كلمة الله بابنه
1: | كلَّمَ اللهُ آباءَنا مِنْ قَديمِ الزَّمانِ بِلِسانِ الأنبياءِ مَرّاتٍ كَثيرةً وبِمُختَلفِ الوَسائِلِ، |
2: | ولكنَّهُ في هذِهِ الأيّامِ الأخيرَةِ كَلَّمَنا بابنِهِ الّذي جَعَلَهُ وارِثًا لِكُلِّ شيءٍ وبِه خلَقَ العالَمَ. |
3: | هُوَ بَهاءُ مَجدِ اللهِ وصُورَةُ جَوهَرِهِ، يَحفَظُ الكَونَ بِقُوَّةِ كلِمَتِهِ. ولمَّا طَهَّرَنا مِنْ خَطايانا جَلَسَ عَنْ يَمينِ إلَهِ المَجدِ في العُلى، |
4: | فكانَ أعظمَ مِنَ المَلائكَةِ بمِقدارِ ما وَرِثَ اسمًا أعظَمَ مِنْ أسمائِهِم. |
5: | فَلِمَن مِنَ المَلائِكَةِ قالَ اللهُ يومًا: ((أنتَ ابني وأنا اليَومَ ولَدتُكَ؟)) وقالَ أيضًا: ((سأكونُ لهُ أبًا ويكونُ لي ابنًا)).
|
6: | وعِندَما أرسَلَ ابنَهُ البِكرَ إلى العالَمِ قالَ أيضًا: ((لِتَسجُدْ لهُ كُلُّ ملائكَةِ اللهِ)). |
7: | وفي المَلائكَةِ قالَ اللهُ: ((جعَلَ مِنْ مَلائكتِهِ رياحًا ومِنْ خدَمِهِ لَهيبَ نارٍ)). |
8: | أمَّا في الابنِ فقالَ: ((عَرشُكَ يا اللهُ ثابِتٌ إلى أبَدِ الدُّهورِ، وصَولَجانُ العَدلِ صَولَجانُ مُلكِكَ. |
9: | تُحِبُّ الحقَّ وتُبِغضُ الباطِلَ، لذلِكَ مسَحَكَ اللهُ إلهُكَ بزَيتِ البَهجَةِ دونَ رفاقِكَ)). |
10: | وقالَ أيضًا: ((أنتَ يا ربُّ أسَّسْتَ الأرضَ في البَدءِ، وبيَدَيكَ صنَعتَ السَّماواتِ، |
11: | هيَ تَزولُ وأنتَ تَبقى، وكُلُّها كالثَّوبِ تَبلى. |
12: | تَطويها طَيَّ الرِّداءِ فتَتَغيَّرُ، وأنتَ أنتَ لا تَنتَهي أيَّامُكَ)). |
13: | ولِمَنْ مِنَ المَلائكةِ قالَ اللهُ يومًا: ((إجلِسْ عَنْ يميني حتّى أجعَلَ أعداءَكَ مَوطِئًا لِقدَمَيْك؟)) |
14: | أما هُم كُلُّهُم أرواحٌ في خدمَةِ اللهِ يُرسِلُهُم مِنْ أجلِ الّذينَ يَرِثونَ الخَلاصَ.
|
|
الفصل : 2 |
الخلاص العظيم
1: | لذلِكَ يَجبُ أنْ نتَمَسَّكَ جيِّدًا بالتَّعاليمِ الّتي سَمِعناها لِئلاّ نَضِلَّ. |
2: | فالكلامُ الّذي جاءَنا على لِسانِ المَلائكَةِ ثبَتَ صِدقُهُ، فنالَ كُلُّ مَنْ خالَفَهُ أو عَصاهُ جَزاءَهُ العادِلَ. |
3: | فكيفَ نَنجو نَحنُ إذا أهمَلْنا مِثلَ هذا الخَلاصِ العَظيمِ؟ أعلَنَهُ الرَّبُّ نَفسُهُ أوَّلاً، وأثبَتَهُ لنا الّذينَ سَمِعوهُ، |
4: | وأيَّدَ اللهُ شَهاداتِهِم بآياتٍ وعَجائِبَ ومُعجِزاتٍ مُختَلِفَةٍ، وبهِباتِ الرُّوحِ القُدُسِ يُوَزِّعُها كما يَشاءُ.
|
قائدنا المسيح |
5: | والله ما أخضَعَ لِلمَلائكَةِ العالَمَ المُقبِلَ الّذي نَتكَلَّمُ علَيهِ، |
6: | فشَهِدَ بَعضُهُم في مكانٍ مِنَ الكُتُبِ المُقَدَّسَةِ: ((ما هوَ الإنسانُ يا اللهُ حتّى تَذكُرَه؟ وما هوَ ابنُ آدَمَ حتّى تَفتقدَه؟ |
7: | نقَّصتَهُ حينًا عنِ المَلائكَةِ، وكَلَّلتَهُ بالمَجدِ والكَرامَةِ، |
8: | وأخضَعتَ كُلَّ شيءٍ تَحتَ قَدمَيهِ )) .
فإذا كانَ اللهُ أخضَعَ لَه كُلَّ شيءٍ فلا يكونُ تَرَكَ شيئًا غَيرَ خاضِعٍ لَه. ولكنَّنا لا نَرى الآنَ أنَّ كُلَّ شيءٍ أُخضِعَ لَه. |
9: | ولكنَ ذاكَ الّذي جعَلَهُ اللهُ حينًا دونَ المَلائِكَةِ، أَعني يَسوعَ، نَراهُ مُكَلَّلاً بِالمَجدِ والكرامَةِ لأنَّهُ احتَمَلَ ألَمَ المَوتِ، وكانَ علَيهِ أنْ يَذوقَ المَوتَ بنِعمَةِ اللهِ لِخَيرِ كُلِّ إنسانٍ.
|
10: | نعم، كانَ مِنَ الخَيرِ أنَّ اللهَ الّذي مِنْ أجلِهِ كُلُّ شيءٍ وبِه كُلُّ شيءٍ، حينَ أرادَ أنْ يَهديَ إلى المَجدِ كثيرًا مِنَ الأبناءِ، جعَلَ قائِدَهُم إلى الخَلاصِ كامِلاً بالآلامِ، |
11: | لأنَّ الّذي يُقدِّسُ والّذينَ تَقَدَّسوا لهُم أصْلٌ واحدٌ، فلا يَستَحي أنْ يَدعُوَهُم إخوَةً، |
12: | فيَقولُ: ((سأُبشِّرُ بِاسمِكَ إخوَتي وأُسَبِّحُكَ في الجَماعَةِ)). |
13: | ويَقولُ أيضًا: ((على اللهِ اتِّكالي))، وأيضًا: ((ها أنا معَ الأبناءِ الّذينَ وهَبَهُمُ اللهُ لي)).
|
14: | ولمَّا كانَ الأبناءُ شُركاءَ في اللَّحمِ والدَّمِ، شاركَهُم يَسوعُ كذلِكَ في طَبيعتِهِم هذِهِ لِيَقضيَ بِمَوتِهِ على الّذي في يدِهِ سُلطانُ المَوتِ، أي إبليسَ، |
15: | ويُحَرِّرَ الّذينَ كانوا طَوالَ حَياتِهِم في العُبودِيَّةِ خَوفًا مِنَ المَوتِ. |
16: | جاءَ لا ليُساعِدَ المَلائكَةَ، بَلْ ليُساعِدَ نَسلَ إبراهيمَ. |
17: | فكانَ علَيهِ أنْ يُشابِهَ إخوتَهُ في كُلِّ شيءٍ، حتَّى يكونَ رئيسَ كهنةٍ، رَحيمًا أمينًا في خِدمَةِ اللهِ، فيُكَفِّرَ عَنْ خَطايا الشَّعبِ، |
18: | لأنَّهُ هوَ نَفسُهُ تألَّمَ بِالتَّجرِبَةِ، فأمكنَهُ أنْ يُعينَ المُجَرَّبينَ.
|
|
الفصل : 3 |
يسوع أعظم من موسى
1: | فيا إخوَتي القِدِّيسينَ المُشتَرِكينَ في دَعوَةِ اللهِ، تأمَّلوا يَسوعَ رَسولَ إيمانِنا ورَئيسَ كَهنَتِهِ،
|
2: | فهوَ أمينٌ للَّذي اخْتارَهُ، كما كانَ موسى أمينًا لِبَيتِ اللهِ أجمَعَ. |
3: | ولكنَّ يَسوعَ كانَ أهلاً لِمَجدٍ يَفوقُ مَجدَ موسى بِمِقدارِ ما لِباني البَيتِ مِنْ كرامَةٍ تَفوقُ كرامَةَ البَيتِ. |
4: | فكُلُّ بَيتٍ لَه مَنْ يَبنيهِ، وباني كُلِّ شيءٍ هوَ اللهُ. |
5: | وكانَ موسى أمينًا لِبَيتِ اللهِ أجمعَ لِكونِهِ خادِمًا يَشهَدُ على ما سيُعلِنُهُ اللهُ. |
6: | أمَّا المَسيحُ، فهوَ أمينٌ لِبَيتِ اللهِ لِكَونِهِ ابنَ اللهِ، ونَحنُ بَيتُهُ، إنْ تَمَسَّكنا بِالثِّقَةِ والفَخرِ بِما لنا مِنْ رَجاءٍ.
|
الدخول في راحة الله |
7: | لذلِكَ، كما يَقولُ الرُّوحُ القُدُسُ: ((اليومَ، إذا سَمِعتُم صوتَ اللهِ، |
8: | فلا تُقَسُّوا قُلوبَكُم كما فَعَلتُم يومَ العِصيانِ، يومَ التَّجرِبَةِ في الصَّحراءِ، |
9: | حَيثُ جَرَّبَني آباؤُكُم وامتَحنوني ورَأَوْا أعمالي مُدَّةَ أربَعينَ سنَةً. |
10: | لذلِكَ غَضِبتُ على ذلِكَ الجِيلِ وقُلتُ: قُلوبُهُم بَقِيَتْ في الضَّلالِ وما عَرَفوا طُرُقي، |
11: | فأَقسَمتُ في غَضَبي أنْ لا يَدخُلوا في راحَتي)).
|
12: | فانتَبِهوا، أيُّها الإخوَةُ، أنْ لا يكونَ بَينَكُم مَنْ لَه قَلبٌ شرِّيرٌ غَيرُ مُؤمِنٍ فيَرتَدَّ عَنِ اللهِ الحَيِّ، |
13: | بَلْ لِيُشَجِّعْ بَعضُكُم بَعضًا كُلَّ يومٍ، ما دامَت لكُم كَلِمَةُ ((اليومِ)) الّتي في الكِتابِ، لِئَلاَّ تُغريَ الخَطيئةُ أحَدكُم فيَقسوَ قلبُه. |
14: | فنَحنُ كُلَّنا شُركاءُ المَسيحِ إذا تَمَسَّكنا إلى المُنتَهى بِالثِّقَةِ الّتي كانَت لنا في البَدءِ. |
15: | فالكِتابُ يَقولُ: ((اليومَ، إذا سَمِعتُم صوتَ اللهِ فلا تُقَسُّوا قُلوبكُم كما فَعَلتُم يومَ العِصيانِ)).
|
16: | فمَنْ هُمُ الّذينَ تَمَرَّدوا علَيهِ بَعدَما سَمِعوا صَوتَهُ؟ أمَا هُم جميعُ الّذينَ خَرَجَ بِهِم موسى مِنْ مِصْرَ؟ |
17: | وعلى مَنْ غَضِبَ اللهُ مُدَّةَ أربعينَ سنَةً؟ أما كانَ على الّذينَ خَطِئوا فسَقَطَتْ جُثَثُهُم في الصَّحراءِ؟ |
18: | ولمِنْ أقسَمَ اللهُ ((أنْ لا يَدخُلوا في راحَتي؟)) أمَا كانَ لِلمُتَمَرِّدينَ علَيهِ؟ |
19: | ونَرى أنَّهُم ما قَدِروا على الدُّخولِ لِقِلَّةِ إيمانِهِم.
|
|
الفصل : 4 |
1: | فَما دامَ لنا وَعدُ الدُّخولِ في راحَةِ اللهِ، فعَلَينا أنْ نَخافَ مِنْ أنْ يَحسُبَ أحَدٌ نَفسَهُ مُتَأَخِّرًا.
|
2: | سَمِعنا البِشارَةَ كما سَمِعوها هُم، ولكنَّهُم ما انتَفَعوا بِالكلامِ الّذي سَمِعوهُ لأنَّهُ كانَ غَيرَ مُمتَزِجٍ عِندَهُم بالإيمانِ. |
3: | أمَّا نَحنُ المُؤْمِنينَ فنَدخُلُ في راحَةِ اللهِ. فهوَ الّذي قالَ: ((أقسَمتُ في غَضَبي أنْ لا يَدخُلوا في راحَتي))، معَ أنَّ عمَلَهُ تَمَّ مُنذُ إنشاءِ العالَمِ. |
4: | وقالَ في الكلامِ على اليومِ السّابِعِ: ((واستَراحَ اللهُ في اليومِ السّابِعِ مِنْ جميعِ أعمالِهِ)). |
5: | وقالَ أيضًا: ((لنْ يَدخُلوا في راحَتي)). |
6: | وإذا كانَ الّذينَ سَمِعوا البِشارَةَ أوَّلاً ما دخَلوا في راحَةِ اللهِ لِعصيانِهِم، فإنَّهُ بَقِيَ لآخرينَ أنْ يَدخُلوا فيها. |
7: | لذلِكَ عادَ اللهُ إلى تَوقيتِ يومٍ هوَ ((اليومُ)) في قَولِهِ بِلِسانِ داودَ، بَعدَ زمَنٍ طويلٍ، ما سَبَقَ ذِكرُهُ وهوَ: ((اليومَ، إذا سَمِعتُم صَوتَ اللهِ فلا تُقَسُّوا قُلوبَكُم)). |
8: | فلَو كانَ يَشوعُ أدخَلَهُم في راحَةِ اللهِ، لمَا ذكَرَ اللهُ فيما بَعدُ يومًا آخَرَ. |
9: | فبَقِيَت، إذًا، لِشَعبِ اللهِ راحَةٌ مِثلُ راحَةِ اللهِ في اليومِ السّابِعِ، |
10: | لأنَّ مَنْ دخَلَ في راحَةِ اللهِ يَستَريحُ مِنْ أعمالِهِ كما استَراحَ اللهُ مِنْ أعمالِهِ. |
11: | فلْنَبذُلْ جُهدَنا في سبيلِ الدُّخولِ في تِلكَ الرّاحةِ لِئَلاَّ يقَعَ أحَدٌ في مِثلِ ذلِكَ التَّمَرُّدِ.
|
12: | وكلِمَةُ الله حيَّةٌ فاعِلَةٌ، أمضى مِنْ كُلِّ سَيفٍ لَه حَدّانِ، تَنفُذُ في الأعماقِ إلى ما بَينَ النَّفسِ والرُّوحِ والمَفاصِلِ ومِخاخِ العِظامِ، وتَحكُمُ على خَواطِرِ القَلبِ وأفكارِهِ. |
13: | فمَا مِنْ خَليقَةٍ تَخفَى على اللهِ، بَلْ كُلُّ شيءٍ عارٍ مكشوفٌ لِعَينَيهِ ولَه نُؤَدِّي الحِسابَ.
|
يسوع الكاهن الأعلى |
14: | فلْنَتَمَسَّكْ بإيمانِنا، لأنَّ لنا في يَسوعَ ابنِ الله رَئيسَ كَهنَةٍ عَظيمًا اجتازَ السَّماواتِ. |
15: | ورَئيسُ كَهنَتِنا غيرُ عاجِزٍ عَنْ أنْ يُشفِقَ على ضَعفِنا، وهوَ الّذي خَضَعَ مِثلَنا لِكُلِّ تَجرِبَةٍ ما عَدا الخَطيئَةَ.
|
16: | فلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إلى عَرشِ واهِبِ النِّعمَةِ لنَنالَ رَحمَةً ونَجِدَ نِعمَةً تُعينُنا عِندَ الحاجَةِ.
|
|
الفصل : 5 |
الارتداد عن الإيمان
1: | فكُلُّ رَئيسِ كَهنَةٍ يُؤخَذُ مِنْ بَينِ النّاس ِ ويُقامُ مِنْ أجلِ النّاس ِ في خِدمَةِ اللهِ، لِيُقدِّمَ القَرابينَ والذَّبائحَ تكفيرًا عَنِ الخَطايا. |
2: | وهوَ قادِرٌ أنْ يتَرَفَّقَ بالجُهَّالِ والضَّالينَ لأنَّهُ هُوَ نفسُهُ مُتَلبِّسٌ بالضُّعفِ، |
3: | فكانَ علَيهِ أنْ يُقدِّمَ كفّارَةً لِخَطاياهُ كما يُقَدِّمُ كفَّارَةً لِخطايا الشَّعبِ. |
4: | وما مِنْ أحدٍ يتَوَلَّى بِنَفسِهِ مَقامَ رَئيسِ كَهنَةٍ، إلاَّ إذا دَعاهُ اللهُ كما دعا هارونَ.
|
5: | وكذلِكَ المَسيحُ ما رفَعَ نَفسَهُ إلى هذا المَقامِ، بَلِ اللهُ الّذي قالَ لَه: ((أنتَ ابني وأنا اليومَ ولَدتُكَ)). |
6: | وقالَ لَه في مكانٍ آخَرَ: ((أنتَ كاهِنٌ إلى الأبَدِ على رُتبَةِ مَلكيصادَقَ)). |
7: | وهوَ الّذي في أيّامِ حياتِهِ البَشَرِيَّةِ رفَعَ الصَّلَواتِ والتَّضَرُّعاتِ بِصُراخٍ شَديدٍ ودُموعٍ إلى اللهِ القادِرِ أنْ يُخلِّصَهُ مِنَ المَوتِ، فاستَجابَ لَه لِتَقواهُ. |
8: | وتعَلَّمَ الطّاعَةَ، وهوَ الابنُ، بِما عاناهُ مِنَ الألَمِ. |
9: | ولمَّا بلَغَ الكمالَ صارَ مَصدَرَ خَلاصٍ أبَدِيٍّ لِجَميعِ الّذينَ يُطيعونَهُ، |
10: | لأنَّ اللهَ دَعاهُ رَئيسَ كَهنَةٍ على رُتبَةِ ملكيصادَقَ.
|
11: | ولنا في هذا المَوضوعِ كلامٌ كثيرٌ، ولكنَّهُ صَعبُ التَّفسيرِ لأنَّكُم بَطيئو الفَهمِ، |
12: | وكانَ لكُمُ الوَقتُ الكافي لِتَصيروا مُعَلِّمينَ، إلاَّ أنَّكُم لا تَزالونَ بِحاجَةٍ إلى مَنْ يُعَلِّمُكُمُ المَبادِئٌ الأوَّلِيَّةَ لأقوالِ الله. فأنتُم بِحاجَةٍ إلى لَبَنٍ، لا إلى طَعامٍ قَوِيٍّ. |
13: | وكُلُّ مَنْ كانَ طَعامُهُ اللَّبَنَ يكونُ طِفلاً لا خِبرَةَ لَه في كلامِ البِرِّ. |
14: | أمَّا الطَّعامُ القَوِيُّ، فهوَ لِلكامِلينَ الّذينَ تَدَرَّبَتْ حَواسُّهُم بالمُمارسَةِ على التَّمييزِ بَينَ الخَيرِ والشَّرِّ.
|
|
الفصل : 6 |
1: | فلْنَرتَفِعْ إلى التَّعليمِ الكامِلِ في المَسيحِ، فلا نَعودَ إلى الكلامِ على المَبادِئِ الأوَّلِيَّةِ القائِمَةِ على التَّوبَةِ مِنَ الأعمالِ المَيْتَةِ، وعلى الإيمانِ باللهِ |
2: | وشَعائِرِ المَعمودِيَّةِ ووَضعِ الأيدي وقيامَةِ الأمواتِ والدَّينونَةِ الأبَدِيَّةِ. |
3: | وهذا ما نَفعَلُ بإذنِ اللهِ.
|
4: | فالّذينَ أُنيروا مرَّةً وذاقوا الهِبَةَ السَّماوِيَّةَ وصاروا مُشارِكينَ في الرُّوحِ القُدُسِ، |
5: | واستَطابوا كَلِمَةَ اللهِ الصَّالِحَةَ ومُعجِزاتِ العالَمِ المُقبِلِ، |
6: | ثُمَّ سَقَطوا، يَستَحيلُ تَجديدُهُم وإعادَتُهُم إلى التَّوبَةِ لأنَّهُم يَصلُبونَ ابنَ اللهِ ثانِيَةً لِخسارَتِهِم ويُعَرِّضونَهُ لِلعارِ.
|
7: | فكُلُّ أرضٍ شَرِبَتْ ما نزَلَ علَيها مِنَ المَطَرِ مِرارًا وأطْلَعَتْ نَباتًا صالِحًا لِلَّّذينَ فُلِحَتْ مِنْ أجلِهِم، نالَت بَركَةً مِنَ اللهِ. |
8: | ولكنَّها إذا أخرَجَتْ شَوكًا وعُشبًا ضارّاً، فَهِيَ مَرفوضَةٌ تُهَدِّدُها اللَّعنَةُ ويكونُ عاقِبَتَها الحريقُ.
|
9: | ومعَ أنَّنا نَتكَلَّمُ هذا الكلامَ، أيُّها الأحبّاءُ، فنَحنُ على يَقينٍ أنَّ لكُم ما هوَ أفضَلُ مِنْ سِواهُ وما يَقودُ إلى الخَلاصِ. |
10: | فما اللهُ بِظالِمٍ حتّى يَنسى ما عَمِلتُموهُ وما أظهَرتُم مِنَ المَحبَّةِ مِنْ أجلِ اسمِهِ حينَ خَدَمتُمُ الإخوَةَ القِدِّيسينَ وما زِلتُم تَخدِمونَهُم. |
11: | ولكنَّنا نَرغَبُ في أنْ يُظهِرَ كُلُّ واحِدٍ مِنكُم مِثلَ هذا الاجتِهادِ إلى النِّهايَةِ، حتّى يَتحَقَّقَ رَجاؤُكُم. |
12: | لا نُريدُ أنْ تكونوا مُتكاسِلينَ، بَلْ أنْ تَقتَدُوا بِالّذينَ يُؤْمِنونَ ويَصبِرونَ، فيَرِثونَ ما وَعَدَ اللهُ.
|
وعد الله الصادق |
13: | فلمَّا وعَدَ اللهُ إبراهيمَ أقسَمَ بِنَفسِهِ، لأنَّ ما مِنْ أحَدٍ أعظَمَ مِنْ نَفسِهِ ليُقسِمَ بِه، |
14: | قالَ: ((بَركَةً أُبارِكُكَ وكثيرًا أجعَلُ نَسلَكَ)). |
15: | وهكذا صبَرَ إبراهيمُ فَنالَ الوَعدَ. |
16: | والنّاس ُ يُقسِمونَ بِمَنْ هوَ أعظَمُ مِنهُم، والقَسَمُ تَثبيتٌ لأقوالِهِم يَنهي كُلَّ خِلافٍ. |
17: | وكذلِكَ اللهُ، لمَّا أرادَ أنْ يُبرهِنَ لِورَثَةِ الوَعدِ على ثَباتِ إرادَتِهِ، عَزَّزَ قولَهُ بِقَسَمٍ. |
18: | فكانَ لنا بالوَعدِ والقَسَمِ، وهُما أمرانِ ثابِتانِ يَستَحيلُ أنْ يكذِبَ اللهُ فيهِما، ما يُشَجِّعُنا كُلَّ التَّشجيعِ، نَحنُ الّذينَ التَجَأوا إلى اللهِ، على الَّتَمَسُّكِ بِالرَّجاءِ الّذي جعَلَهُ لنا. |
19: | وهذا الرَّجاءُ لِنُفوسِنا مِرساةٌ أمينَةٌ متينَةٌ تختَرِقُ الحِجابَ. |
20: | إلى حيثُ دخَلَ يَسوعُ مِنْ أجلِنا، سابِقًا لنا، وصارَ رَئيسَ كَهنَةٍ إلى الأبَدِ على رُتبَةِ مَلكيصادَقَ.
|
|
الفصل : 7 |
الكاهن ملكيصادق
1: | وكانَ مَلكِيصادَقُ هذا مَلِكَ ساليمَ وكاهِنَ اللهِ العليِّ، خرَجَ لِمُلاقاةِ إبراهيمَ عِندَ رُجوعِهِ بَعدَما هزَمَ المُلوكَ وباركَهُ، |
2: | وأعطاهُ إبراهيمُ العُشْرَ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وتَفسيرُ اسمِهِ أوَّلاً مَلِكُ العَدلِ، ثُمَّ مَلِكُ ساليمَ، أي مَلِكُ السَّلامِ. |
3: | وهوَ لا أبَ لَه ولا أُمَّ ولا نسَبَ، ولا لأيَّامِهِ بِداءَةٌ ولا لِحياتِهِ نِهايَةٌ. ولكِنَّهُ، على مِثالِ ابنِ اللهِ، يَبقى كاهِنًا إلى الأبَدِ.
|
4: | فانظُروا ما أعظَمَه! إبراهيمُ نَفسُهُ، وهوَ رَئيسُ الآباءِ، أعطاهُ العُشْرَ مِنْ خِيرةِ الغَنائمِ. |
5: | والكَهنَةُ الّذينَ مِنْ بَني لاوي تَأْمُرُهُمُ الشَّريعَةُ بأنْ يأخُذوا العُشْرَ مِنَ الشَّعبِ، أي مِنْ بَني عَشيرَتِهِم، معَ أنَّهُم خَرَجوا هُم أيضًا مِنْ صُلبِ إبراهيمَ. |
6: | وما كانَ مَلْكيصادَقُ مِنْ نَسلِ لاوي، ولكِنَّهُ أخَذَ العُشْرَ مِنْ إبراهيمَ وباركَهُ وهوَ الّذي نالَ الوَعدَ مِنَ اللهِ. |
7: | ولا خِلافَ في أنَّ الأكبَرَ هوَ الّذي يُبارِكُ الأصغَرَ. |
8: | ثُمَّ إنَّ العُشْرَ لِلكَهنَةِ يأخُذُهُ بشَرٌ مائِتونَ، وأمَّا العُشْرُ لمَلكِيصادَقَ فأخَذَهُ الّذي يَشهَدُ الكِتابُ لَه بأنَّهُ حيٌّ. |
9: | ويُمكِنُ القَولُ إنَّ لاوي نَفسَهُ، وهوَ الّذي يأخُذُ العُشْرَ، أدَّى العُشْرَ على يدِ إبراهيمَ، |
10: | لأنَّهُ كانَ في صُلبِ أبيهِ إبراهيمَ يومَ خرَجَ مَلْكيصادَقُ لمُلاقاتِهِ.
|
11: | ولَو كانَ الكَمالُ تَحَقَّقَ بالكَهَنوتِ اللاَّوِيِّ، وهوَ أساسُ الشَّريعَةِ الّتي تَسلَّمَها الشَّعبُ، فأيَّةُ حاجَةٍ بَعدَهُ إلى أنْ يَظهَرَ كاهِنٌ آخرُ على رُتبَةِ مَلْكِيصادَقَ؟ وما قالَ الكِتابُ على رُتبةِ هارونَ. |
12: | لأنَّهُ إذا تبَدَّلَ الكَهَنوتُ، فَلا بُدَّ مِنْ أنْ تَتَبدَّلَ الشَّريعَةُ. |
13: | والّذي يُقالُ هذا فيهِ يَنتَمي إلى عَشيرةٍ أُخرى، ما قامَ أحَدٌ مِنها بِخِدمَةِ المَذبَحِ. |
14: | فمِنَ المَعروفِ أنَّ رَبَّنا طلَعَ مِنْ يَهوذا، وما ذكَرَ موسى هذِهِ العَشيرَةَ في كلامِهِ على الكَهنَةِ.
|
15: | ومِمَّا يزيدُ الأمرَ وُضوحًا أنَّهُ على مِثالِ مَلْكِيصادَقَ ظهَرَ الكاهِنُ الآخَرُ، |
16: | لا على أساسِ نسَبٍ بشَريٍّ، بَلْ بِقُوَّةِ حياةٍ لا تَزولُ. |
17: | فشَهادةُ الكِتابِ لَه هِيَ: ((أنتَ كاهِنٌ إلى الأبَدِ على رُتبَةِ مَلْكِيصادَقَ)). |
18: | وهكذا بطَلَتِ الوَصِيَّةُ السّابِقَةُ لِضُعفِها وقِلَّةِ فائِدَتِها، |
19: | لأنَّ شريعَةَ موسى ما حَقَّقَتِ الكَمالَ في شيءٍ، فحَلَّ محَلَّها رَجاءٌ أفضَلُ مِنها نتَقَرَّبُ بِه إلى اللهِ.
|
20: | وما تَمَّ هذا بِلا يَمينٍ مِنَ اللهِ. فأولئِكَ اللاَّويُّونَ أُقيموا كَهنَةً بِلا يَمينٍ، |
21: | وأمَّا يَسوعُ فأُقيمَ كاهِنًا بيَمينٍ مِنَ اللهِ الّذي قالَ لَه: ((أقسَمَ الرَّبُّ، ولَنْ يَندَمَ، أنَّكَ كاهِنٌ إلى الأبَدِ)). |
22: | وهكذا صارَ يَسوعُ ضَمانًا لِعَهدٍ أفضَلَ مِنَ العَهدِ الأوَّلِ.
|
23: | وأولئِكَ الكَهنَةُ عَدَدُهُم كثيرٌ، لأنَّ الموتَ كانَ يَمنَعُ بَقاءَهُم. |
24: | وأمَّا يَسوعُ الّذي يَبقى إلى الأبَدِ، فلَهُ كَهَنوتٌ لا يَزولُ. |
25: | وهوَ قادِرٌ أنْ يُخَلِّصَ الّذينَ يَتَقرَّبونَ بِه إلى اللهِ خَلاصًا تامُا، لأنَّهُ حيٌّ باقٍ لِيَشفَعَ لهُم.
|
26: | فيَسوعُ، إذًا، هوَ رئيسُ الكَهنَةِ الّذي يُناسِبُنا، هوَ قُدّوسٌ بَريءٌ لا عَيبَ فيهِ ولا صِلَةَ لَه بِالخاطِئينَ، ارتفَعَ إلى أعلَى مِنَ السَّماواتِ. |
27: | وهوَ بِخِلافِ رُؤَساءِ الكَهنَةِ، لا حاجَةَ بِه إلى أنْ يُقَدِّمَ الذَّبائِحَ كُلَّ يومٍ كَفارَةً لِخَطاياهُ أوَّلاً، ثُمَّ لِخطايا الشَّعبِ، لأنَّهُ فعَلَ هذا مَرَّةً واحدَةً، حينَ قَدَّمَ نَفسَهُ. |
28: | وشريعَةُ موسى تُقيمُ مِنَ البَشَرِ الضُّعَفاءِ رُؤساءَ كَهنَةٍ، أمَّا كلامُ القَسَمِ بَعدَ الشَّريعَةِ فيُقيمُ الابنَ الّذي جُعِلَ كامِلاً إلى الأبَدِ.
|
|
الفصل : 8 |
يسوع كاهن العهد الجديد
1: | وخُلاصَةُ القَولِ هِيَ أنَّ لنا رئيسَ كَهنَةٍ هذِهِ عَظَمَتُهُ، جَلَسَ عَنْ يَمينِ عَرشِ الجَلالِ في السَّماواتِ، |
2: | خادِمًا لِقُدسِ الأقداسِ والخيمَةِ الحَقيقِيَّةِ الّتي نَصَبَها الرَّبُّ لا الإنسانُ.
|
3: | ويُقامُ كُلُّ رَئيسِ كَهنَةٍ لِيُقَدِّمَ القرابينَ والذَّبائِحَ، فلا بُدَّ أنْ يكونَ لِرئيسِ كهنَتِنا شيءٌ يُقَدِّمُهُ. |
4: | فلَو كانَ يَسوعُ في الأرضِ لَما أُقيمَ كاهِنًا، لأنَّ هُناكَ مَنْ يُقَدِّمُ القَرابينَ وِفقًا لِلشَّريعَةِ. |
5: | هَؤُلاءِ يَخدُمونَ صُورَةً وظِلاًّ لِمَا في السَّماواتِ. فحينَ أرادَ موسى أنْ يَنصِبَ الخَيمةَ أوحى إلَيهِ اللهُ قالَ: ((أُنظُرْ واعمَلْ كُلَّ شيءٍ على المِثالِ الّذي أريتُكَ إيّاهُ على الجبَلِ)).
|
6: | ولكِنَّ المَسيحَ نالَ خِدمَةً أفضَلَ مِنَ الّتي قَبْلَها بِمِقدارِ ما هوَ وسيطٌ لعَهدٍ أفضَلَ مِنَ العَهدِ الأوَّلِ، لأنَّهُ قامَ على أساسِ وُعودٍ أفضَلَ مِنْ تِلكَ. |
7: | فلَو كانَ العَهدُ الأوَّلُ لا عيبَ فيهِ، لما دَعَتِ الحاجَةُ إلى عَهدٍ آخَرَ.
|
8: | واللهُ يَلومُ شعبَهُ بِقَولِهِ:
((يَقولُ الربُّ: ها هِيَ أيّامٌ تَجيءُ
أقطَعُ فيها لِبَني إِسرائيلَ
ولِبَني يَهوذا عَهدًا جَديدًا،
|
9: | لا كالعَهدِ الّذي جَعَلتُهُ لآبائِهِم يومَ أخَذتُ بِيَدِهِم لأُخرِجَهُم مِنْ أرضِ مِصْرَ،
فما ثَبَتوا على عَهدي.لذلِكَ أهمَلتُهُم أنا الرَّبُّ.
|
10: | وهذا هوَ العَهدُ الّذي أُعاهِدُ علَيهِ بَني إِسرائيلَ في الأيّامِ الآتيَةِ، يَقولُ الرَّبُّ:
سأجعَلُ شرائعي في عُقولِهِم وأكتُبُها في قُلوبِهِم،
فأكونُ لهُم إلَهًا ويكونونَ لي شَعبًا.
|
11: | فلا أحدَ يُعَلِّمُ ابنَ شعبِهِ ولا أخاهُ فيَقولُ لَه: إعرِفِ الرَّبَّ ،
لأنَّهُم سيَعرِفوني كُلُّهُم
مِنْ صَغيرِهِم إلى كَبيرِهِم،
|
12: | فأصفَحُ عَنْ ذُنوبِهِم ولَنْ أذكُرَ خَطاياهُم مِنْ بَعدُ)).
|
13: | واللهُ بِكلامِهِ على ((عَهدٍ جديدٍ)) جعَلَ العَهدَ الأوَّلَ قديمًا، وكُلُّ شيءٍ عَتَقَ وشاخَ يَقتَرِبُ مِنَ الزَّوالِ.
|
|
الفصل : 9 |
المسيح وسيط العهد الجديد
1: | فالعَهدُ الأوَّلُ كانَت لَه شَعائِرُ العِبادَةِ والقُدسِ الأرضِيِّ. |
2: | فكانَ هُناكَ مَسكِنٌ مَنصوبٌ هوَ المَسكِنُ الأوَّلُ الّذي يُقالُ لَه القُدسُ، وفيهِ المَنارَةُ والمائِدَةُ وخُبزُ القُربانِ. |
3: | وكانَ وراءَ الحِجابِ الثّاني مَسكِنٌ يُقالُ لَه قُدْسُ الأقداسِ، |
4: | وفيهِ المِبخَرَةُ الذَّهَبِيَّةُ وتابوتُ العَهدِ وكُلُّهُ مُغَشّىً بِالذَّهَبِ، وفيهِ وِعاءٌ ذَهَبِيٌّ يَحتَوي المَنَّ وَفيهِ عَصا هارونَ الّتي أورَقَتْ ولَوْحا وصايا العَهدِ. |
5: | وكانَ فَوقَ التَّابوتِ كَروبا المَجدِ يُظَلِّلانِ الغِطاءَ. ولا مَجالَ الآنَ لِلكَلامِ على هذا كُلِّهِ بِالتَّفصيلِ.
|
6: | كانَ كُلُّ شيءٍ على هذا التَّرتيبِ، فيَدخُلُ الكَهنَةُ إلى المَسكِنِ الأوَّلِ في كُلِّ وَقتٍ ويَقومونَ بِشَعائِرِ العِبادَةِ. |
7: | ولكِنَّ رَئيسَ الكَهنَةِ وَحدَهُ يَدخُلُ إلى المَسكِنِ الثَّاني مرَّةً في السَّنَةِ، ولا يَدخُلُها إلاَّ ومعَهُ الدَّمُ الّذي يُقَدِّمُهُ كَفّارَةً لِخَطاياهُ ولِلخطايا الّتي ارتكَبَها الشَّعبُ عَنْ جَهلٍ مِنهُم. |
8: | وبِهذا يُشيرُ الرُّوحُ القُدُسُ إلى أنَّ الطَّريقَ إلى قُدْسِ الأقداسِ غَيرُ مَفتوحِ ما دامَ المَسكِنُ الأوَّلُ قائِمًا. |
9: | وهذا التَّرتيبُ رَمزٌ إلى الزَّمَنِ الحاضِرِ، وكانَ يَتِمُّ فيهِ تَقديمُ قَرابينَ وذَبائِحَ لا تَقدِرُ أنْ تَجعَلَ الكاهِنَ كامِلَ الضَّميرِ. |
10: | فهِيَ أحكامٌ تَخُصُّ الجَسَدَ وتَقتَصِرُ على المَأْكَلِ والمَشرَبِ ومُختَلفِ أساليبِ الغَسلِ، وكانَت مَفروضَةً إلى الوَقتِ الّذي يُصلِحُ اللهُ فيهِ كُلَّ شيءٍ.
|
11: | ولكِنَّ المَسيحَ جاءَ رئيسَ كَهنَةٍ لِلخيراتِ المُستَقبَلْ َةِ واجتازَ خَيمَةً أعظَمَ وأكمَلَ مِنْ تِلكَ الخَيمَةِ الأولى، غَيرَ مَصنوعَةٍ بأيدي البَشَرِ، أي أنَّها لا تَنتَمي إلى هذِهِ الخليقَةِ، |
12: | فدَخَلَ قُدْسَ الأقداسِ مرَّةً واحدَةً، لا بِدَمِ التُّيوسِ والعُجولِ، بَلْ بِدَمِهِ، فكَسَبَ لَنا الخَلاصَ الأبدِيَّ. |
13: | فإذا كانَ رَشُّ دَمِ التُّيوسِ والثِّيرانِ ورَمادِ العِجلَةِ يُقَدِّسُ المُنَجَّسينَ ويُطَهِّرُ جَسَدَهُم، |
14: | فما أَولى دَمُ المَسيحِ الّذي قَدَّمَ نَفسَهُ إلى الله بالرُّوحِ الأزلِيِّ قُربانًا لا عَيبَ فيهِ، أنْ يُطَهِّرَ ضَمائِرَنا مِنَ الأعمالِ المَيِّتَةِ لِنَعبُدَّ اللهَ الحيَ.
|
15: | لذلِكَ هوَ الوَسيطُ لِعَهدٍ جَديدٍ يَنالُ فيهِ المَدعوّونَ الميراثَ الأبدِيَّ المَوعودَ، لأنَّهُ ماتَ كَفّارَةً لِلمَعاصي الّتي ارتكَبَها الشَّعبُ في أيّامِ العَهدِ الأوَّلِ.
|
16: | فحَيثُ تكونُ الوَصِيَّةُ يَجبُ إثباتُ مَوتِ المُوصي، |
17: | لأنَّ الوَصِيَّةَ مَرهونَةٌ بِمَوتِ المُوصي، فلا فِعلَ لها ما دامَ المُوصي حيّاً. |
18: | ولذلِكَ تكَرَّسَ العَهدُ الأوَّلُ أيضًا بِالدَّمِ. |
19: | فَموسى، بَعدَما تَلا على مَسامِعِ الشَّعبِ جميعَ الوَصايا كما هِيَ في الشَّريعَةِ، أخَذَ دمَ العُجولِ والتُّيوسِ، ومَعهُ ماءٌ وصُوفٌ قِرمِزيُّ وزوفى، ورَشَّهُ على كِتابِ الشَّريعَةِ نَفسِهِ وعلى الشَّعبِ كُلِّهِ |
20: | وقالَ: ((هذا هوَ دَمُ العَهدِ الّذي أمرَكُمُ اللهُ بِه)). |
21: | وكذلِكَ رَشَّ الخَيمَةَ وكُلَّ أدَواتِ العِبادَةِ بِالدَّمِ. |
22: | ويكادُ لا يَطْهُرُ شيءٌ حسَبَ الشَّريعَةِ إلاَّ بِالدَّمِ، وما مِنْ مَغفِرَةٍ بِغَيرِ إراقَةِ دَمٍ.
|
المسيح أعظم الذبائح |
23: | فإذا كانَ مِثالُ الأُمورِ السَّماوِيَّةِ يَلزَمُهُ التَّطهيرُ بِهذِهِ الشَّعائِرِ، فالأُمورُ السَّماوِيَّةُ نَفسُها يَلزَمُها تَطهيرٌ بِذَبائِحَ أفضَلَ مِنْ تِلكَ، |
24: | لأنَّ المَسيحَ ما دخَلَ قُدسًا صَنَعَتهُ أيدي البَشَرِ صُورَةً لِلقُدسِ الحَقيقِيِّ، بَلْ دَخَلَ السَّماءَ ذاتَها لِيظهَرَ الآنَ في حَضرَةِ اللهِ مِنْ أجلِنا، |
25: | لا لأنَّهُ سَيُقدِّمُ نَفسَهُ عِدَّةَ مَرّاتٍ كما يَدخُلُ رَئيسُ الكَهنَةِ قُدْسَ الأقداسِ كُلَّ سنَةٍ بِدَمٍ غَيرِ دَمِهِ، |
26: | وإلاَّ لكانَ علَيهِ أنْ يتَألَّمَ مَرّاتٍ كَثيرَةً مُنذُ إنشاءِ العالَمِ. ولكِنَّهُ ظَهَرَ الآنَ مرَّةً واحدَةً عِندَ اكتِمالِ الأزمِنَةِ لِيُزيلَ الخَطيئَةَ بِتَقديمِ نَفسِهِ ذَبيحَةً للهِ. |
27: | وكما أنَّ مَصيرَ البَشَرِ أنْ يَموتوا مرَّةً واحدَةً، وبَعدَ ذلِكَ الدَّينونَةُ،
|
28: | فكذلِكَ المَسيحُ قَدَّمَ نَفسَهُ مَرَّةً واحدَةً لِيُزيلَ خَطايا الكثيرِ مِنَ النّاس ِ. وسيَظهَرُ ثانِيَةً، لا لأجلِ الخَطيئَةِ، بَلْ لِخلاصِ الّذينَ يَنتَظِرونَهُ.
|
|
الفصل : 10 |
1: | ولأنَّ الشَّريعَةَ ظِلُّ الخَيراتِ الآتِيَةِ، لا جَوهَرُ الحَقائِقِ ذاتِها، فَهِيَ لا تَقدِرُ بِتِلكَ الذَّبائِحِ نَفسِها الّتي يَستَمِرُّ تَقديمُها سنَةً بَعدَ سنَةٍ أنْ تَجعَلَ الّذينَ يَتقَرَّبونَ بِها إلى اللهِ كامِلينَ، |
2: | وإلاَّ لتَوَقَّفوا عَنْ تَقريبِها. فالعابِدونَ، إذا تَمَّتْ لهُمُ الطَّهارَةُ مرَّةً واحدَةً، زالَ مِنْ ضَميرِهِمِ الشُّعورُ بِالخَطيئَةِ، |
3: | في حين أنَّ تِلكَ الذَّبائِحَ ذِكرى لِلخطايا سنَةً بَعدَ سنَةٍ، |
4: | لأنَّ دمَ الثِّيرانِ والتُّيوسِ لا يَقدِرُ أنْ يُزيلَ الخَطايا.
|
5: | لِذلِكَ قالَ المَسيحُ للهِ عِندَ دُخولِهِ العالَمَ:
(( ما أرَدتَ ذَبيحَةً ولا قُربانًا،
لكنَّكَ هيّأتَ لي جَسَدًا،
|
6: | لا بِالمُحرَقاتِ سُرِرتَ
ولا بِالذَّبائِحِ كَفّارَةً لِلخَطايا.
|
7: | فقُلتُ: ها أنا أجيءُ يا اللهُ
لأعمَلَ بِمَشيئَتِكَ،
كما هوَ مكتوبٌ عَنِّي
في طَيِّ الكِتابِ)).
|
8: | فهوَ قالَ أوَّلاً: ((ما أرَدتَ ذَبائِحَ وقَرابينَ ومُحرَقاتٍ وذَبائِحَ كَفّارَةً لِلخَطايا ولا سُرِرتَ بِها))، معَ أنَّ تَقديمَها يَتِمُّ حسَبَ الشَّريعَةِ. |
9: | ثُمَّ قالَ: ((ها أنا أجيءُ لأعمَلَ بِمَشيئَتِكَ))، فأبطَلَ التَّرتيبَ الأوَّلَ لِيُقيمَ الثّاني. |
10: | ونَحنُ بِفَضلِ تِلكَ الإِرادةِ تَقَدَّسْنا بِجَسَدِ يَسوعَ المَسيحِ الّذي قَدَّمَهُ قُربانًا مرَّةً واحدَةً. |
11: | ويَقِفُ الكاهِنُ اليَهودِيُّ كُلَّ يومٍ فيَقومُ بِالخدمَةِ ويُقدِّمُ الذَّبائِحَ نَفسَها مرّاتٍ كَثيرَةً، وهِيَ لا تَقدِرُ أنْ تَمحُوَ الخَطايا. |
12: | وأمَّا المَسيحُ، فقَدَّمَ إلى الأبَدِ ذَبيحَةً واحدَةً كَفـّارَةً لِلخطايا، ثُمَّ جلَسَ عنْ يَمينِ اللهِ، |
13: | وهوَ الآنَ يَنتَظِرُ أنْ يَجعَلَ اللهُ أعداءَهُ موطِئًا لِقَدَمَيهِ، |
14: | لأنَّهُ بِقُربانٍ واحدٍ جَعَلَ الّذينَ قَدَّسَهُم كامِلينَ إلى الأبَدِ. |
15: | وهذا ما يَشهَدُ لنا بِه الرُّوحُ القُدُسُ أيضًا. فبَعدَ أنْ قالَ:
|
16: | ((هذا هوَ العَهدُ الّذي أُعاهِدُهُم إيّاهُ في الأيّامِ الآتِيَةِ، يَقولُ الرَّبُّ:
سأجعَلُ شَرائِعي في قُلوبِهِم
وأكتُبُها في عُقولِهِم
|
17: | ولَنْ أذكُرَ خَطاياهُم وآثامَهُم مِنْ بَعدُ)).
|
18: | فحَيثُ يكونُ الصَّفحُ عَنْ هذا كُلِّهِ، لا تَبقى حاجَةٌ إلى قُربانٍ مِنْ أجلِ الخَطيئَةِ.
|
دعوة إلى الثقة |
19: | ونَحنُ واثِقونَ، أيُّها الإخوَةُ، بأنَّ لنا طريقًا إلى قُدْسِ الأقداسِ بِدَمِ يَسوعَ، |
20: | طريقًا جديدًا حيّاً فتَحَهُ لنا في الحِجابِ، أي في جَسَدِهِ، |
21: | وأنَّ لنا كاهِنًا عَظيمًا على بَيتِ اللهِ، |
22: | فلْنَقتَرِبْ بِقَلبٍ صادِقٍ وإيمانٍ كامِلٍ، وقُلوبُنا مُطَهَّرَةٌ مِنْ سُوءِ النِّـيَّةِ وأجسادُنا مَغسولَةٌ بِماءٍ طاهِرٍ، |
23: | ولنَتَمَسَّكْ مِنْ دونِ انحرافٍ بِالرَّجاءِ الّذي نَشهَدُ لَه، لأنَّ اللهَ الّذي وعَدَ أمينٌ، |
24: | وليَهتَمَّ بَعضُنا بِبَعضٍ، مُتَعاوِنينَ في المَحبَّةِ والعَمَلِ الصّالِحِ. |
25: | ولا تَنقَطِعوا عَنِ الاجتِماعِ كما اعتادَ بَعضُكُم أنْ يَفعَلَ، بَلْ شَجِّعوا بَعضُكم بَعضًا، على قَدْرِ ما تَروْنَ أنَّ يومَ الرَّبِّ يَقتَرِبُ.
|
26: | فإذا خَطِئنا عَمْدًا، بَعدَما حَصَلْنا على مَعرِفَةِ الحَقِّ، فلا تَبقى هُناكَ ذَبـيحةٌ كَفّارةٌ لِلخطايا، |
27: | بَلِ انتِظارٌ مُخيفٌ لِيَومِ الحِسابِ ولَهيبُ نارٍ يَلتَهِمُ العُصاةَ. |
28: | مَنْ خالَفَ شَريعَةَ موسى يَموتُ مِنْ دونِ رَحمَةٍ بِشَهادَةِ شاهِدَينِ أو ثَلاثَةٍ، |
29: | فكَمْ تَظُنُّونَ يَستَحِقُّ العِقابَ مَنْ داسَ ابنَ اللهِ ودَنَّسَ العَهدَ الّذي تَقَدَّسَ بِه واستَهانَ بِرُوحِ النِّعمَةِ؟ |
30: | فنَحنُ نَعرِفُ الّذي قالَ: ((ليَ الانتِقامُ وأنا الّذي يُجازي)). وقالَ أيضًا: ((الرَّبُّ سيَدينُ شَعبَهُ)). |
31: | فالوَيلُ لِمَنْ يقَعُ في يَدِ اللهِ الحَيِّ.
|
32: | تَذَكَّروا الأيّامَ الماضِيَةَ وكم جاهَدْتُم وتَحمَّلْتُم مِنَ الآلامِ بَعدَما استَنَرتُم، |
33: | فتَعَرَّضتُم مِنْ جِهَةٍ لِلتَّعييرِ والشَّدائدِ، ومِنْ جِهَةٍ أُخرى صِرتُم شُرَكاءَ الّذينَ عُومِلوا بِمِثلِ هذا العَمَلِ.
|
34: | فشارَكتُمُ السُّجَناءَ في آلامِهِم وصَبِرتُم فرِحينَ على نَهبِ أموالِكُم، عارِفينَ أنَّ لكُم مالاً أفضَلَ لا يَزولُ. |
35: | لا تَفقدوا إذًا ثِقَتَكُم، فلَها جَزاءٌ عَظيمٌ. |
36: | وأنتُم بِحاجَةٍ إلى الصَّبرِ حتّى تَعمَلوا بِمَشيئَةِ اللهِ وتَحصلوا على وَعدِهِ.
|
37: | ((قليلاً قليلاً مِنَ الوَقتِ
فيَأتي الآتي ولا يُبطئُ.
|
38: | البارُّ عِندي بالإيمانِ يَحيا
وإنِ ارتَدَّ، لا أرضى بهِ)).
|
39: | فما نَحنُ مِنْ أهلِ الارتِدادِ لِنَهلِكَ، بَلْ مِنْ أهلِ الإيمانِ لِنَخلُصَ.
|
|
الفصل : 11 |
الإيمان
1: | الإيمانُ هوَ الوُثوقُ بِما نَرجوهُ وتَصديقُ ما لا نَراهُ، |
2: | وبِه شَهِدَ اللهُ لِلقُدَماءِ.
|
3: | بالإيمانِ نُدرِكُ أنَّ اللهَ خَلَقَ الكَونَ بِكلِمَةٍ مِنهُ، فصَدَرَ ما نَراهُ مِمّا لا نَراهُ.
|
4: | بالإيمانِ قَدَّمَ هابيلُ لله ذَبيحَةً أفضَلَ مِنْ ذَبيحةِ قايينَ، وبالإيمانِ شَهِدَ اللهُ لَه أنَّهُ مِنَ الأبرارِ عِندَما رَضِيَ بِقرابينِهِ، وبالإيمانِ ما زالَ يتكَلَّمُ بَعدَ مَوتِهِ.
|
5: | بالإيمانِ رفَعَ اللهُ أخْنُوخَ إلَيهِ مِنْ غَيرِ أنْ يَرى المَوتَ، فما وجَدَهُ أحدٌ لأنَّ اللهَ رَفعَهُ إلَيهِ. والكِتابُ شَهِدَ لَه قَبلَ رَفْعِهِ بأنَّهُ أرضى اللهَ، |
6: | وبِغَيرِ الإِيمانِ يَستَحيلُ إرضاءُ اللهِ، لأنَّ الّذي يتَقَرَّبُ إلى اللهِ يَجِبُ أنْ يُؤمِنَ بأنَّهُ موجودٌ وأنَّهُ يُكافئُ الّذينَ يَطلُبونَه.
|
7: | بالإيمانِ اتَّعَظَ نُوحٌ فبَنى فُلْكًا لِخلاصِ أهلِ بَيتِهِ عِندَما أنذَرَهُ اللهُ بِما سيَحدُثُ مِنْ أُمورٍ لا يَراها. وهكذا حكَمَ على العالَمِ وورِثَ البِرَّ ثَمَرَةً للإيمانِ.
|
8: | بالإيمانِ لبَّى إبراهيمُ دَعوَةَ اللهِ فخَرَجَ إلى بلَدٍ وعَدَهُ اللهُ بِه ميراثًا، خرَجَ وهوَ لا يَعرِفُ إلى أينَ يَذهَبُ. |
9: | وبالإيمانِ نَزَلَ في أرضِ الميعادِ كأنَّهُ في أرضٍ غريبَةٍ، وأقامَ في الخِيامِ معَ إسحقَ ويَعقوبَ شَريكَيهِ في الوَعدِ ذاتِهِ، |
10: | لأنَّهُ كانَ ينتَظِرُ المدينةَ الثّابِتَةَ على أُسُسٍ واللهُ مُهَندِسُها وبانيها.
|
11: | بالإيمانِ نالَتْ سارَةُ نَفسُها القُدرَةَ على أنْ تَحبَلْ َ معَ أنَّها عاقِرٌ جاوَزَتِ السِّنَّ، لأنَّها اعتَبَرَت أنَّ الّذي وعَدَ أمينٌ، |
12: | فولَدَتْ مِنْ رَجُلٍ واحدٍ قارَبَ المَوتَ نَسلاً كثيرًا مِثلَ نُجومِ السَّماءِ ولا حَصرَ لَه كالرِّمالِ الّتي على شاطِئِ البحرِ.
|
13: | وفي الإيمانِ ماتَ هَؤُلاءِ كُلُّهُم دونَ أن يَنالوا ما وعَدَ اللهُ بِه، ولكنَّهُم رَأَوهُ وحَيَّوهُ عَنْ بُعدٍ. واعتَرَفوا بأنَّهُم غُرَباءُ نُزَلاءُ في الأرضِ، |
14: | والّذينَ يَقولونَ هذا القَولَ يُبَرهِنونَ أنَّهُم يَطلُبونَ وطَنًا. |
15: | ولَو كانوا ذكَروا الوَطنَ الّذي خَرَجوا مِنهُ، لكانَ لهُم فُرصَةٌ لِلعَودَةِ إلَيهِ. |
16: | ولكنَّهُم كانوا يَشتاقونَ إلى وطَنٍ أفضَلَ مِنهُ، أي إلى الوَطَنِ السَّماوِيِّ. لذلِكَ لا يَستَحي اللهُ أنْ يكونَ إلهَهُم، فهوَ الّذي أعدَّ لهُم مدينةً.
|
17: | بالإيمانِ قَدَّمَ إبراهيمُ ابنَهُ الوحيدَ إسحقَ ذَبيحةً عِندَما امتحَنَهُ اللهُ، قدَّمَهُ وهوَ الّذي أعطاهُ الله الوَعدَ |
18: | وقالَ لَه: ((بإسحقَ يكونُ لَكَ نَسلٌ)). |
19: | واعتقَدَ إبراهيمُ أنَّ اللهَ قادِرٌ أنْ يُقيمَ الأمواتَ. لِذلِكَ عادَ إلَيهِ ابنُهُ إسحقُ وفي هذا رَمزٌ.
|
20: | بالإيمانِ بارَكَ إسحقُ يَعقوبَ وعيسو لِخَيراتِ المُستَقبَلِ. |
21: | وبالإيمانِ بارَكَ يَعقوبُ، لمّا حَضَرَهُ المَوتُ، كُلاًّ مِن ابنَي يوسُفَ وسجَدَ للهِ وهوَ مُستَنِدٌ إلى طرَفِ عَصاهُ. |
22: | وبالإيمانِ ذكَرَ يوسُفُ عِندَ موتِهِ خُروجَ بَني إِسرائيلَ مِنْ مِصْرَ وأوصى أين يَدفنونَ عِظامَه.
|
23: | بالإيمانِ أخفى والِدا موسى ابنَهُما ثَلاثةَ أشهُرٍ بَعدَ مَولِدِهِ، لأنَّهُما رأيا الطِّفلَ جَميلاً وما أخافَهُما أمرُ المَلِكِ. |
24: | بالإيمانِ رفَضَ موسى، بَعدَما كبِرَ، أنْ يُدعى ابنًا لِبنتِ فِرعَونَ، |
25: | وفَضَّلَ أنْ يُشارِكَ شَعبَ اللهِ في الذُّلِّ على التَّمتُّعِ الزائِلِ بِالخَطيئَةِ، |
26: | واعتبَرَ عارَ المَسيحِ أغنى مِنْ كُنوزِ مِصْرَ، لأنَّهُ تَطلَّعَ إلى ما سيَنالُهُ مِنْ ثَوابٍ.
|
27: | بِالإيمانِ ترَكَ موسى مِصْرَ دونَ أنْ يَخافَ مِنْ غَضَبِ المَلِكِ، وثَبَتَ على عَزمِهِ كأنَّهُ يَرى ما لا تَراهُ عَينٌ. |
28: | بِالإيمانِ أقامَ الفِصحَ ورَشَ الدَّمَ، لِئَلاَّ يَمَسَّ مَلاكُ المَوتِ أيَ بِكرٍ لِبَني إِسرائيلَ.
|
29: | بالإيمانِ عبَرَ بَنو إِسرائيلَ البحرَ الأحمَرَ كأنَّهُ بَرٌّ، ولمَّا حاوَلَ المِصْرِيُّونَ عُبورَهُ غَرِقوا.
|
30: | بِالإيمانِ سَقَطَت أسوارُ أريحا بَعدَما طافَ بِها بَنو إِسرائيلَ سَبعَةَ أيّامٍ. |
31: | بِالإيمانِ نَجَتْ راحابُ البَغِيُّ مِنَ الهَلاكِ معَ العُصاةِ، لأنَّها رَحَّبَت بِالجاسوسَينِ.
|
32: | وماذا أقولُ بَعدُ؟ الوَقتُ يَضيقُ بي إذا أخبَرتُ عنْ جِدعَونَ وباراقَ وشَمشونَ ويَفتاحَ وداودَ وصَموئيلَ والأنبياءِ. |
33: | فهُم بِالإيمانِ أخضَعوا المَمالِكَ وأقاموا العَدلَ ونالوا ما وعَدَ بِه الله وسَدُّوا أفواهَ الأُسودِ |
34: | وأخمَدوا لَهيبَ النيِّرانِ ونَجَوا مِنْ حَدِّ السَّيفِ وتغَلَّبوا على الضُّعفِ وصاروا أبطالاً في الحَربِ وهزَموا جُيوشَ الغُرَباءِ، |
35: | واستَعادَ نِساءٌ أمواتَهُنَّ بالقِيامَةِ. واحتمَلَ بَعضُهُمُ التَّعذيبَ ورَفَضوا النَّجاةَ في سَبيلِ القيامَةِ إلى حَياةٍ أفضَلَ، |
36: | وقاسى آخَرونَ الهُزءَ والجَلْدَ، بَلِ القُيودَ والسِّجنَ. |
37: | ورُجِموا ونُشِروا وقُتِلوا بِحَدِّ السَّيفِ وتَشَرَّدوا لابِسينَ جُلودَ الغَنَمِ والماعِزِ مَحرومينَ مَقهورينَ مَظلومينَ، |
38: | لا يَستَحِقُّهُمُ العالَمُ، فتاهوا في البَراري والجِبالِ والمَغاوِرِ وكُهوفِ الأرضِ.
|
39: | وما حصَلَ هَؤُلاءِ على الوَعدِ معَ أنَّهُ مَشهودٌ لهُم بِالإيمانِ، |
40: | لأنَّ اللهَ أعَدَّ لنا مَصيرًا أفضَلَ مِنْ مَصيرِهِم وشاءَ أنْ لا يَصيروا كامِلينَ إلاَّ مَعَنا.
|
|
الفصل : 12 |
تأديب الرب
1: | أمَّا ونَحنُ مُحاطونَ بِسَحابَةٍ كَثيفَةٍ مِنَ الشُّهودِ، فعلَينا أنْ نُلقِيَ عَنّا كُلَّ ثِقلٍ وكُلَّ خَطيئَةٍ عالِقَةٍ بِنا، فنَجري بِعَزمٍ في ميدانِ الجِهادِ المُمتَدِّ أمامَنا، |
2: | ناظِرينَ إلى رَأسِ إيمانِنا ومُكَمِّلِهِ، يَسوعَ الّذي تَحَمَّلَ الصَّليبَ مُستَخِفّاً بِالعارِ، مِنْ أجلِ الفَرَحِ الّذي يَنتَظِرُهُ، فجَلَسَ عنْ يَمينِ عَرشِ اللهِ.
|
3: | فكِّروا في هذا الّذي احتَمَلَ مِنَ الخاطِئينَ مِثلَ هذِهِ العَداوَةِ لِئَلاَّ تَيأَسوا وتَضعُفَ نُفوسُكُم. |
4: | فما قاوَمتُم أنتُم بَعدُ حتّى بَذْلِ الدَّمِ في مُصارَعَةِ الخَطيئَةِ. |
5: | ولعَلَّكُم نَسِيتُمُ الكلامَ الّذي يُخاطِبُكُم كبَنينَ:
(( لا تَحَتقِرْ، يا ابني، تأديبَ الرَّبِّ
ولا تيأَسْ إذا وَبَّخَكَ،
|
6: | لأنَّ مَن يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُه
ويَجلِدُ كُلَّ ابنٍ يَرتَضيهِ)).
|
7: | فتَحَمَّلوا التَّأديبَ، واللهُ إنَّما يُعامِلُكُم مُعامَلَةَ البنينَ، وأيُّ ابنٍ لا يُؤدِّبُهُ أبوهُ؟
|
8: | فإذا كانَ لا نَصيبَ لكُم مِنْ هذا التّأديبِ، وهوَ مِنْ نَصيبِ جميعِ البَنينَ، فأنتُم ثَمَرَةُ الزِّنى لا بَنونَ. |
9: | كانَ آباؤُنا في الجَسَدِ يُؤدِّبونَنا وكُنَّا نَهابُهُم، أفلا نَخضَعُ بالأَحرى لأبينا في الرُّوحِ لِنَنالَ الحياةَ؟ |
10: | هُم كانوا يُؤَدِّبونَنا لِوَقتٍ قَصيرٍ وكما يَستَحسِنونَ، وأمَّا اللهُ فيُؤدِّبُنا لِخَيرِنا فنُشارِكُهُ في قَداسَتِه. |
11: | ولكِنْ كُلُّ تَأْديبٍ يَبدو في ساعَتهِ باعِثًا على الحُزنِ، لا على الفَرَحِ. إلاَّ أنَّهُ يَعودُ فيما بَعدُ على الّذينَ عانوهُ بِثَمَرِ البِرِّ والسَّلامِ.
|
عاقبة الكفر بنعمة الله |
12: | فشُدُّوا أيديَكُمُ المُستَرخِيَةَ ورُكَبَكُمُ الضَّعيفَةَ، |
13: | واجعَلوا طُرُقًا مُستَقيمَةً لأقدامِكُم فلا يَنحَرِفَ الأعرَجُ بَلْ يَشفى.
|
14: | سالِموا جميعَ النّاس ِ وعيشوا حياةَ القَداسَةِ الّتي بِغَيرِها لَنْ يَرى أحدٌ الرَّبَّ . |
15: | واحرِصوا أنْ لا يَحرِمَ أحدٌ نَفسَهُ مِنْ نِعمَةِ اللهِ، وأنْ لا يَنبُتَ فيكُم عِرقُ مَرارَةٍ يُسَبِّبُ انزِعاجًا ويُفسِدُ الكَثيرَ مِنَ النّاس ِ، |
16: | وأنْ لا يكونَ أحَدٌ فيكُم زانِيًا أو سَفيهًا مِثلَ عيسو الّذي باعَ بُكورِيَّتَهُ بأَكلةٍ واحدةٍ. |
17: | وتَعلَمونَ أنَّهُ لمَّا أرادَ بَعدَ ذلِكَ أنْ يَرِثَ البَركةَ خابَ وما وجَدَ مَجالاً لِلتَّوبَةِ، معَ أنَّهُ طلَبَها باكِيًا.
|
18: | وما اقتَرَبتُم أنتُم مِنْ جبَلْ ٍ مَلموسٍ، مِنْ نارٍ مُلتَهِبَةٍ وظَلامٍ وضَبابٍ وزَوبَعَةٍ، |
19: | وهُتافِ بوقٍ وصوتِ كلامٍ طلَبَ سامِعوهُ أنْ لا يُزادوا مِنهُ كَلِمةً، |
20: | لأنَّهُم ما احتَمَلوا هذا الإنذارَ: ((حتّى البَهيمَةُ لَو لمَسَتِ الجَبَلْ َ لَرُجِمَت)). |
21: | كانَ المَنظَرُ رَهيبًا حتّى إنَّ موسى قالَ: ((أنا مَرعوبٌ مُرتَعِدٌ)).
|
22: | بَلْ أنتُمُ اقتَرَبتُم مِنْ جَبَلِ صِهيونَ، مِنْ مدينةِ اللهِ الحَيِّ، مِنْ أُورُشليمَ السَّماوِيَّةِ وآلافِ المَلائِكَةِ في حَفلَةِ عيدٍ، |
23: | مِنْ مَحفِلِ الأبكارِ المكتوبَةِ أسماؤُهُم في السَّماواتِ، مِنَ اللهِ دَيّانِ البَشَرِ جميعًا، مِنْ أرواحِ الأبرارِ الّذينَ بَلْ َغوا الكَمالَ، |
24: | مِنْ يَسوعَ وَسيطِ العَهدِ الجَديدِ، مِنْ دَمٍ مَرشوشٍ أفصَحَ مِنْ دَمٍ هابـيلَ.
|
25: | فاحرِصوا أنْ لا تَرفُضوا الّذي يتكَلَّمُ. فإذا كانَ الّذينَ رَفَضوا المُتكَلِّمَ بِكلامِ الوَحيِ في الأرضِ ما نَجَوا مِنَ العِقابِ، فكيفَ نَنجو نَحنُ إذا رَفَضْنا المُتكَلِّمَ مِنَ السَّماءِ؟ |
26: | وهوَ الّذي زَعزَعَ صَوتُهُ الأرضَ في ذلِكَ الحينِ، ولكِنَّهُ الآنَ وعَدَنا فَقالَ: ((سأُزَلزِلُ السَّماءَ، لا الأرضَ وحدَها، مرَّةً أُخرى)). |
27: | فَقولُهُ ((مرَّةً أُخرى)) دَليلٌ على أنَّ الأشياءَ المَخلوقَةَ تَتزَعزَعُ وتَتحَوَّلُ لِتَبقى الأشياءُ الّتي لا تتَزعزَعُ.
|
28: | فلنكُن شاكِرينَ لأنَّنا حَصَلنا على مَلكوتٍ لا يتَزَعزَعُ، وبالشكرِ نَعبُدُ اللهَ عِبادَةَ خُشوعٍ وتَقوى يَرضى عَنها، |
29: | لأنَّ إلهَنا نارٌ آكِلَةٌ.
|
|
الفصل : 13 |
توصيات
1: | حافِظوا على المَحبَّةِ الأخوِيَّةِ، |
2: | ولا تَنسَوا الضِّيافَةَ، لأنَّ بِها أضافَ بَعضُهُمُ المَلائِكَةَ وهُم لا يَدرُونَ. |
3: | أُذكُروا المَسجونينَ كأنَّكُم مَسجونونَ معَهُم، واذكُروا المُعَذَّبينَ كأنَّكُم أنتُم أنفُسُكُم تَتَعَذَّبونَ في الجَسَدِ. |
4: | لِيَكُنِ الزَّواجُ مُكَرَّمًا عِندَ جميعِ النّاس ِ، وليَكُنْ فِراشُ الزَّوجِيَّةِ طاهِرًا، لأنَّ اللهَ سَيَدينُ الفاجِرينَ والزُّناةَ.
|
5: | لِتَكُنْ سِيرَتُكُم مُنَزَّهَةً عَنْ مَحبَّةِ المالِ واقنَعوا بِما عِندَكُم. قالَ اللهُ: ((لا أهملُكَ ولا أترُكُكَ)). |
6: | فيُمكِنُنا أنْ نَقولَ واثِقينَ: ((الرَّبُّ عَوني فَلا أخافُ، وماذا يُمكِنُ للإنسانِ أنْ يَصنَعَ بي؟))
|
7: | اذكُروا مُرشِديكُمُ الّذينَ خاطَبوكُم بِكلامِ اللهِ، واعتَبِروا بِحياتِهِم ومَوتِهِم واقتَدُوا بإيمانِهِم. |
8: | أمَّا يَسوعُ فهوَ هوَ، بِالأمسِ واليومِ وإلى الأبَدِ. |
9: | لا تَنقادوا إلى الضَّلالِ بِتَعاليمَ مُختَلِفَةٍ غَريبَةٍ، فمِنَ الخَيرِ أنْ تتَقوَّى قُلوبُكُم بِالنِّعمَةِ، لا بِالأطعِمَةِ الّتي لا نَفعَ مِنها لِلَّذينَ يتَعاطَونَها.
|
10: | لنا مَذبَحٌ لا يَحِقُّ لِلَّذينَ يَخدُمونَ خَيمَةَ العَهدِ أنْ يأكُلوا مِنهُ، |
11: | لأنَّ الحَيَواناتِ الّتي يَدخُلُ رَئيسُ الكَهنَةِ بِدَمِها إلى قُدْسِ الأقداسِ كَفّارةً لِلخَطيئَةِ تأكُلُ النّار ُ أجسامَها في خارِجِ المَحَلَّةِ، |
12: | ولِذلِكَ ماتَ يَسوعُ في خارِجِ بابِ المدينةِ ليُقَدِّسَ الشَّعبَ بِدَمِهِ. |
13: | فلنَخرُجْ إلَيهِ، إذًا، في خارِجِ المَحَلَّةِ حامِلينَ عارَهُ. |
14: | فما لنا هُنا في الأرضِ مدينةٌ باقِيَةٌ، ولكِنَّنا نَسعى إلى مدينةِ المُستَقبَلِ. |
15: | فَلنُقَدِّمْ للهِ بِالمَسيحِ ذَبـيحَةَ الحَمدِ في كُلِّ حينٍ، ثَمرَةَ شِفاهٍ تُسبِّحُ بِاسمِهِ. |
16: | لا تَنسَوا عَمَلَ الخَيرِ والمُشاركَةَ في كُلِّ شيءٍ، فمِثلُ هذِهِ الذَّبائحِ تُرضي اللهَ.
|
17: | أطيعوا مُرشِديكُم واخضَعوا لهُم، لأنَّهُم يَسهَرونَ على نُفوسِكُم كأنَّ الله يُحاسِبُهُم علَيها، فيَعمَلوا عَمَلَهُم بِفَرَحٍ، لا بِحَسرَةٍ يكونُ لكُم فيها خَسارَةٌ.
|
18: | صَلُّوا لأجلِنا، فنَحنُ واثِقونَ لِسَلامَةِ ضَميرِنا، راغِبونَ أنْ نُحسِنَ التَّصرُّفَ في كُلِّ شيءٍ. |
19: | أطلُبُ إلَيكُم هذا بإلحاحٍ، حتّى يَرُدَّني اللهُ إلَيكُم في أسرَعِ وقتٍ.
|
صلاة |
20: | وأرجو إلَهَ السَّلامِ الّذي أقامَ مِنْ بَينِ الأمواتِ، بِدَمِ العَهدِ الأبدِيِّ، راعي الخِرافِ العَظيمَ رَبَّنا يَسوعَ، |
21: | أنْ يَجعَلَكُم كامِلينَ لِلعمَلِ بِمَشيئتِهِ في كُلِّ شيءٍ صالِحٍ، وأنْ يَعمَلَ فينا ما يُرضيهِ بِيَسوعَ المَسيحِ لَه المَجدُ إلى أبدِ الآبِدينَ، آمين.
|
ختام |
22: | وأطلُبُ إلَيكُم، أيُّها الإخوَةُ، أنْ يَتَّسِعَ صَدرُكُم لِرسالّتي هذِهِ، لأنِّي كتَبتُها باختِصارٍ. |
23: | أُخبِرُكُم أنَّ أخانا تيموثاوُسَ أُخليَ سَبيلُهُ. فإنْ حَضَرَ عمّا قَريبٍ، جِئتُ معَهُ لأراكُم.
|
24: | سَلِّموا على جميعِ مُرشِديكُم وعلى جميعِ الإخوَةِ القِدِّيسينَ. يُسَلِّمُ علَيكُمُ الإخوَةُ الّذينَ في إيطاليةَ.
|
25: | لِتَكُنِ النِّعمَةُ مَعكُم أجمَعينَ.
|