ألقانة وأهل بيته
1: | كانَ رَجلٌ مِنَ الرَّامةِ مِنْ جبَلِ أفرايمَ اَسمُهُ ألقانَةُ بنُ يَروحامَ بنِ أَلِيهُوَ بنِ توحوَ بنِ صُوفٍ الأفرايميِّ. |
2: | وكانَت لَه زَوجتانِ، إحداهُما حَنَّةُ والأخرى فِنِنَّةُ. فرُزِقَت فِنِنَّةُ بَنينَ، وأمَّا حَنَّةُ فما كانَ لها بَنونَ. |
3: | وكانَ ألقانَةُ يَصعدُ مِنْ مدينتِهِ كُلَ سنَةٍ لِيسجدَ لِلرّبِّ القديرِ ويُقدِّمَ لَه الذَّبائحَ في شيلوهَ، حَيثُ كانَ حِفني وفِنحاسُ، اَبنا عالي، كاهنَينِ لِلرّبِّ. |
4: | وكانَ إذا قدَّمَ ألقانَةُ الذَّبيحةَ لِلرّبِّ أعطى فِنِنَّةَ زَوجتَهُ وبَنيها وبَناتِها حِصَصًا مِنَ الذَّبيحةِ |
5: | وأمَّا حَنَّةُ فيُعطيها حِصَّةً واحدةً معَ أنَّهُ كانَ يُحِبُّها، لأنَّ الرّبَّ جعَلَها عاقِرًا. |
6: | وكانَت فِنِنَّةُ ضَرَّتُها تُغضِبُها وتُهينُها بِسبَبِ ذلِكَ. |
7: | وهكذا كانَ يَحدُثُ كُلَ سنَةٍ عِندَ صُعودِهِم إلى بَيتِ الرّبِّ، فكانَت فِنِنَّةُ تُغضِبُها فتبكي حَنَّةُ ولا تأكُلُ.
|
8: | فقالَ لها ألقانَةُ زَوجها: ((يا حَنَّةُ، لماذا تبكينَ ولا تأكُلينَ؟ ولماذا يكتئِبُ قلبُكِ؟ أما أنا خيرٌ لكِ مِنْ عشَرَةِ بَنينَ؟))
|
حنّة وعالي الكاهن |
9: | بَعدَ أنْ أكلوا وشرِبوا في شيلوهَ، قامَت حَنَّةُ، ووقَفَت أمامَ الرّبِّ تُصلِّي. وكانَ عالي الكاهنُ جالِسًا على كُرسيٍّ عِندَ مدخلِ هيكَلِ الرّبِّ. |
10: | فصلَّت إلى الرّبِّ بِمَرارةٍ وبَكَت |
11: | ونذَرَت نَذْرًا وقالَت: ((أيُّها الرّبُّ القديرُ، إذا نظَرْتَ إلى شَقاءِ أمَتِكَ وذَكرْتَني وما نَسيتَني، بل رزَقتَني مولودًا ذَكَرًا، فأنا أُكَرِّسُهُ لكَ كُلَ حياتِهِ، دونَ أنْ يَقُصَ شَعرَ رأسِهِ)). |
12: | وأطالَت حَنَّةُ صلاتَها لِلرّبِّ، وكانَ عالي الكاهنُ يُراقِبُ فَمَها. |
13: | كانَت تُصلِّي في قلبِها، وشَفتاها تتَحرَّكانِ ولا تُخرِجانِ صوتًا، فظنَّهَا عالي سَكْرى. |
14: | فقالَ لها: ((إلى متى أنتِ سَكْرى؟ أفيقي مِنْ خمرِكِ)). |
15: | فأجابَت: ((لا يا سيِّدي. أنا اَمرأةٌ حزينةُ النَّفْسِ لم أشربْ خمرًا ولا مُسكِرًا، بل أكشِفُ نفْسي أمامَ الرّبِّ. |
16: | فلا تَحسِبْ أمَتَكَ مِنْ بَناتِ السُّوءِ، فأنا أطَلتُ الصَّلاةَ مِنْ شِدَّةِ الحُزنِ والغَمِّ)). |
17: | فأجابَها عالي: ((إذهَبي بِسلامِ، وإلهُ إِسرائيلَ يُعطيكِ ما طلَبْتِ مِنهُ)). |
18: | فقالَت: ((أرجو يا سيِّدي أنْ أحظى بِعَطفِكَ)). ومَضَت في طريقِها، وأكلَت، وزالَ الحُزنُ عَنْ وجهِها.
|
مولد صموئيل وتكريسه |
19: | وبكَّرَ ألقانَةُ وأهلُ بَيتِهِ في الصَّباحِ وسجدوا لِلرّبِّ، ثُمَ رجعوا إلى منزِلِهِم في الرَّامةِ. ونامَ ألقانَةُ معَ حَنَّةَ زَوجتِه واَستَجابَ الرّبُّ صلاتَها، |
20: | فحَبِلَت في تِلكَ السَّنةِ ووَلَدَتِ اَبنًا ودَعتْهُ صَموئيلَ لأنَّها قالَت: ((مِنَ الرّبِّ طَلَبتُهُ)). |
21: | وبَعدَ ذلِكَ، صَعِدَ ألقانَةُ معَ جميعِ أهلِ بَيتِهِ إلى شيلوهَ لِيُقدِّمَ لِلرّبِّ الذَّبيحةَ السَّنويَّةَ ويوفيَ نَذْرَهُ. |
22: | أمَّا حَنَّةُ فلم تَصعَدْ وقالَت لِزَوجها: ((متى فطَمْتُ الصَّبيَ آخذُهُ إلى شيلوهَ لِيَحضَرَ أمامَ الرّبِّ ويُقيمَ هُناكَ كُلَ حياتِهِ)). |
23: | فقالَ لها ألقانَةُ: ((إفعلي ما يَحسُنُ في عَينيكِ واَنتَظِري حتى تَفطِميهِ، ونرجو أنْ يُحَقِّقَ الرّبُّ وعدَهُ)). فَلزمَت حَنَّةُ البيتَ تُرضِعُ اَبنَها حتى فطَمَتْهُ. |
24: | فلمَّا فَطَمتْهُ صَعِدت بِهِ إلى الرّبِّ في شيلوهَ ومعَها عِجلٌ اَبنُ ثَلاثِ سِنينَ وقُفَّةٌ مِن دقيقٍ وزِقُّ خمرٍ، وكانَ الصَّبيُّ طِفلاً. |
25: | فذَبَحوا العِجلَ وقدَّموا الصَّبيَ إلى عالي الكاهنِ. |
26: | وقالت لَه حَنَّةُ: ((أتَذكُرُ يا سيِّدي، أنا المرأةُ التي وقَفَت أمامَكَ هُنا تُصلِّي إلى الرّبِّ. |
27: | طَلبْتُ مِنهُ هذا الصَّبيَ، فأعطاني ما طَلَبْتُ. |
28: | فكَرَّسْتُهُ لِلرّبِّ كُلَ حياتِهِ. فهوَ مُكَرَّسٌ لهُ)). وسجدوا هُناكَ لِلرّبِّ.
|
|
الفصل : 2 |
صلاة حنّة
1: | وصلَّت حَنَّةُ وقالَت:بِكَ، يا ربُّ تَهَلَّلَ قلبي واَرتَفَعَ رأسي عاليًا فَمي يَضحكُ في وجهِ أعدائي لأنِّي فرِحتُ بِخلاصِكَ |
2: | لا أحدَ مِثلُ الرّبِّ، لا قُدُّوسَ ولا خالقَ سِواهُ.
|
3: | لا تُكثِروا مِنَ التَّبجُّحِ والإفتخارِ ولا يَخرُج مِنْ أفواهِكُم تكبُّرٌ لأنَّ الرّبَّ إلهٌ عليمٌ. يَدينُ أعمالَ البشَرِ. |
4: | تكسَّرَت أقواسُ الجبابرةِ وتَزنَّرَ الضُّعَفاءُ بالقوَّةِ. |
5: | الشَّبعانُ أجرَ نفْسَهُ لِيأكُلَ، وأمَّا الجوعانُ فاَستَغنى. العاقِرُ ولَدَتْ سَبعةً، وكثيرةُ البَنينَ ذَبلَت. |
6: | الرّبُّ يُميتُ ويُحيي. وإلى عالَمِ الأمواتِ يُسقِطُ ويُعلي. |
7: | الرّبُّ يُفقِرُ ويُغني. يَحُطُّ مَنْ يشاءُ ويرفَعُ مَنْ يشاءُ. |
8: | يُقيمُ المِسكينَ عَنِ التُّرابِ والبائِسَ عَنِ المَزبَلةِ، يُجلِسُهُما معَ العُظَماءِ ويَمنَحُهُما عرشَ المَجدِ،لأنَّ لِلرّبِّ أعمِدةَ الأرضِ، وعلَيها أرسى المسكونةَ، |
9: | يحفَظُ خطواتِ أتقيائِهِ، يَزولُ الأشرارُ في الظَّلامِ |
10: | خصومُ الرّبِّ يَنكسرونَ حينَ يُرعِدُ علَيهِم مِنَ السَّماءِ. الرّبُّ يَدينُ أقاصيَ الأرضِ. يَختارُ مَلِكَهُ ويَمسحُهُ ويَمنَحهُ النَّصرَ والعِزَّ. |
11: | ثمَ ذهبَ ألقانَةُ إلى مَنزِلِه في الرَّامةِ، وأمَّا الصَّبيُّ فظَلَ يَخدُمُ الرّبَّ عِندَ عالي الكاهنِ.
|
بنو عالي الكاهن |
12: | وكانَ بَنو عالي حقيرينَ لا يعرفونَ الرّبَّ |
13: | ولا حَقَ الكهَنةِ على الشَّعبِ. فكُلَّما ذبحَ رَجلٌ ذبيحةً أرسلوا خادِمَ الكاهنِ عِندَ طَبْخ اللَّحمِ، وبِيدِهِ شوكةٌ لها ثَلاثُ شُعَبٍ، |
14: | فيضرِبُها في المِرجلِ أوِ الطَّبَقِ أوِ المِقلَى أوِ القِدرِ ويأخذُ ما خرج بِها لِلكاهنِ. هكذا كانَ بَنو عالي يُعامِلونَ جميعَ بَني إِسرائيلَ القادِمينَ إلى شيلوهَ لِيَذبَحوا لِلرّبِّ. |
15: | بل كانَ خادِمُ الكاهنِ يَجيءُ قَبلَ حَرْقِ الشَّحْمِ إلى صاحِبِ الذَّبيحةِ ويقولُ لَه: ((هاتِ لحمًا لِلشَّويِ، فالكاهنُ لا يأخذُ مِنكَ لحمًا مَطبوخا بل نيِّئًا)). |
16: | فإذا أجابَهُ الرَّجلُ: ((مَهلاً حتى يحترِقَ الشَّحْمُ أوَّلاً فتأخذَ ما تشتَهي نفْسُكَ)). أجابَهُ الخادمُ: ((كلاَ، بلِ الآنَ تُعطيني وإلاَ أخذْتُ مِنكَ بِالقوَّةِ)). |
17: | وكانَت خطيئةُ بَني عالي عظيمةً جدُا أمامَ الرّبِّ لأنَّهُم اَحتَقَروا ذبيحتَهُ.
|
صموئيل في شيلوه |
18: | وكانَ صَموئيلُ يَخدُمُ الرّبَّ وهوَ صَبيًّ، وكانَ يَلبَسُ أفودًا مِنْ كَتَّانٍ. |
19: | وكانَت حَنَّةُ أمُّهُ تَنسُج لَه جبَّةً صغيرةً وتَأتيهِ بِها كُلَ سنَةٍ حينَ تصعَدُ معَ زَوجها لِيقَدِّمَ الذَّبيحةَ السَّنويَّةَ. |
20: | فيُبارِكُ عالي الكاهنُ ألقانَةَ وزَوجتَهُ ويقولُ لَه: ((يَرزُقُكَ اللهُ نَسلاً مِنْ هذِهِ المرأةِ بدَلَ الابنِ الذي كَرَّسْتَهُ لِلرّبِّ)). ثمَ يَرجعانِ إلى مَنزِلِهِما. |
21: | وبارَكَ الرّبُّ حَنَّةَ، فحَملَت ووَلَدت ثَلاثةَ بَنينَ واَبنَتَينِ. وشبَ صَموئيلُ الصَّبيُّ أمامَ الرّبِّ، |
22: | وأمَّا عالي فشاخ جدُا. وعَلِمَ عالي بِكُلِّ ما يفعَلُ بَنوهُ بِجميعِ بَني إِسرائيلَ، وبأنَّهُم ينامونَ مع النِّساء اللَّواتي كُنَّ يخدُمنَ عِندَ بابِ خيمَةِ الاجتِماعِ، |
23: | فقالَ لهُم: ((لِماذا تعملونَ هذِهِ الأعمالَ؟ وما هذا الخبَرُ القبيحُ الذي أسمَعُ عَنكُم مِنْ جميعِ هذا الشَّعبِ؟ |
24: | لا يا أبنائي، فهذِهِ السُّمعَةُ غيرُ حسَنةٍ، وأنتُم تدفعونَ شعبَ الرّبِّ إلى المعصِيةِ. |
25: | إذا خطِئَ إنسانٌ إلى آخرَ فاللهُ يَحكُمُ، وأمَّا إذا خطئَ إنسانٌ إلى الرّبِّ فمَنْ يكونُ حَكَمًا؟)) فما سَمِعوا لِكلامِ أبيهِم، لأنَّ الرّبَّ شاءَ أن يُميتَهُم. |
26: | وأمَّا صَموئيلُ الصَّبيُّ فكانَ يَنمو ويَحظى بِعَطفِ الرّبِّ والنَّاسِ.
|
كلام الرّبّ على بني عالي |
27: | وجاءَ نبيًّ إلى عالي وقالَ لَه: ((هذا ما يقولُ الرّبُّ: أما تَجلَّيتُ لِسَلَفِكَ هرونَ، وهوَ بِمصْرَ في أرضِ فِرعَونَ، |
28: | واَخترْتُ بَيتَ هرونَ مِنْ جميعِ أسباطِ بَني إِسرائيلَ كهَنةً لي لِيَصعَدوا إلى مذبَحي ويُحرِقوا البَخورَ ويلبَسوا أفودًا أمامي؟ أما أعطَيتُهُم حِصَّةً مِنْ جميعِ الذَّبائِحِ التي يُقَدِّمُها لي بَنو إِسرائيلَ؟ |
29: | فلماذا نظَرْتُم بِنَهَمِ إلى ذبائحي وتقدماتي التي أمَرْتُ بِها في بَيتي المُقدَّسِ؟ لماذا فضَّلتَ بَنيكَ عليَ حتى يتَسمَّنوا بأفضَلِ ما يُقَدِّمُهُ لي بَنو إسرائيلَ شعبي؟ |
30: | قُلتُ مِنْ قَبلُ، أنا الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ، إنَّ نسلَكَ ونسلَ أبيكَ يَخدِمونَني إلى الأبدِ، أمَّا الآنَ فأقولُ: لن يكونَ ذلِكَ بَعدَ اليومِ. فأنا أُكرِمُ الذينَ يُكرِمونَني، أمَّا الذينَ يَستَهينونَ بي، يُهانونَ. |
31: | لِذَلكَ تأتي أيّامٌ أُعاقِبُكَ فأُزيلُ فيها كُلَ شابٍّ في بَيتِكَ وعشيرتِكَ، فلا يَشيخ مِنهُم أحدٌ. |
32: | وترى خصمَكَ يَخدُمُ في المَعبدِ وتنظُرُ بِعينِ الحسَدِ إلى جميعِ الخيرِ الذي أُحسِنُ بِهِ إلى بَني إِسرائيلَ، ولن يَشيخ في بَيتِكَ أحدٌ. |
33: | ولكِنِّي أُبقي في بَيتِكَ على رَجلٍ يَخدُمُ أمامَ مذبَحي، إلى أنْ تكِلَ عيناهُ وتذوبَ نفْسُهُ، وكُلُّ مَن يُولَدُ في بَيتِكَ يموتُ شابُا. |
34: | وعِندَما يموتُ اَبناكَ حفني وفِنحاسُ في يومِ واحدٍ، يكونُ لكَ ذلِكَ عَلامةً تُثبِتُ ما أقولُ. |
35: | ثمَ أُقيمُ لي كاهنًا أمينًا يعمَلُ حسَبَ ما في قلبي ونفْسي، وأبني لَه بَيتًا لا تنقطِعُ ذُرِّيَّتُه، فيخدمونَ مَنْ أمسَحُهُ مَلِكًا كُلَ الأيّامِ. |
36: | وكُلُّ مَنْ يبقى مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يأتيهِ ويرتَمي أمامَهُ لأجلِ قِطعةٍ منْ فِضَّةٍ ورغيفِ خبزٍ، ويقولُ لَه مُلتَمِسًا: دَعني أساعِدِ الكهَنةَ لآكُلَ كِسرَةَ خبزٍ)).
|
|
الفصل : 3 |
الربّ يدعو صموئيل
1: | أمَّا صَموئيلُ الصَّبيُّ، فكانَ يَخدُمُ الرّبَّ بإشرافِ عالي. وكانَت كلمَةُ الرّبِّ نادرةً والرُّؤى قليلَةً في ذلِكَ الزَّمانِ. |
2: | وفي إحدى اللَّيالي كانَ عالي الكاهنُ نائمًا في غُرفَتِهِ واَبتدَأت عيناهُ تَضعُفانِ فلم يَقدِرْ أنْ يُبصِرَ. |
3: | ومِصباحُ بَيتِ اللهِ لم يَنطَفِئْ بَعدُ، وصَموئيلُ نائمًا في الهيكَلِ حيثُ تابوتُ العَهدِ. |
4: | فدَعا الرّبُّ صَموئيلَ، فأجابَ: ((ها أنا يا سيِّدي)). |
5: | وأسرعَ إلى عالي وقالَ لَه: ((دَعوتَني، فها أنا)). فقالَ لَه: ((ما دَعَوتُكَ. إرجعْ ونَمْ)). فرجعَ صَموئيلُ ونامَ. |
6: | فعادَ الرّبُّ ودَعا صَموئيلَ ثانيةً، فقامَ وأسرعَ إلى عالي وقالَ لَه: ((دَعوتَني، فها أنا)). فقالَ لَه: ((ما دَعَوتُكَ يا اَبني. إرجعْ ونَمْ)). |
7: | ولم يكُنْ صَموئيلُ عرَفَ الرّبَّ ولا كلامُهُ اَنكَشَفَ لَه بَعدُ. |
8: | فعادَ الرّبُّ ودَعا صَموئيلَ ثالثةً، فقامَ صَموئيلُ وأسرعَ إلى عالي وقالَ لَه: ((دَعوتَني، فها أنا)). ففَهِمَ عالي أنَّ الرّبَّ يدعو الصَّبيَ، |
9: | فقالَ لَه: ((إذهَبْ ونَمْ، وإنْ دَعاكَ صوتٌ فَقُلْ: تكلَّمْ يا ربُّ لأنَّ عبدَكَ سامِعٌ)). فذهَبَ صَموئيلُ إلى فِراشِهِ ونامَ.
|
10: | فجاءَ الرّبُّ واَقتَرَبَ مِنْ صَموئيلَ ودَعاهُ كالمرَّاتِ السَّابقةِ: ((صَموئيلُ، صَموئيلُ)). فأجابَ صَموئيلُ: ((تَكلَّمْ يا ربُّ لأنَّ عبدَكَ سامعٌ)). |
11: | فقالَ لَه الرّبُّ: ((سأعمَلُ في إِسرائيلَ عمَلاً يُذهِلُ كُلَ مَنْ سَمِعَ بهِ |
12: | في ذلِكَ اليومِ أُنفِّذُ بِنسلِ عالي كُلَ وعيدي مِنْ أوَّلِهِ إلى آخرِهِ. |
13: | فأنا أنذَرْتُهُ بأنِّي سأقضي على نسلِهِ إلى الأبدِ، لأنَّهُ عَلِمَ أنَّ بَنيهِ أثِموا، ولم يَردَعْهُم. |
14: | ولِذلِكَ أقسمْتُ أنَّ لا ذبيحةَ ولا تقدمةَ تُكَفِّرانِ عَنْ إثْمِ عالي ونسلِهِ إلى الأبدِ)). |
15: | وبَقيَ صَموئيلُ نائمًا حتى الصُّبحِ، ثمَ فتحَ أبوابَ بَيتِ الرّبِّ وخافَ أنْ يكشِفَ الرُّؤيا إلى عالي. |
16: | فدَعاهُ عالي وقالَ لَه: ((يا صَموئيلُ اَبني))، فأجابَهُ صَموئيلُ: ((ها أنا)) |
17: | فقالَ لَه: ((ما قالَ الرّبُّ لكَ، عاقبَكَ اللهُ وزادَ عِقابَكَ، إنْ أخفَيتَ عنِّي كلمةً مِنْ كلماتِهِ لكَ)). |
18: | فأخبَرَهُ صَموئيلُ وما أخفى عَنهُ شيئًا. فقالَ عالي: ((هوَ الرّبُّ لِيفعَلْ ما حَسُنَ في عينيهِ)). |
19: | وكبُرَ صَموئيلُ وكانَ الرّبُّ معَهُ، ولم يُهمِلْ شيئًا مِنْ جميعِ ما كلَّمَهُ بهِ. |
20: | وعَلِمَ بَنو إِسرائيلَ، مِن دانَ إلى بِئرِ سَبْعَ، أنَّ الرّبَّ اَختارَ صَموئيلَ نبيُا. |
21: | وعادَ الرّبُّ يَتراءى في شيلوهَ، لأنَّهُ تَجلَّى لِصَموئيلَ هُناكَ وكلَّمَهُ.
|
|
الفصل : 4 |
الفلسطيُّون يأخذون تابوت العهد
1: | وكانَ بَنو إِسرائيلَ يَسمعونَ إلى كُلِّ ما يقولُه صَموئيلُ وخرَج بَنو إِسرائيلَ لِمُحارَبةِ الفلِسطيِّينَ، فنزَلوا عِندَ ابن عازرَ ونزَلَ الفلِسطيُّونَ في أفيقَ. |
2: | واَصطَفَ الفلِسطيُّونَ قُبالةَ بَني إِسرائيلَ وحَميَتِ الحربُ، فاَنهَزَمَ بَنو إِسرائيلَ مِنْ وجهِ الفلِسطيِّينَ وسقَطَ مِنهُم في ساحةِ القِتالِ نحوَ أربعَةِ آلافِ رَجلٍ. |
3: | فلمَّا رجعَ الباقونَ إلى المُعسكَرِ، قالَ شُيوخ بَني إِسرائيلَ: ((لماذا كسَرَنا اليومَ الرّبُّ أمامَ الفلِسطيِّينَ؟ فلنَأخذْ مِنْ شيلوهَ تابوتَ عَهدِ الرّبِّ، فيكونَ في وسَطِنا لِيُخلِّصَنا مِنْ أيدي أعدائِنا)). |
4: | فأرسَلوا إلى شيلوهَ جماعةً حمَلَت مِنْ هُناكَ تابوتَ عَهدِ الرّبِّ القديرِ الجالسِ على الكَروبيمِ. وسارَ اَبنا عالي، حفني وفِنحاسُ، معَ تابوتِ العَهدِ. |
5: | فلمَّا دخلَ تابوتُ العَهدِ إلى المُعَسكَرِ هتفَ جميعُ بَني إِسرائيلَ هُتافًا عظيمًا حتى اَرتَجتِ الأرضُ. |
6: | وسَمِعَ الفلِسطيُّونَ الهُتافَ فقالوا: ((ما هذا الهُتافُ العظيمُ في مُعسكَرِ العِبرانيِّينَ؟)) فقيلَ لهُم إنَّ تابوتَ العَهدِ جاءَ إلى المُعسكَرِ، |
7: | فاَرتَعَبوا وقالوا: ((جاءَ اللهُ إلى المُعسكَرِ. الويلُ لنا، ما حدثَ شيءٌ كهذا مِنْ قَبلُ. |
8: | الويلُ لنا، مَنْ يُنقِذُنا مِنْ يَدِ هذا الإلهِ القادِرِ الذي أنزلَ بِمِصْرَ جميعَ الضَّرباتِ في البَرِّيَّةِ. |
9: | تشَجعوا أيُّها الفلِسطيُّونَ وكونوا رِجالاً لئلاَ يَستَعبِدَكُمُ العِبرانيُّونَ كما اَستَعبدْتُموهُم أنتُم. فكونوا رِجالاً وقاتِلوا)). |
10: | ونزَلَ الفلِسطيُّونَ إلى المعركَةِ، فاَنهَزَمَ بَنو إِسرائيلَ وهربَ كُلُّ واحدٍ مِنهُم إلى خيمَتِهِ. وكانَتِ الضَّربةُ عظيمةً جدُا، فسَقطَ مِنهُم ثَلاثونَ ألفَ رَجلٍ. |
11: | واَستَولى الفلِسطيُّونَ على تابوتِ العَهدِ، وقُتِلَ اَبنا عالي، حفني وفِنحاسُ.
|
موت عالي الكاهن |
12: | وأسرعَ رجلٌ مِنْ بنيامينَ مِنْ ساحةِ القِتالِ وجاءَ إلى شيلوهَ في ذلِكَ اليومِ، بَعدَ أنْ مزَّقَ ثيابَهُ وذرَ التُّرابَ على رأسِهِ. |
13: | ولما وصَلَ إلى شيلوه، نشَرَ فيها الخبَرَ فضَجتِ المدينةُ كُلُّها. وكانَ عالي الكاهنُ جالسًا على الكُرسيِّ أمامَ البابِ يُراقِبُ الطَّريقَ، لأنَّ قلبَهُ كانَ خائفًا على تابوتِ العَهدِ، |
14: | فسَمِعَ الضَّجيج فسألَ: ((ما هذِهِ الضَّجةُ؟)) فأسرعَ الرَّجلُ وأخبَرَهُ بالأمرِ، |
15: | وكانَ عالي اَبنَ ثمانٍ وتِسعينَ سنَةً، وكانَت عيناهُ ضعيفتَينِ ولم يَكُنْ يُبصِرُ. |
16: | فقالَ الرَّجلُ لِعالي ((أنا هارِبٌ مِنْ ساحةِ القِتالِ، ومِنها جئتُ اليومَ)). فسألَهُ عالي: ((ما الخبَرُ يا اَبني؟)) |
17: | فأجابَهُ الرَّجلُ: ((إنهَزَمَ بَنو إِسرائيلَ مِنْ وجهِ الفلِسطيِّينَ ونَزَلت بِهِم ضَربةٌ عظيمةٌ، وقُتِلَ اَبناكَ أيضًا، حفني وفِنحاسُ، واَستَولَوا على تابوتِ العَهدِ)). |
18: | فلمَّا ذكَرَ الرَّجلُ تابوتَ العَهدِ سقَطَ عالي عَنْ كُرسيِّهِ إلى الخلْفِ جانِبَ البابِ، فاَنكسَرَت رَقبَتُه وماتَ، لأنَّهُ كانَ عجوزًا وثقيلَ الجسمِ. وكانَ حَكَمَ بَني إِسرائيلَ أربعينَ سنَةً.
|
موت زوجة فنحاس |
19: | وكانَت كَنَّةُ عالي، زَوجةُ فِنحاسَ، حُبلى وحانَ وقتُها لِتَلِدَ. فلمَّا سَمِعَت أنَّ الفلِسطيِّينَ أخذوا تابوتَ العَهدِ وأنَّ حَماها وزَوجها ماتا، اَنحَلَّت مَفاصِلُها وسقَطَت ووَلَدَت. |
20: | ولمَّا أشرَفَت على الموتِ قالَ لها مَنْ كانَ حَولَها: ((لا تخافي، لأنَّ الذي ولَدتِهِ ذَكَرٌ))، فما أجابَتْهم وما اَهتَمَّت.
|
21: | وسَمَّتِ الصَّبيَ إيخابودَ وقالَت: ((زالَ مَجدُ إِسرائيلَ)). مُشيرةً إلى اَستيلاءِ الفلِسطيِّينَ على تابوتِ العَهدِ وإلى موتِ حَميِّها وزَوجها. |
22: | وقالَت: ((زالَ المَجدُ عَنْ إِسرائيلَ لأنَّ تابوتَ العَهدِ أُخذَ)).
|
|
الفصل : 5 |
تابوت العهد عند الفلسطيين
1: | أخذَ الفلِسطيُّونَ تابوتَ العَهدِ وجاؤوا بهِ مِن اَبنِ عازَرَ إلى أشدودَ، |
2: | حيثُ أدخلوهُ بَيتَ داجونَ إلَهِهِم، ووَضَعوهُ بِقُربِهِ. |
3: | وبَكَّرَ الأشدوديُّونَ في الصَّباحِ، فوَجدوا داجونَ مُلقًى على وجهِهِ على الأرضِ أمامَ تابوتِ العَهدِ، فحَملوهُ ورَدُّوهُ إلى موضِعِه. |
4: | ثُمَ بكَّروا في صَباحِ اليومِ الثَّاني، فوَجدوا داجونَ مُلقًى على وجهِهِ على الأرضِ أمامَ تابوتِ العَهدِ، ورأسُهُ ويَداهُ مَقطوعةٌ عِندَ عتَبةِ البابِ، |
5: | وجثَّتُهُ وحدَها في موضِعِها. لِذلِكَ لا يدوسُ كهَنةُ داجونَ، وجميعُ الدَّاخلينَ بَيتَ داجونَ عتبةَ بابِهِ في أشدودَ إلى هذا اليومِ.
|
6: | وثَقُلَت يَدُ الرّبِّ على أهلِ أشدودَ، فرمى الرُّعبَ فيهِم، وضربَهُم بِالبَواسيرِ في أشدودَ وأراضيها.
|
7: | فلمَّا رَأوا ذلِكَ قالوا: ((لن يَبقى تابوتُ عَهدِ إلهِ إِسرائيلَ عِندَنا، لأنَّ يَدَهُ قاسيةٌ علَينا وعلى داجونَ إلهِنا)).
|
8: | وجمَعوا إليهِم مُلوكَ الفلِسطيِّينَ الخمسةَ وقالوا لهُم: ((ماذا نصنَعُ بِتابوتِ عَهدِ إلهِ إِسرائيلَ؟)) فأجابوا: ((نَنقُلُهُ إلى جتَ)). فنَقلوهُ إلى جتَ.
|
9: | وبَعدَ أنْ نَقلوهُ نزَلَت يَدُ الرّبِّ على المدينةِ بِرُعبٍ عظيمِ جدُا، وضربَ أهلَها مِنَ الصَّغيرِ إلى الكبيرِ، وتفَشَّت فيهِمِ البَواسيرُ.
|
10: | فأرسَلوا تابوتَ العَهدِ إلى عقرونَ، فلمَّا دخلَ المدينةَ صرخ أهلُها وقالوا: ((جاؤوا بِتابوتِ عَهدِ إلهِ إِسرائيلَ لِيَقتُلونا نحنُ وشعبَنا)).
|
11: | وجمَعوا مُلوكَ الفلِسطيِّينَ الخمسةَ وقالوا: ((رُدُّوا تابوتَ عَهدِ إلهِ إِسرائيلَ إلى موضِعِهِ لِئلاَ يقتُلَنا نحنُ وشعبَنا)). وأخذَ الرُّعبُ يَعُمُّ المدينةَ كُلَّها. وكانَت يَدُ اللهِ هُناكَ قاسيةً جدُا، |
12: | ومَنْ لم يَمُتْ مِنْهم أُصيبَ بِالبَواسيرِ، واَرتفَعَ صُراخ أهلِ المدينةِ حتى السَّماءِ.
|
|
الفصل : 6 |
استرداد تابوت العهد
1: | وبقيَ تابوتُ العَهدِ في بِلادِ الفلِسطيِّينَ سبعَةَ أشهرٍ، |
2: | فدَعا الفلِسطيُّونَ الكُهَّانَ والعَرَّافينَ وسألوهُم: ((ما نصنَعُ بِتابوتِ العَهدِ؟ أخبِرونا كيفَ نُعيدُهُ إلى مُقامِهِ)). |
3: | فأجابوا: ((إذا أعَدْتُم تابوتَ عَهدِ إلهِ إِسرائيلَ فلا تُعيدوهُ دونَ شيءٍ، بل قدِّموا لَه قربانًا تُكفِّرونَ بهِ عَنْ إِثْمِكُم فتَبرأونَ وتعلَمونَ لِماذا يَدُهُ لم تَكُفَ عَنكُم)). |
4: | فقالوا: ((ما قربانُ التَّكفيرِ الذي نُقدِّمُهُ لهُ؟)) قالوا: ((خمسةُ أشكالِ بَواسيرَ مِنْ ذهَبٍ على عددِ مُلوكِ الفلِسطيِّينَ، وخمسةُ أشكالِ فِئرانٍ مِنْ ذهَبٍ، لأنَّ ضَربةً واحدةً شمَلتْكُم جميعًا أنتُم ومُلوكَكُم، |
5: | فتَصوغونَها على مِثال بَواسيرِكُم ومِثالِ فِئرانِكُم التي تُخرِّبُ أرضَكُم، وتُمجدونَ إلهَ إِسرائيلَ، لعلَّهُ يُخفِّفُ يَدَهُ عَنكُم وعَنْ آلِهَتِكُم وأرضِكُم. |
6: | لماذا تُقَسُّونَ قُلوبَكُم كما قسَّى المِصْريُّونَ وفِرعَونُ قُلوبَهُم؟ فبَعدَ أنْ أنزَلَ اللهُ علَيهِمِ الضَّرَباتِ، أطلَقوا بَني إِسرائيلَ فخرَجوا مِنَ البِلادِ. |
7: | والآنَ اَصنَعوا مركَبةً جديدةً، وخذوا بقرتَينِ مُرضِعَينِ لم يُوضَعْ علَيهِما نيرٌ، وشُدُّوهُما إلى المركَبةِ، ورُدُّوا عِجلَيهِما إلى الحظيرةِ. |
8: | وخذوا تابوتَ العَهدِ وضَعوهُ على المركبةِ، وبِجانِبِهِ ما أمَرْناكُم بهِ مِنَ الذَّهَبِ الذي تُقَدِّمونَهُ لَه قربانَ تكفيرٍ، وأطلِقوهُ فيذهَبَ. |
9: | واَنظُروا إليهِ، فإنْ صَعِدَ الطَّريقَ إلى أرضِهِ صَوبَ بَيتِ شَمسَ، يكونُ هوَ الذي أنزَلَ بِنا هذا البَلاءَ العظيمَ، وإلاَ عَلِمنا أنَّ يدَهُ لم تَكُنْ هيَ التي ضرَبَتْنا، وإنَّما كانَ ذلِكَ مُصادَفَةً)).
|
10: | ففَعَلوا كذلِكَ. أخذوا بقَرتَينِ مُرضِعَينِ وشَدُّوهُما إلى المركَبةِ، وحبَسوا عِجلَيهِما في الحظيرةِ، |
11: | ووَضَعوا تابوتَ العَهدِ على المركَبةِ معَ الصُّندوقِ الذي فيهِ أشكالُ الفِئرانِ والبَواسيرِ الذَّهبيَّةِ. |
12: | فتَوجهَتِ البقَرتانِ في طريقِهِما إلى بَيتِ شَمسَ. وكانَتا تَسيرانِ، وهُما تَخورانِ في سَيرِهِما، باَتِّجاهٍ واحدٍ فلا تَميلانِ يمينًا ولا شمالاً. وكانَ مُلوكُ الفلِسطيِّينَ الخمسةُ يَسيرونَ وراءَهُما إلى أنْ بلَغَتا حُدودَ أرضِ بَيتِ شَمسَ. |
13: | وكانَ أهلُ بَيتِ شَمسَ يَحصدونَ الحِنطةَ في السَّهلِ، فلمَّا رفَعوا عُيونَهُم وأبصَروا التَّابوتَ فرِحوا لِرُؤيتِهِ. |
14: | ووصَلَتِ المركَبةُ إلى حقلِ يَشوعَ في بَيتِ شَمسَ ووَقَفت هُناكَ قُربَ حجرٍ كبيرٍ، فشَقُّوا خشَبَ المركَبةِ وقدَّموا البقرَتيَنِ مُحرقَةً لِلرّبِّ.
|
15: | وأنزَلَ اللاَويُّونَ تابوتَ العَهدِ وصُندوقَ الأشكالِ الذَّهبِيَّةِ ووَضَعوهُما على الحجرِ الكبيرِ. ثُمَ أصعَدَ أهلُ بَيتِ شَمسَ مُحرقاتٍ وقدَّموا ذبائِحَ لِلرّبِّ. |
16: | حينَما رآهُم مُلوكُ الفلِسطيِّينَ الخمسةُ رجعوا في ذلِكَ اليومِ إلى عقرونَ. |
17: | أمَّا أشكالُ البَواسيرِ الذَّهَبيَّةِ الخمسةِ التي قدَّمَها الفلِسطيُّونَ قربانَ تكفيرٍ لِلرّبِّ، فواحدٌ مِنها عَن كُلٍّ مِنْ أشدودَ وغزَّةَ وأشقَلونَ وجتَ وعقرونَ. |
18: | وأمَّا أشكالُ فِئرانِ الذَّهَبِ الخمْسِ فعلى عدَدِ جميعِ مُدُنِ الفلِسطيِّينَ التَّابِعةِ لِلمُلوكِ الخمسةِ، سَواءٌ المُدُنُ المُسَوَّرةُ أوِ القُرى المكشوفةُ. والحجرُ الكبيرُ الذي وَضَعوا علَيهِ تابوتَ العَهدِ بقيَ إلى اليومِ في حقلِ يَشوعَ في بَيتِ شَمسَ. |
19: | وضرَبَ الرّبُّ أهلَ بَيتِ شَمسَ لأنَّهُم نظَروا إلى تابوتِ العَهدِ، فماتَ مِنهُم سَبعونَ رَجلاً. فناحوا لهذِهِ الضَّربةِ العظيمةِ |
20: | وقالوا: ((مَنْ يَقدِرُ أنْ يَصمُدَ أمامَ الرّبِّ الإلهِ القُدُّوسِ هذا؟ ومَنْ يُبعِدُ هذا التَّابوتَ عنَّا؟)) |
21: | وأرسلوا إلى سُكَّانِ قريةِ يَعاريمَ يقولونَ: ((رَدَ الفلِسطيُّونَ تابوتَ العَهدِ، فتَعالَوا وأصْعِدوه إليكُم)).
|
|
الفصل : 7 |
1: | فجاء أهلُ قريةِ يَعاريمَ وأصعَدوا تابوتَ العَهدِ وأدخلوهُ بَيتَ أبينادابَ على التَّلَّةِ وكَرَّسوا ألعازارَ اَبنَه لِحِراسَتِهِ. |
2: | وبقيَ تابوتُ العَهدِ في قريةِ يَعاريمَ مُدَّةَ عِشرينَ سنَةً، صرَخ بَعدَها جميعُ بَني إسرائيلَ إلى الرّبِّ.
|
صموئيل يحكم إِسرائيل |
3: | فقالَ صَموئيلُ لِبَني إِسرائيلَ: ((إذا رَجعتُم إلى الرّبِّ مِنْ كُلِّ قُلوبِكُم، أزيلوا الآلِهةَ الغريبةَ وتَماثيلَ عَشتاروتَ مِنْ بَينِكُم، وثَبِّتوا قُلوبَكُم في الربِّ واَعبُدوهُ وحدَهُ، فيُنقِذَكُم مِنْ أيدي الفلِسطيِّينَ)). |
4: | فأزالَ بَنو إِسرائيلَ تَماثيلَ بَعلَ وعَشتاروتَ وعبَدوا الرّبَّ وحدَهُ.
|
5: | فقالَ لهُم صَموئيلُ: ((إجتَمِعوا كُلُّكُم في المِصفاةِ، فأصلِّيَ لأجلِكُم إلى الرّبِّ)). |
6: | فاَجتَمَعوا في المِصفاةِ وغرَفوا ماءً وصَبُّوهُ أمامَ الرّبِّ وصاموا في ذلِكَ اليومِ وقالوا: ((خطِئنا إلى الرّبِّ)). وهُنا في المِصفاةِ صارَ صَموئيلُ حاكمًا على بَني إِسرائيلَ. |
7: | وسَمِعَ الفلِسطيُّونَ أنَّ بَني إِسرائيلَ اَجتَمَعوا في المِصفاةِ، فصَعِدَ مُلوكُهُم إليهِم. فلمَّا سَمِعَ بَنو إِسرائيلَ بِصُعودِهِم خافوا |
8: | وقالوا لِصَموئيلَ: ((لا تكُفَ عَنِ الدُّعاءِ لأجلِنا إلى الربِّ إلهِنا، لِيُخلِّصَنا مِنْ أيدي الفلِسطيِّينَ)). |
9: | فأخذَ صَموئيلُ حمَلاً رضيعًا وقدَّمَهُ مُحرقَةً للرّبِّ وصلَّى إليهِ لأجلِ بَني إِسرائيلَ، فاَستَجابَ لَه الرّبُّ. |
10: | وبَينَما كانَ يُقدِّمُ المُحرَقةَ أقبَلَ الفلِسطيُّونَ لِمُحارَبةِ بَني إِسرائيلَ، فأرعَدَ الرّبُّ بِصوتٍ عظيمِ في ذلِكَ اليومِ على الفلِسطيِّينَ وأرعَبَهُم، فاَنهَزَموا مِنْ وجهِ بَني إِسرائيلَ |
11: | فخرَج رِجالُ بَني إِسرائيلَ مِنَ المِصفاةِ وطارَدوهُم إلى ما تَحتَ بَيتِ كارَ. |
12: | فأخذَ صَموئيلُ حجرًا ونصَبَهُ بَينَ المِصفاةِ والسِّنِّ وسَمَّاهُ ابنَ عازَرَ المعونةِ، وقالَ: ((إلى هُنا أعاننا الرّبُّ)). |
13: | فخضعَ الفلِسطيُّونَ ولم يَعودوا يَدخلونَ حُدودَ بَني إِسرائيلَ، وكانَت يَدُ الرّبِّ مَرفوعةً على الفلِسطيِّينَ كُلَ أيّامِ صَموئيلَ. |
14: | واَستردَ بَنو إِسرائيلَ المُدُنَ التي أخذَها مِنهُمُ الفلِسطيُّونَ، مِن عقرونَ إلى جتَ، وبِذلِكَ اَستَعادوا كُلَ أراضيهِم. وكانَ سلامٌ بَينَ بَني إِسرائيلَ والأموريِّينَ. |
15: | وتولَّى صَموئيلُ الحُكمَ على بَني إِسرائيلَ كُلَ حياتِهِ. |
16: | وكانَ يذهَبُ كُلَ سنَةٍ ويطوفُ في بَيتِ إيلَ والجلجالِ والمِصفاةِ ويقضي لإِسرائيلَ في جميعِ تِلكَ الأماكِنِ، |
17: | ثُمَ يرجعُ إلى بَيتِه في الرَّامةِ ويقضي هُناكَ أيضًا لِبَني إِسرائيلَ. واَبتَنى في الرَّامةِ مذبحًا لِلرّبِّ.
|
|
الفصل : 8 |
الشعب يطالب بملك عليهم
1: | ولمَّا شاخ صَموئيلُ أوكَلَ إلى بَنيهِ القضاءَ لإِسرائيلَ. |
2: | فكانَ اَبنُه البِكْرُ يوئيلُ، واَبنُهُ الثَّاني أبيَّا، قاضِيَينِ في بِئرِ سَبعَ. |
3: | ولم يَقتَدِيا بِأبيهِما، فسَعيا وراءَ المكاسِبِ، وقَبِلا الرَّشوةَ، واَستَهانا بِالعَدالةِ.
|
4: | فاَجتمَعَ شُيوخ بَني إسرائيلَ وجاؤُوا إلى صَموئيلَ في الرَّامةِ |
5: | وقالوا لَه: ((أنتَ شِختَ، وبَنوكَ لا يقتَدونَ بِكَ، فأقِمْ علَينا مَلِكًا يقضي بَينَنا كما هيَ الحالُ في جميعِ الأُمَمِ)). |
6: | فاَستاءَ صَموئيلُ مِنْ قولِهِم: ((أقِمْ علَينا مَلِكًا يقضي بَينَنا)). فصلَّى إلى الرّبِّ. |
7: | فقالَ لَه الرّبُّ: ((إسمَعْ لِكلامِ الشَّعبِ في جميعِ ما يقولونَ لكَ. فهُم لا يرفُضونَكَ أنتَ، وإنَّما يرفُضونَني أنا كَمَلِكٍ علَيهِم.
|
8: | فكما عامَلوني مُنذُ أخرَجتُهُم مِنْ أرضِ مِصْرَ إلى هذا اليومِ إذْ تركوني وعبَدوا آلِهةً غريبةً، هكذا يُعامِلونَكَ أنتَ أيضًا. |
9: | فاَسمَعْ لِقولِهِم، ولكِنْ أنذِرْهُم وأخبِرهُم بِحُقوقِ المَلِكِ علَيهِم)). |
10: | فأخبَرَ صَموئيلُ شُيوخ الشَّعبِ الذينَ طَلَبوا مِنهُ مَلِكًا بِجميعِ ما كلَّمَه بهِ الرّبُّ، |
11: | وقالَ لهُم: ((هذِهِ حُقوقُ المَلِكَ علَيكُم: يأخذُ بَنيكُم ويُجنِّدُهُم لِخيلِهِ ومركباتِهِ وللجري أمامَ مركبَتِهِ. |
12: | ويتَّخذُ مِنهُم قادةَ ألفٍ وقادةَ خمسينَ وفلاَحينَ وحصَّادينَ وصُنَّاعًا لآلاتِ حربِهِ وأدَواتِ مركباتِهِ. |
13: | ويتَّخذُ بَناتِكُم عطَّاراتٍ وطبَّاخاتٍ وخبَّازاتٍ. |
14: | ويأخذُ أفضَلَ حُقولِكُم وكُرومِكُم وزيتونِكُم ويُعطيها لِرجالِهِ. |
15: | ويأخذُ ضَريبةَ العُشْرِ مِنْ زرعِكُم وكُرومِكُم ويُعطيهِ لِحاشيتِهِ وسائِرِ رِجالِهِ. |
16: | ويأخذُ عبيدُكُم وجواريَكُم ونُخبةَ بقَرِكُم وحميرِكُم ويستَخدِمُها. |
17: | ويَجبي ضَريبةَ العُشْرِ مِنْ ماشيتِكُم، وأنتُم تكونونَ لَه عبيدًا. |
18: | في ذلِكَ اليومِ تصرُخونَ إلى الرّبِّ، كي يُنقِذَكُم مِنَ المَلِكِ الذي اَختَرتُموهُ لأنفُسِكُم، فلا يُجيبُكُمُ الرّبُّ)). |
19: | فرفَضَ شُيوخ الشَّعبِ أنْ يَسمَعوا لِصَموئيلَ وقالوا: ((كلاَ، بل يَملِكُ علَينا مَلِكٌ. |
20: | ونكونُ نحنُ أيضًا كسائِرِ الشُّعوبِ، فيَقضي بَينَنا ويكونُ قائِدَنا ويُحارِبُ حُروبَنا)). |
21: | فسَمِعَ صَموئيلُ هذا الكلامَ ورَدَّدَهُ على مَسامِعِ الرّبِّ. |
22: | فقالَ لَه الرّبُّ: ((إسمَعْ لهُم وأقِمْ علَيهِم مَلِكًا)). فقالَ صَموئيلُ لِشُيوخ بَني إِسرائيلَ: ((إنصَرِفوا الآنَ كُلُّ واحدٍ إلى مدينَتِهِ)).
|
|
الفصل : 9 |
شاول وصموئيل يتلاقيان
1: | وكانَ رَجلٌ جبَّارٌ وغنيًّ مِن قبيلَةِ بنيامينَ اَسمُهُ قَيسُ بنُ أبييلَ بنِ صَرورَ بنِ بَكورَةَ بنِ أفيحَ، |
2: | وكانَ لَه اَبنٌ حسَنُ الطَّلعةِ في زَهوَةِ العُمرِ اَسمُهُ شاوُلُ. ولم يَكُنْ في بَني إِسرائيلَ رَجلٌ أبهى مِنهُ، وكانَ يَزيدُ طُولاً على جميعِ الشَّعبِ مِنْ كَتفِهِ وما فوقُ. |
3: | فحدَثَ أنْ ضَلَّت حميرٌ لِقيسَ أبي شاوُلَ، فقالَ قَيسُ لِشاوُلَ اَبنِهِ: ((خذْ معَكَ واحدًا مِنَ الخدَمِ، واَذهَبْ في طَلَبِ الحميرِ)). |
4: | فقَطَعا جبَلَ أفرايمَ، ولم يَجداها، بَحَثًا عَنها في أرضِ شَليشَةَ ولَكِنْ دونَ نتيجةٍ. ثُمَ في أرضِ شَعليمَ وبَعدَها في أرضِ بنيامينَ، فلم يَعثُرا على أثَرٍ. |
5: | فلمَّا دخلا أرضَ صُوفَ قالَ شاوُلُ لِخادِمِه الذي معَهُ: ((تَعالَ نَرجعُ لِئلاَ يتَحوَّلَ قلقُ أبي على الحميرِ إلى قلقٍ أكبرَ علَينا)). |
6: | فقالَ لَه خادِمُهُ: ((هُناكَ رَجلٌ مِنْ رِجالِ اللهِ في هذِهِ المدينةِ، وهوَ مُحتَرمٌ، وكُلُّ ما يقولهُ يَتِمُّ. فتعالَ نذهَبُ إليهِ عَلَّهُ يَدُلُّنا إلى الإتِّجاهِ الصَّحيحِ)). |
7: | فقالَ لَه شاوُلُ: ((إذا ذَهَبنا إليهِ، فماذا نُقَدِّمُ لَه؟ الخبزُ نفَدَ وأكياسُنا فرَغَت، ولا شيءَ لَدَينا فماذا نُعطيهِ؟)) |
8: | فأجابَهُ الخادِمُ: ((معي رُبعُ مِثقالِ فِضَّةٍ أقَدِّمُهُ لَه فيهدِينا إلى طريقِنا)). |
9: | وكانَ فيما سبَقَ إذا أرادَ أحدٌ مِنْ بَني إِسرائيلَ أنْ يذهَبَ لِيَستشيرَ اللهَ يقولُ: ((تَعالَوا نذهَبُ إلى الرَّائي)). لأنَّ الذي يُقالُ لَه اليومَ ((نبي)) كانَ يُقالُ لَه مِنْ قَبلُ راءٍ. |
10: | فقالَ شاوُلُ لِخادِمِه: ((حسَنًا نذهَبُ إليهِ)). وقصَدا المدينةَ التي فيها رَجلُ اللهِ.
|
11: | وبينَما هُما يَصعَدانِ إلى المدينةِ، صادَفا فتَياتٍ خارِجاتٍ لِيَستَقينَ ماءً، فقالا لهُنَّ: ((هلِ الرَّائي هُنا؟)) |
12: | فأجبنَ: ((نعَم، إنَّهُ في المدينةِ جاءَها مِنْ وقتٍ قصيرٍ لأنَّ الشَّعبَ سَيُقَدِّمُ اليومَ ذبيحةً على التَّلَّةِ فأسرِعا إليهِ. |
13: | فحالَما تَدخلانِ المدينَةَ تَجدانِه، قَبلَ أنْ يَصعَدَ إلى التَّلَّةِ لِيَأكُلَ، لأنَّ المَدعوِّينَ مِنَ الشَّعبِ لا يأكلونَ حتى يَجيءَ ويُبارِكَ الذَّبيحةَ. فاَصعَدا الآنَ تَجدانِه في الحالِ)). |
14: | فصَعِدا إلى المدينةِ وفيما هُما يَدخلانِها كانَ صَموئيلُ يَخرُج مِنها لِيَصعَدَ إلى التَّلَّةِ.
|
15: | وكانَ الرّبُّ أوحى إلى صَموئيلَ، قَبلَ أنْ يأتيَهُ شاوُلُ بِيومِ، وقالَ لَه: |
16: | ((غدًا، في مِثلِ هذِهِ السَّاعةِ، أُرسِلُ إليكَ رَجلاً مِنْ أرضِ بنيامّينَ، فاَمسَحْهُ رئيسًا على شعبي إِسرائيلَ، فيُخلِّصَ شعبي مِن أيدي الفلِسطيِّينَ، لأنِّي نَظَرتُ إلى آلامِ شعبي وسَمِعتُ صُراخهُم)). |
17: | فلمَّا رأى صَموئيلُ شاولَ قالَ لَه الرّبُّ: ((ها هوَ الرَّجلُ الذي كلَّمتُكَ عَنهُ. هذا يَحكُمُ شعبي)). |
18: | فَدَنا شاوُلُ مِنْ صَموئيلَ، وهوَ في بابِ المدينةِ، وقالَ لَه ((أخبِرني أينَ بَيتُ الرَّائي؟)) |
19: | فأجابَهُ صَموئيلُ: ((أنا هوَ الرَّائي، فاَصعَدا أمامي إلى التَّلَّةِ وكُلا اليومَ معي، وفي الغَدِ أخبِرُكُما عَنْ كُلِّ ما في قلبَيكُما، وأصرِفُكما. |
20: | أمَّا الحميرُ التي ضَلَّت لكَ مُنذُ ثلاثَةِ أيّامِ، فلا يَنشَغِلْ بالُكَ علَيها لأنَّها وُجدَت. والآنَ لِمَنْ ستكونُ كُلُّ ثَروةٍ في إِسرائيلَ إنْ لم تَكُنْ لكَ ولِكُلِّ بَيتِ أبيكَ؟)) |
21: | فأجابَهُ شاوُلُ: ((أنا بنيامينيًّ مِنْ أصغَرِ أسباطِ بَني إِسرائيلَ، وقبيلَتي أصغَرُ قَبائِلِها، فكيفَ تقولُ لي مِثلَ هذا الكلامِ؟)) |
22: | فأخذَ صَموئيلُ شاولَ وخادِمَهُ ودخلَ بِهِما المَجلِسَ، وأجلَسَهُما في صَدْرِ المَدعوِّينَ، وهم نَحوَ ثَلاثينَ رَجلاً، |
23: | وقالَ لِلطَّباخ: ((أعطِني الحِصَّةَ التي سَلَّمتُها إليكَ وقُلتُ لكَ: إحفَظْها عِندَكَ)). |
24: | فأخذَ الطبَّاخ السَّاقَ والإليَةَ ووَضَعَهُما أمامَ شاولَ، فقالَ صَموئيلُ لِشاوُلَ: ((ضَعْ أمامَكَ هذا الذي بقيَ وكُلْ، فأنا حَفِظْتُه لكَ إلى هذا الوقتِ لِتأكُلَهُ معَ الذينَ دَعوتُهم مِنَ الشَّعبِ)). فأكَلَ شاوُلُ معَ صَموئيلَ في ذلِكَ اليومِ. |
25: | ثُمَ نَزَلا مِن التَّلَّةِ إلى المدينةِ، وتَحدَّثا طَويلاً على سَطحِ البَيتِ، حيثُ فَرَشوا لِشاولَ ونامَ.
|
صموئيل يمسح شاول ملكًا |
26: | وبَكَّرَ صَموئيلُ عِندَ طُلوعِ الفَجرِ، فَدَعا شاوُلَ عَنِ السَّطحِ وقالَ لَه: ((إنهَضْ، سأرافِقُكَ مَسافةً قَصيرةً)). فقامَ شاوُلُ وخرَج معَ صَموئيلَ. |
27: | وبَينَما هُما نازِلانِ عِندَ طَرَفِ المدينةِ، قالَ لَه صَموئيلُ: ((قُلْ لِخادِمِكَ أنْ يَسبُقَنا، وقِفْ أنتَ قليلاً فأُسمِعَكَ كلامَ اللهِ)). فسبَقَهُما الخادِمُ.
|
|
الفصل : 10 |
1: | فأخذَ صَموئيلُ قارورَةَ الزَّيتِ وصَبَّها على رأسِ شاوُلَ وقبَّلَهُ وقالَ: ((الرّبُّ مسَحَكَ رئيسًا على شعبِهِ إِسرائيلَ. |
2: | فَبعدَ أنْ تُفارِقَني اليومَ يَستقبِلُكَ رَجلانِ عِندَ قبرِ راحيلَ، في صَلصَحَ بأرضِ بنيامينَ، فيقولانِ لكَ: وُجدَتِ الحميرُ التي خرَجتَ تَطلُبُها، وأبوكَ لم يَعُدْ يَهتَمُّ بِها، بل بِكَ ويقولُ: ما أصابَ إبني؟ |
3: | وحينَ تتقدَّمُ مِنْ هُناكَ إلى بلُّوطَةِ تابورَ تُصادِفُ ثَلاثَةَ رِجالٍ صاعِدينَ إلى بَيتِ اللهِ في بَيتِ إيلِ، ومعَ أحدِهِم ثَلاثَةُ جداءٍ، ومعَ الآخرِ ثَلاثَةُ أرغِفةٍ مِنَ الخبزِ، ومعَ الثَّالِثِ زِقُّ خمرٍ. |
4: | فيُسلِّمونَ علَيكَ ويُعطونَكَ رَغيفَينِ، فتأخذُهُما مِنهُم. |
5: | ثُمَ تَجيءُ إلى جبعَةِ اللهِ، حيثُ مُعسكَرُ الفلِسطيِّينَ، فتُصادِفُ عِندَ دُخولِكَ المدينةَ جماعةً مِنَ الأنبِياءِ نازِلينَ مِنَ التَّلَّةِ، وقُدَّامَهُم رَبابٌ ودُفوفٌ ومَزاميرُ وكنَّاراتٌ وهُم يتَنبَّأونَ. |
6: | فيحِلُّ علَيكَ روحُ الرّبِّ، وتتَنبَّأُ معَهُم وتَصيرُ رَجلاً آخرَ. |
7: | فإذا تَمَّت لكَ هذِهِ الدَّلائِلُ، فاَفعَلْ ما في قُدرَتِكَ، لأنَّ اللهَ معَكَ. |
8: | واَنزِلْ أمامي إلى الجلجالِ، فأتبَعَكَ لأقدِّمَ مُحرقاتٍ وذبائِحَ سلامةٍ. فاَنتَظِرْ هُناكَ سَبعَةَ أيّامِ حتى أجيءَ وأُخبِرَكَ بِما تفعَلُ)).
|
9: | فلمَّا أدارَ شاوُلُ ظَهرَهُ لِيَنصَرِفَ مِنْ عِندِ صَموئيلَ، بَدَّلَ اللهُ قلبَهُ، وتَمَّت لَه تِلكَ الدَّلائِلُ كُلُّها في ذلِكَ اليومِ، |
10: | ومِنها أنَّه حينَ جاءَ إلى جبعةَ اَستَقبَلَهُ جماعةٌ مِنَ الأنبِياءِ، فحَلَ علَيهِ روحُ اللهِ فتَنبَّأَ بَينَهُم. |
11: | فلمَّا رأى جميعُ الذينَ عرَفوهُ أنَّهُ يَتَنبَّأُ معَ الأنبِياءِ، قالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ: ((ما جرى لاَبنِ قَيسَ؟ أشاوُلُ أيضًا مِنَ الأنبياءِ؟)) |
12: | فأجابَهُم رَجلٌ: ((ولكِنْ، هؤلاءِ الأنبِياءُ مَنْ أبوهُم؟)) لِذلِكَ يقولُ المَثَلُ: ((أشاوُلُ أيضًا مِنَ الأنبياءِ؟)) |
13: | ولمَّا اَنتَهى شاوُلُ مِنَ التَنَبُّوءِ جاءَ إلى المذبحِ على التَّلَّةِ. |
14: | ورَآهُ عَمُّهُ، فقالَ لَه ولِخادِمِهِ: ((أينَ ذَهبتُما؟)) فقالا: ((ذَهَبنا في طَلَبِ الحميرِ، فلمَّا لم نَجدْها جئْنا إلى صَموئيلَ)). |
15: | فقالَ العَمُّ لهُما: ((ما قالَ لكُما صَموئيلُ؟)) |
16: | فأجابَهُ شاوُلُ: ((أخبَرَنا أنَّ الحميرَ وُجدَت)). ولم يُخبِرْ عَمَّهُ بِما قالَ لَه صَموئيلُ وكيفَ مسَحهُ مَلِكًا.
|
شاول ينادى به ملكًا |
17: | ودَعا صَموئيلُ الشَّعبَ إلى الإجتِماعِ أمامَ الرّبِّ في المِصفاةِ |
18: | وقالَ لهُم: ((هذا ما قالَ الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ: أنا الذي أخرَجكُم مِنْ مِصْرَ وأنقَذَكُم مِنْ أيدي المِصْريِّينَ، ومِنْ أيدي جميعِ المَمالِكِ التي ظَلَمَتكُم. |
19: | وأنتُمُ اليومَ رفَضتُم إلهَكُمُ الذي خلَّصَكُم مِنْ جميعِ بَلاياكُم وضيقِكُم وقُلتُم لَه: أقِمْ علَينا مَلِكًا. فتَقدَّموا الآنَ أمامَ الرّبِّ على حسَبِ أسباطِكُم وعشائِرِكُم)). |
20: | ثُمَ قدَّمَ صَموئيلُ جميعَ أسباطِ إِسرائيلَ، وألقى القُرعَةَ فأصابَت سِبْطَ بنيامينَ. |
21: | قَدَّمَ سِبْطَ بنيامينَ بِعشائِرِها، فأصابَتِ القُرعةُ عَشيرَةَ مَطْري. وقدَّمَ عَشيرَةَ مَطْري بِرِجالِها، فأصابَتِ القُرعةُ شاوُلَ بنَ قَيسَ. فبحَثوا عَنهُ فلم يَجدوهُ. |
22: | فسألوا الرّبَّ أيضًا: ((هل يَجيءُ شاوُلُ إلى هُنا؟)) فقالَ الرّبُّ: ((هَا هوَ مُختَبِئِّ بَينَ الأمتِعةِ)). |
23: | فأسرَعوا وأخذوهُ مِنْ هُناكَ، فلمَّا وقَفَ بَينَ الشَّعبِ زادَهُم طُولاً مِنْ كَتِفِهِ فما فَوقُ. |
24: | فقالَ لهُم صَموئيلُ: ((أرأيتُم أنَّ الذي اَختارَهُ الرّبُّ لا مَثيلَ لَه فيكُم جميعًا؟)) فهَتَفوا كُلُّهُم وقالوا: ((يَحيَ المَلِكُ)). |
25: | فأخبَرَ صَموئيلُ الشَّعبَ بِحُقوقِ المَلكِ، ودوَّنَها في كتابٍ وضَعَهُ أمامَ الرّبِّ. ثُمَ صرَفَ الجميعَ، كُلَ واحدٍ إلى مَنزِلِه. |
26: | وكذلِكَ رجعَ شاوُلُ إلى بَيتِهِ في جبعَةَ، ومعَهُ رِجالٌ أشِدَّاءُ ألهَمَ اللهُ قلوبَهُم. |
27: | وأمَّا رُعاعُ القَومِ فقالوا: ((كيفَ يُخلِّصُنا هذا الرَّجلُ؟)) واَحتَقَروهُ ولم يُقَدِّموا إليهِ الهَدايا .
|
|
الفصل : 11 |
شاول يغلب بني عمّون
1: | وبَعدَ ذلِكَ بنَحوِ شهرٍ صَعِدَ ناحاشُ العَمُّونيُّ إلى يابيشَ في جلعادَ وحاصَرَها، فقالَ أهلُها لِناحاشَ: ((أعطِنا الأمانَ، فنَخضَعَ لكَ)). |
2: | فأجابَهُم: ((أُعطيكُمُ الأمانَ شَرطَ أنْ أقلَعَ عُيونكُمُ اليُمنى فيكونُ ذلِكَ عارًا على جميعِ بَني إسرائيلَ)). |
3: | فقالَ شُيوخ يابيشَ: ((أمهِلْنا سَبْعةَ أيّامِ حتى نُرسِلَ إلى جميعِ أرضِ إِسرائيلَ رُسُلاً، فإنْ لم نَجدْ مُخلِّصًا نستَسلِمْ إليكَ)). |
4: | وجاءَ الرُّسلُ إلى جبعَةَ، حيثُ يُقيمُ شاوُلُ، ووَصَفوا حالَتَهُم على مَسامِعِ جميعِ الشَّعبِ، فرَفَعوا أصواتَهُم بِالبُكاءِ. |
5: | وكانَ شاوُلُ آتيًا وراءَ البقَرِ مِنَ الحقلِ، فقالَ: ((ما لي أرى الشَّعبَ يبكونَ؟)) فأخبَروهُ بِكلامِ رُسُلِ يابيشَ. |
6: | وحَلَ روحُ اللهِ على شاوُلَ عِندَ سَماعِهِ هذا الكلامَ، فغَضِبَ جدُا |
7: | وأخذَ ثورَينِ، فقَطَّعَهُما وأرسلَ الرُّسُلَ إلى جميعِ أرضِ إِسرائيلَ يقولونَ: ((كُلُّ مَنْ لا يخرُج وراءَ شاوُلَ وصَموئيلَ إلى الحربِ هكذا يكونُ مَصيرُ بقَرِهِ)). فوقَعَ رُعبٌ مِنَ الرّبِّ على الشَّعبِ، وخرَجوا كرَجلٍ واحدٍ.
|
8: | فعدَّهُم شاوُلُ في بازاقَ، فكانَ بَنو إِسرائيلَ ثَلاثَ مئَةِ ألفِ رَجلٍ. ورِجالُ يَهوذا ثَلاثينَ ألفًا.
|
9: | فقالوا لِلرُّسُلِ الذينَ جاؤوهُم مِنْ يابيشَ: ((هذا ما تقولونَه لأهلِ يابيشَ في جلعادَ: غدًا يكونُ خلاصُكُم عِندَما تَحمى الشَّمسُ)). فرَجعَ الرُّسُلُ إلى يابيشَ المُحاصرةِ وأخبَروا أهلَها بالأمرِ، فاَرتاحوا لِلخبرِ |
10: | وقالوا لِناحاشَ: ((غدًا نخرُج إليكُم، فتَفعلونَ بِنا ما يَروقُ لكُم)).
|
11: | فلمَّا كانَ الغَدُ نَظَّمَ شاوُلُ الجيشَ ثَلاثَ فِرَقٍ فدَخلوا مُعسكرَ بَني عَمُّونَ عِندَ الفجرِ وقاتَلوهُم حتى حَميَ النَّهارُ، فتَشتَّتَ مَنْ بقيَ مِنْ بَني عَمُّونَ حيُا، ولم يَبقَ اَثنانِ مِنهُم معًا.
|
12: | فقالَ شعبُ إِسرائيلَ لِصَموئيلَ: ((مَنِ الذينَ قالوا: لا يَملِكُ شاوُلُ علَينا، سَلِّمهُم إلينا لِنَقتُلَهُم)). |
13: | فقالَ شاوُلُ: ((لا يُقتَلُ أحدٌ في هذا اليومِ، لأنَّ فيهِ خلَّصَ الرّبُّ بَني إِسرائيلَ)). |
14: | وقالَ لهُم صَموئيلُ: ((تعالَوا نذهَبُ إلى الجلجالِ، لِنُجدِّدَ هُناكَ المُلْكَ لِشاوُلَ)). |
15: | فذهَبوا جميعًا إلى الجلجالِ، وأعلَنوا هُناكَ شاوُلَ مَلِكًا أمامَ الرّبِّ، وقدَّموا ذبائِحَ سلامةٍ. وفرِحَ شاوُلُ ورِجالُ إِسرائيلَ فرَحًا عظيمًا.
|
|
الفصل : 12 |
صموئيل يودع بني إسرائيل
1: | ثُمَ قالَ صَموئيلُ لِجميعِ بَني إِسرائيلَ: ((سَمِعتُ لِكلِّ ما قُلتُم لي وأقَمتُ علَيكُم مَلِكًا. |
2: | فهذا مَلِكُكُم الذي سيَقودُكُم هَا هوَ أمامَكُم. أمّا أنا فشِختُ وشِبتُ، وهؤلاءِ أبنائي معَكُم. وأنا قُدتُكُم مُنذُ صِبايَ إلى اليومِ. |
3: | وها أنا أمامَكُم، فاَشهَدوا عليَ أمامَ الرّبِّ وأمامَ الرَّجلِ الذي مسَحَهُ الرّبُّ مَلِكًا علَيكُم: هل أخذتُ ثورَ أحدٍ أو حمارَ أحدٍ؟ هل أسأتُ إلى أحدٍ أو ظَلَمتُ أحدًا؟ هلِ اَرتَشَيتُ مِنْ أحدٍ لأغُضَ عَنهُ النَّظَرَ فأرُدَ الرَّشوةَ لكُم؟)) |
4: | فقالوا لَه: ((ما أسأتَ إلينا، ولا ظَلَمتَنا ولا أخذتَ مِنْ أحدٍ شيئًا)). |
5: | فقالَ لهُم: ((يشهَدُ الرّبُّ ومَلِكُهُ علَيكُمُ اليومَ أنَّ لا مأخذَ لكُم عليَّ)). فقالوا: ((يشهدُ الرّبُّ)).
|
6: | فقالَ لهُم صَموئيلُ: ((الرّبُّ هوَ الذي اَختارَ موسى وهرونَ وأخرَج آباءَكُم مِنْ أرضِ مِصْرَ،
|
7: | قوموا الآنَ أُحاكِمُكُم أمامَهُ وأُذَكِّركُم بِجميعِ الأعمالِ العظيمةِ التي عَمِلَها لكُم ولآبائِكُم. |
8: | حينَ دخلَ يَعقوبُ وأهلُ بَيتِهِ مِصْرَ واَضطَهَدَهُمُ المِصْريُّونَ، صرَخ أباؤُكُم إلى الرّبِّ فأرسلَ موسى وهرونَ، فأخرَجاهُم مِنْ مِصْرَ وأسكَناهُم هذا المكانَ. |
9: | لكنَّهم نَسَوا الرّبَّ إلهَهُم، فسَلَّمَهُم إلى يَدِ سيسَرا، قائِدِ جيشِ حاصورَ، وإلى أيدي الفلِسطيِّينَ، وإلى يَدِ مَلِكِ مُوآبَ، فحارَبوهُم. |
10: | فصَرخوا إلى الرّبِّ وقالوا: خطِئنا لأنَّنا ترَكناكَ يا ربُّ وعبَدنا بَعلَ وعَشتاروتَ، فأنقِذْنا الآنَ مِنْ أيدي أعدائِنا ونعبُدَكَ. |
11: | فأرسلَ الرّبُّ جدعونَ وباراقَ ويَفتاحَ وأنا صَموئيلَ، وأنقَذَكُم مِنْ أيدي أعدائِكُم وعِشتُم آمِنينَ. |
12: | ولمَّا رأيتُم ناحاشَ، مَلِكَ بَني عَمُّونَ، صاعِدًا لِمُحاربَتِكُم رفَضتُمُ الرّبَّ إلهَكُم الذي هوَ مَلِكُكُم وقُلتُم لي: نُريدُ مَلِكًا علَينا. |
13: | فهذا الآنَ مَلِكُكُم الذي اَخترتُم وطَلَبتُم وهوَ الذي أقامَهُ الرّبُّ مَلِكًا علَيكُم. |
14: | فإنِ اَتَّقَيتُمُ الرّبَّ إلهَكُم وعبَدتُموهُ، وسَمِعتُم لِقولِهِ ولم تَعصَوا أمرَهُ، واَتَّبَعتُموهُ أنتُم ومَلِكُكُم الذي يَملِكُ علَيكُم، كانَ خيرٌ. |
15: | ولَكِنْ إنْ لم تسمَعوا لِقولِ الرّبِّ إلهِكُم وعصَيتُم أمرَهُ، فيدُ اللهِ تكونُ علَيكُم وعلى مَلِكِكُم. |
16: | والآنَ قِفوا هُنا واَنظُروا هذا الفِعلَ العظيمَ الذي يفعَلُهُ الرّبُّ أمامَ عُيونِكُم: |
17: | أما هوَ حَصادُ الحنطةِ اليومَ؟ فأنا أدعو الرّبَّ، فيُحدِثُ رُعودًا ومطَرًا، فتَعلمونَ وترَونَ عظَمةَ الشَّرِّ الذي فعَلتُموهُ في عينيِّ الرّبِّ لأنَّكُم طلَبتُم لكُم مَلِكًا)). |
18: | ثُمَ صرَخ صَموئيلُ إلى الرّبِّ فأحدَثَ رُعودًا ومطَرًا في ذلِكَ اليومِ، |
19: | فخافَ الشَّعبُ كُلُّهُم مِنَ الرّبِّ ومِنْ صَموئيلَ خوفًا شديدًا، وقالوا لِصَموئيلَ: ((صَلِّ لأجلِ عبيدِكَ إلى الرّبِّ إلهِكَ لِئلاَ نَموتَ، لأنَّنا زِدْنا على جميعِ خطايانا سُوءًا حينَ طلَبنا لنا مَلِكًا)). |
20: | فقالَ لهُم صَموئيلُ: ((لا تَخافوا أنَّكُم فعَلتُم هذا الشَّرَ كُلَّهُ، ولكِنْ مِنَ الآنَ لا تَحيدوا عَنْ دَربِ الرّبِّ، بلِ اَعبُدوهُ مِنْ كُلِّ قلوبِكُم، |
21: | ولا تَلتَفِتوا إلى الأصنامِ الباطِلَةِ التي لا تَنفَعُ ولا تُخلِّصُ لأنَّها مُزيَّفةٌ. |
22: | والرّبُّ لا يَخذُلُ شعبَهُ، مِنْ أجلِ اَسمِهِ العظيمِ، لأنَّهُ شاءَ أنْ يَجعَلَكُم لَه شعبًا. |
23: | وأمَّا أنا فلن أترُكَ الصَّلاةَ مِنْ أجلِكُم، فأُخطِئَ بِذلِكَ إلى الرّبِّ ولكنِّي أُعلِّمُكُمُ الطَّريقَ الصَّالحَ المُستَقيمَ. |
24: | فاَتَّقوا اللهَ واَعبُدوهُ مِنْ كُلِّ قلوبِكُم، لأنَّكُم تَرونَ عظَمةَ الأعمالِ التي عَمِلَها فيما بَينَكُم. |
25: | وإنْ فعَلتُم شَرُا، ستَهلِكونَ، أنتُم والمَلِكُ)).
|
|
الفصل : 13 |
الحرب على الفلسطيِّين
1: | وملَكَ شاوُلُ أربعينَ سنَةً على بَني إِسرائيلَ. |
2: | واَختارَ شاوُلُ ثَلاثَةَ آلافِ رَجلٍ مِنْ بَني إِسرائيلَ، فكانَ معَهُ ألفانِ في مِخماسَ وجبَلِ بَيتِ إيلَ، وألفٌ معَ يوناثانَ في جبعةَ بأرضِ بَني بنيامّينَ وصرَفَ الباقينَ إلى خيامِهِم. |
3: | وقتَلَ يوناثانُ قائِدَ الفلِسطيِّينَ في جبعةَ وسَمِعَ الفلِسطيُّونَ بِذلِكَ. ونفَخ شاوُلُ في البُوقِ، في البِلادِ كُلِّها، وقالَ: ((لِيَسمَعِ العِبرانِيُّونَ)). |
4: | وسَمِعَ إِسرائيلُ أنَّ شاوُلَ قَتَلَ قائِدَ الفلِسطيِّينَ وأنَّ الفلِسطيِّينَ يَكرهونَهُم، فاَجتَمَعوا وراءَ شاوُلَ في الجلجالِ.
|
5: | واَحتَشَدَ الفلِسطيُّونَ لِمُحارَبةِ بَني إِسرائيلَ بِثلاثينَ ألفِ مركَبةٍ وسِتَّةِ آلافِ فارسٍ، وبِجنودٍ كرَملِ البحرِ، وصَعِدوا وعسكَروا في مِخماسَ شَرقيَ بَيتِ آوِنَ. |
6: | فلمَّا رَأى رِجالُ إِسرائيلَ أنَّهُم في مأزَقٍ لأنَّ العَدُوَ أطبَقَ علَيهِم، اَختَبأوا في المَغاوِرِ والكُهوفِ والصُّخورِ والقُبورِ والآبارِ،
|
7: | وعبَرَ بَعضُهُم الأردُنَّ إلى أرضِ جادَ وجلعادَ. وكانَ شاوُلُ بَعدُ مُقيمًا بالجلجالِ، والذينَ معَهُ كانوا يَرتَعِدونَ مِنَ الخوفِ. |
8: | فاَنتَظَرَ شاوُلُ سبعَةَ أيّامِ، بِحسَبِ الموعِدِ الذي حَدَّدَهُ صَموئيلُ فلم يَجئْ صَموئيلُ إلى الجلجالِ وبَدأ الشَّعبُ بِالتفرُّقِ عَنْ شاوُلَ. |
9: | فقالَ شاوُلُ: ((هاتوا ليَ المُحرَقةَ وذبائِحَ السَّلامةِ))، وقدَّمَ المُحرَقةَ. |
10: | فلمَّا فرَغَ مِنْ تَقديمِ المُحرَقةِ أقبَلَ صَموئيلُ، فخرج شاوُلُ لِلقائِهِ والتَّسليمِ علَيهِ. |
11: | فسألَهُ صَموئيلُ: ((ماذا فعَلتَ؟)) فأجابَهُ شاوُلُ: ((رَأيتُ الشَّعبَ يتَفرَّقونَ عنِّي، وأنتَ لم تَحضُرْ في الموعِدِ المُحَدَّدِ، والفلِسطيُّونَ مُحتَشِدونَ في مِخماسَ، |
12: | فقُلتُ الآنَ يَهجمونَ عليَ في الجلجالِ قَبلَ أنْ ألتَمِسَ رِضى الرّبِّ، فوَجدْتُ نفْسي مُضْطَرُا إلى تَقديمِ المُحرَقةِ)). |
13: | فقالَ لَه صَموئيلُ: ((بِحَماقةٍ تَصرَّفتَ، لأنَّكَ لم تَعمَلْ بِوَصيَّةِ الرّبِّ إلهِكَ. فلَو عَمِلْتَ بِها، لكانَ الرّبُّ ثبَّتَ مُلكَكَ على بَني إِسرائيلَ إلى الأبدِ. |
14: | فأمَّا الآنَ فلن يَدومَ مُلكُكَ، لأنَّ الرّبَّ اَختارَ لَه رَجلاً يُرضيهِ، وأمرَهُ أنْ يكونَ رئيسًا على شعبِهِ. فأنتَ لم تَعمَلْ بِما أمرَكَ الرّبُّ بهِ)). |
15: | وقامَ صَموئيلُ وصَعِدَ مِنَ الجلجالِ إلى جبعَةَ في أرضِ بنيامّينَ. وأحصى شاوُلُ عدَدَ الذينَ معَهُ فكانوا سِتَ مئةِ رَجلٍ. |
16: | وكانَ شاوُلُ ويوناثانُ اَبنُهُ ومَنْ معَهُما مِنَ الشَّعبِ مُعسكرِينَ في جبعةَ بأرضِ بنيامّينَ، والفلِسطيُّونَ مُعسكِرينَ في مِخماسَ. |
17: | فخرَج المُهاجمونَ مِنْ مُعسكَرِ الفلِسطيِّينَ ثَلاثَ فِرَقٍ، الفرقةُ الواحدةُ توجهت في طريقِ عفرةَ إلى أرضِ شُوعالَ، |
18: | والفرقةُ الأخرى توجهت في طريقِ بيتِ حورونَ، والثَّالثةُ إلى الحُدودِ المُشرِفةِ على وادي صَبوعيمَ نحوَ البرِّيَّةِ. |
19: | ولم يَكُنْ في كُلِّ أرضِ إِسرائيلَ حَدَّادٌ، لأنَّ الفلِسطيِّينَ ما أرادوا أنْ يصنَعَ العِبرانِيُّونَ سَيفًا أو رُمحًا. |
20: | فكانَ على كُلِّ واحدٍ مِنْ بَني إِسرائيلَ أنْ يَنزِلَ إلى الفلِسطيِّينَ لِيُحَدِّدَ سكِّينَتَهُ أو مِنجلَهُ أو فأسَهُ أو مِعوَلَهُ. |
21: | وكانَت كِلفَةُ التَّحديدِ ثُلثَي مِثقالٍ لِلسِّككِ والمَناجلِ وثُلثَ مِثقالٍ لِلفُؤُوسِ والمَناخسِ. |
22: | فلمَّا جاءَ يومُ الحربِ لم يَكُنْ سَيفٌ ولا رُمحٌ في أيدي جميعِ الذينَ يُحارِبونَ معَ شاوُلَ ويوناثانَ، ما عَدا شاوُلَ ويوناثانَ اَبنَهُ. |
23: | وخرَجت طَلائِعُ الفلِسطيِّينَ إلى مَعبَرِ مِخماسَ.
|
|
الفصل : 14 |
إنتصارات يوناثان المفاجئة
1: | وفي أحدِ الأيّامِ قالَ يوناثانُ بنُ شاوُلَ لِحامِلِ سِلاحِهِ: ((تَعالَ نعبُرُ إلى مَخفَرِ الفلِسطِيِّينَ في الجانِبِ الآخرِ)) وهذا دونَ أنْ يُخبِرَ أباهُ. |
2: | وكانَ شاوُلُ في طَرَفِ جبعَةَ تَحتَ شجرَةِ رُمَّانٍ في مِغرونَ، ومعَهُ نحوَ سِتُّ مئةِ رَجلٍ. |
3: | وكانَ أخيَّا بنُ أخيطوبَ، أخي إيخابودَ بنِ فِنحاسَ بنِ عالي، كاهنِ الرّبِّ في شيلوهَ لابِسًا أفودًا. ولم يكُنِ العَسكَرُ على عِلْمِ بِذَهابِ يوناثانَ. |
4: | وكانَ بَينَ المَعابِرِ التي أرادَ يوناثانُ أنْ يَعبُرَها إلى مَخفَرِ الفلِسطيِّينَ صَخرَةٌ ثابِتَةٌ مِنْ هذِهِ الجهةِ وصَخرَةٌ ثابِتَةٌ مِنْ تِلكَ الجهةِ، اَسمُ الواحدةِ بُوصيصُ والأخرى سَنَةُ. |
5: | وبُوصيصُ قائِمَةٌ مِنْ جهةِ الشَّمالِ مُقابِلَ مِخماسَ، وسَنَةُ مِنَ الجنوبِ مُقابِلَ جبعَ. |
6: | فقالَ يوناثانُ لِحامِلِ سِلاحِهِ: ((تَعالَ نَعبُرُ إلى مَخفَرِ أُولئِكَ الفلِسطيِّينَ لعلَ الرّبَّ يُوَفِّقُنا. فلا شيءَ يَمنَعُ الرّبَّ مِنْ أنْ يَنصُرَنا علَيهِم، سَواءَ كانَ عدَدُنا كثيرًا أم قليلاً)). |
7: | فقالَ لَه حامِلُ سِلاحِهِ: ((إفعَلْ ما تريدُ. تَقدَّمْ، فأنا معَكَ)). |
8: | فقالَ يوناثانُ: ((نَعبُرُ إليهِم ونُظهِرُ لهُم أنفُسَنا، |
9: | فإنْ قالوا: قِفا حتى نَصِلَ إليكُما، نَقِفُ ولا نَصعَدُ إليهِم. |
10: | وإنْ قالوا لنا: إصعَدا إلينا، نَصعَدُ، لأنَّ قولَهُم هذا علامةٌ على أنَّ الرّبَّ إلهَنا سَلَّمَهُم إلى أيدينا)).
|
11: | فأظهَرا أنفُسَهُما لِلفلِسطيِّينَ، فقالَ الفلِسطيُّونَ: ((هَا العِبرانِيُّونَ خارِجونَ مِنَ الكُهوفِ التي اَختَبأوا فيها)). |
12: | وقالوا لِيوناثانَ وحامِلِ سِلاحِهِ: ((إصعَدا إلينا لِنُخبِركُما شيئًا)). فقالَ يوناثانُ لِحامِلِ سِلاحِهِ: ((إصعَدْ ورائي لأنَّ الرّبَّ سَلَّمَهُم إلى يَدِ بني إِسرائيلَ)). |
13: | وصَعِدَ يوناثانُ على يَديهِ ورِجلَيهِ، وحامِلُ سِلاحِهِ وراءَهُ، فسَقَطَ الفلِسطيُّونَ أمامَ يوناثانَ وكانَ حامِلُ سِلاحِهِ يُجهِزُ علَيهِم وراءَهُ. |
14: | فقَتَلوا في تِلكَ الضَّربةِ الأولى نحوَ عِشرينَ رجلاً في أرضٍ مِساحَتُها سِتُّون ذِراعًا. |
15: | فحلَ الرُّعبُ في المُعسكَرِ وفي البرِّيَّةِ حَولَهُ وفي أفرادِ المَخفَرِ، واَرتَعَدَ المُهاجمونَ أيضًا، واَهتزَّتِ الأرضُ كما لو وقَعَ رُعبٌ مِنَ اللهِ.
|
هزيمة الفلسطيِّين |
16: | ورأى رِجالُ شاولَ الذينَ يُراقِبونَ في جبعةَ بأرضِ بنيامّينَ جموعَ الفلِسطيِّينَ يَفرُّونَ هارِبينَ في كُلِّ جهةٍ. |
17: | فقالَ شاوُلُ لِلَّذينَ معَهُ: ((تَفقَّدوا الجنودَ واَعرِفوا مَنْ غابَ مِنْ عِندِنا)). فتَفقَّدوهُم، فإذا يوناثانُ وحامِلُ سِلاحِهِ غائِبانِ. |
18: | فقالَ شاوُلُ لأخيَّا الكاهِنِ ((جئني بالأفودِ)). وكانَ أخيَّا هوَ الذي يَحمِلُ الأفودَ أمامَ بَني إِسرائيلَ في ذلِكَ اليومِ. |
19: | فما كادَ يَفرَغُ شاوُلُ مِنْ كلامِهِ معَ الكاهنِ أخيَّا، حتى تَزايَدَ الضَّجيج في مُعَسكَرِ الفلِسطيِّينَ وتكاثَرَ، فقالَ شاوُلُ لِلكاهنِ: ((لا تَقِفْ)). |
20: | وصاحَ شاوُلُ وجميعُ الذينَ معَهُ ونَزَلوا إلى المعرَكَةِ، حيثُ كانَ الفلِسطيُّونَ يَضرِبونَ بَعضُهُم بَعضًا بِالسُّيوفِ، وهُم في فوضى عظيمةٍ. |
21: | واَنضَمَ أيضًا إلى الذينَ كانوا معَ شاوُلَ ويوناثانَ مِنْ بَني إِسرائيلَ جماعةٌ مِنَ العِبرانيِّينَ اَنحازوا إلى جانِبِ الفلِسطيِّينَ مِنْ قَبلُ، وصَعِدوا معَهُم إلى المُعسكَرِ. |
22: | وسَمِعَ جميعُ رِجالِ إِسرائيلَ الذينَ اَختَبأوا في جبَلِ أفرايمَ بِهَزيمةِ الفلِسطيِّينَ، فاَنضَمُّوا إليهِم هُم أيضًا وحارَبوا. |
23: | وخلَّصَ الرّبُّ بَني إِسرائيلَ في ذلِكَ اليومِ، واَنتَقَلتِ الحربُ إلى بَيتِ آوِنَ.
|
أحداث ما بعد الحرب |
24: | في ذلِكَ اليومِ فرَضَ شاوُلُ على رِجالِهِ صَومًا كبيرًا، حلَّفَهُم وقالَ: ((مَلعونٌ كُلُّ مَنْ يَذوقُ طَعامًا إلى المساءِ حتى أنتَقِمَ مِنْ أعدائي)). فلم يَذُقْ أحدٌ مِنهُم طَعامًا. |
25: | وجاؤوا كُلُّهُم إلى الغابِ، وكانَ عسَلٌ على الأرضِ. |
26: | ودخلوا الغابَ، فإذا العسَلُ يَسيلُ، فلم يَمُدَ أحدٌ يَدَهُ إلى فَمِهِ خوفًا مِنَ اليمينِ التي حَلَفَها. |
27: | ولكنَّ يوناثانَ ما سَمِعَ أباهُ يُحَلِّفُهُم، فمَدَ طَرَفَ العَصَا التي بِيَدهِ، وغمَسَها في شَهدِ العسَلِ، ورَدَّها إلى فَمِهِ وذاقَهُ فاَنتعَشَتْ نفْسُهُ. |
28: | فقالَ لَه أحدُهُم: ((أبوكَ حَلَّفَ الرِّجالَ وقالَ: ((مَلعونٌ كُلُّ مَنْ يَذوقُ اليومَ طَعامًا)). وإذ رأى يوناثانُ الجميعَ مُرهَقينَ، |
29: | أجابَ: ((أبي ضايَقَ الجميعَ. أُنظُروا كيفَ اَنتَعَشَتْ نفْسي لأنِّي ذُقتُ قليلاً مِنْ هذا العسَلِ، |
30: | فكيفَ لو أكَلَ الرِّجالُ اليومَ مِنْ غنيمةِ أعدائِهِمِ التي غَنِموها؟ أفَما كانَت هَزيمةُ الفلِسطيِّينَ أعظَمَ؟))
|
31: | وهزَمَ رِجالُ إِسرائيلَ الفلِسطيِّينَ في ذلِكَ اليومِ مِنْ مِخماسَ إلى أيالونَ، فخارَتْ قُواهُم جدُا.
|
32: | واَنقَضُّوا على الغَنيمةِ وأخذوا غنَمًا وبقَرًا وعُجولاً، وذبَحوا على الأرضِ وأكَلوا لَحمًا بِدَمِهِ. |
33: | فقيلَ لِشاوُلَ: ((خطئَ الشَّعبُ أمامَ الرّبِّ لأنَّهُم أكَلوا لحمًا بِدَمِهِ)). فقالَ شاوُلُ: ((خانوا وَصيَّةَ الرّبِّ. دَحرِجوا إليَ الآنَ صخرَةً كبيرةً)). |
34: | ثُمَ قالَ: ((إنتَشِروا في كُلِّ مكانٍ وقولوا للنَّاسِ أنْ يأتوا إليَ بِبقَرِهِم وغنَمِهِم، فيَذبَحوها هُنا ولا يَخطأوا إلى الرّبِّ ويأكُلوا اللَّحمَ بِدَمِهِ)). فقَدَّمَ كُلُّ واحدٍ مِنَ الشَّعبِ ثَورَهُ بَيدِهِ في تِلكَ اللَّيلةِ، وذبَحوا هُناكَ. |
35: | وبَنى شاوُلُ مذبَحًا وكانَ أوَّلَ مذبَحِ بَناهُ لِلرّبِّ. |
36: | وقالَ شاوُلُ: ((لِنَنزِلْ وراءَ الفلِسطيِّينَ ليلاً ونَنهبهُم إلى الفجرِ ولا نُبقِ حَيُا)). فقالوا: ((إفعَلْ ما تَراهُ حسَنًا)). فقالَ الكاهنُ: ((لِنَسألِ اللهَ)). |
37: | فسألَ شاوُلُ اللهَ: ((هل أُهاجمُ الفلِسطيِّينَ؟ هل تُسلِّمُهُم إلى أيدي بَني إِسرائيلَ؟)) فما أجابَهُ اللهُ في ذلِكَ اليومِ. |
38: | فقالَ شاوُلُ ((تَقَدَّموا إلى هُنا، يا جميعَ زُعماءِ الشَّعبِ، واَنظُروا لِتَعرِفوا مَنِ اَرتَكَبَ الخطيئةَ اليومَ. |
39: | حَيًّ الرّبُّ الذي خلَّصَ بَني إِسرائيلَ حتى لو كانَ هذا الخاطِئْ يوناثانَ اَبني، موتًا ليَموتُ)). فما أجابَهُ أحدٌ مِنَ الشَّعبِ. |
40: | فقالَ لهُم: ((كونوا أنتُم في جهةٍ، وأنا واَبني يوناثانُ في جهَةٍ)). فقالوا: ((إفعَلْ ما تَراهُ حسَنًا)). |
41: | فقالَ شاوُلُ لِلرّبِّ إلهِ إِسرائيلَ: ((لِماذا لم تُجبْ عبدَكَ اليومَ؟ إنْ كانَت هذِهِ الخطيئةُ فيَ أو في اَبني يوناثانَ، أيُّها الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ، فأجبْني بالأُوريمِ، وإنْ كانَت في شعبِكَ بَني إِسرائيلَ فأجبْني بالتُّمِّيمِ)). فأصابَتِ القُرعةُ يوناثانَ وشاوُلَ، وخرَج الشَّعبُ بَريئًا. |
42: | فقالَ شاوُلُ: ((ألقوا القُرعةَ بَيني وبَينَ يوناثانَ اَبني)). فأصابَت يوناثانَ. |
43: | فقالَ شاوُلُ لِيوناثانَ: ((أخبِرْني ماذا فعَلتَ)). فأخبَرَهُ، قالَ: ((ذُقتُ بِرأسِ العَصَا التي بِيَدي قليلاً مِنَ العسَلِ. فها أنا مُستَعِدًّ أنْ أموتَ)). |
44: | فقالَ شاوُلُ: ((عاقبَني اللهُ وزادَ عِقابي إنْ لم تَمُتْ يا يوناثانُ)). |
45: | فقالَ الشَّعبُ لِشاوُلَ: ((أيَموتُ يوناثانُ الذي أحرَزَ هذا النَّصرَ العظيمَ لِبَني إِسرائيلَ؟ لا، حيًّ الرّبُّ لا تسقُطْ شَعرَةٌ مِنْ رأسِهِ على الأرضِ، لأنَّهُ عَمِلَ مشيئةَ اللهِ في هذا اليومِ)). فأنقَذَ الشَّعبُ يوناثانَ مِنَ الموتِ. |
46: | ثمَ اَنصرَفَ شاولُ مِنَ اللِّحاقِ بِالفلِسطيِّينَ الذينَ عادوا إلى أرضِهِم. |
47: | وحارَبَ شاوُلُ أعداءَهُ المُحيطينَ بِهِ بَعدَ أنْ تَولَّى المُلْكَ على إِسرائيلَ، فحارَبَ المُوآبِيِّينَ وبَني عَمُّونَ والأدوميِّينَ ومُلوكَ صوبَةَ والفلِسطيِّينَ مُنتَصرًا حيثُما اَتَّجهَ. |
48: | وقاتلَ بِشَجاعةٍ وضرَبَ بَني عَماليقَ وأنقَذَ بَني إسرائيلَ مِنْ أيدي ناهبيهِم. |
49: | وكانَ لِشاوُلَ بَنونَ هُم يوناثانُ ويِشويُ ومَلكيشوعُ، واَبنَتانِ هُما: ميرَبُ الكُبرى، وميكالُ الصُّغرى. |
50: | وكانَ اَسمُ زَوجتِهِ أخينوعَمَ بِنتَ أخيمَعْصَ، واَسمُ رئيسِ جندِهِ أبنيرَ بنَ نيرَ عَمِّ شاوُلَ. |
51: | وكانَ قَيسُ أبو شاوُلَ، ونيرُ أبو أبنيرَ كانا اَبنَي أبيئيلَ. |
52: | وكانَتِ الحربُ على الفلِسطيِّينَ شَديدةً طولَ أيّامِ شاوُلَ. وكانَ شاوُلُ يَضُمُّ إليهِ كُلَ رَجلٍ جبَّارٍ أو شُجاعِ يَراهُ.
|
|
الفصل : 15 |
الحرب على بني عماليق
1: | وقالَ صَموئيلُ لِشاوُلَ: ((أنا الذي أرسَلَني الرّبُّ لأمسَحَكَ مَلِكًا على شعبِهِ بَني إِسرائيلَ، فاَسمَعِ الآنَ قولَ الرّبِّ. |
2: | هذا ما يقولُ الرّبُّ القديرُ: تَذكَّرتُ ما فعَلَ بَنو عَماليقَ بِبَني إِسرائيلَ حينَ خرَجوا مِن مِصْرَ، وكيفَ هاجموهُم في الطَّريقِ، |
3: | فاَذهَبِ الآنَ واَضرِبْ بَني عماليقَ، وأهلِكْ جميعَ ما لهُم ولا تَعفُ عَنهُم، بلِ اَقتُلِ الرِّجالَ والنِّساءَ والأطفالَ والرُّضَّعَ والبقَرَ والغنَمَ والجمالَ والحميرَ)). |
4: | فنادى شاوُلُ رِجالَهُ وأحصاهُم في طَلايمَ، فكانوا مئَتي ألفِ رَجلٍ مِنْ إِسرائيلَ وعشَرَةَ آلافٍ مِنْ يَهوذا. |
5: | فقادَهُم إلى مدينةِ العماليقيِّينَ وكَمَن في الوادي. |
6: | وقالَ لِلقَينيِّينَ: ((قوموا اَخرُجوا مِنْ بَينِ العماليقيِّينَ فلا تَهلِكونَ معَهُم. لأنَّ أسلافَكُم أحسَنوا إلى بَني إسرائيلَ حينَ خرَجوا مِنْ مِصْرَ)). فخرَج القينيُّونَ مِنْ بَينِهِم. |
7: | وضرَبَ شاوُلُ بَني عماليقَ مِنْ حويلَةَ إلى شورَ التي قُبالَةَ مِصْرَ، |
8: | وأسرَ أجاج مَلِكَ بَني عماليقَ حيُا، وقتَلَ شعبَهُ جميعًا بِحَدِّ السَّيفِ. |
9: | وعَفا شاوُلُ ورِجالُهُ عَن أجاج، ولم يُهلِكوا خيرَةَ الغنَمِ والبقَرِ والخرافِ، وكلَ ما كانَ جيِّدًا، وإنَّما أهلَكوا كُلَ ما كانَ حقيرًا هزيلاً.
|
نقمة الرب على شاول |
10: | فقالَ الرّبُّ لِصَموئيلَ: |
11: | ((نَدِمتُ على إقامَتي شاوُلَ مَلِكًا، لأنَّه مالَ عنِّي ولم يَسمَعْ لِكلامي)). فتَضايقَ صَموئيلُ وصرَخ إلى الرّبِّ كُلَ ليلِهِ. |
12: | ثُمَ بَكَّرَ في الصَّباحِ لِلقاءِ شاوُلَ، فقيلَ لَه: ((ذهَبَ شاوُلُ إلى الكَرمَلِ، حيثُ أقامَ لِنَفسِهِ نُصُبًا، ثمَ اَتَّجهَ نُزولاً إلى الجلجالِ)). |
13: | فلمَّا جاءَ صَموئيلُ إلى شاوُلَ قالَ لَه شاوُلُ: ((مُبارَكٌ أنتَ عِندَ الرّبِّ، فأنا سَمِعتُ لِكلامِهِ)). |
14: | فسألَهُ صَموئيلُ: ((ما هذا الصَّوتُ، صوتُ الغنمِ وصَوتُ البقَرِ الذي أسمَعُ؟)) |
15: | فأجابَهُ شاوُلُ: ((غَنِمَها الشَّعبُ مِنْ بَني عماليقَ، جاؤوا خيرَةَ الغنَمِ والبقَرِ ليُقَدِّموا ذبائِحَ لِلرّبِّ إلهِكَ، والباقي أهلَكوهُ)). |
16: | فقالَ لَه صَموئيلُ: ((مَهلاً فأخبِرَكَ بِما كلَّمَني بِهِ الرّبُّ في هذا اللَّيلِ)). فقالَ لَه شاوُلُ: ((تَكلَّمْ)). |
17: | فقالَ صَموئيلُ: ((كُنتَ حقيرًا في عينَي نَفسِكَ، فَصِرتَ رئيسًا لأسباطِ إِسرائيلَ، مسَحكَ الرّبُّ مَلِكًا علَيهِم. |
18: | وأرسلَكَ إلى بَني عماليقَ وقالَ لكَ: إذهَبْ وقاتِلْ أولَئكَ الأثمَةَ حتى يَفنَوا، وأهلِكْ كُلَ ما لهُم. |
19: | فلم تَسمَعْ لِصوتِ الرّبِّ، وفضَّلتَ الغَنيمَةَ وعَملتَ الشَّرَ في عينيهِ)). |
20: | فقالَ شاوُلُ لِصَموئيلَ: ((سَمِعتُ لِصوتِ الرّبِّ وذَهَبتُ إلى حيثُ أرسَلَني، فَجئتُ بِأجاج مَلِكِ بَني عماليقَ وأهلَكتُ شعبَهُ. |
21: | ولكنَّ رِجالي لم يُهلِكوا مِنَ الغَنيمَةِ خيرَةَ الغنَمِ والبقَرِ، بل أخذوها ليقدِّموها ذبائحَ لِلرّبِّ إلهكَ في الجلجالِ)). |
22: | فقالَ صَموئيلُ: ((أبالمُحرَقاتِ مَسرَّةُ الرّبِّ وبِالذَّبائِحِ؟ أم بِالطَّاعةِ لِكلامِهِ؟ الطَّاعةُ خيرٌ مِنَ الذَّبيحةِ،والإصغاءُ أفضَلُ مِنْ شَحمِ الكِباشِ. |
23: | فالتمَرُّدُ خطيئَةٌ كالعِرافَةِ،والعِنادُ جريمةٌ كِعبادَةِ الأوثانِ.فالآنَ، بِما أنَّكَ رفَضتَ كلامَ الرّبِّ، رفَضكَ الرّبُّ مِنَ المُلْكِ)). |
24: | فقالَ شاوُلُ لِصَموئيلَ: ((خطِئتُ حيثُ عصَيتُ أمرَ الرّبِّ وكَلامَكَ، لأنِّي خفتُ مِنَ الشَّعبِ وسَمِعتُ لهُم. |
25: | فأرجو أنْ تغفِرَ خطيئتي وتَرجعَ معي إلى الجلجالِ لأسجدَ لِلرّبِّ)).
|
26: | فقالَ لَه صَموئيلُ: ((لا أرجعُ معَكَ، لأنَّكَ رفَضتَ كلامَ الرّبِّ رفَضَكَ الرّبُّ مَلِكًا على إِسرائيلَ)). |
27: | وهَمَ صَموئيلُ بالإنصرافِ فأمسَكَ شاوُلُ بِطرَفِ رِدائِهِ فاَنشَقَ. |
28: | فقالَ لَه صَموئيلُ: ((سَيشُقُّ الرّبُّ مَملَكَةَ إِسرائيلَ عَنكَ اليومَ ويُعطيها لِمَن هوَ خيرٌ مِنكَ. |
29: | رَبُّ إِسرائيلَ جلَ جلالُه لا يكذِبُ ولا يَندَمُ، فما هوَ بإنسانٍِ ليَندَمَ)). |
30: | فقالَ شاوُلُ: ((خطِئتُ ومعَ هذا فأكرمْني أمامَ شُيوخ شعبي وبَني إِسرائيلَ، واَرجعْ معي لأسجدَ لِلرّبِّ إلَهِكَ)). |
31: | فرجعَ صَموئيلُ معَ شاوُلَ، وسَجدَ شاوُلُ لِلرّبِّ. |
32: | وقالَ صَموئيلُ لِشاوُلَ: ((جئني بِأجاج مَلِكِ بَني عماليقَ)). فذهَبَ إليهِ أجاج مُستَبشِرًا وهوَ يقولُ في نفْسِهِ: ((ها خطرُ الموتِ زالَ)). |
33: | فقالَ لَه صَموئيلُ: ((كما حَرَمَ سَيفُكَ النِّساءَ مِنْ أولادِهِنَّ، تُحرَمُ أمُّكَ مِنْ أولادِها)). وقَطعَ صَموئيلُ أجاج أمامَ الرّبِّ في الجلجالِ. |
34: | ثمَ اَنصرَفَ صَموئيلُ إلى الرَّامةِ وصَعِدَ شاوُلُ إلى بَيتِهِ في جبعَةَ. |
35: | ولم يَرهُ صَموئيلُ إلى يومِ وَفاتِهِ، لَكنَّهُ أسِفَ علَيهِ. ونَدِمَ الرّبُّ لأنَّه أقامَ شاوُلَ مَلِكًا على بَني إِسرائيلَ.
|
|
الفصل : 16 |
داود يمسح ملكًا
1: | وقالَ الرّبُّ لِصَموئيلَ: ((إلى متى تَتأسَّفُ على شاوُلَ وأنا رفَضتُه مَلِكًا على إِسرائيلَ؟ فاملِأ القَرْنَ بالزَّيتِ وتَعالَ أُرسِلُكَ إلى يَسَّى في بيتِ لَحمَ، لأنِّي اَختْرتُ مِنْ بَنيهِ مَلِكًا)). |
2: | فقالَ صَموئيلُ: ((كيفَ أذهَبُ؟ إنْ عرَفَ شاوُلُ يَقتُلُني. فقالَ لَه الرّبُّ: ((خذْ معَكَ عِجلةً مِنَ البقَرِ وقُلْ: جئتُ لأُقَدِّمَ ذبيحةً لِلرّبِّ، |
3: | واَدعُ يَسَّى إلى الذَّبيحةِ، وأنا أُشيرُ علَيكَ بِما تفعَلُ، واَمسَحْ مَلِكًا مَنْ أُسَمِّيهِ لكَ)). |
4: | ففعَلَ صَموئيلُ كما أمرَهُ الرّبُّ وجاءَ إلى بَيتِ لَحمَ. فاَضطرَبَ شُيوخ المدينةِ عِندَ لِقائِهِ وقالوا لَه: ((ألِخيرٍ مَجيئُكَ؟)) |
5: | فقالَ ((نعم. جئتُ لأقَدِّمَ ذبيحةً، فتَطهَّروا وتَعالوا معي إلى الذَّبيحةِ)). وأمرَ يَسَّى وبَنيهِ أنْ يتَطهَّروا أيضًا، ودَعاهُم إلى الذَّبيحةِ. |
6: | فلمّا حضَروا نظَرَ صَموئيلُ إلى أليآبَ بنِ يَسَّى، فقالَ في نفْسِهِ: ((هذا هوَ المَلِكُ الذي اختارَهُ الرّبُّ)). |
7: | فقالَ الرّبُّ لِصموئيلَ: ((لا تَلتَفِتْ إلى مَنظرِهِ وطُولِ قامَتِهِ، فأنا رَفَضتهُ لأنَّ الرّبَّ لا ينظُرُ كما ينظُرُ الإنسانُ. فالإنسانُ ينظُرُ إلى المَظهَرِ، وأمَّا الرّبُّ فينظُرُ إلى القلبِ)). |
8: | ثمَ دَعا يَسَّى اَبنَهُ أبينادابَ لِلمُرورِ أمامَ صَموئيلَ، فقالَ: ((وهذا أيضًا لَم يَختَرْهُ الرّبُّ)). |
9: | ثُمَ طلَبَ يَسَّى مِنِ اَبنِهِ شَمَّةَ، أنْ يَمرَ بهِ، فقالَ صَموئيلُ: وهذا أيضًا لم يَختَرْهُ الرّبُّ)). |
10: | وهكذا حتى مرَ سَبْعَةٌ مِنْ بَنيهِ أمامَ صَموئيلَ، فقالَ صَموئيلُ لِيسَّى: ((لم يَختَرِ الرّبُّ أحدًا مِنْ هؤلاءِ)). |
11: | ثمَ قالَ لَه: ((أهولاءِ جميعُ بَنيكَ؟)) فأجابَهُ: ((بَقيَ الصَّغيرُ وهوَ يَرعى الغنَمَ)). فقالَ لَه: ((أرسِلْ فَجئنا بهِ، لأنَّنا لا نأكُلُ حتى يأتيَ إلى هُنا)). |
12: | فأرسلَ وجاءَ بهِ، وكانَ حسَنَ العينَينِ، وسيمَ المنظَرِ. فقالَ الرّبُّ لِصَموئيلَ: ((قُمِ اَمسَحْهُ مَلِكًا، فهذا هوَ)). |
13: | فأخذَ صَموئيلُ قرنَ الزَّيتِ ومسحَهُ مَلِكًا مِنْ بَينِ إخوَتِهِ، فحلَ روحُ الرّبِّ على داوُدَ مِنْ ذلِكَ اليومِ فصاعِدًا. ونهضَ صَموئيلُ وعادَ إلى الرَّامةِ.
|
داود في قصر شاول |
14: | وفارَقَ روحُ الرّبِّ شاوُلَ، وأزعَجهُ روحٌ شرِّيرٌ مِنْ عِندِهِ. |
15: | فقالَ لَه خدَمُهُ: ((ها روحٌ شرِّيرٌ مِنْ عِندِ الرّبِّ يُزعِجكَ، |
16: | فَمُرنا يا سيِّدي أنْ نبحَثَ عَنْ رَجلٍ يُحسِنُ الضَّربَ بالعودِ، حتى إذا اَعتراكَ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ مِنْ عِندِ اللهِ يضرِبُ بِالعودِ فتَنتَعِشُ)). |
17: | فقالَ لهُم شاوُلُ: ((فَتِّشوا عَنْ رَجلٍ يُحسِنُ الضَّربَ بِالعودِ وجيئوني بهِ)). |
18: | فقالَ أحدُ خدمِهِ: ((رأيتُ اَبنًا لِيسَّى مِنْ بَيتَ لحمَ يُحسِنُ الضَّربَ بِالعودِ، وهوَ شُجاعٌ وأهلٌ لِلحربِ، وفصيحٌ حسَنُ المَنظَرِ، والرّبُّ معَهُ)).
|
19: | فأرسَلَ شاولُ إلى يَسَّى يقولُ لَه: ((أرسِلْ إليَ داودَ اَبنَكَ الذي يَرعى الغنَمَ)). |
20: | فأخذَ يَسَّى حمارًا علَيهِ خبزٌ وزِقُّ خمرٍ وجديٌ مِنَ المعَزِ، وأرسلَ ذلِكَ كُلَّهُ معَ داوُدَ اَبنِهِ إلى شاوُلَ. |
21: | فجاءَ داوُدُ إلى شاوُلَ وراحَ يَخدمُهُ، فأحَبَّهُ جدُا وجعلَهُ حامِلَ سِلاحِهِ. |
22: | وأرسلَ شاوُلُ إلى يَسَّى يقولُ لَه: ((دعْ داوُدَ هُنا في خدمَتي، لأنَّهُ يَنعَمُ بِرضاي)). |
23: | وكانَ إذا اَعتَرى شاوُلَ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ مِنْ عِندِ اللهِ يأخذُ داوُدُ العودَ ويَضرِبُ بهِ، فيَستَريحُ شاوُلُ ويَنتعشُ، ويَنصرِفُ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ عَنهُ.
|
|
الفصل : 17 |
جليات يتحدى بني إسرائيل
1: | وحشَدَ الفلِسطيُّونَ جيوشَهُم لِلحربِ واَجتَمَعوا في سوكوهَ، في أرضِ يَهوذا، ونَزَلوا بَينَ سوكوهَ وعزيقةَ في أفسسِ دمِّيمَ، واَصطَفُّوا لِمحاربةِ الفلِسطيِّينَ. |
2: | واجتمعَ شاوُلُ ورجالُ إِسرائيلَ ونزلوا في وادي البُطْمِ |
3: | ووقفَ الفلِسطيُّونَ على جبَلٍ مِنْ هُنا، ورِجالُ إِسرائيل على جبَلٍ مُقابِلٍ، وبَينَهُمُ الوادي. |
4: | فخرَج رَجلٌ مُبارِزٌ مِنْ صُفوفِ الفلِسطيِّينَ اَسمُهُ جلياتُ مِنْ مدينَةِ جتَ، وكانَ طُولُهُ سِتَ أذرُعِ وشِبرًا، |
5: | وعلى رأسِهِ خوذَةٌ مِنْ نُحاسٍ، وكانَ لابسًا دِرعًا مَزْرودَةً، وزنُها رُبعُ قِنطارِ نحاسٍ، |
6: | وعلى رِجلَيهِ ساقانِ مِنْ نُحاسٍ، وبينَ كَتِفيهِ رُمحٌ مِنْ نُحاسٍ، |
7: | وقَناةُ رُمحِهِ غليظَةٌ كَنولِ النُّساج ووزنُ رأسِ الرُّمحِ، رَطلانِ مِنْ حديدٍ. وكانَ معَهُ رَجلٌ يَحمِلُ تُرسَهُ.
|
8: | فوقفَ ونادى صُفوفَ إِسرائيل وقالَ لهُم: ((لِماذا تَصطفُّونَ لِلحربِ أنا فلِسطيًّ، وأنتمُ عبيدُ شاوُلَ فاَختاروا رَجلاً يُنازِلُني. |
9: | فإنْ حارَبَني وقتَلَني صِرنا لكُم عبيدًا، وإنْ تغلَّبتُ أنا علَيهِ وقتَلتُهُ تَصيرونَ أنتُم لنا عبيدًا وتَخدِمونَنا)). |
10: | ثُمَ قالَ الفلِسطيُّ: ((أنا أتحَدَّى صُفوفَ إِسرائيلَ اليومَ. هاتوا لي رَجلاً يُبارزُني)). |
11: | فسمِعَ شاوُلُ وجميعُ رِجالِ إِسرائيلَ كلامَ الفلِسطيِّ هذا، فاَرتاعوا وخافوا جدُا.
|
داود في معسكر شاول |
12: | وكانَ داوُدُ اَبنَ رَجلٍ أفراتيٍّ مِنْ بَيتَ لَحمَ في يَهوذا اَسمُهُ يَسَّى. ولَه ثمانيةُ بَنينَ، وفي أيّامِ شاوُلَ بَلغَ يَسَّى سِنَّ الشَّيخوخةِ.
|
13: | وتَبِعَ ثَلاثَةٌ مِنْ أبناءِ يَسَّى الكِبارِ شاوُلَ إلى الحربِ، وهُم أليآبُ وهوَ البِكرُ، وأبينادابُ ثانيهِ، وشمَّةُ الثَّالِثُ. |
14: | وكانَ داوُدُ أصغَرَهُم. وفيما تَبِعَ الثَّلاثَةُ الكِبارُ شاوُلَ |
15: | كانَ داوُدُ يذهَبُ إليهِ ويعودُ إلى بَيتِهِ لِيَرعى غنَمَ أبيهِ في بَيتَ لَحمَ. |
16: | وظلَ جلياتُ الفلِسطيُّ يَتحدَّى صُفوفَ إِسرائيلَ أربَعينَ يومًا صباحًا ومساءً. |
17: | وقالَ يَسَّى لِداوُدَ اَبنِهِ: ((خذْ لإخوتِكَ قُفَّةً مِنْ هذا الفَريكِ وهذِهِ الأرغِفَةَ العشَرَةَ وأسرِعْ إليهِم في المُعسكَرِ. |
18: | وخذْ هذِهِ الجبناتِ العَشْرَ لِقائِدِ الألفِ، واَسألْ عَنْ سلامةِ إخوتِكَ وخذْ مِنهُم علامةً تؤكِّدُ لي سلامَتَهُم)). |
19: | وكانوا معَ شاوُلَ وجميعِ رِجالِ إِسرائيلَ في وادي إيلةَ يُقاتِلونَ الفلِسطيِّينَ. |
20: | فبَكَّرَ داوُدُ في الصَّباحِ وأوكلَ الغنَمَ إلى مَنْ يَحرُسُها، وحمَلَ الطَّعامَ ومضى كما أمرَهُ يَسَّى، فوصَلَ إلى المُعسكَرِ عِندَما كانَ جيشُ إِسرائيلَ يَصطفُّونَ هاتِفينَ لِلحربِ. |
21: | واَصطفَ رِجالُ إِسرائيلَ والفلِسطيُّونَ مُتقابِلينَ. |
22: | فتركَ داوُدُ الطَّعامَ الذي معَهُ في يَدِ حافِظِ الأمتِعةِ، وأسرَعَ إلى صُفوفِ المُقاتِلينَ يَسألُ عَنْ سلامةِ إخوَتِهِ. |
23: | وبَينَما هوَ يُكَلِّمُهُم، خرَج المُبارِزُ جلياتُ مِنْ صفِّ الفلِسطيِّينَ وتكلَّمَ كعادَتِهِ، فسمِعَ داوُدُ.
|
24: | فلمَّا رآهُ رِجالُ إِسرائيلَ هرَبوا مِنْ وجهِهِ خائِفينَ. |
25: | وقالوا: ((تَطلَّعوا إلى هذا الرَّجلِ القادِمِ لِيتحدَّى رِجالَ إِسرائيلَ. مَنْ قَتَلَهُ يُغنيهِ المَلِكُ، ويُزوِّجهُ اَبنَتَهُ، ويعفو أهلَ بَيتِهِ مِنَ الضَّرائِبِ والسُّخرَةِ في إِسرائيلَ)). |
26: | فقالَ داوُدُ لِلحاضِرينَ: ((ماذا يَنالُ مَنْ يقتُلُ هذا الفلِسطيَ ويُبعِدُ العارَ عَنْ إِسرائيلَ؟ ومَنْ يكونُ هذا الفلِسطيُّ غيرُ المَختونِ، حتى يَتحدَّى صُفوفَ جيشِ اللهِ الحيِّ؟)) |
27: | فأعادوا لَه كلامَ المَلكِ، وقالوا: ((هكذا يَنالُ مَنْ يَقتلُهُ)). |
28: | فسمِعَ أليآبُ، أخوهُ الأكبَرُ، ما تكلَّمَ بهِ داوُدُ معَ الرِّجالِ، فغضِبَ علَيهِ وسألَهُ: ((لماذا جئتَ إلى هُنا؟ ومعَ مَنْ تَرَكتَ تِلكَ الغَنماتِ القليلةَ في البَرِّيَّةِ؟ أنا أعرِفُ غُرورَكَ وخبثَ قلبِكَ. جئتَ لِتَرى الحربَ)). |
29: | فقالَ لَه داوُدُ: ((ماذا فعَلتُ؟ أما لي حَقًّ في الكلامِ؟)) |
30: | واَنصرَفَ مِنْ عِندِهِ إلى ناحيةٍ أُخرى وسألَ الرِّجالَ السُّؤالَ نفْسَهُ فأجابوهُ بِالجوابِ نفْسِهِ. |
31: | وسَمِعَ بَعضُهُم كلامَ داوُدَ، فتَحدَّثوا بهِ أمامَ شاوُلَ فطلَبَهُ. |
32: | فقالَ داوُدُ لِشاوُلَ: ((لا يَنقَطِعْ قلبُ أحدٍ بِسَببِ هذا الفلِسطيِّ. أنا أذهَبُ يا سيِّدي وأحارِبُهُ)). |
33: | فقالَ لهُ شاوُلُ: ((لا قُدرَةَ لكَ على لِقائِهِ وقِتالِهِ، لأنَّك أنتَ فتًى وهوَ يُحاربُ مُنذُ صِباهُ)). |
34: | فأجابَهُ داوُدُ: ((كُنتُ يا سيِّدي أرعى غنَمَ أبي، فإذا خطَفَ أسدٌ أو دبًّ شاةً منَ القطيعِ، |
35: | خرَجتُ وراءَهُ وضَربتُهُ وخلَّصتُها مِنْ فَمِهِ، وإذا وثَبَ عليَ أمسَكتُهُ بِذَقنِه وضَرَبتُهُ فقَتلتُهُ. |
36: | وهكذا كنتُ يا سيِّدي أقتلُ أسدًا أو دبُا، وسيكونُ هذا الفلِسطيُّ غيرُ المَختونِ مِثلَ واحدٍ مِنهُما، لأنَّهُ تَحدَّى صُفوفَ جنودِ اللهِ الحيِّ)). |
37: | ثُمَ قالَ داوُدُ: ((الرّبُّ الذي أنقَذَني مِنَ الأسدِ والدبِّ يُخلِّصُني من هذا الفلِسطيِّ)). فقالَ لَه شاوُلُ: ((إذهَبْ، وليَكُنِ الرّبُّ معَكَ)). |
38: | وألبَسَهُ شاوُلُ ثيابَه، وجعَلَ على رأسِهِ خوذةً مِنْ نُحاسٍ، وألبَسَهُ دِرعًا. |
39: | وتَقلَّدَ داوُدُ سيفَ شاوُلَ فَوقَ ثيابِهِ وأرادَ أنْ يمشيَ فلم يقدِرْ، لأنَّهُ لم يكن مُعتادًا على هذا مِنْ قَبلُ. فقالَ لِشاولَ: ((لا أقدِرُ أنْ أمشيَ بِكلِّ هذِهِ الأشياءِ. لأنِّي ما اعتَدتُها)). ونَزَعها داوُدُ عَنهُ. |
40: | ثُمَ أخذَ عَصاهُ بِيدِهِ، واَنتَقى خمسةَ حجارةٍ مُلسٍ مِنْ الوادي ووضَعَها في الكيسِ أوِ الجرابِ الذي يَحمِلُهُ الرّاعي. وأخذَ مِقلاعَهُ بِيدِهِ وبرَزَ للفلِسطيِّ.
|
داود يهزم جليات |
41: | فتَقدَّمَ الفلِسطيُّ صوبَ داوُدَ، ومعَهُ الرَّجلُ الحامِلُ تُرسَهُ. |
42: | وتطلَّعَ إلى داوُدَ، فاَستخفَ بهِ لأنَّهُ كان فتًى طريُا جميلَ المَنظَرِ. |
43: | فقالَ لَه: ((أكَلبٌ أنا حتى تَجيئَني بِالعَصَا؟)) وأنزَلَ لَعنَةَ آلهتِهِ علَيهِ. |
44: | ثُمَ قالَ لَه: ((تَعالَ فأجعَلَ لَحمَكَ لِطُيورِ السَّماءِ ووُحوشِ البَرِّيَّةِ)). |
45: | فأجابَهُ داوُدُ: ((أنتَ تَجيئُني بِالسَّيفِ والرُّمحِ والتُّرسِ وأنا أجيئُكَ باَسمِ الرّبِّ القديرِ، إلهِ جيشِ إِسرائيلَ الذي أنتَ تَحدَّيتَهُ. |
46: | في هذا اليومِ يُسَلِّمُكَ الرّبُّ إلى يَدي، فأقتُلكَ وأقطَعُ رأسَكَ عَنْ كَتِفَيكَ، وأجعَلُ جثثَ جنودِ الفلِسطيِّينَ لِطُيورِ السَّماءِ ووحوشِ البَرِّيَّةِ، حتى تعلَمَ الأرضُ كُلُّها أنَّ لإِسرائيلَ إلهًا،
|
47: | ويعلَمَ جميعُ الذينَ هُنا أنَّ الرّبَّ لا يحتاج إلى السَّيفِ والرُّمحِ لِيُخلِّصَ شعبَهُ، لأنَّ الرّبَّ سيّدُ الحربِ، وهوَ يُسَلِّمُكُم إلى أيدينا)). |
48: | ولمَّا هبَ الفلِسطيُّ لِمُلاقاةِ داوُدَ، توجهَ داوُدُ مُسرِعًا إليهِ.
|
49: | ومَدَ يدهُ إلى الجرابِ وأخذَ مِنهُ حجرًا، وقَذَفَهُ بِالمِقلاعِ فأصابَهُ في جبهَتِهِ. واَنغرَزَ الحجرُ فيها، فسقَطَ على وجهِهِ أرضًا. |
50: | وهكذا تغلَّبَ داوُدُ على الفلِسطيِّ بِالمقلاعِ والحجرِ، ضربَهُ وقتلَهُ. ولم يكن في يَدِ داوُدَ سيفٌ، |
51: | فأسرَعَ إلى الفلِسطيِّ، وأخذَ سيفَهُ مِنهُ واَستلَّهُ مِنْ غِمدِه فقتلَهُ وقَطعَ رأسَهُ. فلمَّا رأى الفلِسطيُّونَ جبَّارَهُم لاقى مَصرَعَهُ هرَبوا. |
52: | وهجمَ رِجالُ إِسرائيلَ ويَهوذا وهتفوا هُتافَ الحربِ ولاحَقوا الفلِسطيِّينَ حتى أبوابِ جتَ وعَقرونَ. |
53: | ثُمَ رجعَ رِجالُ إِسرائيلَ عَنْ مُطارَدتِهِم بَعدَ أنْ نَهَبوا مُعَسكرَهُم. |
54: | وأخذَ داوُدُ رأسَ جلياتِ الفلِسطيِّ وجاءَ به إلى أورَشليمَ، ولكنَّهُ اَحتفَظَ بِسلاحِ الفلِسطيِّ في خيمتِهِ.
|
داود يدخل على شاول |
55: | ولمَّا رأى شاوُلُ داوُدَ يخرُج إلى الفلِسطيِّ قالَ لأبنيرَ قائدِ الجيشِ: ((إبنُ مَنْ هذا الفتى يا أبنيرُ؟)) فأجابَهُ أبنيرُ: ((وحياتِكَ أيُّها المَلِكُ لا أعرِفُهُ)). |
56: | فقالَ لَه المَلِكُ: ((سَلِ اَبنُ مَنْ هذا الفتى)). |
57: | فلمَّا رجعَ داوُدُ بَعدَ قَتلِهِ الفلِسطيَ، وأخذَهُ أبنيرُ وأدخلَهُ على شاوُلَ، ورأسُ الفلِسطيِّ في يَدِهِ. |
58: | سألَهُ شاوُلُ: ((إبنُ مَنْ أنتَ يا فتى؟)) فأجابَهُ داوُدُ: ((أنا ابنُ عبدِكَ يَسَّى مِنْ بَيتَ لَحمَ))
|
|
الفصل : 18 |
1: | ولمَّا فرغَ داوُدُ من كلامِهِ مع شاوُلَ تعلَّقَ قلبُ يوناثانَ بِداوُدَ وأحبَّهُ كنفسِهِ. |
2: | وأبقاهُ شاوُلُ في ذلِكَ اليومِ عِندَهُ، ولم يَدَعْهُ يَرجعُ إلى بيتِ أبيهِ. |
3: | وقطعَ يوناثانُ معَ داوُدَ عَهدًا لأنَّهُ أحبَّهُ مثلَ نفْسِهِ، |
4: | وخلَعَ الجبَّةَ التي علَيهِ وأعطاها لَه معَ سائِرِ ثيابِهِ، حتى سيفِهِ وقَوسِهِ وحِزامِهِ. |
5: | وكانَ داوُدُ يذهَبُ حيثُما أرسلَهُ شاوُلُ ويَنجحُ، فجعلَهُ شاوُلُ قائدًا في جيشِهِ. وحسُنَ ذلِكَ عِندَ جميعِ الشَّعبِ وعِندَ رِجالِ شاوُلَ أيضًا.
|
شاول يغار من داود |
6: | ولمَّا رجعَ شاوُلُ المَلِكْ وجنودُهُ منَ الحربِ، ومعَهُم داوُدُ الذي اَنتصَرَ على الفِلسطيِّ، خرجتِ النِّساءُ مِنْ جميعِ مُدُنِ إِسرائيلَ لِلقائِهِم وهُنَّ يُغنِّينَ فَرِحاتٍ، ويَرقُصنَ بِدُفوفٍ وآلاتِ طَرَبٍ،
|
7: | ويُرَدِّدنَ هازِجاتٍ ((قتَلَ شاوُلُ الألوفَ، وداوُدُ عشَراتِ الألوفِ)). |
8: | فغضِبَ شاوُلُ جدُا وساءَهُ ذلِكَ الكلامُ، وقالَ: ((جعلْنَ لِداوُدَ عشَراتِ الأُلوفِ، وأمَّا لي فجعلْنَ أُلوفًا. وبَعدُ، فما بَقيَ لَه إلاَ أنْ يأخذَ المَملكةَ)).
|
9: | وأخذَ شاوُلُ يَضمُرُ الشَّرَ لداوُدَ مُنذُ ذلِكَ اليومِ.
|
10: | وكانَ في الغَدِ أنِ اَستَولى على شاوُلَ روحٌ شرِّيرٌ مِنْ عِندِ اللهِ، فأخذَ يَهذي داخلَ بَيتِهِ وداوُدُ يَضرِبُ بِالعودِ، كعادَتِهِ كُلَ يومِ. وكانَ في يَدِ شاوُلَ رُمحٌ، |
11: | فرَماهُ بهِ مرَّتَينِ قائِلاً في نفْسِهِ: ((سأسَمِّرُ داوُدَ على الحائِط!)) فتَنحَّى عَنهُ داوُدُ في المَرَّتينِ.
|
12: | وخافَ شاوُلُ مِنْ داوُدَ لأنَّ الرّبَّ ترَكَهُ وكانَ معَ داوُدَ.
|
13: | فأبعَدَهُ عَنهُ وجعَلَهُ بِرُتبَةِ قائدِ ألفٍ، فكانَ يقودُ الشَّعبَ.
|
14: | ويَنجحُ في جميعِ طُرقِهِ لأنَّ الرّبَّ كانَ معَهُ.
|
15: | ورأى شاوُلُ نجاحَهُ ففَزَعَ مِنهُ. |
16: | وأحبَ جميعُ شعبِ إِسرائيلَ ويَهوذا داوُدَ لأنَّهُ كانَ يقودُهُم في كُلِّ حُروبِهِم.
|
داود يتزوج ابنة شاول |
17: | وقالَ شاوُلُ لِداوُدَ: ((هذِهِ اَبنَتي الكُبرى مَيرَبُ أُعطيها لكَ زَوجةً، شَرطَ أنْ تكونَ لي قائدًا شُجاعًا وتُحارِبَ حُروبَ الرّبِّ)). قالَ شاوُلُ ذلِكَ لأنَّهُ فَكَّر في نَفْسِهِ: ((هكذا لا يُقتَلُ داوُدُ بِيَدي، بل بِيَدِ الفلِسطيِّينَ)). |
18: | فقالَ داوُدُ لِشاوُلَ: ((مَنْ أنا، وما سيرتي وعَشيرَةُ أبي في بَني إِسرائيلَ حتى أكونَ صِهرَ المَلِكِ؟)) |
19: | ولكنْ حينَ جاءَ وقتُ زَواجها مِنْ داوُدَ، أُعطيتْ زَوجةً لِعَدرِئيلَ المَحوليِّ. |
20: | على أنَّ ميكالَ اَبنَةَ شاوُلَ أحبَّت داوُدَ، فلمَّا عَلِمَ شاوُلُ بالأمرِ رأى ذلِكَ حسَنًا،
|
21: | وقالَ في نفْسِهِ: ((أُعطيها لَه فتكونُ لَه شَرَكًا، ويَقتُلُهُ الفلِسطيُّونَ)). فقالَ لِداوُدَ ثانيةً: ((تُصاهِرُني اليومَ)). |
22: | وأمرَ حاشيَتَه أنْ يتَكلَّموا معَ داوُدَ سِرُا ويَقولوا لَه: ((حَظيتَ بِرضى المَلِكِ، وأحبَّكَ جميعُ حاشيَتِهِ، فصاهِرْهُ الآنَ)). |
23: | فلمَّا سَمِعَ هذا الكلامَ قالَ لهُم: ((أحَقُا أُصاهِرُ المَلِكَ، وأنا رجلٌ مِسكينٌ وضيعٌ؟)) |
24: | فأخبَروا شاوُلَ بِكلامِ داوُدَ، |
25: | فقالَ شاوُلُ: ((هذا ما تَقولونَ لِداوُدَ: لا يَرغَبُ المَلِكُ في المَهرِ، ولكنَّهُ يُريدُ مئَةَ غُلفَةٍ مِنَ الفلِسطيِّينَ اَنتِقامًا مِنْ أعدائِهِ)). وكانَ شاوُلُ يَنوي أنْ يَرميَهُ بَينَ أيدي الفلِسطيِّينَ. |
26: | فأخبَروا داوُدَ بِهذا الكلامِ، فسَرَّهُ أنْ يكونَ بِذلِكَ صِهرًا لِلمَلِك. ولم يَطُلِ الوقتُ |
27: | حتى قامَ وذهَبَ معَ رِجالِهِ وقتلَ مِنَ الفلسطيِّينَ مئَتي رجلٍ، وجاءَ بِغُلَفِهِم كُلِّها إلى المَلِك لِيكونَ لَه صِهرًا. فزوَّجهُ ميكالَ اَبنَتَهُ. |
28: | وفهِمَ شاوُلُ أنَّ الرّبَّ معَ داوُدَ وأنَّ ميكالَ ابنتَهُ تُحِبُّهُ، |
29: | فاَزدادَ خوفًا مِنهُ وصارَ عدوُا لَه طُولَ حياتِهِ. |
30: | وكُلَّما كانَ قادةُ الفلِسطيِّينَ يَخرجونَ لِلحربِ، كانَ داوُدُ ينجحُ في قِتالهم أكثَرَ مِنْ جميعِ قادةِ شاوُلَ. فاَشتهَرَ اَسمُهُ جدُا.
|
|
الفصل : 19 |
شاول يطارد داود
1: | وأخبَرَ شاوُلُ يوناثانَ اَبنَهُ وجميعَ حاشيتِهِ أنَّهُ عزَمَ على قَتلِ داوُدَ. وكانَ يوناثانُ يُحِبُّ داوُدَ كثيرًا، |
2: | فقالَ لَه: ((أبي يُريدُ قتلَكَ فَكنْ حَذِرًا مُنذُ صباحِ الغَدِ وأقمْ في مكانٍ خفيٍّ. |
3: | وأنا أخرُج معَ أبي وأقِفُ في الحقلِ الذي تكونُ فيهِ، وأُكلِّمُهُ في شأنِكَ وأرى ما يكونُ وأخبرُكَ)).
|
4: | واَمتدَحَ يوناثانُ داوُدَ أمامَ أبيهِ شاوُلَ وقالَ: ((لا يخطأِ الملكُ في عبدِهِ داوُدَ، فهوَ لم يُسِئْ إليكَ، وأعمالُهُ كانَت لِخيركَ. |
5: | خاطَرَ بِنفْسِهِ وقتَلَ الفلِسطيَ، فأحرَزَ الرّبُّ نصرًا عظيمًا لجميعِ بَني إِسرائيلَ. وأنتَ شاهَدتَ ذلِكَ وفرِحتَ، فلماذا تخطأُ بسفكِ دمِ بريءٍ وتقتُلُ داوُدَ بغيرِ سبَبٍ؟))
|
6: | فسمِعَ شاوُلُ لكلامِ يوناثانَ وحلَفَ: ((حيٌّ هوَ الرّبُّ لا أقتُلُ داوُدَ)). |
7: | فدعا يوناثانُ داوُدَ وأخبرَهُ بهذا كُلِّهِ وأدخلَهُ على شاوُلَ، فأخذَ يَخدمُهُ كما في السَّابقِ. |
8: | وعادتِ الحربُ، فخرَج داوُدُ وحارَبَ الفلِسطيِّينَ وأنزلَ بِهم هزيمةً عظيمةً فهربوا مِنْ وجهِهِ. |
9: | واَعترى شاوُلَ روحٌ شرِّيرٌ مِنْ عِندِ الرّبِّ، وكانَ جالسًا في بَيتِهِ، والرّمحُ في يدِهِ، وداوُدُ يَضربُ بالعودِ. |
10: | فحاولَ شاوُلُ أنْ يضربَ داوُدَ بالرُّمحِ ويُلصِقَهُ بالحائطِ، فتنحَّى داوُدُ، فغرزَ الرُّمحُ في الحائطِ وهربَ داوُدُ ونجا بحياتِهِ تلكَ اللَّيلةَ. |
11: | فأرسلَ شاوُلُ رُسلاً إلى بَيتِ داوُدَ يتَرصَّدونَهُ ليقتلوهُ صباحًا. فقالَت لَه ميكالُ زوجتُهُ: ((إنْ كُنتَ لا تهرُبُ هذِهِ اللَّيلةَ قُتِلْتَ في الغَدِ)). |
12: | وأنزلَتهُ مِنْ طاقَةٍ فهرَبَ ناجيًا بنفْسِهِ. |
13: | ثُمَ أخذَت تِمثالاً، ووضَعتهُ على السَّريرِ، ووضعَت تَحتَ رأسِهِ مخدَّةً مِنْ شَعرِ المعَزِ وغطَّتهُ بِلحافٍ. |
14: | وأرسَلَ شاوُلُ رُسلاً يَقبِضونَ على داوُدَ فقالَت لهُم ميكالُ: ((هوَ مريضٌ)). |
15: | فأعادَ شاوُلُ الرُّسلَ ليَروا داوُدَ بأنفُسِهِم، وقالَ لهُم: ((اَحمِلوهُ إليَ وهوَ في فِراشِهِ لأقتلَهُ)). |
16: | فعادَ رسلُ شاوُلَ فرأوا التمثالَ على السَّريرِ، والمخدَّةَ تحتَ رأسِهِ. |
17: | فقالَ شاولُ لِميكالَ: ((لماذا خدعتِني وأطلَقتِ عَدوِّي حتى نجا؟)) فأجابت: ((لأنَّهُ قالَ لي: ((أطلقيني وإلاَ قَتلتُكِ)). |
18: | وهرَبَ داوُدُ ونجا. وجاءَ إلى صَموئيلَ في الرَّامةِ وأخبرَهُ بكلِّ ما فعَلَ بهِ شاوُلُ. ثُمَ ذهبا معًا وأقاما بِنايوتَ. |
19: | فقيلَ لشاوُلَ: ((ها داوُدُ في نايوتَ في الرَّامةِ)). |
20: | فأرسلَ رُسلاً ليَقبضوا علَيهِ، فرأوا جماعةَ الأنبياءِ وهُم يَتنبَّأونَ وصَموئيلُ رئيسٌ علَيهِم، فحلَ روحُ الرّبِّ على رُسلِ شاوُلَ فتنبَّأوا هُم أيضًا. |
21: | ولمَّا علِمَ شاوُلُ بالأمرِ أرسلَ آخرينَ فتنبَّأوا هُم أيضًا. وعادَ للمرَّةِ الثَّالثةِ فأرسلَ سِواهُم فتَنبَّأوا هُم أيضًا. |
22: | فذهبَ بِنفْسهِ إلى الرَّامةِ وعندَ البئرِ العظيمةِ التي في سيخو سألَ عَنْ صَموئيلَ وداوُدَ. فقيلَ لَه: ((هُنا في نايوتَ في الرَّامةِ)). |
23: | وفيما هوَ ذاهِبٌ إلى هُناكَ حلَ علَيهِ روحُ اللهِ، فأخذَ يتنبَّأُ طُولَ الطَّريقِ إلى نايوتَ. |
24: | ونزَعَ هوَ أيضًا ثيابَهُ وتنبَّأَ أمامَ صَموئيلَ، واَنطرَحَ عُريانًا كُلَ ذلِكَ النَّهارِ وليلَهُ. لِذلِكَ يُقالُ: ((أشاوُلُ أيضًا مِنَ الأنبياءِ؟))
|
|
الفصل : 20 |
العهد بين داود ويوناثان
1: | فهربَ داوُدُ مِنْ نايوتَ في الرَّامةِ، وجاءَ إلى يوناثانَ وقالَ لَه: ((ماذا فعلتُ؟ وما هوَ ذنبي؟ وبمَ أسأتُ إلى أبيكَ حتى يطلبَ حياتي؟)) |
2: | فأجابَهُ يوناثانُ: ((كلاَ، لن تموتَ. فأبي لا يفعَلُ أمرًا كبيرًا ولا صغيرًا مِنْ غيرِ أنْ يُكاشفَني بهِ، فكيفَ يَخفي عليَ هذا الأمرَ؟ هذا مستحيلٌ)).
|
3: | فقالَ داوُدُ: ((أبوكَ يعلَمُ أنِّي أنعَمُ بِرضاكَ عليَ، ويُفضِّلُ أنْ لا تعلَمَ بِما عزَمَ علَيهِ لِئلاَ تحزنَ. وحياةِ الرّبِّ وحياتِكَ أنتَ، ما كانَ بَيني وبَينَ الموتِ إلاَ خطوةٌ)). |
4: | فقالَ لَه يوناثانُ: ((ما تُريدُني أنْ أفعَلَ؟)) |
5: | فأجابَهُ داوُدُ: ((غَدًا أوَّلُ الشَّهرِ، وهوَ يومُ جلوسي معَ أبيكَ المَلِكِ للطَّعامِ، فاَصرِفْني لأختبئَ في البَرِّيَّةِ إلى مساءِ اليومِ الثَّالثِ. |
6: | فإنْ سألَ أبوكَ عنِّي، فقُلْ لَه: ((استأذَنَني في الذَّهابِ إلى بيتَ لَحمَ مدينتِهِ، لأنَّ أهلَهُ كُلَّهُم يُقدِّمونَ هُناكَ كُلَ سنَةٍ ذبيحةً للرّبِّ. |
7: | فإنْ قالَ: حسَنٌ، كانَ عليَ الأمانُ، وإنْ غضِبَ فاَعلمْ أنَّهُ عازمٌ على الشَّرِّ. |
8: | فاَعملْ معي، يا سيِّدي، هذا المعروفَ لأنَّكَ عاهدتَني عَهدَ الأخوَّةِ باَسمِ الرّبِّ، وإنْ كُنتُ أسأتُ في شيءٍ، فاَقتُلْني أنتَ ولا تُسلِّمْني إلى يَدِ أبيكَ)). |
9: | فقالَ لَه يوناثانُ: ((ما علَيكَ شرًّ. إذا عَلِمتُ أنَّ أبي يَنوي لكَ سُوءًا، فكيفَ لا أخبرُكَ؟)) |
10: | فقالَ داوُدُ: ((مَنْ يُخبِرُني إذا كانَ جوابُ أبيكَ قاسيًا؟)) |
11: | فقالَ يوناثانُ: ((تعالَ نخرُج إلى البَرِّيَّةِ)). فخرَجا. |
12: | وقالَ يوناثانُ لداوُدَ: ((يَشهدُ الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ أنِّي أستوضِحُ أبي هذا الأمرَ، في مِثلِ هذِهِ السَّاعةِ، غَدًا أو بَعدَ غَدٍ، فإنْ كانَ خيرٌ أُخبرُكَ |
13: | وإنْ كانَ يَنوي لكَ سُوءًا، فويلٌ لي مِنَ الرّبِّ إذا لم أُخبِرْكَ وأصرِفْكَ فتَمضيَ بأمانٍ. وليكُنِ الرّبُّ معَكَ كما كانَ معَ أبي. |
14: | وإنْ صِرتَ ملكًا وأنا حيًّ فكُنْ أمينًا لِعَهدِكَ لي باَسمِ الرّبِّ، وإنْ مُتُّ |
15: | فلا تقطَعْ علاقَتَكَ الطيِّبةَ بأهلِ بَيتي أبدًا، حتى لو أهلَكَ الرّبُّ كُلَ واحدٍ مِنْ أعدائِكَ عَنْ وجهِ الأرضِ. |
16: | وليَنتَقِمِ الرّبُّ مِنْ بَيتِ داوُدَ إذا قضيتَ على اسمِ يوناثانَ مِنْ بَيتِ شاوُلَ)). |
17: | وأعادَ يوناثانُ على داوُدَ يَمينَ حُبِّهِ لَه، لأنَّهُ أحبَّه كحُبِّهِ لِنفْسِهِ. |
18: | ثُمَ قالَ يوناثانُ لِداوُدَ: ((غَدًا أوَّلُ الشَّهرِ، سيظهَرُ غيابُكَ فيهِ لأنَّ مقعَدَكَ يكونُ خاليًا. |
19: | وبَعدَ غَدٍ يَزدادُ غيابُكَ ظُهورًا فاَذهَبْ إلى المَوضِعِ الذي اَختَبَأتَ فيهِ سابِقًا، واَنتَظِرْ عِندَ كومةِ الحجارَةِ هُناكَ. |
20: | وأنا أرمي بِثلاثَةِ أسهُمِ إلى جانِبِها كأنِّي أرمي هدَفًا. |
21: | ثُمَ أُرسِلُ خادمي قائلاً: إذهَبْ واَلتَقِط الأسهُمَ. فإنْ قُلتُ لَه: ((ها الأسهُمُ إلى جانِبِكَ فَخذْها)) تَجيءُ أنتَ إليَ لأنَّ علَيكَ الأمانُ وما مِنْ خطَرٍ، حَيًّ هوَ الرّبُّ. |
22: | وإنْ قُلتُ للخادِمِ: ((ها الأسهُمُ أمامَكَ)) تَنصرفُ، لأنَّ الرّبَّ هكذا يُريدُ. |
23: | وأمَّا العَهدُ الذي قطَعناهُ، فالرّبُّ شاهدٌ علَيهِ بَيني وبَينَكَ إلى الأبدِ)).
|
24: | فاَختبَأ داوُدُ في الحقلِ. فلمَّا كانَ أوَّلُ الشَّهرِ جلَسَ المَلِكُ لِلطَّعامِ |
25: | على كُرسيِّهِ عِندَ الحائطِ كالمُعتادِ، وجلَسَ يوناثانُ قُبالَتهُ وأبنيرُ إلى جانبِ شاوُلَ، وكانَ مقعَدُ داوُدَ خاليًا. |
26: | ولم يقُلْ شاوُلُ في ذلِكَ اليومِ شيئًا، لأنَّهُ قالَ في نفْسِهِ: ((رُبَّما أصابَهُ عارضٌ، أو لَعلَّهُ في حالٍ غيرِ طاهرةٍ بِحسَبِ الشَّريعةِ)). |
27: | فلمَّا كانَ اليومُ الثَّاني مِنَ الشَّهرِ خلا مقعَدُ داوُدَ أيضًا، فقالَ شاوُلُ ليوناثانَ اَبنِهِ: ((لِماذا تغيَّبَ داوُدُ اَبنُ يَسَّى البارِحةَ واليومَ عَنِ الطَّعامِ؟)) |
28: | فأجابَهُ يوناثانُ: ((استأذَنَني إلى بَيتَ لَحمَ |
29: | وقالَ: ((دَعني أنصَرِفُ إلى أهلي لأنَّهُم يُقَدِّمونَ ذبيحةً في المدينةِ، وإخوتي أمروني بأنْ أكونَ هُناكَ. والآنَ إذا كُنتُ أحظى بِرِضاكَ دَعني أذهَبُ وأراهُم. لِذلِكَ لم يحضَرْ مائِدةَ المَلِكِ)). |
30: | فغَضِبَ شاوُلُ على يوناثانَ وقالَ لَه: ((يا اَبنَ الفاجرةِ العاصيةِ أتَحسَبُني لا أعلَمُ أنَّكَ مُتَحزِّبٌ لاَبنِ يَسَّى لِخزيكَ وعارِ أمِّكَ؟ |
31: | فما دامَ اَبنُ يَسَّى حيُا على الأرضِ، فلا تَثبُتُ أنتَ ولا مَملَكتُكَ. والآنَ أرسِلْ مَنْ يَجيئُني بهِ، لأنَّهُ يستحِقُّ الموتَ)). |
32: | فأجابَهُ يوناثانُ: ((لِماذا تَنوي قَتلَهُ؟ ما الذي فعَلَ؟)) |
33: | فصوَّبَ شاوُلُ الرُّمحَ إليهِ كما لو أرادَ أنْ يطعَنهُ بهِ، فعرَفَ أنَّ أباهُ عزَمَ على قَتلِ داوُدَ. |
34: | فقامَ عَنِ المائِدةِ بِغضَبٍ شديدٍ، ولم يأكُلْ في ذلِكَ اليومِ، لأنَّهُ حَزِنَ على داوُدَ ولأنَّ أباهُ أهانَهُ. |
35: | وفي الصَّباحِ التالي خرَج يوناثانُ إلى الحقلِ لِلِقاءِ داوُدَ حسَبَ الموعدِ، ومعَهُ خادمٌ صغيرٌ. |
36: | وقالَ لِلخادِمِ: ((أُركُضْ واَلتَقطِ السِّهامَ التي أطلِقُها)). ورَمى بِسَهمِ سَقطَ أمامَهُ. |
37: | فلمَّا بَلغَ الخادِمُ موضِعَ السَّهمِ ناداهُ يوناثانُ وقالَ لَه: ((السَّهمُ أمامَكَ)). |
38: | ثمَ قالَ لَه: ((لا تَقِفْ. تَعالَ مُسرِعًا)). فالتَقطَ الخادمُ السَّهمَ وعادَ إلى مولاهُ. |
39: | ولم يكنْ يَعلَمُ شيئًا، بل كانَ يوناثانُ وداوُدُ يَعلَمانِ ما يَعني هذا. |
40: | ثُمَ أعطى يوناثانُ سِلاحَهُ لِلخادمِ وقالَ لَه: ((إذهَبْ وخذْهُ إلى المدينةِ)). |
41: | فما أنِ اَنصرَفَ الخادِمُ حتى قامَ داوُدُ مِنْ جانِبِ كومةِ الحجارَةِ وسَجدَ على وجهِهِ إلى الأرضِ ثَلاثَ مرَّاتٍ. ثُمَ تَعانَقا وبكَيا، وكانَ بُكاءُ داوُدَ أشَدَ. |
42: | وقالَ يوناثانُ لِداوُدَ: ((إذهَبْ بِأمانٍ. نحنُ حَلَفنا باَسمِ الرّبِّ وقُلْنا: لِيَكنِ الرّبُّ شاهدًا بَيني وبَينَكَ، وبَينَ ذرِّيَّتي وذرِّيَّتِكَ إلى الأبدِ)).
|
|
الفصل : 21 |
داود يهرب من وجه شاول
1: | فقامَ داوُدُ وهرَبَ، وأمَّا يوناثانُ فعادَ إلى المدينةِ. |
2: | وذهبَ داوُدُ إلى أخيمالِكَ الكاهنِ في نوبَ، فاَضطرَبَ أخيمالِكُ حينَ رآهُ وسألَهُ: ((لِماذا أنتَ وحدَكَ، وما معَكَ أحدٌ؟)) |
3: | فأجابَه داوُدُ: ((كلَّفني المَلِكُ بأمرٍ وقالَ لي لا تَدَعْ أحدًا يعرِفُ أيَ شيءٍ عَنِ المهمَّةِ التي كَلَّفتُكَ بِها. وأمَّا رِجالي، فلي موعدٌ معَهُم في موضِعِ كذا. |
4: | والآنَ ما عِندَك؟ أعطِني خمسةَ أرغِفَةٍ أو ما تَيسَّرَ)). |
5: | فأجابَهُ الكاهنُ: ((ما عِندي خبزٌ عاديًّ، بل خبزٌ مُقدَّسٌ. فهل صانَ رِجالُكَ أنفُسَهُم عنِ النِّساءِ؟)) |
6: | فقالَ لَه داوُدُ: ((كيفَ لا؟ والنِّساءُ تُمنَعُ عنَّا كُلَ مرَّةٍ نخرُج فيها لأمرٍ عاديٍّ، فكم بالأحرى هذِهِ المرَّةَ التي نخرُج فيها لأمرٍ خطيرٍ؟)) |
7: | فأعطاهُ الكاهنُ مِنَ الخبزِ المُقدَّسِ، لأنَّهُ ما كانَ عِندهُ خبزٌ غيرُ خبزِ التَّقدِمةِ المَرفوعِ مِنْ أمامِ الرّبِّ، لِيحِلَ محلَّهُ خبزٌ ساخنٌ يومَ رَفعِهِ. |
8: | وكانَ هُناكَ في ذلِكَ اليومِ رجلٌ مِنْ عبيدِ شاوُلَ يؤدِّي فريضَةً أمامَ الرّبِّ، يُقالُ لَه دُواغُ الأدوميُّ وهو كبيرُ رُعاةِ شاوُلَ.
|
9: | وقالَ داوُدُ لأخيمالكَ: ((أما عِندَكَ هُنا رمحٌ أو سيفٌ؟ فأنا ما حَملْتُ سيفي ولا عِدَّتي لأنَّ أمرَ الملكِ كانَ عاجلاً)). |
10: | فأجابَهُ الكاهنُ: ((هُنا سيفُ جلياتَ الفلِسطيِّ الذي قتَلتَهُ أنتَ في وادي إيلهَ، وهوَ ملفوفٌ بمنديلٍ خلفَ الأفودِ. إنْ شئتَ فخذْهُ، لأنَّ لا شيءَ هُنا غيرَهُ)). فقالَ لَه داوُدُ: ((لا سيفَ كهذا السَّيفِ، جئْني بهِ!))
|
11: | وقامَ داوُدُ وهرَبَ في ذلِكَ اليومِ مِنْ وجهِ شاوُلَ، فجاءَ إلى أخيشَ مَلكِ جتَ. |
12: | فقالَ لَه رِجالُ حاشيَتِهِ: ((أهذا داوُدُ مَلِكُ الأرضِ؟ أما لَه كانَتِ النِّساءُ يُغنِّينَ في الرَّقصِ ويقُلنَ: ((ضرَبَ شاوُلُ الألوفَ وداوُدُ عشَراتِ الألوفِ؟)) |
13: | فتأمَّلَ داوُدُ هذا الكلامَ في قلبِهِ، وخافَ جدُا مِنْ أخيشَ مَلكِ جتَ. |
14: | فراحَ يتظاهَرُ بالجنونِ، كُلَّما وقَعَت علَيهِ العُيونُ، ويَخبُطُ على مَصاريعِ البابِ تارِكًا لُعابَهُ يَسيلُ على لِحيَتِه. |
15: | فقالَ أخيشُ لِرِجالهِ: ((ألا ترونَ أنَّ هذا الرَّجلَ مجنونٌ؟ فلماذا أتيتُم بهِ إليَّ؟)) |
16: | وهل يَنقصُني مَجانينُ، فجئتُم بهِ إلى هُنا؟ فاَترُكوهُ يذهبُ. في هذا البيتِ لا مَكانَ لهُ)).
|
|
الفصل : 22 |
شاوُل يذبح الكهنة
1: | وهرَبَ داوُدُ مِنْ جتَ ولَجأَ إلى مغارَةِ عَدلاَمَ. فلمَّا سَمِعَ إخوتُهُ وجميعُ بَيتِ أبيهِ بالأمرِ نزَلوا إلى هُناكَ. |
2: | واَنضَمَ إليهِ كُلُّ مَنْ ضاقَت بهِ الحالُ، أو كانَ علَيهِ دَينٌ، أو شعرَ بِمَرارةِ نفْسٍ، فتولَّى قيادَتَهُم وصارَ معَهُ نحوَ أربعِ مئةِ رجلٍ.
|
3: | ثُمَ ذهبَ داوُدُ مِنْ هُناكَ إلى مِصفاةٍ في أرضِ مُوآبَ، وقالَ لمَلِكِ موآبَ: ((ليُقِمْ أبي وأمِّي عِندَكُم حتى أرى ما يفعَلُ اللهُ بي)). |
4: | وأخذَهُما إلى مَلِكِ مُوآبَ، فأقاما عِندَهُ كُلَ أيّامِ اَختباءِ داوُدَ في المَغاوِرِ. |
5: | فقالَ جادُ النبيُّ لداوُدَ: ((لا تُقِمْ في هذِهِ المَغاوِرِ. إذهَبْ واَدخلْ أرضَ يَهوذا)). فذهَبَ داوُدُ مِنْ هُناكَ ودخلَ غابةَ حارِثَ. |
6: | وسَمِعَ شاوُلُ أنَّ داوُدَ ظهَر معَ رِجالِهِ، وكانَ بِجبعةَ تَحتَ شجرَةِ الأثلَةِ على التَّلَّةِ، ورُمحُهُ بيدِهِ وجميعُ رجالِهِ حولَه. |
7: | فقالَ لهُم: ((إسمَعوا يا بَني بنيامينَ. أتَظنُّونَ أنَّ اَبنَ يَسَّى يُعطيكُم حُقولاً أو كُرومًا، أو يجعلُكُم جميعًا رؤساءَ مئاتٍ |
8: | حتى تآمَرتُم عليَ كُلُّكُم ولا واحدٌ فيكُم أعلَمَني عِندَما عاهَدَ اَبني اَبنَ يَسَّى، ولا فيكُم مَنِ اَهتمَ بي وأعلَمَني أنَّ اَبني أثارَ عليَ أحدَ رجالي حتى كَمَنَ لي كما ترونَ اليومَ؟)) |
9: | فقالَ دُواغُ الأدوميُّ، وكانَ واقِفًا معَ رجالِ شاوُلَ: ((رأيتُ اَبنَ يَسَّى عِندَما جاءَ إلى أخيمالِكَ بنِ أخيطوبَ في نُوبَ، |
10: | فسألَ لَه الرّبَّ عمَّا يفعَلُهُ، وأطعمَهُ، وأعطاهُ سيفَ جلياتَ الفلِسطيِّ)).
|
11: | فاَستدعى شاوُلُ أخيمالِكَ وجميعَ بَيتِ أبيهِ الكهنَةَ الذين في نُوبَ، فحضَروا إليهِ كُلُّهُم. |
12: | فقالَ شاوُلُ: ((إسمعْ يا اَبنَ أخيطوبَ)). فأجابَهُ: ((ها أنا يا سيِّدي)). |
13: | فقالَ لَه شاوُلُ: ((لماذا تآمَرتُما عليَ أنتَ واَبنُ يَسَّى، فأعطيتَهُ خبزًا وسيفًا، وسألتَ لَه اللهَ ليتمرَّدَ عليَ ويكمُنَ لي كما ترَى اليومَ؟)) |
14: | فأجابَهُ أخيمالِكُ: ((أيُّ رجلٍ مِنْ جميعِ رجالِكَ أمينٌ مِثلَ داوُدَ صهرِكَ وقائدِ حرسِكَ والمكرَّمِ في بَيتِكَ؟ |
15: | أفي هذا اليومِ دُونَ سواهُ حلَّلتُ لنفْسي أنْ أسألَ اللهَ لَه؟ كلاَ، يا سيِّدي المَلِكُ، لا تتَّهمْني ولا تتَّهِمْ أهلي، فلا علمَ لي بهذا الأمرِ مِنْ قليلٍ أو كثيرٍ)). |
16: | فقالَ لَه المَلِكُ: ((موتًا تموتُ يا أخيمالِكُ، أنتَ وجميعُ أهلِكَ)). |
17: | ثُمَ أمرَ الحرَسَ الواقفينَ حولَه: ((تقدَّموا واَقتُلوا كهنةَ الرّبِّ لأنَّهُم هُم أيضًا وضَعوا أيديَهُم بيَدِ داوُدَ، ولأنَّهُم عَلِموا أنَّهُ هاربٌ ولم يُخبِروني)). فرفَضَ الحرَسُ أنْ يَرفعوا أيديَهُم على كهنَةِ الرّبِّ. |
18: | فقالَ المَلِكُ لدُواغَ الأدوميِّ: ((تقدَّمْ أنتَ واَقتُلِ الكهنَةَ)). فتقدَّمَ دُواغُ وقتَلهُم وقتَلَ في ذلِكَ اليومِ خمسةً وثمانينَ رجلاً لابسي أفودِ كتَّانٍ. |
19: | ثُمَ ضربَ شاوُلُ نُوبَ، مدينةَ الكهنَةِ، بِحَدِّ السَّيفِ فسقَطَ الرِّجالُ والنِّساءُ والأطفالُ والرضَّعُ والبقَرُ والحميرُ والغنَمُ. |
20: | ولكنَّ أبياثارَ، اَبنَ أخيمالِكَ نَجا وهرَبَ إلى داوُدَ |
21: | وأخبرَهُ أنَّ شاوُلَ قتَلَ كهنةَ الرّبِّ. |
22: | فقالَ لَه داوُدُ: ((حينَ رأيتُ دُواغَ الأدوميَ هُناكَ، في ذلِكَ اليومِ، عرفْتُ أنَّهُ سيُخبِرُ شاوُلَ. فأنا الذي سبَّبتُ موتَ بَيتِ أبيكَ كُلِّهِم |
23: | فأقِمْ عِندي ولا تخفْ، لأنَّ شاوُلَ الذي يَطلبُ حياتَكَ يطلُبُ حياتي كذلِكَ. فأنتَ عِندي في أمانٍ)).
|
|
الفصل : 23 |
داوُد في قعيلة
1: | وقيلَ لداوُدَ: ((هَا الفلِسطيُّونَ يُهاجمونَ مدينةَ قعيلَةَ وينهَبونَ البيادِرَ)). |
2: | فسألَ داوُدُ الرّبَّ: ((هل أذهبُ وأضربُ أولئِكَ الفلِسطيِّينَ؟)) فأجابَهُ الرّبُّ: ((إذهبْ واَضربْهُم وأنقذْ قعيلَةَ)). |
3: | ولكنَّ رجالَه قالوا لَه: ((نحنُ هُنا في يَهوذا خائفونَ، فكيفَ إذا ذهَبنا إلى قعيلَةَ لمُحاربةِ جيوشِ الفلِسطيِّينَ؟)) |
4: | فعادَ داوُدُ وسألَ الرّبَّ، فأجابَهُ الرّبُّ: ((قُمِ اَنزلْ إلى قعيلَةَ، لأنِّي أسلِّمُ الفلِسطيِّينَ إلى يَدِكَ)). |
5: | فسارَ داوُدُ ورجالُهُ إلى قعيلَةَ، وحارَبَ الفلِسطيِّينَ، وأنزلَ بِهِم هزيمةً عظيمةً وساقَ مواشيَهُم، وخلَّصَ أهلَ المدينةِ مِنهُم. |
6: | وكانَ لمَّا هرَبَ أبياثارُ بنُ أخيمالِكَ إلى داوُدَ في قعيلَةَ أنَّهُ نزَلَ وفي يدِهِ أفودٌ. |
7: | وقيلَ لشاوُلَ إنَّ داودَ جاءَ إلى قعيلَةَ، فقالَ: ((أسلَمَهُ اللهُ إلى يَدي، لأنَّهُ وقَعَ في فَخ حينَ دخلَ مدينةً لها أبوابٌ ومَغاليقُ)). |
8: | ودَعا شاوُلُ جميعَ جنودِه للحربِ والنُّزولِ إلى قعيلَةَ لمُحاصرةِ داوُدَ ورِجالِهِ. |
9: | وعرَفَ داوُدُ بالأمرِ، فقالَ لأبياثارَ الكاهنِ: ((هاتِ الأفودَ)).
|
10: | وقالَ داوُدُ: ((أيُّها الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ، سَمعتُ أنَّ شاوُلَ نازِلٌ إلى قعيلَةَ ليُخرِّبَ المدينةَ مِنْ أجلي، |
11: | فهل يُسَلِّمُني أهلُها إلى يَدِهِ؟ وهل هوَ نازِلٌ كما سمِعتُ؟ أيُّها الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ أخبِرْني)). فقالَ الرّبُّ: ((هوَ نازِلٌ)). |
12: | فقالَ داوُدُ: ((وهل يُسَلِّمُني أهلُ قعيلَةَ أنا ورِجالي إلى يَدِ شاوُلَ؟)) فقالَ الرّبُّ: ((يُسَلِّمونَكم)). |
13: | فقامَ داوُدُ ورِجالُه، وهُم نحوَ سِتِّ مئةِ رجلٍ، وخرَجوا مِنْ قَعيلَةَ، ولمَّا علِمَ شاوُلُ بذلِكَ اَمتنَعَ عَنِ الخروج لِمُحاربَتِهِ.
|
داود في بريّة زيف |
14: | وأقامَ داوُدُ في برِّيَّةِ زيفَ، في مَغاوِرِ الجبلِ هُناكَ. وكانَ شاوُلُ لا يتوقَّفُ عنِ البحثِ عنهُ، ولكِنَّ الرّبَّ لم يُسلِّمْهُ إلى يَدِهِ. |
15: | وخافَ داوُدُ لأنَّ شاوُلَ خرَج يطلُبُ حياتَهُ. وكانَ داوُدُ في ذلِكَ الوقتِ قُربَ حورَشَ في بَرِّيَّةِ زيفَ. |
16: | فقامَ يوناثانُ بنُ شاوُلَ وجاءَ إليهِ في الغابةِ وقوَّى قلبَهُ باللهِ |
17: | وقالَ لَه: ((لا تخفْ لأنَّ يدَ أبي لنْ تَطالَكَ، وهوَ يعلَمُ أنَّكَ مَلِكٌ على إِسرائيلَ وأكونُ لكَ المُساعِدَ)). |
18: | وتعاهَدَ الاثنانِ أمامَ الرّبِّ. وبَقيَ داوُدُ في الغابِ، بَينَما عادَ يوناثانُ إلى بَيتِهِ.
|
19: | وتوجهَ بعضُ سكَّانِ زيفَ إلى شاوُلَ في جبعَةَ وقالوا لَه: ((ألا تعلَمُ أنَّ داوُدَ مُختبئِّ عِندَنا في مَغاوِرِ الغابِ، في تَلِّ حَخيلةَ جنوبَ بَرِّيَّةِ يَهوذا؟ |
20: | فاَنزِلِ الآنَ، أيُّها المَلِكُ، وحقِّقْ ما يَشتهيهِ قلبُكَ، ونحنُ نسلِّمُهُ إلى يَدِكَ)). |
21: | فقالَ شاوُلُ: ((يُباركُكُمُ الرّبُّ لأنَّكُم جئتُم لِمَعونَتي. |
22: | فاَنصَرِفوا الآنَ وتأكَّدوا مِنَ الأمرِ، وفتِّشوا عنهُ وعيِّنوا مكانَهُ مِنْ آثارِ قدمَيهِ وممَّن رآهُ هُناكَ. فهوَ كما قيلَ لي شديدُ الدَّهاءِ. |
23: | واَرْصُدوا جميعَ المَخابئِ التي يَختَبئْ فيها، وعودوا إليَ باليقينِ، فإنْ كانَ في أرضِكُم سِرتُ إليكُم للبَحثِ عنهُ، ولو في جميعِ قبائلِ بَني يَهوذا)). |
24: | فقامَوا وذَهَبوا إلى زيفَ قُدَّامَ شاوُلَ. وكانَ داوُدُ ورجالُهُ في سَهلِ بَرِّيَّةِ مَعونَ جنوبَ بَرِّيَّةِ يَهوذا. |
25: | وسارَ شاوُلُ ورِجالُهُ في طَلَبِ داوُدَ. وعَلِمَ داوُدُ، فهربَ إلى الصَّخرةِ التي في بَرِّيَّةِ مَعونَ واَختبأَ هُناكَ. فلمَّا سمِعَ شاوُلُ بذلِكَ تبِعَهُ إلى بَرِّيَّةِ مَعونَ. |
26: | وهوَ يَسيرُ جانِبَ الجبَلِ مِنْ هُنا، وداوُدُ ورِجالُهُ في الجانِبِ الآخرِ مِنْ هُناكَ. وكانَ داوُدُ مُسرِعًا في هرَبِهِ مِنْ شاوُلَ ورِجالِهِ الذينَ أحاطوا بهِ وبِرجالِهِ للقبضِ علَيهِم. |
27: | فجاءَ رسولٌ إلى شاوُلَ وقالَ لَه: ((أسرِعْ بالعودةِ لأنَّ الفلِسطيِّينَ اَجتاحوا البِلادَ)). |
28: | فرجعَ عنْ مُطارَدَةِ داوُدَ، وسارَ لِمُلاقاتِهِم. لذلِكَ دُعيَ ذلِكَ الموضِعُ صخرةَ الفَصْلِ.
|
|
الفصل : 24 |
داود يعف عن شاول
1: | وذهبَ داوُدُ مِنْ هُناكَ والتجأَ إلى مَغاوِرِ عين جديٍ. |
2: | فلمَّا رجعَ شاوُلُ مِنْ مُطاردَةِ الفلِسطيِّينَ قيلَ لَه: ((ها داوُدُ في بَرِّيَّةِ عين جديٍ)). |
3: | فاَنتَقى ثَلاثَةَ آلافِ رَجلٍ من جميعِ بَني إِسرائيلَ، وسارَ في طلَبِ داوُدَ ورجالِهِ شرقيَ المكانِ المَعروفِ بصخورِ الوعولِ. |
4: | وجاءَ إلى حَظائِرِ الغنَمِ التي في الطَّريقِ وكانَت هُناكَ مَغارةٌ، فدَخلَها ليقضيَ حاجتَهُ. وكانَ داوُدُ ورجالُه مُختبئينَ في باطنِ المَغارةِ، |
5: | فقالَ لَه رجالُهُ: ((هذا هوَ اليومُ الذي قالَ لكَ الرّبُّ: ((ها أنا أسَلِّمُ فيهِ عدوَّكَ إلى يدِكَ فتفعَلُ بهِ ما تراهُ حسنًا)). فقامَ داوُدُ وقطعَ طرَفَ جبَّةِ شاوُلَ خفيةً. |
6: | وبعدَ ذلِكَ وبَّخهُ ضميرُهُ عمَّا فعَلَ، |
7: | وقالَ لرجالِهِ: ((حَرامٌ عليَ مِنَ الرّبِّ أنْ أفعَلَ هذا بسيِّدي شاوُلَ، وأرفَعَ يَدي على مَنْ مسحَهُ الرّبُّ مَلِكًا)). |
8: | وردَعَ رجالَهُ بالكلامِ، ومنَعَهُم مِنَ الهُجومِ على شاوُلَ. ثُمَ قامَ شاوُلُ وخرج منَ المَغارةِ وسارَ في طريقِهِ. |
9: | ثُمَ خرَج داوُدُ وراءَهُ مِنَ المَغارةِ وناداهُ: ((يا سيِّدي المَلِكُ)). فاَلتفَتَ شاوُلُ إلى خلفِهِ، فاَنحنى داوُدُ حتى الأرضِ، |
10: | وقالَ لَه: ((لماذا تُصدِّقُ القائلينَ لكَ إنَّ داوُدَ يَطلبُ أذاكَ؟ |
11: | ها عيناكَ رأتا اليومَ أنَّ الرّبَّ أسلمَكَ إلى يَدي في المَغارةِ، وأشارَ عليَ رجالي أنْ أقتُلَكَ، ولكنِّي أشفَقتُ علَيكَ وقُلتُ: لا أرفَعُ يَدي على سيِّدي الذي مسحَهُ الرّبُّ. |
12: | فاَنظُرْ يا أبي، ها طرَفُ جبَّتِكَ في يَدي. قَطعتُهُ ولم أقتُلْكَ فتَعلَمُ أنِّي لا أُضمِرُ لكَ شرُا ولا خيانةً. ولم أُذنِبْ إليكَ، وأنتَ تُطاردُني لتَقتُلَني. |
13: | فليَحكُمِ الرّبُّ بَيني وبَينكَ وينتقِمْ لي مِنكَ، وأمَّا يَدي فلا أرفَعُها علَيكَ. |
14: | كما يقولُ المَثلُ القديمُ: ((مِنَ الأشرارِ سيخرُج الشَّرُّ))، لذلِكَ لن أرفَعَ يَدي علَيكَ. |
15: | فمَنْ تُطارِدُ إذًا على مَنْ خرَج مَلِكُ إِسرائيلَ اَنظُروا مَنْ يُطارِدُ كلبًا ميتًا أو برغوثًا. |
16: | فليكُنِ الرّبُّ ديَّانًا يَحكُمُ بَيني وبَينَكَ، ولينظُرْ إلى دَعوايَ ويُدافِعْ عَنها، ويُنقِذْني مِنْ يَدِكَ)).
|
17: | فلمَّا اَنتَهى داوُدُ مِنْ كلامِهِ هذا، قالَ شاوُلُ: ((أهذا صوتُكَ يا اَبني داوُدُ؟)) ورفَعَ صوتَهُ وبكى. |
18: | ثُمَ قالَ لداوُدَ: ((أنتَ أحسَنُ منِّي، أنتَ جازيتَني خيرًا وأنا جازيتُكَ شرُا. |
19: | والخيرُ الذي صَنعتَ إليَ اليومَ عظيمٌ، لأنَّ الرّبَّ أسلمَني إلى يَدِكَ ولم تَقتُلْني. |
20: | فأيُّ رجلٍ إذا تمكَّنَ مِنْ عدُوِّهِ يعفو عَنهُ؟ ألا جازاكَ الرّبُّ خيرًا لِما صَنعتَ معي اليومَ. |
21: | والآنَ تأكَّدتُ أنَّكَ ستَصيرُ مَلِكًا، وأنَّ مملكةَ إِسرائيلَ تثبُتُ في يَدِكَ. |
22: | فاَحلِفْ ليَ الآنَ بالرّبِّ أنَّكَ لنْ تَقطعَ نسلي مِنْ بَعدي، ولا تُبيدَ اَسمي مِنْ بَيتِ أبي)). |
23: | فحلَفَ لَه داوُدُ. واَنصرَفَ شاوُلُ إلى بَيتِهِ. وأمَّا داوُدُ فصعِدَ معَ رجالِهِ إلى مَخبإِهِ في المَغاورِ.
|
|
الفصل : 25 |
وفاة صموئيل وزواج داود
1: | وتُوفِّيَ صَموئيلُ، فاَجتمَعَ بَنو إِسرائيلَ، وناحوا علَيهِ ودَفنوهُ قريبًا مِنْ بيتِهِ في الرَّامةِ. وبَعدَ هذا قامَ داوُدُ ونزَلَ إلى بَرِّيَّةِ فارانَ. |
2: | وكانَ هُناكَ رجلٌ يُقيمُ في مدينةِ مَعونَ ولَه أملاكٌ في الكرمَلِ، وكانَ هذا الرَّجلُ غنيُا جدُا، لَه ثَلاثَةُ آلافٍ مِنَ الغنَمِ وألفٌ مِنَ المعَزِ، وكانَ يجزُّ غنَمَهُ في الكرمَلِ. |
3: | واَسمُ الرَّجلِ نابالُ واَسمُ زوجتِهِ أبيجايِلُ. وكانَت أبيجايِلُ ذَكيَّةً وجميلةً وكانَ نابالُ رجلاً فظُا سيِّئَ التَّصرُّفِ، وهوَ مِنْ قبيلَةِ كالَبَ. |
4: | فسمِعَ داوُدُ وهوَ في البَرِّيَّةِ أنَّ نابالَ يجزُّ غنَمَهُ، |
5: | فأرسَلَ إليهِ عشَرَةً مِنَ الفِتيانِ وقالَ لهُم: ((روحوا إلى نابالَ في الكرمَلِ، وسلِّموا علَيهِ باَسمي |
6: | وقولوا لَه: ((عشتَ ودُمتَ سالِمًا أنتَ وأهلُكَ وكُلُّ ما لَكَ. |
7: | سَمِعتُ الآنَ أنَّكَ تجزُّ غنَمَكَ فاَعلَمْ أنَّ رُعاتَكَ كانوا معَنا، فما أذَيناهُم ولا أخذْنا مِنهُم شيئًا طُولَ إقامَتِهم في الكرمَلِ. |
8: | سَلْ رُعاتَكَ يُخبِروكَ. فليَنعَمْ رُسُلي بِرِضاكَ، لأنَّهُم جاؤوا إليكَ في يومِ خيرٍ، فاَبعَثْ معَهُم لاَبنِكَ داوُدَ ورِجالِه ممَّا تَيسَّر)).
|
9: | فجاءَ الفِتيانُ إلى نابالَ وكلَّموهُ بكلِّ هذا الكلامِ باَسمِ داوُدَ. واَنتَظَروا. |
10: | فأجابَهُم نابالُ: ((مَنْ هوَ داوُدُ؟ مَنْ هوَ اَبنُ يَسَّى؟ كثُرَ اليومَ العبيدُ الذينَ هرَبوا مِنْ عِندِ أسيادِهِم. |
11: | كيفَ لي أنْ آخذَ خبزي ومائي وذبيحَتي التي ذَبحتُ للَّذينَ يَجزُّونَ غنَمي وأُعطيها لقومِ لا أعرِفُ مِنْ أينَ هُم؟)) |
12: | فرجعَ الفِتيانُ وأخبَروا داوُدَ بِما سَمِعوا. |
13: | فقالَ داوُدُ لِرِجالهِ: ((تَقلَّدوا سُيوفَكُم)). ففَعَلوا وتَقلَّدَ داوُدُ سيفَهُ أيضًا، وصعِدَ على رأسِ أربعِ مئةِ رَجلٍ، وبَقيَ مِئَتا رَجلٍ يَحرسونَ الأمتعةَ. |
14: | فقالَ واحدٌ مِنْ خدَمِ نابالَ لأبيجايلَ زوجتِهِ: ((أرسَلَ داوُدُ رُسلاً مِنَ البَرِّيَّةِ يُسلِّمونَ على سيِّدِنا، فثارَ غضبُهُ علَيهِم. |
15: | ورجالُ داوُدَ أحسَنوا إلينا جدُا، فما آذونا وما أخذوا لنا شيئًا كُلَ أيّامِنا معَهُم في البَرِّيَّةِ، |
16: | وكانوا يُدافِعونَ عنَّا ليلاً ونهارًا طُولَ إقامَتِنا معَهُم ونحنُ نرعى الغنَمَ. |
17: | فاَعلَمي هذا واَنظُري الآنَ ماذا تَعملينَ، لأنَّ الشَّرَ يتهدَّدُ سيِّدَنا وكُلَ أهلِ بَيتِهِ، وهوَ صَعبُ المزاج لا يَقدِرُ أحدٌ أنْ يُكلِّمَهُ)). |
18: | فأسرَعَت أبيجايلُ وأخذَت مئتي رَغيفٍ، وزقَّي خمرٍ، وخمسةَ خرافٍ مَشويَّةٍ، وخمْسَ كيلاتٍ مِنَ الفَريكِ، ومئةَ عُنقودٍ مِنَ الزَّبيبِ، ومئتَي قُرصٍ مِنَ التِّينِ، وحملَتْ ذلِكَ كُلَّهُ على حميرٍ |
19: | وقالَت لِخدَمِها: ((إستَبِقوني فأتبعَكُم)). ولم تُخبِرْ زَوجها نابالَ شيئًا. |
20: | وبَينَما هيَ راكبَةٌ على الحمارِ ونازِلةٌ في لِحفِ الجبَلِ، إذا بِداوُدَ ورِجالِهِ مُنحدِرونَ صَوبَها فاَلتقَت بِهِم.
|
21: | وكانَ داوُدُ يقولُ في نفْسِهِ: ((عبَثًا حافَظتُ على ما لهذا الرَّجلِ في البَرِّيَّةِ، فما فقَدَ مِنْ جميعِ ما هوَ لَه شيئًا، فبادلَني الخيرَ شرُا. |
22: | ويلٌ لي مِنَ اللهِ إنْ أبقَيتُ إلى الصُّبحِ ذَكَرًا مِنْ جميعِ أهلِ بَيتِهِ)). |
23: | فلمَّا رأت أبيجايِلُ داوُدَ، نزَلَت في الحالِ عَنْ حمارِها واَنحنَت حتى الأرضِ أمامَهُ،
|
24: | ووقَعَت على رِجليهِ وقالت: ((عليَ يقعُ اللَّومُ يا سيِّدي، فَدَعْني أنا جاريَتكَ أتكلَّمُ على مسمَعِكَ، وأصغِ أنتَ لِكلامي. |
25: | لا تهتمَ بهذا الرَّجلِ اللَّئيمِ نابالَ، لأنَّ اَسمَهُ يَنطبِقُ على مُسمَّاهُ وهوَ الحَماقةُ. فأمَّا أنا جاريَتُكَ فما رأيتُ الذينَ أرسلتَهُم. |
26: | والآنَ يا سيِّدي، حَيًّ هوَ الرّبُّ وحَيًّ أنتَ، إنَّ الرّبَّ الذي منعَكَ عَنْ سَفكِ الدِّماءِ بيَدِكَ اَنتِقامًا لِنَفْسِكَ، سَيُعاقبُ أعداءَكَ وكُلَ مَنْ يَطلُبُ لكَ الشَّرَ مِثلَ نابالَ. |
27: | والآنَ إليكَ بهذِهِ الهديَّةِ التي جاءَتكَ بِها جاريتُكَ، فأعطِها لرِجالِكَ. |
28: | واَصفَحْ عَنْ إساءةِ جاريَتِكَ إليكَ، ولا بُدَ أنْ يُقيمَ لكَ الرّبُّ مُلكًا وطيدًا، لأنَّكَ يا سيِّدي تُحاربُ حروبَ الرّبِّ ولا تفعَلُ شرُا طُولَ أيّامِ حياتِكَ. |
29: | وإذا قامَ أحدٌ ليُطاردَكَ ويَطلبَ حياتَكَ، فلتَكُنْ حياتُكَ يا سيِّدي مَصرورةً في صُرَّةِ الأحياءِ معَ الرّبِّ إلهِكَ، وأمَّا حياةُ أعدائِكَ فليَرمِها الرّبُّ كما في كفَّةِ المِقلاعِ. |
30: | وإذا عَمِلَ الرّبُّ لكَ يا سيِّدي كُلَ ما وعدَكَ بهِ مِنَ الخيرِ وجعَلَكَ رئيسًا على إِسرائيلَ، |
31: | فلا يكونُ هُنالِكَ ما يُخلِّيكَ تشعُرُ بالنَّدَمِ وتَبكيتِ الضَّميرِ لأنَّكَ سَفَكتَ دَمًا بِغَيرِ سبَبٍ اَنتِقامًا لِنَفْسكَ. وإذا أنعَمَ الرّبُّ علَيكَ، يا سيِّدي، فاَذكرْني أنا جاريَتُكَ)). |
32: | فقالَ داوُدُ لأبيجايِلَ: ((مُبارَكٌ الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ الذي أرسَلَكِ اليومَ إليَ. |
33: | مُبارَكَةٌ حِكمَتُكِ، ومُبارَكَةٌ أنتِ، لأنَّكِ مَنَعتِني اليومَ مِنْ سَفكِ الدِّماء اَنتِقامًا لِنَفْسي بيَدي. |
34: | ولكِنْ، حَيًّ هوَ الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ الذي مَنعَني عَنِ الإساءةِ إليكِ، لو لم تُسرِعي وتأتي إليَ لَما بَقيَ لِنابالَ إلى الصُّبحِ ذَكَرٌ في بَيتِه)).
|
35: | وأخذَ داوُدُ مِنْ يَدِها الهديَّةَ وقالَ لها: ((عودي إلى بَيتِكِ بِسلامِ، واَعلَمي أنِّي سَمعتُ لكِ وأكرَمتُكِ)). |
36: | فعادت أبيجايلُ إلى نابالَ، فإذا في بَيتِهِ وليمةٌ كوليمةِ المُلوكِ. وكانَ نابالُ مُبتهِج القلبِ مِنْ شدَّةِ السُّكرِ، فلم تُخبرْهُ أبيجايِلُ بِشيءٍ إلى طلوعِ الصَّباحِ. |
37: | وعِندَما أفاقَ مِنْ سُكرِهِ في الصَّباحِ أخبرَتهُ بكُلِّ ما جرى لها، فصارَ مِثلَ الحجرِ وماتَ قلبُهُ في صَدرِهِ. |
38: | وبَعدَ نحوِ عشَرَةِ أيّامِ ضربَ الرّبُّ نابالَ فماتَ. |
39: | فلمَّا سمِعَ داوُدُ بموتِ نابالَ قالَ: ((تبارَكَ الرّبُّ الذي اَنتَقَم مِنهُ على ما عيَّرني بهِ، ومَنَعني أنا عبدهُ عنِ الشَّرِّ وردَ شَرَ نابالَ إلى رأسِهِ)). وأرسَلَ داوُدُ إلى أبيجايِلَ يُخبِرُها أنَّهُ يُريدُ أنْ يأخذَها زَوجةً لهُ. |
40: | فجاءَها رُسلُ داوُدَ في الكَرمَلِ وقالوا لها: ((أرسَلَنا داوُدُ إليكِ طالبًا أنْ يأخذَكِ زَوجةً لهُ)). |
41: | فقامَت واَنحنَت حتى الأرضِ وقالت: ((إعتَبِرْ جاريَتَكَ، أمَةً لكَ، يا سيِّدي لِتَغسِلَ أرجلَ عبيدِكَ)). |
42: | وقامَت مُسرِعةً ورَكبَت حمارًا ومَعَها خمسٌ مِنْ جواريها وراءَها، وتَبِعت رُسُلَ داودَ وصارت لَه زوجةً. |
43: | وتزوَّج داوُدُ أيضًا أخينوعَمَ مِنْ يزرَعيلَ فصارَ لَه زَوجتانِ. |
44: | فأمَّا شاوُلُ، فأعطى ميكالَ اَبنَتَهُ التي تَزوَّجها داوُدُ زوجةً لِفلطيِّ بنِ لايشَ مِنْ جلِّيمَ.
|
|
الفصل : 26 |
داوُد يعف أيضًا عن شاول
1: | وجاءَ رِجالٌ مِنْ زيفَ إلى شاوُلَ في جبعَةَ وقالوا لَه: ((ها داوُدُ مُختبِئِّ في تلِّ حَخيلَةَ عِندَ طرَفِ البَرِّيَّةِ)). |
2: | فقامَ شاوُلُ، ومعَهُ ثَلاثَةُ آلافِ رجلٍ مِنْ خيرَةِ بَني إِسرائيلَ، ونزَلَ إلى بَرِّيَّةِ زيفَ لِلبحثِ عَنهُ. |
3: | وعسكَرَ شاوُلُ في تلِّ حَخيلَةَ بجانِبِ الطَّريقِ عِندَ طَرفِ البَرِّيَّة. وكان داوُدُ مُقيمًا في البَرِّيَّةِ فلمَّا سمِعَ أنَّ شاوُلَ تَبِعَهُ إليها |
4: | أرسَلَ جواسيسَ وتيقَّنَ أنَّهُ هُناكَ. |
5: | فأسرَعَ إلى حيثُ عسكَرَ شاوُلُ ورأى الموضِعَ الذي كانَ شاوُلُ وأبنيرُ بنُ نيرَ، قائدُ جيشِهِ. وكانَ شاوُلُ نائمًا في المُعسكَرِ، والجنودُ حولَهُ. |
6: | فسألَ داوُدُ أخيمالِكَ الحثِّيَ وأبيشايَ اَبنَ صَرويَّةَ، أخا يوآبَ: ((مَنْ يَنزلُ معي إلى شاوُلَ في المُعسكَرِ؟)) فقالَ لَه أبيشايُ: ((أنا أنزلُ معَكَ)). |
7: | فجاءَ داوُدُ وأبيشايُ إلى المُعسكَرِ ليلاً، فوجدا شاوُلَ نائمًا داخلَهُ، ورمحُهُ مغروزٌ في الأرضِ عندَ رأسِهِ، وأبنيرُ والجنودُ نيامٌ حولَه. |
8: | فقالَ أبيشايُ لداوُدَ: ((أسلَمَ اللهُ اليومَ عدوَّكَ إلى يدِكَ، فدَعْني أطعَنُهُ بِرمحه وأسمِّرُهُ إلى الأرضِ طعنَةً واحدةً لا غيرَ)). |
9: | فقالَ لَه داوُدُ: ((لا تقتُلْه. فمَنِ الذي يَرفعُ يدَهُ على المَلكِ، الذي مسحَهُ الرّبُّ، ويكونُ بريئًا؟)) |
10: | وقالَ داوُدُ: ((حَيًّ هوَ الرّبُّ، لا أحدَ يَضرِبُهُ غيرُ الرّبِّ، إمَّا أنْ يَحينَ يومُهُ فيموتَ، وإمَّا أنْ يَنزِلَ إلى حربٍ فيَهلِكَ. |
11: | حَرامٌ عليَ منَ الرّبِّ أنْ أرفَعَ يَدي على مَنْ مسحَهُ الرّبُّ. والآنَ فلنأخذِ الرُّمحَ الذي عِندَ رأسِهِ وكوزَ الماءِ ونَنْصرِفْ)). |
12: | وأخذَ داوُدُ الرُّمحَ وكوزَالماءِ واَنصرَفا، مِنْ غيرِ أنْ يَنظُرَ أو يعلَمَ أو يَنتبِهَ إليهما أحدٌ، وكانوا جميعُهُم نيامًا لأنَّ نُعاسًا مِنَ الرّبِّ وقعَ علَيهِم. |
13: | ثُمَ عبرَ داوُدُ إلى الجانبِ الآخرِ مِنَ الوادي ووقَفَ بعيدًا على قِمَّةِ الجبَلِ، والمَسافةُ بَينَهُم وسيعَةٌ، |
14: | وصاحَ بالجنودِ وبأبنيرَ بنِ نيرَ قائلاً: ((ألا تُجيبُ يا أبنيرُ؟)) فأجابَ أبنيرُ: ((ومَنْ يُناديني؟)) |
15: | فقالَ لَه داوُدُ: ((أما أنتَ برجلٍ ومَنْ مِثلُكَ في إِسرائيلَ؟ فكيفَ لا تُحسِنُ القيامَ بواجبِكَ. |
16: | حَيٌ هوَ الرّبُّ إنَّكُم جميعًا تَستحقُّونَ الموتَ، لأنَّكُم لم تَحرُسوا سيّدَكُمُ الذي مسحَهُ الرّبُّ. فاَنظرِ الآنَ أينَ رُمحُ المَلكِ وكوزُ الماءِ اللَّذانِ كانا عِندَ رأسِهِ)).
|
17: | فعرَفَ شاوُلُ صوتَ داوُدَ فقالَ لَه: ((أصوتُكَ هذا يا اَبني داوُدُ؟)) فقالَ لَه داوُدُ: ((هوَ صوتي يا سيِّدي المَلِكُ)). |
18: | ثُمَ سألَهُ: ((ما بالُكَ تُطارِدُني يا سيِّدي أنا عبدُكَ؟ ما الذي فعلتُ؟ وأيَ شَرٍّ فعَلَتْهُ يَداي؟ |
19: | فاَسمعِ الآنَ يا سيِّدي المَلِكُ كلامي: إنْ كانَ الرّبُّ أثارَكَ عليَ، فرائِحةُ مُحرقةٍ أقدِّمُها لَه تُكفِّرُ لي، وإنْ كانَ بَنو البشَرِ فهُم ملعونونَ أمامَ الرّبِّ، لأنَّهُم طَردوني اليومَ مِنْ أرضِ الرّبِّ قائلينَ اَذهبْ إلى حيثُ تعبُدُ آلهةً أخرى. |
20: | والآنَ لا تَدعْ دمي يسقُطُ على الأرضِ بعيدًا عَنْ وجهِ الرّبِّ، فلماذا يخرُج مَلِكُ إِسرائيلَ ليطلُبَ برغوثًا مِثلي، كما يطلُبُ الصَّيَّادُ الحجلَ في الجبالِ)) .
|
21: | فقالَ شاوُلُ: ((أخطأتُ، فاَرجعْ يا اَبني داوُدُ، فأنا لن أُسيءَ إليكَ ثانيةً. فحياتي كانَت عزيزةً في عينَيكَ اليومَ، وأنا تصرَّفتُ بحماقةٍ وضلَلتُ ضلالاً كبيرًا)). |
22: | فأجابَهُ داوُدُ: ((هذا رُمحُ المَلكِ فليَعبرْ أحدُ الجنودِ ويأخذْهُ. |
23: | وليُكافئِ الرّبُّ كُلَ واحدٍ بحسَبِ استقامتِهِ وأمانتِهِ، فالرّبُّ أسلمَكَ اليومَ إلى يَدي وما شِئتُ أنْ أرفَعَ يَدي علَيكَ لأنَّ الرّبَّ مسحَكَ مَلِكًا. |
24: | فكما كانَت حياتُكَ اليومَ عزيزةً في عيني، فلْتَكُنْ حياتي عزيزةً في عينَيِّ الرّبِّ ويُنقِذْني مِنْ كُلِّ ضيقٍ)). |
25: | فقالَ لَه شاوُلُ: ((مُبارَكٌ أنتَ يا اَبني داوُدُ، ستقومُ بأعمالٍ عظيمةٍ وتنجحُ)). ثُمَ مضَى داوُدُ في طريقِه، ورجعَ شاوُلُ إلى بيتِهِ.
|
|
الفصل : 27 |
داود عند الفلسطيِّين
1: | وقالَ داوُدُ في قلبهِ: ((سأهلِكُ يومًا بيَدِ شاوُلَ، فخيرٌ لي أنْ أهرُبَ إلى أرض الفلِسطيِّينَ، فيَيأسَ منّي ولا يعودَ يبحَثُ عنِّي في أرضِ إِسرائيلَ، وأنجو بنفْسي مِنْ يَدِهِ)). |
2: | وعبرَ داوُدُ هوَ والستُّ مئةِ رجلٍ الذينَ معَهُ، إلى أخيشَ بنِ معوكَ مَلكِ جتَ. |
3: | وأقامَ داوُدُ عِندَ أخيشَ بِجتَ هوَ ورجالُهُ، كُلُّ واحدٍ معَ أهلِ بَيتِهِ، وداوُدُ معَ اَمرأتَيهِ أخينوعمَ التي مِنْ يزرعيلَ وأبيجايلَ التي كانت زوجةَ نابالَ في الكَرمَلِ. |
4: | وقيلَ لشاوُلَ إنَّ داوُدَ هرَبَ إلى جتَ، فتوقَّفَ عَنْ مُطاردَتِه.
|
5: | وقالَ داوُدُ لأخيشَ: ((إنْ كنتُ أنعَمُ بِرضاكَ، فأعطِني مكانًا في إحدى قُرى البَرِّيَّةِ لأسكنَ فيهِ. فلِماذا أسكنُ يا سيِّدي المَلِكُ في المدينةِ معَكَ؟)) |
6: | فأعطاهُ أخيشُ في ذلِكَ اليومِ صِقلغَ التي صارت لمُلوكِ يَهوذا إلى هذا اليومِ. |
7: | وسكنَ داوُدُ في بلادِ الفلِسطيِّينَ سنَةً وأربعَةَ أشهرٍ. |
8: | وكانَ داوُدُ يخرُج هوَ ورجالُهُ ويَغزونَ الجشوريِّينَ والجرْزِّيِّينَ والعماليقيِّينَ، وهُم قبائلُ سكنتِ الأرضَ في قديمِ الزَّمانِ مِنْ حُدودِ شورَ إلى أرضِ مِصْرَ. |
9: | وكانَ داوُدُ يَغزو البلادَ فلا يُبقي على رَجلٍ ولا اَمرأةٍ، ويأخذُ الغنَمَ والبقَرَ والحميرَ والجمالَ والثِّيابَ ويرجعُ إلى أخيشَ. |
10: | فيسألُهُ أخيشُ: ((أينَ غزوتُمُ اليومَ؟)) فيُجيبُه داوُدُ: ((في جنوبيِّ يَهوذا، وجنوبيِّ اليرحَمئيليِّينَ، وجنوبيِّ القَينيِّينَ)).
|
11: | ولم يَكنْ داوُدُ يأتي بأُناسٍ أحياءَ إلى جتَ لِئلاَ يُخبروا ويقولوا: فَعلَ داوُدُ كذا وكذا. وكانَت هذِهِ عادتُهُ مُدَّةَ إقامتِهِ في أراضي الفلِسطيِّين. |
12: | وكانَ أخيشُ يُصدِّقُ داوُدَ ويقولُ في نفْسِهِ: ((جعَلَ نفْسَهُ مكروهًا لدى شعبِهِ إِسرائيلَ، فسيكونُ عبدًا لي إلى الأبدِ)).
|
|
الفصل : 28 |
1: | وفي تلكَ الأيّامِ جمعَ الفلِسطيُّونَ جيوشَهُم ليُحاربوا إِسرائيلَ. فقالَ أخيشُ لداوُدَ: ((لا بُدَ أنَّكَ ستَنضمُّ إلى جيشي أنتَ ورِجالُكَ)). |
2: | فأجابَهُ داوُدُ: ((وأنتَ ستعلمُ ما يفعَلُ عبدُكَ)). فقالَ أخيشُ: ((إذًا، أجعلُكَ حاملَ سلاحي طُولَ الأيَّامِ)).
|
شاوُل عند العرافة |
3: | وماتَ صَموئيلُ وناحَ علَيهِ جميعُ بَني إِسرائيلَ، ودفنوهُ في الرَّامةِ مدينتِهِ. وكانَ شاوُلُ نفى العرَّافينَ والسَّحرَةَ مِنَ البلادِ. |
4: | فاَجتمعَ الفلِسطيُّونَ وعسكَروا في شُونَم. وجمَعَ شاوُلُ رجالَ إِسرائيلَ جميعَهُم وعسكَروا في جلبوعَ. |
5: | فلمَّا رأى شاوُلُ مُعسكَرَ الفلِسطيِّينَ خافَ واَضطربَ قلبُهُ جدُا. |
6: | فسألَ الرّبَّ ماذا يفعَلُ، فلم يُجبْهُ الرّبُّ لا بالأحلامِ ولا بالعرافةِ ولا بالأنبياءِ. |
7: | فقالَ لمُعاونيهِ: ((فتِّشوا لي عَنْ عرَّافةٍ حتى أذهبَ إليها وأستشيرَها)). فقالوا لَه: ((في عينَ دورٍ عرَّافةٌ)). |
8: | فتنكَّرَ شاوُلُ، ولبسَ ثيابًا غيرَ ثيابِهِ، وسارَ هوَ ورجلانِ معَهُ، وجاؤوا العرَّافةَ ليلاً. فقالَ لها: ((تكهَّني لي بالأرواحِ وأطْلِعي لي مَنْ أسمِّيهِ لكِ)). |
9: | فقالَت لَه: ((أما علمتَ ما فعَلَ شاوُلُ، كيفَ قطعَ العَرَّافينَ والسَّحَرةَ مِنَ البِلادِ؟ فلِماذا تنصِبُ لي شرَكًا لِتُهلكَني؟)) |
10: | فحلَفَ لها شاوُلُ: ((حَيًّ هوَ الرّبُّ لن يقَعَ علَيكِ ضَررٌ في هذا الأمرِ)). |
11: | فسألَتْهُ العرَّافةُ: ((مَنْ أُطلِعُ لكَ؟)) قالَ: ((أطْلعي لي صَموئيلَ)). |
12: | فلمَّا رأتِ العرَّافةُ صَموئيلَ، صرَخت صرخةً عاليةً وقالَت لِشاوُلَ: ((لماذا خدَعْتَني أنتَ شاوُلُ؟)) |
13: | فقالَ لها: ((لا تخافي. ماذا رأيتِ؟)) فقالَت: ((رأيتُ رُوحًا يَطلُعُ مِنَ الأرضِ)). |
14: | فقالَ لها: ((ما هيئَتُهُ؟)) قالَت: ((رَجلٌ شيخ يرتدي جبَّةً)). فعرَفَ شاوُلُ أنَّهُ صَموئيلُ، فسجدَ على وجهِهِ إلى الأرضِ. |
15: | فقالَ صَموئيلُ لشاوُلَ: ((لماذا أزْعجتَني وأطلَعتَني؟)) فأجابَهُ شاوُلُ: ((أنا في ضيقٍ شديدٍ، لأنَّ الفلِسطيِّينَ يُحاربونَني واللهُ أهمَلَني وما عادَ يُجيبُني لا بالأنبياءِ ولا بالأحلامِ، فدَعوتُكَ لتُخبِرَني بما أفعَلُ |
16: | فقالَ صَموئيلُ: ((لماذا تسألُني، والرّبُّ أهملَكَ وصارَ عدوَّكَ |
17: | وهوَ فعَلَ بكَ كما قالَ على لساني، واَنتزعَ المَملكةَ مِنْ يَدِكَ وأعطاها لصاحبِكَ داوُدَ. |
18: | فأنتَ ما أطَعتَ أمرَ الرّبِّ وما شَفيتَ غليلَ غضَبِهِ في عماليقَ، لذلِكَ فعَلَ بكَ اليومَ ما فعَلَ. |
19: | كذلِكَ سيُسلِّمُ الرّبُّ بَني إِسرائيلَ معَكَ إلى أيدي الفلِسطيِّينَ، وغَدًا تكونونَ معي أنتَ وبَنوكَ، وأيضًا جيشُ إِسرائيلَ يُسلِّمُهُ الرّبُّ إلى أيدي الفلِسطيِّينَ.
|
20: | فسقطَ شاوُلُ في الحالِ بطولِهِ على الأرضِ واَرتعبَ مِنْ كلامِ صَموئيلَ، وما عادت بهِ قوَّةٌ لأنَّهُ لم يَذُقْ طَعامًا كُلَ يومِهِ وليلتِهِ. |
21: | فتَقدَّمَت إليهِ العرَّافةُ ورأتْهُ في خوفٍ شديدٍ، فقالَت لَه: ((أنا يا سيِّدي أطعْتُ أمرَكَ، وخاطرْتُ بنفْسي، وسَمعتُ لِكلامِكَ الذي كلَّمْتني بهِ. |
22: | فاَسمعْ أنتَ الآنَ لكلامي، فأُقدِّمَ لكَ كِسرَةَ خبزٍ وتأكلَ، فتَقوى على السَّيرِ في الطَّريقِ)). |
23: | فرفضَ وقالَ: ((لا آكلُ)). فألحَ علَيهِ مُعاوِناهُ والعَرَّافةُ أيضًا، فسمِعَ لهُم وقامَ عنِ الأرضِ وجلسَ على السَّريرِ. |
24: | وكانَ للعرَّافةِ في البيتِ عِجلٌ مُسمَّنٌ، فأسرَعَت وذبحَتهُ وأخذَت دقيقًا وعجنتهُ وخبزتهُ فطيرًا |
25: | وقدَّمت إلى شاوُلَ ومُعاونيهِ فأكلوا، ثُمَ قاموا واَنصرَفوا في تلكَ اللَّيلةِ.
|
|
الفصل : 29 |
الفلسطيون يصرفون داوُد
1: | وحشدَ الفلِسطيُّونَ جميعَ جيوشِهِم في أفيقَ، وكانَ بَنو إِسرائيلَ مُخيِّمينَ على العينِ التي في يِزْرَعيلَ. |
2: | وسارَ مُلوكُ الفلِسطيِّينَ الخمسةُ بِجيوشِهِم مئةً مئةً وألفًا ألفًا، وسارَ داوُدُ ورِجالُه في المُؤخرةِ معَ أخيشَ. |
3: | فقالَ قادةُ الفلِسطيِّينَ: ((ماذا يفعَلُ هؤلاءِ العِبرانيُّونَ هُنا؟)) فقالَ لهُم أخيشُ: ((هذا هوَ داوُدُ أحدُ رجالِ شاوُلَ ملكِ إِسرائيلَ، وكانَ معي أيّامًا بل سِنينَ، فما وجدتُ علَيهِ مأخذًا مُنذُ أنْ قَدِمَ إلينا إلى اليومِ)). |
4: | فغضِبوا وقالوا: ((رُدَ هذا الرَّجلَ، وليرجعْ إلى الموضِعِ الذي أقمتَهُ فيهِ، ولا ينضمَ إلينا فيكونَ لنا عدوُا في القتالِ. فبِماذا يُرضي سيّدَهُ شاوُلَ إلاَ بِرؤُوسِ رجالِنا؟ |
5: | أما هذا هو داوُدُ الذي كانَتِ النِّساءُ يُغنِّينَ لَه في الرَّقصِ ويقُلنَ: ((ضرَبَ شاوُلُ الألوفَ وداوُدُ عشَراتِ الألوفِ؟)) |
6: | فدعا أخيشُ داوُدَ وقالَ لَه: ((حَيًّ هوَ الرّبُّ، أنتَ رجلٌ مُستقيمٌ، وأرى مِنَ الصَّوابِ دُخولَكَ معي في الحربِ. فأنا لم أجدْ فيكَ سوءًا مُنذُ جئتَني إلى اليومِ وأمَّا سائرُ المُلوكِ فلا يَرونَ ما أرى. |
7: | فاَرجعِ الآنَ واَذهبْ بسلامِ، ولا تُعادِ مُلوكَ الفلِسطيِّينَ)). |
8: | فقالَ لَه داوُدُ: ((ما الذي فعلْتُ؟ وأيَ مأخذٍ وجدْتَ عليَ مُنذُ دخلْتُ في خدمتِكَ إلى اليومِ، حتى لا أسيرَ وأُحاربَ أعداءَكَ يا سيِّدي المَلِكُ؟)) |
9: | فأجابَهُ أخيشُ: ((أعرِفُ ذلِكَ، فأنا أراكَ صالحًا كملاكِ اللهِ، إلاَ أنَّ سائرَ المُلوكِ رأوا أنْ لا تَصعدَ معَنا إلى القِتالِ. |
10: | فبكِّرْ صباحًا أنتَ ورجالُ سيّدِكَ شاوُلَ الذينَ جاؤوا معَكَ، بَكِّروا وعودوا حالما يطلُعُ الفجرُ)). |
11: | فبكَّرَ داوُدُ صباحًا هوَ ورجالُهُ ورَجعوا إلى أرضِ الفلِسطيِّينَ وأمَّا الفلِسطيُّونَ فصعِدوا إلى يزرَعيلَ.
|
|
الفصل : 30 |
داوُد يحارب العماليقيين
1: | فلمَّا وصلَ داوُدُ ورجالُهُ إلى صقلَغَ في اليومِ الثَّالثِ، كانَ العماليقيُّونَ غزَوا الجنوبَ وصقلَغَ وأحرَقوها، |
2: | وسبَوا مَنْ فيها مِنَ النِّساءِ ولم يقتُلوا أحدًا، لا كبيرًا ولا صغيرًا، بل ساقوهم وذهَبوا في طريقِهِم. |
3: | فلمَّا وصلَ داوُدُ ورجالُهُ إلى المدينةِ، وجدوها محروقةً بَعدَ أنْ سُبيَت نِساؤُها وبَنوها وبَناتُها. |
4: | فرفَعَ داوُدُ والذينَ معَهُ أصواتَهُم بالبُكاءِ، حتى لم يبقَ لهُم قدرةٌ علَيهِ. |
5: | وسُبيت حتى زوجتا داوُدَ أيضًا أخينوعَمُ اليَزرعيليَّةُ وأبيجايلُ التي كانت زوجةَ نابالَ الكَرمليِّ. |
6: | وتضايقَ داوُدُ جدُا لأنَّ رجالَهُ شعَروا بالمَرارةِ على بَنيهِم وبناتِهِم وفكَّروا برَجمِهِ. فشدَّدَ داوُدُ عزيمتَهُ بالرّبِّ |
7: | وقالَ لأبياثارَ الكاهنِ اَبنِ أخيمالِكَ: ((جئْني بالأفودِ))، فجاءَهُ بهِ.
|
8: | فسألَ داوُدُ الرّبَّ: ((هل أُطارِدُ هؤلاءِ الغُزاةَ وهل ألحَقُ بهِم؟)) فقالَ الرّبُّ: ((طارِدْهُم، تَلحَقْ بهِم وتُنقِذِ الأسرى)). |
9: | فسارَ داوُدُ ورجالُهُ السِتُّ مئَةٍ وجاؤوا إلى وادي البَسور. فبقيَ مِنهُم هُناكَ مِئتا رجلٍ عجزوا عَنْ عُبورِ الوادي، |
10: | وتابَعَ داوُدُ سيرَهُ بأربَعِ مئةِ رجلٍ. |
11: | فصادَفوا رجلاً مِصْريُا في البَرِّيَّةِ، فأخذوهُ إلى داوُدَ وأعطَوهُ خبزًا فأكلَ وسَقَوهُ ماءً، |
12: | وأعطَوهُ قُرصًا مِنَ التِّينِ وعُنقودَينِ منَ الزَّبيبِ، فأكلَ وعادت إليهِ قُواهُ، ولم يكُنْ أكلَ خبزًا ولا شرِبَ ماءً مدَّةَ ثَلاثَةِ أيّامِ بِلياليها. |
13: | فسألَهُ داوُدُ: ((مَنْ أنتَ ومِنْ أينَ جئتَ؟)) فقالَ: ((أنا مِصْريًّ وعبدٌ لِرجلٍ عماليقيٍّ ترَكَني لأنِّي مرِضتُ مُنذُ ثَلاثَةِ أيّامِ. |
14: | غَزَونا الكريتيِّينَ في الجنوبِ وبعضَ أرضِ بَني يَهوذا وبَني كالِبَ، وأحرَقنا صِقْلَغَ)). |
15: | فقالَ لَه داوُدُ: ((هل تَقودُني إلى أولئِكَ الغُزاةِ؟)) فأجابَهُ: ((أقسِمْ لي باللهِ أنَّكَ لا تَقتُلُني ولا تُسَلِّمُني إلى يَدِ سيِّدي، وأنا أقودُكَ إليهِم)). |
16: | فقادَهُ إليهِم، فرآهُم هُنا وهُنالِكَ، يأكُلونَ ويشربونَ ويرقُصونَ فرَحًا بالغنيمةِ الوافرةِ التي أخذوها مِنْ أرضِ الفلِسطيِّينَ ومِنْ أرضِ يَهوذا. |
17: | فقاتَلَهُم داوُدُ مِنَ الفَجرِ إلى المساءِ، فما نَجا مِنهُم إلاَ أربَعُ مئةِ رجلٍ ركِبوا على الجمالِ وهربوا. |
18: | واَستردَ داوُدُ ما أخذَ العماليقيُّونَ، وخلَّصَ اَمرأتَيهِ. |
19: | وما خسِروا شيئًا، لا صغيرًا ولا كبيرًا ولا بَنينَ ولا بَناتٍ، ولا غنيمَةً ولا شيئًا مِنْ جميعِ ما سَلبَ العماليقيُّونَ، بلِ اَسترَدَ داوُدُ كُلَ شيءٍ. |
20: | إستردَ جميعَ الغنَمِ والبقَرِ، وساقَ رجالُهُ المواشيَ أمامَهُم وهُم يَهتفونَ: ((هذِهِ غنيمةُ داوُدَ)).
|
21: | وجاءَ داوُدُ إلى الرِّجالِ المِئَتينِ الذينَ عجزوا عنِ اللَّحاقِ بهِ وظَلُّوا في وادي البَسورِ، فخرَجوا لِلقائِهِ هوَ ورجالُهُ الذينَ معَهُ. فتقدَّمَ داوُدُ إليهِم وسلَّمَ علَيهِم. |
22: | فقالَ كُلُّ شرِّيرٍ لئيمِ مِمَّنْ ذهَبوا معَ داوُدَ: ((بِما أنَّهُم لم يذهبوا معَنا، فلن نُعطيَهُم مِنَ الغنيمَةِ التي اَسترجعناها إلاَ زوجةَ كُلِّ واحدٍ وبَنيهِ، فليَقتادوهُم ويَنصرِفوا)). |
23: | فقالَ داوُدُ: ((لا تفعَلوا هكذا يا إخوتي في ما أعطانا الرّبُّ. فهوَ الذي حمانا وأسلمَ الغُزاةَ إلى أيدينا. |
24: | لا أحدَ يُوافِقُكُم على هذا الأمرِ، لأنَّ نصيبَ السَّائرينَ إلى الحربِ كنصيبِ الذينَ يَحرُسونَ المونَةَ والعِتادَ، بالسَّواءِ يُقتَسمونَ)). |
25: | فصارَ ذلِكَ فريضَةً وحُكمًا في أرضِ إِسرائيلَ إلى هذا اليومِ.
|
26: | وجاءَ داوُدُ إلى صِقْلَغَ وأرسلَ مِنَ الغنيمَةِ إلى شُيوخ يَهوذا أصحابِهِ قائلاً: ((هذِهِ لكُم هديَّةٌ مِمَّا غنِمناهُ مِنْ أعداءِ الرّبِّ)). |
27: | أُرسِلُها إلى الذينَ في بَيتَ إيلَ وفي راموتَ في الجنوبِ، وفي يَتيرَ |
28: | وعَروعيرَ وسِفْموثَ وأشتِموعَ، |
29: | وفي راكالَ ومُدُنِ اليَرحَمئيليِّينَ والقَينيِّينَ، |
30: | وفي حُرمَةَ وكورَعاشانَ وعَتاكَ، |
31: | وفي حَبرونَ وجميعِ الأماكنِ التي سارَ فيها داوُدُ ورِجالُهُ.
|
|
الفصل : 31 |
موت شاول وبنيه
1: | وهاجمَ الفلِسطيُّونَ بَني إِسرائيلَ، فاَنهزَمَ رِجالُ إِسرائيلَ مِنْ وجهِهِم، وسقَطَ مُعظَمُهُم قَتلى في جبَلِ جلبوعَ. |
2: | وطاردَ الفلِسطيُّونَ شاوُلَ وبَنيهِ وقَتلوا أبناءَهُ يوناثانَ وأبينادابَ ومَلكيشوعَ بَني شاوُلَ. |
3: | واَشتَدَّتِ الحربُ على شاوُلَ، وفاجأَهُ الرُّماةُ بالأقواسِ فاَرتعَبَ مِنهُم جدُا. |
4: | فقالَ لحامِلِ سِلاحِهِ: ((إستَلَ سَيفَكَ واَطْعَنِّي بهِ لِئلاَ يأتيَ الفلِسطيُّونَ ويَقتُلوني ويُشَنِّعوا فيَّ)). فرفضَ حامِلُ سلاحِه هذا الطَّلبَ لأنَّهُ خافَ جدُا. فأخذَ شاولُ سيفَهُ وسقطَ علَيهِ. |
5: | ولمَّا رأى حاملُ سِلاحِهِ أنَّهُ ماتَ، سقَطَ هوَ أيضًا على سيفِهِ وماتَ معَهُ. |
6: | فماتَ شاوُلُ وبَنوهُ الثَّلاثَةُ، وحاملُ سلاحِهِ وجميعُ رجالِهِ، في ذلِكَ اليومِ. |
7: | ولمَّا علِمَ بَنو إِسرائيلَ الذينَ في الجانِبِ الآخرِ مِنْ وادي يِزرَعيلَ وفي شرقيِّ الأُردُنِّ أنَّ الجنودَ هرَبوا وأنَّ شاوُلَ وبَنيهِ ماتوا، ترَكوا المُدُنَ وهرَبوا. فجاءَ الفلِسطيُّونَ وأقاموا فيها.
|
8: | وفي اليومِ التَّالي أقبلَ الفلِسطيُّونَ لِيَسلُبوا القَتلى، فوَجدوا شاوُلَ وبَنيهِ الثَّلاثَةَ موتى في جبَلِ جلبوعَ. |
9: | فقَطَعوا رأسَهُ ونَزَعوا سِلاحَهُ، وطافوا بهِ يُبشِّرونَ في أرضِ الفلِسطيِّينَ يُبشِّرونَ أصنامَهُم وشعبَهُم بالخبَرِ السَّعيدِ. |
10: | ووَضَعوا سِلاحَهُ في هَيكلِ عَشتاروتَ، وعَلَّقوا جسدَهُ على سُورِ بيتِ شانَ. |
11: | وسمِعَ أهلُ يابيشَ في جلْعادَ بِما فعَلَ الفلِسطيُّونَ بِشاوُلَ، |
12: | فنهضَ كُلُّ شُجاعِ مِنهُم، وساروا اللَّيلَ كُلَّهُ، وأخذوا جثَّةَ شاوُلَ وجثَثَ بَنيهِ عَنْ سُورِ بيتَ شانَ، وجاؤوا بِها إلى يابيشَ وأحرَقوها هُناكَ. |
13: | وأخذوا العِظامَ ودَفَنوها تَحتَ شجرَةِ الأثْلَةِ التي في يابيشَ، وصاموا سبعةَ أيّامِ.
|