نواح أورشليم
1: | كَيفَ جلَسَت وحدَها المدينةُ المَلأىَ بِالنَّاسِ.
صارَت كأرملَةٍ بَغْتةً وهيَ العظيمةُ في الأُمَمِ
السَّيِّدةُ في البُلْدانِ صارَت تَحتَ الجزيةِ.
|
2: | تبكي بُكاءً في اللَّيلِ ودُموعُها على خدَّيها.
لا مُعَزّيَ لها مِنْ جميعِ مُحِبِّيها.
كُلُّ خُلاَنِها غَدَروا بِها وصاروا لها أعداءً.
|
3: | سُبِيَت يَهوذا مِنَ البُؤسِ وشِدَّةِ العُبوديَّةِ.
سكَنَت بَينَ الأمَمِ ولا تَجدُ راحةً.
يُحيطُ بِها أعداؤُها ولا مَهرَبَ لها.
|
4: | طريقُ صِهيونَ في نُواحِ لا أحدَ يحضَرُ أعيادَها.
جميعُ أبوابِها مَهجورَةٌ وكَهنَتُها يتنَهَّدونَ.
صبَاياها مُتَحسِّراتٌ وهيَ في مَرارةٍ.
|
5: | صارَ خُصومُها أسيادًا وأعداؤُها في ثراءٍ
الرّبُّ هوَ الذي أذَلَّها لِكَثرةِ مَعاصيها.
صِغارُها ساروا إلى السَّبْيِ أمامَ وجهِ العَدُوِّ.
|
6: | زالَ عَنْ بِنْتِ صِهيَونَ كُلُّ بَهائِها.
رُؤساؤُها كأَيائِلَ لا تَجدُ مَرعىً.
هرَبوا ولا قُوَّةَ لهُم أمامَ وجهِ الطَّارِدِ.
|
7: | أُورُشليمُ تتَذَكَّرُ الآنَ في أيّامِ بُؤْسِها وضَياعِها
جميعَ ما عزَ لَها مُنذُ أيّامِ القِدَمِ.
وقَعَت في يَدِ الخصمِ وما أنجدَها أحدٌ
خُصومُها نظَروا إليها فضَحِكوا على سُقوطِها.
|
8: | خطِئَت أُورُشليمُ كثيرًا، فصارَت كشيءٍ نَجسٍ.
جميعُ مُكْرِميها ازدَرَوها لأنَّهم رَأوا عَورَتَها.
أمَّا هيَ فتَنَهَّدَت وغَطَّت وجهَها خجلاً
|
9: | نَجاستُها عَلِقَت بِأَذيالِها، وما فكَّرَت في مَصيرِها.
سُقوطُها كانَ رهيبًا، ولا مُعَزِّيَ لها.
أُنظُرْ يا ربُّ إلى مذَلَّتي، لأنَّ العَدُوَ اَنتَصرَ.
|
10: | بَسَطَ العَدُوُّ يَدَهُ على كُلِّ عزيزٍ لها.
رَأتِ الأُمَمَ يَدخُلونَ إلى هَيكلِها المُقَدَّسِ،
وكُنتَ أَمَرتَ أنْ لا يَدخُلوا في مَجمعِ لكَ.
|
11: | كُلُّ شعبِها يَنوحونَ وهُم يَطلُبونَ طَعامًا.
يُقايضونَ ما عَزَ لهُم بما يَسُدُّ الرَّمَقَ.
أُنظُرْ يا ربُّ وتَأمَّلْ كم أنا ذَليلَةٌ.
|
12: | ويا عابِري الطَّريقِ، انظُروا أنتُم وتَأمَّلوا
هل مِنْ كآبةٍ ككَآبَتي، هذا الذي أصابَني
رَماني بهِ الرّبُّ في يومِ حِدَّةِ غضَبِهِ.
|
13: | مِنَ العَلاءِ أرسلَ نارًا إلى عِظامي فسَرَت فيها
مَدَ لِرِجلَيَ فَخا، فأَوقَعَني إلى الأرضِ.
جعلَني مَهجورةً عَليلَةً نهارًا وليلاً.
|
14: | شَدَ ذُنوبي نِيرًا، وبِيَدِهِ حَبكَها.
فثَقُلَت على عُنُقي وهَدَّت عَزيمَتي.
وضَعَ الرّبُّ عليَ الأيدي فلا أقوى على النُّهوضِ.
|
15: | أبطالُ شعبي جميعًا تَهَكَّمَ علَيهِم الرّبُّ.
دَعا عليَ جيشًا لِيُحَطِّمَ بهِ شُبَّاني،
وداسَ كما في مِعصرَةٍ على العذراءِ بِنْتِ يَهوذا.
|
16: | فها أنا أبكي ابتَعَدَ كثيرًا عنِّي.
بَنيَ فَقَدوا كُلَ شيءٍ والعَدُوُّ تَغلَّبَ عَليَ.
|
17: | بَسطَت صِهيَونُ يدَيها ولا مُعَزيَ لها.
أَمرَ الرّبُّ على بَني يَعقوبَ أعداءً مِنْ كُلِّ صَوبٍ،
فصارَت أُورُشليمُ بَينَهُم كشيءٍ كُلُّهُ نَجاسةٌ.
|
18: | الرّبُّ إلهٌ عادِلٌ، لَكِنِّي عصَيتُ أمرَهُ
إِسمَعوا يا جميعَ الشُّعوبِ وانظُروا إلى كآبَتي.
فِتياني وفَتَياتي ذهَبوا إلى السَّبْيِ.
|
19: | استَنجدتُ بِأحبَّائي فرَفَضوا نَجدَتي.
كَهنَتي وشُيوخي ماتوا في المدينةِ
وهُم يَطلبونَ طعامًا لِيَسُدُّوا رَمَقَهُم.
|
20: | انظُرْ يا رب إلى مِحنَتي. أحشائي امتَلأت مرارةً
وقلبي مُضطَرِبٌ في صَدْري لأنِّي تَمَرَّدتُ علَيكَ.
إنْ خرَجتُ قتَلَني السَّيفُ وبَقائي في البيتِ أشبَهُ بِالموتِ.
|
21: | سَمِعوا أنِّي أَنوحُ، فما عَزَّاني أحدٌ.
جميعُ أعدائي فَرِحوا لِنَكبَتي التي أنزَلْتَها بي.
أينَ يومٌ وعَدتَ بهِ، أنْ يَصيرَ أعدائي مِثلي.
|
22: | أحضِرْ كُلَ شَرِّهِم أمامَكَ وافعَلْ بهِم كما فعَلتَ بي.
جزاءَ جميعِ ذُنوبي نُواحي طالَ فقلبي عَليلٌ.
|
|
الفصل : 2 |
عقاب أورشليم
1: | كَيفَ غَطَّى غضَبُ الرّبِّ بِنْتَ صِهيَونَ بِالظَّلامِ،
ورَمى مِنَ السَّماءِ إلى الأرضِ بِأمجادِ إِسرائيلَ.
فلم يَذكُرْ مَوطِئَ قدَمَيهِ في يومِ غضَبِهِ.
|
2: | أفنَى الرّبُّ بِلا شَفقَةٍ، مساكنَ بَني يَعقوبَ،
وفي غيظِهِ دَكَّ إلى الأرضِ حُصونَ بَيتِ يَهوذا.
وعلى المَملَكةِ ورُؤسائِها أنزَلَ الرّبُّ لَعنَتَهُ.
|
3: | حَطَّمَ في حِدَّةِ غضَبِهِ ما لإسرائيلَ مِنْ قُوَّةٍ.
رَدَ يَمينَهُ إلى الوَراءِ مِنْ مُجابَهةِ العَدُوِّ.
وأشعَلَ في بَني يَعقوبَ نارًا مُلتَهِبةً أكَلَت ما حَولَها.
|
4: | شَدَ قَوسَهُ كعَدُوٍّ وسَدَّدَ بِيَمينِهِ سِهامَهُ،
وأتلَفَ كُلَ شيءٍ لنا تَشتَهيهِ العُيونُ.
وفي مساكِنِ بِنْتِ صِهيَونَ صَبَ غَيظَهُ كالنَّارِ.
|
5: | صارَ الرّبُّ كَعَدُوٍّ وسَحَقَ إِسرائيلَ سَحْقًا
جميعُ قُصورِها دَمَّرَها وخرَّبَ لها حُصونَها.
وفي بَيْتِ يَهوذا أكثرَ النُّواحَ والأنينَ
|
6: | أزالَ سياج جنَّتِهِ وقَوَّضَ دَعائِمَ هَيكلِهِ.
أنسَى الرّبُّ شعبَهُ العيدَ والسَّبتَ في صِهيَونَ،
ونَبَذَ المَلِكَ والكاهنَ في حِدَّةِ غَيظِهِ؟
|
7: | سَئِمَ الرّبُّ مذبَحَهُ وتخلَّى عَنْ بَيتِهِ المُقَدَّسِ.
سَلَّمَ أسوارَ قُصورِها إلى يَدِ العَدُوِّ.
فهَتَفوا في بَيتِ الرّبِّ كما في يومِ عيدٍ.
|
8: | قَصَدَ الرّبُّ أنْ يُدَمِّرَ أسوارَ بِنتِ صِهيَونَ.
مَدَ الخيطَ وما رَدَ يَدَهُ عَنْ أنْ يَمحَقَها مَحْقًا
فأبكى الأبراج والحُصونَ حتى ذَبُلَت جميعًا.
|
9: | غاصَت في الأرضِ أبوابُها. دَمَّرَ وحطَّمَ أقفالَها.
مَلِكُها ورُؤساؤُها في الغُربَةِ ولا شَريعةَ هُناكَ.
حتى أنبياؤُها لا يَرَونَ رُؤيا مِنْ عِندِ الرّبِّ.
|
10: | شُيوخُ بِنْتِ صِهيَونَ يَقعُدونَ على الأرضِ صامِتينَ.
ألقَوا رَمادًا على رُؤوسِهِم واتَّزَروا بِالمُسوحِ،
وعذارَى أُورُشليمَ يَحْنِينَ رُؤوسَهُنَّ إلى الأرضِ.
|
11: | كَلَّت مِنَ الدُّمُوعِ عينايَ وأحشائي امتَلأت مَرارَةً.
كَبِدي اَنسَكَبَت على الأرضِ لِخرابِ بِنْتِ شعبي.
الأطفالُ أُغمِيَ علَيهِم في ساحاتِ المدينةِ.
|
12: | يَقولونَ لأمَّهاتِهِم: ((أينَ الخبزُ والماءُ؟))
أُغمِيَ علَيهِم كالجرحَى في ساحاتِ المدينةِ،
أو فاضَت أرواحُهُم في أحضانِ أُمَّهاتِهِم.
|
13: | بِماذا أصِفُكِ وأُشَبِّهُكِ يا بِنْتَ أُورُشليمَ؟
مَنْ يُنَجيكِ ويُعَزِّيكِ، يا عذراءُ بِنتُ صِهيَونَ؟
خرابُكِ كالبحرِ لا حَدَ لَه، فمَنِ الذي يَشفيكِ؟
|
14: | أنبياؤُكِ رَأَوا لَكِ رُؤَى الكَذِبِ والباطِلِ.
وكَشَفوا عَنْ إثْمِكِ لَيَرُدُّوا عَنكِ سَبْيَكِ.
كانَت رُؤاهُم عَبَثًا وأكاذِيبَ وأوهامًا.
|
15: | يُصَفِّقُ علَيكِ بِالكفَّينِ هُزْءًا جميعُ العابِرينَ.
يُصَفِّرونَ ويَهُزُّونَ رُؤُوسَهُم على بِنْتِ أُورُشليمَ.
أَهذِهِ أجمَلُ المَدائِنِ وبَهجةُ الأرضِ كُلِّها؟
|
16: | جميعُ أعدائِكِ يَفتَحونَ أفواهَهُم علَيكِ تَهَكُّمًا.
يَصفِرونَ ويَقلِبونَ شِفاهَهُم! ويقولونَ: ((ابتَلَعناها!
هذا يومٌ كَمِ انتَظَرناهُ، والآنَ نَلمَسُهُ ونَراهُ)).
|
17: | فعَلَ الرّبُّ ما قَصَدَهُ وتمَّمَ ما أوعَدَ بهِ
مُنذُ قديمِ الزَّمانِ. هدَمَ بِغَيرِ شَفقَةٍ،
فأشمَتَ بِكِ العَدُوَّ وأعلى شأنَ خُصومِكِ.
|
18: | اصرخي عاليًا إلى الرّبِّ، يا أسوارَ بِنْتِ صِهيَونَ
أَسيلي دُموعَكِ كالنَّهرِ نهارًا وليلاً.
لا تُعطي نفْسَكِ راحةً. ولا تُغمِضي حَدَقَةَ عينَيكِ.
|
19: | قومي رَنِّمي في اللَّيلِ، في ساعاتِ الظَّلامِ الأُولَى
أسكُبي قلبَكِ كالماءِ قُبالَةَ وجهِ الرّبِّ.
إرفَعي إليهِ كَفَّيكِ وتَضَرَّعي لِحَياةِ أطفالِكِ.
أُغميَ علَيهِم مِنَ الجوعِ في رأسِ كُلِّ شارعِ.
|
20: | أُنظُرْ يا ربُّ وتأمَّلْ! هل فعَلتَ بِأحدٍ هكذا؟
أتأكُلُ الأُمَّهاتُ ثَمَرتَهُنَّ: أطفالَهُنَّ الذينَ حَضَنَّهُم؟
أيُقتَلُ الكاهنُ والنَّبيُّ في بَيتِ مَقْدِسِكَ؟
|
21: | انطَرَحَ الصَّبيُّ والشَّيخُ على الأرضِ في الشَّوارِعِ،
فتَياتي وفِتْياني جميعًا سَقَطوا بِحَدِّ السَّيفِ
قَتَلْتَ في يومِ غضَبِكَ، وذَبَحْتَ بِغَيرِ شَفقَةٍ.
|
22: | دَعَوتُ الرّبَّ مِنْ كُلِّ صَوبٍ كما في يومِ عيدٍ.
في يومِ غضَبِكَ مَنْ يَنجو؟ مَنْ يَبقَى على قَيدِ الحياةِ؟
الذينَ حَضَنتَهُم ورَبَّيتَهُم أفناهُم عَدُوِّي.
|
|
الفصل : 3 |
توبة ورجاء
1: | أنا رَجلٌ رَأى البُؤسَ تَحتَ عصا غضَبِهِ.
|
2: | قادَني وأدخلَني ظُلمَةً لم يَكُنْ فيها نُورٌ.
|
3: | يَمُدُّ يَدَهُ عليَّ ويُعيدُها نهارًا وليلاً.
|
4: | أتلَفَ لَحمي وجلْدي وهَشَّمَ لي عِظامي.
|
5: | حاصَرَني وأَحاطَني بِمَرارةٍ ومَشَقَّةٍ.
|
6: | أسكَنَني في الظُّلُماتِ كالموتى مِنْ قديمِ.
|
7: | حبَسَني لِئلاَ أخرُج وأثقَلَ قَيدي عليَ.
|
8: | أصرُخُ وأستَغيثُ فيَصُدُّ صلاتي.
|
9: | سَدَ طُرُقي بِالحِجارةِ وعَوَّج مسالِكِي.
|
10: | يَكمُنُ لي كالدُّبِّ ويَختَبِئْ كالأسدِ
|
11: | أضَلَ طُرُقي ومَزَّقَني وجعَلني وَحيدًا
|
12: | شَدَ قَوسَهُ ونَصَبَني هَدَفًا لِسَهْمِهِ.
|
13: | خرَقَ كُليَتَيَ خرْقًا بِسِهامِ جعبَتِهِ.
|
14: | صِرْتُ ضُحكَةً لِلشُّعوبِ وأُغنيَةً نهارًا وليلاً
|
15: | جرَّعَني مراراتٍ وأَرواني عَلْقَمًا.
|
16: | هشَّمَ بِالحَصَى أسناني ومَرَّغَني في الرَّمادِ
|
17: | بَعُدْتُ عَنِ السَّلامةِ ونَسِيتُ طَعْمَ الهَناءِ.
|
18: | فأقولُ: ((زالَ عُنفواني ورَجائي في الرّبِّ.
|
19: | ذِكْرُ بُؤسي وضَياعي مَرارةٌ لي وعَلقَمٌ.
|
20: | طالما تَذْكُرُ نفْسي. فتَنحَني في داخلي
|
21: | وأُرَدِّدُ هذا في قلبي فأَستَعيدُ رَجائي.
|
22: | رَأْفةُ الرّبِّ لا تَنقَطِعُ ومَراحِمُهُ أبدًا لا تَزولُ.
|
23: | هيَ جديدةٌ كُلَ صباحِ، فما أَعظمَ أمانَتَكَ!
|
24: | الرّبُّ حَظِّي فأرجوهُ هكذا قالَت نفْسي.
|
25: | الرّبُّ صالِحٌ لِمَنْ يَنتَظِرُهُ، لِلنَّفسِ التي تَشتاقُهُ
|
26: | خيرٌ أنْ يَنتَظِرَ الإنسانُ خلاصَ الرّبِّ بِارتياحِ،
|
27: | وخيرٌ لَه أنْ يَحمِلَ نِيرَهُ مُنذُ صِباهُ.
|
28: | يجلِسُ وحدَهُ ويَسكُتُ عِندَما يَضَعُ نيرَهُ علَيهِ.
|
29: | يَنحَني بِفَمِهِ على التُّرابِ آمِلاً أنْ يَجدَ الرَّجاءَ.
|
30: | يُعطي خدَّهُ لِمَنْ يَلطُمُهُ، ويَقبَلُ أنْ يَشبَعَ تَعييرًا.
|
31: | الرّبُّ لا يَتَخلَّى دائِمًا إلى الأبدِ.
|
32: | فهوَ ولَو عاقَبَ يَحنو بِحسَبِ كَثرةِ رَأْفَتِهِ.
|
33: | لأنَّهُ مِنْ كُلِّ قلبِهِ لا يُذِلُّ ولا يُعَذِّبُ بَني البشَرِ.
|
34: | إذا انسَحَقَ تَحتَ الأرجلِ جميعُ أسرَى الأرضِ،
|
35: | أو حَرَّفَ أحدٌ حَقَّهُ أمامَ وجهِ العَليِّ،
|
36: | أو حُكِمَ علَيهِ ظُلْمًا، أفَمَا يَرى الرّبُّ؟
|
37: | مَنِ الذي قالَ فكانَ مِنْ دُونِ أنْ يَأمُرَ الرّبُّ؟
|
38: | أمَا مِنْ فَمِ العَليِّ يَخرُج الشَّرُّ والخيرُ؟
|
39: | فلِماذا يتَذَمَّرُ الأحياءُ إذا عُوقِبوا على خطيئةٍ؟
|
40: | لِنَمْتَحِنْ طُرُقَنا ونَختَبِرْها ونَرجعْ إلى الرّبِّ.
|
41: | لِنَرفَعْ قلوبَنا وأَكُفَّنا إلى اللهِ في السَّماواتِ.
|
42: | نحنُ عَصِينا وتَمَرَّدْنا، وأنتَ يا ربُّ ما غفَرتَ.
|
43: | تَسَتَّرتَ بِالغضَبِ وطَردتَنا. قتَلتَنا بِغَيرِ شَفقَةٍ.
|
44: | سُتِرْتَ بِسحابةٍ كثيفةٍ لِئلاَ تسمعَ الصَّلاةَ،
|
45: | جعَلتَنا أوساخا وأقذارًا بَينَ جميعِ الشُّعوبِ.
|
46: | أعدَاؤُنا جميعًا فتَحوا أفواهَهُم علَينا هُزءًا
|
47: | حَلَ بِنا الرُّعبُ والهَلاكُ وحَلَ الدَّمارُ والخرابُ
|
48: | عينايَ تَسيلانِ أنهارَ دُموعِ على اَنْسِحاقِ بِنْتِ شعبي.
|
49: | عينايَ تَدمَعانِ بِلا انْقِطاعِ ولا راحةَ لي
|
50: | إلى أنْ يُشرِفَ الرّبُّ ويَنظُرَ مِنَ السَّماءِ.
|
51: | عيناي تقَرَّحَتا مِنَ البُكاءِ على بَناتِ مدينتي.
|
52: | إصطادَني أعدائي كعُصفورٍ وأَبغَضوني بِغيرِ سَبَبٍ.
|
53: | طَرَحوني حَيُا في الجبِّ ودَحرَجوا عليَ حجرًا.
|
54: | فاضَتِ المياهُ فَوقَ رَأسي، وقُلتُ في نفْسي: ((هَلَكتُ)).
|
55: | دَعَوتُ بِاسمِكَ يا ربُّ مِنْ أعماقِ الجبِّ،
|
56: | إسمَعْ ولا تَحجبْ أُذُنَكَ عَنْ نِداءِ استِغاثَتي.
|
57: | إقتَرِبْ يومَ أدعوكَ وقُلْ لي: ((لا تَخفْ)).
|
58: | خاصَمتَ معي يا رَبُّ وافتَدَيتَ حياتي.
|
59: | رَأيت يا ربُّ ظَلامَتي، فاحْكُمْ بِإِنْصافي.
|
60: | رأيتَ اَنْتِقامَهُم كُلَّهُ وجميعَ نيَّاتِهِم عليَ.
|
61: | سَمِعتَ تَعييرَهُم يا ربُّ، وجميعَ نيَّاتِهِم عليَّ
|
62: | كلامُ المُعتَدينَ وأفكارُهُم عليَ نهارًا وليلاً
|
63: | في قُعودِهِم وفي قيامِهِم تَراني أُغنيَةً لهُم.
|
64: | جازِهِم شَرُا يا رَبُّ بِحسَبِ أعمالِ أيديهِم.
|
65: | إِجعَلْ على قلوبِهِم غَشاوةً وأَنزِلْ بِهِم لَعنَتَكَ.
|
66: | أُطرُدْهُم بِغضَبِكَ وأَبِدْهُم مِنْ تَحتِ سَماواتِكَ يا ربُّ.
|
|
الفصل : 4 |
أورشليم بعد سقوطها
1: | كَيفَ اَغْبَرَ الذَّهَبُ وتغَيَّرَ النُضارُ الخالِصُ
وانهالَتِ الحِجارة المُقَدَّسَةُ في رأسِ كُلِّ شارعِ.
|
2: | بَنو صِهيَونَ الكِرامُ، وهُمُ المَوزونونَ بِالإبريزِ،
كَيفَ يُحسَبونَ آنيةً صنَعَتْها يَدَا خزَّافٍ!
|
3: | حتى بناتُ آوى تُعطي ثَدْيَها لِصِغارِها.
أمَّا بِنْتُ شعبي فقاسيةٌ مِثلَ النَّعامِ في البرِّيَّةِ.
|
4: | يَلصَقُ لِسانُ الرَّضيعِ بِحَنَكِهِ مِنَ العَطَشِ.
والأطفالُ يَطلُبونَ خُبزًا ولا مَنْ يُعطيهِم كِسْرةً.
|
5: | الذينَ يأكُلونَ الطَّيِّباتِ ماتوا جوعًا في الطُّرُقاتِ
والذينَ تَرَبَّوا في الحَريرِ يَنبُشونَ الطَّعامَ في المَزابِلِ.
|
6: | عِقابُ بِنْتِ شعبي أينَ مِنهُ عِقابُ سَدومَ،
تِلكَ التي انهَدَمَت في لَحظَةٍ على يَدِ اللهِ.
|
7: | كانَ شُبَّانُها أنقَى مِنَ الثَّلج وأكثرَ بَياضًا مِنَ اللَّبَنِ
وأزهى أجسامًا مِنَ المَرجانِ، ولونُ بَشَرَتِهِم كاللاّزَوَرْدِ.
|
8: | وجوهُهُمُ اَسوَدَّت أكثرَ مِنَ السَّوادِ فلا يُعرَفونَ في الشَّوارعِ.
جلودُهُم لَصِقَت بِعِظامِهِم ويَبِسَت كالخشَبِ.
|
9: | كانَ القَتْلَى بِالسَّيفِ فيها خيرًا مِنَ القَتْلَى بِالجوعِ.
أُولَئِكَ ماتوا بِطَعنَةٍ مِنْ فُقدانِ ثِمارِ الحقلِ.
|
10: | حتى النِّساءُ الحنوناتُ طَبَخنَ أولادَهُنَّ،
فكانوا لهُنَّ طَعامًا في نَكبةِ بِنْتِ شعبي.
|
11: | حقَّقَ الرّبُّ غَيظَهُ وصَبَ حِدَّةَ غضَبِهِ
فأشعَلَ نارًا في صِهيَونَ أَكَلَت أُسُسَها.
|
12: | مُلوكُ الأرضِ لم يُصَدِّقوا ولا سُكَّانُ العالَمِ
أنَّ الطُّغاةَ والأعداءَ يَدخلونَ أبوابَ أُورُشليمَ.
|
13: | فأنبياؤُها خطِئوا وكَهَنَتُها ارتكَبوا الآثامَ،
سَفكوا دَمَ الأبرارِ في وسَطِ المدينةِ
|
14: | تاهوا كالعُميانِ في الشَّوارعِ وتَلَطَّخوا تَلطيخا بِالدَّمِ،
فلم يَتحَمَّلْ أحدٌ أنْ يَلمسَ مَلابِسَهُ.
|
15: | نادوهُم: ((حِيدوا أيُّها الأنجاسُ! حِيدوا، حِيدوا لا تَلمسوا)).
فهَرَبوا وتاهوا بَينَ الأمَمِ، حَيثُ لم يُسكِنْهُم أحدٌ.
|
16: | وجهُ الرّبِّ شَتَّتَهُم ولا يَعودُ يَنظُرُ إليهِم.
فلا إكرامَ لِلكَهنَةِ ولا رَأْفةَ بِالشُّيوخ.
|
17: | كَلَّت عيونُنا عَبَثًا مِنِ اَنتِظارِ العَونِ،
مِنْ أَبراجنا تَرَقَّبْنا نَجدةَ أُمَّةٍ لا تُنجدُ.
|
18: | أعداؤُنا تَرَصَّدوا خطَواتِنا لِئلاَ نَسيرَ في شوارِعِنا.
اقتَرَبَت عاقِبَتُنا وتَمَّت أيّامُنا لأنَّ أجلَنا وافى.
|
19: | كانَ الذينَ طارَدونا أَخفَ مِنْ نُسورِ السَّماءِ
تَتَبَّعوا خطَواتِنا على الجبالِ وكَمَنوا لنا في البرِّيَّةِ.
|
20: | مَلِكُنا الذي اختارَهُ الرّبُّ، أوقَعوهُ في حَبائِلِهِم
وهوَ الذي قُلنا: ((في ظِلِّهِ نَحيا بَينَ الأمَمِ)).
|
21: | إبتَهجي وافرَحي يا بِنْتَ أَدومَ، أيَّتُها السَّاكِنَةُ في أرضِ عُوصَ.
علَيكِ أيضًا سَتَمُرُّ الكأسُ فتَسكَرينَ وتُظهِرينَ عُريَكِ.
|
22: | زالَ إثْمُكِ يا بِنْتَ صِهيَونَ، فلا يعودُ يَسبيكِ الرّبُّ.
لكِنَّهُ يُعاقِبُ إثْمَكِ يا بِنْتَ أَدومَ ويكشِفُ عَنْ خطاياكِ.
|
|
الفصل : 5 |
طلب الرحمة
1: | أُذكُرْ يا ربُّ ما أصابَنا تطَلَّعْ وانظُرْ عارَنا
|
2: | تَحوَّلَت أرضُنا إلى الغُرَباءِ وبيوتُنا إلى الأجانِبِ.
|
3: | صِرْنا يَتامى لا أبَ لنا، وأُمَّهاتُنا أَرامِلَ.
|
4: | بِالمالِ نشربُ ماءَنا وندفعُ ثمَنَ حطَبِنا.
|
5: | بِالنِّيرِ على أعناقِنا نُساقُ. نَتعَبُ ولا نُعطى راحةً.
|
6: | إلى مِصْرَ مدَدْنا اليَدَ، وإلى أشُّورَ لِنَشبَعَ خُبزًا.
|
7: | آباؤُنا خطِئوا وزالوا ونحنُ نَحمِلُ آثامَهُم.
|
8: | عبيدٌ تَسَلَّطُوا علَينا، ولا أحدَ يُنقِذُنا مِنهُم.
|
9: | بِأرواحِنا نكتَسِبُ خُبزَنا، لأنَّ السَّيفَ في البرِّيَّةِ.
|
10: | جلْدُنا مُحتَرِقٌ كالتَّنُّورِ مِنْ شِدَّةِ حرارةِ الرِّيحِ.
|
11: | يَغتَصِبونَ النِّساءَ في صِهيَونَ، والعذارى في مُدُنِ يَهوذا.
|
12: | بِأَيديهِم يَشنُقونَ الرُّؤساءَ ولا يَحتَرِمونَ وُجوهَ الشُّيوخ.
|
13: | أرهَقوا الشُّبَّانَ بِالطَّحْنِ، والصِّبيانَ رَزَحوا تَحتَ الخشَبِ.
|
14: | إنصرَفَ الشُّيوخُ عَنْ بابِ المدينةِ، والشُّبَّانُ عَنْ أَغانيهِم.
|
15: | إنقَطعَ السُّرورُ مِنْ قلوبِنا وانقَلبَ رَقصُنا مَناحةً.
|
16: | سَقطَ التَّاج عَنْ رأْسِنا ويل لنا لأنَّنا خطِئْنا.
|
17: | لذلِكَ اغتَمَّت قلوبُنا وأظلَمَت مِنَّا العُيونُ.
|
18: | وها جبَلُ صِهيَونَ مُقفِرٌ والثَّعالِبُ تَتَجوَّلُ فيهِ.
|
19: | أنتَ يا ربُّ باقٍ وعرشُكَ ثابِتٌ مدَى الأجيالِ.
|
20: | لِماذا تَنسانا على الدَّوامِ وتَخذُلُنا طُولَ الأيّامِ.
|
21: | أعِدْنا إليكَ فنَعودَ، وجدِّدْ أيّامَنا كالقديمِ.
|
22: | وإلاَ تكونُ نَبَذتَنا نَبْذًا وغَضِبتَ علَينا كُلَ الغضَبِ.
|