا حِجارةً)). فجمَعوا حِجارةً وكَوَّموها وأكلوا طَعامًا فوقَ الكُومةِ. |
47: | وسَمَّاها لابانُ يَجرْسَهْدُوثا، وسَمَّاها يعقوبُ جلعيدَ. |
48: | وقالَ لابانُ: ((هذِهِ الكُومَةُ تكونُ شاهِدًا بَيني وبَينَكَ اليومَ)). ولِذلِكَ سُمِّيت جلعِيدَ. |
49: | وسُمِّيت أَيضًا المِصفَاةَ، لأنَّ لابانَ قالَ: ((يُصافي الرّبُّ بَيني وبَينَكَ حينَ يتوارَى واحدُنا عَنِ الآخرِ. |
50: | إنْ أَذللتَ بِنتيَ أو تَزَّوجتَ نِساءً علَيهما، فلا أحدَ مِنّا معَكَ لِيرى، ولكنَّ اللهَ شاهِدٌ بَيني وبَينَكَ)). |
51: | وقالَ لابانُ لِيعقوبَ: ((هذِهِ هيَ الكُومَةُ، وها هوَ العَمودُ الذي وضَعْتُ بَيني وبَينَكَ. |
52: | هذِهِ الكُومةَ شاهِدَةٌ والعَمودُ شاهِدٌ أنِّي لا أَتجاوَزُ هذِهِ الكُومةَ لأُسيءَ إليكَ، وأنَّكَ لا تتَجاوَزْ هذِهِ الكُومةَ وهذا العَمودَ لِتُسيءَ إليَّ. |
53: | إلهُ إبراهيمَ وإلهُ ناحورَ يَحكُمُ بَينَنا. وحَلَفَ يعقوبُ بمَهَابَةِ أبيه إسحَقَ، |
54: | وذبَحَ ذَبِيحَةً في الجبَلِ، ودعا رِجالَه لِيأكُلوا طَعامًا فأكَلوا وباتوا في الجبَلِ.
|
|
الفصل : 32 |
1: | وبكَّرَ لابانُ في الغدِ، فقبَّل بَنيهِ وبَناتِه وبارَكَهُم. واَنصرفَ لابانُ راجعًا إلى مَكانِهِ،
|
2: | ومضَى يعقوبُ في طريقهِ، فلاقَتهُ ملائِكةُ اللهِ، |
3: | فقالَ يعقوبُ لمَّا رآهُم: ((هذا جندُ اللهِ!)) وسمَّى ذلِكَ المكانَ مَحَنايِمَ.
|
يعقوب يستعد للقاء عيسو |
4: | وأرسَلَ يعقوبُ رُسُلاً يسبقونَه إلى عِيسو أخيهِ في أرضِ سَعيرَ وبِلادِ أدُومَ، |
5: | وأوصاهُم فقالَ لهُم: ((قولوا لِسيِّدِي عِيسو: هذا ما يقولُه لكَ عبدُكَ يعقوبُ: نزَلْتُ عِندَ لابانَ وأَقَمتُ إلى الآنَ،
|
6: | وصارَ لي بقَرٌ وحميرٌ وغنَمٌَ وعبيدٌ وجوارٍ. فرأيتُ أنْ أُرسِلَ مَنْ يُخبِرُكَ، يا سيّدي، حتى أَنَالَ رِضاكَ)).
|
7: | فرجعَ الرُّسلُ إلى يعقوبَ وقالوا: ((ذهَبنا إلى أخيكَ عيسو، فإذا هوَ قادِمٌ لِلقائِكَ ومعَهُ أربَعُ مئةِ رَجلٍ)).
|
8: | فاَستولى على يعقوبَ الخوفُ والضِّيقُ، فقَسَمَ الجماعةَ الذينَ معَهُ والغنَمَ والبقَرَ والجمالَ إلى فِرقتَينِ |
9: | وقالَ في نفْسِه: ((إنْ صادَفَ عيسو إِحدى الفِرقتَينِ فضَربَها نَجتِ الفِرقَةُ الأُخرى)).
|
10: | وقالَ يعقوبُ: ((يا إلهَ أبي إِبراهيمَ وإلهَ أبي إِسحَقَ، أيُّها الرّبُّ الذي قالَ لي: إرجعْ إلى أرضِكَ وإلى عَشِيرتِكَ وأنا أُحسِنُ إليكَ، |
11: | أنا دونَ أنْ أستَحِقَ كُلَ ما أظهَرتَه لي أنا عبدُكَ، مِنْ رحمةٍ ووفاءٍ، عبَرْتُ هذا الأردنَّ وما لي إلاَ عصايَ، وأمَّا الآنَ فصارَ لي فِرقتانِ. |
12: | نَجني مِنْ يَدِ أخي عيسو، فأنا أخافُ مِنهُ أنْ يَجيءَ فيَقتُلَنا، أنا والأُمَّهاتِ والبَنينَ، |
13: | وأنتَ قلتَ لي: أنا أُحسِنُ إليكَ وأجعَلُ نسلَكَ كرَملِ البَحرِ الذي لا يُحصَى لِكَثرَتِهِ)). |
14: | وباتَ يعقوبُ هُناكَ تِلكَ اللَّيلةَ، واَنتَقَى مِمَّا جاءَ بِه معَه هَديَّةً لِعيسو أخيهِ: |
15: | مئتَي عَنْزٍ وعِشْرينَ تَيسًا، ومِئتي نَعجةٍ وعِشْرينَ كَبْشًا، |
16: | وثلاثينَ ناقةً مُرضِعةً وأولادَها، وأربَعينَ بقَرَةً وعشَرَةَ ثِيرانٍ وَعِشْرينَ أتانًا وعشَرَةَ حميرٍ |
17: | وسَلَّمَ يعقوبُ هذِهِ كُلَّها قطيعًا قطيعًا، كُلًا على حِدَةٍ إلى أيدي عبيدهِ وقالَ لهُم: ((تَقَدَّمُوا أمامي واَجعَلُوا فُسحَةً بينَ قطيعِ وقطيعِ)). |
18: | وأوصَى العَبدَ الأوَّلَ فقالَ لَه: ((إنْ صادَفكَ عيسو أخي وسألَكَ: لِمَن أنتَ وإلى أينَ تذهَبُ، ولِمَنْ هذا الذي أمامَكَ؟ |
19: | فقُلْ: لِعَبدِك يعقوبَ، وهوَ هَديَّةٌ أرسَلَها إلى سيِّدِهِ عيسو. وها هو نفْسُهُ ورَاءَنا)). |
20: | وأوصى العَبدَين الثَّانيَ والثَّالثَ وجميعَ السَّائرينَ خلْفَ القُطعانِ، بِمِثلِ ذلِكَ، فقالَ لهُم: ((ذلِكَ ما تقولونَه لِعيسو إذا لقيتُمُوه)). |
21: | وتقولونَ أيضًا: ((ها هوَ عبدُكَ يعقوبُ نفْسُهُ ورَاءَنا)). فعَلَ يعقوبُ هذا لأنَّه قالَ في نَفسِه: ((أَستَعْطِفُه أوَّلاً بالهَديَّةِ التي تقَدَّمَتْني إليهِ، حتى إذا تلاقينا وجهًا إلى وجهٍ لَعَلَّهُ يعفو عنِّي)). |
22: | فتَقَدَّمَتْهُ الهَديَّةُ، وباتَ هوَ تِلكَ اللَّيلةَ في المحَلَّةِ.
|
صراع يعقوب مع الله |
23: | وقامَ في اللَّيلِ، فأخذَ اَمرَأَتَيهِ وجارِيَتَيهِ وبنيهِ الأَحَدَ عشَرَ وعَبَرَ مخاضَةَ يبُّوقَ، |
24: | أخذَهُم وَأرسَلَهُم عَبرَ الوادي معَ كُلِّ ما كانَ لَه. |
25: | وبقيَ يعقوبُ وحدَهُ، فصارَعَهُ رَجلٌ حتى طُلوعِ الفَجرِ. |
26: | ولمَّا رأَى أنَّه لا يقوى على يعقوبَ في هذا الصِّراعِ، ضرَبَ حُقَ وِرْكِه فاَنخلَعَ.
|
27: | وقالَ لِيعقوبَ: ((طَلَعَ الفجرُ فاَترُكْني!)) فقالَ يعقوبُ: ((لا أتْرُكُكَ حتى تُبارِكَني)). |
28: | فقالَ الرَّجلُ: ((ما اَسمُكَ؟)) قالَ: ((اَسمي يعقوبُ)). |
29: | فقالَ: ((لا يُدعَى اَسمُكَ يعقوبَ بَعدَ الآنَ بل إِسرائيلَ، لأنَّكَ غالَبْتَ اللهَ والنَّاسَ وغلَبْتَ)). |
30: | وسألَهُ يعقوبُ: ((أخبِرْني ما اَسمُكَ)). فقالَ: ((لماذا تسأَلُ عَنِ اَسمي)). وبارَكَهُ هُناكَ. |
31: | وسمَّى يعقوبُ ذلِكَ المَوضِعَ فنوئيلَ، وقالَ: ((لأنِّي رأيتُ اللهَ وجهًا إلى وجهٍ ونجوتُ بِحياتي)). |
32: | وأشرَقَت لهُ الشَّمسُ وهوَ يعبُرُ فَنوئيلَ عارِجا مِنْ وِرْكِه.
|
33: | لِذلِكَ لا يأكُلُ بَنو إِسرائيلَ عِرقَ النَّسا الذي في حُقِّ الوِرْكِ إلى هذا اليومِ، لأنَّ الرَّجلَ ضرَبَ حُقَ وِرْكِ يعقوبَ على عِرقِ النَّسا.
|
|
الفصل : 33 |
لقاء يعقوب وعيسو
1: | ورَفعَ يعقوبُ عينَيهِ ونظَرَ فرأى عِيسو مُقبِلاً ومعَهُ أربَعُ مئةِ رَجلٍ، ففَرَّقَ أولادَه على لَيئةَ وراحيلَ والجاريَتَينِ. |
2: | وجعَلَ الجاريتَينِ وأولادَهما أوّلاً، ثُمَ لَيئةَ وأولادَها، ثُمَ راحيلَ ويوسُفَ آخرًا. |
3: | أمَّا هوَ فتَقَدَّمَهُم وسجدَ إلى الأرضِ سَبْعَ مَرَّاتٍ حتى اَقْتَرَبَ مِنْ أخيهِ. |
4: | فأسرعَ عِيسو إلى لِقائِه وعانَقَهُ وألقى بِنفْسِهِ على عُنُقِه وقَبَّلَه، وبَكَيا. |
5: | ورفَعَ عيسو عينَيه فرأى النِّساءَ والأولادَ فقالَ: ((مَنْ هؤلاءِ؟)) قالَ: ((البنونَ الذينَ أنعَمَ اللهُ بِهِم عليَ يا سيِّدي)). |
6: | فتَقَدَّمتِ الجاريتانِ وأولادُهُما وسجدوا. |
7: | ثُمَ تقَدَّمَت لَيئةُ وأولادُها وسجدوا وَأخيرًا تقَدَّمَ يوسُفُ وراحيلُ وسَجدا.
|
8: | فقالَ عِيسو لِيعقوبَ: ((ماذا أرَدْتَ مِنْ كُلِّ هذِهِ الماشيةِ التي صادَفْتُها؟)) قالَ: ((أنْ أنالَ رِضاكَ يا سيِّدي)). |
9: | قالَ عيسو: ((عِندي كثيرٌ، فمالُكَ يَبقى لكَ يا أخي)). |
10: | قالَ يعقوبُ: ((لا. إنْ نِلتُ رِضاكَ. فاَقبلْ هديَّتي مِنْ يَدي. رأيتُ وجهَكَ فكأنِّي رأيتُ وجهَ اللهِ، لاسيَّما وأنتَ رَضِيتَ عنِّي. |
11: | فاَقبَلْ عطيَّتي التي جئتُ بِها إليكَ. اللهُ أنعَمَ عليَ، وعِندي مِنْ كُلِّ شيءٍ)). وألحَ علَيه فقَبِلَ.
|
فراق يعقوب وعيسو |
12: | وقالَ عيسو لِيعقوبَ: ((نرحلُ ونمضي وأسيرُ معَكَ)). |
13: | فأجابَهُ يعقوبُ: ((أنتَ تعلَمُ يا سيِّدي أنَّ الأولادَ ضِعافٌ، والغنَمَ والبقَرَ التي عِندي مُرضِعَةٌ، فإنْ أجهَدتُها في السَّيرِ، ولو يومًا واحدًا، هلِكَتِ الغنَمُ كُلُّها. |
14: | فتَقَدَّمْني يا سيِّدي، وأنا أَمشي مُتَمَهِّلاً على خطَى الماشيةِ التي أَسوقُها وخطَى الأولادِ، حتى ألحَقَ بِكَ في سَعيرَ)). |
15: | فقالَ عيسو: ((إذًا، أترُكُ عِندَك بعضَ الرِّجالِ الذينَ معي)). فقالَ يعقوبُ: ((لماذا ؟ كَفاني أنْ أنالَ رِضاكَ يا سيِّدي)). |
16: | فرجعَ عيسو في ذلِكَ اليومِ في طريقهِ إلى سَعيرَ |
17: | ورَحَلَ يعقوبُ إلى سُكُّوتَ، فبَنى لَه بَيتًا ونصَبَ لماشيتِهِ حَظائِرَ ولِذلِكَ سُمِّيَ المكانُ سُكُّوتَ.
|
وصول يعقوب إلى شكيم |
18: | ثُمَ جاءَ يعقوبُ سالِمًا إلى مدينةِ شكيمَ التي في أرضِ كنعانَ، بَعدَ عودتِهِ مِنْ سَهلِ أرامَ، فنَزَلَ قُبالَةَ المدينةِ. |
19: | وَبِمئةٍ مِنَ الفِضَّةِ اَشترى مِنْ بَني حَمورَ أبي شكِيمَ قِطعةَ الأرضِ التي نصَب فيها خيمَتهُ. |
20: | وأَقامَ هُناكَ مذبحًا ودَعاهُ باَسم إيلَ، إلهِ إِسرائيلَ.
|
|
الفصل : 34 |
إغتصاب دينة
1: | وخرَجت دينَةُ بِنتُ يعقوبَ مِنْ لَيئةَ اَمرأتِه لِتشاهِدَ بَناتِ تِلكَ الأرضِ، |
2: | فرآها شكيمُ بنُ حَمُورَ الحِوِّيِّ، أميرِ تِلكَ الأرضِ، فأخذَها وضاجعَها وأذَلَّها. |
3: | وتعَلَّقَ قلبُه بِها فأحَبَّها ولاطَفَها
|
4: | وقالَ لأبيه حَمُورَ: ((خذْ هذِهِ الفتاةَ زوجةً لي)). |
5: | وسَمِعَ يعقوبُ أنَّه دَنَّسَ دينةَ اَبنتَه، فسَكَتَ حتى جاءَ بَنوهُ الذينَ كانوا معَ ماشِيتِهِ في البرِّيَّةِ.
|
مصاهرة بني شكيم |
6: | فخرَج حَمورُ أبو شكيمَ إلى يعقوبَ لِيُكَلِّمَه، |
7: | وكان بنو يعقوبَ راجعينَ مِنَ البرِّيَّةِ، فلمَّا سَمِعوا بِما جرى غضِبوا واَغتاظوا جدُا لأنَّ شكيمَ اَرتَكَبَ فِعْلاً شنيعًا في إِسرائيلَ بِمُضاجعَةِ اَبنةِ يعقوبَ، وهذا عمَلٌ لا يُعمَلُ. |
8: | فقالَ لهُم حَمورُ: ((وقَعَ قلبُ شكيمَ اَبني في غرامِ اَبنتِكُم فأعطوها زوجةً لَه |
9: | وصاهِرونا، أعطُونا بَناتِكُم وخذُوا بَناتِنا |
10: | وأقيموا معَنا. هذِهِ الأرضُ بَينَ أيديكُم فاَسكنوا فيها وجولوا وتَمَلَّكوا)). |
11: | وقالَ شكيمُ لأبي دينَةَ وإخوتِها: ((إرضَوا عليَ، وما تطلُبُونَه مني أُعطِيه. |
12: | أَكثِروا عليَ المَهْرَ والهَدايا فأُعطيَكُم قدْرَ ما تطلُبونَ، وأعطُوني الفتاةَ زوجةً لي)).
|
13: | فأجابَ بَنو يعقوبَ شكيمَ وحَمورَ أَباهُ بِمَكْرٍ وكَيدٍ لأنَّ شكيمَ دنَّسَ دينةَ أُختَهُم، |
14: | فقالوا لهُما: ((لا نقدِرُ أنْ نفعَلَ هذا، فنُعطي أختَنا لِرَجلٍ غيرِ مَختونٍ، لأنَّه عارٌ عِندَنا. |
15: | ولكِنَّنا نُوافقُكُم في حالٍ واحدةٍ: أنْ تصيروا مِثلَنا بأنْ يَختَتِنَ كُلُّ ذَكَرٍ مِنكُم، |
16: | فنُعطِيكمُ بَناتِنا ونأخذُ لنا بَناتِكم ونُقيمُ معَكُم ونَصيرُ شعبًا واحدًا. |
17: | وإِنْ لم تسمَعوا لنا وتَختَتِنوا نأخذُ اَبنتَنَا ونمضي)). |
18: | فحَسُنَ كلامُهُم عِندَ حَمورَ وشكيمَ اَبنِه. |
19: | ولم يتأخرِ الفتى عَنْ أنْ يفعَلَ ذلِكَ لِشَغَفِهِ باَبنةِ يعقوبَ، وكانَ أكرَمَ جمِيعِ أهلِ بَيتِ أبيهِ. |
20: | فلمَّا دخلَ حَمورُ وشكيمُ اَبنُه بابَ مدينتِهِما قالا لأهلِها: |
21: | ((هؤلاءِ القومُ مسالِمونَ لنا، فليُقِيموا في هذِهِ الأرضِ ويتَجوَّلوا فيها والأرضُ واسعةٌ جدُا أمَامَهم، فنتَزَوَّج بَناتِهم ونُزَوِّجهُم بَناتِنا. |
22: | ولَكِنَّهم لا يُوافِقُونَنا على أن يُقِيموا معَنا ونصِيرَ شعبًا واحدًا إلاَ إذا اَختَتَنَ كُلُّ ذَكَرٍ مِنا مِثلَما هُم مُختَتنُونَ. |
23: | أفلا تَصيرُ مَواشيهِم ومُقتَنَياتُهُم وجميعُ بَهائِمِهِم لنا، إنْ نحنُ وافَقناهُم على هذا فأقاموا معَنا؟)) |
24: | فسَمِعَ لِحَمورَ وشكيمَ اَبنهِ جميعُ أهلِ الرَّأي> في المدينةِ، واَختَتَنَ كُلُّ ذَكَرٍ في المدينةِ. |
25: | وفي اليومِ الثَّالثِ، وهُم بَعدُ مُتَوَجعونَ، أخذَ كُلًّ مِن اَبنَي يعقوبَ، شِمعونُ ولاوي أَخوي دينةَ، سَيفَه ودخلا المدينة آمِنَينِ. فقتَلا كُلَ ذَكَرٍ، |
26: | ومِنهُم حَمورُ وشكيمُ اَبنُه، وأخذا دينَةَ مِنْ بَيتِ شكيمَ وخرَجا. |
27: | ثُمَ دخلَ بَنو يعقوبَ كُلُّهم على القتلى ونهَبوا ما في المدينةِ اَنتِقامًا لِتدنيسِ أُختِهِم، |
28: | وأخذوا غنَمَهُم وبقَرَهُم وحَميرَهُم وكُلَ ما في المدينةِ وما في الحُقولِ.
|
29: | وسَبَوا وغَنِموا جميعَ ثروتِهِم وكُلَ أطفالِهِم ونِسائِهِم وسائِرَ ما في البُيوتِ.
|
30: | فقالَ يعقوبُ لِشِمعونَ ولاوي: ((كَدَّرتُماني وجلَبْتُما عليَ البُؤسَ عِندَ أهلِ هذِهِ الأرضِ، وعِندَ الكنعانِيِّينَ والفَرزِّيّينَ، ونحنُ قليلٌ عَديدُنا. فإنِ اَجتمعوا عليَ وهاجموني هَلِكْتُ أنا وأهلُ بيتي)). |
31: | فأجابا: ((ولَكِنْ، أمِثلَ زانيةٍ يُعامِلُ أُختَنا؟))
|
|
الفصل : 35 |
يعقوب في بيت إيل
1: | وقالَ اللهُ لِيعقوبَ: ((قُمِ اَصعَدْ إلى بيتِ إيلَ، وأَقِمْ هُناكَ، واَبنِ مذبَحًا للهِ الذي تراءَى لكَ حينَ هَرَبْتَ مِنْ وجهِ عيسو أخيكَ)). |
2: | فقالَ يعقوبُ لأهلِ بَيتِه و لِكُلِّ مَنْ كانَ معَهُ: ((أَزيلوا الآلِهةَ الغريبَةَ التي بَينَكُم وتطهَّرُوا وبدِّلوا ثِيابَكُم، |
3: | وقُوموا نصعَدْ إلى بَيتِ إيلَ، فأَبنيَ هُناكَ مذبَحًا للهِ الذي أعانَني في يومِ ضيقي، وكانَ معي في الطَّريقِ التي سَلَكْتُها)).
|
4: | فأعطَوا يعقوبَ كُلَ الآلهةِ الغريبةِ التي في أَيديهِم والحَلَقَ الذي في آذانِهِم، فطَمَرَها يعقوبُ تحتَ البُطْمةِ التي عِندَ شكيمَ. |
5: | ثُمَ رحَلوا، فحَلَ ذُعْرٌ مِنَ اللهِ على المُدُنِ التي حَولَهُم، فلم يَجرُؤْ أَهلُها على السَّعي ورَاءَ بَني يعقوبَ.
|
6: | وجاءَ يعقوبُ وجميعُ القومِ الذين معَه إلى لُوزَ التي في أرضِ كنعانَ وهيَ بَيتُ إيلَ. |
7: | وبَنى هُناكَ مذبَحًا وسَمَّى المَوضِعَ إلهَ بَيتِ إيلَ، لأنَّ اللهَ تجلَّى لَه هُناكَ حِينَ هرَبَ مِنْ وجهِ أخيهِ.
|
8: | وماتَت دبُورةُ مُرضِعَةُ رِفقةَ فدُفِنَت تحتَ البَلُّوطةِ في أَسفلِ بَيتِ إيلَ، وسُمِّيَ المَوضِعُ بلُّوطَةَ البُكاءِ.
|
9: | وتراءَى اللهُ لِيعقوبَ أَيضًا حينَ جاءَ مِنْ سَهلِ أرامَ وبارَكَهُ
|
10: | وقالَ لَه: ((إسمُكَ يعقوبُ. لا يُدعَى اَسمُكَ بَعدَ الآنَ يعقوبَ، بل إِسرائيلَ)). فسمَّاهُ إِسرائيلَ.
|
11: | وقالَ لَه اللهُ: ((أنا اللهُ القديرُ. اَنْمُ واَكْثُرْ. أُمَّةٌ ومجموعةُ أُمَمِ تكونُ مِنكَ، وملوكٌ مِنْ صُلبِكَ يَخرُجونَ،
|
12: | والأرضُ التي وهَبْتُها لإِبراهيمَ وإسحَقَ أهبُها لكَ ولِنَسلِكَ مِنْ بَعدِكَ)).
|
13: | ثُمَ اَرتفَعَ اللهُ عَنهُ في المَوضِعِ الذي كلَّمَه فيهِ.
|
14: | فنَصَبَ يعقوبُ هُناكَ عَمودًا مِنْ حجرٍ، وسكبَ علَيه خمرًا وصبَ زَيتًا لِيُكَرِّسَهُ لِلرّبِّ.
|
15: | وسَمَّى ذلِكَ المَوضِعَ الذي كَلَّمَه اللهُ فيهِ بَيتَ إِيلَ.
|
مولد بنيامين وموت راحيل |
16: | ثُمَ رحَلوا مِنْ بَيتِ إيلَ. وبَينما هُم بَعدُ على مَقرُبَةٍ مِنْ أفراتَةَ بدَأَت راحِيلُ تَلِدُ فتعَسَّرَت علَيها الوِلادةُ. |
17: | ولمَّا تعَسَّرَت علَيها الوِلادةُ قالت لها القابِلَةُ: ((لا تخافي. هذا اَبنٌ آخرُ لكِ)). |
18: | فسَمَّتْهُ راحِيلُ، قَبلَ أنْ تفيضَ رُوحُها، بَنْ أوني. وأمَّا أبوه فَسَمَّاهُ بِنيامينُ. |
19: | وماتَت راحيلُ ودُفِنت في طريقِ أفراتَةَ، وهيَ بَيتُ لَحمِ. |
20: | ونصبَ يعقوبُ عَمودًا على قبرِها، وهوَ عَمودُ قبرِ راحيلَ إلى اليومِ. |
21: | ثُمَ رحَلَ يعقوبُ مِنْ هُناكَ ونصبَ خيمتَه على الجانبِ الآخرِ مِنْ مَجدَلِ عِدْرٍ. |
22: | وبَينَما هوَ ساكِنٌ في تِلكَ الأرضِ ذهَبَ رَأوبينُ فضاجعَ بِلْهَةَ، مَحظِيَّةَ أبيهِ، فسَمِعَ بِذلِكَ يعقوبُ.وكانَ بَنو يعقوبَ اَثنَي عشَرَ: (( |
23: | بَنو لَيئةَ: رَأوبينُ، بِكْرُ يعقوبَ، وشِمعونُ ولاوي ويَهوذا ويسَّاكَرُ وزَبُولُونُ، |
24: | واَبنا راحيلَ: يوسُفُ وبنيامينُ، |
25: | واَبنا بِلْهَةَ، جاريةِ راحيلَ، دانُ ونفتالي، |
26: | واَبنا زِلْفَةَ، جاريةِ لَيئَةَ، جادُ وأَشيرُ، هؤلاءِ بَنو يعقوبَ الذينَ وُلِدوا لَه في سَهلِ أَرامَ. |
27: | وجاءَ يعقوبُ إلى إسحَقَ أبيه عِندَ مَمْرا بالقُربِ مِنْ قريةٍ أربَعَ، وهيَ حَبرونُ، حيثُ تغَرَّبَ إبراهيمُ وإِسحَقُ. |
28: | وكانَ عُمرُ إِسحَقَ مئةً وثمانينَ سنَةً. |
29: | وفاضَت روحُ إِسحَقَ وماتَ واَنْضَمَ إلى آبائِهِ شيخا شَبِعَ مِنَ الحياةِ. ودَفَنَهُ عِيسو ويعقوبُ اَبناهُ.
|
|
الفصل : 36 |
مواليد عيسو
1: | هذِهِ مَواليدُ عِيسو، أي أدومَ: |
2: | أخذَ عِيسو زَوجاتِه مِنْ بَناتِ كنعانَ: عَدَةَ بنتَ إيلونَ الحثِّيِّ، وأَهوليبامَةَ بنتَ عَنَةَ بِنتَ صَبعونَ الحِوِّيِّ، |
3: | وبَسمَةَ بنتَ إسماعيلَ أختَ نَبايُوتَ. |
4: | فَوَلدت عَدَةُ أليفازَ، ووَلَدَت بَسمَةُ رَعوئِيلَ، |
5: | ووَلَدَت أَهوليبامَةُ يَعوشَ ويَعلامَ وقُورَحَ. هؤلاءِ وُلِدُوا لِعيسو في أرضِ كنعانَ. |
6: | ثُمَ أخذَ عيسو زوجاتِه وبَنيهِ وبَناتِه وجميعَ أهل بيتِه ومَواشيَه وكُلَ بَهائِمهِ وكُلَ ما اَقتناهُ في أرضِ كنعانَ، ورَحَلَ عَنْ يعقوبَ أخيه إلى أرضٍ أُخرى. |
7: | لأنَّ الأرضَ التي كانَا يُقيمانِ بها معًا، كانَت أضيقَ مِنْ أَنْ تسَعَهُما لِكَثرَةِ مَواشيهِما. |
8: | فأقامَ عيسو بِجبلِ سَعيرَ.
|
9: | وهذِهِ مَواليدُ عيسو أبي الأَدوميِّينَ في جبَل سَعيرَ: |
10: | أليفازُ اَبنُ عَدَةَ، وَرَعوئِيلُ اَبنُ بَسمَةَ.
|
11: | وكانَ بَنو أَليفازَ: تيمانَ وأَومارَ وصفْوَ وَجعْثامَ وقَنازَ |
12: | وعمالِيقَ الذي وَلَدَتْه لَه تِمناعُ جاريِتُه. |
13: | وهؤلاءِ بَنو رَعوئيلَ: نَحَثُ وزارَحُ وشَمَّةُ ومِزَّةُ. |
14: | هؤلاءِ بَنو أَهوليبامَة بنتِ عَنَةَ بنتِ صِبعُونَ اَمرأةِ عيسو: يَعوشُ ويَعْلامُ وقُورَحُ. |
15: | وهؤلاءِ أُمراءُ بَني عيسو: بَنو أليفازَ بِكْرِ عيسو: تِيمانُ وأُومارُ وصَفو وقنَازُ |
16: | وقُورَحُ وجعْثامُ وعمالِيقُ. هؤلاءِ بَنو عَدَةَ اَمرأةِ عيسو |
17: | وهؤلاءِ بَنو رَعوئيلَ بنِ عيسو: نَحَثُ وزارَحُ وشَمَّةُ ومِزَّة. هؤلاءِ بَنو بَسمةَ اَمرأةِ عيسو. |
18: | وهؤلاءِ بَنو أَهوليبامَةَ بنتِ عَنَةَ اَمرأةِ عيسو: يَعوشُ ويَعلامُ وقُورَحُ. |
19: | هؤلاءِ أُمراءُ بَني عيسو، أَيْ أَدُومَ.
|
20: | هؤلاءِ أُمراءُ بَني سَعيرَ الحُوريِّ في أرضِ أَدومَ: لوطانُ وشُوبالُ وصِبعونُ وعَنَةُ |
21: | ودِيشونُ وإيصَرُ ودِيشانُ. |
22: | وكانَ لِلوطانَ اَبْنانِ: حُوريُ وهَيمَامُ. وكانَت تِمناعُ أختَ لوطانَ. |
23: | وهؤلاءِ بَنو شُوبالَ: عَلْوانُ ومَناحَةُ وعَيبالُ وشَفوٌ وأونامُ. |
24: | وهذانِ اَبنا صِبعُونَ: أَيَّةُ وعَنَةُ. هذا هوَ عَنَةُ الذي وجدَ المياهَ السَّاخنَةَ في البرِّيَّةِ وهوَ يرعى حمِيرَ صِبعُونَ أَبيهِ. |
25: | وهذا اَبنُ عَنَةَ: دِيشُونُ. وَأَهوليبامَةُ هيَ بِنتُ عَنَةَ. |
26: | وهؤلاءِ بَنو دِيشانَ: حَمدانُ وأَشبانُ ويثرَانُ وكَرانُ. |
27: | هؤلاءِ بَنو إيصَرَ: بِلهانُ وزَعوَانُ وعَقَّانُ. |
28: | هذانِ اَبنا دِيشانَ: عُوصٌ وأَرانُ. |
29: | هؤلاءِ أُمراءُ الحُورِيِّينَ في أرضِ سَعيرَ: لُوطانُ وشوبالُ وصِبعونُ وَعَنَةُ |
30: | ودِيشونُ وإيصَرُ وَدِيشانُ. هؤلاءِ أمراءُ الحُوريِّينَ في أرضِ سَعيرَ. |
31: | وهؤلاءِ هُمُ المُلوكُ الذينَ ملكوا في أرضِ أَدومَ، قَبلَما قامَ مُلوكٌ في بَني إِسرائيلَ: |
32: | بالَعُ بنُ بَعُورَ واَسمُ مدينَتِهِ دنْهابَهُ. |
33: | وماتَ بالَعُ. فخلَفَهُ يُوبَابُ بنُ زارَحَ مِنْ بُصْرَةَ. |
34: | وماتَ يوبابُ، فخلَفَهُ حُوشامُ في أرضِ التَّيمانيّ. |
35: | وماتَ حُوشامُ، فخلَفَهُ هَدادُ بنُ بَدادُ الذي هزَمَ المِديانيِّينَ في بِلادِ مُوآبَ، واَسمُ مدينَتِهِ عَويتُ. |
36: | وماتَ هَدادُ، فخلَفَهُ سَمْلَةُ بنُ مَسريقَةَ. |
37: | وماتَ سَمْلَةُ، فخلَفَهُ شاولُ مِنْ رَحوبوتَ على النَّهرِ. |
38: | وماتَ شاولُ، فخلَفَهُ بَعلُ حانانَ بنُ عَكبورَ. |
39: | وماتَ بَعلُ حانانَ بنُ عَكبُورَ فخلَفَهُ هَدادُ، واَسمُ مدينَتِهِ فاعو، واَسمُ زوجتِهِ مَهِيطَبِئيلَ بنتُ مَطْرَدَ بِنتِ مَيزَهَبَ. |
40: | وهذِهِ أسماءُ أُمراءِ بني عيسو: بِقبائِلِهِم ومَواضِعِهِم: تِمناعُ وعَلَوةُ ويَتِيتُ |
41: | وأهوليبامةُ وإِيلَةُ وفينُونُ |
42: | وقَنَازُ وتيمَانُ ومِبصارُ. |
43: | ومَجدَئيلُ وعيرامُ. هؤلاءِ أُمراءُ أَدومَ، أَي عيسو أبي الأدوميِّينَ، بِمَساكِنِهِم في أَرضِ مُلْكِهِم.
|
|
الفصل : 37 |
يوسف وإخوته
1: | وأقامَ يعقوبُ في أَرضِ كنعانَ، حيثُ تغرَّبَ أَبوهُ. |
2: | وهذِهِ سيرةُ بَني يعقوبَ: كانَ يوسُفُ، وهوَ فتىً في السَّابعَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمرِه، يرعَى الغنَمَ معَ إخوتِهِ بَني بِلْهَةَ وبَني زِلفَةَ زوجتي أبيهِ، فأخبرَ أبَاه بِما يُشاعُ عَنْ مَساوِئِهِم. |
3: | وكان يعقوبُ يُحِبُّ يوسُفَ أكثرَ مِنْ سائِرِ بَنيهِ لأنَّه اَبنُ شَيخوختِهِ. فصنَعَ لَه قميصًا مُلَوَّنًا. |
4: | ورأَى إخوتُهُ أنَّ أبَاهُم يُحِبُّه أكثرَ مِنهُم جميعًا. فأَبغَضوهُ حتى لم يقدِروا أنْ يُكَلِّموهُ بِمَوَدَّةٍ.
|
5: | ورأى يوسُفُ حُلُمًا، فلمَّا أخبَرَ بِهِ إخوتَه زادَ بُغضُهم لَه. |
6: | قالَ لهُم: ((إسْمعوا هذا الحُلُمَ الذي رأيتُه. |
7: | رأيتُ كأنَّنا نحزِمُ حُزَمًا في الحقلِ، فوَقَفَت حُزمَتي بَغتَةً واَنتَصَبَت ثُمَ أحاطَت بِها حُزمُكُم وسجدَت لها)). |
8: | فقالَ لَه إخوَتُه: ((أتَظنُّ أنَّكَ تَملِكُ وتتَسَلَّطُ علَينا؟)) وزادَ بُغضُهُم لَه لأجلِ أحلامِهِ وكلامِهِ. |
9: | ورأى حُلُمًا آخرَ، فَقَصَّهُ على إخوتِهِ قالَ: ((رأيتُ حُلُمًا آخرَ، كأنَّ الشَّمسَ ساجدةٌ لي والقمرَ وأحدَ عَشَرَ كوكبًا)). |
10: | ولمَّا قَصَّهُ على أبيهِ وإخوتِهِ إنتَهرَه أبوهُ وقالَ لَه: ((ما هذا الحُلُمُ الذي رأيتَه؟ أنَجيءُ أنا وأمُّكَ وإخوتُكَ فنسجدَ لكَ إلى الأرضِ؟)) |
11: | فحَسدَهُ إخوتُه. وأمَّا أبوه فحفِظَ هذا الكلامَ في قلبهِ.
|
إخوة يوسف يبيعونه |
12: | وذَهَبَ إخوةُ يوسُفَ ليرعَوا غنَمَ أبيهِم عِندَ شكيمَ، |
13: | فقالَ يعقوبُ ليوسُفَ: ((إخوتُكَ يرعَونَ الغنَمَ عِندَ شكيمَ، فتَعالَ أُرسِلُكَ إليهِم)). قالَ: ((نعم، ها أنا)). |
14: | فقالَ لَه: ((اَذهبْ واَنظُرْ كيفَ حالُ إخوتِكَ وحالُ الغنَمِ وجئْني بالخبَرِ!)) وأَرسلَه مِنْ وادي حَبرونَ، فجاءَ إلى شكِيمَ. |
15: | وصادَفَه رَجلٌ وهوَ تائِهٌ في البرِّيَّةِ، فسألَه: ((ماذا تطلُبُ؟)) |
16: | فأجابَ: ((أَطلبُ إخوتي. أخبِرني أينَ يَرعَونَ)). |
17: | فقالَ الرَّجلُ: ((رَحلوا مِنْ هُنا، وسَمِعْتُهُم يقولونَ: نذهبُ إلى دُوثانَ)). فسعَى يوسُفُ وراءَ إخوتِه، فوَجدَهُم في دُوثانَ.
|
18: | فلمَّا رأَوه عَنْ بُعدٍ وهوَ يقتربُ مِنهُم تآمَروا ليقتُلُوه. |
19: | فقالَ بعضُهم لِبعضٍ: ((ها صاحبُ الأحلامِ مُقبلٌ نحوَنا. |
20: | تَعالوا نقتُلْه ونَطرَحْهُ في بِئرٍ ونقولُ: ((وَحشٌ شَرِسٌ أكَلَهُ، ونرى ماذا تنفَعُ أحلامُهُ)). |
21: | فسَمِعَ رَأوبينُ، فأنقَذهُ مِنْ أَيديهِم وقالَ: ((لا نقتُلُه!)) |
22: | ثُمَ قالَ لهُم رَأُوبينُ: ((لا تسفُكُوا دَمًا. إطرَحوهُ في هذِهِ البِئرِ التي في البرِّيَّةِ ولا ترفَعوا أيدِيَكُم علَيه)). قالَ هذا لِينقِذَه مِنْ أيديهم ويَرُدَّهُ إلى أَبيهِ. |
23: | فلمَّا وصَلَ يوسُفُ إلى إخوتِهِ نزَعُوا عَنه القميصَ المُلوَّنَ الذي يَلبسُهُ |
24: | وأخذُوه وطَرَحوهُ في البِئرِ، وكانَتِ البِئرُ فارِغَةً لا ماءَ فيها، |
25: | ثُمَ جلَسوا يأكُلون. ورَفَعُوا عُيونَهم فرأَوا قافِلَةً مِن الإسماعيليِّينَ مُقبِلَةً مِنْ جلْعادَ، وجمالُهُم مُحَمَّلَةٌ صُمْغًا وبَلْسَمًا ومُرُا، وهُم في طريقِ نُزُولِهم إلى مِصْرَ. |
26: | فقالَ يَهوذا لإخوتِهِ: ((ما الفائِدَةُ مِنْ أنْ نقتُلَ أخانا ونُخفيَ دَمَهُ؟ |
27: | تعالَوا نبيعُه لِلإِسماعيليِّينَ ولا نرفَعُ أيديَنا علَيهِ، فهُوَ أخونا مِنْ لَحمِنا ودَمِنا)). فسَمِعَ لَه إخوَتُهُ.
|
28: | ومَرَ تُجارٌ مديانيُّونَ فأمسَكُوا يوسُفَ وأصعدُوه مِنَ البِئرِ وباعُوه لِلإِسماعيليِّينَ بِعِشْرينَ مِنَ الفِضَّةِ، فجاؤوا بهِ إلى مِصْرَ |
29: | ورَجع رَأوبينُ إلى البئر، فلم يَجدْ يوسُفَ في البئرِ، فمزّقَ ثيابَهُ |
30: | ورجعَ إلى إخوتِهِ وقالَ لهُم: ((الولَدُ غيرُ موجودٍ، وأنا إلى أينَ أذهبُ؟)) |
31: | فأخذوا قميصَ يوسُفَ وذبَحوا تَيسًا مِنَ المَعَزِ وغَمَسُوا القميصَ في الدَّمِ. |
32: | وأرسلوا القميصَ المُلوَّنَ إلى أبيهِم وقالوا: ((وَجدْنا هذا. فتَحَقَّقْ أقميصُ اَبنِكَ هوَ أم لا؟)) |
33: | فتَحَقَّقَهُ وقالَ: ((قميصُ اَبني. وَحشٌ شَرِسٌ أكَلَهُ. مَزَّقَ يوسُفَ تَمزيقًا)). |
34: | وشَقَ يعقوبُ ثيابَه ولَبِسَ المِسْحَ حِدادًا على اَبنهِ، وناحَ أيّامًا كثيرةً. |
35: | وقامَ جميعُ بَنيهِ وبَناتِه يُعَزُّونَه، فأبى أنْ يتَعَزَّى وقالَ: ((بل أنزِلُ إلى عالمِ الأمواتِ نائِحًا على اَبني)). وبَكى علَيه يعقوبُ. |
36: | وباعَ المِديانيُّونَ يوسُفَ في مِصْرَ لِفُوطيفارَ، كبيرِ خدَمِ فِرعَونَ ورئيسِ الطُّهاةِ.
|
|
الفصل : 38 |
زواج يهوذا من تامار
1: | وفي ذلِكَ الوقتِ فارقَ يَهوذا إخوتَه وذهَبَ إلى رجلٍ عَدُلاَميٍّ اَسمُه حيرَةُ. |
2: | ورأى يَهوذا هُناكَ بنتَ رجلٍ كنعانيٍّ اسمُه شُوعٌ، فأخذَها ودخل علَيها |
3: | فحَبِلت ووَلَدَتِ اَبنًا فسَمَّاه عيرًا.
|
4: | وحَبِلَت أيضًا ووَلَدَت اَبنًا فَسَمَّتْهُ أونانَ. |
5: | وعادَت فوَلَدَتِ اَبنًا وسمَّتْهُ شيلَةَ. وكانَ في كَزيبَ حينَ ولَدَتْهُ.
|
6: | وأَخذَ يَهوذا زوجةً لِعيرَ اَبنِهِ البِكْرِ، اَسمُها ثامارُ. |
7: | وكانَ عيرُ هذا شرِّيرًا في نظَر الرّبِّ، فأماتَهُ الرّبُّ. |
8: | فقالَ يَهوذا لأونانَ: ((أدخلْ على اَمرأةِ أخيكَ فتَزَوَّجها وأقِمْ نسلاً لأخيكَ)). |
9: | وعَلِمَ أونانُ أنَّ النَّسلَ لا يكونُ لَه، فكانَ إذا دخل على اَمرأةِ أَخيهِ أَفرَغَ مَنيَّهُ على الأرضِ لئلاَ يَجعَلَ نسلاً لأخيهِ. |
10: | فاَستاءَ الرّبُّ بِما فعَلَهُ أُونانُ، فأماتهُ أيضًا. |
11: | فقالَ يَهوذا لِتامارَ كَنَّتِه: ((بِما أَنَّكِ أرملةٌ أقيمي في بَيتِ أَبيكِ حتى يكبُرَ شيلَةُ اَبني)). قالَ هذا مَخافةَ أَنْ يموتَ شيلةُ أيضًا كأخوَيهِ. فذَهَبَت تامارُ وأقامت في بَيتِ أبيها.
|
12: | ولمَّا طالتِ المُدَّةُ وماتتِ اَبنةُ شُوعَ، اَمرأةُ يَهوذا، صَعِدَ يهوذا بَعدَ أيّامِ العزاءِ إلى حيثُ كانَ غنَمُه يُجزُّ في تِمْنَةَ، هوَ وصاحِبُهُ حِيرَةُ العَدُلاَميُّ. |
13: | وقِيلَ لتامارَ: ((ها حَمُوكِ صاعِدٌ إلى تِمْنَةَ لِجزِّ غنَمِهِ)). |
14: | فخلَعَت ثيابَ ترَمُّلِّها، وتَغَطَّت بالبُرقُعِ واستَتَرت وجلسَت في مدخل عَينايِمَ، على طريقِ تِمنَةَ. فعَلَت ذلِكَ لأنَّها رأت أنَّ شيلةَ اَبنَ يهوذا كَبُرَ ولم تُزوَّج بِهِ. |
15: | فرآها يَهوذا فحَسِبَها زانيةً لأنَّها كانت تُغطي وجهَها. |
16: | فمالَ إليها في الطَّريقِ وقالَ لها: ((تعالَي أدخلْ علَيكِ)) وكانَ لا يَعلَمُ أنَّها كَنَّتُه. فقالت: ((ماذا تُعطيني حتى تدخلَ عليَّ؟)) |
17: | قالَ: ((أُرسِلُ لكِ جديًا مِنَ الماشيةِ)). قالت: ((أعطِني رَهْنًا إلى أنْ تُرسِلَهُ)). |
18: | قالَ: ((ما الرَّهنُ الذي أُعطيكِ؟)) قالت: ((خاتَمُكَ وعِمامَتُكَ وعصاكَ الَّتي بيدِكَ)). فأعطاها ودخلَ علَيها، فحَبِلت مِنهُ. |
19: | ثُمَ قامت، فذَهبت إلى بَيتها وخلَعَت بُرْقُعَها ولَبِسَت ثِيابَ ترَمُّلِها.
|
20: | وأَرسلَ يَهوذا جديًا معَ صاحِبهِ العَدُلاَميِّ لِيَفُكَ الرَّهْنَ مِنْ يدِ المَرأةِ فلم يَجدْها. |
21: | فسأل المُقيمينَ هُناكَ: ((أينَ البَغيُّ التي كانت في عَينايِمَ على الطَّريقِ؟)) قالوا: ((ما كانت هنا بَغيٌّ)). |
22: | فرَجعَ إلى يَهوذا وقالَ لَه: ((لم أجدْها، والمُقيمونَ هُناكَ أيضًا قالوا: ما كانت هنا بَغيٌّ)).
|
23: | فقالَ يَهوذا: ((لِتَحتَفِظْ بِما لي عِندَها لِئلاَ تلحقَنا المهانَةُ كيفَ أرسلتُ أنا الجديَ، وأنتَ لم تَجدْها)). |
24: | وبَعدَ مُرورِ نحوَ ثلاثةِ أَشهرٍ قِيلَ لِيهوذا: ((زَنَت تامارُ كَنَّتُكَ، وها هيَ حُبلى مِنَ الزِّنى)). فقال يَهوذا: ((أَخرِجوها وأحرِقُوها)). |
25: | وبَينَما هُم يُخرجونَها أرسَلَت إلى يَهوذا حَميِّها تقولُ: ((تحَقَّقْ لِمَنْ هذا الخاتَمُ والعِمامَةُ والعصا، فأَنا حُبلى مِنه)). |
26: | فتَحَقَّقَها يَهوذا وقالَ: ((هيَ أَصدَقُ منِّي. كانَ عليَ أنْ أُزوِّجها لِشيلَةَ اَبني)). ولم يَعُدْ أيضًا يُضاجعُها.
|
27: | ولمَّا جاءَ وقتُ وِلادَتِها كانَ في بَطنِها تَوأَمانِ. |
28: | وبَينَما هيَ تَلِدُ أَخرَج أحدُ التَّوأَمَينِ يَدَهُ، فأمسَكَتْها القابِلَةُ وعَقَدَت علَيها خيطًا قِرْمِزِيُا وقالت: ((هذا خرَج أوَّلاً)). |
29: | فلمَّا رَدَ يَدهُ خرَج أخوهُ فقَالت: ((لماذا قَطَعْتَ الخيطَ؟ علَيكَ القَطِيعَةُ)). فَسُمِّيَ فارِصَ. |
30: | ثُمَ خرَج أَخوه وعلى يَدِهِ خيط القِرمِزِ، فَسُمَّيَ زارَحَ.
|
|
الفصل : 39 |
يوسف في مصر
1: | وأمَّا يوسُفُ فأنزَلَه الإسماعِيلِيُّونَ معَهُم إلى مِصْرَ، فاَشتراهُ مِنُهم فوطيفارُ المِصْرِيُّ، كبيرُ خدَمِ فِرعَونَ ورئيسُ الطُّهاةِ. |
2: | وكانَ الرّبُّ معَ يوسُفَ، فكانَ رجلاً ناجحًا وأقَامَ في بَيتِ سيّدِهِ المِصْريِّ. |
3: | ورأى سيّدُهُ أنَّ الرّبَ معَه ويُنجحُهُ في كُلِّ ما تعمَلُه يَداهُ، |
4: | فنالَ يوسُفُ حُظوَةً عِندَه وخدَمَه. وأوكَلَه فُوطيفارُ على بَيتِه، وجعَلَ في عِهدَتِهِ كُلَ ما كانَ لهُ. |
5: | وكانَ مُنذُ وَكَّلَه على بَيتهِ، وعلى كُلِّ ما هوَ لَه، أنْ بارَكَ الرّبُّ بَيتَ فُوطِيفارَ المِصْريِّ إِكرامًا ليوسُفَ، وكانَت بَرَكَةُ الرّبِّ على كُلِّ ما هوَ لَه في بَيتِه وفي حُقولِه. |
6: | فتَرَكَ كُلَ ما كانَ لَه في يَدِ يوسُفَ، وكانَ لا يعرِفُ شيئًا مِمَّا عِندَه إلاَ الخبزَ الذي كانَ يأكُلُهُ.
|
محاولة إغراء يوسف |
7: | فحَدَثَ بَعدَ ذلِكَ أنَّ اَمرأةَ سيّدِهِ رفَعَت عينَيها إليهِ وقالتِ: ((إضْطَجعْ معي!)) |
8: | فرَفَضَ وقالَ لها: ((سيِّدي لا يعرِفُ شيئًا مِمَّا في البَيتِ، وكُلُّ ما يَملِكُهُ اَئتَمَنَني علَيه. |
9: | لا أحدَ في هذا البَيتِ أعظَمُ منِّي إلاَ سيِّدي، وسيِّدي لم يَمنَعْ عنِّي شيئًا غيرَكِ لأنَّكِ اَمْرَأته، فكيفَ أفعَلُ هذِهِ السَّيِّئةَ العظيمةَ وأُخطئْ إلى اللهِ؟)) |
10: | وكَلَّمَتْهُ يومًا بَعدَ يومِ أنْ يَضْطَجعَ بِجانِبِها ويكونَ معَها، فلم يسمَعْ لها.
|
11: | وحدَثَ في أحدِ الأيّامِ أنَّه دخلَ البَيتَ لِيقومَ بِعمَلِهِ، ولم يكُنْ في البَيتِ أحدٌ مِنْ أهلِهِ، |
12: | فأمسكت بِثوبِه وقالت: ((إضْطَجعْ معي!)) فتَرَكَ ثوبَه بِيدِها وهرَبَ إلى خارِج البَيتِ. |
13: | فلمَّا رأت أنَّه ترَكَ ثوبَه بِيَدِها وهرَبَ إلى الخارِج |
14: | صاحَت بِأهلِ بَيتِها وقالت لهُم: ((اَنْظُروا كيفَ جاءَنا بِرَجلٍ عِبرانيٍّ لِيُداعبنَا! دخلَ لِيُضاجعَني فصَرَختُ بأعلى صوتي، |
15: | فلمَّا سَمِعَني أرفَعُ صوتي وأصرخ، ترَكَ ثوبَه بِجانبي وهرَبَ خارِجا)). |
16: | ووضَعَتِ المَرأةُ ثوبَ يوسُفَ بِجانِبِها حتى جاءَ زوجها إلى بَيتِه، |
17: | فحَكَت لَه الحِكايَةَ ذاتَها. قالت: ((هذا العبدُ العِبرانيُّ الذي جئْتَنا بِهِ دخلَ لِيُداعِبَني. |
18: | وعِندما رفَعْتُ صوتي وصَرَختُ ترَكَ ثوبَه بِجانبي وهرَبَ خارِجا)). |
19: | فلمَّا سَمِعَ السَّيدُ اَمرأتَهُ تقولُ: ((هكذا فعَلَ بي عبدُكَ)). حَمِيَ غضَبُهُ، |
20: | فأخذَ يوسُفَ وطرَحَهُ في الحِصْنِ الذي كانَ سُجناءُ المَلِكِ يُحبَسُونَ فيهِ. فأقامَ هُناكَ في الحِصْنِ. |
21: | وكانَ الرّبُّ معَ يوسُفَ فأَمَدَّهُ بِرَحمَتهِ وأنالَه حُظوَةً عِندَ قائدِ الحِصْنِ. |
22: | وجعَلَ قائِدُ الحِصْنِ في عِهدَةِ يوسُفَ جميعَ السُّجناءِ الذينَ في الحِصْن وأَوكَلَ إليهِ تدبِيرَ جميعِ ما كانوا يعمَلونَه هُناكَ. |
23: | وكانَ القائِدُ لا يَنظُرُ إلى شيءٍ مِمَّا في عِهدَة يوسُفَ، لأنَّ الرّبَ كانَ معَه وكانَ يُنجحُه في كُلِّ ما يعمَلُ.
|
|
الفصل : 40 |
يوسف وتفسير الأحلام
1: | وحدَثَ بَعدَ ذلِك أنَّ رئيسَ السُّقاةِ ورَئيسَ الخبَّازينَ خطِئَا إلى سيّدهِما فِرعَونَ مَلِكِ مِصْرَ. |
2: | اَشْتَدَ غضَبُهُ علَيهِما |
3: | وحبَسَهُما في سِجنِ بَيتِ رئيسِ الطُّهاةِ في الحِصْنِ حيثُ كانَ يوسُفُ مَسجونًا. |
4: | فأَوكَلَ رئيسُ الطُّهاةِ أمرَهُما إلى يوسُفَ، فاَعتَنَى بِهِما مُدَّةَ إِقامَتِهِما في السِّجنِ.
|
5: | وفي ليلةٍ واحِدةٍ رأى كُلًّ مِنْ ساقي مَلِكِ مِصْرَ وخبَّازِه المَحبوسَينِ في السِّجنِ حُلُمًا لَه تَفسيرٌ غيرُ تَفسيرِ الآخرِ. |
6: | ولمَّا دخلَ علَيهِما يوسُفُ في الصَّباحِ الباكِرِ رآهُما مُضطَرِبَينِ |
7: | فسألَهُما: ((ما بَالُ وجهَيكُما مُكتَئبَينِ اليومَ؟)) |
8: | فأجابا: ((رأينا حُلُمًا، وما مِنْ أحدٍ يُفَسِّرُه لنا)). فقالَ لهُما يوسُفُ: ((أما للهِ كُلُّ تَفسيرٍ؟ قُصَّا الحُلُمَ عليَّ)).
|
9: | فقَصَ رئيسُ السُّقاةِ حُلُمَه على يوسُفَ قالَ: ((رأيتُ في حُلُمي كأنَّ كَرمةً بَينَ يَدَيَ، |
10: | وفي الكَرمَةِ ثلاثَةُ قُضبانٍ، فما إِنْ أَفرَخت حتى طَلَعَ زَهرُها ونَضَجت عَناقيدُها وصارَت عِنَبًا.
|
11: | وكانَت كأسُ فِرعَونَ في يَدي، فأَخذْتُ العِنَبَ وعَصَرْتُه في كأسِ فِرعَونَ وناوَلْتُ الكأسَ لِفِرعَونَ)). |
12: | فقالَ لَه يوسُفُ: ((هذا تَفسِيرُه: الثَّلاثَةُ القُضبانِ هيَ ثلاثَةُ أيّامِ. |
13: | بَعدَ ثلاثةِ أيّامِ يرفَعُ فِرعَونُ رأسَكَ ويَرُدُّكَ إلى مَقامِكَ، فتُناوِلُ فِرعَونَ كأسَهُ كعادَتِكَ حينَ كُنتَ ساقيَه. |
14: | ولَكنْ متى حَسُنَت حالُكَ ترَأفْ بي ولا تَنسَني، بلِ اَذكُرني لِفِرعَونَ فَيُخرِجني مِنْ هذا السِّجنِ، |
15: | لأنِّي خطِفْتُ مِنْ أرضِ العِبرانيِّينَ، وطُرِحْتُ هُنا في السِّجنِ مِنْ غيرِ أنْ أفعَلَ شيئًا)). |
16: | ولمَّا رأى رئيسُ الخبَّازينَ أنَّ تَفسيرَ الحُلُمِ كانَ خيرًا، قالَ لِيوسُفَ: ((حَلُمْتُ أنا أيضًا كأنَّ على رأسي ثلاثُ سِلالٍ مِنَ الخبزِ الأبيضِ، |
17: | وفي السَّلَّةِ العُليا مُختَلفُ أصنافِ الطَّعامِ المَخبوزِ التي يُحِبُّها فِرعَونُ، والطَّيرُ يأكُلُها مِنَ السَّلَّةِ فوقَ رأسي)). |
18: | فقالَ لَه يوسُفُ: ((هذا تَفسيرُه: الثَّلاثُ السِّلالِ هيَ ثلاثَةُ أيّامِ. |
19: | بَعدَ ثلاثَةِ أيّامِ يَنزَعُ فِرعَونُ رأسَكَ عَنْ بَدَنِكَ ويُعَلِّقُكَ على خشبَةٍ، فيأْكُلُ الطَّيرُ لَحمَكَ)). |
20: | وفي اليومِ الثَّالثِ، يومِ مَولِدِ فِرعَونَ، أقامَ فِرعَونُ ولِيمةً لجميعِ عبِيدِهِ، فأحضَرَ رئيسَ السُّقاةِ ورَئيسَ الخبَّازينَ إلى أمامِ رِجالِ حاشيَتِه. |
21: | فرَدَ رئيسَ السُّقاةِ إلى وظيفَتِه ليُناوِلَ فِرعَونَ الكأسَ، |
22: | وأمَّا رئيسُ الخبَّازينَ فعَلَّقه على خشبَةٍ، كما فسَّر لهُما يوسُفُ. |
23: | ونسيَ رئيسُ السُّقاةِ يوسُفَ ولم يَذكُرْهُ لِفِرعَونَ.
|
|
الفصل : 41 |
حلم فرعون
1: | وبَعدَ مُرورِ سنتَينِ مِنَ الزَّمان رأى فِرعَونُ حُلُمًا كأنَّه واقِفٌ على شاطئِ النَّهرِ، |
2: | فطَلعَت مِنَ النَّهرِ سَبْعُ بقَراتٍ حسَنةِ المَنظرِ سَمِينةِ الأبدانِ، وأَخذَت ترعى في المَرْج. |
3: | ثُمَ طَلَعَت وراءَها مِنَ النَّهرِ سَبْعُ بقَراتٍ قبِيحَةِ المَنظرِ هَزِيلَةِ الأبدانِ، ووَقَفَت بِجانِبِها على شاطئِ النَّهرِ.
|
4: | فأكَلَتِ البقَراتُ القَبيحةُ المَنظرِ الهزيلةُ الأبدانِ البقَراتِ السَّبْعَ السَّمينةَ الحسَنَةَ المَنظرِ. وأَفاقَ فِرعَونُ. |
5: | ثُمَ نامَ فِرعَونُ ثانيةً فرأى حُلُمًا كأنَّ سَبعَ سنابِلَ نبَتَت في ساقٍ واحدةٍ، وهيَ مُمتَلِئَةٌ جيدَةٌ، |
6: | وكأنَّ سَبْعَ سنابِلَ نَحيلةً لَفَحَتْها الرِّيحُ الشَّرقِيةُ نبَتَت وراءَها. |
7: | فاَبتَلَعَتِ السَّنابِلُ النَّحيلَةُ السََّنابِلَ المُمْتَلِئَةَ وأفاقَ فِرعَونُ، فإذا هوَ حُلُمٌ. |
8: | وفي الصَّباحِ الباكرِ اَنزعَجت نَفسُهُ، فأَرسَلَ ودَعا جميعَ سَحَرَةِ مِصْرَ وجميعَ حُكَمائِها. فقَصَ فِرعَونُ علَيهم حُلُمَه، فلم يَقدِرْ أحدٌ أنْ يُفَسِّرَهُ لهُ.
|
9: | فقالَ رئيسُ السُّقاةِ لِفِرعَونَ: ((أَتَذَكَّرُ اليومَ خطايايَ. |
10: | حينَ اَشتَدَ غضَبُكَ على عبدَيكَ، أنا ورئيسِ الخبَّازينَ، حَبَسْتَنا في سِجنِ بَيتِ رئيسِ الطُّهاةِ. |
11: | فرأينا كِلانا في ليلةٍ واحدةٍ حُلُمًا لَه تفسيرٌ غيرُ تَفسيرِ الآخرِ. |
12: | وكانَ مَعنا هُناكَ فتىً عِبرانيًّ مِنْ عبيدِ رئيسِ الطُّهاةِ فقَصَصْنا علَيهِ ما حَلُمناهُ. ففَسَّرَ لِكُلِّ واحدٍ مِنَّا حُلُمَه. |
13: | وكما فسَّرَ لنا كانَ، فرَدَدتَني أيُّها المَلِكُ إلى وظيفَتي وعَلَّقْتَ رَئيسَ الخبَّازينَ على خشبَةٍ. |
14: | فأرسلَ فِرعَونُ ودعا يوسُفَ، فأَسرَعوا بِهِ مِنَ السِّجنِ. وبَعدَما حلَقَ وأَبدَلَ ثيابَه دخل على فِرعَونَ، |
15: | فقالَ لَه فِرعَونُ: ((رأيتُ حُلُمًا وما مِنْ أحدٍ يُفَسِّرُهُ، وَسَمِعْتُ عَنكَ أنَّكَ إذا سَمِعْتَ حُلُمًا تُفَسِّرُه)). |
16: | فأجابَه يوسُفُ: ((لا أنا، بلِ اللهُ هوَ الذي يُجيبُ فِرعَونَ بِما فيهِ سلامَتُه)). |
17: | فقالَ فِرعَونُ لِيوسُفَ: ((رأيتُ في الحُلُمِ كأنِّي واقفٌ على شاطئِ النَّهرِ، |
18: | فطَلَعَت مِنَ النَّهرِ سَبْعُ بقَراتٍ سَمينةِ الأبدانِ حسَنَةِ الهَيئةِ، فأَخذَت ترعى في المَرْج. |
19: | وفجأةً طَلَعَت وراءَها سَبْعُ بقَراتٍ أُخرى هَزيلةٍ قبيحَةِ الهَيئةِ نَحيلةِ الأبدانِ، ما رأيتُ أَقبَحَ مِنها في كُلِّ أرضِ مِصْرَ. |
20: | فأكلتِ البقَراتُ النَّحيلةُ القبيحةُ السَّبْعَ البقَراتِ الأولى السَّمينةِ. |
21: | فدَخلت في بُطونِها مِنْ غيرِ أنْ يتَبَيَّنَ أنَّها دخلَت فيها، وبَقيَ مَنظَرُها قبيحًا كما كانَ أوَّلاً. وأَفَقْتُ مِنْ نَومي. |
22: | ثُمَ رأيتُ حُلُمًا آخرَ كأنَّ سَبْعَ سنابِلَ نَبَتَت في ساقٍ واحدةٍ مُمتَلِئَةً جيّدَةً.
|
23: | وكأنَّ سَبْعَ سنابِلَ أخرى يابسةٍ نَحِيلَةٍ لفَحَتْها الرِّيحُ الشَّرقيّةُ نَبَتَت وراءَها. |
24: | فاَبْتَلَعَتِ السَّنابِلُ النَّحيلَةُ السَّنابِلَ الجيِّدةَ. فرَوَيتُ ذلِكَ للسَّحَرَةِ، فلم يَقدِرْ أحدٌ أنْ يُوضِحَه لي)). |
25: | فقالَ يوسُفُ لِفِرعَونَ: ((ما حَلُمَه فِرعَونُ حُلُمٌ واحدٌ، واللهُ أوضَحَ لكَ ما سيَفعَلُه. |
26: | السَبْعُ البقَرات الجيِّدةِ هِيَ سَبْعُ سِنينَ، والسَّبْعُ السَّنابِل الجيِّدَة هيَ سَبْعُ سِنينَ، هوَ حُلُمٌ واحدٌ. |
27: | السَّبْعُ البقَراتِ النَّحيلةِ القبيحةِ الطالِعةِ وراءَها،والسَّنابِلُ النَّحيلةُ التي لَفَحَتْها الرِّيحُ الشَّرقيَّةُ، هيَ سَبْعُ سِنينَ جوعًا.
|
28: | فيكونُ أنَّ اللهَ، كما قُلتُ لكَ، أراكَ ما سيَفعَلُ. |
29: | ستَجيءُ سَبْعُ سِنينَ فيها شَبَعٌ عظيمٌ في كُلِّ أرضِ مِصْرَ، |
30: | ثُمَ تَجيءُ بَعدَها سَبْعُ سِنينَ جوعِ تُنسي كُلَ ذلِكَ الشَّبَعِ الذي كانَ في أرض مِصْرَ. ويُتلِفُ الجوعُ الأرضَ |
31: | ويكونُ شديدًا جدُا، فلا يتَذَكَّرُ أهلُ البِلادِ ما كانوا فِيهِ مِنَ الشَّبَعِ. |
32: | وما تَكرارُ الحُلُمِ على فِرعَونَ مرَّتَينِ إلاَ لأنَّ الأمرَ أقَرَّهُ اللهُ وسيفعَلُه عاجلاً)). |
33: | ((والآنَ، فعلَى فِرعَونَ أنْ يرى رجلاً فهيمًا حكيمًا يُقيمُه على أرضِ مِصْرَ، |
34: | ويُوكِّلُ وكَلاءَ على الأرضِ. ويأخذُ خمْسَ غلَّتِها مِنْ سَبْعِ سِنين الشَّبَعِ. |
35: | فيَجمَعونَ، تحتَ سُلطَةِ فِرعَونَ، خيراتِ السِّنينِ الآتيةِ ويَخزِنونَ القَمحَ في المُدُنِ ويحفَظُونَه. |
36: | فيكونُ الطَّعامُ ذخيرةً لِسبْعِ سِنينِ الجوعِ التي ستُصيبُ أَرضَ مِصْرَ، فلا ينقَرِضُ أهلُها بالجوعِ)).
|
ترقية يوسف |
37: | فحَسُنَ هذا الكلامُ عِندَ فِرعَونَ وعِندَ جميعِ رجالِ حاشيتِه، |
38: | فقالَ لهُم: ((هل نَجدُ مِثلَ هذا رجلاً فيه روحُ اللهِ؟)) |
39: | وقالَ فِرعَونُ لِيوسُفَ: ((بَعدَما أَعطاكَ اللهُ كُلَ هذِهِ المعرِفةِ، فلا فهيمٌ ولا حكيمٌ مِثلُكَ. |
40: | أنتَ تكونُ وَكيلاً على بَيتي، وإلى كلِمَتِكَ ينقَادُ كُلُّ شعبي، ولا أكونُ أعظَمَ مِنكَ إلاَ بالعَرشِ. |
41: | وها أنا أُقيمُكَ حاكمًا على كُلِّ أرضِ مِصْرَ)). |
42: | ونَزَعَ فِرعَونُ خاتَمَهُ مِنْ يَدهِ وجعَلَه في يَدِ يوسُفَ، وألبَسَهُ ثيابَ كتَّانٍ، وطوَّقَ عُنُقَه بِقِلادَةٍ مِنْ ذهَبٍ. |
43: | ثُمَ أَركبَه مَركبَتَهُ الثَّانِيةَ ونادى الحَرَسُ أمامَه: ((اَركعوا)). وهكذا أَقامَه فِرعَونُ على كُلِّ أرضِ مِصْرَ.
|
44: | وقالَ فِرعَونُ لِيوسُفَ: ((أنا فِرعَونُ. بدونِكَ لا يرفَعُ أحدٌ يَدَه ولا رِجلَه في كُلِّ أرضِ مِصْرَ. |
45: | وسَمَّى فِرعَونُ يوسُفَ صَفْناتَ فَعْنيحَ، وزَوَّجه أسناتَ بِنتَ فوطي فارَعَ، كاهنِ مدينةِ أُونَ. وصارَ يوسُفُ وَصيُا على أرضِ مِصْرَ. |
46: | وكانَ يوسُفُ اَبنَ ثَلاثينَ سنَةً حينَ دخلَ في خدمةِ فِرعَونَ مَلِكِ مِصْرَ. وخرَج مِنْ بَينِ يَدَيهِ وجالَ في كُلِّ أرضِ مِصْرَ. |
47: | وأَثمَرتِ الأرضُ في سَبْعِ سِنين الشَّبَعِ خيرًا كثيرًا، |
48: | فجمَعَ يوسُفُ كُلَ غِلالَ السِّنين السَّبْعِ التي توالت على أرضِ مِصْرَ وخزَنَها طعامًا في المُدُنِ، كُلُّ مدينةٍ وغِلالُ ما حَولَها مِنَ الحُقولِ. |
49: | فكانَ ما جمَعَهُ مِنَ القمحِ يُعادِلُ رَملَ البحرِ كَثْرَةً، حتى ترَكَ إحصاءَه لأنَّه لم يكُنْ يُحصَى.
|
بنو يوسف |
50: | ووُلِدَ لِيوسُفَ اَبنانِ قَبلَ أنْ تدخلَ سنَةُ الجوعِ، وهُما اللَّذانِ ولَدَتْهُما أسناتُ بِنتُ فوطي فارَعَ، كاهنِ مدينةِ أُونَ. |
51: | فسَمَّى يوسُفُ اَبنَه البِكْرَ مَنسَّى لأنَّه قالَ: ((أنساني اللهُ كُلَ تَعَبي وكُلَ أهلِ بَيتِ أبي)). |
52: | وسَمَّى الثَّاني أفرايِمَ لأنَّه قالَ: ((جعَلَني اللهُ مُثمِرًا في أرضِ شَقائي)).
|
53: | وكَمُلَت سَبْعُ سِنين الشَّبَعِ الذي كانَ في أرضِ مِصْرَ |
54: | واَبتدأت سَبْعُ سِنين الجُّوعِ تتوالى كما قالَ يوسُفُ. فكانَ جوعٌ في جميعِ البُلدانِ إلاَ في أرضِ مِصْرَ لأنَّه كانَ فيها طَعامٌ مَخزونٌ.
|
55: | فلمَّا بدأ أهلُ مِصْرَ يجوعونَ صَرَخوا إلى فِرعَونَ طالبينَ الخبزَ، فقالَ لهُم فِرعَونُ: ((إذهبوا إلى يوسُفَ. وما يقولُه لكُم فاَفعَلُوه)). |
56: | واَشتدَ الجوعُ وشَمَلَ كُلَ أرضِ مِصْرَ، ففَتَحَ يوسُفُ جميعَ المَخازِنِ وباعَ قمحًا لِلمِصْريِّينَ. |
57: | وجاءَ النَّاسُ مِنْ جميعِ أقطارِ الأرضِ إلى مِصْرَ لِيَشتَرُوا قمحًا مِنْ يوسُفَ، لأنَّ الجُّوعَ كانَ شديدًا في كُلِّ مكانٍ.
|
|
الفصل : 42 |
أوَّل لقاء بين يوسف وإخوته
1: | فلمَّا رأى يعقوبُ أنَّ القمحَ موجودٌ في مِصْرَ قالَ لِبَنيهِ: ((ما بالُكُم تَنظرونَ بَعضُكُم إلى بَعضٍ؟)) |
2: | وقالَ: ((سَمِعْتُ أنَّ القمحَ مَوجودٌ في مِصْرَ، فاَنزِلوا إلى هُناكَ واَشتَروا لنا فنحيا ولا نموتَ)). |
3: | فنَزَلَ عشَرَةٌ مِنْ إخوةِ يوسُفَ لِيَشتَروا قمحًا مِنْ مِصْرَ، |
4: | أمَّا بنيامينُ أخو يوسُفَ، فلم يُرسِلْهُ يعقوبُ معَ إخوتِهِ لأنَّه قالَ في نَفسِه: ((ربَّما أَصابَه أذىً)). |
5: | فجاءَ بَنو إسرائيلَ، في جملَةِ مَنْ جاءَ، لِيشتَروا قمحًا لأنَّ الجوعَ كانَ في أرضِ كنعانَ. |
6: | وكانَ يوسُفُ هوَ الحاكمُ في أرضِ مِصْرَ. فكانَ يَبيعُ القمحَ لجميعِ الشُّعوبِ، فأَقبَلَ إخوةُ يوسُفَ وسجدوا لَه بِوُجوهِهِم إلى الأرضِ. |
7: | ولمَّا رأى يوسُفُ إِخوتَه عرَفَهُم، فَتَنَكَّرَ لهُم وكلَّمَهم بجفاءٍ وقالَ لهُم: ((مِنْ أينَ جئتُم؟)) قالوا: ((مِنْ أرضِ كنعانَ لِنشتريَ طعامًا)).
|
8: | وعرَفَ يوسُفُ إِخوتَه، وأمَّا هُم فلم يعرِفوهُ. |
9: | وتذكَّرَ يوسُفُ الأحلامَ التي حَلُمَها بهِم فقالَ لهُم: ((أنتُم جواسيسُ! جئْتُم لِترَوا مواطِنَ الضُّعفِ في البِلادِ)). |
10: | فقالُوا لَه: ((لا يا سيِّدي، جئْنا نحنُ عبيدُكَ لِنشتريَ طَعامًا. |
11: | نحنُ كلُّنا إخوةٌ. نحنُ قومٌ شُرَفاءُ لا جواسيسُ)). |
12: | فقالَ لهُم: ((كلاَ، بل جئتُم لِترَوا مواطِنَ الضُّعفِ في البلادِ)). |
13: | قالوا: ((نحنُ يا سيِّدي اثنا عشَرَ أخا، وبَنو رَجلٍ واحدٍ في أرضِ كنعانَ. أصغرُنا اليومَ عِندَ أبينا والآخرُ مفقُودٌ)). |
14: | فقالَ لهُم يوسُفُ: ((بل مِثلَما قلتُ لكُم، أنتُم جواسيسُ. |
15: | وحياةِ فِرعَونَ لا خرَجتُم مِنْ هُنا أو يَجيءَ أخوكُم الصَّغيرُ إلى هُنا. وبهذا أمتحِنُكُم. |
16: | فأرسِلوا واحدًا مِنكُم لِيَجيءَ بِأخيكم، وأنتُم تُحبَسُونَ حتى نَمتَحِنَ صِدْقَ كلامِكُم، وإلاَ فقسَمًا بِحياةِ فِرعَونَ أنتُم جواسيسُ)). |
17: | فحَبَسهم ثلاثةَ أيّامِ.
|
18: | وفي اليومِ الثَّالثِ قالَ لهُم يوسُفُ: ((أنا رَجلٌ أخافُ اللهَ. إفعَلُوا ما أقولُ لكُم فتَحيَوا. |
19: | إنْ كُنتُم شُرَفاءَ. فواحدٌ مِنكُم يبقَى في هذا الحَبسِ. أمَّا أنتمُ الآخرونَ فاَذهَبوا ومعَكُم قمحٌ يَسُدُّ جوعَ أهلِ بُيوتِكُم |
20: | وجيئُوا بِأخيكُمُ الصَّغيرِ إليَ لِيَتحقَّقَ كلامُكُم ولا تموتوا)). فوافَقوا على ذلِكَ. |
21: | وقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ: ((نَعَمْ، نحنُ أخطأنَا إلى يوسُفَ أخينا. رأَيناهُ في ضيقٍ، ولمّا اَسْترحَمَنا لم نسمَعْ لَه. لِذلِكَ نزَلَ بنا هذا الضِّيقُ)). |
22: | فأجابَهُم رَأوبينُ: ((أمَا قلتُ لكُم: لا تَخطَأوا وتُسيئوا إلى الولدِ، فلم تسمَعوا؟ لِذلِك نحنُ الآنَ مُطالَبونَ بِدَمِهِ)). |
23: | وما كانوا يعلَمُونَ أنَّ يوسُفَ يفهَمُ لُغتَهُم، لأنَّه كانَ يَستَعينُ بِتُرجمانٍ بَينَه وبَينَهُم. |
24: | فمالَ عَنهُم وبَكى، ثم عادَ إليهِم وكلَّمَهُم، وأخذَ مِنْ بَينِهِم شِمْعُونَ وقيَّدهُ أمامَ عُيونِهِم.
|
العودة إلى أرض كنعان |
25: | وأمرَ يوسُفُ رِجالَه أنْ يَملأَوا أوعيةَ إخوتِهِ قمحًا ويَردُّوا فِضَّةَ كُلِّ واحدٍ مِنهم إلى عِدْلِهِ، وأنْ يُعطوهُم زادًا لِلطَّريقِ ، ففعَلوا. |
26: | وحمَلَ إخوةُ يوسُفَ قمحَهُم على حميرِهِم وساروا مِنْ هُناكَ. |
27: | فلمَّا توَقَّفوا لِلمَبيتِ، فتَحَ أحَدُهُم عِدْلَهُ لِيُعطيَ عَلَفًا لِحِمارِهِ، فرَأى فِضَّتَهُ في فَمِ عِدْلِهِ. |
28: | فقالَ لإخوتِه: ((رُدَّتْ فِضَّتي، وها هيَ في عِدلي)). فطارَت قلوبُهُم فزَعًا، واَلتَفَتَ بعضُهُم إلى بَعضٍ وقالوا: ((ماذا فعَلَ اللهُ بِنا؟))
|
29: | ولمَّا وصَلُوا إلى يعقُوبَ أبيهِم في أرضِ كنعانَ أخبَرُوهُ بِكلِّ ما جرَى لهُم، فقالوا: |
30: | ((خاطَبَنا سيِّدُ تِلكَ الأرضِ بِقسَاوَةٍ وحَسِبَنا مِنَ الجواسيسِ. |
31: | فقُلنا لَه: نحنُ قومٌ شُرَفاءُ لا جواسيسُ.
|
32: | نحنُ إثنا عشَرَ أخا مِنْ أبٍ واحدٍ، أحدُنا مفقودٌ والصَّغيرُ اليومَ عِندَ أبينا في أرضِ كنعانَ.
|
33: | فقالَ لنا: ((بهذا أعرِفُ أنكم قومٌ شُرَفاءُ: دَعوا عِندي أخا مِنكُم، وخذوا ما يَسُدُّ جوعَ أهلِ بُيوتِكُم واَنصَرِفوا |
34: | وجيئوا بأخيكُمُ الصَّغيرِ إليَ، فأعرِفَ أنَّكُم قومٌ شُرَفاءُ لا جواسيسُ فأُعطيكُم أَخاكُم وتجولونَ في هذِهِ الأرضِ)). |
35: | وبَينَما هُم يُفرِغونَ عِدالَهُم، وجدَ كُلُّ واحدٍ مِنهُم صُرَّةَ فضَّتِهِ في عِدلِهِ. فلمَّا رأوا صُرَرَ الفِضَّةِ، هُم وأبوهُم، خافوا. |
36: | فقالَ لهُم يعقوبُ أبوهُم: ((أفقَدتُموني بَنيَ. يوسُفُ مفقُودٌ وشِمعونٌ مفقُودٌ، والآنَ تأخذونَ بَنيامينَ. هذا كُلُّه نزَلَ عليَّ)).
|
37: | فأجابَ رَأوبينُ أباهُ: ((أعودُ بِه إِليكَ أو تقتُلُ ولَديَ. سَلِّمْه إلى يَدي وأنا أَرُدُّهُ إليكَ)). |
38: | فقالَ يعقوبُ: ((لا يَنزِلُ اَبني معَكُم. أخوهُ ماتَ وهوَ وحدَه بقِيَ لي، فإنْ أصابَه أَذىً في الطَّريقِ التي تسلِكُونَها أنزلْتُم شَيبَتي بِحَسْرَةٍ إلى عالَمِ الأمواتِ)).
|
|
الفصل : 43 |
عودة بني يعقوب ومعهم بنيامين
1: | ولكِنَّ الجوعَ اَشتَدَ في الأرضِ. |
2: | فلمَّا فرَغوا مِنْ أكْلِ القمحِ الذي جاؤوا بِه مِنْ مِصْرَ، قالَ لهُم أبوهُم: ((إرجعُوا اَشتَرُوا لنا قليلاً مِنَ الطَّعامِ)). |
3: | فأجابَه يَهوذا: ((لكِنَّ الرَّجلَ هَدَّدَنا وقالَ: لا تَرَونَ وجهي إلاَ وأخوكُم معَكُم. |
4: | فإنْ أرسَلْتَ أخانا معَنا نزَلْنا واَشتَرَينا لكَ طَعامًا، |
5: | وإنْ لم تُرسِلْهُ لا ننزِلُ، لأنَّ الرَّجلَ قالَ لنا: لا ترَونَ وجهي إلاَ وأخوكُم معَكُم)). |
6: | فقالَ يعقوبُ: ((ولماذا أسأْتُم إليَ وأَخبَرتُمُ الرَّجلَ أنَّ لَكُم أخا آخرَ؟)) |
7: | قالوا: ((سألَ الرَّجلُ عنَّا وعَنْ عَشيرَتِنا وقالَ: هل أبوكُم حَيًّ بَعدُ؟ وهل لَكُم أخ؟ فرَدَدْنا لَه الجوابَ، فكيفَ كُنَّا نعرِف أنَّه سيَقولُ: أحضِروا أخاكُم؟)) |
8: | وقالَ يَهوذا لأبِيه: ((أرسِلِ الصَّبيَ معي حتى نقومَ ونمضي، فنحيا ولا نموتُ نحنُ وأنتَ وأطفالُنا جميعًا. |
9: | أنا أضمَنُه. ومِنْ يَدي تَطلبُهُ. إنْ لم أعُدْ بِه إليكَ سالمًا، فأنا مُخطِئِّ إليكَ طُولَ الزَّمانِ. |
10: | ولولا أنَّنا أضَعْنا وقتَنا، لكُنَّا الآنَ رَجعْنا مرَّتينِ)).
|
11: | فقالَ لهُم أبوهُم: ((إنْ كانَ لا بُدَ مِنْ ذلِكَ فاَفْعلوه. خذُوا مِنْ أطيبِ فاكِهَةِ الأرضِ في أوعيتِكُم واَحمِلْوها هديَّةً إلى الرَّجلِ. خذُوا شيئًا مِنَ البَلْسَمِ، وشيئًا مِنَ العسَلِ ومِسْكًا وعِلْكًا وفُستُقًا ولَوزًا. |
12: | وخذوا معَكُم فِضَّةً أُخرى في أيديكُم: والفِضَّةُ المَرْدودَةُ في أفواهِ عِدالِكُم رُدُّوها معَكُم، فرُبَّما كانَ ذلِكَ سَهْوًا. |
13: | وخذُوا أخاكُم وقوموا اَرجعُوا إلى الرَّجل، |
14: | واللهُ القديرُ يجعَلُ الرَّجلَ يرحَمُكُم فيُطلِقُ لكُم أخاكُم الآخرَ وبنيامينَ وإنْ فَقَدْتُ بَنيَ أكونُ فَقَدتُهُم)). |
15: | فأخذَ الإخوةُ هذِهِ الهديَّةَ، وأخذوا فِضَّةً أُخرى في أيدِيهِم وبنيامينَ وقامُوا ونزَلوا إلى مِصْرَ ووقَفوا في حَضْرةِ يوسُفَ. |
16: | فلمَّا رأَى يوسُفُ بنيامينَ معَهُم قالَ لِوَكِيلِ بَيتِه: ((أَدخلْ هؤلاءِ الرِّجالَ إلى البَيتِ واَطبُخ طَعامًا وهَيِّئهُ ليأكُلوا معي عِندَ الظُّهرِ)). |
17: | فأدخلَهُمُ الرَّجلُ إلى البَيتِ كما أمرَهُ يوسُفُ.
|
18: | فخافوا لمَّا دخلوا إلى بَيتِ يوسُفَ وقالوا: ((أَدخلَنا إلى هُنا بِسبَبِ الفِضَّةِ التي رُدَّت في عِدالِنا أوَّلَ مرَّةٍ ليستَضعفَنا ويَنقَضَ علَينا ويأخذَنا عبيدًا ويأخذَ حميرَنا)). |
19: | فتَقَدَّموا إلى وَكِيلِ بَيتِ يوسُفَ وقالوا لَه عِندَ بابِ البَيتِ: |
20: | ((إسمَعْ يا سيِّدي، نزَلْنا إلى مِصْرَ أوَّلَ مرَّةٍ لِنشتَريَ طَعامًا، |
21: | فلمَّا توَقَّفنا للمَبِيتِ في طريقِ عَودَتِنا، فَتَحْنا عِدالَنا فوَجدَ كُلُّ واحدٍ مِنَّا فِضَّتَهُ في فَمِ عِدْلِهِ بِكامِلِ وَزنِها، فرَدَدْناها معَنا |
22: | وجئنا بِفِضَّةٍ أُخرى مَعَنا لِنَشتَرِيَ طَعامًا، ونحنُ لا نعرِفُ مَنْ وضَعَ فِضَّتَنا في عِدَالِنا)). |
23: | فقالَ الرَّجلُ: ((سلامٌ لكُم. لا تخافوا. إلهُكُم وإلهُ أبيكُم رَزَقَكُم كَنزًا في عِدَالِكم، وأمَّا فِضَّتُكم فصارَت عِندي)). ثُمَ أخرَج إليهِم شِمعونَ |
24: | وأدخلَهُم إلى بَيتِ يوسُفَ، وأَعطاهُم ماءً لِيغسِلوا أرجلَهم وعَلَفًا لِحميرهِم. |
25: | وهيَّأوا الهديَّةَ ليوسُفَ حينَ يَجيءُ عِندَ الظُّهرِ، لأنَّهُم سَمِعوا بِأنَّهم سيأكُلونَ طَعامَهُم هُناكَ. |
26: | ولمَّا جاءَ يوسُفُ إلى البَيتِ قَدَّموا إليه الهديَّةَ التي معَهُم وسجدوا لَه إلى الأرضِ. |
27: | فسألَهُم عَنْ سلامَتِهِم وقالَ: ((هل أبوكُمُ الشَّيخ الذي ذَكَرتُموهُ لي في سلامِ؟ أحيًّ هوَ بَعدُ؟)) |
28: | قالوا: ((أبونا يا سيِّدي في سلامِ، وهوَ حَيًّ بَعدُ)). واَنحَنَوا لَه ساجدينَ. |
29: | فرَفَعَ عينَيهِ ونظَرَ إلى بنيامينَ أخيهِ اَبنِ أُمِّهِ وقالَ: ((أهذا أخوكُمُ الصَّغيرُ الذي ذَكَرتُمُوه لي؟)) وقالَ لَه: ((يتَحَنَّنُ اللهُ علَيكَ يا اَبْني)). |
30: | ثُمَ أسرَعَ يوسُفُ إلى الخارِج لأنَّ قلبَه حَنَّ على أخيهِ وطَلَبَت نفْسُه البُكاءَ، فدخلَ إلى غُرفتِهِ وبكَى هُناكَ. |
31: | ثُمَ غسَلَ وجهَهُ وخرَج وتَمالَكَ نفْسَه وقالَ: ((قدِّمُوا الطَّعامَ)). |
32: | فقَدَّموا لَه وحدَهُ، ولهُم وحدَهم، ولِلمِصْريِّينَ الآكِلينَ عندَه وحدَهُم. لأنَّ المِصْريِّينَ لا يَجوزُ لهُم أنْ يأكُلوا معَ العِبرانيِّينَ لِئلاَ يتَنَجسوا. |
33: | وجلَسَ الإخوَةُ قُدَّامَهُ، كُلُّ واحدٍ في مَرتَبتِهِ: البِكْرُ أوَّلاً والصَّغيرُ آخرًا، فنَظَرَ القَومُ بَعضُهُم إلى بَعضٍ مُتَعَجبينَ. |
34: | وأرسَلَ يوسُفُ بَعضَ الطَّعامِ مِنْ مائِدَتِهِ إليهِم، فكانَت حِصَّةُ بنيامينَ خمْسَةَ أضعافِ حِصَّةِ الواحدِ مِنهُم. وشرِبوا معَهُ حتى سَكِروا.
|
|
الفصل : 44 |
كأس يوسف في عدل بنيامين
1: | ثُمَ قالَ يوسُفُ لِوكيلِ بَيتهِ اَملأْ عِدالَ هؤلاءِ القَومِ طَعامًا قَدْرَ ما يُطيقُونَ حِملَه، وضَعْ فِضَّةَ كُلِّ واحدٍ في فَمِ عِدْلِهِ. |
2: | وضَعْ كأسي التي مِن الفِضَّةِ في فَمِ عِدلِ أَصغَرِهِم معَ فِضَّتِهِ ثمَن قمحِهِ)). ففَعلَ كما أَمرَهُ يوسُفُ. |
3: | فلمَّا أضاءَ الصُّبحُ اَنصرَفَ الرِّجالُ بِحميرِهِم. |
4: | فما إنْ خرَجوا مِنَ المدينَةِ واَبتَعَدُوا قليلاً حتى قالَ يوسُفُ لِوَكيلِ بَيتِهِ: ((قُمِ اَتْبَعْ هؤُلاءِ الرِّجالَ، فإذا لَحِقْتَ بهِم فقُلْ لهُم: لِماذا كافأتُمُ الخيرَ بالشَّرِّ؟ |
5: | لِماذا سَرَقتُم كأسَ الفِضَّةِ التي يشربُ بِها سيِّدي، وبِها يَرى أحوالَ الغَيبِ؟ أسأتُم في ما فعَلْتُم)).
|
6: | فلَحِقَ الرَّجلُ بهِم وقالَ لهُم ذلِكَ الكلامَ. |
7: | فأجابوه: ((لِماذا يتَكَلَّمُ سيِّدي بِمِثلِ هذا الكلامِ؟ حَرامٌ على عبيدِكَ أنْ يعمَلوا عمَلاً كهذا. |
8: | تِلكَ الفِضَّةُ التي وَجدْناها في أفواهِ عِدالِنا رَدَدْناها إِليكَ مِنْ أرضِ كنعانَ، فكيفَ نسرِقُ مِنْ بَيتِ سيِّدِكَ فِضَّةً أو ذهَبًا؟ |
9: | إنْ وَجدْتَ الكأسَ معَ أحدٍ مِنَّا نحنُ عبيدِكَ فاَقتُلْهُ، ونحنُ أيضًا نكونُ عبيدًا لكَ يا سيِّدي)). |
10: | فقالَ: ((حسَنًا، فليَكُنْ كما تقولونَ. مَنْ وَجدْتَ الكأسَ معَهُ يكونُ لي عبدًا، وأنتُم تكونونَ أبرياءَ)). |
11: | فأسرَعَ كُلُّ واحدٍ مِنهُم وأنزَلَ عِدْلَهُ إلى الأرضِ وفَتَحَهُ، |
12: | ففَتَّشَهُم مُبتَدِئًا بالأكبرِ حتى اَنتَهى إلى الأصغرِ، فإذا الكأسُ في عِدْلِ بِنيامينَ. |
13: | فمَزَّقوا ثِيابَهُم، وحَمَّلَ كُلُّ واحدٍ حِمارَهُ، ورَجعوا إلى المدينة. |
14: | ودَخلَ يَهوذا وإخوَتُه إلى بَيتِ يوسُفَ، وهُو بَعدُ هُناكَ، ووقَعوا ساجدينَ أمامَهُ إلى الأرضِ |
15: | فقالَ لهُم يوسُفُ: ((ما هذا العمَلُ الذي عَمِلْتُم؟ أما عَلِمْتُم أنَّ رَجلاً مِثلي يَرى أحوالَ الغَيبِ؟)) |
16: | فقالَ يَهوذا: ((بماذا نُجيبُكَ يا سيِّدي، وماذا نقولُ لكَ، وكيفَ نتبَرَّأُ بَعدَ أنْ كشَفَ اللهُ جرْمَنا، نحنُ عبيدُكَ؟ هُنا نحنُ عبيدٌ لكَ يا سيِّدي، نحنُ ومَنْ وَجدْتَ الكأسَ معَهُ)). |
17: | فأجابَ يوسُفُ: ((حَرامٌ عليَ أنْ أفعَلَ هذا، بلِ الرَّجلُ الذي وَجدْتُ الكأسَ معَهُ هوَ يكونُ لي عبدًا، وأنتُم ترجعونَ بِسلامِ إلى أبيكُم)).
|
وساطة يهوذا |
18: | فتَقَدَّمَ إليه يَهوذا وقالَ: ((عَفوكَ يا سيِّدي. دَعْني أقولُ كلِمَةً على مَسمَعِكَ، ولا يَشتَدَ غضَبُكَ عليَ أنا عبدُكَ، فأنتَ مِثْلُ فِرعَونَ. |
19: | سألْتَنا يا سيِّدي هل لكُم أبٌ أو أخ؟ |
20: | فأجبناكَ: لنا يا سيِّدي أبٌ شيخ، واَبنٌ صغيرٌ وُلِدَ لَه في شَيخوختِه، أخوهُ ماتَ وبقيَ هوَ وحدَهُ لأُمِّهِ، وأبوهُ يُحِبُّه. |
21: | فقلْتَ لنا يا سيّدي: أحضِروهُ إليَ حتى أُلْقيَ نظري علَيهِ. |
22: | فقُلْنا لكَ يا سيِّدي: لا يَقدِرُ الصَّغيرُ أنْ يترُكَ أباه، وإنْ ترَكَهُ يموتُ أبوه. |
23: | فقُلتَ لنا: إنْ لم يَنزِلْ أخوكُمُ الصَّغيرُ معَكُم، فلا تَعودوا ترَونَ وجهي. |
24: | فلمَّا صَعِدْنا إلى عبدِكَ أبي أخبَرناهُ بِما قُلتَ لنا يا سيِّدي. |
25: | وقالَ أبونا: إرجعوا اَشتَروا لنا قليلاً مِنَ الطَّعامِ. |
26: | فقُلنا: لا نقدِرُ أنْ ننزِلَ، لأنَّنا لا نقدِرُ أنْ نرَى وجهَ الرَّجلِ إلاَ إذا كانَ أخونا الصَّغيرُ معَنا. |
27: | فقالَ لنا عبدُكَ أَبي: أنتُم تعلَمونَ أنَّ اَمرأتي راحيلَ ولَدَت لي اَبنَينِ. |
28: | فخرَج أحدُهُما مِنْ بَيتي وقُلتُ مَزَّقَه حيوانٌ مُفترِس، لأنِّي إلى الآنَ ما رأيتُ لَه وجهًا. |
29: | فإنْ أخذْتُمُ اَبني هذا أيضًا مِنْ أمامي فأَصابَه أذىً، أنزَلْتُم شَيبَتي بالبُؤسِ إلى عالَمِ الأموات. |
30: | والآنَ إذا رجعْنا إلى عبدِكَ أبينا، ولم يَكُنِ الصَّبيُّ معَنا، وحياةُ أبي مُتَعَلِّقَةٌ بِحياتِهِ، |
31: | يموتُ عِندَما يرى الغُلامَ مَفقودًا فَنُنزِلُ شَيبَةَ أبينا بِحَسرَةٍ إلى عالَمِ الأمواتِ. |
32: | ثُمَ إنَّني يا سيِّدي ضَمِنْتُ الصَّبيَ لأبي ، فقُلتُ لَه: أعودُ بِهِ أو أكونُ مُخطِئًا إليكَ طُولَ الزَّمانِ. |
33: | والآنَ دَعني يا سيِّدي أبقَى مكانَ الصَّبيِّ عبدًا لكَ، وَليَعُدْ هوَ معَ إخوَتِهِ. |
34: | وإلاَ فكَيفَ أعودُ إلى أبي ولا يكونُ الصَّبيُّ معي، فأرَى الشَّرَ الذي يَحِلُّ بِأبي)).
|
|
الفصل : 45 |
يوسف يتعرف إلى إخوته
1: | فلم يقدِرْ يوسُفُ أن يَضبِطَ نفْسَهُ أمامَ جميعِ القائِمينَ على خدمَتِهِ فصاحَ: ((أخرِجوا كُلَ واحدٍ مِنْ هُنا)). فلم يَكُنْ عِندَه أحدٌ حينَ تعَرَّفَ يوسُفُ إلى إخوتِهِ. |
2: | فرَفَعَ صوتَهُ بالبُكاءِ فسَمِعَهُ المِصْرِيُّونَ وسَمِعَه أهلُ بَيتِ فِرعَونَ. |
3: | وقالَ يوسُفُ لإخوتِهِ: ((أنا يوسُفُ. أحَيًّ أبي بَعدُ؟)) فلم يقدِرْ إخوَتُه أنْ يُجيبُوه لِفَزَعِهِم مِنهُ. |
4: | فقالَ يوسُفُ لإخوتِهِ: ((تقَدَّموا إليَّ)) فتَقَدَّموا. فقالَ: ((أنا يوسُفُ أخوكُم الذي بِعتُمُوه إلى مِصْرَ. |
5: | والآنَ لا تَأْسَفُوا ولا تَستاؤوا لأنَّكُم بِعتُموني إلى هُنا، لأنَّ اللهَ أرسَلَني أمامَكُم لأحفَظَ حياتَكُم. |
6: | مَضَتِ الآنَ سنَتا جوعِ في الأرضِ، وبقيَ خمْسُ سِنينَ لا فِلاحَةٌ فيها ولا حَصادٌ، |
7: | فأرسَلَني اللهُ أمامَكُم لِيُبقيَ لكُم نَسلاً في الأرضِ ويُنجيَ الأحياءَ مِنكُم. |
8: | فما أنتُمُ الذينَ أرسَلْتُموني إلى هُنا، بل اللهُ. وهوَ جعَلَني وَصِيُا عِندَ فِرعَونَ، وسيِّدًا لِجميعِ أهلِ بَيتِهِ، ومُتسَلِّطًا على كُلِّ أرضِ مِصْرَ. |
9: | فأسرِعوا بالعودَةِ إلى أبي وقولوا لَه: هذا ما يقولُهُ اَبنُكَ يوسُفُ: جعَلَني اللهُ سيِّدًا لجميعِ المِصْريِّينَ. تَعالَ إليَ ولا تَتأخرْ، |
10: | فتُقيمَ بأرضِ جاسانَ وتكونَ قريبًا منِّي، أنتَ وبَنوكَ وبَنو بَنيك وغنَمُكَ وبقَرُكَ وكُلُّ ما هوَ لكَ. |
11: | وأعولُكَ هُناكَ لأنَّه بقيَ خمْسُ سِنينَ جوعِ، فلا يُعوِزُكَ شيءٌ، أَنتَ وأهلُ بيتِكَ وكُلُّ ما هوَ لكَ |
12: | وهذِهِ عُيونُكُم ترى، وعَينا أخي بنيامينَ أيضًا، أني أنا الذي يُخاطِبُكُم. |
13: | فأخبِروا أبي بِكُلِّ مَجدي في مِصْرَ وبِكُلِّ ما رَأيتُم، وأسرِعوا بالمَجيءِ بِه إلى هُنا)). |
14: | وعانَقَ يوسُفُ بنيامينَ أخاهُ وبَكَى، وبَكَى بنيامينُ على عُنقِهِ. |
15: | وقبَّلَ سائِرَ إخوتِهِ وبَكى معَهُم. وبَعدَ ذلِكَ أخذوا يُكَلِّمُونَه.
|
دعوة فرعون |
16: | وبلَغَ قَصرَ فِرعَونَ خبَرُ مَجيءِ إخوةِ يوسُفَ، فَسَرَ الخبَرُ فِرعَونَ ورِجالَ حاشيتِهِ |
17: | فقالَ فِرعَونُ ليوسُفَ: ((قُلْ لإخوتِكَ: حَمِّلوا دَوَابَّكُم واَرجعُوا إلى أرضِ كنعانَ. |
18: | وخذوا أباكُم وأهلَ بيوتِكُم وتعالَوا إليَ فأُعطيَكُم أجوَدَ أرض في مِصْرَ، وتأكُلوا خيراتِ الأرضِ. |
19: | وأُوصيكَ أنْ تقولَ لهُم أيضًا: خذوا لكُم مِنْ أرضِ مِصْرَ مَركباتٍ لأِطفالِكُم ونِسائِكُم، واَحمِلوا أباكُم وتَعالوا. |
20: | وَلا تتَوَجعْ قلوبُكُم على أملاكِكُم، فأجوَدُ جميعِ ما في أرضِ مِصْرَ هوَ لكُم)).
|
العودة إلى أرض كنعان |
21: | ففعَلَ بَنو يعقوبَ كما أمرَهُم فِرعَونُ. وأعطاهُم يوسُفُ مَركباتٍ وزادًا للطَّريقِ |
22: | وأعطَى كُلَ واحِدٍ مِنهُم ثيابًا فاخرَةً، وخصَ بَنيامينَ بِثَلاثِ مئةٍ مِنَ الفِضَّةِ وخمْسِ حُلَلٍ مِنَ الثِّيابِ، |
23: | وأرسَلَ إلى أبيهِ أيضًا عشَرَةَ حميرٍ مُحَمَّلَةً مِنْ خير ما في مِصْرَ، وعشْرَ أُتُنٍ مُحَمَّلَةً قمحًا وخبزًا وزادًا لِسفَرِ أبيهِ. |
24: | ثُمَ صَرَفَ إخوتَه في سبيلهِم وقالَ لهُم: ((لا تُبْطِئوا في الطَّريقِ)). |
25: | فصَعِدوا مِنْ مِصْرَ وجاؤوا إلى يعقوبَ أبيهِم في أرضِ كنعانَ. |
26: | وقالوا لَه: ((يوسُفُ حَيًّ بَعدُ، وهوَ مُتسلِّطَ على جميعِ أرضِ مِصْرَ)). فجمَدَ قلبُه ولم يُصَدِّقْهُم. |
27: | فلمَّا أخبَروه بِكُلِّ ما قالَه لهُم يوسُفُ، ورأى المَركباتِ التي أرسَلَها يوسُفُ لِتَحمِلَه إلى مِصْرَ، اَنتَعَشَت رُوحُهُ |
28: | وقالَ لهُم: ((كَفاني أنَّ يوسُفَ اَبني حَيًّ بَعدُ. أذهَبُ وأراهُ قَبلَ أنْ أموتَ)).
|
|
الفصل : 46 |
رحيل يعقوب إلى مصر
1: | فرَحَلَ يعقوبُ بِجميعِ ما كانَ لَه وجاءَ إلى بِئرِ سَبْعَ، فذبَحَ ذبائِحَ لإلهِ أبيهِ إسحَقَ. |
2: | فقالَ لَه اللهُ ليلاً في رُؤيا: ((يعقوبُ، يعقوبُ!)) قالَ: ((نعم، هاأنا)). |
3: | قالَ: ((أنا اللهُ إلهُ أبيكَ. لا تَخفْ أنْ تنزِلَ إلى مِصْرَ، فسَأجعَلُكَ أُمَّةً عظيمةً هُناكَ |
4: | أنا أنزِلُ معَكَ إلى مِصْرَ وأنا أُصعِدُكَ منها ويوسُفُ هوَ يُغمِضُ عينَيكَ ساعةَ تموتُ)).
|
5: | فقامَ يعقوبُ مِنْ بِئرِ سَبْعَ. وحَمَلَهُ بَنوه، كما حَمَلوا أطفالَهُم ونِساءَهُم على المَركباتِ التي أرسَلها فِرعَونُ. |
6: | وأخذوا ماشيَتَهم وكُلَ ما اَقتَنَوه في أرضِ كنعانَ وجاؤوا إلى مِصْرَ. وكانَ معَ يعقوبَ جميعُ نسلِهِ: |
7: | بَنوه وبَنو بَنيهِ وبَناتُه وبَناتُ بَنيهِ، عِندَما جاءَ إلى مِصْرَ.
|
بنو يعقوب |
8: | وهذِهِ أسماءُ بَني يعقوبَ الذينَ جاؤوا إلى مِصْرَ: رَأوبينُ بِكْرُ يعقوبَ، |
9: | وبَنو رَأوبينَ: حَنوكُ وفَلّو وحصرونُ وكَرمي، |
10: | بَنو شِمعونَ: يَمُوئِيلُ ويامينُ وأوهَدُ وياكينُ وصُوحَرُ وشأُولُ اَبنُ الكنعانِّيةِ، |
11: | وبَنو لاوي: جرشُونُ وقَهاتُ ومَراري، |
12: | وبَنو يَهوذا عِيرُ وأُونانُ اللَّذانِ ماتا في أرضِ كنعانَ وشِيلَةُ وفارَصُ وزارَحُ ، واَبنا فارَصَ: حصرونُ وحامولُ، |
13: | وبَنو يسَّاكرَ: تولاعُ وفُوَّةُ ويُوبُ وشِمرُونُ، |
14: | وبَنو زبولونَ: سارَدُ وإِيلونُ وياحَلْئيلُ. |
15: | هؤلاءِ بَنو لَيئةَ الذينَ ولَدَتْهم لِيعقوبَ في سَهلِ أرامَ معَ دينَةَ اَبنَتِهِ، وجميعُهُم ثَلاثةٌ وثلاثونَ نفْسًا. |
16: | وبَنو جادَ: صِفْيونُ وحَجي وشُوني وأصْبونُ وعيري وأرودي وأرئيلي، |
17: | وبَنو أشيرَ: يِمنَةُ ويِشوَةُ ويِشوي وبَريعَةُ وسارَحُ أُختُهم، واَبنا بَرِيعَةَ: حابَرُ ومَلْكِيئيلُ. |
18: | هؤلاءِ بَنو زِلْفَةَ التي أَعطاها لابانُ لِليئةَ اَبنَتِهِ فوَلَدَتْهم لِيعقوبَ، وجميعُهم ستَ عَشْرَة نفْسًا.
|
19: | واَبنا راحيلَ اَمرأةِ يعقوبَ: يوسُفُ وبنيامينُ. |
20: | ووُلِدَ لِيوسُفَ في أرضِ مِصْرَ منَسَّى وأفرايمُ مِنْ زوجتِهِ أسناتَ بِنتِ فوطي فارَعَ كاهنِ مدينَةِ أُونٍ. |
21: | وبَنو بنيامينَ: بالَعُ وباكَرُ وأشبيلُ وجيرا ونعمانُ وإِيحي ورُوشُ ومُفِّيمُ وحُفِّيمُ وأرْدُ. |
22: | هؤلاءِ بَنو راحيلَ الذينَ وُلِدُوا لِيعقوبَ. وجميعُهُم أربَعَ عشْرَةَ نفْسًا. |
23: | واَبنُ دانَ: حوشيمُ، |
24: | وبَنو نَفتالي: ياحَصْئيلُ وجوني ويِصْرُ وشِلِّيمُ. |
25: | هؤلاءِ بَنو بِلْهَةَ التي أعطاها لابانُ لراحيلَ اَبنتهِ فوَلَدَتْهم لِيعقوبَ، وجميعُهم سَبْعُ أنفُسٍ.
|
26: | فجميعُ الذينَ جاؤوا إلى مِصْرَ معَ يعقوبَ، وهُم مِنْ صُلْبِه، ستَّةٌ وستُّونَ نفْسًا ما عدا نساءَ بَنيه. |
27: | واَبنا يوسُفَ اللَّذانِ وُلِدَا لَه في مِصْرَ نَفسانِ ، فيكونُ جميعُ الذينَ دخلوا مِصْرَ مِنْ بَيتِ يعقوبَ سَبْعينَ نفْسًا.
|
لقاء يوسف ويعقوب |
28: | وأرسَلَ يعقوبُ اَبنَه يَهوذا قُدَّامَه إلى يوسُفَ لِيُلاقيَهُ في أرضِ جاسانَ. ثُمَ جاؤوا أرضَ جاسانَ، |
29: | فأعَدَ يوسُفُ مَركَبَته وصَعِدَ إلى هُناكَ لِيلاقيَ يعقوبَ أباه، فلمَّا رآهُ أقبلَ علَيه وعانَقَهُ وبَكى طويلاً. |
30: | فقالَ لَه يعقوبُ: ((دَعني أموتُ الآنَ بَعدَما رأيتُ وجهَكَ وعرَفْتُ أنَّكَ حَيًّ بَعدُ))
|
31: | وقالَ يوسُفُ لإخوتِه ولأهلِ بَيتِ أبيهِ: ((أنا ذاهِبٌ إلى فِرعَونَ لأقولَ لَه: إخوتي وأهلُ بيتِ أبي الذينَ كانوا في أرضِ كنعانَ جاؤوا إليَ. |
32: | وهم رُعاةُ غنَمِ وأصحابُ ماشيةٍ، وأتَوا بِغنَمِهِم وبقَرِهِمِ وجميعِ ما هوَ لهُم. |
33: | فإذا اَسْتَدعاكُم فِرعَونُ وقالَ لَكُم: ما حِرْفَتُكُم؟ |
34: | فقولوا: كُنَّا يا سيِّدي أصحابَ ماشيةٍ مِنْ صِغَرِنا إلى الآنَ، نحنُ وأباؤُنا جميعًا. وهكذا يُمكِنُكُم أنْ تُقيمُوا بأرضِ جاسانَ، لأنَّ كُلَ راعي غنَمِ مَمقوتٌ عِندَ المِصْريِّينَ)).
|
|
الفصل : 47 |
المثول بين يدي فرعون
1: | فدَخلَ يوسُفُ على فِرعَونَ وقالَ لَه: ((أبي وإخوتي جاؤوا منْ أرضِ كنعانَ بِغنَمِهِم وبقَرِهِم وكُلِّ ما هوَ لهُم، وهاهُم في أرضِ جاسانَ)). |
2: | وأخذَ يوسُفُ خمْسَةَ رِجالٍ مِنْ إخوتِهِ وأحضَرَهم أمامَ فِرعونَ. |
3: | فقالَ فِرعَونُ لإخوةِ يوسُفَ: ((ما حِرْفَتُكُم؟)) فقالوا لِفِرعَونَ: ((نحنُ يا سيِّدي رُعاةُ غنَمِ، نحنُ وآباؤُنا جميعًا)). |
4: | وقالوا لَه: ((جئْنا لِنتَغَرَّبَ في أرضِكَ يا سيِّدَنا، لأنَّ لا مَرعى لِغنَمِنا مِن اَشتدادِ الجوعِ في أرضِ كنعانَ. فاَسمَحْ لنا أنْ نُقيمَ بأرضِ جاسانَ)). |
5: | فقالَ فِرعَونُ ليوسُفَ: ((أبوكَ وإخوتُكَ جاؤوا إليكَ، |
6: | فهذِهِ أرضُ مِصْرَ بَينَ يَدَيكَ، أنزِلْهُم بأجودِها، ودَعْهُم يُقيمُونَ بأرضِ جاسانَ، وإنْ كُنتَ تعلَمُ أنَّ فيهِم قادرينَ على العَملِ، فأوكِلْهُم على ماشيتي)).
|
7: | وأدخلَ يوسُفُ يعقوبَ أباه وأوقفَهُ بَينَ يَدَيّ فِرعَونَ، فبارَكَهُ يَعقوبُ_ |
8: | فقالَ لَه فِرعونُ: ((كم لكَ مِنَ العُمرِ؟)) |
9: | فأجابَهُ يعقوبُ: ((أيّامُ غُربَتي مئةٌ وثلاثونَ سنَةً. قليلةً وسَيِّئةً كانَت أيّامُ حياتي، على غيرِ ما كانَت أيّامُ حياةِ آبائي في غُربَتِهم)). |
10: | وباركَ يعقوبُ فِرعَونَ وخرَج مِنْ بَينِ يَدَيهِ. |
11: | وأسكَنَ يوسُفُ أباه وإخوَتَه وأعطاهُم مُلْكًا في أرضِ مِصْرَ، في أجوَدِ موضِعِ مِنها، وهوَ أرضُ رَعَمْسيسَ، كما أمرَ فِرعَونُ. |
12: | وعيَّنَ يوسُفُ لأبيهِ وإخوتهِ وسائرِ أهلِ بَيتِ أبيهِ مِقدارَ ما يحتاجونَ إليهِ مِنَ الطَّعامِ على حسَبِ عيالِهِم.
|
خطة يوسف الزراعية |
13: | ونفَدَ الخبزُ في كُلِّ مكانٍ، واَشتدَّتِ المَجاعَةُ حتى خارت قِوى أهلِ مِصْرَ وأرضِ كنعانَ منَ الجُّوعِ. |
14: | وكانَ يوسُفُ يَجمَعُ كُلَ الفِضَّةِ التي كانوا يشتَرونَ بِها القمحَ ويَجيءُ بها إلى بَيتِ فِرعَونَ. |
15: | فلمَّا نَفَدَتِ الفِضَّةُ مِنْ أرضِ مِصْرَ ومِنْ أرضِ كنعانَ أقبلَ المِصْريُّونَ إلى يوسُفَ وقالوا لَه: ((أعطِنا خبزًا. أنموتُ أمامَ عينَيكَ لأنَّ الفِضَّةَ نفَدَت؟)) |
16: | فقالَ لهُم يوسُفُ: ((إذا كانت فضَّتُكُم نَفَدَت، فهاتوا ماشيتَكُم لأُعطيَكُم عِوَضَها خبزًا)). |
17: | فجاؤوا بِماشيَتهِم إلى يوسُفَ، فأعطاهُم خبزًا بَدَلَ الخيلِ والماشيةِ مِنَ الغنَمِ والبقَرِ والحميرِ. أعطاهُم خبزًا بِكُلِّ ماشيَتهِم في تِلكَ السَّنةِ. |
18: | فلمَّا اَنْقَضَت تِلكَ السَّنَةُ جاؤوا في السَّنةِ الثَّانيةِ وقالوا لَه: لا نُخفي علَيكَ يا سيِّدي أنَّ الفِضَّةَ نَفَدَت، ومُقْتَنانَا مِنَ البَهائِمِ هوَ عِندَك، وما بقِيَ عِندَنا لِنُعطيَكَ إلاَ أبدانَنا وأراضينا.
|
19: | أَنَهلَكُ أمامَ عينَيكَ نحنُ وأراضينا؟ إشتَرِنا نحنُ وأراضيَنا بالخبزِ، فنَصيرَ بأراضينا عبيدًا لِفِرعَونَ، وأعطِنا بِذارًا فنَحيا ولا نموتَ، ولا تصِيرُ أراضينا بُورًا)). |
20: | فاَشترى يوسُفُ جميعَ أراضي المِصْريِّينَ لِفِرعَونَ، لأنَّ كُلَ واحدٍ مِنهُم باعَ حقلَهُ مِنْ شِدَّةِ الجُّوعِ. فصارتِ الأرضُ لِفِرعَونَ |
21: | والشَّعبُ عبيدًا لَه مِنْ أقصى حُدودِ مِصْرَ إلى أقصاها. |
22: | أمَّا أراضي الكَهنَةِ فلم يَشتَرِها، لأنَّ الكهَنَةَ كانوا يعتاشون ممَّا خصَّصَهُم بِه فِرعَونُ، فاَستَغنَوا عَن بَيعِ أراضيهِم.
|
23: | وقالَ يوسُفُ للشَّعبِ : ((أنا اَشْترَيتُكُم اليومَ أنتُم وأراضيَكُم لِفِرعَونَ، فخذُوا لَكُم بِذارًا تزرَعُونه في الأرضِ. |
24: | وعِندَ الحَصادِ تُعطُونَ خمْسَ غِلالِكُم لِفِرعَونَ، والأربَعةُ الأخماسُ الباقيةُ تكونُ لكُم بِذارًا للحُقولِ وطعامًا لكُم ولأهلِ بُيوتِكُم وعِيالِكُم)). |
25: | فقالوا: ((أنقَذْتَ حياتَنا. لَيْتَنا نحظَى بِرضاكَ يا سيِّدي، فنَكونَ عبيدًا لِفِرعَونَ)). |
26: | فجعَلَ يوسُفُ هذا الإجراءَ فريضةً على أرضِ مِصْرَ إلى هذا اليومِ، وهوَ أنْ يكونَ الخمْسُ لِفِرعَونَ، ما عدا أراضيَ الكهَنةِ وحدَها لأنَّها لم تَصِرْ لِفِرعَونَ.
|
وصية يعقوب قبل موته |
27: | وأقامَ يعقوبُ والذينَ معَه بِجاسانَ في أرضِ مِصْرَ، فتَمَلَّكوا فيها ونَمَوا وتكاثَروا. |
28: | وعاشَ يعقوبُ في أرضِ مِصْرَ سَبْعَ عشْرَةَ سنَةً فصارَ جميعُ عُمْرِهِ مئةً وسَبْعًا وأربَعينَ سنَةً. |
29: | ولمَّا دنَت ساعتُهُ دعا اَبنَه يوسُفَ وقالَ لَه: ((بِرِضاكَ عليَ ضَعْ يَدَكَ تَحتَ فَخذي واَحْلِفْ لي بأنْ تكونَ وفيُا وأمينًا لي. لا تدفني في مِصْرَ |
30: | بل إذا مُتُّ اَحمِلْني واَدفنِّي في مقبرةِ آبائي)). قالَ: ((سأفعَلُ كما قُلتَ)). |
31: | فقال لَه: ((اَحْلِفْ لي)). فحَلَفَ لَه يوسُفُ. فسجدَ يعقوبُ على رأسِ سريرِهِ.
|
|
الفصل : 48 |
يعقوب يبارك اَبني يوسف
1: | ومَرَّتِ الأيّامُ فقيلَ لِيوسُفَ: ((أبوكَ مرِيضٌ)). فأخذَ معَه اَبنَيهِ منَسَّى وأفرايمَ. |
2: | ولمَّا قِيلَ لِيعقوبَ: ((ها اَبنُكَ يوسُفُ قادِمٌ إِليكَ))، جمَعَ قِواهُ وجلَسَ على فِراشِهِ.
|
3: | وقالَ يَعقوبُ لِيوسُفَ: ((اللهُ القديرُ ظهَرَ لي في لُوزَ، في أرضِ كنعانَ، وبارَكني |
4: | وقالَ لي: سأُنْميكَ وأُكَثِّرُكَ وأجعَلُكَ عِدَّةَ شُعوبٍ وأُعطي نسلَكَ هذِهِ الأرضَ مِنْ بَعدِكَ مُلْكًا أبديُا. |
5: | ثُمَ قالَ يعقوبُ: ((والآنَ يا يوسُفُ، فاَبناكَ منَسَّى وأفرايمُ اللَّذانِ وُلِدا لكَ في أرضِ مِصْرَ، قَبلَ مَجيئي إليكَ، يكونانِ لي مِثْلَ رَأوبينَ وشِمعونَ. |
6: | ومَنْ يُولَدُ لكَ بَعدَهُما مِنَ البَنينِ فلا يكونُ لي، بل يكونُ لكَ ويَنالُ نصيبَهُ مِنَ الميراثِ على قَدْرِ أخوَيْه منَسَّى وأفرايِمَ.
|
7: | وأمَّا أنا فلمَّا رجعْتُ مِن سَهلِ أرامَ فُجعْتُ بِموتِ أُمِّكَ راحيلَ في أرضِ كنعانَ. في الطَّريقِ على مَقرُبَةٍ مِنْ أفراتَةَ، فدَفَنتُها هُناكَ في طريقِ أفراتَةَ وهيَ بَيتُ لَحمِ. |
8: | ورأى يعقوبُ اَبْنَيْ يوسُفَ فقالَ: ((مَنْ هذانِ؟)) |
9: | فقالَ لَه يوسُفُ: ((هُما اَبنايَ اللَّذانِ رَزَقَني إيَّاهما اللهُ هُنا)). قالَ: ((قَرِّبْهُما إليَ لأُبارِكَهُما)). |
10: | وكانَت عَينا يعقوبَ كَليلَتَينِ مِنَ الشَّيخوخةِ، ولم يَكُنْ يَقدِرُ أنْ يُبصِرَ. فقَرَّبَهُما إليهِ، فقَبَّلَهُما واَحتَضَنَهُما |
11: | وقالَ ليوسُفَ: ((ما كُنتُ أظُنُّ أنِّي أرى وجهَكَ، فأراني اللهُ نسلَكَ أيضًا)). |
12: | ثُمَ أخرَجهُما يوسُفُ مِنْ بَينِ رُكبتَي أبيهِ وسجدَ على وجهِهِ إلى الأرضِ. |
13: | وأخذَ يوسُفُ اَبنَيهِ الاثنينِ، فَقَرَّبَ أفرايمَ بِيمينِه إلى يَسارِ يعقوبَ وقَرَّبَ منَسَّى بِيسارِهِ إلى يَمينِ يعقوبَ، |
14: | فَمَدَ يعقوبُ يَدَيه مُخالِفًا. فوضَعَ يَمينَه على رأسِ أفرايمَ وهوَ الأصغَرُ ويَسَارَه علىرأسِ منَسَّى مَعَ أنَّهُ البِكرُ. |
15: | وبارَكَ يوسُفَ وقالَ: ((اللهُ الذي سَلَكَ أبواي إبراهيمُ وإسحَقُ أمامَهُ، اللهُ الذي رعاني طُولَ حياتي إلى اليومِ، |
16: | اللهُ الَّـذي نجانـي مـِنْ كُــلِّ سـوء يُبارِكُ هذَينِ الصَّبيَّينِ. يتسمَّيانِ بإسمي وإسمِ أبوَيَ إبراهيمَ وإسحَقَ ويكثُرانِ جدُا في الأرضِ)). |
17: | فلمَّا رأى يوسُفُ أنَّ أباهُ وضَعَ يدَهُ اليُمنى على رأسِ أفرايمَ ساءَهُ ذلِكَ. فأمسَكَ بِيَدِ أبيهِ ليَنقُلَها عَنْ رأسِ أفرايمَ إلى رأسِ منَسَّى.
|
18: | وقالَ يوسُفُ لأِبيهِ: ((ما هكذا يا أبي، لأنَّ هذا هوَ البِكْرُ وعلى رأسِهِ تضَعُ يَمينَكَ)).
|
19: | فرَفَضَ أبوهُ وقالَ لَه: ((عرَفْتُ يا اَبني عرَفْتُ. منَسَّى أيضًا يكونُ شعبًا، وهوَ أيضًا يصيرُ عظيمًا. ولكنَّ أخاهُ الأصغرَ يصيرُ أعظمَ مِنه. ويكونُ نَسلُه عِدَّةَ أُمَمِ)).
|
20: | وبارَكَهُما يعقوبُ في ذلِكَ اليومِ، وقالَ: ((تكونانِ بَرَكَةً في بَني إِسرائيلَ، فَيُقالُ: يجعَلُكَ اللهُ مِثْلَ أفرايمَ ومِثلَ منَسَّى)). وهكذا قَدَّمَ يعقوبُ أفرايِمَ على منَسَّى.
|
21: | وقالَ يعقوبُ ليوسُفَ اَبنهِ: ((دَنَت ساعةُ موتي، وسيكونُ اللهُ معَكُم ويرُدُّكُم إلى أرضِ آبائِكُم. |
22: | وأنا أَعطيتُكَ شكيمَ عَلاوةً على إخوتِكَ، وهيَ التي أخذْتُها مِنْ يَدِ الأموريِّينَ بِسَيفي وقَوسي)).
|
|
الفصل : 49 |
بركة يعقوب
1: | ثُمَ دَعا يعقوبُ بَنيه وقالَ: ((إجتَمِعوا لأنبِئَكُم بِما يَحدُثُ لَكُم في الأيّامِ الآتيةِ:
|
2: | اَجتَمِعوا واَسمَعوا يا بَني يعقوبَ،واَصغوا إلى إِسرائيلَ أبيكُم.
|
3: | رأوبينُ أنتَ بِكْري،قُوَّتي وباكورةُ رُجولَتي.فاضلٌ في الرِّفعَةِ فاضِلٌ في العِزِّ،
|
4: | هائج كالسَّيلِ لا تُفضَّلُ لأنَّك عَلَوتَ فِراشَ أبيكَ.فَحَرَّمتَ جاريتي عليَّ.
|
5: | شِمعُونُ ولاوي أخوَانِ،سُيوفُهُما سِلاحُ العُنفِ،
|
6: | مَجلِسُهُما لا أدخلُه،وفي صُحبَتِهِما لا أبتَهِج.ففي غضَبِهما قتَلا بشَرًا،وفي نقمَتِهما عرقَبا ثَورًا.
|
7: | مَلعونٌ غضَبُهما فهوَ شديدٌ،وغَيظُهما لأنَّه قاسٍ.سأُفَرِّقُهُما بَينَ بَني يعقوبَ،وأُشَتِّتُهُما في أرضِ إِسرائيلَ.
|
8: | يَهوذا يَحمَدُك إخوَتُكَ،يَدُكَ على رِقابِ أعدائِكَ.يسجدُ لكَ بَنو أبيكَ.
|
9: | يَهوذا شِبْلُ أسَدٍ.مِنَ الأطرافِ صَعِدْتَ يا اَبني،كأسدٍ يَركعُ ويَربِضُوكَلَبوةٍ، فمَنْ يُقيمُه؟ |
10: | لا يزولُ الصَّولجانُ مِنْ يَهوذاولا عصا السُّلطانِ مِنْ صُلْبِهِ،إلى أنْ يتَبوَّأَ في شيلُوهمَنْ لَه طاعةُ الشُّعوبِ.
|
11: | يَربُطُ بالكَرمَةِ جحْشَه،وبالدَّاليَةِ اَبنَ أتانِهِ.يَغسِلُ بالخمرِ ثِيابَهُ،وبِدَمِ العِنَبِ رِدَاءَهُ.
|
12: | تَحمرُّ مِنَ الخمرِ عيناهُ،ومِنَ اللَّبَنِ تَبيَضُّ أسنانُهُ.
|
13: | زبولونُ يسكُنُ ساحِلَ البحرِويكونُ مَرفأً للسُّفُنِ،وتُخومُه عِندَ صيدونَ.
|
14: | يسَّاكَرُ حِمارٌ ضَخمٌ رابِضٌ بَينَ الحَظائِرِ.
|
15: | رأى المَرَاحَ أنَّهُ هَنيءٌ والأرضَ أنها نعيمٌ،فأحنى كَتِفَه لِلحَمْلِ وصارَ للسُّخرةِ عبدًا.
|
16: | دانُ يَدينُ شعبَهُ كأحَدِ أسباطِ إِسرائيلَ.
|
17: | يكونُ ثُعبانًا على الطَّريقِ، أُفعوانًا على السَّبيلِ،يَلسَعُ الفرَسَ في عَقِبِها فيَقَعُ راكِبُها إلى الوراءِ.
|
18: | أنتَظِرُ خلاصَكَ يا ربُّ!
|
19: | جادُ يَغزوهُ الغُزاةُ،فيَغزُو لاحِقًا بهِم.
|
20: | أشيرُ طَعامُه دَسِمٌ يُثيرُ شَهيَّةَ المُلوكِ.
|
21: | نفتالي غزالةٌ شَريدةٌ تَلِدُ ظِباءً جميلةً.
|
22: | يوسُفُ غُصنٌ مُثمِرٌ،غُصنٌ مُثمِرٌ على عينِ ماءٍ، فُروعُه صَعِدَت على سُورٍ،
|
23: | هاجمَه أصحابُ السِّهامِ،وخاصَموه وضايَقوه كثيرًا.
|
24: | ولكنَّ قَوسَه بَقيت ثابِتَةً، وتَشَدَّدَت سَواعِدُ يَدَيهِ. بِقُدْرَةِ الجبَّارِ إلهِ يعقوبَ، بِاَسمِ الرَّاعي صَخرةِ إسرائيلَ،
|
25: | بإلهِ أبيكَ الذي يَنصُرُكَ، بالقديرِ الذي يُبارِكُكَ. بَرَكاتُ السَّماءِ مِنْ فوقُ وبَرَكاتُ الغَمْرِ الرَّاكِدِ في الأسفَلِ. بَرَكاتُ الثَّدْيَينِ والرَّحِمِ،
|
26: | بَرَكاتُ أبيكَ التي تفوقُ بركاتِ الجبالِ الأزليَّةِ وخيراتُ الرَّوابي الأبديَّةِ لِتَكُنْ على رأسِ يوسُفَ على هامَةِ خيرَةِ إخوتِهِ.
|
27: | بنيامينُ ذئبٌ مُفتَرِسٌ، في الصَّباحِ يلتَهِمُ فرِيسَتَهُ، وعِندَ الغُروبِ يُقَسِّمُ غَنيمَتهُ)).
|
وصية يعقوب وموته |
28: | هؤلاءِ كُلُّهُم أسباطُ إِسرائيلَ الإثنا عشَرَ، وهذا ما قالَه لهُم أبوهُم حينَ باركَهُم كُلُّ واحدٍ وَفقَ ما يُناسِبُهُ مِنَ البَرَكَةِ.
|
29: | وأوصاهُم قالَ: ((أموتُ الآنَ وأنضَمُّ إلى آبائي. اَدفِنوني معَ آبائي في المَغارةِ التي في حقلِ عِفرُونَ الحثِّيِّ. |
30: | المَغارةُ التي في حقلِ المَكفيلَةِ، تُجاهَ مَمْرا في أرضِ كنعانَ، تِلكَ التي اَشْتراها إبراهيمُمعَ الحقلِ منْ عَفرونَ الحثِّيِّ لِتكونَ مُلْكًا لِقَبرٍ.
|
31: | هُناكَ دُفِنَ إبراهيمُ وسارةُ اَمرأتُه، وهُناكَ دُفِنَ إسحَقُ ورِفقَةُ اَمرأتُهُ، وهُناكَ دُفِنَت لَيئةُ.
|
32: | شِراءُ الحقلِ والمَغارةِ التي فيهِ كانَ مِنْ بَني حِثٍّ)).
|
33: | فلمَّا فرَغَ يعقوبُ مِنْ وَصيَّتِهِ لِبَنيهِ ضَمَ رجليهِ على السَّريرِ وأسلَمَ الرُّوحَ واَنضمَ إلى آبائهِ.
|
|
الفصل : 50 |
مأتم يعقوب ودفنه
1: | فاَرتَمى يوسُفُ على وجهِ أبيهِ وبَكى علَيهِ وقبَّله. |
2: | وأوصَى أطبَّاءَهُ أنْ يُحَنِّطوا أباهُ، فحنَّطَ الأطِبَّاءُ يعقوبَ. |
3: | واَسْتَغرَقَ تَحنِيطُه أربعينَ يومًا، وهيَ المُدَّةُ التي تكتَمِلُ فيها أيّامُ المُحنَّطينَ. وبَكى المِصْريُّونَ على يعقوبَ سَبعينَ يومًا، |
4: | ولمَّا اَنقَضَت أيّامُ البُكاءِ على يعقوبَ قالَ يوسُفُ لأهلِ بَيتِ فِرعَونَ: ((إنْ حَظيتُ برضاكُم، فقولوا على مَسامِعِ فِرعَونَ |
5: | إنَّ أبي اَسْتَحْلَفَني وقالَ لي: حانَت ساعةُ موتي، فاَدفِنِّي في قبري الذي حَفَرْتُه لي في أرضِ كنعانَ. هُناكَ اَدفنِّي والآنَ أنا ذاهبٌ، فأدفِنُ أبي وأرجعُ)). |
6: | فكانَ جوابُ فِرعَونَ: ((إذهَبْ واَدفِنْ أباكَ كما اَسْتَحلَفَكَ)).
|
7: | فصَعِدَ يوسُفُ لِيَدفِنَ أباهُ، وصَعِدَ معَهُ جميعُ رجالِ حاشيةِ فِرعَونَ وكبارِ أهلِ بَيتهِ، وجميعُ أعيانِ مِصْرَ، |
8: | وجميعُ أهلِ بَيتِ يوسُفَ وإخوتُه وأهلُ بيتِ أبيه بعدَما تَركوا عيالَهم وغنَمَهم وبقَرَهم في أرضِ جاسانَ. |
9: | وصَعِدَتْ معَ يوسُفَ مَركباتٌ وفُرسانٌ، فكانَ المَوكِبُ عظيمًا جدُا.
|
10: | فلمَّا وصَلُوا إلى بَيدَرِ أطادَ الذي في عَبْرِ الأردُنِّ نَدَبُوه هناكَ كثيرًا جدُا، وأقامَ لَه يوسُفُ مناحَةً سَبْعَةَ أيّامِ. |
11: | ورأى سُكانُ أرضِ كنعانَ المناحَةَ في بَيدَرِ أطادَ فقالوا: ((هذِهِ مناحَةٌ عظيمَةٌ لِلمِصْرِيِّينَ)). فسُمِّيَ المَوضِعُ بالعِبريَّةِ آبلَ مِصْرايمَ، وهوَ في عَبْرِ الأردُنِّ.
|
12: | وعَمِلَ لَه بَنُوه كَما أوصاهُم، |
13: | فحَمَلُوهُ إلى أرضِ كنعانَ ودَفَنوه في مَغارَةِ حقلِ المَكفيلَةِ ، تُجاهَ مَمْرا، وهيَ التي اَشتراها إبراهيمُ معَ الحقلِ مِنْ عِفرونَ الحثِّيِِّ مُلْكًا لِقبرٍ. |
14: | ثُمَ رجعَ يوسُفُ إلى مِصْرَ بَعدَ أنْ دَفَنَ أباهُ، هوَ وإخوتُه وسائرُ مَنْ صَعِدَ معَهُ لِدَفنِ أبيهِ.
|
موت يوسف |
15: | فلمَّا رأى إخوةُ يوسُفَ أنَّ أباهُم ماتَ قالوا: ((لعلَ يوسُفَ حقَدَ علَينا فيُجازِيَنا الآنَ على الشَّرِّ الذي فَعَلْناه بِهِ)). |
16: | فأرسلوا مَنْ يقولُ لِيوسُفَ: ((أوصانا أبوكَ قبلَ مَوتِه قالَ: |
17: | قولوا ليوسُفَ: اَغفِرْ لإخوتِكَ ذنبَهُم وخطيئَتَهُم فهُم حَقُا أساؤُوا إليكَ، والآنَ نتَوَسَّلُ إليكَ أنْ تغفِرَ ذنبَ عبيدِ إلهِ أبِيكَ)). فبَكى يوسُفُ حينَ بلَغَهُ هذا الكلامُ.
|
18: | وجاءَ إخوتُه بِأنفُسِهِم فاَرتَمَوا بَينَ يَدَيهِ وقالوا: ((ها نحنُ عبيدٌ لكَ)). |
19: | فقالَ لهُم يوسُفُ: ((لا تخافوا. هل أنا مكان اللهِ؟ |
20: | الشَّرُّ الذي أرَدتُموه لي أرادَهُ اللهُ خيرًا كما ترَونَ، لِيُنقِذَ حياةَ كثيرٍ مِنَ النَّاسِ .
|
21: | والآنَ لا تخافوا. أنا أعولُكُم أنتُم وعيالُكُم)). وعَزَّاهُم وطيَّبَ قلوبَهُم.
|
22: | وأقامَ يوسُفُ في مِصْرَ، هوَ وأهلُ بيتِ أبيهِ، وعاشَ مئةً وعشْرَ سِنينَ.
|
23: | ورأى يوسُفُ مِنْ بني أفرايمَ الجيلَ الثَّالثَ، وأيضًا بَنو ماكيرَ بنِ منَسَّى وُلِدُوا على رُكبَتَيهِ.
|
24: | وقالَ يوسُفُ لإخوتِهِ: ((حانَت ساعةُ موتي، واللهُ سيَذكُرُكُم بالخير ويُخرِجكُم مِنْ هذِهِ الأرضِ إلى الأرضِ التي أقسَمَ علَيها لإبراهيمَ وإسحَقَ ويعقوبَ)).
|
25: | واَستَحلَفَ يوسُفُ بَني إِسرائيلَ إخوتَه وقالَ: ((حينَ يَذكُرُكُمُ اللهُ بالخيرِ خذوا عِظامي معَكُم مِنْ هُنا)).
|
26: | وماتَ يوسُفُ وهوَ اَبنُ مئةٍ وعشْرِ سنينَ، فحَنَّطُوهُ ووَضَعُوه في تابوتٍ بِمِصْرَ.
|