1 فجر الخلاص - مقدمة
1: | إِذْ كانَ الكَثيرونَ قد أَخَذُوا في إِنْشَاءِ رِوايَةٍ لِلأَحْداثِ التي جَرتْ في ما بَينَنا، |
2: | على حَسَبِ، ما سَلَّمَها إِلَينَا الذَّينَ كانُوا، مُنذُ البَدْءِ، شُهُودَ عِيانٍ، ثمَّ صارُوا خدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، |
3: | رَأَيْتُ أَنَا أَيضًا، بَعدَ إِذْ تَحقَّقْتُ بدِقَّةٍ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ، مِنَ البَدْءِ، أَنْ أَكْتُبَها إِلَيْكَ، بحسَبِ تَرْتيبِها، أَيُّها الشَّريفُ ثاوُفِيلُس، |
4: | لِكَي تَعْرِفَ جَيِّدًا قُوَّةَ التَّعليمِ الذَّي وُعِظْتَ بهِ.
|
الوعد بيوحنَّا المعمدان |
5: | كانَ في أَيَّامِ هيرُودُسَ، مَلِكِ اليَهوديَّةِ كَاهِنٌ اسمُهُ زَخَريَّا، من فِرقَةِ أَبيَّا، وامرأَتُهُ، مِنْ بَناتِ هرونَ، وَاسمُها أَلِيصابات. |
6: | وَكانا كِلاهُما بارَّيْنِ أَمامَ اللهِ، سالِكَيْنِ بِغَيْرِ مَلامةٍ، في جَميعِ وَصايا الرَّبِّ وَرُسومِه. |
7: | ولم يكُنْ لَهما وَلَد: لأَنَّ أَليصاباتَ كانَتْ عاقِرًا، وكانا كِلاهُمَا قد طَعَنا في السِنّ.
|
8: | وَفيما كانَ يَكْهَنُ، في نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ، أَمامَ اللهِ، |
9: | أَصابَتْهُ القُرعةُ، على حسَبِ العادَةِ في الخِدمَةِ المُقدَّسَةِ، أَنْ يدخُلَ هَيكلَ الرَّبِّ ويُوقِدَ البَخُور. |
10: | وكانَ كلُّ جُمْهُورِ الشَّعبِ يُصَلُّونَ في الخارجِ، وَقْتَ التَبْخِير. |
11: | فظَهرَ لهُ مَلاكُ الرَّبِّ، واقِفًا الى يمينِ مَذْبحِ البَخُور. |
12: | فاضْطَرَبَ زَخَريَّا حينَ رآهُ، ووقَعَ عَلَيهِ خَوف. |
13: | فقالَ لهُ المَلاك: "لا تخَفْ، يَا زَخَريَّا، فَإِنَّ طَلِبَتَكَ قدِ اسْتُجِيبَتْ. وأَليصاباتَ امْرأتَكَ ستلِدُ لكَ ابنًا فتُسَمِّيهِ يوحنَّا؛ |
14: | بهِ يكونُ لكَ فَرَحٌ وابْتهاج، وبمَوْلِدِهِ يَفْرحُ الكثيرون، |
15: | لأَنَّهُ سَيكونُ عظيمًا أَمامَ الربّ؛ ولا يَشْرَبُ خَمْرًا ولا مُسْكِرًا؛ ويَمْتلئُ منَ الرُّوحِ القُدُسِ وهُوَ بعدُ في بَطْنِ أُمِّه؛ |
16: | ويَرُدُّ كثيرينَ مِن بَني إِسرَائيلَ الى الرَّبِّ إِلهِهم. |
17: | ويسِيرُ أمامَهُ بروحِ إِيليَّا وقُدْرتِهِ، لِيَرُدَّ قلوبَ الآباءِ الى البنِين، والعُصاةَ الى حِكْمَةِ الصِّدِّيقينَ، ويُهَيِّئَ للرَّبِّ شَعْبًا مُستِعدًّا".
|
18: | فقالَ زَخَريَّا لِلمَلاك: "بِمَ يتأكَّدُ لي هذا؟ فإِنَّي أَنا شَيْخٌ، وامرأَتي قد طَعنَتْ في أَيَّامِها؟" |
19: | فأَجَابَهُ الملاكُ، وقالَ لَهُ: "أَنا جِبرائيلُ، الواقفُ أَمامَ اللهِ، وقد أُرسِلْتُ لأُكِلِّمَكَ وأَحمِلَ إِلَيكَ هذهِ البُشْرى. |
20: | وها أَنتَ تَكُونُ صامتًا، لا تَستطيعُ الكلامَ الى يومِ يكونُ ذلكَ، لأَنَّكَ لم تُصَدِّقْ كلامي الذي سَيَتِمُّ في أَوانِه". |
21: | وكانَ الشَّعبُ مُنْتظرينَ زَخَريَّا، مُتعجِّبينَ مِن إِبْطائِه في الهَيكل. |
22: | فلمَّا خَرجَ لم يَستطِعْ أَنْ يُكلِّمَهم؛ فعَلِموا أَنَّهُ قد رأَى في الهَيكلِ رُؤْيا. أَمَّا هُوَ فكانَ يُشيرُ إِلَيهم؛ وبَقيَ أَبْكم.
|
23: | ولمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ خِدمتِهِ، مضى الى بَيْتِه. |
24: | وبعدَ تلكَ الأَيَّامِ حَبِلَتْ أَليصاباتُ، امرأتُه؛ فاخْتَبأَتْ خَمسَةَ أَشهُر؛ |
25: | وكانَتْ تقول: "ها هُوَذا ما صنعَ ليَ الرَّبُّ، في الأَيَّامِ التي نظَرَ إِليَّ فِيها، ليَصْرِفَ عنِّي العارَ بينَ النَّاس!".
|
البشارة بالمخلص |
26: | وفي الشَّهرِ السَّادسِ، أُرسِلُ الملاكُ جِبرائيلُ، مِن قِبَلِ الله، الى مَدينةٍ في الجَليلِ تُسمَّى النَّاصرة، |
27: | إِلى عَذْراءَ مَخْطوبةٍ لرجُلٍ اسمُهُ يوسُفُ، من بَيتِ داوُد؛ وَاسْمُ العذراءِ مريم. |
28: | فلمَّا دَخلَ ((الملاكُ)) إِليها، قالَ لها: "السَّلامُ عليكِ، يا مُمْتلئةً نِعمة؛ أَلرَّبُّ مَعَكِ". |
29: | فاضطربَتْ مريمُ لهذا الكلامِ، وجَعلَتْ تُفكِّرُ ما عَسى أَنْ يكونَ هذا السَّلام. |
30: | فقالَ لها المَلاك: "لا تَخافي، يا مَريم، فلَقَدِ نِلْتِ حُظْوَةً عِندَ الله؛ |
31: | وها أَنتِ تَحْبَلِينَ، وتَلِدينَ ابْنًا، وتُسمِّينَهُ يَسوع. |
32: | إِنَّهُ يكونُ عظيمًا، وابنَ العَليِّ يُدعى. وسَيُعطيهِ الرَّبُّ الإِلهُ عَرشَ داودَ أَبيه؛ |
33: | ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ الى الدَّهرِ، ولَنْ يكونَ لِمُلْكِهِ انْقِضاء".
|
34: | فقالَتْ مَريمُ لِلمَلاك: "كيفَ يكونُ ذلكَ، وأَنَا لا أَعرِفُ رَجُلاً؟" |
35: | فأجَابَ المَلاكُ، وقالَ لها: "أَلرُّوحُ القُدُسُ يَأتي عليكِ، وقُدرةُ العَليِّ تُظلِّلُكِ؛ ومن أَجلِ ذلكَ، فالقدُّوسٌ الذي يُولَدُ منكِ يُدعى ابنَ الله. |
36: | وها إِنَّ إِليصاباتَ نسيبَتَكِ، قد حَبِلَتْ، هي أَيضًا، بابْنٍ في شَيْخوخَتِها؛ وهذا الشَّهرُ هُوَ السَّادسُ لِتلكَ التي تُدعى عاقِرًا؛ |
37: | إِذ ليسَ من أَمْرٍ يَسْتحيلُ على الله". |
38: | فقالَتْ مَريم: "أَنا أَمَةُ الرَّبِّ، فَلْيكُنْ لي بحسَبِ قولِك!". وانصرفَ المَلاكُ من عندِها.
|
زيارة مريم لاليصابات |
39: | وفي تِلكَ الأَيَّامِ قامَتْ مَريمُ، وانطَلَقَتْ مُسْرِعةً الى الجَبَلِ، الى مَدينةٍ في يهوذا؛ |
40: | ودَخَلَتْ بيتَ زَخَريَّا وسلَّمَتْ على أَليصابات. |
41: | فلمَّا سَمعَتْ أَليصاباتُ سَلامَ مَريمَ، ارتكَضَ الجَنينُ في بَطْنِها؛ وامتلأَتْ أَليصاباتُ منَ الرُّوحِ القُدُسِ، |
42: | فَصاحَتْ بصَوتٍ جَهيرٍ، وقالَتْ: "مُبارَكةٌ أَنتِ في النِّساءِ، ومُبارَكٌ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! |
43: | مِن أَينَ لي هذا ((الفَخرُ)) أَنْ تَأْتيَ أُمُّ رَبّي إِليَّ؟ |
44: | فإِنَّهُ عِندَما بلَغَ سلامُكِ الى أُذُنَّي، ارتَكَضَ الجَنينُ منَ الابْتِهاجِ في بَطْني! |
45: | فطُوبى لِلَّتي آمنَتْ بأَنَّهُ سيتمُّ ما قيلَ لها من قِبَلِ الربّ!" |
46: | فقَالْت مريم:
تُعظِّمُ نفسيَ الرَّبَّ،
|
47: | ويَبْتهجُ روحي باللهِ مُخلِّصي،
|
48: | لأَنَّهُ نظَرَ الى حَقارِة أَمَتِه؛
فَها، مُنذُ الآنَ، تُغبِّطُني جميعُ الأجيالِ،
|
49: | لأَنَّ القديرَ صَنعَ بي عَظائِم.
فإِنَّ اسمَهُ قُدُّوس،
|
50: | ورَحْمتَهُ الى جِيلٍ وجيلٍ لِلَّذيِنَ يَتَّقونَه.
|
51: | بَسَطَ قُدْرةَ ساعِده،
فشَتَّتَ ذَوي القُلوبِ المُتَغَطْرسةِ بأَفكارِها؛
|
52: | حَطَّ الأَعِزَّاءَ عَن عُروشِهِم، ورفَعَ المُتواضِعِين؛
|
53: | غمَرَ الجِياعَ بالخَيراتِ، وأَرسلَ الأَغْنياءَ فارِغي الأَيدي.
|
54: | عضَدَ إِسرائيلَ فَتاهُ، ذاكِرًا رَحْمتَهُ
|
55: | -على ما وعَد بهِ آباءَنا-
لإِبراهيمَ ونَسْلِهِ الى الأَبَد!".
|
56: | ومَكَثَتْ مريمُ عِندَها نحوَ ثلاثةِ أَشْهُرٍ، ثمَّ عادَتْ الى بيتِها.
|
مولد يوحنا المعمدان |
57: | أَمَّا أَليصاباتُ فتَمَّ زَمانُ وُضْعِها، فوَلَدَتِ ابْنَها. |
58: | وسَمِعَ جِيرانُها وأَقارِبُها أَنَّ الرَّبَّ قد عَظَّمَ رَحمَتَهُ لها، فأَخَذوا يَفْرحونَ مَعَها. |
59: | وفي اليَومِ الثَّامنِ جاءُوا لِيَخْتِنوا الصَّبيَّ، وسَمَّوْهُ باسمِ أَبيهِ، زَخَريَّا. |
60: | فأَجابَتْ أُمُّهُ، وقالَتْ: "لا، بَلْ يُدْعى يوحنَّا". |
61: | فقالوا لها: "ما مِن أَحَدٍ في عَشيرَتِكِ يُدعى بهذا الاسْم!" |
62: | وأَشاروا الى أَبيه: ماذا يُريدُ أَنْ يُسمَّى. |
63: | فطَلَبَ لَوْحًا، وكَتَبَ: "اسْمُهُ يوحنَّا". فتَعَجَّبوا جَميعُهُم. |
64: | وفي الحالِ انفَتَحَ فمُهُ، و((انطَلقَ)) لِسانُهُ، وجَعلَ يَتَكلَّمُ ويُبارِكُ الله. |
65: | فحَلَّ الخَوفُ على جَميعِ الجِيران؛ وتحدَّثَ ((النَّاسُ)) بهذِهِ الأَمورِ كلِّها، في جَميعِ جِبالِ اليَهوديَّة. |
66: | وكانَ كلُّ مَنْ سَمعَ بذلكَ يَحفظُهُ في قَلبِهِ، ويقول: "ما عَسى أَنْ يَكونَ هذا الصَّبيّ!" وكانَتْ يدُ الربِّ مَعَه.
|
67: | وامتلأَ زَخَريَّا أَبوهُ من الرُّوح القُدُسِ، وتنبَّأَ، قائِلاً:
|
68: | "مُبارَكٌ الربُّ إِلهُ إِسرائيل،
لأَنَّهُ افتَقَدَ شَعْبَهُ، وأَجرى لهم فِداءً؛
|
69: | وأَقامَ لنا قَرْنَ خَلاصٍ
في بَيْتِ داودَ فَتاه،
|
70: | على حَسَبِ ما نَطَقَ بهِ، على أَفواهِ أَنبِيائِهِ القِدِّيسينَ، في الزَّمَنِ الغابِر،
|
71: | لكي يُخَلِّصَنا مِن أَعْدائِنا
ومِن يَدِ جَميعِ مُبْغِضينا.
|
72: | فهكذا يَصْنَعُ رَحمةً الى آبائِنا،
وهكذا يَذكرُ عَهْدَهُ المُقدَّس:
|
73: | أَلقَسَمَ الذي حَلَفَ لإِبراهيمَ أَبينا
|
74: | بأَنْ يُنعِمَ عَلَينا -وقد نَجَوْنا من يَدِ أَعْدائِنا-
|
75: | أَن نَعْبُدَهُ بلا خَوفٍ، بالقَداسَةِ والبِرِّ أَمامَ وجهِه،
جَميعَ أَيَّامِ حَياتِنا.
|
76: | "وأَنتَ، أَيُّها الصَّبيُّ،
فإِنَّكَ نَبيَّ العَليِّ تُدْعى،
لأَنَّكَ تَسْبِقُ أَمامَ وَجهِ الربِّ
لِتُعِدَّ طُرُقَه؛
|
77: | لِتُعْطيَ شَعْبَهُ عِلْمَ الخَلاصِ بمَغْفِرةِ خَطاياهم،
|
78: | بأَحشاءِ رَحمةِ إِلهنا،
أَلتي تَجلُبُ لنا منَ العَلاءِ افتِقادَ الكَوكَبِ الشَّارِق،
|
79: | لِيُضيءَ لِلمُقيمِينَ في الظُّلمةِ وظِلِّ المَوت،
ويُرْشِدَ أَقْدامَنا في طَريقِ السَّلام".
|
80: | وكانَ الصَّبيُّ يَنْمو، ويَتَقَوَّى بالرُّوح؛ وأَقامَ في القِفارِ الى يَوْمِ اعْتِلانِهِ لإِسرائيل.
|
|
الفصل : 2 |
الميلاد الالهي
1: | وفي تلكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِن أَوْغُسْطُسَ قَيْصَرَ، بإِحْصاءِ جَميعِ المسكونةِ. |
2: | وجرى هذا الإِحصاءُ، الأَوَّلُ، إِذ كانَ كِيريِنيُوس واليًا على سورِيَة. |
3: | فأَخَذَ الجَميعُ يَنْطَلِقونَ، كلُّ واحِدٍ، الى مَدينَتِهِ، لكي يَكْتَتِبوا |
4: | وصَعِدَ يوسفُ أَيضًا منَ الجَليلِ، مِن مَدينةِ النَّاصِرةِ، الى اليهودِيَّةِ، الى مَدينةِ داودَ التي تُدعى بَيتَ لحم -فإِنَّهُ كانَ مِن بَيْتِ داودَ ومِن عَشيرَتِه- |
5: | لكي يَكْتَتِبَ مَعَ مَريَمَ امرأَتِهِ، التي كانَتْ حُبْلى. |
6: | وفيما كانا هُناكَ تمَّتْ أَيَّامُ وَضْعِها؛ |
7: | فولدَتِ ابْنَها البِكر، فقَمَطَتْهُ وأَضجعَتْهُ في مِذْوَدٍ، إِذْ لم يكُنْ لهما مَوضِعٌ في النَّزْل.
|
الرعاة |
8: | وكانَ في تلكَ البُقعةِ رُعاةٌ يُقيمونَ في الحُقولِ، ويَسْهَرونَ في هَجَعاتِ الليلِ على قُطْعانِهم. |
9: | فوقَفَ مَلاكُ الربِّ بهم، وغَمَرهم مَجدُ الربِّ بسنَاه، فاسْتَولى عَلَيهم خَوفٌ عَظيم. |
10: | فقالَ لهمُ المَلاك: "لا تَخافوا! فهاأَناذا أُبَشِّرُكم بفَرحٍ عَظيمٍ، يكونُ لجميعِ الشَّعب: |
11: | أَليومَ، في مَدينَةِ داودَ، وُلِدَ لكم مُخلِّصٌ هُوَ المسيحُ الربّ؛ |
12: | وهذه هيَ العلامَةُ لكم: إِنَّكم تَجِدونَ طِفْلاً مَلْفوفًا بقُمُطٍ، ومُضْجَعًا في مِذْوَد". |
13: | وانضمَّ بَغْتةً الى الملاكِ جُمهورٌ من الجُندِ السَّماويّ، يُسبِّحونَ اللهَ، ويَقولُون:
|
14: | "أَلمجدُ للهِ في العُلى، وعلى الأَرضِ السَّلامُ، للنَّاسِ الذينَ بهمِ المسرَّة!".
|
15: | ولمَّا انْصرفَ الملائكةُ عَنْهم الى السَّماءِ، قالَ الرُّعاةُ بعضُهم لبعض: "لِنَمْضِ الى بَيتَ لحمَ، ونَنْظُرْ هذا الحادثَ الذي أَطْلَعنا عَلَيهِ الربّ". |
16: | وأَقْلبوا مُسرعِينَ فَوَجَدوا مَريمَ ويوسُفَ، والطِّفْلَ مُضْجَعًا في المِذْوَد. |
17: | فلمَّا شاهدوا ذلكَ أَخْبَروا بما قِيلَ لَهم عَن هذا الصبيّ. |
18: | وكلُّ الذينَ سَمِعوا أُعْجِبوا بما قالَ لَهمُ الرُّعاة. |
19: | وأَمَّا مَريمُ فكانَتْ تَحفظُ هذهِ الأَقوالَ كلَّها، وتَتأَمَّلُ فيها في قَلْبِها. |
20: | ثمَّ رَجَعَ الرُّعاةُ وهم يُمجِّدونَ اللهَ، ويُسبِّحونَهُ على جَميعِ ما سَمِعوا وعايَنوا، على حَسَبِ ما قِيلَ لهم.
|
تسمية الصبي وتقدمته الى الهيكل |
21: | ولمَّا انْقضَتِ الثَّمانيةُ الأَيَّامُ لِخِتانَةِ الصبيّ سُمِّيَ يَسوعَ، على حَسَبِ ما سَمَّاهُ المَلاكُ قَبلَ أَنْ يُحبَلَ بِه.
|
22: | ولمَّا تَمَّتِ الأَيَّامُ لِتَطْهيرِهم، بحسَبِ ناموسِ مُوسى، صَعِدا بهِ الى أُورشَليمَ لِيُقَدِّماهُ للربّ، |
23: | على حَسَبِ ما هُوَ مَكْتوبٌ في ناموسِ الرَّبّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ بِكْرٍ يكونُ مُقدَّسًا للربّ؛ |
24: | ولِيُقرِّبا ذَبيحةً، على حَسَبِ ما قِيلَ في ناموسِ الربّ: زَوْجَيْ يَمامٍ أَو فَرْخَيْ حَمام. |
25: | وكانَ في أُورشَليمَ رَجلٌ اسْمُهُ سِمْعان؛ وكانَ هذا الرَّجُلُ صِدّيِقًا تَقيٌّا؛ وكانَ يَنْتَظِرُ تَعْزيةَ إِسرائيل؛ والرُّوحُ القُدسُ كانَ عَلَيه. |
26: | وكانَ الرُّوحُ القُدُسُ قد أَوْحى إِليهِ: أَنَّهُ لا يرى المَوتَ ما لَم يُعايِنْ مسيحَ الرَّبّ. |
27: | فأَقبلَ الى الهيكلِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ ((القُدس)). ولمَّا دخَلَ بالطِّفلِ يَسوعَ أَبواه، لِيَقوما بما يَفْرِضُ النَّاموسُ في شَأْنِه، |
28: | أَخذَهُ هُوَ على ذِراعَيْهِ، وبارَكَ اللهَ، وقال:
|
29: | "الآنَ، أَيُّها السَّيِّد، تُطْلِقُ سَبيلَ عَبدِكَ، على حَسَبِ قولِكَ، ((فَيَذْهبُ)) في سَلام؛ |
30: | لأَنَّ عَيْنيَّ قد شاهَدتَا خَلاصَكَ، |
31: | الذي أَعْدَدْتَهُ أَمامَ وُجوهِ الشُّعوبِ كلِّها: |
32: | نورًا يُضيءُ للأُمَمِ، ومَجْدًا لِشعبِكَ إِسرائيل".
|
33: | وكانَ أَبوهُ وأُمُّهُ مُنذَعلَيْنِ لِمَا يُقالُ فيه. |
34: | وباركَهما سِمْعانُ، وقالَ لِمَريمَ أُمِّه: "ها إِنَّ هذا الوَلَدَ، قد جُعِلَ لِسُقوطِ ونُهوضِ كثيرينَ في إِسرائيل، وهَدَفًا للمُخالَفَة. |
35: | وأَنتِ أَيضًا سَيَجوزُ سَيْفٌ في نفسِكِ! لكي تَنْكَشِفَ الأَفكارُ مِن قُلوبٍ كثيرة".
|
36: | وكانَتْ أَيضًا نَبيَّةٌ -حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ من سِبْطِ أَشِير- قد طَعَنَتْ في الأَيَّامِ كثيرًا؛ وكانَتْ قد عاشَتْ معَ رجُلِها سَبْعَ سِنينَ بَعدَ بُكوريَّتِها؛ |
37: | ثمَّ تركَّلَتْ، وبلَغَتْ من العُمْرِ أَربَعًا وثمانينَ سَنةً. وهي لا تُفارقُ الهَيكلَ، مُتَعبِّدةً ((للهِ)) ليلاً ونهارًا، بالأَصْوامِ والصَّلوَات. |
38: | فأَقْبلَتْ في تلكَ السَّاعةِ، وأخذَتْ تُسبِّحُ الربَّ، وتُحدِّثُ عنِ ((الصَّبيِّ)) كُلَّ مَنْ كانَ ينتظرُ فِداءً لأُورشَليم.
|
39: | ولمَّا أَتمُّوا كلَّ ما يتعلَّقُ بناموسِ الربِّ، رَجَعوا الى الجَليلِ، الى مَدينَتِهمِ النَّاصِرة. |
40: | وكانَ الصَّبيُّ يَنْمو ويَتَقوَّى، ويَمْتَلئُ مِنَ الحكْمَة. وكانَتْ نِعمةُ اللهِ عَلَيه.
|
يسوع بين العلماء |
41: | وكلَّ سَنةٍ، كانَ أَبواهُ يَذْهبانِ الى أُورشليمَ، في عيدِ الفِصْح. |
42: | ولمَّا بَلغَ اثنتَيْ عَشْرةَ سَنةً، صَعِدوا كالعادَةِ للعِيد. |
43: | ولمَّا انقضَتِ الأَيَّامُ، ورَجَعا، بَقيَ الصَّبيُّ يَسوعُ في أُورشليمَ، ولم يَعْلَمْ أَبواهُ بذلك. |
44: | وإِذْ كانا يَظُنَّانِ أَنَّهُ معَ الرِّفْقَةِ، سافَرا مَسيرةَ يَوم؛ ثمَّ جَعلا يَطْلُبانِهِ بَينَ الأَقاربِ والمَعارِف؛ |
45: | وإِذ لم يَجداهُ قَفَلا الى أُورشليمَ يَطْلبانِه. |
46: | وبعدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ وجَداهُ في الهَيْكلِ، جالِسًا وَسْطَ المُعَلِّمينَ يُصْغي إِليهم ويَسأَلُهم. |
47: | وكانَ جَميعُ الذينَ يَسْمعونَهُ مُنذَهِلينَ مِن فَهْمِهِ وأَجْوِبَتِه. |
48: | فلمَّا أَبْصَراهُ بُهِتا؛ فقالَتْ لَهُ أُمُّه: "يا ابْني، لِمَ صَنَعْتَ بنا هكذا؟ ها إِنّي أَنا وأَباكَ نَطْلُبُكَ مُتَوَجِّعَيْن!" |
49: | فقالَ لهما: "ولِمَ تَطْلُبانِني؟ أَلَمْ تَعْلَما أَنّي مُلْتَزِمٌ بشُؤون أَبي؟" |
50: | أَمَّا هما فلم يَفْهَما الكلام الذي قالَهُ لهما.
|
51: | ونَزَلَ مَعَهما، وأَتى النَّاصرة؛ وكانَ خاضِعًا لهما. وكانَتْ أُمُّهُ تحفَظُ جَميعَ هذِه الأَشياءِ في قلبِها. |
52: | أَمَّا يَسوعُ فكانَ يَنْمو في الحِكْمةِ والقامةِ والنِّعمةِ أَمامَ اللهِ والنَّاس.
|
|
الفصل : 3 |
2 التمهيد لرسالة يسوع - نبيّ الاردن
1: | في السَّنةِ الخامِسةَ عَشْرةَ من مُلْكِ طِيباريوسَ قَيصرَ، إِذْ كانَ بُنْطِيُّوسُ بيلاطُسُ واليًا على اليهوديَّة، وهِيرودُسُ تِتْرارْخِسًا على الجَليل، وفيلبُّسُ أَخوهُ تِتْرارْخِسًا على إِيطوريَةَ وبلادِ تَراخونيتِس، ولِسانيوسُ تِتْرارْخِسًا على أَبلينَة، |
2: | وحَنَّانُ وقَيافا في رِئاسَةِ الكَهنوت، كانَتْ كَلمةُ اللهِ الى يوحنَّا بْنِ زَخَريَّا في القَفْر. |
3: | فأَقبلَ الى بُقْعَةِ الأُردُنِّ كلِّها، يَكْرِزُ بمعموديَّةِ تَوْبَةٍ لِمَغْفِرةِ الخَطايا، |
4: | على حَسَبِ ما هُوَ مَكْتوبٌ، في سِفْرِ أَقوالِ أَشعيا النبيِّ:
"صوتُ صارخٍ في البرِّيَّة: أَعِدُّوا طريقَ الربِّ، مَهِّدوا سُبُلَه: |
5: | كلُّ وادٍ فَلْيَمْتَلِئْ، وكلُّ جَبَلٍ أَو تَلٍّ فَلْيَنخفَِضْ؛ والسُّبُلُ المُتَلوِّيَةُ فَلْتَصِرْ قَويمةً، ومُتَوَعِّرُ الطُرُقِ، سَهْلاً، |
6: | فيُعاينَ كلُّ إِنسانٍ خَلاصَ الله".
|
7: | وكانَ يقولُ لِلجموعِ، الذينَ يَأْتونَ إِليهِ لِيَعْتمِدوا منهُ: "يا نَسْلَ الأَفاعي، مَنْ أَرْشَدَكم الى الهَربِ منَ الغَضَبِ الآتي؟ |
8: | أَثْمِروا ثِمارَ تَوبةٍ لائِقة؛ ولا يَخْطُرَنَّ لكم أَنْ تَقولوا: إِنَّ أَبانا إِبراهيم! فإِنَّي أَقولُ لكم: إِنَّ اللهَ يَقْدِرُ أَنْ يُقيمَ مِن هذهِ الحِجارةِ، أَولادًا لإِبراهيم". |
9: | ها إِنَّ الفَأْسَ مَوضوعَةٌ على أَصْلِ الشَّجَرِ، فكلُّ شَجَرَةٍ لا تُثمِرُ ثَمرًا جيِّدًا تُقطَعُ وتُلقى في النَّار".
|
10: | وكانَ الجموعُ يَسْأَلونَهُ قائلين: "ماذا نَصْنَعُ إِذنْ؟" |
11: | فيُجيبُهم، قائلاً لهم: "مَنْ لهُ ثَوبْانِ فَلْيُعطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ؛ ومَنْ لهُ طَعامٌ فَلْيَفْعَلْ كذلك". |
12: | وأَقبلَ أَيضًا عَشَّارونَ لِيَعْتمدوا، "فقالوا لهُ: ماذا يَنْبغي أَن نَفْعلَ، يا مُعَلِّم؟" |
13: | فقالَ لهم: "لا تَتقاضَوْا أَكثرَ مِمَّا فُرِضَ لكم". |
14: | وسأَلهُ جنودٌ أَيضًا، قائِلين: "ونحنُ، ماذا عَلَينا أَنْ نَفْعَل؟" فقالَ لهم: "لا تُرهِقوا أَحدًا، ولا تَفْتَروا على ((أَحد))، واقْنَعوا بمُرتَّباتِكم". |
15: | وإِذْ كانَ الشَّعْبُ على انتِظارٍ، والجَميعُ يتساءَلونَ في قُلوبِهم عن يوحنَّا، هل يكونُ المسيح، |
16: | صَرَّحَ يوحنَّا قائلاً للجَميع: "أَنا أُعَمِّدُكم بالماءِ، ولكِنْ، يَأْتي مَنْ هُوَ أَقوى منّي، وأَنا لا أَسْتَحقُّ أَنْ أَحُلَّ سُيورَ نَعْلَيْه؛ فهُوَ يُعمِّدُكم بالروحِ القُدُسِ والنَّار؛ |
17: | إِنَّ بيدِهِ المِذْرى لِيُنَقّيَ بَيْدَرَهُ ويَجْمعَ القَمحَ في أَهْرائِه؛ وأَمَّا التِّبْنُ فيُحْرِقُهُ بنارٍ لا تَنْطَفئ".
|
18: | بهذهِ الأَشياءِ وبكَثيرٍ غيرها كانَ يُبشِّرُ في وَعْظِه. |
19: | بيدَ أَنَّ هيرودُسَ التِتْرارْخِسَ، الذي كانَ يوحنَّا قد بكَّتَهُ من أَجْلِ هِيرودِيَّا، امرَأَةِ أَخيه، ومِن أَجْلِ جَميعِ الشُّرور التي كانَ قد فَعَلَها، |
20: | زادَ على ذلك جَميعِهِ أَنَّهُ أَلْقى يوحنَّا في السِّجْن.
|
اعتماد يسوع |
21: | وإِذِ اعْتمدَ جَميعُ الشَّعبِ، اعتَمدَ يَسوعُ أَيضًا؛ وفيما كانَ يُصلِّي، انْفَتحتِ السَّماءُ، |
22: | وانْحدرَ عَليهِ الرُّوحُ القدُسُ في صُورةٍ جِسْميَّةٍ، مِثْلَ حَمامَة؛ وانطلَقَ صَوتٌ منَ السَّماءِ، يَقول: "أَنتَ ابْني الحَبيبُ، بكَ سُرِرْت".
|
نسب يسوع |
23: | ولمَّا باشَرَ يَسوعُ ((رِسالَتَهُ)) كانَ لَهُ نحوُ ثلاثينَ سَنَة. وهُوَ، على ما كانَ يُظَنُّ، ابنُ يوسفَ، بْنِ عالي، بْنِ مَتَّاتَ، |
24: | بْنِ لاويَ، بْنِ مَلْكي، بْنِ يَنَّايَ، بْنِ يوسفَ، |
25: | بْنِ مَتِّتْيا، بْنِ عاموصَ، بْنِ ناحومَ، بْنِ حَسْليَ، ابْنِ نَجَّايَ، |
26: | بْنِ مآتَ، بْنِ مَتِّتْيا، بْنِ شِمْعينَ، بْنِ يوسيخَ، بْنِ يَهودا، |
27: | بْنِ يوحَنَّانَ، بْنِ رِيسا، بْنِ زَرُبَّابِلَ، بْنِ شأَلِْتيئيل،
ابنِ نِيريَ، |
28: | بْنِ مَلْكيَ، بْنِ أَدِّيَ، بْنِ قُوسامَ، بْنِ أَلْمُودامَ، بْنِ عيرِ، |
29: | بْنِ يُوسى بْنِ يَشُوعَ، بْنِ أَليعازَرَ، بْنِ يُوريمَ، بْنِ مَثَّاتَ، بْنِ لاويَ، |
30: | بْنِ شِمْعُونَ، ابنِ يَهوذا، بْنِ يوسفَ، بْنِ يُونامَ، بْنِ أَلْياقيمَ، |
31: | بْنِ مِلْيا، بْنِ مَنَّا، بْنِ مَتَّاثا، ابنِ ناثانَ، بْنِ داود،
|
32: | ابنِ يَسَّى، بْنِ عُوبيدَ، بْنِ بوعَزَ، بْنِ شالَحَ، بْنِ نَحْشونَ، |
33: | بْنِ عَمِّينادابَ، بْنِ أَدْمينَ، بْنِ عَرْنيَ، بْنِ حَصْرونَ، بْنِ فارَصَ، بْنِ يَهوذا، |
34: | بْنِ يَعقوبَ، بْنِ إِسحقَ، بْنِ إِبراهيمَ، بْنِ تارَحَ، بْنِ ناحُورَ، |
35: | بْنِ سَرُوخَ، بْنِ رَغُوَ، بْنِ فالَجَ، بْنِ عابَرَ، بْنِ شالَحَ، |
36: | بْنِ قَيْنانَ، بْنِ أَرْفَكْشادَ، بْنِ سامِ، ابنِ نوحِ، بْنِ لامَكَ، |
37: | بْنِ مَتُوشالَحَ، بْنِ أَخْنوخَ، بْنِ يارِتَ، بْنِ مَهْلَلَئيلَ، ابنِ قَيْنانَ، |
38: | بْنِ أَنوُشَ، بْنِ شِيتِ، بْنِ آدمَ، ابنِ الله.
|
|
الفصل : 4 |
يسوع في القفر
1: | ورَجَعَ يَسوعُ منَ الأُردنِّ وهُوَ مُمْتَلئٌ منَ الرُّوحِ القُدُس؛ واقتادَهُ الرُّوحُ الى البرِّيَّةِ، |
2: | حيثُ جرَّبَهُ إِبليسُ أَربعينَ يَومًا؛ ولم يَأْكُلْ في تِلكَ الأَيَّامِ شَيئًا؛ فَلَمَّا انقضَتْ جَاع؛ |
3: | فقالَ لهُ إِبليس: "إِنْ كُنتَ ابنَ اللهِ، فَمُرْ هذا الحجَرَ أَن يَصيرَ خُبزًا". |
4: | أَجابَهُ يسوع: "إِنَّهُ لَمَكْتوبٌ: ليسَ بالخُبزِ وَحدَهُ يَحيا الإِنْسان". |
5: | فقادَهُ إِبليسُ الى مُرتَفَعٍ وأَراهُ، في لَحْظةٍ، جميعَ مَمالِكِ الدُّنْيا، |
6: | وقالَ لَهُ إِبْليس: "أُعْطيكَ كُلَّ هذا السُّلطانِ، ومَجدَ هذهِ المَمالكِ -فإِنَّها قد دُفِعَتْ إِليَّ، وأَنا أُعطيها لِمَنْ أَشاء- |
7: | فإِنْ أَنتَ سجَدْتَ أَمامي فهيَ لكَ بأَجْمعِها". |
8: | فأَجابَ يَسوعُ، وقالَ لهُ: "إِنَّهُ لَمَكْتوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسجُد، وإِيَّاهُ وحدَهُ تَعْبُد". |
9: | ثمَّ جاءَ بهِ إِلى أُورشَليمَ، وأَقامَهُ على قِمَّةِ الهَيكلِ، وقالَ لهُ: "إِنْ كُنتَ ابْنَ اللهِ فأَلْقِ بنَفْسِكَ من ههُنا إِلى أَسْفَل؛ |
10: | فَلَقد كُتِب:
"إِنَّهُ يُوصي ملائِكَتَهُ بكَ لكي تَحْفَظَك"؛ |
11: | وأَيضًا: إِنَّها تَحمِلُكَ على أَيْديها، لئلاَّ تَصْدِمَ بحجرٍ ما رِجْلَك". |
12: | فأَجابَ يَسوعُ، وقالَ لهُ: "لَقد قيل: لا تُجرِّبِ الربَّ إِلهَك".
|
13: | ولمَّا أَنجزَ إِبليسُ جَميعَ تجاربِهِ، انصَرَفَ عَنهُ الى الوقتِ المعيَّن.
|
3 رسالة يسوع في الجليل - يسوع في الناصرة |
14: | حينئذٍ رَجَعَ يَسوعُ، بقُدْرَةِ الروحِ، الى الجَليلِ، وذاعَ خبرُهُ في تلكَ الناحيةِ كلِّها. |
15: | وكانَ يُعَلِّمُ في المجامِعِ، والجَميعُ يُشيدونَ بمجدِه. |
16: | وجاءَ الى النَّاصرةِ حَيثُ نَشأَ؛ ودَخلَ، على عادَتِهِ، المَجْمعَ يَومَ السَّبتِ، وقامَ لِيَقْرأ. |
17: | فدُفِعَ إِليهِ سِفْرُ أَشعيا النَّبيّ؛ فلمَّا نشَرَ السِّفْرَ وقَعَ على المَوْضِعِ المكتوبِ فيه:
|
18: | "روحُ الربِّ عليَّ، لأَنَّهُ مَسَحَني لأُبشِّرَ المَساكين؛ وأَرْسَلَني لأُناديَ لِلْمَأْسورينَ بالتَّخْليةِ، ولِلعُمْيانِ بالبَصرِ، وأُطْلِقَ المُرْهِقينَ أَحْرارًا، |
19: | وأُعلِنَ سَنَةَ نِعْمةٍ للرَّبّ".
|
20: | ثمَّ طَوى السِّفْرَ، ودفَعَهُ الى الخادمِ، وجَلَس. وكانَتْ عُيونُ الذينَ في المَجْمعِ شاخِصَةً إِلَيهِ بِأَجْمَعِها. |
21: | فشَرَعَ يقولُ لهم: "أَليَومَ تمَّتْ هذهِ الكتِابةُ ((التي تُليَتْ)) على مَسامِعِكم". |
22: | وكانوا جَميعًا يَشْهدون لهُ، ويُعْجَبونَ بالكَلامِ الطَليِّ الخارِجِ من فِيه. وكانوا يَقولون: "أَوَليسَ هذا ابنَ يوسُف؟" |
23: | فقالَ لهم: "لا شَكَّ أَنَّكم تَقولونَ لي هذا المَثَل: أَيُّها الطَّبيبُ اشْفِ نَفْسَك. فكُلُّ ما سَمِعْنا أَنَّكَ فعَلْتَ في كفَرناحومَ، افعَلْهُ ههُنا أَيضًا، في وَطَنِك!" |
24: | ثمَّ قال: "أَلحقَّ أَقولُ لكم: إِنَّهُ ليسَ نَبيٌّ مَقْبولاً في وَطَنِه. |
25: | في الحَقيقةِ أَقولُ لكم: إِنَّ أَرامِلَ كثيراتٍ كُنَّ في إِسرائيلَ، في أَيَّامِ إِيليَّا، إِذِ انْحَبَسَتِ السَّماءُ ثَلاثَ سِنينَ وسِتَّةَ أَشْهرٍ، ونَشِبَتْ مَجاعةٌ عَظيمَةٌ في الأَرضِ كلِّها؛ |
26: | ومَعَ ذلكَ لم يُبعَثْ إِيليَّا الى واحدةٍ مِنْهُنَّ، بل إِلى أَرْمَلةٍ في صَرْفَةِ صَيْداء؛ |
27: | وإِنَّ بُرْصًا كَثيرينَ كانوا في إِسرائيلَ، في عَهْدِ أَليشَعَ النَّبيّ، ومَعَ ذلكَ لم يُطَهَّرْ أَحَدٌ مِنْهم، بل نَعمانُ السُّوريّ".
|
28: | فلمَّا سَمعَ الذينَ في المَجمعِ هذا الكلامَ، امتَلأُوا كلُّهم حَنَقًا، |
29: | وقَاموا، ودَفَعوهُ الى خارجِ المدينَة، واقْتادوهُ الى قِمَّةِ الجَبَلِ، المَبنيَّةِ عليهِ مَدينَتُهم، ليَطْرَحوهُ عَنها. |
30: | أَمَّا هو فجازَ في وَسْطِهِم ومَضى...
|
في مجمع كفرناحوم |
31: | ونَزلَ الى كَفَرناحومَ، مَديَنةٍ في الجَليلِ. وكانَ يُعلِّمُهم في السَّبوت؛ |
32: | وكانَ الجميعُ مَبْهوتينَ من تَعْليمِهِ، لأَنَّ كلامَهُ كانَ بِسُلْطان.
|
33: | وكانَ في المَجمعِ رَجُلٌ بهِ روحُ شَيطانٍ نَجِس؛ فَصاحَ بصوتٍ جَهيرٍ، |
34: | قائلاً: "آهِ! ما لنا ولكَ، يا يسوعُ النَّاصِريّ؟ أَوَجِئْتَ لتُهْلِكنَا؟ لقد عَرَفْتُ مَنْ أَنتَ؛ إِنَّكَ قُدُّوسُ الله". |
35: | فَزجَرهُ يسوعُ، قائلاً: "صَهْ! وَاخْرُجْ مِنَ ((الرَّجُل))! فَصرَعَهُ الشَّيطانُ في الوَسَطِ، وخَرَجَ مِنهُ، ولم يُؤْذِهِ في شيء. |
36: | فاسْتَحْوَذَ الذُّعْرُ على الجَميعِ، وطَفِقوا يَقولونَ في ما بَينَهم: "ما هذا الكَلام!... إِنَّهُ يَأمرُ الأَرواحَ النجِسةَ، بسُلطانٍ وقُدرةٍ، فتَخْرُج!..." |
37: | وذاعَ صِيتُهُ في جميعِ جَنَباتِ النَّاحية.
|
اشفية متنوعة |
38: | وترَكَ المَجمعَ، ودخَلَ بَيتَ سِمعان؛ وكانَتْ حَماةُ سِمعانَ مُعْتَراةً بحُمَّى شَديدة؛ فسأَلوهُ لأَجلِها، |
39: | فانْعطَفَ علها، وزَجرَ الحُمَّى ففارقَتْها. فنَهضَتْ في الحَالِ، وأَخذَتْ تخدُمُهم. |
40: | ولمَّا غَرَبَتِ الشَّمسُ أَخذَ جَميعُ الذينَ لهم مَرْضى بشَتَّى العِلَلِ، يَأتونَ بهم إِليه؛ فكانَ يضعُ يدَيْهِ على كلِّ واحدٍ مِنهم ويَشْفيهم. |
41: | وكانَتِ الشَّياطينُ تَخرُجُ مِن كَثيرينَ وهِي تَصْرُخُ، قائلَة: "أَنتَ ابنُ الله!". فكانَ يَنْتهِرُها، ولا يدَعُها تتكلَّمُ، لأَنَّها كانَتْ تعلَمُ أَنَّهُ المسيح.
|
42: | ولمَّا كانَ الغَدُ، خَرجَ ومَضى الى مَوْضعٍ قَفْر؛ فأَخذَ الجُموعُ يَطُبونَه. ولمَّا أَفْضَوْا إِليهِ، أَمْسكوهُ، لئلاَّ يَنْطِلقَ عَنْهم. |
43: | فقالَ لهم: "لا بُدَّ لي أَنْ أُبشِّرَ المُدُنَ الأُخْرى أَيضًا بملكوتِ الله، لأَنِّي لهذا قد أُرسِلْت". |
44: | وكانَ يَطوفُ، مُبشِّرًا في مَجامعِ اليَهوديَّة.
|
|
الفصل : 5 |
الرسل الاولون
1: | وفيما كانَ الجَمعُ مُزْدَحِمًا عليهِ لِيسمَعَ كَلِمةَ اللهِ، وكانَ هُوَ واقِفًا على شاطئِ بُحَيرَةِ جَنِّيسارَت، |
2: | أَبْصرَ سفينتَيْنِ راسيَتَيْنِ عندَ الشَّاطئِ، وقدِ انحدَرَ مِنهما الصَّيَّادونَ يَغْسِلونَ الشِّباك. |
3: | فَرَكبَ إِحْدى السَّفينتَيْنِ، وكانَتْ لِسِمعانَ، وسأَلَهُ أَنْ يبتعِدَ قليلاً عنِ البَرّ؛ ثمَّ جلَسَ يُعَلِّمُ الجُموعَ منَ السَّفينة.
|
4: | ولمَّا فَرَغَ منَ الكَلامِ، قالَ لِسِمعان: "تقدَّمْ الى العُرْضِ وأَلقُوا شِباكَكُم لِلصَّيْد". |
5: | فأَجابَ سِمعانُ، وقال: "يا مُعلِّم، إِنَّا قد تعِبْنا اللَّيلَ كلَّهُ، ولم نُصِبْ شَيْئاً؛ ولكِنْ، بكَلمَتِكَ أُلْقي الشِّباك". |
6: | فلمَّا فَعَلوا احْتازوا منَ السَّمكِ شَيئاً كثيرًا جدًّا حتَّى تَخَرَّقَتْ شِباكُهم. |
7: | فأَوْمَأُوا الى شُرَكائِهم في السَّفينةِ الأُخْرى، لِيَأْتوا ويُساعِدوهم. فأَتَوْا، ومَلأُوا السَّفينَتَيْنِ حتَّى أَخَذتا تَغْرقان. |
8: | فلمَّا رأَى ذلكَ سِمْعانُ بُطْرسُ، خَرَّ على رُكبتَيْ يسوعَ، وقال: "تَباعَدْ عنّي، يا رَبّ، فإِنّي رَجُلٌ خاطئ!" - |
9: | فإِنَّ الذُّهولَ كانَ قد اعْتَراهُ، هُوَ وجَميعَ مَنْ مَعَهُ، بسَبَبِ صَيْدِ السَّمَكِ الذي أَصابوه؛ |
10: | وكذلكَ يعقوبُ ويوحنَّا ابْنا زَبَدى، اللذَّانِ كانا شَريكَيْنِ لِسِمْعان. - فقالَ يسوعُ لِسِمعان: "لا تَخَفْ! إِنَّكَ، مُنْذُئذٍ، صَيَّادٌ لِلنَّاس". |
11: | ولمَّا بَلَغوا بالسَّفينتَيْنِ الى البَرِّ، تَرَكوا كلَّ شَيءٍ وتبِعوه.
|
شفاء ابرص |
12: | وكانَ في إِحْدى المُدُن؛ وإِذا إِنْسانٌ مُغَشًّى بالبَرَصِ، لمَّا أَبْصرَ يسوعَ، خَرَّ على وَجهِهِ، وتَضَرَّعَ إِليهِ، قائلاً: "يا سَيِّدي، إِنْ شِئْتَ فأَنتَ قادِرٌ أَنْ تُطهِّرَني". |
13: | فمَدَّ يَسوعُ يدَهُ، ولَمسَهُ، قائلاً: "لقد شِئْتُ، فاطْهُرْ!". وفي الحالِ ذَهبَ عَنهُ البَرَص. |
14: | فأَوْصاهُ أَنْ لا يقولَ لأَحَد؛ "بلِ امْضِ وأَرِ نَفْسَكَ لِلكاهنِ، وقَدِّمْ عَن تَطْهيرِكَ ما أَمرَ بهِ مُوسى، شَهادةً لهم".
|
15: | فَازْدادَ خبرُهُ شُيوعًا، وأَقبلَ إِليهِ جُموعٌ كثيرةٌ لِيَسْمعوهُ ويُشْفَوْا مِن أَمراضِهم. |
16: | أَمَّا هُوَ فكانَ يَعْتزِلُ في القِفارِ، ويُصلِّي.
|
شفاء مخلع في مفرناحوم |
17: | وفي ذاتِ يومٍ، كانَ يَسوعُ يُعلِّمُ، وكانَ في الجالِسينَ فرِّيسيُّونَ ومُعَلِّمِو ناموسٍ، قد أَتَوْا مِن جَميعِ قُرى الجَليلِ واليَهوديَّةِ وأُورَشَليمَ. وكانَتْ قُدرةُ الربِّ تُجري على يدِهِ الأَشْفية. |
18: | فأَقبلَ رِجالٌ يَحْمِلونَ مُخلَّعًا على فِراشٍ، وكانُوا يَلْتَمِسونَ أَنْ يَدْخلوا بهِ، ويَضَعوهُ أَمامَه. |
19: | وإِذْ لم يَجِدوا مِن أَيْنَ يَدْخُلونَ بهِ، بسببِ الجَمعِ، صَعِدوا بهِ الى السَّطْحِ، ودَلَّوْهُ معَ فِراشِهِ، مِن بَيْنِ اللَّبِنِ الى الوَسَطِ، أَمامَ يَسوع. |
20: | فلمَّا رَأَى ((يَسوعُ)) إِيمانَهم، قال: "يا رَجُلُ، مَغْفورةٌ لكَ خَطاياك".
|
21: | فأَخذَ الكَتبةُ والفرِّيسيُّونَ، يُفكِّرونَ، قائِلين: "مَنْ هذا الرَّجلُ الذي يَنطِقُ بالتَّجْديف؟ مَنْ يَقدِرُ أَنْ يَغفِرَ الخطايا إِلاَّ اللهُ وَحْدَه!" |
22: | فعلِمَ يَسوعُ أَفكارَهم، فَخاطبَهم، قائلاً: "لِمَ هذهِ الأَفكارُ في قُلوبِكم؟ |
23: | ما الأَيْسَرُ: أَنْ يُقال: مَغْفورةٌ لكَ خطاياكَ، أَم أَنْ يُقال: قُمْ وامْشِ؟ |
24: | وإِذَنْ، فلِكي تَعلموا أَنَّ ابنَ البَشرِ لَهُ سُلطانٌ على الأَرضِ، أَنْ يَغْفِرَ الخطايا..." وقالَ لِلمُخلَّع: "لكَ أَقول: قُمْ، واحْمِلْ فِراشَكَ وامْضِ الى بَيتِك!". |
25: | فَقامَ لِلحالِ، على مَشْهَدٍ مِنْهم؛ وحَملَ ما كانَ مُضطَجِعًا عَلَيهِ، وانْطلَقَ الى بَيْتِهِ، وهُوَ يُمَجِّدُ الله. |
26: | فدَهِشوا جَميعًا، ومَجَّدوا اللهَ، وقالُوا، وقدِ امْتلأُوا خَوفًا: "لَقد رأَينا اليومَ خَوارِق!"
|
دعوة متى |
27: | وخَرجَ بَعدَ ذلكَ فأَبْصرَ عَشَّارًا اسمُهُ لاوي، جالِسًا الى مَكْتَبِ الجِبايَةِ، فقالَ لهُ: "اتْبَعْني". |
28: | فَتَركَ كُلَّ شَيءٍ، وقامَ وتبِعَه. |
29: | وصَنعَ لَهُ لاوي مَأدُبةً عَظيمةً في بَيْتِه؛ وكانَ مَعَهم الى المائِدةِ جُمهورٌ كبيرٌ منَ العَشَّارينَ وَسِواهم. |
30: | فتَذمَّرَ الفرِّيسيُّونَ وكَتَبتُهم؛ وقالُوا لِتلاميذِه: "لِمَ تَأكلونَ وتَشْربونَ معَ العَشَّارينَ والخَطأَة؟" |
31: | فأَجابَ يَسوعُ، وقالَ لهم: "لَيسَ الأَصِحَّاءُ بحاجةٍ الى الطَّبيبِ، بلِ المَرْضى. |
32: | إِنِّي لم آتِ لأَدْعُوَ الصِّدِّيقينَ الى التَّوبةِ، بلِ الخَطأَة".
|
جدال حول الصوم |
33: | فَقالوا لهُ: "إِنَّ تَلاميذَ يوحنَّا يَصومونَ كثيرًا ويُواظِبونَ على الصَّلاة؛ وكذلكَ تَلاميذُ الفرِّيسيِّين؛ وأَمَّا تلاميذُكَ فَيَأْكلونَ ويَشْربون!" |
34: | فقالَ لهم يَسوع: "وهَل تَسْتطيعونَ أَنْ تُصَوِّموا بَنِي العُرسِ ما دامَ العَريسُ مَعَهم؟ |
35: | فسَتَأْتي أَيَّامٌ... ومتى رُفِعَ العَريسُ عَنهم، فحينئذٍ يَصُومونَ... في تلكَ الأَيَّام".
|
36: | وقالَ لهم أَيضًا مَثلاً ((آخَر)): "ما مِنْ أَحدٍ يَشُقُّ رُقْعةً من ثَوبٍ جديدٍ ويَجعلُها في ثَوْبٍ عَتيقٍ، وإِلاَّ فَالثَّوبُ الجديدُ يُشَقُّ، والرُّقعةُ مِنهُ لا تُوافِقُ العَتيق. |
37: | وما مِن أَحدٍ يَجعلُ خَمْرًا جديدةً في زِقاقٍ عَتيقةٍ، وإِلاَّ فالخمرُ الجديدةُ تَشُقُّ الزِّقاق، فَتُراقُ هي وتَتْلفُ الزِّقاق؛ |
38: | وإِنَّما يَنْبغي أَنْ تُجعَلَ الخمرُ الجديدةُ في زِقاقٍ جَديدة. |
39: | وما مِن أَحدٍ، فيما يَشرَبُ المُعَتَّقةَ، يُرِيدُ الجديدة؛ لأَنَّهُ يقول: أَلُمعَتَّقةُ جَيَّدة!"
|
|
الفصل : 6 |
يسوع رب السبت
1: | وفيما كانَ يسوعُ مُجتازًا، يومَ سَبْتٍ، بَينَ الزُّروعِ، جَعَلَ تلاميذُهُ يَقْتِلعونَ سُنْبُلاً، ويَفْرُكونَهُ بأَيْديهم ويَأْكلون. |
2: | فقالَ نَفَرٌ مِنَ الفرِّيسيِّين: "لِمَ تَفْعَلونَ ما لا يَحِلُّ فِعْلُهُ في السَّبت؟" |
3: | فأَجابهم يسوعُ، قائلاً: "أَفما قَرَأْتم ما فَعلَ داوُدُ حِينَ جاعَ هُوَ ومَنْ مَعَه؛ |
4: | كيفَ دَخلَ بَيتَ اللهِ، وأَخذَ خُبزَ التَّقدِمَةِ، وأَكلَ، وأَعطى الذَّينَ مَعَه، وهُوَ لا يَحِلُّ أَكلُهُ إِلاَّ لِلكهَنةِ وَحْدَهم". |
5: | ثُمَّ قالَ لهم: "إِنَّ ابْنَ البَشرِ هو رَبُّ السَّبت".
|
6: | ودخلَ المَجمعَ في سَبْتٍ آخرَ، وأَخذَ يُعلِّم. وكانَ هُناكَ إِنْسانٌ يدُهُ اليُمْنى يابِسة. |
7: | وكانَ الكَتَبةُ والفرِّيسيُّونَ يُراقِبونَ هل يَشْفي في السَّبتِ، لِيَجِدوا ما يَشْكونَهُ بِه. |
8: | أَمَّا هُوَ فعلِمَ بأَفْكارِهم، فقالَ لِلرَّجُلِ اليابِسِ اليَد: "قُمْ، وقِفْ في الوَسَط". فقامَ ووَقَف. |
9: | فقالَ لهم يَسوع: "أَسْأَلكُم عمَّا يَحِلُّ في السَّبت: فِعْلُ الخَيرِ أَم فِعلُ الشَّرّ؟ أَنْ تُخلَّصَ نَفْسٌ أَم تُهْلَك؟" |
10: | ثُمَّ أَجالَ نظرَهُ فيهم جميعًا، وقالَ لِلرَّجُل: "مُدَّ يَدَك". ففَعَل؛ فعادَتْ يدُهُ صَحيحة. |
11: | فاسْتَشاطوا غَيْظًا، وَائْتمروا في ما يَقدِرونَ أَنْ يَفْعلوا بيَسوع.
|
اختيار الاثني عشر |
12: | وفي تلكَ الأَيَّامِ خَرجَ يسوعُ الى الجَبلِ لِيُصلِّي؛ وأَمْضى اللَّيلَ في الصَّلاةِ الى الله. |
13: | ولمَّا كانَ النَّهارُ دَعا تلاميذَهُ واخْتارَ مِنهم اثنَيْ عَشَرَ، وسَمَّاهم رُسُلاً: |
14: | سِمعانَ الذي دَعاهُ بُطرسَ، وأَنْدَراوُسَ أَخاهُ، يَعقوبَ ويوحنَّا، فِيلبُّسَ وبارْثُلماوُسَ، |
15: | متَّى وتوما، يَعقوبَ بْنَ حَلْفى وسِمعانَ المُلقَّبَ بالغَيور، |
16: | وَيَهُوذا أَخا يَعقوبَ، ويَهوذا الإِسْخريوطيَّ، الذَّي صارَ خائِنًا.
|
الموعظة على الهضبة: التطويبات والويلات |
17: | ثم نزَلَ مَعَهم، ووَقفَ على هَضْبَةٍ، هو وَجَماعةٌ كثيرةٌ مِن تلاميذِهِ، وجُمهورٌ غَفيرٌ منَ الشَّعبِ، مِن كلِّ اليَهودِيَّةِ وأُورشَليمَ، ومِن ساحِلِ صُورَ وصَيداءَ، |
18: | قد وافَوْا لِيَسْتَمعوهُ ويُبْرَأُوا مِن أَمراضِهم؛ والمُعَذَّبونَ بالأرواحِ النَّجِسةِ، كانُوا ((هم أَيضًا)) يُشْفَوْن. |
19: | وكانَ كلُّ الجمعِ يَطْلُبون أَنْ يَلْمُسوهُ، لأَنَّ قُوَّةً كانَتْ تَنْبَعِثُ منهُ وتُبرئُ الجميع. |
20: | ثمَّ رَفعَ عَيْنَيْهِ الى تلاميذهِ، وقال:
"طوبى لكم أَيُّها المَساكين! فإِنَّ لكم ملكوتَ الله.
|
21: | طوبى لكم أَيُّها الجِياعُ الآن! فإِنَّكم ستُشْبَعون.
طوبى لكم أَيُّها الباكونَ الآن! فإِنَّكم ستَضْحَكون.
|
22: | "طوبى لكم إِذا ما النَّاسُ أَبْغَضوكم، وانْتَبذوكم، وأَهانُوا اسمَكم ورَذَلوهُ رَذْلَ شِرِّيرٍ من أَجلِ ابنِ البشَر. |
23: | إِفرَحوا في ذلكَ اليَومِ وتَهَلَّلوا لأَنَّ أَجرَكم سَيَكونُ عظيمًا في السَّماء. فعلى هذا النَّحْوِ كانَ آباؤُهم يفعلونَ بالأَنْبياء. |
24: | ولكِن،
وَيْلٌ لكم أَيُّها الأَغْنياء! فإِنَّكم قد أُصَبْتم عَزاءَكم.
|
25: | وَيْلٌ لكم أَيُّها المُشْبَعون! فإِنَّكم سَتَجوعون.
وَيْلٌ لكم أَيُّها الضَّاحِكونَ الآن! فإِنَّكم ستَنوحونَ وتَبْكون.
|
26: | وَيْلٌ لكم إِذا ما النَّاسُ جميعًا قالُوا فيكم حَسنًا! إِذ هكذا كانَ آباؤُهم يَفْعلونَ بالأَنْبياءِ الكَذَبة.
|
محبة الاعداء |
27: | "أَمَّا أَنتم أَيُّها السَّامعونَ، فإِنِّي أَقولُ لكم: "أَحِبُّوا أَعْداءَكم. أحسِنوا الى مَنْ يُبغِضُكم، |
28: | بارِكوا لاعِنيكم. صَلُّوا لأجلِ الذَّينَ يَفْتَرونَ عَلَيكم. |
29: | مَنْ ضربَكَ على خدِّكَ فقدِّمْ لَهُ الآخَرَ أَيضًا؛ ومَنْ أَخذَ رِداءَكَ فلا تَمْنَعْهُ مِنْ ثَوْبِك. |
30: | كلُّ مَنْ سَأَلكَ فأَعْطِهِ، ومَنْ أَخذَ مالَكَ فلا تُطالِبْهُ بِه؛ |
31: | وما تُريدونَ أَنْ يَفْعلَ النَّاسُ لكم فافْعلوهُ أَيضًا لهم. |
32: | وإِنْ أَحْبَبْتم مَنْ يُحبُّكم فأَيُّ فَضْلٍ لكم؟ فالخَطأَةُ أَيضًا يُحِبُّونَ مَنْ يُحبُّهم؛ |
33: | وإِنْ أَحْسَنْتم الى مَنْ يُحسِنُ إِليكم فأَيُّ فَضلٍ لكم؟ فالخطأَةُ أَيضًا يَفْعَلونَ كذلِك. |
34: | وإِنْ أَقْرَضْتم مَنْ تَرْجُونَ أَنْ تَستَوْفُوا منهم، فأَيُّ فَضلٍ لكم؟ فالخطأَةُ أَيضًا يُقْرِضونَ الخَطأَةَ، لكي يَسْتَوْفُوا ((منهمُ)) المِثْل. |
35: | ولكِنْ، أَحِبُّوا أَعْداءَكم، وأَحْسِنوا، وأَقْرِضوا غيرَ مُؤَمِّلينَ شيئًا، فَيكونَ أَجرُكم كبيرًا، وتَكونُوا بَنِي العَلِيّ؛ فإِنَّهُ هُوَ مُنْعِمٌ على غَيرِ الشَّاكرِينَ وعلى الأَشْرار.
|
المعروف والرحمة |
36: | "فكونُوا رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكم رَحيم؛ |
37: | لا تَدينوا فلا تُدانوا؛ لا تَقْضُوا على أَحدٍ فلا يُقضى عَلَيكم؛ إِغفِروا يُغْفَرْ لكم؛ |
38: | أَعْطُوا تُعْطَوْا: إِنَّكم تُعْطَوْنَ في أَحضانِكم كَيْلاً جيِّدًا مُلَبَّدًا، مَهْزوزًا، فائضًا: فإِنَّكم بالكَيْلِ الذي بهِ تكيلونَ يُكالُ لكم".
|
شروط الغيرة |
39: | وضَرَبَ لهم أَيضًا هذا المَثَل: "هَلْ يَستطيعُ أعمى أَنْ يَقودَ أَعمى؟ أَوَليسَ كِلاهما يَسقُطانِ في حُفْرة؟ |
40: | ليسَ تِلميذٌ أَعظَمَ من مُعَلِّمه؛ كلُّ تِلميذٍ كاملٍ يَكونُ كمُعلِّمِه. |
41: | ما بالُكَ تَنظُرُ الى القَذى الذي في عَينِ أَخيكَ، والخَشَبةُ التي في عَينِكَ أَنتَ، فلا تَفْطَنُ لها؟ |
42: | وكيفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقولَ لأَخِيك: يا أخي، دَعْني أُخْرِجُ القَذى من عَينِكَ، وعندئذٍ تُبصِرُ كيفَ تُخرِجُ القَذى الذي في عَينِ أَخيك. |
43: | ما مِن شَجرةٍ جيِّدَةٍ تُثمِرُ ثمرًا فاسِدًا، ولا شَجرةٍ فاسِدَةٍ تُثمِرُ ثمرًا جيِّدًا. |
44: | فكلُّ شَجرةٍ تُعْرَفُ مِن ثَمرها؛ فلا يُجنى عن الشَّوكِ تِينٌ ولا يُقطَفُ عن العُلَّيقِ عِنَب: |
45: | إِنَّ الإِنسانَ الصالحَ من كَنزِ قَلْبِه الصالحِ يُخرجُ الصَّلاحَ، والإِنسانَ الشِّرِّيرَ من كَنْزِ قلبِهِ الشرِّيرِ يُخرجُ الشَّرّ؛ فمِنْ فَيضِ ما في القلبِ يتكلَّمُ الفم.
|
46: | "لِمَ تَدعونَني: يا ربُّ، يا رَبُّ، ولا تَعْملونَ بما أقول؟ |
47: | كلُّ مَنْ يَأتي إِليَّ، ويَسمعُ أَقوالي ويَعْملُ بها، أُبيِّنُ لكم مَنْ يُشْبِه. |
48: | إِنَّهُ يُشبهُ إِنسانًا بنى بَيتًا، فحفَرَ وعمَّقَ، ووَضعَ الأَساسَ على الصَّخر. ولمَّا كانَ السَّيلُ، انْدَرَأَ النَّهرُ عَلى هذا البَيْتِ فَلَم يَقْدِرْ أَنْ يُزَعزِعَهُ لأَنَّهُ مُحْكَمُ البناء. |
49: | وأَمَّا مَنْ يَسمْعُ ولا يَعْمَل، فإِنَّهُ يُشْبِهُ إِنْسانًا بَنى بَيتَهُ على التُّرابِ، بلا أَساسٍ، وانْدَرأَ النَّهرُ عليهِ، فانْهارَ للحال؛ وكانَ انْهيارُ ذلكَ البَيتِ عظيمًا".
|
|
الفصل : 7 |
شفاء غلام لقائد مئة
1: | ولمَّا فَرغَ من هذا الكَلامِ كلِّهِ على مَسامعِ الشَّعبِ، دخَلَ كَفَرناحوم. |
2: | وكانَ لِقَائدِ مِئةٍ غُلامٌ مَريضٌ قد أَشْرَفَ على المَوت؛ وكانَ عَزيزًا عليه. |
3: | فلمَّا سَمعَ بيَسوعَ أَوفَدَ إِليهِ بعضَ شُيوخِ اليهودِ، يطلُبونَ إِليهِ أَنْ يَأْتيَ ويُنقِذَ غُلامَه. |
4: | وإِذْ أَقبلوا الى يَسوعَ تَضَرَّعوا إِليهِ في إِلحاحٍ، قائلين: "إِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ أَنْ تَصنعَ لهُ هذا، |
5: | لأَنَّهُ يُحِبُّ أُمَّتَنا وقد بَنى لنا المجمع". |
6: | فانطلقَ يَسوعُ معهم. ولم يَكُنْ بَعدُ بعيدًا عن البيتِ، إِذْ أَنفذَ إِليهِ قائدُ المِئةِ أَصدقاءَ، ليَقولَ لهُ: "يا سيِّدي، لا تُتعِبْ نفسَكَ، لأَنِّي لا أَستحِقُّ أَنْ تدخُلَ تَحتَ سَقْني - |
7: | مِن أَجلِ ذلك لم أَجْرُؤْ أَنْ أَجيءَ إِليك! - ولكِنْ، قُلْ كَلِمَةً فيَبرَأَ غُلامي. |
8: | فإِنِّي أَنا، إِنسانٌ مُرتَّبٌ تَحتَ سُلطانٍ، ولي جُنْدٌ تحتَ يَدي، فأَقولُ لهذا: امْضِ! فيَمْضي؛ ولآخرَ: ائْتِ! فيَأتي؛ ولِغُلامي: افْعَلْ هذا! فيَفْعل". |
9: | فلمَّا سمعَ يَسوعُ ذلكَ، أُعْجِبَ جِدًّا؛ والْتفَتَ الى الجمعِ الذي يَتبعُهُ، وقال: "أَقولُ لكم: إِنِّي لم أَجِدْ، حتَّى في إِسرائيلَ، مِثلَ هذا الإِيمان". |
10: | ورَجَعَ المُرسَلونَ الى البَيتِ فأَلْقَوُا الغُلامَ قد تَعَافى.
|
احياء ابن ارملة |
11: | وبعدئذٍ، قَصَدَ يَسوعُ الى مَدينةٍ اسمُها نائِين؛ وكانَ تلاميذُهُ وجمعٌ كثيرٌ يَسيرونَ مَعَه؛ |
12: | ولمَّا قَرُبَ من بابِ المَدينةِ، إِذا مَيْتٌ يُشَيَّع؛ وهُوَ ابنٌ وَحيدٌ لأُمِّهِ التي كانَتْ أَرمَلة. وكانَ معَها جُمهورٌ غَفيرٌ منَ المَدينَة. |
13: | فلمَّا رآها الربُّ تَحنَّنَ عليها، وقالَ لها: "لا تَبْكي". |
14: | ثُمَّ دَنا وَلَمسَ النَّعْشَ، فَوقَفَ حامِلوه. فَقال: "أَيُّها الشَّابّ، لكَ أَقولُ: انهَضْ!" |
15: | فاسْتَوى المَيْتُ، وشرَعَ يتكلَّم. فسَلَّمَهُ الى أُمِّه. |
16: | فاسْتَولى على الجميعِ خوفٌ، ومجَّدوا اللهَ، قائلين: "لَقد قامَ فينا نَبيٌّ عظيمٌ، وافْتقدَ اللهُ شَعْبَه!" |
17: | فشاعَ عنهُ هذا الخبرُ في كُلِّ اليَهوديَّةِ، وفي جميعِ ضَواحيها.
|
يسوع ويوحنا المعمدان |
18: | وأَخبرَ يوحنَّا تلاميذُهُ بهذا كُلِّه. فدعا اثْنَيْنِ من تلاميذِهِ، |
19: | وأَوْفدَهما الى الربِّ ليَقولا: "أَأَنتَ مَنْ يَأْتي أَم نَنتَظِرُ آخَر؟" |
20: | فأَقبلَ الرَّجُلانِ إِليهِ، وقالا: "إِنَّ يوحنَّا المَعْمدانَ قد أَرْسلَنا إِليكَ لنسأَلَك: أَأَنتَ مَنْ يَأْتي أَم نَنتَظِرُ آخَر؟" |
21: | وفي تلكَ السَّاعةِ ((عَيْنِها)) شَفى كَثيرينَ مِن أَمراضٍ وأَسْقامٍ، وأَرْواحٍ شِرِّيرة؛ ووَهبَ البَصرَ لعُميٍ كثيرين. |
22: | فأَجابَهما، وقالَ لهما: "اذْهبا وأَعْلِما يوحنَّا بما سَمِعْتُما ورَأيتُما: إِنَّ العُميَ يُبْصِرونَ، والعُرجَ يَمْشونَ، والبُرصَ يَطْهُرونَ، والصُّمَّ يَسْمَعونَ، والموتى يَقُومُونَ، والمساكينَ يُبشَّرون... |
23: | وطوبى لِمَنْ لا يشُكُّ فيَّ!".
|
24: | ولمَّا انطَلَقَ رَسولا يوحنَّا، طَفِقَ يَقولُ للجموعِ عَن يوحنَّا: "ماذا خرَجْتم تَنظُرونَ في البَرِّيَّة؟ أَقَصَبةً تهزُّها الرِّيح؟... |
25: | بَلْ ماذا خَرجْتم تَنظُرون؟ أَإِنسانًا عليهِ الثيابُ النَّاعِمة؟ إِنَّ الذَّينَ عَليهمِ الثِّيابُ الفاخِرةُ ويَعيشونَ في التَّرَفِ، هم في قُصورِ المُلوك. |
26: | فماذا إِذنْ خَرَجْتم تنظُرون؟ أَنبيًّا؟.. أَجَلْ؛ بل أَقولُ لكم: وأَفضلَ مِن نَبيّ. |
27: | إِنَّهُ هُوَ المَكتوبُ عنه:
"هاءَنذا أُرسِلُ ملاكي أَمامَ وجهِكَ، يُهيّئُ لكَ الطريقَ قدَّامَك.
|
28: | "أَقولُ لكم: إِنَّهُ ليسَ، في مَواليدِ النِّساءِ، أَعْظمُ مِن يوحنَّا المَعْمدان. بَيدَ أَنَّ الأَصغرَ في مَلكوتِ اللهِ أَعظمُ منه. |
29: | فكلُّ الشَّعبِ الذي سمعَهُ - والعَشَّارونَ أَنفُسُهم - بَرَّروا اللهَ باعْتمادِهم بمَعْموديَّةِ يوحنَّا؛ |
30: | أَمَّا الفرِّيسيُّونَ ومُعِلّمو النَّاموسِ فقد أَحْبَطوا مآربَ اللهِ فيهم، إِذ لم يَعْتمدوا على يدِه.
|
حكم يسوع في جيله |
31: | "فبمَنْ أُشبِّهُ رجالَ هذا الجيل؟ ومَنْ يُشْبِهون؟ |
32: | إِنَّهم يُشبهونَ أُولئكَ الصِّبْيَةَ الذينَ يَجُلِسونَ في السَّاحةِ العامَّةِ، ويَصيحُ بعضُهم ببعضٍ، قائلين: زَمَّرْنا لكم فلم تَرقُصوا! أَنْشَدنْا لكم مَراثيَ فلم تَبْكوا! |
33: | فلَقد جاءَ يوحنَّا المَعمدانُ لا يَأْكلُ خُبزًا ولا يَشرَبُ خمرًا، وأَنتم تقولون: إِنَّ بهِ شَيْطانًا! |
34: | وجاءَ ابنُ البشرِ يَأْكلُ ويَشرَبُ، وتَقولون: هُوذا إِنسانٌ أَكولٌ، شَروبٌ للخمرِ، يُحِبُّ العَشَّارينَ والخَطَأَة! |
35: | إِلاَّ أَنَّ الحكمةَ قد زكَّاها جَميعُ بَنيها".
|
توبة امرأة خاطئة |
36: | وطَلبَ إِليهِ فَرِّيسيٌّ أَنْ يَأكلَ عندَهُ، فدخلَ بَيتَ الفرِّيسيِّ واتَّكَأ. |
37: | وإِذا امرأَةٌ خاطِئَةٌ في المَدينةِ، لمَّا عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ في بَيتِ الفرِّيسيِّ، أَتَتْ بقارورةِ طِيبٍ، |
38: | ووقفَتْ مِن وَرائِهِ، عندَ رجلَيْهِ، باكيَة؛ وجعلَتْ تَبُلُّ رِجلَيْهِ بالدُّموع؛ ثمَّ تَمْسَحُهُما بشَعَرِ رَأْسِها، وتُقبِّلُهُما وتدهُنُهما بالطِّيب.
|
39: | فلمَّا رَأَى الفرِّيسيُّ الذي دعاهُ ذلكَ، قالَ في نَفْسِه: "لو كانَ هذا الرَّجُلُ نَبيًّا لَعلِمَ مَنْ هيَ المَرْأَةُ التي تَلْمُسُهُ، وما حالُها: إِذْ إِنَّها خاطِئَة!" |
40: | فأَجابَ يَسوعُ، وقالَ لَهُ: "يا سِمْعانُ، عِندي شَيءٌ أَقولُهُ لكَ". فقال: "قُلْ، يا مُعلِّم". |
41: | قال: "كانَ لِمُدايِنٍ غَريمانِ، على أَحدِهما خَمسُ مئةِ دينارٍ، وعلى الآخَرِ خَمسون. |
42: | وإِذْ لم يَكُنْ لَهما ما يُوفِيانِ به، سامَحَهما كِلَيْهما. فأَيُّها يَكونُ أَوْفرَ حُبًّا لهُ؟" |
43: | فأَجابَ سِمعانُ، وقال: "هُوَ، في ما أَرى، الذي سامَحَهُ بالأَكثر". فقالَ لهُ: "بالصَّوابِ حكَمْت".
|
44: | وَالتَفَتَ الى المَرْأَةِ، وقالَ لِسِمعان: "أَتَرى هذهِ المَرْأَة؟.. أَنا دَخلْتُ بيتَكَ ولم تُقدِّمْ لي ماءً لِرِجْلَيَّ؛ أَمَّا هيَ فقد غسَلَتْ بالدُّموعِ، ومسحَتْهُما بشَعَرِ رَأْسِها. |
45: | أَنتَ لم تُقبِّلْني؛ أَمَّا هيَ، فمُذْ دخَلْتُ لم تَكُفَّ عَن تَقْبيلِ قَدَميَّ. |
46: | أَنتَ لم تَدهُنْ رَأْسي بزَيْت؛ وأَمَّا هيَ فَدَهَنَتْ رِجْلَيَّ بالطِّيب. |
47: | فمِن أَجلِ ذلكَ أَقولُ لكَ: إِنَّ خَطاياها، خَطاياها الكَثيرَةَ، مَغْفورةٌ لها، بما أَنَّها أَحبَّتْ كثيرًا؛ وأَمَّا مَنْ يُغفَرُ لهُ قَليلٌ فإِنَّهُ يُحِبُّ قَليلاً". |
48: | ثمَّ قالَ للمَرْأَة: "مَغْفورةٌ خطاياكِ". |
49: | فأَخذَ المُتَّكِئونَ مَعهُ يَقولونَ في أَنفُسِهم: "مَنْ هُوَ هذا، الذي يغفِرُ الخَطايا أَيضًا!" |
50: | أَمَّا هُوَ فقالَ لِلْمَرأَة: "إِيمانُكِ خَلَّصَكِ؛ إِذْهبي في سَلام".
|
|
الفصل : 8 |
جولة رسولية
1: | وبعدئذٍ أَخذَ يَجولُ في المُدُنِ والقُرى، يَعِظُ ويُبَشِّرُ بملكوتِ الله؛ وكانَ مَعهُ الاثْنا عَشَرَ، |
2: | وبِضْعُ نِساءٍ كُنَّ قد بَرِئْنَ مِن أَرواحٍ شِرِّيرةٍ وأَمْراض؛ وهُنَّ مريمُ التي تُدعى المِجْدَليَّةَ، التي خَرجَ منها سَبعَةُ شَياطين؛ |
3: | وحنَّةُ امرأَةُ كُوزى، قَيِّمِ هِيرودُس؛ وسُوسَنَّةُ، وأُخَرُ سِوتهُنَّ، كُنَّ يَبذُلْنَ مِن أَموالِهِنَّ في خِدمتِه.
|
مثل الزارع |
4: | وإِذِ احْتشَدَ جَمعٌ غَفيرٌ، وكانَ النَّاسُ يُوافونَهُ مِن كلِّ مَدينةٍ، كلَّمَهم بمَثَلٍ، ((قائلاً)): |
5: | "خرجَ الزَّارعُ ليَزْرَعَ زرْعَه. وفيما هُوَ يَزْرعُ سقَطَ بَعضُ ((الحَبِّ)) على الطَّريقِ، فوُطِئَ وأَكلَتْهُ طُيورُ السَّماء. |
6: | وسقَطَ البعضُ على الصَّخْرِ، فلمَّا نَبَتَ يَبِسَ، لأَنَّهُ لم يكُنْ لهُ رُطوبَة. |
7: | وسقطَ البعضُ في وَسْطِ الشَّوكِ، فنَبَتَ الشَّوكُ معَهُ، فخنَقَه. |
8: | وسقطَ البعضُ في الأَرضِ الجيِّدةِ، ونَبتَ، وأَثْمرَ مِئةَ ضِعْف". قالَ هذا، ونادى: "مَنْ لهُ أُذُنانِ للسَّماعِ فَلْيَسْمَعْ!"
|
9: | فسأَلَهُ تلاميذُهُ مّا عَسَى أَنْ يكونَ هذا المثَل. |
10: | فَقال: "أَنتم قد أُوتِيتم أَنْ تَعْرِفوا أَسرارَ مَلكوتِ الله؛ وأَمَّا الباقونَ فأُكلِّمُهم بأَمْثالٍ، لكي يَنْظُروا ولا يُبصِروا، ويَسْمَعوا ولا يَفْهَموا. |
11: | وهذا هُوَ المَثل: أَلزَّرعُ هُوَ كلمةُ الله؛ |
12: | والذينَ على الطَّريقِ همُ الذينَ يَسمعونَ ثمَّ يَأْتي إِبليسُ، ويَذْهبُ بالكلمةِ مِن قُلوبِهم، لئلاَّ يُؤْمِنوا فيَخْلُصوا. |
13: | والذينَ على الصَّخْرِ همُ الذينَ يَسمعون الكلمةَ، ويَقْبلونَها بِفَرحٍ، ولكِنْ، لا أَصْلَ لهم: فهم يُؤْمِنونَ الى حِينٍ، وفي أَوانِ التَّجربةِ يَرْتَدُّون. |
14: | والذي وَقعَ في الشَّوْكِ همُ الذينَ يَسْمعونَ ثمَّ يَمْضونَ، والهمومُ والغِنى ومَلَذَّاتُ الحياةِ تخنُقُهم، فلا يُنْضِجونَ ثمرًا. |
15: | وأَمَّا الذي وَقعَ في الأَرضِ الجيِّدةِ فهُمُ الذينَ يَسْمعونَ الكلمةَ بقَلْبٍ نَبيلٍ صَالِحٍ، فيَحْفظونَها ويُثمِرونَ بالصَّبر.
|
مثل السراج |
16: | "ما مِن أَحدٍ يوقِدُ سِرَاجًا ويُغطِّيهِ بإِناءٍ، أَو يضعُهُ تحتَ سَرير؛ بَل يضَعُهُ على مَنارةٍ ليُبْصِرَ الداخِلونَ نورَه. |
17: | فإِنَّهُ ليسَ خَفيٌّ إِلاَّ سيُظْهَر؛ ولا مَكْتومٌ إِلاَّ سيُعلَمُ ويُشْهَر. |
18: | فتَبَصَّروا إِذنْ كيفَ تَسْمعون! فإِنَّ مَنْ لَهُ يُعطى؛ ومَنْ ليسَ لهُ فحتَّى ما يظنُّهُ لهُ يُنرَعُ منه".
|
قرابة يسوع الروحية |
19: | وأَقبلَتْ أُمُّهُ وإِخوتُهُ يَطلُبونَهُ، فلم يَتمكَّنوا مِنَ الوُصولِ إِليهِ بِسبَبِ الجَمع. |
20: | فأُخبِرَ، وقِيلَ لهُ: "إِنَّ أُمَّكَ وإِخوتَكَ قائِمونَ في الخارِجِ، يُريدونَ أَنْ يَرَوْكَ". |
21: | فأَجابَ، وقالَ لهم: "أُمّي وإخْوتي: همُ الذَّينَ يسمعونَ كلِمةَ اللهِ ويَعْمَلونَ بها!".
|
تسكين العاصفة |
22: | وفي ذاتِ يَومٍ ركِبَ السَّفينةَ هُوَ وتلاميذُهُ، وقالَ لهم: "لِنَجُزْ الى عِبْرِ البُحَيْرة". وأَدْرَكوا العُرْضَ؛ |
23: | وفيما هم سائرونَ نام. فانقضَّتْ على البُحْيرةِ عاصِفةُ ريحٍ، فأَخَذَتِ ((السَّفينةُ)) تمتلئُ ماءً، وأَحاقَ بِهمِ الخَطَر. |
24: | فدنَوْا إِلَيْهِ وأَيْقظوهُ، قائلين: "يا مُعلِّمُ، يا مُعلِّم! لقَد هَلَكْنا!" فنَهضَ، وزجَرَ الرِّيحَ وهَيَجانَ الماءِ، فَهَدأَا، وسادَ السُّكون. |
25: | ثمَّ قالَ لهم: "أَينَ إِيمانُكم؟" فاسْتولى عَليهمِ الخوفُ والدَّهَشُ، وقالَ بعضُهم لِبَعْض: "مَنْ، تُرى، هذا؟ فإِنَّهُ يَأْمُرُ الرِّياحَ والأَمواجَ فَتُطيعُه!"
|
مجنون الجراسيين |
26: | ثمَّ أَرْسَوْا عِندَ بُقْعةِ الجِراسيِّينَ، التي تُقابِلُ الجَليل. |
27: | وما إِنْ خَرجَ الى البَرِّ حتى استَقْبَلَهُ رجُلٌ مِنَ المَدينَةِ بهِ شَياطين؛ ومِن زَمَنٍ طَويلٍ لم يَعُدْ يَلْبَسُ ثَوْبًا، ولا يَأْوي الى بَيْتٍ غيرِ القبور. |
28: | فلمَّا أَبصرَ يَسوعَ أَخذَ يَصيح؛ وخَرَّ عندَ قدمَيْهِ، وقالَ بصَوتٍ جَهير: "ما لي ولكَ، يا يَسوعُ ابنَ اللهِ العليّ؟ أَبتِهلُ إِليكَ أَنْ لا تُعذِّبَني!". - |
29: | فإِنَّ يَسوعَ كانَ يَأمرُ الرُّوحَ النَّجِسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الرَّجُل؛ لأَنَّهُ كثيرًا ما اسْتَحوذَ عَلَيهِ، فكانَ يُشَدُّ بسلاسِلَ وقُيودٍ، تحتَ حَرَس؛ غيرَ أَنَّهُ كانَ يُقطِّعُ الرُّبُطَ، ويَسوقُهُ الشَّيطانُ الى البراري. - |
30: | فسأَلَهُ يَسوع: "ما اسمُكَ؟" فقال: "جَوْقَة!". - لأَنَّ شَياطينَ كثيرينَ كانُوا قد دَخَلوا فيه. - |
31: | وأَخذَ ((هؤُلاء)) يَتَضرَّعون إِليهِ، أَنْ لا يَأْمُرَهم بالذَّهابِ الى الهاويَة.
|
32: | وكانَ هُناكَ قَطيعٌ كبيرٌ منَ الخَنازيرِ، يَرْعى في الجَبل؛ فابْتهلوا إِليهِ أَنْ يَأذَنَ لهم بالدُّخولِ في الخنازير. فأَذِنَ لهم. |
33: | فخَرجَ الشَّياطينُ منَ الرَّجُلِ ودَخلوا في الخَنازير. فَتَواثَبَ القطيعُ عَنِ الجُرْفِ الى البُحْيرةِ، فاختَنَق. |
34: | فلمَّا رأَى الرُّعاةُ ما جرى، هَرَبوا، وأَشاعوا الخَبرَ في المَدينةِ وفي الحُقول. |
35: | فَخَرجَ النَّاسُ لِيرَوْا ما حَدَث؛ وأَقبلوا الى يَسوعَ فوَجَدوا الرَّجُلَ الذي خَرجَتْ منهُ الشياطينُ، جالِسًا عندَ قدمَيْ يَسوعَ، لابِسًا، سَليمَ العقل؛ فأَخذَهمُ الذُّعر. |
36: | وأَخبرَهُم الذينَ عايَنوا، كيفَ شُفيَ المجنون. |
37: | فسأَلَهُ جميعُ سُكَّانِ أَرضِ الجِراسيِّينَ، أَنْ يبتعِدَ عَنهم، لأَنَّ خوفًا عظيمًا قدِ استحوذَ عليهم.
فركِبَ ((يَسوعُ)) السَّفينةَ ورَجَع. |
38: | فَطلبَ إِليهِ الرَّجلُ الذي خرجَتْ مِنهُ الشَّياطينُ، أَنْ يكونَ معَه. أَمَّا هُوَ فصَرفَهُ، قائلاً: |
39: | "عُدْ الى بيتِكَ وحدِّثْ بما صَنعَ اللهُ إِليك". فانطلقَ وهُوَ يُنادي في المدينةِ كلِّها بما صَنعَ إِليهِ يسوع.
|
احياء ابنة يائير |
40: | ولمَّا رَجَعَ يَسوعُ استَقْبَلَهُ الجَمعُ، لأَنَّ الجميعَ كانوا يَنْتظِرونَه. |
41: | وإِذا رَجلٌ اسمُهُ يائيرُ، وهُوَ رئيسٌ للمجمعِ، أَقبلَ وخَرَّ عندَ قدمَيْ يَسوعَ، وتَضرَّعَ إِليهِ أَنْ يدخُلَ بيتَه؛ |
42: | لأَنَّ لهُ ابْتةً وحيدةً، لها نَحوُ اثنتَيْ عَشْرَةَ سَنةً، قد أَشْرفَتْ على المَوت. وفيما هُوَ مُنطلِقٌ كانَ الجموعُ يَزْحَمونَه.
|
43: | وإِنَّ امرأَةً بها نَزْفُ دمٍ مُنذُ اثنتَيْ عَشرةَ سَنةً - كانَتْ قد أَنفقَتْ كلَّ مَعيشَتِها على الأَطبَّاءِ، ولم يَستطِعْ أَحدٌ أَنْ يَشفيَها - |
44: | دَنَتْ مِن خَلفِهِ ولمسَتْ هُدْبَ ردائِه؛ وفي الحالِ وقَفَ نَزْفُ دمِها. |
45: | فقالَ يَسوع: "مَنْ لَمسَني؟" وإِذْ أَنكرَ الجميعُ، قالَ بُطرسُ ومَن مَعَه: "يا مُعلِّم، هيَ الجموعُ تُحِيقُ بكَ وتَزحَمُكَ!" |
46: | فقالَ يَسوع: "إِنَّ واحدًا قد لَمسَني؛ فإِنِّي شعَرْتُ بقُوَّةٍ قد خرجَتْ مِنِّي". |
47: | فلمَّا رأَتِ المرأَةُ أَنَّهَا لم تَخْفَ، تقدَّمَتْ مُرتِعدَةً، وخرَّتْ عندَ قدمَيْهِ، وأَخبرَتْ أَمامَ كلِّ الشَّعبِ لأَيَّةِ عِلَّةٍ لمسَتْهُ، وكيفَ برِئَتْ لِساعتِها. |
48: | فقالَ لها: "يا ابنةُ، إِيمانُكِ أَبرأَكِ؛ إِذْهبي في سلام".
|
49: | وفيما هُوَ يَتكلَّمُ أَقبلَ مِن عندِ رئيسِ المَجمَعِ مَنْ يقولُ لهُ: "إِنَّ ابنتَكَ قد ماتَتْ، فلا تُتعِبِ المُعلِّم". |
50: | وسَمعَ يَسوعُ فقالَ ((لِرئيسِ المجمع)): لا تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ، وإِنَّها تخلُص". |
51: | ولمَّا انْتهى الى البَيتِ، لم يَدَعْ أَحدًا يدخُلُ معَهُ، سوى بُطرسَ ويوحنَّا ويعقوبَ، وأَبي الصبيَّةِ وأُمِّها. |
52: | وكانَ الجمعُ يَبكونَ ويَنوحونَ عَليها. فقال: "لا تَبْكوا: إِنَّها لم تمُتْ، بل هيَ نائِمة". |
53: | فأَخذوا يَضْحكونَ مِنهُ لِعِلْمِهم بأَنَّها قد ماتَتْ. |
54: | فَأَخذَ بِيدِها ونادى قائلاً: "يا صبيَّةُ، قومي!". |
55: | فَرَجَعَتْ روحُها، ونهضَتْ في الحال. ثُمَّ أَمرَ بأَنْ تُعطى طَعامًا. |
56: | فدَهِشَ أَبَواها. فأَوصاهُما أَنْ لا يُطلِعا أَحدًا على ما جرى.
|
|
الفصل : 9 |
بعثة الاثني عشر
1: | ودَعا الاثنَيْ عشَرَ، وقلَّدَهم قُدْرةً وسُلطانًا على جميعِ الشَّياطينِ، وعلى شِفاءِ الأَمراض. |
2: | ثمَّ أَرسَلَهم ليُبشِّروا بملكوتِ اللهِ، ويُجْرُوا الأَشفِيَة. |
3: | وقالَ لهم: "لا تَحْمِلوا لِلطَّريقِ شَيئاً، لا عَصًا ولا مِزْوَدًا، ولا خُبزًا ولا فِضَّة؛ ولا يكُنْ لكم ثَوبان؛ |
4: | وأَيَّ بيتٍ دخَلتُم فامكُثوا فيهِ الى أَنْ تَنْطَلِقوا. |
5: | وأَمَّا الذينَ لا يقبلونَكم، فاخْرُجوا مِن مَدينتِهم وانْفُضوا غُبارَ أَرجُلِكم شَهادةً عَليهم".
|
6: | فَخَرجوا وجَعَلوا يَطوفونَ في القُرى، يُبشِّرونَ ويُجْرُونَ الأَشفيَةَ في كلِّ مكان.
|
حيرة هيرودس |
7: | وسَمعَ هيرودُسُ التِتْرارْخِسُ بجميعِ ما كانَ يَجري، فتَحيَّر؛ لأَنَّ بَعضًا كانُوا يَقُولون: "هُوَ يوحنَّا قد نَهضَ مِن بَينِ الأَموات"؛ |
8: | وغيرُهم: "إِنَّهُ إِيليَّا قد ظَهر"؛ وآخَرونَ: "إِنَّهُ واحدٌ مِنَ الأَنبياءِ الأَقْدَمينَ قد قام". |
9: | فقالَ هيرُودُس: "أَمَّا يوحنَّا فقد قطَعْتُ أَنا رَأْسَه؛ فمَنْ ذَا الذي أَسمعُ عنهُ مِثْلَ هذهِ الأَخبار؟" وكانَ يَطْلبُ أَنْ يَراه.
|
تكثير الارغفة الخمسة |
10: | ورَجعَ الرُّسلُ وأَخْبروهُ بجميعِ ما فَعلوا. فأَخذَهم، ومَضى بِهِم على انفرادٍ، نَحوَ مدينَةٍ تُدعى بَيتَ صَيْدا. |
11: | وَدَرَتِ الجموعُ فتَبعوه. فرَّحبَ بِهم، وحَدَّثَهم عَن مَلكوتِ الله؛ وشَفى مِنْهم مَنْ كانوا في حاجَةٍ الى شِفاء.
|
12: | وإِذْ أَخذَ النَّهارُ يَميلُ تقدَّمَ الاثْنا عَشَرَ، وقالُوا لهُ: "اصرِفِ الجمعَ فيَمْضُوا الى القُرى والضِّياعِ التي حَوْلَنا، فَيَجِدوا لهم فيها مَأْوًى وطَعامًا، لأَنَّا ههُنا في مكانٍ قَفْر". |
13: | فقالَ لهم: "أَعْطوهم أَنتم ما يَأْكلون". فَقالُوا: "ليسَ لدَيْنا سوى خَمسةِ أَرْغفةٍ وسمَكتَيْنِ فقَط؛ ما لم نَمْضِ نحنُ، ونَشْتَرِ طَعامًا لهذا الشَّعْبِ كلِّه!" - |
14: | وكانوا نَحوَ خَمْسةِ آلافِ رجُل - فقالَ لتلاميذِه: "أَجْلِسوهم جماعاتٍ: خَمسينَ خَمسين". |
15: | ففَعلوا كذلكَ، وأَجْلَسوهم جميعًا. |
16: | فأَخذَ الخَمْسةَ الأَرغِفةَ والسَّمكتَيْنِ، ونَظَرَ الى السَّماءِ، وباركَها؛ ثمَّ كَسَرَها وجَعلَ يُعطيها للتَّلاميذِ لِتُوَزَّعَ على الجَمع. |
17: | فأَكلوا كلُّهم وشَبِعوا؛ ثُمَّ رَفَعوا ما فَضَلَ عَنهم: إِثنتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الكِسَر.
|
يسوع في نظر الناس والرسل |
18: | وكانَ ذاتَ يَومٍ يُصلِّي على انْفرادٍ، وكانَ التَّلاميذُ بِحِذائِه؛ فسأَلَهم، قائلاً: "مَنْ، تُرى، أَنا في نَظَرِ الجُموع؟" |
19: | فأَجابوا: "يَقولُ بَعضُهم: إِنَّكَ يوحنَّا المَعمدان؛ وغيرُهم: إِنَّكَ إِيليَّا؛ وآخَرونَ: إِنَّ نبيًّا مِنَ الأَنْبياءِ الأَقْدمينَ قد قام". |
20: | فقالَ لهم: "وفي نَظرِكم أَنتم، مَنْ أَنا؟" فأَجابَ بُطرسُ، قائلاً: "أَنتَ مَسيحُ الله!" |
21: | فأَوصْاهم مُشدِّدًا بأَنْ لا يَقولوا ذلك لأَحد".
|
شرط اتّباع يسوع |
22: | ثمَّ قال: "إِنَّهُ يَنْبغي لابنِ البَشرِ أَنْ يَتألَّمَ كثيرًا، وأَنْ يَنْتَبِذَهُ الشِّيوخُ ورُؤَساءُ الكهنةِ، والكَتَبة؛ وأَنْ يُقتَل؛ وأَنْ يقُومَ في اليَومِ الثَّالث".
|
23: | ثمَّ أَخذَ يَقولُ للجميع: "مَنْ أَرادَ أَنْ يتبَعَني فَلْيُنكِرْ نَفْسَهُ، وَلْيَحمِلْ صليبَهُ كلَّ يَومٍ، ويَتْبَعْني. |
24: | فإِنَّ مَنْ أَرادَ أَنْ يُخلِّصَ نفسَهُ يُهلِكُها؛ وأَمَّأ مَنْ أَهلَكَ نفسَهُ مِن أَجلي فإِنَّهُ يُخلِّصُها. |
25: | إِذْ ماذا يَنْفعُ الإِنسانَ أَنْ يَربَحَ العالَمَ كلَّهُ، ويَهْلِكَ هُوَ نَفْسُهُ، أَوْ يُحكَمَ عَلَيه؟ |
26: | فإِنَّ مَنْ يَسْتَحْيِي بي وبكلامي، يستَحْيِي بهِ ابنُ البشرِ متى جاءَ في مَجْدِهِ، ومَجدِ الآبِ، والملائكةِ القدِّيسين. |
27: | أَلحقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ في القائمينَ ههُنا مَنْ لا يذوقونَ الموتَ حتَّى يَرَوْا ملكوتَ الله".
|
التجلي الالهي |
28: | وبعدَ هذا الكلامِ بنَحْوِ ثمانيةِ أَيَّامٍ أَخذَ يسوعُ بُطرسَ ويوحَنَّا ويَعقوبَ وصَعِدَ بهم الى الجبلِ ليُصلِّي. |
29: | وفيما هو يُصلِّي تَغيَّرَ مَنْظرُ وَجْهِهِ، وصارَتْ ثِيابُهُ بيضاءَ لامِعة؛ |
30: | وإِذا بِرَجُلَيْنِ، مُوسى وإِيليَّا، يُخاطبانِه؛ |
31: | تراءَيا في مَجْدٍ، وأَخَذا يَتَحدَّثانِ عَن مَوتِهِ الذي سيُقاسيهِ في أُورشَليم. |
32: | وكانَ بُطرسُ ورَفيقاهُ قد ثَقُلَتْ عَلَيهم وَطْأَةُ النُّعاس. وإِذْ لَبِثوا، مَعَ ذلكَ، مُسْتَيْقِظينَ، شاهَدوا مجدَهُ، والرَّجلَيْنِ القائمَيْنِ مَعَه. |
33: | وفيما هذانِ يُغادرانِهِ، قالَ بُطرسُ لِيَسوع: "يا مُعلِّم، إِنَّهُ لَحَسَنٌ أَنْ نكونَ ههُنا؛ فسنَصْنعُ ثلاثَ مَظالّ: واحدةً لكَ، وواحدةً لمُوسى، وواحِدةً لإِيليَّا!" ولم يكُنْ يَدْري ما يقول. |
34: | وفيما هُوَ يتكلَّمُ هكذا، أَقبلَتْ غَمامَةٌ وظلَّلَتْهم. ولمَّا دخَلوا في الغمامةِ اسْتحوذَ الذُّعرُ على التَّلاميذ. |
35: | وانطلَقَ منَ الغمامةِ صَوتٌ يَقول: "هذا هُوَ ابْني، الحَبِيب؛ فاسْمَعوا لَهُ". |
36: | ولمَّا كانَ الصَّوتُ وُجِدَ يَسوعُ وحدَه. وصَمَتَ ((التلاميذُ)) تِلكَ الأَيَّامِ، ولم يُخبِروا أَحدًا بشيءٍ مِمَّا رأَوْا.
|
شفاء مجنون |
37: | وفي الغدِ، لمَّا انْحَدروا منَ الجَبَلِ، اسْتقبَلَهُ جَمعٌ غَفير. |
38: | وإِذا برجُلٍ منَ الجَمعِ صاحَ، قائلاً: "يا مُعلِّم، أَتَضرَّعُ إِليكَ أَنْ تُلقيَ نَظْرةً على ابْني؛ إِنَّهُ وَحيدي!.. |
39: | فإِنَّ روحًا يَعْتريهِ، فيَزعَقُ لِلْحال؛ ويَهُزُّهُ بعُنْفٍ، فيُزْبِد؛ وبالجَهْدِ يترُكُهُ بعدَ أَنْ يُرَضِّضَه. |
40: | ولقد سَأَلتُ تلاميذَكَ أَنْ يَطْرُدوهُ، فلم يَسْتَطيعوا". |
41: | فأَجابَ يَسوعُ، وَقال: "أَيُّها الجيلُ الغيرُ المُؤْمِنِ الْفاسِد، الى مَتى أَكونُ مَعَكم وأَحتمِلُكم؟ عليَّ بابْنِكَ الى ههُنا". |
42: | وفيما الولدُ يَتَقدَّمُ صَرَعهُ الشَّيطانُ، وهزَّهُ في عُنْف؛ ولكنَّ َيسوعُ انتهرَ الرُّوحَ النَّجِسَ، وشَفى الولَدَ، ورَدَّهُ الى أَبيه. |
43: | فبُهِتَ الجميعُ من عَظَمةِ الله.
وإِذْ كانُوا جميعًا مُتَعجِّبينَ مِن كلِّ ما صنَعَ، قالَ لتلاميذِه: |
44: | "أُوْدِعُوا أَنتم هذهِ الكلِماتِ في آذانِكم: "إِنَّ ابنَ البَشرِ مُزْمِعٌ أَنْ يُسْلَمَ الى أَيْدي النَّاس". |
45: | غَيرَ أَنَّهم لَم يَفْهموا هذا الكلام؛ بَل لَبِثَ مُسْتَغْلَقًا عَلَيهم ولم يُدْرِكوه؛ وهابُوا أَنْ يسأَلوهُ في هذا الشَّأْن.
|
سر العظمة الحقة |
46: | وداخَلَتْهم هذهِ الفِكرة: "مَنْ تُراهُ الأَعظمُ فيهم؟" |
47: | وأَدركَ يَسوعُ ما يُجولُ في خَاطِرِهم، فأَخذَ وَلدًا، وأَقامَهُ بَيْنَ يدَيْهِ، |
48: | وقالَ لهم: "مَنْ قَبِلَ هذا الولدَ الصَّغيرَ باسمي، فإِيَّايَ يَقْبَل؛ ومَنْ قَبِلَني فقد قَبِلَ الذي أَرْسَلَني؛ فإِنَّ الأَصْغرَ فيكم جميعًا، هُوَ الأَعظم".
|
49: | فأَجابَ يوحنَّا، قائلاً: "يا مُعلِّم، لقد رَأَينا إِنسانًا يَطرُدُ الشَّياطينَ باسمِكَ، فمانَعْناهُ لأَنَّهُ لا يتبَعُكَ مَعَنا". |
50: | فقالَ لَهُ يَسوع: "لا تَمْنَعوه؛ فإِنَّ مَنْ ليسَ عَلَيكم هُوَ لكم".
|
4 صعود يسوع الى اورشليم - في الطريق الى اورشليم |
51: | وإِذ كانَ زمَنُ ارتفاعِهِ ((مِن هذا العالَمِ)) قدِ اقترَبَ، صمَّمَ أَنْ يَنطِلقَ الى أُورشَليم؛ |
52: | وسَيَّرَ قُدَّامَهُ رُسُلاً؛ فمضَوْا ودَخَلوا قَريةً للسَّامريِّينَ، ليُعِدُّوا لَهُ ((ما يَلْزَم)). |
53: | فلم يَقْبلوهُ لأَنَّهُ كانَ مُتَوجِّهًا نَحوَ أُورشليم. |
54: | فلمَّا رأَى ذلكَ التِّلميذَانِ، يعقوبُ ويوحنَّا، قالا: "يا ربّ، أَتريدُ أَنْ نَسْتَنزِلَ النَّارَ منَ السَّماءِ فتُحرِقَهم؟" |
55: | فالتَفتَ وزَجَرَهما. |
56: | وانْطَلقوا الى قَرْيةٍ أُخرى.
|
57: | وفيما هم سائرونَ قالَ لَهُ إِنسانٌ في الطَّريق: "أَتْبعُكَ حيثُما تَمْضي". |
58: | فقالَ لَهُ يَسوع: "أَلثَّعالبُ لها أَوْجِرةٌ، وطُيورُ السَّماءِ أَوْكارٌ، أَمَّا ابنُ البَشرِ فليسَ لهُ مَوضعٌ يُسنِدُ إِليهِ رَأْسَه". |
59: | وقالَ لآخَرَ: "اتْبَعْني". فَقال: "يا سَيِّدي، ائْذَنْ لي أَنْ أَمْضيَ أَوَّلاً وأَدْفِنَ أَبي". |
60: | فقالَ لهُ: "دَعِ المَوتى يَدفِنونَ مَوتاهم. وأَمَّا أَنتَ فامضِ وبَشِّرْ بملَكوتِ الله". |
61: | وقالَ لهُ آخَر: "أَتبعُكَ، يا سَيِّدي، لكِنِ ائْذَنْ لي أَنْ أُوَدِّعَ أَهلَ بَيتي". |
62: | فقالَ لهُ يَسوع: "مَنْ وَضعَ يَدهُ على المِحْراثِ ونظَرَ الى الوَراءِ، فلَيسَ أَهلٍ لِمَلكوتِ الله".
|
|
الفصل : 10 |
بعثة الاثنين والسبعين تلميذًا
1: | وبعدَ ذلكَ، عَيَّنَ الربُّ أَيضًا اثنَيْنِ وسَبْعينَ تِلميذًا آخَرِينَ وأَرسَلَهمُ اثنَيْنِ اثنَيْنِ، أَمامَ وَجْهِهِ، الى كلِّ مدينةٍ، وكلِّ مَوضعٍ كانَ مُزْمعًا أَنْ يَقدَمَ إِليهِ. |
2: | وكانَ يَقولُ لهم: "إِنَّ الحَصادَ كثيرٌ وأَمَّا العَمَلةُ فَقَليلون. فاسْأَلوا رَبَّ الحَصادِ أَنْ يُرْسِلَ عَمَلةً الى حَصادِه. |
3: | إِنْطلِقوا! هاأَناذا أُرسِلُكم كخِرافٍ بينَ ذِئاب. |
4: | لا تَحْمِلوا كيسًا ولا مِزْوَدًا، ولا حِذَاءً؛ ولا تُسلِّموا في الطَّريقِ على أَحد. |
5: | وأَيَّ بيتٍ دخَلْتم فَقولوا أَوَّلاً: السَّلامُ لهذا البَيْت! |
6: | فإِنْ كانَ هُناكَ ابنُ سَلامٍ فسَلامُكم يستَقِرُّ عَلَيهِ، وإِلاَّ فيرتَدُّ إِليكم. |
7: | وامكُثوا في ذلكَ البَيْتِ، تَأْكلونَ وتَشْربونَ ممَّا عِندَهم: فإِنَّ العامِلَ مُستحِقٌ أُجرَتَه؛ لا تَنْتَقِلوا مِن بَيتٍ الى بَيْت. |
8: | وأَيَّةَ مَدينةٍ دَخَلْتم وقَبِلوكم، فكُلوا مِمَّا يُقدَّمُ لكم؛ |
9: | واشْفوا المَرْضى الذَّينَ فيها؛ وَقُولوا لهم: قدِ اقْتَربَ منكم مَلكوتُ الله. |
10: | وأَيَّةَ مَدينةٍ دَخَلْتم ولم يَقبلوكم، فاخرُجوا الى السَّاحاتِ وقُولوا: |
11: | إِنَّنا نَنفُضُ لكم حتَّى الغُبارَ العالِقَ بأَرْجُلِنا مِن مدينَتِكم؛ ولكنِ اعْلموا جَيِّدًا أَنَّ مَلكوتَ اللهِ قَريب! |
12: | أَقولُ لكم: إِنَّ سَدومَ، في ذلكَ اليومِ، تكونُ أَهونَ مَصِيرًا مِن تِلكَ المدينة.
|
13: | "أَلويلُ لكِ، يا خُورَزِين! أَلويَلُ لكِ، يا بَيتَ صَيدا! لأَنَّهُ لو جَرى في صُورَ وصَيداءَ ما جرى فيكما منَ العَجائبِ، لَتابَتا مِن عَهدٍ بَعيدٍ، جالِستَيْنِ في المُسوحِ والرَّماد. |
14: | ولذلكَ، فإِنَّ صورَ وصَيداءَ سَتكونانِ، في الدَّينونةِ، أَهونَ مَصيرًا منكما. |
15: | وأَنتِ، يا كَفَرناحومُ، أَو تَرْتَفعينَ حتَّى السَّماء؟ فإِنَّهُ سيُهْبَطُ بكِ الى الجَحيمّ! |
16: | مَنْ سَمِعَ منكم فقد سَمعَ مِنِّي؛ ومَنْ نَبَذَكم فقد نَبذَني؛ ومَنْ نَبَذَني، نَبَذَ الذَّي أَرْسلَني..." |
17: | ورجَعَ الاثنانِ والسَّبعونَ فَرِحينَ، وقالُوا: "إِنَّ الشَّياطينَ أَنفُسَها تَخضَعُ لنا باسمِكَ!" |
18: | فقالَ لهم: "لَقد رَأَيْتُ الشَّيْطانَ هابطًا مِنَ السَّماءِ كالبَرْق! |
19: | فها أَناذا قد أَعْطيتُكم سُلْطانًا أَنْ تَدوسوا الحيَّاتِ والعقارِبَ وكلَّ قُوَّةٍ للعَدُوّ؛ وما مِن شَيءٍ يَضُرُّكم. |
20: | ولكِنْ، لا تَفْرحوا بأَنَّ الأَرواحَ تَخْضعُ لكم، بلِ افْرحوا بأَنَّ أَسماءَكم مكتوبةٌ في السَّماوات".
|
الآب والابن |
21: | وفي تلكَ السَّاعةِ تَهلَّلَ يَسوعُ في الرُّوحِ القُدُسِ، وقَال: "أُبارِكُكَ، يا أَبتِ، رَبُّ السَّماءِ والأَرضِ، لأَنَّكَ أَخْفيتَ ذلكَ عَن ذَوي الحِكُمةِ والدَّهاءِ، وكشَفْتَهُ للأَطْفال. نعَمْ، يا أَبتِ، لأَنَّهُ هكذا حَسُنَ لَدَيْك. |
22: | لَقد دَفَعَ إِليَّ أَبي كُلَّ شَيءٍ، فليسَ أَحدٌ يعلَمُ مَنِ الابنُ إِلاَّ الآب؛ ولا مَنِ الآبُ إِلاَّ الابنُ، ومَن يُريدُ الابنُ أَنْ يَكشِفَ لهُ ذلك". |
23: | ثمَّ الْتَفتَ الى تلاميذِهِ، وقالَ لهم، وَحْدَهم: "طوبى لِلْعُيونِ التي تَنْظُرُ ما أَنتم تَنظُرون! |
24: | فإِنَّي أَقولُ لكم: إِنَّ كَثيرينَ منَ الأَنبياءِ والمُلوكِ، وَدُّوا أَنْ يَرَوْا ما أَنتم راءُونَ ولم يَرَوْا، وأَنْ يَسْمعوا ما أَنتم سامِعونَ ولم يَسْمعوا!".
|
مثل السامري |
25: | وإِذا واحِدٌ مِن عُلماءِ النَّاموسِ قامَ، وقالَ لهُ، بقَصدِ أَنْ يُجرِّبَه: "يا مُعلِّم، ماذا عَليَّ أَنْ أَعملَ لأَرِثَ الحياةَ الأَبديَّة؟" |
26: | فقالَ لهُ: "ماذا كُتِبَ في النَّاموس؟ ماذا تَقْرأُ فِيه؟" |
27: | فأَجابَ، وقال: "أَحبِبِ الرَّبَّ إِلهَكَ بكلِّ قلبِكَ، وكلِّ نفسِكَ، وكلِّ قُدرتِكَ، وكلِّ ذِهْنِك؛ وقريبَكَ كَنَفْسِك". |
28: | فقالَ لهُ يَسوع: "بالصَّوابِ أَجَبْت؛ إِفْعَلْ هذا فتحيا".
|
29: | أَمَّا هُوَ فأَرادَ أَنْ يُزكِّيَ نفسَهُ، فقالَ ليَسوع: "ومَنْ قَريبي؟" |
30: | فأَرْدفَ يَسوعُ، وقال: "كانَ إِنسانٌ مُنحدِرًا مِن أُورشليمَ الى أَريحا، فوقَعَ بينَ لُصوصٍ، فعَرَّوْهُ وأَوْسَعوهُ ضَرْبًا، ومَضَوْا وقد تَركوهُ بينَ حَيٍّ ومَيْت. |
31: | واتَّفقَ أَنَّ كاهنًا كانَ مُنحدِرًا في الطريقِ عينِها، فأَبصرَهُ، وجَاز؛ |
32: | وكذلكَ لاويٌّ، وافى المكانَ فأَبصرَهُ وجاز. |
33: | ثمَّ إِنَّ سامريًّا في سَفَرٍ، مرَّ بهِ فرآهُ، فتحنَّنَ عليه. |
34: | فدنا إِليهِ وضَمَدَ جُروحَهُ، وصَبَّ عليها زَيْتًا وخَمرًا؛ ثمَّ حملَهُ على دابَّتِهِ الخاصَّةِ، وأَتى بهِ الفُندُقَ، واعْتنى بِه. |
35: | وفي الغدِ أَخرجَ دِينارَيْنِ، وأَعطاهُما لِصاحبِ الفُندقِ، وقالَ: "اعْتنِ بِهِ، ومَهْما تُنفِقْ فوقَ هذا، فأَنا أَدْفعُهُ لكَ عندَ عَوْدتي. - |
36: | فأَيُّ هؤُلاءِ الثَّلاثةِ، تُرى، كانَ قريبًا للَّذي وقَعَ في أَيْدي اللُّصوص؟" |
37: | قَال: "أَلذَّي صَنعَ اليهِ الرَّحمة". فقالَ لَهُ يَسوعُ: "امْضِ؛ واصْنَعْ أَنتَ أَيضًا، كذلك".
|
النصيب الافضل |
38: | وفيما هُم في الطَّريقِ، دخَلَ قَريةً، فقبِلَتْهُ امْرأَةٌ، اسْمُها مَرْثا، في بيتِها. |
39: | وكانَ لِهذه أُختٌ تُسمَّى مَريمَ، قد جَلَسَتْ عندَ قدَميِ الرَّبِّ تسمَعُ كلامَه. |
40: | وكانَتْ مَرْثا مُرتبكَةً في شتَّى شُؤُونِ الخِدمة؛ فتقدَّمَتْ ((أَخيرًا))، وقالَتْ: "يا سَيِّدي، أَما تُبالي أَنَّ أُخْتي تركَتْني أَخدُمُ وَحْدي! فقُلْ لها إِذَنْ، لِتُساعِدنْي". |
41: | فأَجابَ الرَّبُّ، وقالَ لها: "مَرْثا، مَرْثا، إِنَّكِ مُهتَمَّةٌ ومُضْطَربةٌ في أُمورٍ كثيرة؛ |
42: | وإِنَّما الحاجَةُ الى قليلٍ، بل الى واحد! فمريمُ قدِ اختارَتِ النَّصيبَ الأَصلحَ، ولَنْ يُنْزَعَ منها.
|
|
الفصل : 11 |
صلاة البشرية
1: | وكانَ، ذاتَ يَومٍ، يُصلِّي في مَوضعٍ ما؛ فلمَّا فَرغَ، قالَ لهُ واحِدٌ مِن تَلاميذِه: "يا رَبّ، علِّمْنا أَنْ نصلِّيَ كما علَّمَ يوحنَّا تلاميذَه". |
2: | فقالَ لهم: "إِذا صَلَّيْتم فقوُلوا:
أَيُّها الآبُ، لِيتقدَّسِ اسمُكَ! لِيَأْتِ ملكوتُكَ!
|
3: | خُبزَنا كفافَنا أَعْطِنا كُلِّ يوم؛
|
4: | واغْفِرْ لنا خَطايانا، لأَنَّنا، نحنُ أَيضًا، نغفِرُ لكلِّ مَنْ أَساءَ إِلينا؛
ولا تُدخِلْنا في تَجْرِبَة".
|
شروط الصلاة ومفعولها |
5: | ثمَّ قالَ لهم: "مَنْ مِنكم يكونُ لَهُ صَديقٌ فيَمْضي إِليهِ في مُنْتَصَفِ اللَّيلِ، ويقولُ لهُ: يا صَديقي، أَقرِضْني ثَلاثةَ أَرغِفَةٍ، |
6: | لأَنَّ صَديقًا لي قَدِمَ عليَّ مِن سَفَرٍ، وليسَ لَديَّ ما أُقدِّمُ لهُ، |
7: | فيُجيبُ ذاكَ مِنَ الدَّاخِلِ، ويَقول: لا تُزْعِجْني: فإِنَّ البابَ قد أُغلِقَ، وأَوْلادي مَعي في الفِراش؛ فلا أَستطيعُ أَنْ أَقومَ فأُعطيَك؟.. |
8: | أَقولُ لكم: إِنَّهُ، إِنْ لم يقُمْ ويُعطِهِ لِكَوْنِهِ صديقَهُ، يَنْهَضُ لِلَجاجَتِهِ، ويُعطيهِ كلَّ ما يَحْتاجُ إِليه.
|
9: | "وأَنا أقولُ لكم: إِسْأَلوا فتُعْطَوْا؛ أُطْلبوا فَتَجِدوا؛ إِقْرَعوا فيُفتَحَ لكم. |
10: | فإِنَّ كلَّ مَنْ يسأَلُ يُعطَى، ومَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، ومَنْ يَقْرَعُ يُفتحُ لَه. |
11: | إِبْنُ مَنْ مِنكم يسأَلُ أَباهُ خُبزًا، فيُعطيهِ حَجَرًا؟ أَو سَمَكةً، فيُعطيهِ بَدَلَ السَّمكَةِ حَيَّة؟ |
12: | أَو إِذا سأَلَ بَيْضةً يُعطيهِ عَقْرَبًا؟ |
13: | فإِذا كنتم، مَعَ ما أَنتم عَلَيهِ مِنَ الشَّرِّ، تَعْرِفونَ أَنْ تَمْنَحوا العطايا الصَّالحةَ لأَوْلادِكم، فكَم بالأَحرى أَبوكُمُ السَّماويّ يَمنَحُ الرُّوحَ القدُسَ لمَنْ يَسأَلُه".
|
يسوع وبعل زبول |
14: | وكانَ يَسوعُ يُخرِجُ شَيطانًا أَخرس. فلمَّا أُخْرِجَ الشَّيطانُ تكلَّمَ الأَخرس؛ فتعجَّبتِ الجُموع. |
15: | بَيْدَ أَنَّ بعضَهم قالوا: "إِنَّهُ ببَعْلَ زَبولَ، رئيسِ الشَّياطينِ، يُخرِجُ الشَّياطين". |
16: | وأَخذَ غيرُهم يَطلبونَ آيَةً مِنَ السَّماءِ، لكي يَمْتَحِنوه. |
17: | وعَلِم أَفكارَهم فقالَ لهم: "كلُّ مَمْلَكةٍ تَنقَسِمُ على نفسِها تُقْفِزُ، وبيوتُها يَنهارُ بَعضُها على بَعْض؛ |
18: | فَإِنِ انْقَسَم الشَّيطانُ على نَفسِهِ، فكَيفَ تَثْبُتُ مَمْلكَتُه؟... - إِذْ تَقولونَ: إِنِّي ببَعلَ زَبولَ أُخرِجُ الشَّياطين - |
19: | وإِنْ كُنتُ أَنا ببَعلَ زَبولَ أُخرِجُ الشَّياطينَ، فأَبناؤُكم أَنتم، بمَنْ يُخرجونَهم؟ فمِنْ أَجلِ هذا، هم يحكُمونَ عليكم. |
20: | ولكِنْ، إِذا كُنتُ أَنا بإِصبَعِ اللهِ أُخرجُ الشَّياطينَ، فقدِ اقتربَ منكم ملكوتُ الله. |
21: | إِذا كانَ القَويُّ المُتَسلِّحُ يَحْرُسُ دَارَهُ، كانَتْ أَمتِعتُهُ في أَمان؛ |
22: | ولكِنْ، إِذا جاءَ مَنْ هُوَ أَقوى مِنهُ وغلَبَهُ، فَإِنَّهُ يُجرِّدُهُ مِنْ جميعِ سِلاحِهِ، الذي كانَ يَعْتزُّ بِهِ، ويُقَسِّمُ غَنائمَه. |
23: | مَنْ ليسَ مَعي فَهُوَ عَليَّ، ومَنْ لا يَجمَعْ مَعي فَهُوَ يُفَرِّق.
|
24: | "إِنَّ الرُّوحَ النَّجِسَ إِذا خَرجَ مِنَ الإِنسانِ، طافَ في أَمكِنةٍ قاحِلَةٍ، طَلبًا لِلرَّاحَة؛ وإِذْ لا يَجدُ، يَقول: أَرْجِعُ الى بَيتي الذَّي خَرَجتُ مِنهُ. |
25: | فيَأْتي، فيَجِدُهُ مَكْنوسًا مُزَيَّنًا، |
26: | فيَمْضي عِنْدئذٍ ويَأْخذُ سبعةَ أَرواحٍ آخَرِينَ شَرٍّ مِنهُ، ثمَّ يَدخُلونَ ويَسكنونَ هُناك؛ فتكونُ أخِرةُ ذلكَ الإِنسانِ شَرًّا مِن أُولاه".
|
سر السعادة الحقة |
27: | وفيما هُوَ يَتكلَّمُ بهذا، رفَعَتِ امرأَةٌ في الجمعِ صَوتَها، وقالَتْ لهُ: "طُوبى لِلبَطْنِ الذَّي حَمَلَكَ، والثَّديَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهما!" |
28: | أَمَّا هُوَ فَقال: "بَل طُوبى لِمَنْ يَسمعُ كلمَةَ اللهِ ويَعْملُ بها!".
|
آية يونان |
29: | وإِذْ كانَتِ الجموعُ تزدَحمُ مُتراصَّةً، أَخذَ يَقول: "إِنَّ هذا الجِيلَ جِيلٌ شِرِّير؛ إِنَّهُ يَطلُبُ آيَةً فلا يُعطى آيةً إِلاّ آيَةَ يُونان. |
30: | فكما أَنَّ يُونانَ كانَ آيَةً لأَهْلِ نِينَوى، كذلكَ يكونُ ابنُ البشرِ أَيضًا هذَا الجِيل. |
31: | مَلِكةُ الجَنوبِ سَتَقومُ يومَ الدَّينونَةِ، مَعَ رِجالِ هذَا الجِيلِ، وتَحكُمُ عَلَيهم، لأَنَّها أَتَتْ مِن أَقاصي الأَرضِ لِتسمَعَ حِكمةَ سُليمان؛ وههُنا أَعظمُ مِن سُليمان! |
32: | رجالُ نِينَوى سَيقُومونَ يَومَ الدَّينونةِ معَ هذا الجِيلِ، ويَحكُمونَ عَليهِ، لأَنَّهم تابوا لإِنْذارِ يُونان؛ وههُنا أَعظمُ مِن يونان!
|
33: | "ما مِن أَحدٍ يُوقِدُ سِراجًا لِيضَعَهُ في مَكانٍ خَفيٍّ، أَو تَحتَ المِكْيال؛ بل على المَنَارَةِ ليُبصِرَ الدَّاخلونَ النُّور. |
34: | سِراجُ جَسَدِكَ العَيْن؛ متى كانَتْ عَينُكَ سَليمةً فَجسدُك كُلُّهُ يكونُ في النُّور؛ وأَمَّا إِنْ كانَتْ عَلِيلةً فجسدُكَ أَيضًا يكونُ في الظَّلام. |
35: | فتَبَصَّرْ إِذَنْ، لئلاَّ يكونَ النُّورُ الذَّي فيكَ ظَلامًا! |
36: | فإِنْ كانَ جسدُكَ كلُّهُ نَيِّرًا، وليسَ فيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، فكم يَكونُ نَيِّرًا بجُمْلَتِهِ إِذا ما أَضاءَ لكَ السِّراجُ بلَمَعانِه!".
|
رئاء الفريسيين وكبرياؤهم |
37: | وكانَ بَعدُ يَتكلَّمُ، إِذ سَأَلهُ فرِّيسيٌّ أَنْ يَتغدَّى عِندَه؛ فدخَلَ واتَّكأ. |
38: | وإِذْ رأَى الفرِّيسيُّ أَنَّهُ لم يَغتسِلْ قَبلَ الأَكلِ، تَعجَّب. |
39: | فقالَ لهُ الرَّبّ: "ذلِكم هُوَ أَنتم أَيُّها الفرِّيسيُّون! تُطَهِّرُونَ خارجَ الكَأْسِ والصَّحْفةِ، وداخلُكم أَنتم مُتْرَعٌ سَلْبًا وشَرًّا. |
40: | أَيُّها الحَمقى! أَوَليسَ الذَّي صنَعَ الخارجَ صنَعَ الدَّاخلِ أَيضًا؟ |
41: | فتَصدَّقوا بالحريِّ، بما في وِسْعِكم؛ وكلُّ شَيْءٍ يكونُ لكم طاهِرًا. |
42: | ولكِنْ، وَيْلٌ لكم، أَيُّها الفرِّيسيُّون! فإِنَّكم تُؤَدُّونَ العُشْرَ عنِ النَعْناعِ والسَّذابِ، وعَن كلِّ البُقولِ، وتَتعدَّونَ العَدْلَ ومحبَّةَ الله! وكانَ يَنْبغي أَنْ تَعْملوا بهذه مِن غَيْرِ أَنْ تُهمِلوا تِلْك. |
43: | وَيْلٌ لكم أَيُّها الفرِّيسيُّون! لأَنَّكم تُحِبُّونَ المجالسَ الأُولى في المجامعِ، والتَّحيَّاتِ في السَّاحاتِ العامَّة! |
44: | وَيْلٌ لكم! لأَنَّكم كالقُبورِ المَسْتورةِ، يَمْشي النَّاسُ عَلَيها ولا يَعْلَمون!"
|
45: | فأَجابَ واحدٌ مِن عُلماءِ النَّاموسِ، وقالَ لهُ: "يا مُعلِّم، إِنَّكَ بقولِكَ هذا تُهينُنا نحنُ أَيضًا!" |
46: | فَقال: "وأَنتم أَيضًا يا عُلماءَ النَّاموسِ، وَيْلٌ لكم! لأَنَّكم تُحمِّلونَ النَّاسَ أَحْمالاً شاقَّةَ الحَمْلِ، في حِينِ أَنَّكم أَنتم، لا تَمَسُّونَها بإِحْدى أَصابِعِكم! |
47: | وَيْلٌ لكم، لأَنَّكم تُشيِّدونَ ضَرَائِحَ الأَنبياءِ، وآباؤُكم قد قَتَلوهم! |
48: | فأَنتم إِذَنْ شُهْود! وتُؤَيِّدونَ أَعمالَ آبائِكم: هُمْ قَتَلوا، وأَنتم تُشيِّدونَ ((الضَّرائح))!
|
49: | "فمِن أَجْلِ ذلكَ، قالَتْ أَيضًا حِكمةُ الله: سأُرْسِلُ إِلَيهم أَنبياءَ ورُسُلاً، فمِنهم مَنْ يَقْتلونَ، ومِنهم مَنْ يَضْطَهِدون؛ |
50: | لكي يُطلَبَ مِن هذا الجِيلِ دَمُ جميعِ الأَنبياءِ، المَهْدورُ منذُ إِنشاءِ العالَمِ، |
51: | مِن دَمِ هابيلَ الى دَمِ زَخَريَّا الذَّي قُتِلَ بَينَ المَذبحِ والقُدْس؛ أَجَلْ، وأَقولُ لكم، إِنَّهُ يُطلَبُ مِن هذا الجِيل! |
52: | وَيْلٌ لكم يا عُلماءَ النَّاموس! لأَنَّكمُ اخْتَلَسْتُم مِفتاحَ المَعْرفة؛ فأَنتم لم تَدخُلوا، والدُّاخلونَ مَنَعْتوهم!"
|
53: | ولمَّا خَرجَ مِن هُناكَ، أَخذَ الكتَبةُ والفرِّيسيُّونَ يُوغِرونَ صُدورَهم عَلَيه جِدًّا، ويَتعنَّتونَهُ بالأَسْئِلةِ عَن شتَّى الأُمورِ، |
54: | وهم يَكيدونَ لهُ، لِيَصْطادوا كلمةً ما من فَمِه.
|
|
الفصل : 12 |
واجب المجاهرة بالحقيقة بغير خوف
1: | وعلى أَثَرِ ذلكَ، احتشَدَ الجمعُ أُلُوفًا حتَّى داسَ بعضُهم بَعْضًا، فطَفقَ يسوعُ يقولُ لتلاميذِه: "إِيَّاكم، قبلَ كُلِّ شيءٍ، مِن خَميرِ الفرِّيسيِّينَ، الذَّي هُوَ الرِّثاء. |
2: | فإِنَّهُ ليسَ خَفيٌّ إِلاَّ سيُظْهرُ، ولا مَكْتومٌ إِلاَّ سيُعلَن. |
3: | فلذلكَ، كلَّ ما نطَقْتُم بهِ في الظُّلمةِ، سيُسْمَعُ في النُّورِ، وما قُلتموهُ في الأُذُنِ، في المخادعِ، سيُذاعُ على السُّطوح. |
4: | وأَقولُ لكم، أَنتم أَصْدقائي: لا تَخافوا شَيئًا مِنَ الذَّينَ يَقتُلونَ الجَسَدَ، ولا سَبيلَ لهم بَعدُ أَنْ يَفْعلوا أَكثر؛ |
5: | بل أُبيِّنُ لكم مِمَّن تخافون: خافُوا مِمَّن إِذا قَتَلَ، لَهُ قُدرةٌ أَنْ يُلقيَ في جَهنَّم؛ أَجلْ، وأَقولُ لكم: مِن هذا خافوا. |
6: | أَليسَ خَمسةُ عَصافيرَ تُباعُ بفَلْسَيْن؟ ومَعَ هذا، فلا يُنسى واحدٌ منها أَمامَ الله! |
7: | بل شَعَرُ رؤُوسِكم جميعُهُ مُحصًى، فلا تخافوا؛ فأَنتم أَفضلُ مِن عَصافيرَ كثيرة.
|
8: | "وأَقولُ لكم: إِنَّ كلَّ مَنْ يعترِفُ بي قُدَّامَ النَّاسِ، يَعترِفُ بهِ ابنُ البشرِ قُدَّامَ ملائكةِ الله؛ |
9: | ومَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ، يُنكَرُ أَمامَ ملائكةِ الله. |
10: | ومَنْ يَقولُ كَلمةً على ابنِ البَشرِ يُغفَرُ لَه؛ وأَمَّا مَنْ يُجدِّفُ على الرُّوحِ القُدُسِ، فلا مَغفِرَةَ لَهُ البتَّة. |
11: | ومتى قادُوكم الى المَجامعِ، والحُكَّامِ، وأُولي السُّلطانِ فلا تَهْتمُّوا لِطريقةِ الدِّفاعِ عَن أَنْفُسِكم، ولا لِمَا تَقوُلون؛ |
12: | فإِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ يُعلِّمُكم، في تلكَ السَّاعةِ، ما يَنْبغي أَنْ تَقوُلوا".
|
الغني الاحمق |
13: | وقالَ لَهُ واحدٌ مِنَ الجَمع: "يا مُعلِّم، قُلْ لأَخي لِيُقاسِمْني المِيراث". |
14: | فقالَ لَهُ: "يا رَجُل، مَنْ أَقامَني عليكُما قاضيًا أو مُقسِّمًا؟" |
15: | ثمَّ قالَ لهم: "إِحْذَروا، وتَحفَّظوا مِن كلِّ طَمَعٍ، لأَنَّ الإِنسانَ، وإِنْ كانَ في سَعَةٍ، فحياتُهُ لا تَقومُ على ما مَلكَتْ يدُه".
|
16: | وضربَ لهم هذا المَثَلَ، قائلاً: "كانَ إِنسانٌ غَنيٌّ قد أَغلَّتْ لهُ ضيعَتُهُ كثيرًا. |
17: | فجَعَلَ يُفكِّرُ في نفسِهِ، قائلاً: ماذا أَصْنع؟ إِنَّهُ ليسَ لي موضِعٌ أَخزُنُ فيهِ غِلالي. |
18: | ثمَّ قال: أَصْنعُ هذا: أَهدِمُ أَهْرائي وأَبني أَكبرَ مِنها، وأَخزُنُ ثَمَّةَ جميعَ غِلالي وخَيْراتي، |
19: | ثمَّ أَقولُ لنَفسي: يا نَفْسِ، إِنَّ لَكِ ((ههُنا)) خَيراتٍ كثيرةً، مُدَّخَرَةً لِسِنينَ كثيرة؛ فاسْتَريحي، وكُلي، واشْربي، وتَنَعَّمي! |
20: | فقالَ لهُ الله: يا جاهِل! في هذهِ اللَّيْلةِ تُطْلَبُ مِنكَ نفسُك؛ فهذا الذي أَعْدَدْتَهُ لِمَنْ يكون! - |
21: | كذلكَ يكونُ مِنْ أَمْرِ الذَّي يدَّخِرُ لِنَفسِهِ، ولا يَغْنى في سبيلِ الله".
|
التسليم للعناية الالهية |
22: | ثمَّ قالَ لتلاميذِه: "مِن أَجلِ هذا أَقولُ لكم: لا تَهْتمُّوا لأَنفُسِكم بما تَأْكُلونَ، ولا لأَجْسادِكم بما تَلْبَسون؛ |
23: | فإِنَّ النَّفسَ أَعظمُ مِنَ الطَّعامِ، والجسدَ أَعظمُ مِنَ اللِّباس. |
24: | تَأَمَّلوا في الغِرْبان؛ فإِنَّها لا تَزرعُ ولا تَحصُدُ، وليسَ لها مَخزَنٌ ولا هُرْيٌ؛ واللهُ يَقوتُها! فَلَكَمْ أَنتم أَفضلُ مِنَ الطُّيور! |
25: | مَنْ مِنكم، يَسْتَطِيعُ، مَعَ الجَهْدِ، أَنْ يَزيدَ على عُمْرِهِ ذِراعًا واحدةً؟ |
26: | فإِذا كُنتم لا تَقْدِرونَ على ما هُوَ أَيْسرُ، فلِمَ تَهْتمُّونَ لِلْباقي؟ - |
27: | تأَمَّلوا في الزَّنابقِ كيفَ تَنْمو؛ إِنَّها لا تَشْتغِلُ ولا تَغْزِل؛ وأَنا أَقولُ لكم: إِنَّ سُليمانَ نفسَهُ، في كلِّ مَجْدِهِ، لمَ يَلبَسْ كواحدةٍ منها. |
28: | فإِذا كانَ العُشْبُ الذَّي يُوجَدُ اليومَ في الحَقْلِ، ويُطرَحُ غَدًا في التَّنُّورِ، يُلبِسُهُ اللهُ هكذا، فَلَكَمْ بالأَحْرى أَنتم، يا قَليلي الإِيمان! |
29: | فلا تَطْلُبوا، أَنتم أَيضًا، ما تَأْكلونَ وما تَشْربون؛ ولا تَقْلقوا. |
30: | فإِنَّ جَميعَ هذهِ الأَشْياءِ تَطْلُبها أُمَمُ العالَم؛ وأَبوكم يَعْلمُ أَنَّكم في حاجَةٍ إِليها. |
31: | فاطْلُبوا بالحَريِّ ملكوتَهُ، وهذِهْ كُلُّها تُزادُ لكم.
|
32: | "لا تَخَفْ، أَيُّها القطيعُ الصَّغيرُ، لأَنَّه قد حَسُنَ لدى أَبيكم أَنْ يُعطيَكمُ المَلكوت. |
33: | بِيعُوا ما تَمْلِكُ أَيديكم وتَصَدَّقوا؛ إِصْطَنِعوا لكم أَكياسًا لا تَبْلى، وكَنزًا في السَّماواتِ لا ينفَدُ، حيثُ لا سارقَ يقترِبُ إِليهِ، ولا عُثَّ يُفْسِدُه. |
34: | لأَنَّهُ حَيثُ يكونُ كَنزُكم هناكَ أَيضًا يكونُ قلبُكم.
|
ضرورة القيام على استعداد دائم |
35: | "لِتكُنْ أَحقاؤُكم مَشْدودةً، وسُرُجُكم موقَدة. |
36: | وكونُوا كرِجالٍ يَنْتظِرونَ سيِّدَهم عندَ عَوْدتِهِ منَ العُرسِ، لِيَفْتحوا لهُ حالَما يُوافي ويَقْرَع. |
37: | فَطوبى لأُولئكَ العَبيدِ الذَّينَ، إِذا ما وافى سَيِّدُهم، وجَدَهم ساهِرين! فالحقَّ أَقولُ لكم: إِنَّهُ يَشُدُّ وَسَطَهُ، ويُتْكِئُهم ويَدورُ عَلَيهم يَخْدُمُهم. |
38: | فَسَواءٌ أَقْبلَ في الهَجْعةِ الثَّانيةِ أَم في الهَجعةِ الثَّالِثةِ، فطوبى لأُولِئكَ ((العَبيدِ))، إِذا وَجدَهم كذلك!... |
39: | واعْلموا جَيِّدًا أَنَّهُ لو عَرَفَ ربُّ البَيْتِ في أَيَّةِ ساعةٍ يَأْتي السَّارِقُ، لَسَهِرَولم يَدَعْ بيتَهُ يُنقَب. |
40: | فَكونُوا، أَنتم أَيضًا، مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّكم لا تَعلَمونَ في أَيَّةِ ساعَةٍ يَأْتي ابنُ البَشر".
|
41: | فقالَ بُطْرس: "يا ربّ، أَلنا تَقولُ هذا المَثَلَ، أمِ لِلجميعِ أَيضًا؟" |
42: | فقالَ الرَّبّ: "مَنْ، تَرى، الوكيلُ الأَمينُ الحكيم، الذي يُقيمُهُ سَيِّدُهُ على خَدَمِه، لِيُعْطِيَهم قِسْمَتَهم منَ الحِنطةِ في حينِها؟ |
43: | طُوبى لذلكَ العَبْدِ الذَّي يَأْتي سيِّدُهُ فيَجِدُهُ يَفعلُ هكذا! |
44: | في الحقيقةِ أَقولُ لكم: إِنَّهُ يُقيمُهُ على جميعِ أَمْوالِه. |
45: | ولكِنْ، إِنْ قالَ ذلكَ العَبدُ في قَلْبِه: إِنَّ سَيِّدي مُبْطئٌ في قُدومِه؛ فراحَ يَضْرِبُ العبيدَ والإِماءَ، ويَأْكُلُ ويَشْربُ ويَسْكَر... |
46: | فإِنَّ سيِّدَ ذلكَ العَبدِ يَأتي في يومٍ لا يَنْتظِرُهُ، وساعَةٍ لا يَعْرِفُها، فيَفْصِلُهُ ويَجْعَلُ نَصيبَهُ معَ الكافِرين. |
47: | فالعَبدُ الذي يَعلَمُ إِرادَةَ سَيِّدِهِ ولم يُعِدَّ شَيئاً، ولم يَعمَلْ بحسَبِ هذهِ الإِرادةِ، يُضرَبُ كثيرًا؛ |
48: | وأَمَّا الذَّي لم يَعلَمْ، وفَعلَ ما يَسْتَوْجِبُ بهِ الضَّربَ، فإِنَّهُ يُضرَبُ يَسيرًا؛ ومَن أُعطِيَ كثيرًا يُطالَبُ بكثيرٍ، ومَنِ اؤْتُمِنَ على كثيرٍ يُطالَبُ بأَكْثر.
|
الحرب الروحية |
49: | "لَقد جِئْتُ لأُلقيَ على الأَرضِ نارًا، وكم أَوَدُّ لو تكونُ قدِ اضْطَرمَت! |
50: | إِنَّ لي مَعموديَّةً أَعتمِدُ بها، وما أَشَدَّ تَضايُقي حتَّى تَتِمّ! |
51: | أَوَ تظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لأَنشُرَ السَّلامَ على الأَرض؟ أَقولُ لكم: لا، بَلِ الشِّقاق. |
52: | فمِنَ الآنَ، في بَيْتٍ مِن خَمْسةِ أَشْخاصٍ، يُشاقُّ ثلاثَةٌ مِنهمُ اثنَيْنِ، واثنانِ ثَلاثَة؛ |
53: | يُشاقُّ الأَبُ الابنَ، وَالابنُ الأَب؛ أَلأُمُّ الابنَةَ، والابنَةُ الأُمَّ؛ أَلحماةُ كنَّتَها والكَنَّةُ حماتَها".
|
وجوب التمييز بين الازمنة |
54: | وقالَ أَيضًا للجُموع: "متى رأَيُتم سَحابَةً تطلُعُ في المَغْرِبِ، قُلتُم في الحالِ: جاءَ المَطر؛ ويكونُ كذلِك. |
55: | وإِذا هَبَّتْ ريحُ الجَنوبِ، قُلتم: سيكونُ حَرٌّ؛ ويكونُ ذلك. |
56: | أَيُّها المُراءُونَ، إِنَّكم تَعرِفونَ أَنْ تَتَأَوَّلوا وَجْهَ الأَرضِ والسَّماءِ؛ وهذا الزَّمانُ فكيفَ لا تَفهَمونَه؟ |
57: | ولِمَ ل تحكُمونَ بالعَدْلِ مِن تِلْقاءِ أَنفُسِكم؟ |
58: | فإِذا ما ذَهَبْتَ مَعَ خَصْمِكَ الى الحاكِمِ، فاجتَهِدْ، في الطَّريقِ، أَنْ تَتخلَّصَ مِنهُ، لِئلاَّ يَجُرَّكَ الى القاضي، فيُسْلِمَكَ القاضي الى المُنَفِّذِ، والمُنفِّذُ يُلقيكَ في السِّجْن. |
59: | أَقولُ لكَ: إِنَّكَ لا تَخرُجُ مِن هُناكَ حتَّى تُؤَدِّيَ آخِرَ فَلْسٍ ((عليك))".
|
|
الفصل : 13 |
ضرورة التوبة
1: | وفي ذلكَ الوَقْتِ عَيْنِهِ، أَقبلَ قَومٌ وأَخبروهُ بأَمْرِ الجَليلِيِّينَ، الذّينَ مَزجَ بيلاطُسُ دمِاءَهم ((بدَمِ)) ذَبائِحِهم. |
2: | فأَجابَهم، قائلاً: "أَتَظُنُّونَ أَنَّ هؤُلاءِ الجَليلِيِّينَ، كانوا أَكثرَ إِثْمًا مِن سائِرِ الجَليلِيِّينَ، لِكَونِهم نُكِبوا بمِثْلِ ذلك؟ |
3: | أَقولُ لكم: لا؛ بَل إِنْ لم تَتُوبوا تَهْلِكوا جميعُكم كذلك. |
4: | أَوَتظُنُّونَ أَنَّ أُولئكَ الثَّمانيَةَ عَشَرَ، الذَّينَ سَقَطَ عَلَيهم بُرجُ سِلْوامَ وقَتَلَهم، كانوا أَكثَرَ دَيْنًا مِن جميعِ النَّاسِ، السَّاكِنينَ في أُورَشَليم؟ |
5: | أَقولُ لكم: لا؛ بل إِنْ لم تَتُوبوا تَهْلِكوا جميعُكم كذلك".
|
6: | وضَربَ أَيضًا هذا المَثَل: "كانَ لرُجلٍ تِينَةٌ مَغْروسةٌ في كَرمِهِ، فجاءَ يَطلُبُ فيها ثَمرًا فلم يَجِد. |
7: | فقالَ لِلكَرَّام: ها إِنَّ لي ثلاثَ سِنينَ آتي وأَطلبُ ثَمرًا على هذهِ التِّينَةِ، ولا أَجِدُ، فاقْطَعْها: فلِمَ تَعطِّلُ الأَرضَ أَيضًا؟ |
8: | فأَجابَهُ الكَرَّامُ، قائلاً: يا سيِّدي، دَعْها هذهِ السَّنَةَ أَيضًا، حتَّى أَعزِقَ حَولَها وأُلقيَ دَمالاً؛ |
9: | فإِنْ أَثمَرتْ في ما بَعد... وإِلاَّ فتَقْطَعُها".
|
شفاء امرأة حدباء يوم السبت |
10: | وكانَ يَسوعُ يُعَلِّمُ في أَحَدِ المَجامعِ يَومَ السَّبْت. |
11: | وكانَ هُناكَ امْرأَةٌ بها رُوحُ سَقَمٍ مُنذُ ثمانيَ عَشْرَةَ سَنة. وكانَتْ مُنحَنِيَةً، لا تَستَطيعُ البتَّةَ أَنْ تَنْتَصِب. |
12: | فلمَّا أَبصَرَها يَسوعُ، دَعاها وقالَ لَها: "يا امْرأَة، إِنَّكَ مُطْلقَةٌ مِنْ دائِكِ". |
13: | ثمَّ وضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْها، فانتَصَبَتْ في الحالِ، وجَعَلتْ تُمجِّدُ الله.
|
14: | بَيدَ أَنَّ رئيسَ المَجْمَعِ اغْتاظَ لأَنَّ يَسوعَ أَبرأَ في السَّبتِ، وقالَ لِلْجَمْع: "إِنَّ لكم سِتَّةَ أَيَّامٍ لِلْعَمَلِ، فَفيها تَأْتونَ وتَسْتَشْفونَ، لا في يَوْمِ السَّبت!" |
15: | فأَجابَهُ الرَّبُّ، وقال: "يا مُراءُون! أَليسَ كلُّ واحِدٍ مِنكم يحُلُّ في السَّبتِ، ثَورَهُ أَو حِمارَهُ منَ المِذْوَدِ، ويَنطلِقُ بهِ فيَسْقيه؟... |
16: | وهذِه ((الْمَرأَةُ))، ابنَةُ إِبراهيمَ، التَّي رَبَطَها الشَّيطانُ مُنذُ ثَماني عَشْرَةَ سَنةً، أَما كانَ يَنبغي أَنْ تُطْلَقَ مِنْ هذا الرِّباطِ، يَومَ السَّبت!" |
17: | ولمَّا قالَ هذا خَزِيَ جَميعُ مُقاوِميه؛ أَمَّا الجَمعُ كُلُّهُ فَفَرِحوا بجميعِ الخوارِقِ التي كانَتْ تَجْري على يَدِه.
|
حبة الخردل والخمير الصالح |
18: | وقالَ أَيضًا: "ماذا يُشْبِهُ مَلَكوتُ الله؟ وبِمَ أُشَبِّهُهُ؟ |
19: | إِنَّهُ يُشْبِهُ حَبَّةَ خَردَلٍ أَخَذَها إِنسانٌ وأَلقاها في بُستانِهِ، فَنَمَتْ وصَارَتْ شَجَرَةً، وعَشِّشَتْ طُيورُ السَّماءِ في أَغصانِها". |
20: | وقالَ أَيضًا: "بِمَ أُشَبِّهُ مَلَكوتَ الله؟ |
21: | إِنَّهُ يُشْبِهُ خَميرَةً أَخذَتْها امْرَأَةٌ وخَبَأَتْها في ثَلاثَةِ أَكيالٍ مِنَ الدَّقيقِ، حتَّى اخْتَمَرَ الجَميع".
|
مسئلة الخلاص |
22: | وكانَ يَجتازُ في المُدُنِ والقُرى، وهُرَ يُعَلِّمُ، قاصِدًا في طَريقِهِ الى أُورَشَليم. |
23: | فقالَ لهُ واحِد: "يا سَيِّدي، أَقَليليونَ الذينَ يَخلُصون؟" فقالَ لهم: |
24: | إِجْتَهِدوا أَنْ تَدخُلوا مِنَ البابِ الضَيِّق؛ فإِنَّي أَقولُ لكم: إِنَّ كثيرينَ سَيَطْلُبونَ أَنْ يَلِجُوا فلا يَسْتَطِيعون. |
25: | فمُذْ يَنهَضُ رَبُّ البيتِ، ويوصِدُ البابَ، فتُقيمونَ أَنتم في الخارِجِ تَقرَعونَ البابَ، وتَقُولون: يا ربُّ، افْتَحْ لنا! فيُجيبُكم، ويَقولُ: إِنِّي لا أَعرِفُ مِنْ أَينَ أَنتم، |
26: | تَأخُذونَ عِندئَذٍ تَقولون: إِنَّا أَكَلْنا وشَرِبنا أَمامَكَ، وعَلَّمتَ في ساحاتِنا؛ |
27: | فَيَقول: أَقولُ لكم: إِنِّي لا أَعرِفُ مِنْ أَينَ أَنتم؛ إِلَيْكم عَنّي يا جَميعَ فاعِلي الإِثْم! |
28: | هُناكَ يَكونُ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنانِ، عندَما تُبصِرونَ إِبراهيمُ وإِسحاقَ ويَعقوبَ، وجَميعَ الأَنبياءِ، في مَلَكوتِ اللهِ، وأَنتم مَنْبُوذونَ في الخارج. |
29: | وسَيَأتونَ مِنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، ومِنَ الشَّمالِ والجَنوبِ، ويَتَّكِئونَ في مَلكوتِ الله.
|
30: | "أَجَلْ، إِنَّ مِنَ الآخِرينَ مَنْ يَكونونَ أَوَّلينَ، ومِنَ الاوَّلينَ مَنْ يَكونونَ آخِرين".
|
هيرودس المراوغ، ومصير يسوع |
31: | وفي تلكَ السَّاعةِ تقدَّمَ اليهِ نَفَرٌ مِنَ الفَرِّيسيِّيِنَ، وقالوا لهُ: "انْطَلِقْ! إِذْهَبْ مِن ههُنا، فإِنَّ هيرودُسَ يُريدُ أَنْ يَقتُلَك". |
32: | فقالَ لهم: "إِذهَبوا، وقُولوا لهذا الثَّعلَب: ها أناذا أَطرُدُ الشَّياطينَ، وأُجري الأَشفِيَةَ، اليَومَ وغَدًا؛ وفي اليَومِ الثَّالثِ يَنْقَضي أَجَلي! |
33: | ولكِنْ، لا بُدَّ مِنْ أَنْ أُواصِلَ السَّيرَ اليَومَ وغَدًا وما بَعْدَهُ؛ إِذْ لا يَليقُ أَنْ يَهْلِكَ نَبيٌّ خارِجَ أُورَشَليم!..
|
34: | "يا أُورشَليمُ، يا أُورشَليمُ! يا قاتِلةَ الأَنبياءِ، وراجِمةَ المُرسَلينَ إِليها، كَمْ مَرَّةٍ أَردتُ أَنْ أَجمعَ بَنِيكِ كما تَجمعُ الدَّجاجةُ فِراخَها تحتَ جَناحَيْها..، ولم تُريدوا! |
35: | فهاهُوَذا بيتُكم يُترَكُ لكم! أَجَلْ، إِنِّي أَقولُ لكم: إِنَّكم لَنْ تَرَوْني حتَّى يَأْتيَ اليَومُ الذي تَقولونَ فيه: مُبارَكٌ الآتي باسمِ الربّ!".
|
|
الفصل : 14 |
شفاء مستسقٍ
1: | ودَخلَ يومَ السَّبتِ، بيتَ واحدٍ مِن أَعْيانِ الفرِّيسيِّينَ لِيَتناوَلَ فيهِ طَعامًا؛ وكانَ الذينَ هُناكَ يُراقِبونَه. |
2: | وكانَ أَمامَهُ إِنسانٌ بهِ اسْتِسْقاء. |
3: | فخاطبَ يَسوعُ عُلَماءَ النَّاموسِ والفرِّيسيِّينَ، وقال: "أَيَجوزُ الشِّفاءُ في السَّبتِ أم لا؟" |
4: | فلَزِموا الصَّمْت. فأَخذَ ((السَّقيمَ)) بيدِهِ وأَبرأَهُ وصَرَفَه. |
5: | ثمَّ قالَ لهم: "مَنْ منكم إِذا ما سقَطَ ابنُهُ أَو ثَورُهُ في بِئرٍ، لا يَنتشِلُهُ مِنها في الحالِ، يَومَ السَّبت؟" |
6: | فلم يَستَطيعوا أَنْ يُجيبوهُ بشيءٍ عَن هذا.
|
درس في التواضع والمحبة |
7: | ثُمَّ ضَرَبَ مَثَلاً لِلمَدعُوِّينَ، وقد رَآهم يَتَخيَّرونَ لأَنْفُسِهمِ المُتَّكآتِ الأُولى، فقالَ لهم: |
8: | "إِذا دُعيتَ الى وَليمةِ عُرْسٍ فلا تَتَّكِئْ في المحَلِّ الأَوَّلِ، فقد يكونُ قد دُعيَ اليه مَنْ هُوَ أَكرَمُ منكَ مَنْزِلَة. |
9: | فَيَأْتي الذي دَعاكَ وإِيَّاهُ، ويَقولُ لكَ: أَخْلِ المَوضِعَ لهذا؛ فتُضظَرُّ عِندَئذٍ أَنْ تَأْخُذَ لكَ المَحلَّ الأَخيرَ، وأَنتَ خجِل. |
10: | ولكِنْ، إِذا دُعيتَ فَامضِ وخُذْ لكَ المَوضِعَ الأَخيرَ، حتَّى إِذا جاءَ الذي دَعاكَ، يقولُ لكَ: ارتفِعْ أَيُّها الصَّديقُ الى ما فَوق. فتَعظُمُ عندئذٍ شَأْنًا عندَ جميعِ المُتَّكئينَ مَعَك. |
11: | لأَنَّ كُلَّ مَنْ رَفعَ نَفسَهُ يُوضَعُ، ومَنْ وَضعَ نفسَهُ يُرفَع".
|
12: | ثمَّ قالَ للذَّي دَعاه: "إِذا صَنعتَ غَداءً أَو عَشاءً فلا تَدْعُ أَخِلاَّءَكَ، ولا إِخوانَكَ، ولا أَقْرِباءَكَ، ولا الجِيرانَ الأَغنياءَ، مَخافَةَ أَنْ يَدعوكَ هم أَيضًا فتَقومَ بذلكَ مُكافأَتُك. |
13: | ولكنِ ادْعُ، إِذا صَنعتَ مَأْدُبةً، المَساكينَ، والجُدْعَ، والعُرجَ والعُميان؛ |
14: | فتكونَ عِندئذٍ سَعيدًا، إِذْ ليسَ لهم ما يُكافئونَكَ بهِ! وتكونَ مكافأَتُكَ في قيامةِ الصِّدِّيقين.
|
موقف الناس من الدعوة الى الملكوت |
15: | وإِذْ سَمِعَ أَحَدُ المُتَّكِئينَ ذلك، قال: "طُوبى لِمَنْ لهُ نَصيبٌ في وَليمةِ مَلكوتِ الله!" |
16: | فقالَ لهُ ((يَسوع)): "إِنسانٌ أَقامَ عَشاءً عَظيمًا، ودَعا إِليهِ كَثيرين. |
17: | وفي ساعَةِ العَشاءِ أَرْسَلَ غُلامَهُ يَقولُ لِلمَدعُوِّين: هَلُمُّوا؛ إِنَّ كُلَّ شَيءٍ مُعَدّ. |
18: | فطَفِقوا جَميعُهم يَعْتذِرونَ على نَمَطٍ واحد: فقالَ لهُ الأَوَّل: قَدِ اشتَرَيْتُ أَرضًا ولا بُدَّ لي أَنْ أَذهبَ فأَراها؛ فأَرجُو مِنكَ أَنْ تَعذِرَني. |
19: | وقالَ الآخَر: قدِ اشْترَيتُ خَمسةَ فَدادينِ بقَرٍ، وها أَنا ماضٍ لأُجرِّبَها؛ فأَرجُو منكَ أَنْ تَعذِرَني. |
20: | وقالَ الآخَر: قد تَزوَّجتُ امرأَةً، ومِن ثَمَّ فلا أَقدِرُ أَنْ أَجيء.
|
21: | "فرَجَعَ الغُلامُ وأَخبَرَ سَيِّدَهُ بذلك. فغَضِبَ رَبُّ البَيتِ، وقالَ لِغُلامِهِ: اخْرُجْ سَريعًا الى السَّاحاتِ وشَوارِعِ المَدينَةِ، وَأْتِ الى ههنا بالمَساكينِ والجُدْعِ والعُميانِ والعُرْج... |
22: | وقالَ الغُلام: سَيِّدي، لَقَد قُضِيَ ما أَمرْتَ بهِ، وبَقِيَ مَوْضِع. |
23: | فقالَ السَّيِّدُ للغُلامِ: اخْرُجْ الى الطُّرُقِ وما حَوْلَ السيِّاجاتِ، واضطَرَّ النَّاسَ الى الدُّخُولِ حتَّى يَمتَلِئَ بَيتي. |
24: | فإِنَّي أقولُ لكم: إِنَّهُ لَنْ يَذوقَ عَشائي أَحدٌ مِن أُولئكَ المَدعُوِّين".
|
ضرورة التجرُّد |
25: | وكانَ جُموعٌ كَثيرونَ يُواكِبونَه؛ فالتَفَتَ وقالَ لهم: |
26: | "إِنْ كانَ أَحَدٌ يَأْتي إِليَّ ولا يُبغِضُ أَباهُ وأُمَّهُ وامْرَأَتَهُ، وبَنيهِ وإِخْوَتَهُ وأَخَواتِهِ، بل نَفْسَهٌ أَيضًا، فلا يَسْتَطيعُ أَنْ يكونَ لي تِلميذًا. |
27: | ومَنْ لا يَحمِلْ صَليبَهُ ويَتْبَعْني، فلا يَستَطيعُ أَنْ يكونَ لي تِلميذًا.
|
28: | "مَنْ مِنكم يُريدُ أَنْ يَبنيَ بُرْجًا، ولا يَجلِسُ أَوَّلاً ويَحسُبُ النَّفَقَةَ، ويَرى هَلْ عِنْدَهُ ما يُنجِزُهُ بهِ، |
29: | خَشْيَةَ أَنْ يَضَعَ الأَساسَ ثمَّ يَعْجِزَ عَنِ الإِتْمامِ، فيَأخُذُ جَميعُ النَّاظِرينَ يَسْخَرونَ منهُ، |
30: | قائِلين: هُوَذا رَجُلٌ قد شَرَعَ في بِناءٍ ولم يَسْتَطِعْ أَنْ يُنْجِزَه! - |
31: | أَو أَيُّ مَلِكٍ يَخرُجُ ليُحارِبَ مَلِكًا آخَرَ، ولا يَجلِسُ مِن قَبْلُ، ويُشاوِرُ نَفْسَهُ هَل يَقْدِرُ أَنْ يُلاقيَ بعَشَرةِ آلافٍ، مَنْ يَأتي علَيْهِ بعِشْرينَ أَلفًا؟ |
32: | وإِلاَّ فَيُوفِدُ إِليهِ سِفارةً، وهُوَ بعدُ بَعيدٌ، ويَلْتمِسُ ما هُوَ مِن أَمْرِ الصُّلح. |
33: | فكذلكَ، كلُّ واحدٍ مِنكم، إِنْ لم يَزهَدْ في جَميعِ أَموالِهِ، لا يَستطيعُ أَنْ يكونَ لي تِلميذًا. |
34: | إِنَّ المِلحَ لَشيءٌ جيِّد؛ ولكِنْ، إِذا فسَدَ المِلحُ فبِمَ تُرَدُّ إِليهِ المُلوحة؟ |
35: | إِنَّهُ لا يَصلُحُ للأَرضِ ولا لِلمِزْبَلة؛ إِنَّما يُطْرَحُ بِهِ خارجًا... مَنْ لهُ أُذُنانِ للسَّماعِ فَلْيسمَع!".
|
|
الفصل : 15 |
رحمة الله للخطأة: مثل الخروف الضال
1: | على أَنَّ العَشَّارينَ والخَطَأةَ جَميعًا كانوا يُقبِلونَ إِليهِ لِيَسمَعوهُ، |
2: | والفرِّيسيِّينَ والكَتبةَ يَتذمَّرونَ، قائِلين: "إِنَّ هذا ((الرَّجُلَ)) يَقْبَلُ الخَطَأَةَ، ويَأْكلُ مَعهم!" |
3: | فخاطبَهم بهذا المَثلِ، قائلاً:
|
4: | "أَيُّ إِنسانٍ منكم لهُ مِئةُ خَروفٍ فأَضاعَ واحدًا منها، لا يَترُكُ التِّسعةَ والتِّسعينَ الأُخرى في البَرِّيَّةِ، ويَمْضي في طَلبِ الضالِّ حتَّى يَجدَه؟ |
5: | وإِذا وجَدَهُ يحمِلُهُ على مَنكِبَيْهِ فَرِحًا، |
6: | ويَعودُ الى بَيْتِه ويَدعو الأَصدِقاءَ والجِيرانَ، ويَقولُ لهم: إِفرَحوا مَعي، فإِنِّي قد وَجَدتُ خَروفيَ الضَّالّ. |
7: | فأَقولُ لكم: هكذا في السَّماءِ، يكونُ فَرحٌ بخاطِئٍ يَتوبُ، أَكثرُ مِمَّا يكونُ بتِسعةٍ وتِسعينَ صِدِّيقًا، لا يَحتاجونَ الى تَوبة.
|
الدرهم المفقود |
8: | "أَم أَيُّةُ امْرأَةٍ يكونُ لها عَشرَةُ دَراهمَ فأَضاعَتْ منها دِرْهَمًا، لا تُوقِدُ سِراجًا وتَكْنِسُ البَيتَ، وتَطْلبُهُ في اهْتمامٍ حتَّى تَجِدَهُ؟ |
9: | وإِذا ما وَجدَتْهُ تَدعو الصَّديقاتِ والجارَاتِ، وتقولُ لهُنَّ: افْرحْنَ مَعي فإِنِّي قد وَجدْتُ الدِّرهَمَ الذي أَضَعْت. |
10: | فأَقولُ لكم: إِنَّهُ هكذا يكونُ الفَرحُ، عِندَ ملائكةِ اللهِ، بخاطئٍ يتوب".
|
الابن الشاطر |
11: | وقالَ أَيضًا: "كانَ لِرَجُلٍ ابْنان؛ |
12: | فقالَ أَصغَرُهما لأَبيه: يا أَبتِ، أَعطِني حِصَّتي مِنَ الثَّرْوة؛ فقَسَمَ لهما ما لَه. |
13: | وبَعدَ أَيَّامٍ قَليلةٍ، جَمعَ الابنُ الأَصْغَرُ كلَّ شَيءٍ لَهُ وقَصَدَ الى بَلدٍ بعيدٍ، وأَتْلفَ هُناكَ مالَهُ، عائشًا في التَّبْذير.
|
14: | "ولمَّا أَنْفقَ كلَّ شَيءٍ، نَشِبَتْ في ذلكَ البَلدِ مَجاعَةٌ شَديدةٌ. فأَخذَ يُحِسُّ بالفاقَة. |
15: | فمضى والْتحقَ بواحِدٍ مِن أَهْلِ ذلكَ البَلدِ، فأَرْسلَهُ الى حُقولِهِ يَرعى الخَنازير. |
16: | وكانَ يَشتَهي أَنْ يَملأَ بَطنَهُ مِنَ الخُرنوبِ الذَّي كانتِ الخَنازيرُ تَأْكُلُه؛ ولم يُعطِهِ أَحد! |
17: | فَرجَعَ الى نَفسِهِ، وقال: كَم مِن أَجيرٍ لأَبي يَفضُلُ عنهُ الخُبز! وأَنا ههُنا أَهْلِكُ جُوعًا! |
18: | أَقومُ وأَمضي الى أَبي، وأَقولُ لَه: يا أَبتِ، قد خَطِئْتُ الى السَّماءِ وإِلَيك؛ |
19: | ولَستُ بَعدُ مُسَحِقًّا أَنْ أُدعى لكَ ابْنًا. فاجْعَلْني كواحِدٍ مٍن أُجَرائِك. |
20: | ونَهضَ ومَضى الى أَبيه. وإِذْ كانَ بَعدُ بَعيدًا، أَبْصرَهُ أَبوهُ، فتَحرَّكَتْ أَحْشاؤُهُ، وبادَرَ إِليهِ، وأَلْقى بنَفْسِهِ على عُنُقِهِ وَقبَّلَهُ ((طويلاً)). |
21: | فقالَ لَهُ الابن: يا أَبتاهْ، قد خَطِئْتُ الى السَّماءِ وإِلَيك؛ ولا أَستَحقُّ بَعدُ أَنْ أُدعى لكَ ابنًا... |
22: | فقالَ الأَبُ لِغِلمانِه: هَلُمُّوا سَريعًا بأَفْخَرِ حُلَّةٍ، وأَلْبِسوه؛ وضَعُوا في يَدِهِ خاتَمًا، وفي رِجْلَيْهِ حِذاءً. |
23: | وَأْتوا بالعِجْلِ المُسَمَّنِ، واذْبحوه؛ وَلْنأْكُلْ ونَفرَحْ، |
24: | لأَنَّ ابْني هذا كانَ مَيْتًا فَعاشَ، وكانَ ضالاًّ فوُجِد! وطَفِقوا يَفرَحون.
|
25: | "وكانَ ابنُهُ الأَكبرُ في الحَقل. فلمَّا رجَعَ واقتَربَ مِنَ البَيتِ، سَمِعَ أَصواتَ الغِناءِ والرَّقص. |
26: | فدعا أَحدَ الغِلمانِ وسأَلَهُ: ما عَسى أَنْ يَكونَ هذا؟ |
27: | فقالَ لَهُ: إِنَّ أَخوكَ قد قَدِمَ، فَذَبحَ أَبوكَ العِجلَ المُسمَّنَ لأَنَّهُ لَقيَهُ سالِمًا. |
28: | فغَضِبَ وأّبى أَنْ يَدخُلَ. فخَرجَ أَبوهُ وأَخذَ يَدعُوه. |
29: | فأَجابَ، وقالَ لأَبيه: كم لي مِنَ السِّنينَ في خِدمتِكَ، ولم أَتعدَّ قطُّ أَمرًا مِن أَوامرِكَ، وأَنتَ لم تُعطِني قطُّ جَدْيًا لأَتنعَّمَ معَ أَصدقِائي. |
30: | ولمَّا رجَعَ ابْنُكَ هذا، الذّي أَكلَ مالَكَ معَ البَغايا، ذَبَحْتَ لهُ العِجلَ المُسمَّن! |
31: | فقالَ لهُ: يا ابْني، أَنتَ مَعي في كلِّ حينٍ، وجَميعُ ما لي هُوَ لكَ. |
32: | ولكِنْ، كانَ لا بُدَّ أَنْ نَتَنعَّمَ ونَفرحَ، لأَنَّ أَخاكَ هذا كانَ مَيْتًا فَعاشَ، وكانَ ضالاًّ فوُجِد".
|
|
الفصل : 16 |
القيم الخائن
1: | وقالَ أَيضًا لِتلاميذِه: "كانَ لِرَجلٍ ثَريٍّ وَكيلٌ، فوُشيَ بهِ إِليهِ، بأَنَّهُ يُبذِّرُ أَموالَه. |
2: | فدعاهُ، وقالَ لَهُ: ماذا أَسمَعُ عَنكَ؟ أَدِّ حِسابَ وَكالَتِكَ، إِذْ لا يُمكنُ أَنْ تكونَ لي بَعدُ وَكيلاً. |
3: | فقالَ الوَكيلُ في نَفسِه: ماذا أَفعلُ، وَسَيِّدي يَخلَعُني عَنِ الوَكالَة؟ فإِنِّي لا أَقوى على نَقْبِ الأَرضِ، وأَخْجَلُ مِنَ الاسْتِعْطاء... |
4: | قد عَلِمتُ ماذا أَفعلُ، حتَّى إِذا خُلِعتُ عَن الوِكالَةِ أَجِدُ مَنْ يَقبَلُني في بَيتِه... |
5: | فاسْتَدْعى غُرمَاءَ سيِّدِهِ واحِدًا فَوَاحِدًا، وقالَ لِلأَوَّلِ منهم: كَم عَليكَ لِسَيِّدي؟ |
6: | قال: مِئةُ بَثٍّ مِنَ الزَّيت. فقالَ لهُ: خُذْ صَكَّكَ، واجلِسْ سَريعًا واكتُبْ خَمسين. |
7: | ثمَّ قالَ للآخَر: وأَنتَ، كم لهُ عَليكَ؟ قال: مِئةُ كُرٍّ مِنَ الحِنطَة. فقالَ لهُ: خُذْ صَكَّكَ واكْتُبْ ثمانين. - |
8: | فامْتَدحَ السيِّدُ وكيلَهُ الغيرَ الأَمينِ، لكَونِهِ تَصرَّفَ في حِكمة.
"إِنَّ أَبناءَ هذا العالمِ لأَحْكَمُ، في ما بَينَهُم، مِن أَبناءِ النُّور!.. |
9: | وأَنا أَيضًا أَقولُ لَكم: إِصْطَنِعُوا لكم أَصدقاءَ بالمالِ الظُلْمِ، حتَّى إِذا نَفِذَ يَقبَلونَكم في المَظالِّ الأَبَديَّة. |
10: | إِنَّ الأَمينَ في القليلِ أَمينٌ في الكثيرِ أَيضًا؛ والظالمَ في القليلِ ظالمٌ في الكثيرِ أَيضًا. |
11: | فإِنْ كُنتم غيرَ أُمَناءَ في المالِ الظُلْمِ، فمَنْ يَأتَمِنُكم على الخَيرِ الحَقيقيّ؟ |
12: | وإِنْ كنتُم غيرَ أُمناءَ في ما ليسَ لكم، فمَنْ يُعطيكم ما هو لكم! |
13: | ما مِنْ خادِمٍ يَستطيعُ أَنْ يَخدُمَ سَيِّدَيْن: فإِمَّا يُبغِضٌ الواحِدَ ويُحِبُّ الآخَرَ، أَو يَلزَمُ الواحدَ ويرذُلُ الآخَر. لا يُمكنُكم أَنْ تَعبُدوا اللهَ والمال".
|
14: | وكانَ الفرِّيسيُّونَ، أَصدقاءُ المالِ، يَسمعونَ هذا كلَّهُ، ويَستَهْزِئُونَ بِه. |
15: | فقالَ لهم: "أَنتم تُوهِمونَ النَّاسَ أَنَّكم صِدِّيقون؛ لكِنَّ اللهَ عالمٌ بقُلوبِكم؛ فإِنَّ الرَّفيعَ عندَ النَّاسِ رِجْسٌ عندَ الله. |
16: | لَقد بَقيَ النَّاموسُ والأُنبياءُ الى يوحنَّا؛ ومُنذُئذٍ يُبَشَّرُ بمَلكوتِ اللهِ، وكلٌّ يَجنَهدُ في الوُلوجِ إِليه. |
17: | بَيدَ أَنَّ زَوالَ السَّماءِ والأَرضِ، أَسهَلُ مِن أَنْ يَسقُطَ خَطٌّ واحِدٌ منَ النَّاموس: |
18: | فكلُّ مَنْ طلَّقَ امرأَتَهُ وتَزوَّجَ أُخرى فقد زَنى؛ ومَنْ تَزوَّجَ امْرأَةً طلَّقَها رجُلُها فقد زَنى".
|
الغني ولعازر |
19: | "وكانَ رجُلٌ غَنيٌّ يلبَسُ الأُرجُوانَ والبَزَّ، ويَتنعَّمُ كلَّ يَومٍ بأَفخرِ المآكِل. |
20: | وكانَ مِسْكِينٌ، اسمُهُ لَعازَرُ، مَطْروحٌ عِنْدَ بابِهِ، مَضْروب بالقُروحِ، |
21: | يَشْتَهي أَنْ يَشبَعَ مِنَ الفُتاتِ السَّاقِطِ مِن مائِدةِ الغنيّ... بَلْ كانَتِ الكِلابُ أَيضًا، عندَ اجْتِيازِها، تَلْحَسُ قُروحَه.
|
22: | "وماتَ المِسْكينُ فنَقَلَتْهُ الملائِكةُ الى أَحْضانِ إِبراهيم. وماتَ الغنيُّ أَيضًا، ودُفِن. |
23: | فَرَفَعَ عَينَيْهِ وهُوَ في العذَابِ، في مَقَرِّ الأَمْواتِ، فرأَى إِبراهيمَ مِن بَعيدٍ، ولَعازرَ في أَحْضانِه. |
24: | فنادى، قائلاً: يا أَبتاهْ إِبراهيم، إِرْحَمْني وابْعثْ لَعازرَ ليَغْمِسَ في الماءِ طَرَفَ إِصْبَعِهِ، ويُبرِّدَ لِساني، لأَنِّي مُعَذَّبٌ في هذا اللَّهيب. |
25: | فقالَ إِبراهيم: تذكَّرْ، يا ابْني، أَنَّكَ نِلْتَ خَيراتِكَ في حَياتِكَ، ولَعازَرَ أَيضًا بلاياه؛ فهُوَ الآنَ ههُنا يَتعزَّى، وأَنتَ ((هُناكَ)) تَتَعذَّب. |
26: | وفَوقَ هذا كلِّهِ، فَبَيْنَنا وبَيْنَكم هُوَّةٌ عظيمةٌ ثابِتَةٌ، حتَّى إِنَّ الذينَ يُريدونَ أَنْ يَجْتازوا مِن هُنا إِلَيكم لا يَسْتَطيعونَ، ولا الذينَ هُناكَ أَنْ يَعْبُروا إِلَينا.
|
27: | "فَقال: أَتَضرَّعُ إِلَيكَ إِذَنْ، يا أَبتاهْ، أَنْ تُرْسِلَ ((لَعازرَ)) الى بَيْتِ أَبي، - |
28: | فإِنَّ لي خَمْسةَ إِخْوة - فيَشهدَ لَهم، لكي لا يَأْتُوا، هُم أَيضًا، الى مَوْضِعِ العَذَابِ هذا. |
29: | فَقالَ إِبراهيم: عندَهم مُوسى والأَنبياءُ، فَلْيَسْمعوا مِنْهم. |
30: | قال: لا، يا أَبتاهْ إِبراهيم، بل إِذا مَضى إِليهم واحِدٌ منَ الأَمْواتِ يَتوبون. |
31: | فقالَ لَهُ: بما أَنَّهم لا يَسمْعونَ مِن مُوسى ولا مِنَ الأَنْبياءِ، فإِنَّهم، وإِنْ قامَ واحِدٌ مِنَ الأَمْواتِ، لا يَقْتَنِعون".
|
|
الفصل : 17 |
المعثرة والاصلاح الاخوي
1: | ثمَّ قالَ ((يَسوعُ)) لتَلاميذِه: "لا بُدَّ أَنْ تَقعَ المَعاثِر؛ ولكنِ، الْوَيْلُ لمَنْ تَقَعُ عَنْ يَدِه! |
2: | إِنَّهُ لَخيرٌ لهُ أَنْ يُعلِّقَ في عُنُقِهِ حَجَرُ رَحًى، ويُزَجَّ في البَحرِ، من أَنْ يُعثِّرَ أَحدَ هؤُلاءِ الصِّغار. |
3: | فاحْذَروا إِذَنْ!
"إِن خَطِئَ أَخوكَ فلُمْهُ، وإِنْ تابَ فاغْفِرْ لَهُ. |
4: | وإِنْ خَطئَ اليكَ سَبعَ مَرَّاتٍ في اليَومِ، ورَجَعَ إِليكَ سَبعَ مرَّاتٍ، قائلاً: أَنا تائِبٌ، فاغْفِرْ لَه". |
5: | وقالَ الرُسلُ لِلرَّبّ: "زِدْنا إِيمانًا". |
6: | فقالَ الرَّبّ: "لو كانَ لكم مِنَ الإِيمانِ مِثلُ حَبَّةِ خَردَل، لَكنتم تقولونَ لهذهِ التُّوتَةِ: انْقَلِعي، وانْغَرِسي في البَحرِ، فتُطيعُكم!
|
واجب الخدمة والشكر |
7: | "مَنْ مِنكم يكونُ لَهُ عَبدٌ يَحرُثُ أَو يَرْعى، وَيَقولُ لهُ، عِندَ عَودِتِه منَ الحَقْل: هَلُمَّ سلايعًا، واتَّكِئْ؟ |
8: | أَفلا يَقولُ لَهُ بالحَريّ: أَعْدِدْ لي ما أَتَعشَّى، وتَنَطَّقْ واخْدُمْني رَيْثما آكلُ وأَشْرَب؛ وبعدئَذٍ تَأكلُ أَنتَ وتَشْرَب؟ |
9: | أَوَعليهِ، تُرى، أَنْ يَشكُرَ ذلكَ العَبدَ لكونِهِ قَدْ فَعَلَ ما أُمِرَ بِه؟ |
10: | فأَنْتم كذلكَ، إِذا فعَلْتُم جَميعَ ما أُمِرْتُم بهِ، فَقُولوا: نَحنُ عَبيدٌ بطَّالون؛ لقد فَعَلْنا ما كانَ يَجبُ عَلَينا أَنْ نَفْعَل".
|
11: | وفيما هو شاخِصٌ الى أُورَشَليم، جازَ ما بينَ السَّامِرَةِ والجَليل. |
12: | وفيما هو يدخُلُ إِحْدى القُرى، اسْتَقْبلَهُ عَشَرةُ رجالٍ بُرْصٍ، وأَقاموا بَعيدًا، |
13: | ورَفَعوا أَصْواتَهم، قائلين: "يا يَسوعُ المعلِّمُ، ارْحَمْنا!" |
14: | فلمَّا أَبْصَرَهم، قالَ لهم: "إِمْضوا فأَرُوا الكَهَنةَ أَنفُسَكم". وفيما هم مُنْطَلِقونَ طَهُروا. |
15: | وإِذْ رَأَى أَحدُهم أَنَّهُ قد شُفيَ، رَجَعَ يُمجِّدُ اللهَ بِصوْتٍ جهير. |
16: | وخَرَّ على وَجْهِهِ عِندَ قدَميْ ((يَسوعَ)) شاكرًا لَه؛ وكانَ سامِريًّا. |
17: | فأَجابَ يسوعُ، وقال: "أَفليسَ العشَرةُ قد شُفُوا؟ فأَينَ التِّسْعَةُ ((الآخَرون))؟ |
18: | أَوَلم يُوجَدْ مَنْ يَرجِعُ ليُمجِّدَ اللهَ، إِلاَّ هذا الغريب؟!" |
19: | ثمَّ قالَ لَهُ: "انْهَضْ، وامضِ؛ إِنَّ إِيمانَكَ قد خَلَّصَك".
|
يوم ابن البشر |
20: | وسأَلهُ الفَرِّيسيُّونَ: "متى يَأْتي مَلكوتُ الله؟" فَأَجابَهم، وقَال: "إِنَّ ملكوتَ اللهِ لا يَجيءُ بِوَجْهٍ مَنْظور؛ |
21: | ولَنْ يُقالَ: هُوَ هُنا، أَو: هُوَ هُناكَ! فها إِنَّ مَلكوتَ اللهِ في داخلِكم".
|
22: | وقَالَ أَيضًا لِتَلاميذِه: "ستَأْتي أَيَّامٌ تَشْتَهونَ فيها أَنْ تَرَوْا ولَو يَومًا واحدًا مِن أَيَّامِ ابنِ البَشَرِ، ولا ترَوْن. |
23: | وسيُقالُ لكم: ها هُوَ هُناكَ! ها هُوَ هُنا! فلا تَذْهَبوا؛ ولا تَسْعَوْا. |
24: | فكما أَنَّ البَرقَ المُنْبَثِقَ في طَرَفٍ مِنَ السَّماءِ، يَلْمعُ في الطَّرفِ الآخَرِ مِنَ السَّماءِ، كذلكَ يكونُ مِن أَمْرِ ابنِ البَشرِ في يَوْمِه. |
25: | ولكِنْ، لا بُدَّ لَهُ من قَبْلُ، أَنْ يَتَعذَّبَ كثيرًا، وأَنْ يَرذُلَهُ هذا الجيل.
|
26: | "وكما كانَ في أَيَّامِ نُوحٍ، كذلكَ يكونُ أَيضًا في أَيَّامِ ابنِ البَشَر. |
27: | كانَ النَّاسُ يَأْكُلونَ ويَشربونَ، ويَتَزَوَّجونَ ويُزَوِّجونَ، الى يَومَ دَخلَ نُوحٌ التَّابوت؛ فجاءَ الطُّوفانُ وذَهَبَ بِهم جَميعًا. |
28: | وعلى مِثْلِ ما كانَ في أَيَّامِ لُوط: فإِنَّ الناسَ كانُوا يَأْكلونَ ويَشْربونَ، يَشْتَرونَ ويَبيعون، ويَغْرِسونَ ويَبْنون؛ |
29: | وفي اليَومِ الذي خَرجَ فيهِ لُوطٌ مِن سَدومَ، أَمْطرَ اللهُ من السَّماءِ، نارًا وكِبْريتًا وأَهْلَكَ الجميع. |
30: | كذلكَ يكونُ في اليَومِ الذَّي يَظهرُ فيهِ ابنُ البَشر. |
31: | فَمَنْ كانَ، في ذلك اليَومِ، على السَّطْحِ وأَمْتِعتُهُ في البَيْتِ، فلا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَها. وكذلكَ مَنْ كانَ في الحَقْلِ فلا يَرْجِعْ الى الوَراء. |
32: | تَذَكَّروا امرأَةَ لُوط! |
33: | فمَنْ طَلَبَ أَنْ يُخلِّصَ نَفسَهُ، يُهلِكُها؛ ومَنْ أَهْلَكَها يَحفظُها. |
34: | أَقولُ لكم: إِنَّهُ، في تِلكَ اللَّيلةِ، يكونُ اثْنانِ في الفِراشِ عَيْنِهِ، فيُؤْخذُ الواحدُ ويُتْرَكُ الآخَر. |
35: | وامرأَتانِ تَطْحَنانِ معًا، فتُؤْخذُ الواحِدةُ وتُتركُ الأُخرى. |
36: | ويكون اثنانِ في الحقلِ فيؤخَذُ الواحدُ ويُتْرَكُ الآخرَ". |
37: | فَأَجابوا، وقالُوا لَهُ: "أَينَ، يا ربّ؟" فقالَ لهم: حَيثُ تكونُ الجُثَّةُ، فهُناكَ تَجْتَمِعُ النُّسور".
|
|
الفصل : 18 |
الله ينصف مختاريه
1: | وَضَربَ لَهم مَثلاً في أَنَّهُ يَنْبغي أَنْ يُصلُّوا في كلِّ حينٍ، ولا يَقْنَطوا. |
2: | قال: "كانَ في مَدينةٍ قاضٍ، لا يَتَّقي اللهَ، ولا يَرْعى للنَّاسِ حُرْمَة. |
3: | وكانَ في تلكَ المدينةِ أَرْمَلةٌ تَأْتي إِليه، قائلةً: أَنْصِفْني مِن خَصْمي: |
4: | فامْتَنعَ زَمانًا طَوِيلاً؛ ثُمَّ قالَ في نفسِه: إِنِّي وإِنْ كُنتُ لا أَتَّقي اللهَ، ولا أَرعى للنَّاسِ حُرمَة. |
5: | أُنْصِفُ هذهِ المرأَةَ بما أَنَّها تُبْرِمُني؛ لئلاَّ تَعودَ، على غيرِ نِهايةٍ، وتُوجعَ رَأْسي". |
6: | ثمَّ قالَ الرَّبّ: "إِسْمَعوا ما يَقولُ القاضي الجائِر! - |
7: | واللهُ، تُرى أَفلا يُنصِفُ مُختاريهِ، الذَّينَ يَصرُخونَ اليهِ نَهارًا وليلاً؟ وهل يَتَوانى عَنْهم؟ |
8: | أَقولُ لكم: إِنَّهُ يُنصِفُهم سَريعًا. - ولكِنْ، متى جاءَ ابنُ البَشرِ فهَل يَجدُ الإِيمانَ على الأَرض؟!"
|
الفريسي والعشار |
9: | وضربَ أَيضًا هذا المَثلَ لِقَومٍ يَثِقونَ من أَنْفُسِهم بأَنَّهم صِذِّيقونَ، ويحتقرونَ الآخَرين: |
10: | "رجلانِ صَعِدا الى الهيكلِ ليُصَلِّيا، أَحدُهما فَرِّيسيٌّ والآخَرُ عَشَّار. |
11: | أَمَّا الفَرِّيسيُّ، فانتصَبَ يُصلِّي في نَفْسِه هكذا: اللَّهمَّ، إِنِّي أَشكُرُكَ، لأَنِّي لَستُ كسائرِ النَّاسِ، الخَطَفَةِ الظَّلمَةِ الفاسِقين؛ ولا مِثلَ هذا العَشَّار. |
12: | فإِنِّي أَصومُ مَرَّتَيْنِ في الأُسْبوعِ، وأُؤَدِّي العُشْرَ عَن جَميعِ ما أَقْتَني...
|
13: | وأَمَّا العشَّارُ فأَقامَ بَعيدًا، ولَم يَجْرُؤْ أَنْ يرفَعَ ناظِرَيْهِ الى السَّماءِ، بل كانَ يَقْرَعُ صَدرَهُ، قائلاً: اللَّهمَّ، اغْفِرْ لي، أَنا الخاطِئ-. |
14: | أَقولُ لكم: إِنَّ هذا الأَخيرَ نزَلَ الى بيتِهِ مُبرَّرًا دونَ ذاك؛ لأَنَّ كلَّ مَنْ يَرفَعُ نفسَهُ يُوضَعُ، ومَنْ يَضَعُ نفسَهُ يُرفَع".
|
15: | وقَدَّموا إِليهِ الأَوْلادَ الصِّغارَ أَيضًا ليَلْمُسَهم؛ فَلمَّا رَأَى التَّلاميذُ ذلِكَ جَعَلوا يَزْجُرونَ ((مُقدِّميهم)). |
16: | فَناداهم يَسوعُ، قائِلاً: "دَعُوا الأَوْلادَ يَأْتونَ اليَّ، لا تَمْنَعوهم؛ فإِنَّ لِمِثْلِ هؤُلاءِ مَلكوتَ الله. |
17: | أَلحقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ مَنْ لا يَقْبلُ مَلكوتَ اللهِ كَوَلَدٍ، فلَنْ يدخُلَه".
|
الفقر الاختياري وخطر الغنى |
18: | وسأَلهُ وَجيهٌ، قائلاً: "أَيُّها المعلِّمُ الصَّالِحُ، ماذا عليَّ أَنْ أَعمَلَ لأَرِثَ الحياةَ الأَبديَّة؟" |
19: | فَقالَ لَهُ يَسوع: "لِمَ تَدْعوني صالِحًا؟ ليسَ من صَالحٍ إِلاَّ اللهَ وحدَه. |
20: | إِنَّكَ تَعْرفُ الوصايا: لا تَزْنِ، لا تَقْتُلْ، لا تَسْرِقْ، لا تَشهَدْ بالزُّورِ، أَكرِمْ أَباكَ وأُمَّك". |
21: | فقالَ: "كلُّ هذا قد حفِظتُهُ مُنذُ الصِّبا!" |
22: | فلمَّا سَمعَ يَسوعُ، قالَ لَهُ: "يُعْوِزُكَ بَعدُ شَيءٌ: بِعْ كُلَّ ما لَكَ، وَوزِّعْهُ على المساكين، فيكونَ لكَ كَنزٌ في السَّماء؛ ثمَّ تَعالَ وَاتْبَعْني". |
23: | فلمَّا سَمِعَ ذلِك أَخذهُ غَمٌ شديدٌ، لأَنَّهُ كانَ غنيًّا جدًّا.
|
24: | وإِذْ رآهُ يسوعُ ((قد انقَبضَ حُزنًا))، قالَ: "ما أَعسرَ على ذَوي الأَمْوالِ أَنْ يَدخُلوا ملكوتَ الله! |
25: | إِنَّهُ لأَسْهلُ أَنْ يَمُرَّ جَمَلٌ في ثَقْبِ إِبْرةٍ، مِن أَنْ يدخُلَ غنيٌّ مَلكوتَ الله". |
26: | فقالَ السَّامعونَ: "فمَنْ يستطيعُ إِذنْ أَنْ يخلُص!" |
27: | فقالَ: "ما لا يَسْتَطيعُهُ النَّاسُ مُسْتَطاعٌ عِندَ الله". |
28: | فقالَ بُطْرس: "ها نَحنُ قد تَرَكْنا كلَّ ما لَنا وتَبِعْناكَ!" |
29: | فقالَ لهم: "أَلحقَّ أَقولُ لكم: إِنَّهُ ما مِن أَحدٍ تَركَ بَيتًا، أَو امرأَةً أَو إِخْوَةً أَو والدَيْنِ أَو بَنينَ، مِن أَجلِ مَلكوتِ اللهِ، |
30: | إِلاَّ يَنالُ أَضْعافًا في هذا الزَّمانِ، والحَياةَ الأَبَديَّةَ في الدَّهرِ الآتي".
|
نبوة أخرى عن الآلام |
31: | ثمَّ انْفردَ بالاثنَيْ عَشَرَ، وقالَ لهم: "ها نَحنُ صاعِدونَ إِلى أُورَشَليمَ، وجميعُ ما كَتَبَتهُ الأَنْبِياءُ عنِ ابنِ البَشرِ سَيَتِمّ: |
32: | فإِنَّهُ سَيُسلَمُ الى الأُمَمِ، ويُهزَأُ بهِ، ويُهانُ، ويُبصَقُ عَلَيه؛ |
33: | وبَعدَ أَنْ يَجْلِدوهُ يَقْتُلونَه؛ وفي اليَومِ الثَّالثِ يقوُمُ". |
34: | أَمَّا هم فلم يَفْهموا مِن ذِلكَ شَيْئًا؛ بل كانَ لهم كلامًا مُسْتَغلَقًا، وأَقْوالاً لا يُدرِكونها.
|
أعمى اريحا |
35: | ولمَّا اقتربَ مِن أَريحا إِذَا بأَعمى جالسٌ على الطَّريقِ يَسْتَعْطي. |
36: | فلمَّا سَمِعَ الجمعَ يَجْتازُ، سَأَلَ عَنْ ذلكَ. |
37: | فقيلَ لَهُ: "إِنَّ يَسوعَ النَّاصريَّ عابِر". |
38: | فَصاح، قائلاً: "يا يَسوعُ، ابنَ داودَ، ارْحَمْني!" |
39: | فجَعَلَ المُتقدِّمونَ يَزْجرونَهُ لكي يَسْكت. لكنَّهُ كانَ يَزدادُ صِياحًا: "يا ابنَ داودَ، ارْحَمْني!" |
40: | فَوقفَ يَسوعُ، وأَمرَ أَنْ يُؤْتَى بهِ إِليه. فلمَّا دَنا سَأَلَهُ: |
41: | "ماذا تُريدُ أَنْ أَصنعَ لكَ؟" قال: "أَنْ أُبْصِرَ، يا سَيِّدي". |
42: | فقالَ لَهُ يَسوع: "أَبْصِرْ؛ إِنَّ إِيمانَكَ قد خَلَّصَك". |
43: | وفي الحالِ أَبْصرَ، وَتبِعَ يَسوعَ مُشيدًا بِمَجدِ الله. وإِذْ رَأَى جَمِيعُ الشَّعبِ ذلكَ، سَبَّحوا الله.
|
|
الفصل : 19 |
زكا العشار
1: | ثمَّ دَخَلَ أَريحا واجْتازَ فيها؛ |
2: | وإِذا رَجُلٌ اسمُهُ زَكَّا، رَئيسٌ على العشَّارِينَ غَنيٌّ، |
3: | كانَ يَطْلُبُ أَنْ يَرى مَنْ هُوَ يَسوع؛ ولكنَّه لم يَسْتَطِعْ بِسَببِ الجَمعِ، لأَنَّهُ كانَ قَصيرَ القامَة. |
4: | فتَقدَّمَ مُسرِعًا وصَعِدَ الى جُمَّيزَةٍ لكي يَراهُ، لأَنَّهُ كانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرُّ مِن هُناك. |
5: | فلمَّا انْتَهى يَسوعُ الى المَوْضِعِ، رَفَعَ طَرْفَهُ، وقالَ لَهُ: "إِنْزِلْ سَريعًا، يا زَكَّا، فاليَومَ لا بُدَّ لي أَنْ أُقيمَ في بَيْتِكَ". |
6: | فانْحدَرَ سَريعًا وقَبِلَهُ فَرِحًا. |
7: | فلمَّا أَبصَرَ الجميعُ ذلكَ تذمَّروا، قائِلين: "إِنَّهُ مَضى ليَحِلَّ عِندَ رَجُلٍ خاطِئ!"
|
8: | أَمَّا زكَّا فانتَصَبَ أَمامَ الرَّبِّ، وقالَ لَهُ: "يا سيِّدي، هاأَناذا أُعْطِي المَساكينَ نِصْفَ أَموالي؛ وإِنْ كُنتُ قد ظَلَمتُ أَحدًا في شَيءٍ، فإِنِّي أَرَدُّ أَرْبعةَ أَضْعاف". |
9: | فقالَ لَهُ يَسوع: "أَليومَ قد حَصَلَ الخَلاصُ لهذا البَيت؛ فإِنَّهُ، هُوَ أَيضًا، ابنٌ لإِبراهيم. |
10: | لأَنَّ ابنَ البشرِ قد جاءَ لِيَطْلُبَ ما قد هَلَكَ، ويُخلِّصَه".
|
مثل الأَمناء |
11: | وفيما النَّاسُ يَسْمَعونَ ذلكَ، ضَرَبَ أَيضًا مَثَلاً، لأَنَّهُ كانَ قدِ اقْتربَ مِن أُورشَليمَ، وكانوا يَتَوَّهمونَ أَنَّ ملكوتَ اللهِ مُوشِكٌ أَنْ يَظْهرَ في الحالِ - |
12: | فقالَ إِذنْ: "إِنسانٌ كَريمُ العُنْصُرِ، قَصَدَ الى بَلَدٍ بَعيدٍ لِيَتَولَّى مُلْكًا ثمَّ يَعُود. |
13: | فَدَعا عشَرةً مِن عَبيدِهِ وسلَّمَ إِليهم عشَرَةَ أَمْناءٍ، وقالَ لهم: تاجِروا حتَّى أَعود. |
14: | وكان مُواطِنوهُ يُبْغِضونَهُ، فأَنْفَذوا في إِثْرِهِ سِفارةً يَقولُون: لا نُريدُ أَنْ يَملِكَ هذا الرَّجُلُ عَلَينا.
|
15: | "ولمَّا رَجَعَ، وقد تقلَّدَ المُلْكَ، استَدْعى العبيدَ الذَّينَ سَلَّمَ إِلَيهمِ الفِضَّةَ، لِيَعرِفَ كَيفَ تَصَرَّفوا. |
16: | فَدَنا الأَوَّلُ، وقال: يا سيِّدي، إِنَّ مَناكَ قد رَبِحَ عشَرةَ أَمْناء. |
17: | فقالَ لَهُ: أَحْسنتَ! أَيُّها العَبدُ الصَّالح؛ وبما أَنَّك وُجِدْتَ أَمِينًا في القليلِ، فَتَوَلَّ على عَشْرِ مُدُن. |
18: | ثمَّ جاءَ الثَّاني، وقَال: يا سيِّدي، إِنَّ مَناكَ قد كَسَبَ خَمْسةَ أَمْناء. |
19: | فقالَ لهذا أَيضًا: وأَنتَ، فكُنْ على خَمسِ مُدُن. |
20: | وجاءَ الآخَرُ، وقَال: يا سيِّدي، هُوَذا مَناكَ الذَّي كانَ مَحْفوظًا عِندي، في مِنْدِيل؛ |
21: | فإِنِّي كُنتُ أَخافُ مِنكَ لِكَونِكَ إِنسانًا قاسِيًا، تَأْخذُ ما لَم تُودِعْ، وتحصُدُ ما لم تزْرَع. |
22: | فقالَ لَهُ: مِن فَمِكَ أَدينُكَ، أَيُّها العَبدُ الرَّديء؛ قد عَلِمتَ أَنِّي إِنسانٌ قاسٍ، آخُذُ ما لم أُودِعْ، وأَحصُدُ ما لم أَزرَعْ، |
23: | فلِمَ لم تجعَلْ فِضَّتي في المَصْرفِ، حتَّى إِذا ما رَجَعتُ أَسترِدُّها مَعَ الرِّبى. |
24: | ثمَّ قالَ للحاضِرين: خُذوا مِنهُ المَنا، وأَعْطوهُ للّذي مَعهُ العَشرَةُ الأَمْناء. |
25: | فَقالُوا لَهُ: يا سيِّد، مَعهُ عشَرةُ أَمْناء!.. - |
26: | إِنِّي أَقولُ لكم: إِنَّ مَنْ لَهُ يُعْطى، ومَنْ لَيسَ لَهُ فحتَّى ما هُوَ لَهُ يُنْزَعُ مِنهُ.
|
27: | "وأَمَّا أَعدائي، أُولئكَ الذينَ لم يُريدوا أَنْ أَملِكَ عليهم، فإِليَّ بهم الى ههنا، واذْبحوهم أَمامي".
|
5 رسالة يسوع في اورشليم - دخول اورشليم في احتفال |
28: | ولمَّا قَالَ هذا ذهَبَ في الأمامِ، صاعِدًا الى أُورشَليم. |
29: | وإِذِ اقْتَربَ مِن بَيتَ فاجي وبَيتَ عَنْيا، عِندَ الجَبلِ المَدعُوِّ جبَلَ الزَّيتون، أَرسَلَ اثنَيْنِ مِن تَلاميذِهِ، قائِلاً: |
30: | "امْضٍيا الى القَرْيةِ التي أَمامَكما؛ وعِندَما تَدْخُلانِها تَجِدانِ جَحْشًا مَربْوطًا، ما عَلاهُ إِنْسانٌ قَطّ؛ فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِه. |
31: | وإِنْ سأَلَكما أَحد: لِمَ تحُلاَّنِهِ؟ تَقولان: أَلربُّ يَحْتاجُ إِلَيه".
|
32: | فانطلَقَ المُرْسَلانِ، فوَجَدا كما قالَ لهما؛ |
33: | وفيما هما يَحُلاّنِ الجَحشَ، قالَ لَهما أَرْبابُه: "لِمَ تحُلاَّنِ الجَحْش؟" |
34: | فَقالا: "الرَّبُّ يَحْتاجُ إِليه". |
35: | وأَتيا بهِ الى يَسوع؛ وأَلْقَيا ثِيابَهما على الجَحْشِ، وأَرْكَبا يَسوع. |
36: | وفيما هُوَ سائِرٌ أَخذَ الناسُ يَفْرُشونَ أَرْديَتَهم في الطَّريق. |
37: | ولمَّا اقْتربَ مِن مُنحدَرِ جَبلِ الزَّيتونِ استَفَزَّ الفَرحُ جَميعَ جُمْهورِ التَّلاميذِ، فطَفِقوا يُسَبِّحونَ اللهَ بصَوْتٍ جَهيرٍ، على جَميعِ ما عايَنوا مِنَ الآياتِ، |
38: | ويَقولون: "مُبارَكٌ المَلِكُ الآتي باسْمِ الرَّبّ! السَّلامُ في السَّماءِ، والمَجدُ في العُلى!"
|
39: | فقالَ لَهُ بعضُ الفرِّيسيِّينَ، مِن بَيْنِ الجَمع: "يا مُعلِّم، أُزْجُرْ تلاميذَك". |
40: | فأَجابَهم، قائلاً: "أَقولُ لكم: إِنْ سَكَتَ هؤُلاءِ، صَرَختِ الحجارة".
|
دمعة على اورشليم |
41: | ولمَّا قَرُبَ مِنَ المَدينةِ وابْصَرهَا، بكَى عَلَيها، قائلاً: |
42: | "أَوْهِ! لو عَلِمتِ أَنتِ أَيضًا، في هذا اليومِ، رِسَالةَ السَّلام! ولكِنْ، ((وا أَسَفاهْ!)) قد خَفيَ ذلِكَ عَنْ ناظِرَيكِ! |
43: | فستَأْتي عَليكَ أَيَّامٌ، يُحيقُ بِكِ فيها أَعْداؤُكِ بالمتارِسِ، ويُحاصِرُونَكِ، ويُضَيِّقونَ عَليكِ مِنْ كلِّ جِهةٍ، |
44: | ويَمْحقونَكِ، أَنتِ وبَنيكِ الذَّينَ فيكِ؛ ولا يَتْرُكونَ فيكِ حَجَرًا على حَجَر، لأَنَّكِ لم تَعْرِفي يَومَ افْتقادِك!" |
45: | ثمَّ دَخلَ الهيكلَ وشَرعَ يَطردُ الباعَةَ، |
46: | قائلاً لهم: "لَقد كُتِب: إِنَّ بَيْتي يكونُ بَيتَ صَلاة؛ أَمَّا أَنتم فقد صَيَّرتُموهُ مغارةَ لُصوص!"
|
47: | وكانَ كلَّ يَومٍ يُعلِّمُ في الهَيكل. وكانَ رُؤَساءُ الكَهنةِ، والكَتَبةُ ووُجوهُ الشَّعبِ، يَطْلُبونَ أَنْ يُهلِكوه؛ |
48: | بيدَ أَنَّهُم لم يَجِدوا الى ذلكَ سَبيلاً لأَنَّ الشَّعبَ كلَّهُ كانوا يَسْتَمعونَ إِليهِ في شَغَف.
|
|
الفصل : 20 |
رسالة يسوع ومعمودية يوحنا
1: | وإِذْ كانَ، ذاتَ يَومٍ، يُعلِّمُ الشَّعبَ في الهَيكلِ، ويُبشِّرُ بالإِنْجيل، أَقْبلَ عَلَيهِ رُؤَساءُ الكهَنةِ، والكَتبةُ معَ الشُّيوخِ، |
2: | وخَاطَبوهُ، قائلين: "قُلْ لنا بأَيِّ سُلطانٍ تفعلُ هذا، ومَن ذا الذَّي آتاكَ هذا السُّلطان؟" |
3: | فأَجابَ، وقالَ لهم: "لي أَنا أَيضًا سُؤَالٌ أُلقيهِ عَلَيكم؛ قُولُوا لي: |
4: | مَعموديَّةُ يوحنَّا، مِنَ السَّماءِ كانَتْ أَمْ مِنَ النَّاس؟" |
5: | ففكَّروا في ما بَينَهم، قائلين: "إِنْ قُلْنا: مِنَ السَّماء؛ قَال: لِمَ إِذنْ، لَمْ تُؤْمِنوا بِه؟ |
6: | وإِنْ قُلْنا: مِنَ النَّاسِ، رجَمَنا الشَّعبُ كلُّهم جَميعًا، لأَنَّهم على يَقينٍ مِنْ أَنَّ يوحنَّا نَبيّ". |
7: | فأَجابوا أَنَّهم لا يَعْلَمونَ مِنْ أَينَ هِيَ. |
8: | فقالَ لَهم يَسوع: "وأَنا أَيضًا لا أَقولُ لكم بأَيِّ سُلطانٍ أَفْعلُ هذا".
|
مثل الكرّامين القتلة |
9: | وأخذَ عِندئذٍ يقولُ للشَّعبِ هذا المَثَل: "إِنْسانٌ غَرَسَ كرمًا. وسَلَّمهُ الى كرَّامينَ، وسافرَ زمانًا طويلاً.
|
10: | وفي أَوانِ الثَّمرِ أَنفذَ غُلامًا الى الكرَّامينَ لكي يُعْطُوهُ مِن ثَمَرِ الكَرْم. إِلاَّ أَنَّ الكرَّامينَ أَشْبَعوهُ ضَربًا، ورَدُّوهُ صُفْرَ اليَدَيْن. |
11: | فأَنْفذَ أَيضًا غُلامًا آخَرَ فأَوْسَعوهُ، هو أَيضًا، ضَرْبًا، وأَهانوهُ ورَدُّوهُ صُفْرَ اليَدَيْن. |
12: | فأَنْفذَ أَيضًا غُلامًا ثالثًا، وهذا أَيضًا جَرَّحوهُ وطَرَحوا بهِ خارِجًا. |
13: | فقالَ رَبُّ الكَرم: ماذا افعل؟.. أُرسِلُ ابنيَ الحَبيبَ فَلَعَلَّهم يَهابونَهُ. |
14: | فلمَّا رآهُ الكَرَّامونَ ائتَمَروا في ما بَيْنهم، قائلين: ها هُوَذا الوارِث؛ فَلْنقتُلْهُ لِيَصيرَ الميراثُ لَنا. |
15: | فطَرَحوهُ خارِجَ الكَرْمِ، وقَتَلوه.
"فماذا إِذنْ يَفْعلُ ربُّ الكَرْمِ بهم؟.. |
16: | إِنَّهُ يَأْتي ويُهلِكُ أُولئك الكرَّامِينَ، ويَدْفعُ الكَرمَ الى آخَرين". فلمَّا سَمعوا ذلك قالوا: "معاذَ، اللهً!" |
17: | فحدَّقَ إِليهم، وقال: "إِذَنْ، ما مَعْنى هذِهِ الكتابَة: الحجرُ الذي رذَلَهُ البنَّاءُونَ، هُوَ قد صَارَ رأْسًا للزَّاوِية؟ |
18: | فمَنْ يسقُطْ على هذا الحَجَرِ يَتَهَشَّمْ، ومَن سَقَطَ هُوَ عليهِ يَطْحَنُه". |
19: | فحاولَ الكتَبةُ ورُؤَساءُ الكَهَنةِ أَنْ يُلْقوا الأَيْدي عليهِ، في تلكَ السَّاعة، غيرَ أَنَّهم خَافُوا مِنَ الجَمْع؛ لأَنَّهم فَهِموا أَنَّهُ قَالَ هذا المَثلَ عَلَيهم.
|
جزية قيصر |
20: | فَراصَدوهُ، وأَوْفَدوا إِليهِ جَوَاسِيسَ يُراءُونَ أَنَّهم صِدِّيقونَ، لكي يَجِدوا عليهِ مَأْخذًا في كلامِهِ، فيُسْلِموهُ الى حُكمِ الوالي وسُلْطانِه. |
21: | فَسَأَلوهُ، قائِلين: "يا مُعلِّم، نَحْنُ نَعلمُ أَنَّكَ بالصَّوابِ تتكلَّمُ وتُعلِّم؛ ولا تُحابي الوُجوه؛ بل تُعلِّمُ بالحَقِّ طَريقَ الله. |
22: | أَفَيَجوزُ لنا أَنْ نَدْفعَ الجِزْيَةَ لِقيصرَ أَم لا؟" |
23: | وإِذْ أَدْركَ مَكْرَهم، قالَ لهُم: |
24: | "أَرُوني دِينارًا. لِمَنْ هذهِ الصُّورةُ؟ وهذهِ الكِتابةُ؟" قالوا: "لِقَيصر". |
25: | فقالَ لهم: "رُدُّوا إِذَنْ ما لِقَيصرَ لِقَيصرَ، وما للهِ لله". |
26: | فلم يَسْتَطيعوا أَنْ يَأْخُذوا عَليهِ شسئًا في هذا الكلامِ، أَمامَ الشَّعب، بل دَهِشوا مِن جَوابهِ، ولَزِموا الصَّمت.
|
الصدُّوقيون والقيامة |
27: | ودَنا إِليهِ نَفَرٌ مِنَ الصَّدُّوقيِّيِن - القائِلينَ بِعَدمِ القِيامَة - وسأَلوهُ، |
28: | قائلين: "يا مُعَلِّم، لَقد رَسَمَ لنا مُوسى، أَنَّهُ إِذا كانَ لِرَجُلٍ أَخٌ مُتَزوّجٌ، وماتَ عَنْ غَيرِ وَلَد، فَلْيَأخُذْ أَخوهُ امرَأَتَهُ ويُقِمْ عَقِبًا لأَخيه. |
29: | وكانَ سَبْعةُ إِخْوة. فَتَزَوَّجَ الأَوَّلُ امرَأَةً وماتَ عَنْ غَيرِ ولَد. |
30: | فأَخَذَها الثَّاني، |
31: | ثُمَّ الثَّالثُ، وكذلكَ السَّبعةُ، وماتُوا ولم يُخَلِّفوا نَسْلاً. |
32: | وفي الأَخيرِ ماتَتِ المَرأَةُ أَيضًا. |
33: | ففي القِيامَةِ امرأَةَ مَنْ مِنْهم تَكونُ هذِهِ المَرْأَة؟ فإِنَّ السَّبعةَ قدِ اتَّخَذوها امرأَة".
|
34: | فقالَ لهم يَسوع: "إِنَّ أَبناءِ هذا الدَّهرِ يُزَوَّجونَ ويتزوَّجون. |
35: | أَمَّا الذينَ يَسْتحقُّونَ الفَوْزَ بذلِكَ الدَّهْرِ، وبالقِيامَةِ مِن بَينِ الأَمواتِ، فلا يُزَوِّجونَ ولا يَتزوَّجون؛ |
36: | ولا يُمكنُ مِن بَعدُ أَنْ يَموتُوا لأَنَّهم يكونونَ مِثلَ المَلائِكةِ وأَبناءً للهِ، لكَوْنِهم أَبناءِ القِيامَة. |
37: | وأَمَّا أَنَّ يَقومَ الأَمواتُ فذلك ما قد بَيَّنَهُ مُوسى، في مَعْرَضِ الكلامِ على العُلَّيقَةِ، إِذْ يَدْعو الرَّبَّ إِلهَ إِبراهيمَ، وإِلهَ إِسحقَ، وإِلهَ يَعقوب. |
38: | وليسَ هُوَ إِلهَ الأَمواتِ، بَلْ إِلهُ الأَحْياء؛ لأَنَّ الجَميعَ يَحيَوْنَ لَهُ". |
39: | فأَجابَ بَعضُ الكَتَبةِ، وقالُوا: "يا مُعَلِّم، لَقد أَحْسَنْتَ في ما قُلْت". |
40: | ولم يَجْرُؤُوا مِن بَعدُ أَنْ يَسأَلوهُ عَنْ شَيء.
|
المسيح ابن داود وربّه |
41: | ثمَّ قالَ لَهم: "كَيفَ يُقالُ إِنَّ المَسيحَ هُوَ ابنُ داود؟ |
42: | وداوُدُ نفسُهُ يقولُ في سِفْرِ المَزامير: قالَ الرَّبُّ لربّي: إِجْلِسْ عن يَميني، |
43: | حَتَّى أَجْعَلَ أَعْداءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْك. |
44: | فداودُ يَدعوهُ رَبًّا؛ فكَيفَ، مِنْ ثمَّ، يكونُ هُوَ ابنَهُ؟"
|
رئاء الكتبة |
45: | ثمَّ قالَ لتلاميذِه، والشَّعْبُ جَميعُهم يَسْمَعون: |
46: | "إِيَّاكم والكَتَبةَ، الذَّينَ يُحِبُّونَ التَجوُّلَ بالحُلَلِ الفَضْفاضةِ، ويَبْتَغونَ التَّحيَّاتِ في السَّاحاتِ العامَّةِ، والمَجالسَ الأُولى في المَجامِعِ، والمُتَّكآتِ الأُولى في الوَلائِم؛ |
47: | أَلذَّينَ يَأْكلونَ بُيوتَ الأَرامِلِ، وَيَتكلَّفونَ الصَّلاةَ الطَّويلَة. فهؤُلاءِ سَتَنالُهم دَيْنونَةٌ أَشدُّ قَسْوة".
|
|
الفصل : 21 |
فلس الارملة
1: | وتَطلَّعَ فَرَأَى أَغْنياءَ يُلْقونَ تقادِمَهم في الخِزانة. |
2: | وأَبصرَ أَيضًا أَرمَلةً مِسْكينةً تُلقي هُناكَ فَلْسَيْن. |
3: | فَقال: "في الحقيقةِ أَقولُ لكم: إِنَّ هذهِ الأَرملةَ الفَقيرةَ قد أَلقَتْ أَكثرَ مِنَ الجَميع؛ |
4: | لأَنَّ هؤُلاءِ جميعًا أَلْقَوْا تَقادِمَ مِن فُضالَتِهم؛ وأَمَّا هذه، فمِمَّا هيَ إِليهِ بحاجَة: إِنَّها أَلْقَتْ كلَّ معيشَتِها".
|
الإِنباء بخراب اورشليم |
5: | وإِذْ كانَ بَعضُهم يَقولونَ عَنِ الهَيكلِ إِنَّهُ مُزَّينٌ بالحِجارةِ الجَميلةِ، وبِتُحَفِ النُّذورِ، قالَ يسوع: |
6: | "ستَأْتي أَيَّامٌ لا يُترَكُ فيها، مِمَّا ترَوْنَ، حَجَرٌ على حَجَرٍ إِلاَّ يُنقَض!" |
7: | فَسأَلوهُ، قائِلين: "يا مُعلِّم، متى يكونُ هذا؟ وما العَلامَةُ إِذا ما أَوشَكَ أَنْ يكون؟".
|
8: | فَقال: "إِحْذَروا أَنْ يُضِلَّكم أَحد! فإِنَّ كَثيريَن سَيَأْتونَ تَحتَ اسْمي، ويَقُولون: أَنا هُوَ! وأَيضًا: الزَّمانُ قدِ اقتَرب! فلا تَتْبَعوهم. |
9: | وإِذا ما سَمِعْتُم بِحُروبٍ وثَوْراتٍ فلا تَهْلَعوا؛ فذلكَ أَمرٌ لا بُدَّ مِن وُقوعِهِ أَوَّلاً؛ بيدَ أَنَّ المُنتَهى لا يكونُ في الأَثر". |
10: | ثُمَّ قالَ لهم: "ستَنْهَضُ أُمَّةٌ على أُمَّةٍ، ومَمْلكةٌ على مَملكة؛ |
11: | وتكونُ زَلازِلُ عَنيفةٌ، وأَوْبِئةٌ ومجاعاتٌ في أَماكنَ شَتَّى، ورُؤًى مُخيفةٌ، وعَلاماتٌ في السَّماءِ عَظيمة. |
12: | وقبلَ هذا كلِّهِ سيُلْقونَ الأَيْدي عَلَيكم، ويَضْطَهِدونَكم، ويَسُوقونَكم الى المَجامِعِ والسُّجونِ، ويَقودونَكم الى المُلوكِ والوُلاةِ، مِن أَجْلِ اسْمي، |
13: | فَيؤُولُ لكم ذلِكَ للشَّهادة. |
14: | وَاجْعلوا في قُلوبكم أَنْ لا تُعِدُّوا مِن قَبلُ دِفاعًا؛ |
15: | لأَنِّي أَنا أُوتِيكم فَمًا، وحِكْمَةً لا يَقْوى جميعُ مُناصِبيكم على مُقاوَمَتِها أَو مُناقَضَتِها. |
16: | وسيُسْلِمُكم حتَّى الوالِدونَ أَنفُسُهم، والإِخوةُ، والأَقارِبُ والأَصدِقاء؛ ويَقْتُلونَ منكم. |
17: | وسيُبغِضُكمُ الجميعُ مِن أَجلِ اسمي. |
18: | غيرَ أَنَّ شَعَرَةً مِن رُؤُوسِكم لا تَهْلِك؛ |
19: | فبِثَباتِكم تُنقِذونَ أَنفُسَكم!
|
20: | "وإِذا ما رَأَيتم أُورشليمَ قد أَحاطَتْ بها الجُنودُ، فاعْلَموا عِندئذٍ أَنَّ خَرابَها قدِ اقْترب. |
21: | وعِندَئَذٍ فالذَّينَ في اليَهوديَّةِ فَلْيَهْرُبُوا الى الجِبال؛ والذَّينَ في المَدينةِ فَلْيَخرُجوا مِنها، والذَّينَ في الأَرْيافِ فلا يَدْخلوها. |
22: | فإِنَّ تِلكَ الأَيَّامَ أَيَّامُ انتِقامٍ، فيها يَتِمُّ جَميعُ ما هُوَ مَكْتوب. |
23: | الوَيْلُ لِلحَبالى والمُرضِعاتِ في تِلْكَ الأَيَّام! فإِنَّهُ سَيكونُ ضِيقٌ عَظيمٌ في البلادِ، وسُخْطٌ على هذا الشَّعب؛ |
24: | ويَسْقُطونَ بحدِّ السَّيفِ، ويُسْبَوْنَ الى جميعِ الأُمَمِ، وتَدوسُ الأُممُ أَورَشَليمَ الى أَنْ تَتِمَّ أَزْمِنَةُ الأُمم.
|
تفكك الفلك ومجئ ابن البشر |
25: | "وتكونُ علاماتٌ في الشَّمسِ، والقَمرِ والنجوم؛ وكَرْبٌ للأُممِ على الأَرضِ، حَيْرةً مِن عَجيجِ البَحرِ وَجَيشانِه. |
26: | وتَزْهَقُ النَاسُ مِنَ الخَوْفِ في انْتِظارِ ما سَيَأْتي على المَسْكونَة؛ لأَنَّ قُوَّاتِ السَّماواتِ تتَزَعزَع. |
27: | عِندَئذٍ يُشاهَدُ ابنُ البَشَرِ آتيًا في السَّحابِ، في كَثيرٍ مِنَ القُدرَةِ والمَجْد. |
28: | وإِذا ما أَخذَ ذلكَ في الوُقوعِ، فانْتَصِبوا، وارْفَعوا الرُّؤُوسَ لأَنَّ نجاتَكم قَريبَة". |
29: | وضَرَبَ لهم مَثَلاً: "أُنْظُروا الى التِّينَةِ، والى سائِرِ الشَّجَر؛ |
30: | فإِنَّكم إِذا ما رَأَيْتُموها قد بَرْعَمَتْ عَلمتُم، مِن ذَواتِكم، أَنَّ الصَّيفَ قَريب. |
31: | فكذِلكَ أَيضًا إِذا ما رَأَيتم أَنَّ هذا واقعٌ، فاعْلَموا أَنَّ ملكوتَ اللهِ قَريب. |
32: | أَلحقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ هذا الجيلَ لا يَزولُ ما لم يَتِمَّ الكُلّ. |
33: | السَّماءُ والأَرضُ تزولانِ وأَمَّا كلامي فلا يَزولُ البتَّة.
|
تحريض على السهر |
34: | "فكونُوا على حَذَرٍ لئلاَّ تَثْقُلَ قُلوبُكم في الخَلاعةِ والسُّكرِ وهُمومِ الحَياةِ، ويَأْتي عَلَيكم ذلكَ اليومُ بَغْتةً |
35: | مِثْلَ فَخّ؛ لأَنَّهُ سيُطْبِقُ على جميعِ المُقيمينَ على وَجْهِ الأَرضِ كلِّها. |
36: | فاسْهَروا إِذنْ، وصَلُّوا في كُلِّ حِينٍ لكي يَتَهيَّأَ لكم أَنْ تَنْجُوا مِن جَميعِ ما هُوَ مُزمِعٌ أَنْ يكونَ، وأَنْ تَظْهَروا آمِنينَ بَين يَدَيِ ابْنِ البَشر".
|
37: | وكانَ في النَّهارِ يُعلِّمُ في الهَيكلِ، وفي اللَّيلِ يَخْرُجُ ويَبيتُ في الجَبلِ المدعُوِّ جَبلَ الزَّيتون. |
38: | وكانَ الشَّعبُ جميعًا يُبكِّرونَ إِليه في الهَيكلِ لِيَسْتَمعوه.
|
|
الفصل : 22 |
6 الآلام الخلاصية - خيانة يهوذا
1: | وكانَ عِيدُ الفَطيرِ، المُسمَّى الفِصحَ، يَقْتَرِب. |
2: | وكانَ رُؤَساءُ الكَهَنةِ والكَتَبةُ يَلْتمسونَ وَسيلةً لِيُميتُوهُ، لأَنَّهم كانوا يخافونَ الشعب.
|
3: | ودَخلَ الشَّيطانُ في يَهوذا، المُلقَّبِ بالإِسْخَرْيوطيّ، الذَّي كانَ من عِدادِ الاثنَيْ عشَر؛ |
4: | فمَضى وفاوضَ رُؤَساءَ الكَهنةِ، وقُوَّادَ الحَرَسِ، على طَريقةِ تَسْليمِهِ إِليهم. |
5: | فَفَرِحوا، واتَّفَقوا أَنْ يُعطوهُ فِضَّة. |
6: | فقَبِلَ، وأَخذَ يَتَرقَّبُ فُرْصةً مُؤَاتِيةً ليُسلمَه إِليهم على غيرِ علمٍ من الجمعِ.
|
العشاء الفصحي |
7: | وحَلَّ يَومُ الفَطيرِ، حَيثُ كانَ يَنْبغي أَنْ يُذبحَ الفِصح. |
8: | فأَرسلَ يَسوعُ بُطرسَ ويوحنَّا، قائلاً: "إِمْضِيا وأَعِدَّا لنا الفِصحَ، لِنَأْكُلَه". |
9: | فقالا لَهُ: "أَينَ تُريدُ أَنْ نُعِدّ؟" |
10: | فقالَ لَهما: "إِذا دَخَلْتُما المدينةَ تُصادِفانِ رَجُلاً يَحمِلُ جَرَّةَ ماءٍ، فاتْبعاهُ الى البَيتِ الذي يَدخُلُهُ، |
11: | وقُولا لِربِّ البَيتِ: المعلِّمُ يقولُ لكَ: أَينَ الرَّدْهَةُ التي آكلُ فيها الفِصحَ مَعَ تلاميذي؟ |
12: | وهو يُريكُما عُلِّيَّةً، كبيرةً، مَفْروشةً، فأَعِدَّا هُناك". |
13: | فانْطَلقا، فَوَجدا كما قالَ لهما؛ وأَعَدَّا الفِصح. |
14: | ولمَّا أَتَتِ السَّاعةُ اتَّكأَ معَ الرُسلِ، |
15: | وقالَ لهم: "لَقدِ اشتهيتُ جدًّا أَنْ آكُلَ هذا الفِصحَ مَعكم، قَبلَ أَنْ أَتأَلَّم؛ |
16: | فإِنِّي أَقولُ لكم: إِنِّي لَنْ آكلَهُ بَعدُ الى أَنْ يَتِمَّ بكمالِهِ في مَلكوتِ الله". |
17: | ثمَّ تناولَ كَأْسًا وشَكرَ وقال: "خُذوا هذا واقْتسِموا في ما بَينكم؛ |
18: | فإِنَّي أَقولُ لكم: إِنِّي لَنْ أَشْرَبَ بَعدُ من ثَمرَةِ الكَرْمَةِ، الى أَنْ يَأْتيَ مُلكوتُ الله".
|
19: | ثُمَّ أَخذَ خُبزًا وشَكرَ، وكَسَرَ وأَعْطاهم، قائِلاً: "هذا هو جَسدي الذي يُبذَلُ لأَجلِكم. إِصْنعوا هذا لِذِكْري". |
20: | وكذلكَ الكَأْسَ من بَعدِ العشاءِ، قائلاً: "هذهِ الكَأْسُ هي العَهْدُ الجَديدُ بِدَمي، الذي يُهرَاقُ من أَجلِكم...
|
21: | "ومَعَ هذا، فها إِنَّ يَدَ الذي يُسْلِمُني مَعي على المَائِدة!... |
22: | إِنَّ ابْنَ البشرِ ماضٍ بحسَبِ ما هوَ مُقَرَّر؛ ولكنِ الوَيْلُ لذلكَ الإِنسانِ الذي يُسلِمُه!" |
23: | فطَفِقوا عندئذٍ يَسأَلُ بَعضُهم بهضًا: مَنْ، تُراهُ، فيهم يُقْدِمُ على هذا العَمَل!..
|
الرئاسة خدمة |
24: | ونَشِبَ أَيضًا في ما بَيْنهم نِزاعٌ في أَيُّهم يُحسَبُ الأَكبر. |
25: | فقالَ لهم يَسوع: "إِنَّ مُلوكَ الأُممِ يَسُودونَهم، وأُمَراءَهم يُدعَوْنَ مُحسِنين. |
26: | وأَمَّا في ما بَيْنكم، فلا يكُنِ الأَمْرُ كذلك؛ بل لِيكُنِ الأَكبرُ فيكم كالأَصْغرِ، والمُتَقدِّمُ كالذَّي يَخْدُم. |
27: | فمَنْ، تُرى، الأَكْبر: أَلمتَّكئُ أَمِ الذي يخدُم؟ أَليسَ المتَّكئ؟ ومَعَ ذلك فأَنا في وَسْطِكم كالذي يَخدُم! |
28: | أَنْتم قد ثَبتُّم مَعي في مِحَني، |
29: | وأَنا أُعِدُّ لكمُ المَلكوتَ كما أَعدَّهُ لي أَبي، |
30: | لكي تَأْكلوا وتَشْربوا على مائِدَتي في مَلكوتي، وتَجلِسوا على عُروشٍ لِتَدينوا أَسْباطَ إِسرائيلَ الاثنَيْ عشَر...
|
الإِنباء بجحود بطرس |
31: | "سِمْعانُ، سِمْعان! هوَذا الشَّيطانُ قد طَلبَ في إِلْحاحٍ أَنْ يُغَرْبِلَكم كالحِنْطة؛ |
32: | وأَنا صَلَّيْتُ لأَجلِكَ لكي لا يَزولَ إِيمانُك؛ وأَنتَ متى عُدْتَ فثَبِّتْ إِخْوتَك". |
33: | فقالَ لَهُ: "يا ربُّ، ها أَنا مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمضيَ مَعكَ الى السِّجنِ، وإلى المَوْت". |
34: | قالَ: "إِنِّي أَقولُ لكَ، يا بُطْرس: إِنَّهُ لا يَصيحُ الدِّيكُ اليَومَ، حتَّى تُنكِرَ ثَلاث مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُني".
|
35: | ثمَّ قالَ لهم: "لمَّا أَرسَلْتُكُم بلا كِيسٍ ولا مِزْودٍ ولا حِذاءٍ، هل أَعْوَزَكم شَيء؟" |
36: | قالُوا: "لا". فقالَ لهُم: "أَمَّا الآنَ فمَنْ لهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ، ومَنْ لَهُ مِزْوَدٌ فَلْيَفْعَلْ كذلك؛ ومَنْ ليسَ لهُ سَيفٌ فَليَبِعْ رِداءَهُ ويَشْتَرِ سَيْفًا. |
37: | فإِنَّي أَقولُ لكم: إِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ تَتِمَّ فيَّ هذِهِ الكِتابة: لَقَد أُحْصِيَ مَعَ الأَثَمة. وها إِنَّ ما يَختصُّ بي آخِذٌ في التَّمام". |
38: | فقالوا: "يا ربُّ، إِنَّ ههنا سَيْفَين". فقالَ لهم: "كفى!"
|
يسوع في بستان الزيتون |
39: | وخَرَجَ، ومَضى على عادَتِهِ الى جَبَلِ الزَّيتونِ، وتَبِعَهُ تَلاميذُه. |
40: | ولمَّا انْتَهى الى المكانِ قالَ لهم: "صَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلوا في تَجرِبة". |
41: | ثمَّ انفصَلَ عَنهم نَحوَ رَمْيةِ حَجَرٍ، وخَرَّ عَلى رُكبتَيْهِ وجَعَلَ يُصَلِّي، قائلاً: |
42: | "يا أَبتاهْ، إِنْ شِئْتَ فَأَجِزْ عَنّي هذِهِ الكَأْس! ولكِنْ، لا تكُنْ مَشيئَتي بل مَشيئَتُك!" |
43: | وظَهَرَ لهُ ملاكٌ منَ السَّماءِ يُشَدِّدُه؛ ولمَّا بلغَ منهُ الجَهْدُ لَجَّ في الصَّلاة؛ |
44: | وصارَ عَرَقُهُ كَقَطَراتِ دَمٍ نازِلَةٍ على الأَرْض. |
45: | ثُمَّ نَهَضَ بَعْدَ الصَّلاةِ، وجاءَ الى تَلاميذِهِ فأَلْفاهم نائمينَ منَ الحُزْن. |
46: | فقالَ لَهم: "ما بالُكُم نائِمين! قوموا وصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلوا في تَجرِبة".
|
القبض على يسوع |
47: | وفيما هوَ يَتكَلَّمُ إِذا بجماعَةٍ قد أَقبلَتْ وفي مُقَدَّمَتِها المُسمَّى يَهوذا، أَحَدُ الاثنَيْ عَشَر. فَدَنا الى يَسوعَ ليُقَبِّلَه. |
48: | فقالَ لَهُ يَسوع: "يا يَهُوذا، أَبِقُبْلَةٍ تُسلِمُ ابْنَ البَشَر!" |
49: | وإِذْ رأَى الذينَ مَعَهُ ما سَيَجْري، قالوا: "يا رَبُّ، أَنَضْرِبُ بالسَّيْف؟" |
50: | وضَرَب أَحَدُهم غُلامَ رَئيسِ الكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذُنَهُ اليُمْنى. |
51: | فأَجابَ يَسوعُ، وقال: "قِفوا عِندَ هذا الحَدّ!" ثمَّ لمَسَ أُذُنَ ((الغُلامِ)) فأَبرَأَهُ.
|
52: | ثمَّ قالَ يَسوعُ للذينَ أَتَوْا اليهِ مِن رُؤَساءِ كَهَنَةٍ، وقادِةِ حَرَسِ الهَيكلِ، وشُيوخ: "كأَنّي بكُم تَخرُجونَ على لِصٍّ بسُيوفٍ وعصِيّ! |
53: | كلَّ يومٍ كنتُ معكُم في الهَيكلِ ولم تَمُدُّوا عليَّ يَدًا؛ ولكِنْ، هيَ الآنَ ساعَتُكم، وهذا سُلْطانُ الظُلمة!"
|
جحود بطرس |
54: | وأَلْقَوُا الْقَبضَ عَلَيهِ، وقادوهُ، وَدَخَلوا بهِ بَيْتَ رَئيسِ الكَهَنَة. وكانَ بُطْرسُ يَتْبَعُ من بَعيد. |
55: | وإِذْ كانوا قد أَضْرَموا نارًا في وَسَطِ الدَّارِ، وجَلَسوا حَوْلَها، جَلَسَ بُطْرُسُ في ما بَيْنَهم. |
56: | فَرَأَتهُ جارِيَةٌ جالسًا بِحذاءِ اللَّهيبِ، فتَفرَّسَتْ فيهِ، وقالَتْ: "هذا أَيضًا كانَ مَعَهُ!" |
57: | فأَنكَرَ قائلاً: "يا امرأَة، إِني لا أَعرِفُه!" |
58: | وبعدَ قَليلٍ أَبصَرَهُ آخَرُ، فقال: "أَنتَ أَيضًا مِنْهُم!" فقالَ بُطْرس: "يا رَجُلُ، أَنا لَسْتُ مِنهم!" |
59: | وبَعدَ نَحوِ ساعةٍ أَخَذَ آخَرُ يُؤَكِّدُ، قائلاً: "في الحَقيقَةِ، هذا أَيضًا كانَ مَعَهُ؛ فإِنَّهُ جَليليّ!" |
60: | فقالَ بُطْرُس: "يا رَجُلُ، لا أَدري ما تقول!" وفي الحالِ، إِذْ كانَ بَعدُ يَتكَلَّمُ، صاحَ الدِّيك. |
61: | وَالْتَفَتَ الرَّبُّ ونظَرَ الى بُطرسَ، فَتذكَّرَ بُطرسُ كلامَ الربِّ، إِذْ قالَ لَهُ: "قَبلَ أَنْ يَصيحَ الدِّيكُ اليَومَ، تُنكِرُني ثلاثَ مرَّات". |
62: | فمضى الى الخارِجِ، وبكى بمَرارة.
|
يسوع أمام المحفل |
63: | وكانَ الرِّجالُ الذينَ يَحرسُونَ يَسوعَ يَهْزأُونَ بهِ، ويَضْرِبونَه؛ |
64: | وكانوا يُغَطُّونَ وَجْهَهُ، ويسْأَلونَهُ، قائلين: "تَنبَّأْ! مَنْ ضَرَبَك؟" |
65: | وقَذَفوهُ بإِهاناتٍ أُخْرى كَثيرة.
|
66: | ولمَّا كانَ النَّهارُ، التَأَمَ مَجلِسُ شُيوخِ الشعبِ، رُؤَساءُ الكَهنةِ والكَتَبَة؛ وأَحضَروا يَسوعَ الى مَحْفِلِهم، |
67: | وقالوا لَهُ: "إِنْ كنتَ أَنْتَ المَسيحَ، فقُلْهُ لَنا". فقالَ لَهم: "إِنْ قُلتُ لكم فلا تُصَدِّقون؛ |
68: | وإِنْ سَأَلْتُكُم فلا تُجيبون... |
69: | ولكِنْ، منَ الآنَ يكونُ ابنُ البَشَرِ جالِسًا عن يمينِ قُدْرَةِ الله". |
70: | فَقالوا جَميعًا: "أَفَأَنْتَ إِذَنِ ابنُ الله؟!" فقالَ لَهم: "أَنْتم تَقولون؛ أَنا هُوَ". |
71: | فَقالوا: "ما حاجَتُنا بَعدُ الى شُهود؟ لقد سَمِعْنا نَحنُ مِنْ فمِه!"
|
|
الفصل : 23 |
يسوع امام بيلاطس
1: | ونَهَضوا كلُّهم مَعًا ومَضَوْا بهِ الى بيلاطس؛ |
2: | وطَفِقوا يَشْكُونَهُ، قائلين: "لَقد وجَدْنا هذا الرَّجُلَ يُثيرُ أُمَّتَنا؛ ويَمْنَعُ من أَداءِ الجِزْيَةِ لِقَيصَر؛ ويَدَّعي أَنَّهُ المَسيحُ المَلِك". |
3: | فسأَلهُ بيلاطُسُ، قائلاً: "أَأَنتَ مَلِكُ اليَهود؟ فأَجابَهُ: "أَنتَ قُلْت". |
4: | فَقالَ بيلاطُسُ لِرُؤَساءِ الكَهنةِ ولِلْجَمْع: "إِنِّي لا أَجِدُ على هذَا الرَّجُلِ جُرْمًا". |
5: | فلَجُّوا، قائِلين: "إِنَّهُ يَهِيجُ الشَّعبَ، مُعَلِّمًا في اليَهوديّةِ كلِّها، مِنَ الجَليلِ حيثُ بَدَأَ، الى ههُنا". |
6: | فلمَّا سَمِعَ بيلاطُسُ ذلكَ، سأَلَ هَلِ الرَّجلُ جَليليّ. |
7: | وإِذْ تَأَكَّدَ لَهُ أَنَّهُ مِن إِيالَةِ هيرودُسَ، بَعَثَهُ الى هيرودُسَ، وكانَ هو بِنَفْسِهِ، في تِلكَ الأيَّامِ، في أُورشَليم.
|
يسوع امام هيرودوس |
8: | فلمَّا رَأى هيرُودسُ يَسوعَ فَرِحَ جِدًّا؛ لأَنَّهُ مِنْ زَمانٍ طَويلٍ، كانَ يَشْتَهي أَنْ يَراهُ لِمَا سَمِعَ عَنْهُ، ويَأمَلُ أَنْ يُعايِنَ مِنْهُ آيَةً يَصْنَعُها. |
9: | فَأَلْقى عَلَيهِ أَسْئِلةً كَثيرة. أَمَّا هُوَ فَلَم يُجِبْهُ بِشَيْء. |
10: | وكانَ رُؤَساءُ الكَهَنَةِ والكَتَبةُ واقِفينَ يَشْكونَهُ بِلَجاجَة. |
11: | فازْدَراهُ هيرودُسُ وجُندُهُ، وهَزَأَ بهِ؛ ثمَّ أَلْبَسَهُ ثَوبًا لامِعًا، وَرَدَّهُ الى بيلاطُس. |
12: | وفي ذلِكَ اليَومِ عَيْنهِ تَصادَقَ هيرودُسُ وبيلاطُس؛ وقد كانا مِن قبلُ مُتَعادِيَيْن.
|
أمام بيلاطس من جديد |
13: | ودَعا بيلاطُسُ رُؤَساءَ الكَهَنةِ والأَقْطابَ والشَّعبَ، |
14: | وقالَ لهم: "لقد قَدَّمْتُم إِليَّ هذا الرَّجُلَ عَلى أَنَّهُ يَفْتِنُ الشَّعب؛ وها أَنا قَد بَحَثتُ في أَمرِهِ أَمامَكم، فلَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ شَيئًا منَ الأَجْرامِ التي تَشْكونَهُ بها. |
15: | ولا هيرودُسُ أَيضًا، لأَنَّهُ قد رَدَّهُ إِلينا؛ فَهذا الرَّجُلُ إِذَنْ لم يَأْتِ شَيئًا يَسْتوْجِبُ المَوْت. |
16: | فسأُؤَدِّبُهُ إِذَنْ وأُطْلِقهُ". |
17: | وكان عليه أن يُطلِقَ لهم في العيدِ واحداً |
18: | فَصاحُوا كلُّهم مَعًا، قائلين: "أَمِتْ هذا، وأَطْلِقْ لَنا بارْأَبَّا". |
19: | وكانَ هذا قد أُلقيَ في السِّجنِ لأَجلِ فِتْنةٍ حَدثَتْ في المَدينَةِ، وقَتْل. |
20: | فكلَّمَهم بيلاطُسُ أَيضًا، رَغْبةً مِنْهُ في إِطلاقِ يَسوع. |
21: | أَما هم فَجَعلوا يَصيحون: "إِصْلِبْهُ! إِصْلِبْهُ!" |
22: | فقالَ لهم ثالِثَةً: "وأَيَّ شَرٍّ فَعَل؟ إِنِّي لم أَجِدْ فيهِ ما يَسْتَوجبُ الموت؛ فأَنا إِذَنْ أُؤَدِّبُهُ وأُطْلقُه". |
23: | فأَلَحُّوا عَلَيهِ في جَلَبةٍ، طالِبِينَ أَنْ يُصلَب؛ وتَمادَوْا في الصِّياح.
|
24: | فقَضى بيلاطُسُ، أَنْ يُجْرى بِحَسبِ مَطْلَبِهم. |
25: | فأَطْلَقَ مَنْ طَلَبوا، ذاكَ الذي أُلْقيَ في السِّجنِ لأَجلِ فِتْنَةٍ وقَتل! وأَسْلمَ يَسوعَ الى إِرادَتِهم.
|
الى جبل المحرقة |
26: | وفيما هم مُنْطَلِقونَ بهِ أَمْسَكوا سِمعانَ، رَجُلاً قَيْرَوانيًّا، كانَ عائدًا مِنَ الحَقلِ، وجَعَلوا عَلَيهِ الصَّليبَ ليَحْمِلَهُ وَرَاءَ يَسوع. |
27: | وكانَ يَتْبَعُهُ جُمهورٌ غَفيرٌ منَ الشَّعبِ، ونِساءٌ كُنَّ يَلْتَدِمْنَ وَينُحْنَ عَلَيْه. |
28: | فالْتَفَتَ يَسوعُ إِليهنَّ، وقال: "يا بَناتِ أُورشَليمَ، لا تَبْكينَ عَليَّ! إِبْكِينَ بالحريِّ على أَنْفُسِكنَّ وعلى أَولادِكنَّ! |
29: | فها هِيَ ذي أَيَّامٌ تَأتي، يُقالُ فيها: طُوبى لِلْعَوَاقِر! ((طوبى)) لِلبُطونِ التي لم تَلِدْ، ولِلثُّديِّ التي لم تُرضِعْ! |
30: | عِندئذٍ يَأْخُذونَ يَقولونَ، لِلجبالِ: اهْبُطي عَلَينا! وللآكامِ: غَطِّينا! |
31: | فإِنَّهم إِنْ كانوا قَد فَعَلوا هذا بالعودِ الرَّطْبِ، فماذا يَكونُ بالعُودِ اليابِس!" - |
32: | وأُتيَ أَيضًا بآخَرَيْنِ مُجْرِمَينِ ليُقتلا مَعَه.
|
على الجبل |
33: | ولمَّا انتَهوْا الى المَوْضِعِ المُسمَّى الجُمجُمةَ، صَلَبوهُ هُناكَ هُو والمُجْرمَيْنِ، أَحدُهما عن يَميِنهِ، والآخَرَ عن يَسارِه. |
34: | حينئذٍ قالَ يَسوع: "يا أَبتاهْ! إِغفِرْ لَهم، فإِنَّهم لا يَدْرونَ ما يَعْمَلون". ثمَّ قَسَموا ثيابَهُ واقْتَرعوا عَلَيها.
|
35: | وكانَ الشَّعبُ واقفينَ ثَمَّةَ يَنْظُرونَ، والرُّؤَساءُ يَسْخَرونَ مِنْهُ، قائلين: "قد خَلَّصَ آخَرينَ؛ فَلْيُخلِّصْ نَفْسَهُ إِنْ كانَ مسيحَ اللهِ، المُخْتار!" |
36: | وكانَ الجُنْدُ أَيضًا يَهْزَأُونَ بهِ، ويُقْبِلونَ إِلَيهِ ويُقَدِّمون لَهُ خَلاًّ، |
37: | قائلين: "إِنْ كنْتَ أَنتَ مَلِكَ اليَهودِ، فَنَجِّ نَفْسَك!" |
38: | وكانَ أَيضًا فوقَهُ هذهِ الكتابة: "هذا هُوَ ملكُ اليهودِ".
|
توبة اللص |
39: | وكانَ أَحدُ المُجرِمَيْنِ المصلوبَيْنِ يُجدِّفُ عليهِ، قائلاً: "أَلَستَ أَنتَ المسيح؟! فنَجِّ نفسَكَ، وإِيَّانا أَيضًا". |
40: | فأَجابَ الآخَرُ، وَانْتَهرَهُ وقال: "أَفلا تَخْشى اللهَ، وأَنْتَ مُشترِكٌ في الحُكْمِ نَفسِه! |
41: | أَمَّا نَحنُ فبعَدْلٍ: إِنَّا نُعاقَبُ بما قدَّمَتْ أَيدينا؛ أَمَّا هُوَ فلم يَفْعَلْ شيئًا منَ السُّوء". |
42: | وأَرْدَفَ، قائلاً: "يا يَسوعُ، اذْكُرْني متى جِئْتَ في مَلكوتِكَ". |
43: | فَقالَ لَهُ: "أَلحقَّ أَقولُ لكَ: إِنَّكَ اليَومَ تكونُ معي في الفِرْدوس".
|
موت يسوع |
44: | وكانَ نَحْوُ السَّاعةِ السَّادسةِ؛ وأَطْبَقَتْ ظُلمةٌ على الأَرضِ كُلِّها حتَّى السَّاعةِ التَّاسِعَةِ، لأَنَّ الشَّمْسَ قد كُسِفَتْ؛ |
45: | وانشقَّ حِجابُ الهَيكلِ مِن وَسَطِه؛ |
46: | وأَرسَلَ يسوعُ صَيْحةً عَظيمةً، وقال: "يا أَبتاهْ، في يَديْكَ أَستَوْدِعُ رُوحي". وإِذْ قالَ هذا، أَسْلَمَ الرُّوح.
|
47: | فلمَّا رأَى قائِدُ المِئَةِ ما قد جَرى، مَجَّدَ اللهَ، قائلاً: "في الحقيقةِ كانَ هذا الرَّجُلُ صِدِّيقًا!" |
48: | وأَمَّا الجماهيرُ الذين كانُوا مُحْتَشِدينَ على هذا المَنْظَرِ، فَلمَّا عايَنوا ما قَد جَرى، رَجَعوا كُلُّهُم وهم يَقْرَعونَ صُدورَهم... |
49: | وكانَ جميع مَعارِفِهِ والنِّساءُ اللواتي كُنَّ قد تَبِعْنَهُ مِنَ الجَليلِ، واقفينَ مِن بَعيدٍ يَنْظُرونَ ذلك.
|
دفن المخلص |
50: | وأَقبلَ إِنسانٌ اسمُهُ يوسُفُ، وهوَ مُشيرٌ في المَجْلسِ، ورُجلٌ صالحٌ صِدِّيق، - |
51: | ولم يكُنْ هُوَ قَد أَيَّدَ رَأْيَ الآخَرِينَ وفِعْلَهم -؛ وكانَ منَ الرَّامةِ، مَدينَةٍ لِلْيهود؛ وكانَ يَنْتظِرُ مَلكوتَ الله. |
52: | فتَقدَّمَ الى بيلاطُسَ، وسأَلَهُ جَسدَ يَسوع. |
53: | وأَنْزَلَهُ، ولَفَّهُ في كَفَنٍ، وَوَضعَهُ في قَبْرٍ مَنْحوتٍ في الصَّخرِ، لم يُوضَعْ فيهِ أَحدٌ بَعد. |
54: | وكانَ يَومُ التَّهْيئةِ، وقد أَخذَ السَّبْتُ يَلوح.
|
55: | وكانَتِ النِّساءُ اللَّواتي كُنَّ قَد أَتَيْنَ مَعهُ منَ الجَليلِ، يَتْبَعْنَ عن كَثَب. فنظَرْنَ الى القَبْرِ، وكيفَ وُضِعَ فيهِ جَسدُ يَسوع. |
56: | ثمَّ رجَعْنَ وأَعدَدْنَ حَنوطًا وأَطْيابًا؛ وفي السَّبتِ اسْترَحْنَ بمُقْتضى الوَصيَّة.
|
|
الفصل : 24 |
7 القيامة المجيدة - القبر الخالي
1: | وفي اليومِ الأَوَّلِ منَ الأُسبوعِ، جِئْنَ مَعَ الفَجرِ الى القَبرِ، يَحْمِلْنَ الحَنوطَ الذي أَعدَدْنَه. |
2: | فوجَدْنَ الحجرَ قد دُحْرِجَ عنِ القَبر؛ |
3: | فدخَلْنَ، فلم يَجِدْنَ جَسدَ الرَّبِّ يَسوع. |
4: | وفيما هُنَّ في حَيْرةٍ، وقفَ بهِنَّ رجُلانِ عليهما ثِيابٌ بَرَّاقَة. |
5: | وإِذْ كُنَّ مَذْعوراتٍ، ومُطرقاتٍ بوجُوهِهِنَّ الى الأَرضِ، قالا لَهنَّ: "لِمَ تَطْلُبْنَ بين الأَمواتِ مَنْ هُوَ حَيّ؟ |
6: | إِنَّهُ ليسَ ههنا، لكنَّهُ قد قام. تذكَّرْنَ ما قالَ لكُنَّ إِذْ كانَ بَعدُ في الجَليل: |
7: | إِنَّهُ يَنْبغي لابنِ البَشرِ أَنْ يُسْلَمَ الى أَيْدي الخَطأَةِ ويُصْلَبَ، وأَنْ يَقومُ في اليومِ الثَّالث". |
8: | فتذكَّرنَ كَلامَه.
|
9: | وإِذْ رَجَعْنَ منَ القَبرِ أَخبَرْنَ الأَحدَ عشرَ وجميعَ الآخَرينَ بهذا كلِّه. |
10: | وكُنَّ مريمَ المِجدليَّةَ وحنَّةَ ومَريمَ أُمَّ يَعقوب. والأُخَرُ اللاَّئي كُنَّ معَهنَّ أَخبَرْنَ هُنَّ أَيضًا الرُسلَ بذلك. |
11: | فكانَ هذا الكلامُ عندَهم بمنزِلَةِ الهَذَيان؛ ولم يُصدِّقوُهنَّ. |
12: | بيدَ أَنَّ بُطرسَ قامَ وهَرَعَ الى القَبْر؛ وانْحنى فلم يُبصِرْ سوى الأَكفان؛ ثُمَّ رَجَعَ دَهِشًا ممَّا جرى.
|
في طريق عماوس |
13: | وفي ذلك اليَومِ عَينهِ، كانَ اثْنانِ منهم مُنطلقَيْنِ الى قَرْيةٍ اسمُها عِمَّاوسُ، تبعُدُ عن أُورشليمَ ((مئةً)) وسِتِّينَ غَلْوة. |
14: | وكانا يتحدَّثانِ عن كُلِّ ما جرى. |
15: | وفيما هما يَتحادثانِ ويَتَباحَثانِ، دنا إِليهما يَسوعَ نفسُهُ، وأَخذَ يَسيرُ مَعَهما. |
16: | إِلاَّ أَنَّ أَعيُنَهما قد أُمْسِكَتْ عن مَعْرفَتِه. |
17: | فقالَ لهما: "ما هذهِ الأَقْوالُ التي تَتَبادَلانِها في طريقِكما؟" فوَقفَا واجِمَيْن. |
18: | ثمَّ أَجابَ واحِدٌ مِنهما، اسمُهُ كَلِيُوَّبا، وقالَ لهُ: "أَوَ تكونُ الغريبَ الوحيدَ في أُورَشليمَ، الذي يَجْهلُ ما جَرى فيها، في هذهِ الأَيَّام!" |
19: | فقالَ لَهما: "وما هُوَ؟". فقالا لَهُ: "ما يَتعَلَّقُ بيسوعَ النَّاصِريِّ، الذي كانَ نَبيًّا، مُقْتَدِرًا في الفِعْلِ والقَولِ، أَمامَ اللهِ وأَمامَ الشَّعبِ كلِّه: |
20: | كيفَ أَسْلَمَهُ رُؤَساءُ الكَهَنةِ وحُكَّامُنا، لِلقَضاءِ عَليهِ بالمَوتِ، وصَلَبوه. |
21: | وكنَّا نُؤَمِّلُ، نحنُ، أَنَّهُ هُوَ الذي يَفْتَدي إِسرائيل. ولكِنْ، معَ هذا كلِّهِ، فاليومُ هُوَ الثَّالثُ لوُقوعِ تِلكَ الحَوادِث. |
22: | بَيدَ أَنَّ نِسوةً مِنَّا قد أَذْهَلْننا: فإِنَّهنَّ بكَّرْنَ الى القَبر، |
23: | ولم يَجِدْنَ جَسدَه؛ بلْ جِئْنَ يُخبِّرنَ أَنَّ ملائكةً قد ظَهَروا لَهُنَّ، وقالُوا إِنَّهُ حَيّ. |
24: | فَمَضى نَفَرٌ مِنَّا الى القَبرِ، فَوجَدوا الأَشياءَ على ما قَالَتِ النِّساء. أَمَّا هُوَ فلم يَرَوْه". |
25: | فقالَ لَهُما: "ما أَقْصرَ أَبصارَكما، وما أَبطأَ قُلوبَكما في الإِيمانِ بكلِّ ما نَطَقَتْ بهِ الأَنبياء! |
26: | أَمَا كانَ يَنْبغي لِلمسيحِ أَنْ يُكابِدَ هذهِ الآلامَ، ويَدْخُلَ الى مَجْدِه؟" |
27: | ثمَّ فَسَّرَ لهما ما يَخْتَصُّ بِهِ في الأَسْفارِ كلِّها، ذاهِبًا مِن مُوسى الى جَميعِ الأَنْبياء.
|
28: | واقْتَرَبوا مِنَ القَرْيةِ التي كانا يَقْصُدانِها، فَتَظاهَرَ بأَنَّهُ قاصِدٌ الى مكانٍ أَبعد. |
29: | فأَلحَّا عليهِ، قائلَيْن: "أَقِمْ مَعَنا، فإِنَّ المَساءَ مُقبِلٌ، والنهارَ قد مَال. فَدَخَلَ لِيمكُثَ مَعَهما. |
30: | ولمَّا اتَّكأَ مَعَهما، أَخَذَ الخُبزَ، وبارَكَ وكسَرَ وناوَلَهما. |
31: | فانفتحَتْ أَعيُنُهما وعَرَفاه... ولكِنَّهُ غابَ عَنْهما. |
32: | فقالا أَحدُهما للآخَر: "أَوَلَمْ تَكُنْ قلوبُنا مُضْطَرِمةً فينا، إِذْ كانَ يُخاطِبُنا في الطَّريقِ، ويفسِّرُ لنا الكُتُب!" |
33: | وقامَا على الفَوْرِ، ورَجَعا الى أُورشَليمَ، فَوَجدا الأَحدَ عشَرَ ومَنْ مَعَهم، مُجتَمعِينَ، |
34: | وهم يَقولون: "لَقد قامَ الرَّبُّ حقًّا، وظهرَ لِسمعان!" |
35: | فأَخَذَا هما يُخْبرانِ بما جَرى في الطَّريقِ، وكيفَ عَرفاهُ عندَ كَسْرِ الخُبز.
|
ظهور يسوع للرسل |
36: | وفيما هم يَتَحَدَّثونَ بهذا، وقَفَ هُوَ نفسُهُ في وَسْطِهم، وقالَ لهم: "السَّلامُ لكم!" |
37: | فأَخذَهمُ الدَّهَشُ والذُّعْرُ، وَظَنُّوا أَنَّهم يَرَوْنَ روحًا. |
38: | فقالَ لهم: "لِمَ هذا الاضْطِرَاب؟ ولِمَ الهَوَاجِسُ تَنْبَعِثُ في قُلوبِكم؟ |
39: | أُنْظُروا يَديَّ ورِجْليَّ؛ فإِنِّي أَنا هُو! جُسُّوني وانْظُروا، فإِنَّ الرُّوحَ لا لَحمَ لهُ ولا عَظْمَ كما تَرَوْنَ لي". |
40: | وإِذْ قالَ هذا أَراهم يَدَيْهِ ورجلَيْه. |
41: | وإِذْ كانوا بعدُ غيرَ مُصدِّقينَ منَ الفَرحِ، مُنذَهلينَ، قالَ لهم: "هل عِندكم ههنا طَعام؟" |
42: | فَقَدَّموا لهُ قِطْعةً منَ السَّمكِ المَشْوِيّ. |
43: | فأَخذَ وأَكلَ أَمامَهم.
|
44: | ثمَّ قالَ لهم: "ذِلكَ ما قُلتُ لكم إِذْ كُنتُ بَعدُ معَكم: إِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَميعُ ما كُتِبَ عَنِّي في ناموسِ مُوسى، وفي الأَنبياءِ والمَزَامير". - |
45: | عِندَئذٍ فَتحَ أَذْهانَهم لِيَفْهموا الكُتُبَ، |
46: | وقالَ لهم: "هكذا كُتِب: إِنَّهُ يَنبغي لِلْمَسيحِ أَنْ يَتأَلَّمُ، وأَنْ يَقومَ منَ الأَمْواتِ في اليومِ الثَّالثِ، |
47: | وأَنْ يُكرَزَ باسمِهِ، بالتَّوبةِ لِمَغْفرةِ الخطايا، في جَميعِ الأُممِ، ابتداءً مِن أُورشَليم. |
48: | وأَنْتم شُهودٌ لِذلك. |
49: | وها أَناذا أُرْسِلُ إِليكم ما وَعَدَ بهِ أَبي. فامْكُثوا إِذَنْ في المَدينةِ، الى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً منَ العَلاء".
|
الصعود الى السماء |
50: | ثُمَّ خَرَجَ بهم نحوَ بَيْتَ عَنيا، ورَفَعَ يَدَيْهِ وبارَكهم. |
51: | وفيما هُوَ يُبارِكُهمُ انْتَحى عَنْهم، وَصَعِدَ الى السَّماء. |
52: | أَمَّا هم فَسَجَدوا لهُ، ورَجَعوا الى أُورشَليمَ بفَرحٍ عَظيم؛ |
53: | وكانوا بلا انقِطاعٍ في الهَيكلِ، يُبارِكونَ الله.
|