1: | كَلامُ الحكيمِ ابنِ داوُدَ مَلِكِ أورُشليمَ.
|
2: | باطِلُ الأباطيلِ يقولُ الحكيمُ. باطِلُ الأباطيلِ، كُلُّ شيءٍ باطلٌ.
|
3: | أيَّةُ فائدةٍ للإنسانِ مِنْ كُلِّ تعبِهِ،هذا الذي يُعانيهِ تَحتَ الشَّمسِ.
|
4: | جيلٌ يَمضي وجيلٌ يجيءُ،والأرضُ قائِمةٌ إلى الأبدِ.
|
5: | الشَّمسُ تُشرِقُ والشَّمسُ تَغرُبُ وتُسرِعُ إلى مَوضِعِها حَيثُ تُشرِقُ.
|
6: | الرِّيحُ تذهبُ جنوبًا وتدورُ شَمالاً،تدورُ وتُدورُ في مَسيرِها. وإلى مَدارِها تَعودُ الرِّيحُ.
|
7: | الأنهارُ كُلُّها تجري إلى البحرِ،والبحرُ لا يمتَلِئْ. فتعودُ إلى المَوضعِ الذي جرَت مِنهُ،إلى هُناكَ تعودُ الأنهارُ لِتَجريَ أيضًا.
|
8: | كلُّ شيءٍ مُمِلًّ،والإنسانُ لا يكِلُّ عنِ الكَلامِ، والعينُ لا تَشبَعُ منَ النَّظَرِوالأذُنُ لا تَمتَلِئْ مِنَ السَّماعِ.
|
9: | ما كانَ فهوَ الذي سيكُونُ،وما صُنِعَ فهوَ الذي سيُصنَعُ فما مِنْ جديدٍ تَحتَ الشَّمسِ.
|
10: | خذْ أيَ شيءٍ يُقالُ فيهِ: ((أنظرْ هذا جديدٌ))، فتجدَهُ كانَ في الزَّمانِ قَبلَنا.
|
11: | ما سبَقَ لا يَبقَى ذِكرُهُ،ولا يبقَى ذِكرُ ما سيتبعُ عِندَ الذينَ يَجيئونَ مِنْ بَعدُ.
|
خبرة الحياة |
12: | أنا الحكيمُ كنتُ مَلِكًا على إِسرائيلَ في أورُشليمَ، |
13: | فوَجهْتُ قلبي، مُستَعينًا بالحِكمةِ، للدَّرسِ والبحثِ عَنْ كُلِّ ما صُنِعَ تَحتَ السَّماءِ، فإذا هوَ عَناءٌ رَديءٌ جعَلَهُ اللهُ لبني البشَرِ حتى يُعانوه. |
14: | رأيتُ كُلَ شيءٍ صُنِعَ تَحتَ الشَّمسِ، فإذا هوَ باطِلٌ وقَبضُ ريحِ.
|
15: | الأعوَج لا يُمكِنُ تَقويمُهُ،والنَّقْصُ لا يُمكِنُ سَدُّهُ.
|
16: | فقُلتُ في قلبي: ((ها أنا عَظُمتُ واَزْدَدتُ حِكمةً فَوقَ كُلِّ مَنْ كان قَبلي مَلِكًا على أورُشليمَ، ورأيتُ كثيرًا مِنَ الحِكمةِ والمعرِفةِ)).
|
17: | وجهتُ قلبي إلى معرِفةِ الحِكمةِ ومعرفةِ الجنونِ والحماقةِ، فعَرَفْتُ أنَّ هذا أيضًا قَبْضُ ريحِ.
|
18: | ففي كثرةِ الحِكمةِ كثرةُ الغَمِّ،ومَنِ اَزْدادَ مَعرِفةً اَزْدادَ كآبةً.
|
|
الفصل : 2 |
1: | ثم قُلتُ لقلبي: ((تعالَ فأمتَحِنَكَ بالفرَحِ وأُريكَ السَّعادةَ!)) وإذا هذا أيضًا باطِلٌ. |
2: | قُلتُ للضَّحِكِ: ((فيكَ جنونٌ))، ولِلفَرَحِ: ((ماذا تَنفَعُ؟)) |
3: | واَفْتكرتُ في قلبي أنْ أُنعِشَ جسَدي بالخمرِ على أنْ يبقَى قلبي مُنصَرِفًا إلى الحِكمةِ، وأنْ آخذَ بالحماقةِ لأرى ما السَّعادةُ لبَني البشَرِ فيَعمَلوهُ تَحتَ السَّماءِ طُولَ أيّامِ حياتهِمِ.
|
4: | فقُمْتُ بأعمالٍ عظيمةٍ: بنَيتُ لي بُيوتًا وغرَسْتُ لي كرومًا. |
5: | أنشأْتُ لي جنائنَ وبساتينَ وغَرَسْتُ فيها أشجارًا مِنْ كُلِّ ثَمَرٍ. |
6: | صنَعْتُ لي بِرَكَ ماءٍ لأسقيَ الغياضَ النَّاميةَ للأشجارِ.
|
7: | إقتَنَيتُ عبيدًا وإماءً وكانَ بيتي عامِرًا بالبَنينَ. رُزِقْتُ مواشيَ كثيرةً مِنَ البقَرِ والغنَمِ حتى فُقتُ جميعَ الذينَ كانوا قَبْلي في أورُشليمَ. |
8: | جمعتُ لي فِضَّةً وذهَبًا معَ كنوزِ الملوكِ والأقاليمِ، واَتَّخذتُ لي مُغنِّينَ ومُغنِّيات وَجواري وكُلُّ ما يَنْعمُ بِهِ البشَرُ، |
9: | فَزِدْتُ عظَمَةً وَفُقتُ جميعَ مَنْ كانوا قَبلي في أورُشليمَ، وبَقِيَت حِكمتي معي. |
10: | وما حرَمْتُ عينيَ شيئًا ما تَمَنَّتاهُ، ولا مَنَعْتُ قلبي مِنَ الفرَحِ شيئًا، بل فَرِحَ قلبي بكُلِّ تعبي. فكانَ هذا حظِّي منْ تعبي كُلِّهِ. |
11: | ثُمَ اَلتَفَتُّ إلى جميعِ ما عَمِلَتْ يَدايَ، وإلى ما عانَيتُ مِنَ التَّعَبِ في عمَلِهِ، فإذا كلُّ شيءٍ باطِلٌ وقبضُ ريحِ، ولا فائِدةَ في شيءٍ تَحتَ الشَّمسِ.
|
12: | ولمَّا اَلتَفتُّ لأنظرَ في الحِكمةِ والجنونِ والحماقةِ، وماذا يفعَلُ الخلَفُ غَيرَ ما فعَلَهُ المُلوكُ الذينَ قَبلَهُ، |
13: | رأيتُ أنَّ الحِكمةَ أفضلُ مِنَ الحماقةِ، كما أنَّ النُّورَ أفضلُ مِنَ الظَّلامِ: |
14: | الحكيمُ عيناهُ في رأسِهِ، أمَّا الجاهلُ فيسيرُ في الظَّلامِ. لكنِّي عرَفْتُ أيضًا أنَّ ما يَحدُثُ للواحدِ يَحدُثُ للآخرِ. |
15: | فقُلتُ في قلبي: ((ما يَحدُثُ للجاهلِ يحدُثُ لي أنا أيضًا، فما نَفعُ حِكمتي هذِهِ؟)) وقُلتُ في قلبي: ((هذا أيضًا باطِلٌ)). |
16: | فما مِنْ ذِكْرٍ دائِمِ للحكيمِ ولا للجاهلِ، وفي الأيّامِ الآتيةِ كُلُّ شيءٍ يَطْويهِ النِّسيانُ. ويا أسَفي، كَيفَ يموتُ الحكيمُ كالجاهلِ! |
17: | فكَرِهْتُ الحياةَ لأنَّ ما يُعمَلُ تَحتَ الشَّمسِ سَيِّئِّ في نظَري، فهوَ كُلُّهُ باطِلٌ وقبضُ ريحِ. |
18: | وكرِهْتُ كُلَ ما عايَنتُ تَحتَ الشَّمسِ من تَعَبٍ سأتركُهُ لِمَنْ يجيءُ بَعدي. |
19: | ومَنْ يَعلَمُ هل يكونُ حكيمًا أو أحمَقَ، ومعَ ذلِكَ سيَتَسلَّطُ على كُلِّ ما عايَنتُهُ وبذْلتُ حكمَتي لَه تَحتَ الشَّمسِ. هذا أيضًا باطِلٌ. |
20: | فَمِلْتُ إلى قلبي أزرعُ فيهِ اليأسَ مِنْ كُلِّ التَّعَبِ الذي عانَيْتُهُ تَحتَ الشَّمسِ. |
21: | أيَتعبُ إنسانٌ بِحِكمةٍ ومَعرِفةٍ ونجاحِ، ثُمَ يَترُكُ ما جناهُ لإنسانٍ لا يكونُ تَعِبَ فيهِ؟ هذا أيضًا باطلٌ وشَرًّ عظيمٌ. |
22: | فأيَّةُ فائدةٍ للإنسانِ مِنْ كُلِّ تعبِهِ، ومِنْ جهدِ قلبِهِ الذي عاناهُ تَحتَ الشَّمسِ؟ |
23: | أيّامُهُ كُلُّها كآبةٌ وعناؤُهُ غَمًّ، حتى في اللَّيلِ لا يَرتاحُ بالُهُ. هذا أيضًا باطِلٌ. |
24: | فما للإنسانِ خيرٌ مِنْ أن يأكلَ ويَشربَ ويَجنيَ ثمَرَةَ تعَبِهِ. أرى أنَّ هذا أيضًا مِنْ يدِ اللهِ، |
25: | وإلاَ فكَيفَ تأكلُ وتتَنَعَّمُ؟ |
26: | واللهُ يُعطي الصَّالحينَ حِكمةً ومعرِفةً وفرَحًا، ويَجعَلُ الخاطِئينَ يُعانُونَ في الجمْعِ والادِّخارِ، لِيُعطيَ ذلِكَ كُلَّهُ لِمَنْ يكونُ صالِحًا لدَيهِ. هذا أيضًا باطِلٌ وقبضُ ريحِ.
|
|
الفصل : 3 |
لكل شيء أوان
1: | لِكُلِّ شيءٍ أوانٌ، ولِكُلِّ أمرٍ تَحتَ السَّماءِ وقتٌ:
|
2: | لِلولادَةِ وقتٌ وللموتِ وقتٌ. لِلغَرْسِ وقتٌ ولِقَلْعِ المَغرُوسِ وقتٌ،
|
3: | للقتلِ وقتٌ وللشِّفاءِ وقتٌ،للهَدْمِ وقتٌ وللبناءِ وقتٌ،
|
4: | للبكاءِ وقتٌ وللضَّحِكِ وقتٌ، للنَّحيبِ وقتٌ وللرَّقصِ وقتٌ،
|
5: | لِطَرْحِ الحجارةِ وقتٌ ولتكويمِ الحجارةِ وقتٌ، للمعانَقَةِ وقتٌ وللامتِناعِ منَ المُعانَقةِ وقتٌ،
|
6: | لِلكَسْبِ وقتٌ وللخسارةِ وقتٌ،لحفظِ الشَّيءِ وقتٌ ولِطَرْحِهِ وقتٌ،
|
7: | للتَّمزيقِ وقتٌ وللخياطَةِ وقتٌ،للسُّكوتِ وقتٌ وللكَلامِ وقتٌ.
|
8: | للحُبِّ وقتٌ وللبُغضِ وقتٌ،للحربِ وقتٌ وللسِّلْمِ وقتٌ.
|
9: | فأيُّ فائِدَةٍ للعامِل منْ تعَبِهِ؟ |
10: | رأيتُ العَناءَ الذي جعَلَهُ اللهُ لِبَني البشَرِ حتى يُعانونَ، |
11: | فإذا كُلُّ شيءٍ حسَنٌ في وقتِهِ. وأعطى اللهُ الإنسانَ أنْ يَعيَ في قلبِهِ دَيمومَةَ الزَّمانِ مِنْ غَيرِ أنْ يُدرِكَ أعمالَ اللهِ مِنَ البدايةِ إلى النِّهايةِ. |
12: | فعَرَفْتُ أنَّ ما مِنْ شيءٍ خيرٌ للإنسانِ مِنْ أنْ يفرحَ ويتلذَّذَ في حياتِهِ. |
13: | وأنَّ هِبَةَ اللهِ للإنسانِ هيَ أنْ يأكلَ ويَشربَ ويَجنيَ ثمَرَةَ تَعَبِهِ. |
14: | وعرَفْتُ أنَّ كُلَ ما يعمَلُهُ لِيَخشَعَ البشَرُ أمامَهُ. |
15: | ما يكونُ فَمِنْ قَبلُ كانَ، وما سيكونُ فهوَ الذي كانَ. واللهُ يُعيدُ ما مضى.
|
الظلم في الأرض |
16: | ولكنِّي رأيتُ أيضًا تَحتَ الشَّمسِ أنَّ في مَوضعِ الحَقِّ والعَدلِ شرُا، |
17: | فقُلتُ في قلبي: ((اللهُ يَدينُ الصِّدِّيقَ والشِّرِّيرَ معًا، فهنا لكُلِّ أمرٍ ولكُلِّ عِلْمِ وقتٌ)). |
18: | وقُلتُ في قلبي: ((البشَرُ يتَصَرَّفُونَ هذا التَّصَرُّفَ لِيَمتَحِنَهُمُ اللهُ ويُريَهُم أنَّهُم في حَقِّ أنفُسِهِم كالبَهائِمِ)). |
19: | كَيفَ لا، ومصيرُ بَني البشَرِ والبهيمةِ واحدٌ؟ فكما يموتُ الإنسانُ تموتُ هيَ، ولهما نَسَمةُ حياةٍ واحدةٌ. وما للإنسانِ فَضلٌ على البهيمةِ، لأنَّ كِلَيهما باطِلٌ. |
20: | كِلاهُما يصيرانِ إلى مكانٍ واحدٍ، وكِلاهُما مِنَ التُّرابِ وإلى التُّرابِ يَعودانِ. |
21: | ومَنْ يَعلَمُ هل تصعَدُ روحُ البشَرِ إلى العَلاءِ وتَنزِلُ روحُ البهيمةِ إلى الأرضِ؟ |
22: | فرأيتُ أن لا شيءَ خيرٌ مِنْ أنْ يفرحَ الإنسانُ بأعمالِهِ، وهذا حَظُّهُ. فمَنْ يُرجعُهُ لِيَرى ما سيكونُ مِنْ بَعدِهِ؟
|
|
الفصل : 4 |
1: | رأيتُ جميعَ المَظالِمِ التي تَجري تَحتَ الشَّمسِ. فها هيَ دُموعُ المَظلومينَ ولا مُعَزِّيَ لهُم، وفي أيدي ظالِميهِم قُدْرةٌ ولا مَنْ يُعينُهُم. |
2: | هَنيئًا لِلأمواتِ الذينَ ماتوا مِنْ قَبلُ، فهُم أسعَدُ حالاً مِنَ الأحياءِ الباقينَ حتى الآنَ. |
3: | وخيرٌ مِنْ كِلَيهِما مَنْ لم يُولَدْ بَعدُ، لأنَّهُ لم يَرَ المَساوِئَ التي تُرتكَبُ تَحتَ الشَّم.
|
4: | ورأيتُ أنَّ كُلَ تَعَبٍ وكُلَ نجاحِ في العمَلِ إنَّما هو حسَدُ الإنسانِ مِنْ أخيهِ الإنسانِ. هذا أيضًا باطِلٌ وقبضُ ريحِ. |
5: | الكسلانُ يَطوي يَدَيهِ ويأكُلُ مِنْ لَحمِهِ الحَيِّ ويقولُ: |
6: | ((حَفْنَةُ راحةٍ خيرٌ مِنْ حَفْنَتَي تَعَبٍ وقبضِ ريحِ)). |
7: | ثُمَ رأيتُ باطلاً آخرَ تَحتَ الشَّمسِ: |
8: | واحدًا وحيدًا لا اَبنٌ لَه ولا أخ، ولا نِهايةٌ لِكُلِّ تَعَبِهِ، ولا تَشبَعُ عينُهُ مِنَ الغِنَى ولا يقولُ: ((لِمَنْ أتعَبُ وأحرِمُ نَفسيَ السَّعادةَ؟)) هذا أيضًا باطِلٌ وعَناءٌ ولا خيرَ فيهِ. |
9: | إثنانِ خيرٌ مِنْ واحدٍ، لأنَّ لهُما جزاءً أفضلَ على عمَلِهِما معًا. |
10: | إذا وقَعَ أحدُهُما أقامَهُ رفيقُهُ. والويلُ لِمَنْ هو وحدهُ، لأنَّهُ إذا وقَعَ فلا أحدَ يُقيمُهُ. |
11: | وأيضًا إذا اَضطجعَ اَثنانِ كانَ لهُما دِفءٌ، أمَّا الواحدُ فكَيفَ يَدفَأُ.
|
12: | وإنْ كانَ الواحدُ يَغلِبُ الواحدَ. فالاثنانِ يُقاومانِهِ. والخيطُ المُثَلَّثُ لا يَنقَطعُ سريعًا. |
13: | فتىً مِسكينٌ وحكيمٌ خيرٌ مِنْ مَلِكٍ شيخ يَجهَلُ التَّبصُّرَ في الأمورِ. |
14: | فقَد يَخرُج الفتى مِنْ بَيتِ أهلِهِ إلى المُلْكِ، والمولودُ في المُلْكِ قد يَفتَقِرُ. |
15: | رأيتُ جميعَ الأحياءِ السَّائرينَ تَحتَ الشَّمسِ يُناصرونَ المَلِكَ واَبْنَهُ الذي يَحِلُّ مكانَهُ. |
16: | وقد يحكُمُ المَلِكُ شعبًا لا يُحصَى. ولكنَّ واحدًا مِنهُم لا يفرَحُ بهِ. هذا أيضًا باطِلٌ وقبضُ ريحِ.
|
17: | إنتَبِهْ كَيفَ تَسلُكُ حينَ تذهَبُ إلى بيتِ اللهِ. فالاقْتِرابُ لِسَماعِ كلامِ اللهِ خيرٌ مِنْ تقديمِ ذبيحَةٍ، كالجهَّالِ الذينَ لا يعرفونَ الخيرَ مِنَ الشَّرِّ.
|
|
الفصل : 5 |
1: | لا تستَعجلْ في كَلامِكَ، ولا تتَسَرَّعْ في وعُودِكَ للهِ، لأنَّ اللهَ في السَّماءِ وأنتَ على الأرضِ، فلتكُنْ كَلِماتُكَ قليلةً.
|
2: | الأحلامُ تأتي مِنْ كثرةِ العَناءِ وقولُ الجهلِ مِنْ كثرةِ الكلامِ.
|
3: | إذا نَذَرْتَ نَذْرًا للهِ فلا تُؤَجلْ إيفاءَهُ، لأنَّ اللهَ لا يَرضَى عَنِ الكَسالَى. فأوفِ ما نَذَرْتَ.
|
4: | ألاَ تَنذِرَ خيرٌ مِنْ أنْ تَنذِرَ ولا تُوفي.
|
5: | لا تَدَعْ كَلامَكَ يَقودُكَ إلى الخطيئةِ، ولا تَقُلْ أمامَ الكاهنِ: ((هذا سَهْوٌ))، لِئلاَ يَغضَبَ اللهُ مِنْ قولِكَ، فيَفسُدَ ما صنَعَتْهُ يَداكَ.
|
6: | في كثرَةِ الأحلامِ أباطيلُ،وكذلِكَ في كثرَةِ الكلامِ. فعلَيكَ أنْ تخافَ اللهَ.
|
الغنى باطل |
7: | إذا رأيتَ أحدًا يَظلِمُ الفقيرَ وينتَهِكُ الحَقَ والعَدلَ في بَعضِ البُلدانِ، فلا تتَعَجبْ مِنَ الأمرِ، لأنَّ فَوقَ العالي مَنْ هوَ أعلى مِنهُ يَحميهِ، وأنَّ فَوقَهُما مَنْ هوَ أعلى مِنهُما يَحميهِما، |
8: | وأنَّ الأرضَ بِكُلِّ ما فيها خاضعةٌ للمَلِكِ. |
9: | مَنْ يُحِبُّ الفِضَّةَ لا يَشبَعُ مِنَ الفِضَّةِ، ومَنْ يُحِبُّ المالَ لا يَشبَعُ مِنَ الكَسْبِ. هذا أيضًا باطِلٌ. |
10: | إذا زادتِ الخيراتُ زادَ الذينَ يأكلونَها. فأيُّ نفعِ مِنها لِصاحبِها إلاَ أنْ تَراها عَيناهُ؟ |
11: | نَومُ العامِلِ لَذيذٌ، سَواء أكَلَ كثيرًا أم قليلاً، أمَّا شبَعُ الغنيِّ فلا يَترُكُهُ ينامُ.
|
12: | شَرًّ مُحْزِنٌ رأيتُهُ تَحتَ الشَّمسِ: غنًى مدَّخرٌ ينقَلِبُ سُوءًا على مالِكِهِ. |
13: | فصَفقَةٌ خاسِرَةٌ واحدةٌ تَكفي لِزوالِ غِناهُ، ويُولَدُ لَه اَبنٌ وما في يَدِهِ شيءٌ يُورِثُهُ لهُ. |
14: | عُريانًا خرَج مِنْ بَطْنِ أمِّهِ، وعُريانًا خرَج مِنْ تعَبِهِ يأخذُهُ معَهُ. |
15: | وهذا أيضًا شَرًّ مُحْزِنٌ: أنْ يذهبَ كما جاءَ. فأيَّةُ مَنفَعَةٍ لَه مِنْ أنَّ تعَبَهُ كانَ للرِّيحِ، |
16: | وهوَ الذي قضَى كُلَ أيّامِهِ يأكلُ في الظَّلامِ وكَثرةِ الغَمِّ والألمِ والنَّقمةِ.
|
17: | وخلاصةُ ما رَأيتُهُ أنَّ خيرَ ما يَفعَلُهُ الإنسانُ هوَ أنْ يَأكلَ ويشربَ ويجدَ لَذَّةً في كُلِّ ما يعمَلُهُ تَحتَ الشَّمسِ مُدَّةَ أيّامِ حياتِهِ التي وَهبَها اللهُ لَه، فهذا حَظُّهُ. |
18: | وإذا رزَقَ اللهُ الإنسانَ غِنًى وثَروَةً وأتاحَ لَه أنْ يَنعَمَ بها، ويرضَى بِحَظِّهِ مِنها، ويفرحَ بِتَعَبِه فيها، فهذا عطيَّةٌ مِنَ اللهِ. |
19: | وبذلِكَ لا يَذكُرُ كم هيَ قصيرَةٌ أيّامُ حياتِهِ، لأنَّ اللهَ يُشغِلُ قلبَهُ بالفرَحِ.
|
|
الفصل : 6 |
1: | وهُناكَ شَرًّ عظيمٌ يُعانيهِ النَّاسُ رأيتُهُ تَحتَ الشَّمسِ: |
2: | إنسانٌ رزَقَهُ اللهُ غِنًى وثَروَةً ومَجدًا، فما أعوزَهُ شيءٌ مِمَّا تَشتَهيهِ نفْسُهُ. ولكنَّ اللهَ لا يُتيحُ لَه أنْ يَنعَمَ بِما رزَقَهُ، وإنَّما يَنعَمُ بهِ غريبٌ. هذا باطِلٌ وشَرًّ أليمٌ.
|
3: | إنْ ولَدَ إنسانٌ مِئةَ وَلَدٍ وعاشَ عُمرًا طويلاً وأخصَبت أيّامُ حياتِهِ، وما شَبِعَت نفْسُهُ مِنْ خيراتِهِ ولا كانَ لَه قبرٌ يُدفَنُ فيهِ، فأقولُ إنَّ السِّقْطَ خيرٌ مِنهُ. |
4: | فهوَ في الباطِلِ يجيءُ، وفي الظَّلامِ يذهبُ، وفي الظَّلامِ يَنطوي اَسمُهُ. |
5: | لا يرى الشَّمسَ ولا يعرفُ شيئًا، ولكنَّه يَنعَمُ بالرَّاحةِ أكثرَ مِنْ ذاكَ |
6: | الذي لا يَرى خيرًا ولو عاشَ ألفَ سنةٍ مرَّتَينِ. ثُمَ يذهَبُ هوَ والسِّقْطُ كِلاهُما إلى مَوضعِ واحدٍ! |
7: | كُلُّ تَعبِ الإنسانِ لِفَمِهِ، وبَطنُهُ لا يَمتَلِئْ أبدًا. |
8: | فما فَضْلُ الحكيمِ على الجاهلِ؟ وماذا يَنالُ المِسكينُ الذي يُحسِنُ التَّصَرُّفَ في الحياةِ؟ |
9: | هل ما تَراهُ العينُ عمَّا تَشتَهيهِ النَّفْسُ؟ هذا أيضًا باطِلٌ وقبضُ ريحِ. |
10: | كُلُّ ما في الوجودِ سُمِّيَ باَسْمِهِ سَلَفًا، والإنسانُ معروفٌ ما هوَ، وهو لا يقدِرُ أنْ يَدينَ مَنْ هوَ أقوى مِنهُ. |
11: | كثرَةُ الكلامِ تُكثِرُ الباطِلَ، فأيَّةُ فائدةٍ مِنهُ للإنسانِ؟ |
12: | فمَنْ يَعرِفُ ما هوَ خيرٌ للإنسانِ في الحياةِ، مُدَّةَ أيّامِهِ الباطِلةِ التي تمُرُّ كالظِّلِّ؟ ومَنْ يُخبِرُ الإنسانَ بما يكونُ بَعدَهُ تحتَ الشَّمسِ؟
|
|
الفصل : 7 |
نظرة الحكيم إلى الحياة
1: | الصِّيتُ خيرٌ مِنَ الطِّيبِ،ويومُ الموتِ خيرٌ مِنْ يومِ الوِلادةِ.
|
2: | الدُّخولُ إلى بَيتِ النُّواحِ،ولا الدُّخولُ إلى بَيتِ الوليمةِ. فالموتُ نِهايةُ كُلِّ إنسانٍ،والحَيُّ يُدرِكُ هذا في قلبِهِ.
|
3: | الغَمُّ خيرٌ مِنَ الضَّحِكِ،وبكآبةِ الوجهِ يَنتَفِعُ القلبُ.
|
4: | قلبُ الحُكَماءِ في بَيتِ النُّواحِ،وقلبُ الجهَّالِ في بَيتِ المرَحِ.
|
5: | سَماعُ التَّأنيبِ مِنَ الحكيمِخيرٌ مِنْ سَماعِ مَديحِ الجاهِلِ.
|
6: | كَصوتِ الشَّوكِ تَحتَ القِدْرِ كذلِكَ ضَحِكُ الجهَّالِ. هذا أيضًا باطِلٌ.
|
7: | العِشْقُ يُجنِّنُ الحكيمَ،ويُبيدُ قلُوبَ الأقوياءِ.
|
8: | آخرُ الأمرِ خيرٌ مِنْ أوَّلِهِ،وطُولُ البالِ خيرٌ مِنْ تكبُّرِ الرُّوحِ.
|
9: | لا تُسرِعْ إلى الغضَبِ، فالغضَبُ يكمُنُ في صُدورِ الجهَّالِ.
|
10: | لا تَقُلْ لماذا كانتِ الأيّامُ الأُوَلُ خيرًا مِنْ هذِهِ. فما هذا السُّؤالُ عنْ حِكمةٍ.
|
11: | الحِكمةُ معَ الغِنَى أفضلُ وأنفعُ للإنسانِ، لأنَّهُ يكونُ آمِنًا |
12: | في ظِلِّ الحِكمةِ وظِلِّ الفِضَّةِ معًا، وفَضلُ مَعرِفةِ الحِكمةِ أنَّها تُحيي صاحِبَها. |
13: | أنظُرْ إلى ما عَمِلَهُ اللهُ: مَنْ يَقدِرُ أنْ يُقوِّمَ ما عَوَّجهُ؟ |
14: | في يومِ الخيرِ كُنْ بِخيرٍ، وفي يومِ الشَّرِّ تأملْ أنَّ اللهَ يُرسِلُ الخيرَ والشَّرَ معًا، لِئلاَ يَعلَمَ البشَرُ شيئًا مِمَّا يكونُ فيما بَعدُ. |
15: | جملَةُ ما رأيتُهُ في أيّامي الباطِلةِ: الأبرارُ في بِرِّهِم يَهلكُونَ والأشرارُ في شَرِّهِم تَطُولُ حياتُهُم. |
16: | لا تكُنْ بارُا مُسرِفًا في البِرِّ، ولا حكيمًا أكثرَ ممّا يجبُ، لِئلاَ تُتعِبَ نفْسَكَ. |
17: | لا تكُنْ شرِّيرًا مُسرِفًا في الشَّرِّ، ولا أحمَقَ مُسرِفًا في الحماقةِ. فلماذا تموتُ قَبلَ وقتِكَ. |
18: | خيرٌ لكَ أنْ تتَمَسَّكَ بهذا الشَّيءِ أو ذاكَ، مِنْ غَيرِ أنْ تُرخيَ يَدَكَ عَنْ أحدِهِما، فالذي يَخافُ اللهُ يَنجحُ في كِلَيهِما.
|
19: | الحِكمةُ تَجعلُ الحكيمَ أقوى مِنْ عشَرَةِ حُكَّامِ في المدينةِ. |
20: | ما مِنْ صِدِّيقٍ في الأرضِ يعمَلُ الخيرَ ويَسلَمُ مِنَ الخطإِ. |
21: | لا تَفتَحْ قلبَكَ لكُلِّ كَلامِ يُقالُ، لِئلاَ تَسمَعَ أنَّ خادِمَكَ يَلعَنُكَ. |
22: | فقلبُكَ يَعرِفُ كم مرَّةً أنتَ أيضًا لَعَنتَ غَيرَكَ. |
23: | كُلُّ هذا اَمتحَنتُهُ بالحِكمةِ. قُلتُ: أصيرُ حكيمًا، فإذا الحِكمةُ بعيدةٌ عنِّي. |
24: | فما هوَ بعيدٌ وعميقٌ جدُا مَنْ يَجدُهُ؟ |
25: | فتَوَجهْتُ بِكُلِّ قلبي إلى العِلْمِ والدَّرسِ باحِثًا عن الحِكمةِ وحقيقةِ الأمورِ، وإلى مَعرِفةِ الشَّرِّ على أنَّهُ حماقةٌ، والجهلِ على أنَّهُ جنونٌ. |
26: | فوَجدْتُ أنَّ المرأةَ أمَرُّ مِنَ الموتِ، لأنَّ قلبَها مَصيدةٌ وشَبكةٌ ويَداها قُيودٌ. الصَّالحُ أمام اللهِ ينجو مِنها،أمَّا الخاطئْ فيعلَقُ بها. |
27: | يقولُ الحكيمُ: أنظرْ، هذا ما وَجدْتُهُ شيئًا فشيئًا لأعرِفَ حقيقةَ الأمورِ. |
28: | ولا أزالُ أبحَثُ عنها، فلا أجدُها. بَينَ ألفِ رجلٍ وجدْتُ واحدًا صالِحًا ولم أجدِ اَمرأةً صالِحةً بَينَ ألفٍ. |
29: | وإنَّما وجدْتُ أنَّ اللهَ صنَعَ الإنسانَ مُستَقيمًا ولكنَّ الإنسانَ يُكثِرُ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ.
|
|
الفصل : 8 |
1: | مَنْ كالحكيمِ يَعرِفُ تَفسيرَ الأمورِ؟ حِكمةُ الإنسانِ تُنيرُ وتُضيءُ جبهَتَهُ.
|
2: | أنا أقولُ: إحفَظْ أوامرَ المَلِكِ، لأنَّكَ حلَفتَ يمينًا للهِ. |
3: | أسرِعْ منْ أمامِ وجهِهِ ولا تُعانِدْ في ما يُسيئُهُ، فهوَ يفعَلُ كُلَ ما يشاءُ. |
4: | كَلِمةُ الملكِ لها سلطانٌ، فَمَنْ يَجرُؤُ أنْ يقولَ لَه: ((ماذا تفعَلُ؟))
|
5: | مَنْ يحفَظُ وصايا المَلِكِ لا يُصيبُهُ سُوءٌ، والحكيمُ يَعرِفُ في قلبِهِ متى وكَيفَ يفعَلُ ذلِكَ. |
6: | فلِكُلِّ أمرٍ وقتٌ ونَهْج، والإنسانُ عُرضَةٌ لشَرٍّ عظيمِ. |
7: | فهوَ لا يَعرِفُ ما سيكونُ ولا يُخبِرُهُ أحدٌ بهِ. |
8: | ما لأحدٍ سُلطانٌ على الرُّوحِ فيَمنَعَها مِنْ مُفارقةِ الجسَدِ، ولا سُلطانٌ على يومِ الموتِ، ولا هُروبٌ ساعةَ القِتالِ، ولا يُنَجي الأشرارَ شَرُّهُم. |
9: | كُلُّ هذا رأيتُهُ حينَ وجهْتُ قلبي إلى كُلِّ عمَلٍ يُعمَلُ تَحتَ الشَّمسِ، ما دامَ الإنسانُ يتَسَلَّطُ على الإنسانِ لِلإساءَةِ إليهِ.
|
الأشرار والصالحون |
10: | ورأيتُ أشرارًا يُدفَنونَ بِكرامةٍ، والنَّاسُ في طريقِ عَودَتِهِم مِنَ المقبرةِ يَنسَونَ ما فعَلوهُ في المدينةِ مِنَ الشَّرِّ. هذا أيضًا باطلٌ. |
11: | فإذا كانَ الحُكْمُ على المَساوئِ لا يَجري سريعًا، فقُلوبُ البشَرِ تَمتَلئْ جرأةً على فِعلِ السُّوءِ.
|
12: | الخاطئْ يُسيءُ مِئةَ مرَّةٍ وتَطولُ أيّامُهُ، ولكنِّي أعرِفُ ما يُقالُ، وهوَ أنَّ الذينَ يخافونَ اللهَ ويَخشَونَ وجهَهُ سَينالونَ خيرَ جزاءٍ، |
13: | وأنَّ الأشرارَ لا يُصيبُهُم خيرٌ ولا تطُولُ أيّامُهُم بل تَمضي كالظِّلِّ لأنَّهُم لا يَخشَونَ وجهَ اللهِ. |
14: | لكِنْ هذا باطِلٌ عِندي. ففي الأرضِ أبرارٌ يُصيبُهُم ما يُصيبُ الأشرارَ، وأشرارٌ يُصيبُهم ما يُصيبُ الأبرارَ. فأقولُ هذا أيضًا باطِلٌ. |
15: | لذلِكَ أمدَحُ الفرَحَ. فما لِلإنسانِ خيرٌ، تَحتَ الشَّمسِ غيرَ أنْ يأكُلَ ويشرَبَ ويفرَحَ. فهذا كُلُّ ما يَبقى لَه مِنْ تَعَبِهِ في أيّامِ حياتِهِ التي وهَبَها اللهُ لَه تَحتَ الشَّمسِ.
|
16: | ولمَّا وجهْتُ قلبي إلى معرِفةِ الحِكمةِ وإلى النَّظرِ في ما يُعانيهِ الإنسانُ على الأرضِ، كَيفَ لا يَذوقُ النَّومَ في عينَيهِ نهارًا وليلاً، |
17: | رأيتُ أنَّ الإنسانَ لا يَقدِرُ أنْ يَعرِفَ أعمالَ اللهِ تَحتَ الشَّمسِ، ولا أنْ يُفَسِّرَ لمَاذا يتعَبُ الإنسانُ في طَلبِ معرِفتِها فلا يَجدُ، حتى الحكيمُ لا يَجدُها وإنْ زعَمَ أنَّه وجدَها.
|
|
الفصل : 9 |
1: | هذا كُلُّهُ تأمَّلتُهُ في قلبي وبحَثتُهُ، فوَجدْتُ أنَّ الصِّدِّيقينَ والحُكماءَ وأعمالَهُم في يَدِ اللهِ.
الإنسانُ لا يَعرِفُ حُبُا ولا بُغضًا. كُلُّ شيءٍ في عينَيهِ ككُلِّ شيءٍ. |
2: | ما دامَ المصيرُ واحدًا للصِّدِّيقِ وللشِّرِّيرِ، للصَّالِحِ والطَّالِحِ، للطَّاهرِ والنَّجسِ، لِمَنْ يُقرِّبُ الذَّبائحَ ولِمَنْ لا يُقرِّبُ الذَّبائحَ، وما دامَ الصَّالحُ مِثلَ الخاطئِ، والذي يَحلِفُ مِثلَ الذي يَهابُ أنْ يَحلِفَ. |
3: | وهُناك الشَّرُّ كامِنٌ في كُلِّ عملٍ تَحتَ الشَّمسِ، وهوَ أنْيكونَ المصيرُ واحدًا للجميعِ. فتمتلئْ قلوبُ بني البشَرِ مِنَ السُّوءِ وصدورُهُم مِنَ الجنونِ في حياتِهِم وبَعدَ المَماتِ. |
4: | ولكِنْ كُلُّ ما يُشارِكُ الأحياءَ في حياتِهِم يكونُ لَه رجاءٌ. فالكلبُ الحَيُّ خيرٌ من الأسدِ المَيْتِ. |
5: | والأحياءُ يعرِفونَ أنَّهُم سيَمُوتونَ. أمَّا الأمواتُ فلا يعرِفُونَ شيئًا ولا جزاءَ لهُم بَعدُ، وذِكْرُهُم طَواهُ النِّسيانُ. |
6: | حُبُّهُم وبُغضُهُم وحسَدُهُم زالَ جميعًا، ولا حَظَّ لهُم بَعدُ في شيءٍ ممَّا يَجري تَحتَ الشَّمسِ. |
7: | فاَذهَبْ كُلْ خبزَكَ بِفرَحِ واَشرَبْ خمرَكَ بِقلبٍ مسرورٍ، فما تعمَلُهُ رَضِيَ اللهُ سَلَفًا عَنهُ. |
8: | وَلتكُن ثيابُكَ بيضاءَ في كُلِّ حينٍ، ولا يُعوِزُ رأسَكَ الطِّيبُ. |
9: | تمَتَّعْ بالعَيشِ معَ المرأةِ التي تُحِبُّها كُلَ أيّامِ حياتِكَ الباطِلةِ التي وهَبَها اللهُ لكَ تَحتَ الشَّمسِ. فهذا حظُّكَ مِنَ الحياةِ ومِنْ تعَبِكَ الذي تُعانيهِ تَحتَ الشَّمسِ. |
10: | كُلُّ ما تقَعُ علَيهِ يَدُكَ مِنْ عمَلٍ فاَعمَلْهُ بِكُلِّ قُوَّتِكَ، فلا عمَلٌ ولا تَفكيرٌ ولا معرِفَةٌ ولا حِكمةٌ في عالمِ الأمواتِ التي أنتَ صائِرٌ إليهِ.
|
11: | واَلتَفَتُّ فرَأيتُ تَحتَ الشَّمسِ أنَّ السَّبْقَ لا يكونُ للسَّبَّاقينَ، ولا النَّصرَ في القِتالِ للأقوياءِ، ولا الخبزَ للحُكَماءِ، ولا الغِنَى للفُهَماءِ، ولا الخبزَ للعُلَماءِ، فهُم جميعًا تَحتَ رحمةِ الزَّمانِ والقَدَرِ.
|
12: | فالإنسانُ لا يعرِفُ متى تَحينُ ساعَتُهُ، فهوَ كالأسماكِ التي تُؤخذُ بِشَبكةٍ غادِرةٍ وكالعصافيرِ التي تُمسِكُها الفِخاخ، تَصطادُهُ المَصائِبُ بَغتَةً في زمَنِ الشَّرِّ. |
13: | ورأيتُ مثَلاً آخرَ على الحِكمةِ تَحتَ الشَّمسِ وكانَ عظيمًا في نَظري: |
14: | مدينةٌ صغيرةٌ فيها رِجالٌ قليلونَ، هاجمَها مَلِكٌ عظيمٌ وحاصَرَها وبنى عليهَا حُصونًا مَنيعَةً. |
15: | وكانَ فيها رَجلٌ مِسكينٌ حكيمٌ فأنقَذَها بِحِكمتِهِ. وفيما بَعدُ لم يَذكُرْ أحدٌ ذلِكَ الرَّجلَ المِسكينَ. |
16: | فقُلتُ إنَّ الحِكمةَ خيرٌ مِنَ القُوَّةِ، ومعَ ذلِكَ فحِكمةُ المِسكينِ مُحتَقَرَةٌ وكَلامُهُ غَيرُ مَسموعِ. |
17: | كَلامُ الحُكماءِ المَسموعُ في الهُدوءِ أفضَلُ مِنْ صُراخ الحاكمِ بَينَ الجهَّالِ. |
18: | والحِكمةُ خيرٌ مِنْ آلاتِ الحربِ، وخاطئِّ واحدٌ يُتلِفُ خيرًا كثيرًا.
|
|
الفصل : 10 |
1: | الذُّبابُ المَيْتُ يُنَتِّنُ طِيبَ العَطَّارِ، وقليلٌ مِنَ الحماقةِ أثقَلُ مِنَ الحِكمةِ والمَجدِ.
|
2: | قلبُ الحكيمِ يُقَوِّمُ طريقَهُ وقلبُ الجاهِل يُعوِّجهُ.
|
3: | فما إنْ يَمشي الجاهلُ في الطَّريقِ حتى يَفتَضِحَ اعوِجاج قلبِهِ، ويقولَ كُلُّ واحدٍ إنَّهُ جاهلٌ.
|
4: | إذا ثارَ علَيكَ غضَبُ الحاكمِ فلا تَترُكْ مكانَكَ، فالرَّصانَةُ تُجنِّبُكَ أخطاءً فادِحةً.
|
5: | رأيتُ سَيِّئَةً يَرتَكبُها الحُكَّامُ سَهْوًا تَحتَ الشَّمسِ، |
6: | وهيَ أنَّهُم يرفَعُونَ الحَمقَى إلى أعلى المَراتِبِ، ويُجلِسونَ الأغنياءَ في أحَطِّ الدَّرَكاتِ. |
7: | ورأيتُ عبيدًا على ظُهورِ الخيلِ وأُمَراءَ ماشينَ على الأرضِ كالعبيدِ.
|
8: | مَنْ يَحفِرْ حُفْرَةً يَقَعْ فيها. ومَنْ يَنقُبْ جدارًا تَلدَغْهُ حَيَّةٌ.
|
9: | مَنْ يَقلَعْ حِجارةً يُؤذَ بِها،ومَنْ يَشقُفْ حطبًا يُجرَحْ بهِ.
|
10: | إذا كَلَ الحديدُ ولم يُسَنَّنْ حَدُّهُ، تَزايَدَتِ القُوَّةُ في اَستِعمالِها. والحِكمةُ أنفَعُ للنَّجاحِ.
|
11: | إذا لَدَغَتْكَ الحَيَّةُ قَبلَ الرُّقيةِ فما نَفْعُ الرَّاقي؟ |
12: | كَلامُ الحكيم نِعمةٌ، وشفتا الجاهلِ تَبتَلِعانِهِ.
|
13: | فأوَّلُ كلامِهِ حماقةٌ، وآخرُهُ جنُونٌ مُطْبِقٌ. |
14: | الأحمقُ يُكثِرُ مِنَ الكَلامِ، معَ أنَّ الإنسانَ لا يعلَمُ ماذا سيكونُ، وما مِنْ أحدٍ يُخبِرُهُ بِما سيكونُ مِنْ بَعدِهِ. |
15: | الجاهلُ يُتعِبُ نفْسَهُ بالعمَلِ، فلا يَعرِفُ طريقَهُ إلى المدينةِ.
|
16: | ويلٌ للبلادِ، إذا كانَ مَلِكُها ولَدًا وأُمراؤُها يأكلونَ ويَشربونَ حتى الصَّباحِ.
|
17: | وهَينئًا للبلادِ، إذا كانَ مَلِكُها سَليلَ الأحرارِ وأُمَراؤُها يأكلونَ طَعامَهُم في وقتِهِ لِلقوَّةِ لا لِلسُّكْرِ.
|
18: | بالبَطالَةِ يَهبُطُ السَّقْفُ،وبِتراخي اليَدَينِ يَكِفُ البَيتُ.
|
19: | بالخبزِ والخمرِ تضحَكُ وتفرحُ في الحياةِ، والمالُ يُلَبِّي كِلَيهِما.
|
20: | لا تَلعَنِ المَلِكَ ولو في فِكرِكَ،ولا الغَنيَ ولو في غُرفةِ نَومِكَ. فطَيرُ السَّماءِ يَنقُلُ الصَّوتَ،والسِّرُّ المَفضُوحُ لَه أجنحةٌ.
|
|
الفصل : 11 |
الفطنة وطيب العيش
1: | إرمِ خبزَكَ على وجهِ المياهِ، فتَجدَه بَعدَ أيّامٍِ كثيرةٍ.
|
2: | إجعلْ أموالَكَ في سبعَةِ أماكنَ، بل ثمانيةٍ، فأنتَ لا تَعرِفُ أيَ شَرٍّ يَحِلُّ على الأرضِ.
|
3: | إذا اَمتلأتِ الغُيومُ مِنَ المطَرِ تَسكُبُهُ على الأرضِ. وإذا وقَعَتِ الشَّجرةُ جهَةَ الجنوبِ أو جهَة الشِّمالِ، فحيثُ تقَعُ الشَّجرةُ هُناكَ تكونُ.
|
4: | مَنْ يَنتَظِرُ الرِّيحَ المُؤاتيةَ لا يَزرَعُ،ومَنْ يَتَوَقَّعُ الغَيمَ الماطِرَ لا يَحصُدُ.
|
5: | كما أنَّكَ لا تعرِفُ أيَ طريقٍ تَسلُكُ الرُّوحُ، ولا كَيفَ تتَكوَّنُ العِظامُ في رَحِمِ الحُبْلى، كذلِكَ لا تَعرِفُ أعمالَ اللهِ الذي يَصنَعُ كُلَ شيءٍ.
|
6: | إزرَعْ زَرعَكَ في الصَّباحِ، وإلى الغُروبِ لا تُرخ يَدَكَ. فأنتَ لا تعرِفُ أهذا يَنمو أم ذاكَ، أم كِلاهُما يَنمُوَانِ جيِّدًا على السَّواءِ.
|
7: | النُّورُ بَديعٌ، والعينُ تَبتَهِج بِرُؤيةِ الشَّمسِ.
|
8: | ومَهما يكُنْ عدَدُ السِّنينَ التي يعيشُها الإنسانُ، فليَفرَحْ فيها كُلِّها، وليَتَذكَّرْ أنَّ أيّامَ الظُّلمَةِ ستكُونُ كثيرةً. كلُّ ما سيأتي باطِلٌ.
|
9: | فاَفرَحْ أيُّها الشابُّ في صِباكَ،وليَبتَهِج قلبُكَ في أيّامِ شَبابِكَ. أُسلُكْ طريقَ ما يَهواهُ قلبُكَ،وما تَراهُ وتَشتَهيهِ عينُكَ. ولكِنِ اَعلَمْ أنَّ اللهَ سَيُحاسِبُكَ على هذا كُلِّهِ.
|
10: | إنزَعِ الغَمَ مِنْ قلبِكَ،ورُدَ الشَّرَ عَنْ جسَدِكَ، فالصِّبا والشَّبابُ باطِلانِ.
|
|
الفصل : 12 |
الشيخوخة والموت
1: | أُذكرْ خالِقَكَ في أيّامِ شَبابِكَ، قَبلَ أنْ تَجيءَ أيّامُ الشَّرِّ وتَقتَرِبَ السِّنينُ التي فيها تقولُ: لا أجدُ لَذَّةً فيها. |
2: | وقَبلَ أنْ تُظلِمَ الشَّمسُ والنُّورُ والقمرُ والكواكبُ وتَرجع الغيومُ بَعدَ المَطرِ.
|
3: | يومَ يَرتَجفُ حُرَّاسُ البَيتِ، ويَنحَني رِجالُ البأسِ، يومَ تَبطُلُ الطَواحينُ لِقِلَّتِهنَّ وتُظلمُ الأنوارُ في النَّوافِذِ،
|
4: | وتُغلَقُ الأبوابُ على الشَّارعِ،يومَ يَنخفِضُ صوتُ المِطحَنةِ ويَخفُتُ صوتُ العُصفورِ وتَسكُتُ جميعُ بَناتِ الغِناءِ،
|
5: | ويكونُ الصُّعودُ مُخيفًا والطَّريقُ مَحفوفَةً بالأهوالِ، يومَ تَنكسِرُ أغصانُ اللَّوزِ ويَكثُرُ الجرادُ في الأرضِ، ويَنشَقُّ شجرُ الأصَفِ.فيما الإنسانُ يَمضي إلى بَيتِهِ الأبديِّ، والنَّادِبونَ يَطوفونَ في الأسواقِ.
|
6: | قَبلَ أنْ يَنقَطِعَ حَبلُ الفِضَّةِ ويَنسَحِقَ كُوبُ الذَّهبَ وتَنكسِرَ الجرَّةُ على العينِ وتَنقَصِفَ البَكرَةُ على البِئرِ، |
7: | فيَرجعَ الجسَدُ إلى الأرضِ حَيثُ كانَ، وترجعَ الرُّوحُ إلى اللهِ الذي وهَبَها.
|
خلاصة القول |
8: | باطِلُ الأباطيلِ، كُلُّ شيءٍ باطِلٌ. هذا ما يقُولُهُ الحكيمُ.
|
9: | ولأنَّ الحكيمَ بقيَ حكيمًا، ظَلَ يُعَلِّمُ الشَّعبَ المعرِفةَ ويَزِنُ الأمورَ ويَبحَثُها ويَنظِمُ أمثالاً كثيرةً. |
10: | وسعَى الحكيمُ في طَلَبِ التَّعبيرِ الشَّيِّقِ عَنْ أفكارِهِ المُستَقيمةِ بِكلِماتٍ صادِقةٍ.
|
11: | كَلامُ الحُكَماءِ كالعِصيِّ والأوتادِ، يَستَعمِلُها الرَّاعي لِخيرِ رَعيَّتِهِ.
|
12: | بقِيَ علَيكَ يا اَبني أنْ تَنتَبِهَ إلى أنَّ تأليفَ الكُتُبِ عمَلٌ شاقًّ لا نِهايَةَ لَه، وأنَّ كثرةَ الدَّرسِ تُنهِكُ الجسَدَ. |
13: | وهذا ختامُ ما سَمِعْناهُ مِنْ كَلامِ: إتَّقِ اللهَ واَحفَظْ وصاياهُ، فهذا فَرْضٌ على كُلِّ إنسانٍ. |
14: | واللهُ سَيُحاسِبُ كُلَ إنسانٍ على عمَلِهِ، خفيُا كانَ أم ظاهرًا، وخيرًا كانَ أم شَرُا.
|